الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب السابع
خروج المجاهد بالقرآن إلى أرض العدو
اتفق الفقهاء رحمهم الله تعالى فيما أعلم أنه لا يجوز الخروج بالقرآن إلى أرض العدو إذا خيف عليه أن تناله أيديهم (1) جاء في مشارع الأشواق: (اتفقوا على أنه لا يسافر بالمصحف إلى أرض العدو إلا في جيش يؤمن عليه فيه)(2) .
يدل على ذلك: ما جاء في الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما (أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو)(3) .
وعند مسلم بلفظ (إنه كان ينهى أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو مخافة أن يناله العدو)(4) .
واختلف الفقهاء رحمهم الله تعالى في الخروج بالقرآن إلى أرض العدو إذا لم يخف عليه منهم كأن يكون الجيش آمنا إلى قولين:
القول الأول: أنه يحرم الخروج به إلى أرض العدو، ولو كان الجيش آمنا، قال بهذا المالكية (5) والحنابلة (6) وابن حزم (7) .
واستدلوا بما يلي:
1-
عموم حديث ابن عمر السابق (نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو) .
(1) المبسوط (10/69) واللباب في شرح الكتاب (4/118) وبداية المجتهد (1/393) وحاشية الخرشي (4/18) وفتح الباري (6/165) ومشارع الأشواق (2/1068 والمغني (13/37 وكشاف القناع (2/397 والمحلى بالآثار (5/418.
(2)
مشارع الأشواق (2/1068 وفتح الباري (6/165) .
(3)
صحيح البخاري مع الفتح، كتاب الجهاد باب السفر بالمصحف إلى أرض العدو، ح رقم (2990) .
(4)
صحيح مسلم بشرح النووي كتاب الإمارة باب النهي عن السفر بالمصحف إلى أرض الكفار، ح رقم (1869) .
(5)
حاشية الخرشي (4/18) والذخيرة (3/405) قال: يكره ولعل ذلك كراهية تحريم.
(6)
المغني (13/37) وكشاف القناع (2/397) .
(7)
المحلى بالآثار (5/418) .
وجه الدلالة من الحديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يسافر بالمصحف إلى أرض العدو والنهي يقتضي التحريم.
2-
ولأنه قد يقع في أيديهم فيهينونه ولأنهم لا يتحرزون عن النجاسة فيمسوه وهو منزه عن ذلك (1) .
قال تعالى: {لا يَمَسُّهُ إِلا الْمُطَهَّرُونَ} [الواقعة: 79] .
القول الثاني: أنه يجوز الخروج به إلى أرض العدو إذا كان لا يخشى عليه منهم، وقال بهذا الحنفية (2) والشافعية (3) .
واستدلوا: بما جاء عند مسلم وغيره من حديث ابن عمر رضي الله عنهما (إنه صلى الله عليه وسلم كان ينهي أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو مخافة أن يناله العدو)(4) .
وجه الدلالة من الحديث: أنه إذا كان العسكر عظيما يأمنون عليه من العدو لقوتهم وشوكتهم. فلا بأس أن يحمل المجاهد المصحف ليقرأ فيه (5) .
الترجيح
الذي يظهر أن الراجح هو القول الأول، أنه لا يجوز الخروج بالمصحف إلى أرض العدو حال القتال مطلقا، لأن العدو وإن كان هناك عسكر عظيم من المجاهدين لا يؤمن أن يسقط القرآن في أيديهم فيهينونه، أو يحرفونه وفي ذلك تحقير لما عظم الله، فالأولى أن لا يخرجوا به حال لقاء العدو ونشوب القتال أما وهم مرابطون في الثغور أو ليسوا في ميدان المعركة فلا بأس بأخذ المصحف وتلاوته وتدبر معانيه، لأن تلاوته عبارة، ولأن ذلك يقوي إيمانهم بالله وبنصره القريب، والله أعلم.
(1) حاشية الخرشي (4/18) .
(2)
المبسوط (10/69) والبحر الرائق (5/129) .
(3)
فتح الباري (6/165) ومشارع الأشواق (2/1068) .
(4)
سبق تخريجه.
(5)
المبسوط (10/69) .