الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الثاني: معنى خاص وهو: قتال الكفار بالنفس وهذا ما عرفه به الجمهور، وهذا المعنى للجهاد هو المراد عند الإطلاق ولا ينصرف إلى غير قتال الكفار بالنفس إلا بقرينة.
جاء في المقدمات الممهدات: (فكل من أتعب نفسه في ذات الله فقد جاهد في سبيله، إلا أن الجهاد في سبيل الله إذا أطلق فلا يقع إلا على مجاهدة الكفار بالسيف حتى يدخلوا في الإسلام، أو يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون)(1) . وهذا المعنى الخاص هو الذي يدور عليه بحثنا إن شاء الله.
المطلب الثاني
أنواع الجهاد
من خلال تعريف الجهاد في اللغة وعند الفقهاء اتضح أن الجهاد بالمعنى العام يشمل عدة أنواع حصرها بعض العلماء في أربعة أنواع (2) :
النوع الأول: جهاد النفس:
وهو: أن يجاهد النفس على تعلم أمور الدين وعلى العمل بما تعلم، ثم الدعوة إليه، والصبر على مشاق الدعوة.
(1)«المقدمات الممهدات» لابن رشد (1/342) .
(2)
«زاد المعاد» لابن القيم (3/9-11)«وفتح الباري» (6/3) و «حاشية الروض المربع» لابن قاسم النجدي (4/253) .
عن فضالة بن عبيد (1) رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع: «المجاهد من جاهد نفسه في طاعة الله، والمهاجر من هجر الخطايا والذنوب» (2) .
النوع الثاني: جهاد الشيطان:
وهو: مجاهدة الشيطان على دفع ما يأتي به من شبهات، وذلك باليقين، ودفع ما يزينه من الشهوات، وذلك بالصبر عن الشهوات.
قال تعالى: {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآَيَاتِنَا يُوقِنُونَ} [السجدة: 24] .
النوع الثالث: جهاد البغاة، وأرباب الظلم والبدع، والمنكرات:
ويكون ذلك باليد إذا قدر، فإن عجز فباللسان، فإن عجز جاهد بقلبه.
عن أبي سعيد الخدري (3) رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان» (4) .
(1) هو فضالة بن عبيد بن نافذ بن قيس الأنصاري الأوسي أسلم قديما، لم يشهد بدرا، وشهد أحدا فما بعدها سكن الشام، ووولاه معاوية قضاء دمشق، وتوفي في خلافة معاوية سنة 53 هـ. انظر:«الإصابة في تمييز الصحابة» لابن حجر (5/283) ت رقم (7007) وأسد الغابة في معرفة الصحابة لابن الأثير (4/63) ت رقم (4226) .
(2)
سبق تخريجه ص (27) .
(3)
هو: سعد بن مالك بن سنان، الأنصاري الخزرجي، كنيته أبو سعيد الخدري، من أعيان الصحابة وفقهائهم شهد الخندق وبيعة الرضوان، وغيرهما، توفي سنة 74هـ، وقيل غير ذلك، انظر:«الإصابة في تمييز الصحابة» (3/56) ت رقم (3204)«وشذارات الذهب» لابن عماد الحنبلي (1/81) .
(4)
«صحيح مسلم» مع شرح النووي كتاب الإيمان، باب كون النهي عن المنكر من الإيمان، ح رقم (49) .
النوع الرابع: جهاد الكفار والمنافقين (1) :
ويكون بالسيف وبالمال، وباللسان، وبالقلب، وجهاد الكفار أخص باليد، وجهاد المنافقين أخص باللسان (2) .
قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ} [التوبة: 73] .
وقال تعالى: {وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} [التوبة: 41] .
وعن أنس بن مالك (3) رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «جاهدوا المشركين بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم» (4) .
وقد قصرت البحث كما في عنوان الكتاب على جهاد الكفار بالنفس والأحكام المتعلقة بالمجاهد بالنفس في سبيل الله فخرجت الأنواع الأخرى من إطار البحث.
(1) المراد النفاق الاعتقادي المخرج من الدين، وهو إظهار الإسلام وإبطان الكفر والشر. انظر:«كتاب التوحيد» د/ صالح الفوزان ص 18.
(2)
«زاد المعاد» (3/11)«وفتح الباري» (6/3)«وحاشية الروض المربع» (4/253) .
(3)
هو أنس بن مالك بن النضر، الأنصاري الخزرجي خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم شهد ثمان غزوات مع النبي صلى الله عليه وسلم وشهد الفتوح في عهد الخلفاء، دعا له النبي صلى الله عليه وسلم بالبركة في العمر والمال والولد، توفي بالبصرة سنة 93 هـ على الأرجح، وقيل: هو آخر من مات من الصحابة بالبصرة. انظر: «الإصابة» (1/275) ت رقم (277)«وأسد الغابة» لابن الأثير (1/151) ت رقم (258) .
(4)
سبق تخريجه ص (27) .