الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفرع الأول
فيما يكفن فيه الشهيد
اتفق الأئمة الأربعة، وابن حزم وغيرهم. أن شهيد المعركة مع الكفار يكفن في ثيابه التي قتل فيها (1) .
واستدلوا بما يلي:
1-
عن جابر رضي الله عنه قال: (رمي رجل بسهم في صدره أو في حلقه فمات، فأدرج في ثيابه كما هو، قال: ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم)(2) .
2-
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتلى أحد أن ينزع عنهم الحديد والجلود، وأن يدفنوا بدمائهم وثيابهم)(3) .
(1) المبسوط (2/51) وبدائع الصنائع (2/73) والمدونة (1/183) والكافي في فقه المدينة (1/279) والمجموع (5/224) وروضة الطالبين (2/120) والمغني (3/471) وكشاف القناع (1/575) . والمحلى لابن حزم (3/336) .
(2)
أخرجه أبو داود في سننه مع عون المعبود، كتاب الجنائز، باب في الشهيد يغسل، ح رقم (3131) والبيهقي في السنن الكبرى، كتاب الجنائز باب من استحب أن يكفن في ثيابه، ح رقم (6811) وابن ماجة في سننه كتاب الجنائز باب ما جاء في الصلاة على الشهداء ودفنهم، ح رقم (1515) والإمام أحمد في مسنده ج (12/32) ح رقم (14893) قال النووي: رواه أبو داود بإسناد صحيح على شرط مسلم. انظر: المجموع: (5/224) .
(3)
أخرجه أبو داود في سننه مع عون المعبود، كتاب الجنائز باب في الشهيد يغسل ح رقم (3132) قال في عون المعبود: في إسناده علي ابن عاصم الواسطي، وقد تكلم فيه جماعة وعطاء بن السائب، وفيه مقال (8/283) وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى، كتاب الجنائز باب من استحب أن يكفن في ثيابه، ح رقم (6812) قال النووي في المجموع: رواه أبو داود بإسناد صحيح على شرط مسلم (5/224) ورواه الإمام أحمد في مسنده (3/20) ح رقم (2217) قال أحمد شاكر: إسناده حسن. قال ابن حجر: رواه أبو داود وابن ماجة عن ابن عباس وفي إسنادهما ضعف، لأنه من رواية عطاء ابن السائب وهو مما حدث به عطاء بعد الاختلاط وعطاء بن السائب ثقة إلا أنه خلط في أخر حياته، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال: كان اختلط بآخره ولم يفحش حتى يستحق أن يعدل به عن مسلك العدول. انظر: التلخيص الحبير (2/118) وانظر: تهذيب التهذيب (7/183) .
إذا تقرر أن شهيد المعركة مع الكفار يكفن في ثيابه التي قتل فيها، فهل هذا على وجه الاستحباب والأولوية، أم للوجوب، اختلف الفقهاء إلى قولين:
القول الأول: أنه يجب تكفينه في ثيابه التي قتل فيها ولا تنزع عنه، وهذا قول الحنفية (1) والمالكية (2) والصحيح عند الحنابلة (3) واختاره الشوكاني (4) .
واستدلوا بحديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: (أمر رسول الله بقتلى أحد أن ينزع عنهم الحديد والجلود وأن يدفنوا بدمائهم وثيابهم)(5) .
وجه الدلالة: أنه أمر صلى الله عليه وسلم أن يدفنوا بثيابهم والأمر عند إطلاقه يقتضي الوجوب.
ونوقش: بأن الأمر فيه محمول على الاستحباب للجمع بين الأدلة (6) .
القول الثاني: إنه يستحب تكفينه في ثيابه التي قتل فيها، ولولي الشهيد أن ينزع عنه ملابسه التي قتل فيها، ودفنه فيها أفضل وأولى، وهذا قول الشافعية (7) ورواية عند الحنابلة اختارها ابن قدامة (8) .
واستدلوا بما روي عن صفية (9) رضي الله عنها (أنها أرسلت إلى النبي صلى الله عليه وسلم ثوبين يكفن فيها حمزة رضي الله عنه فكفنه في أحدهما، وكفن في الآخر رجل آخر)(10) .
(1) المبسوط (2/51) والبناية في شرح الهداية (3/320) وروءس المسائل ص (194) .
(2)
بلغه السالك (1/204) والذخيرة (2/475) وحاشية الدسوقي (1/426) .
(3)
كشاف القناع (1/575) والإنصاف (2/500) والمبدع (2/236) .
(4)
نيل الأوطار (4/40) .
(5)
سبق تخريجه.
(6)
المغني (3/471) .
(7)
المجموع (5/224) ومغنى المحتاج (2/36) وروضة الطالبين (2/120) .
(8)
المغني (3/471) والشرح الكبير (1/546) والكافي في فقه الإمام أحمد (1/228) والمبدع (2/236) .
(9)
هي: صفية بنت عبد المطلب بن هاشم القرشية الهاشمية عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم ووالدة الزبير ابن العوام، وهي شقيقة حمزة، وأمها هالة بنت وهب خالة رسول الله صلى الله عليه وسلم توفيت في خلافة عمر. انظر الإصابة (8/213) ت (11411) وأسد الغابة (6/172) ت رقم (7059) .
(10)
أخرجه البيهقي في السنن الكبرى، كتاب الجنائز، باب الدليل على جوازالتكفين في ثوب واحد رقم (6684) وقال في مجمع الزوائد رواه الطبراني في الأوسط وفيه عثمان الجزري ولم أجد من ترجم له، وبقية رجاله ثقات. انظر: مجمع الزوائد باب ما جاء في الكفن (3/24) .