الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وجه الدلالة من الحديث: أن قوله صلى الله عليه وسلم (هم منهم) إقرار بجواز تبييت العدو.
2-
ما سبق من حديث عمر رضي الله عنهما (أن النبي صلى الله عليه وسلم أغار على بني المصطلق)(1) وحديث أنس رضي الله عنه (أنه أغار على أهل خيبر في أول الأمر)(2) .
وعند المالكية، بناء على قولهم في من بلغته الدعوة أنه يجب دعوته قبل قتاله (3) بناء على ذلك لا يجوز تبييت العدو.
ومن قال منهم يستحب دعوة من بلغته الدعوة قال: يكره تبييتهم في الليل (4) وقد سبق ذكر أدلتهم في حديث بريدة في وجوب دعوة العدو قبل القتال، وحديث سهل بن سعد رضي الله عنهم ومناقشتها (5) .
الترجيح
الذي يظهر أنه يجوز تبييتهم إن كانوا ممن بلغتهم الدعوة، وهذا مذهب جماهير أهل العلم، للأحاديث الصحيحة، كحديث الصعب بن جثامة وغيره. والله أعلم.
الفرع الرابع
معرفة مواقع العدو وقدراته عن طريق الاستطلاع للأخبار
وإرسال العيون (6) لا خلاف بين الفقهاء رحمهم الله تعالى (7) إنه ينبغي للإمام أو أمير الجيش (قائده) بعث الجواسييس وإرسال الطلائع لكشف خبر العدو، ومعرفة قدراته العسكرية وخططه في القتال حتى يستطيع وضع الخطط المناسبة لمواجهة العدو.
(1) سبق تخريجه.
(2)
سبق تخريجه.
(3)
الشرح الكبير للدردير بهامش حاشية الدسوقي (2/176) .
(4)
الذخيرة (3/403) .
(5)
سبق ذكر ذلك.
(6)
العين: الجاسوس واعتان له: إذا أتاه بالخبر. انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر (3/299) .
(7)
شرح السير الكبير (1/52) وروضة الطالبين (10/238) وكشاف القناع (2/390) وحاشية الروض المربع (4/265) .
جاء في زاد المعاد (وكان صلى الله عليه وسلم يبعث العيون يأتونه بخبر العدو ويطلع الطلائع..)(1) .
يدل على ذلك ما يلي:
1-
عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من يأتيني بخبر القوم يوم الأحزاب (2) فقال الزبير (3) أنا ثم قال: من يأتيني بخبر القوم، قال الزبير أنا قال صلى الله عليه وسلم لكل نبي حواري، وحواري الزبير) (4) .
والمراد خبر بني قريظة هل نقضوا العهد أم لا؟ (5) .
2-
وعن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة الأحزاب (6)(ألا رجل يأتينا بخبر القوم جعله الله معي يوم القيامة فسكتنا فلم يجبه منا أحد فقال: قم يا حذيفة فأتنا بخبر القوم، فلم أجد بدا إذ دعان باسمي أن أقوم، قال: اذهب فأتني بخبر القوم ولا تذعرهم (7) علي.. فأخبرته بخبر القوم) (8) .
(1) زاد المعاد (3/96) والطلائع: القوم اللذين يبعثون ليطلعوا طلع العدو، كالجواسيس وأحدهم طليعة وتطلق على الجماعة كذلك. انظر: لسان العرب مادة (طلع)(8/237) والنهاية في غريب الحديث (3/121) .
(2)
هي: غزوة الخندق في شوال سنة خمس من الهجرة، انظر: البداية والنهاية (3/476) .
(3)
هو الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد، القرشي الأسدي، أبو عبد الله، حواري رسول الله صلى الله عليه وسلم وابن عمته، هاجر الهجرتين، وهو أحد المبشرين بالجنة، قتل بعد وقعة الجمل سنة 36 هـ. انظر: الإصابة (2/457) ت رقم (2796) وأسد الغابة (2/97) ت رقم (1732) .
(4)
صحيح البخاري مع الفتح، كتاب الجهاد والسير، باب فضل الطليعة ح رقم (2846) وباب هل يبعث الطليعة وحدة، ح رقم (2847) ومسلم بشرح النووي كتاب الجهاد باب غزوة الأحزاب ح رقم (1788) .
(5)
فتح الباري شرح صحيح البخاري (7/517) .
(6)
هي الليلة التي اشتد فيها الحصار على المسلمين فأرسل الله على الأحزاب الريح والبرد الشديد انظر: فتح الباري (7/5170) .
(7)
الذعر الفزع والمراد لا تعلمهم بنفسك وامش في خفية لئلا ينفروا منك ويقبلوا علي انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر (2/149) .
(8)
صحيح مسلم بشرح النووي، كتاب الجهاد والسير، باب غزوة الأحزاب، ح (1788) .
والمراد خبر الأحزاب، وذلك لما اشتد الحصار على المسلمين يوم الخندق.
وقد ذكر الفقهاء رحمهم الله تعالى أن التجسس على العدو ومعرفة أخبارهم وأحوالهم مما يستعان به على القتال ويؤمن معه مكر العدو وخداعهم.
جاء في الأحكام السلطانية: (يلزم أمير الجيش (قائده)) أن يعرف أخبار عدوه حتى يقف عليها، ويتصفح أحواله حتى يخبرها، فيسلم من مكره ويتلمس الغرة في الهجوم عليه (1) .
وفي مشارع الأشواق:
(وأهم ما ينبغي لصاحب الجيش (قائده)) قبل القتال أن يبث الجواسيس الثقات عنده في عسكر عدوه، ليتعرف أخبارهم مع الساعات، وما عندهم من العدد والآلات.. (2) .
إذا تقرر هذا فإنه ينبغي للمجاهد في هذا العصر، وقد تطورت وسائل نقل المعلومات وتعددت، أن يستفيد من ذلك في معرفة أخبار الأعداء وقدراتهم ومواطن الضعف فيهم، لأن ذلك من أهم عوامل النصر بإذن الله عز وجل.
يقول صاحب كتاب المخابرات في الدولة الإسلامية:
(وفي الوقت الحاضر تحرص المخابرات المعاصرة على نقل المعلومات التي تحصل عليها بأقصى سرعة ممكنة، لأن تأخيرها دقائق ربما أدى إلى كارثة، فنجدها تسخر التكنولوجيا لتطوير مواصلاتها، ووسائل اتصالها، فاستخدمت الأقمار الصناعية، والغواصات في أعماق البحار، وأنفقت الملايين من أجل وصول المعلومات إليها في أقصر وقت ممكن)(3) .
والمجاهد في سبيل الله أحق أن يستفيد من هذه الوسائل بكل أنواعها وأشكالها في قتال أعداء الله.
(1) الأحكام السلطانية في الولايات الدينية للماوردي ص (92) .
(2)
مشارع الأشواق لابن النحاس (2/1075) .
(3)
المخابرات في الدولة الإسلامية د/ محمد سلامة الهرفي ص (249) .