الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
1-
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في غزوة ذات الرقاع فرمي رجل بسهم فنزفه الدم فركع وسجد ومضى في صلاته)(1) . وجه الدلالة: أنه يلزم بخروج الدم منه أن يصيب ملابسه، وقد مضى في صلاته ولم يقطعها، فدل ذلك على أن تلطخ ملابسه بالدم لا يؤثر.
2-
أن المسلمين ما زالوا يصلون بجراحهم في القتال وقد يسيل منهم الدم الكثير، ولم يرد عنه صلى الله عليه وسلم أنه أمرهم بغسله ولم يرد عنهم التحرز الشديد من الدم بحيث يتركون ثيابهم الملطخة بالدماء إذا وجدوا غيرها. فعمر رضي الله عنه (لما طعن صلى وجرحه يثعب دما)(2) وسعد بن معاذ رضي الله عنه (أصيب يوم الخندق فضرب له خيمة في المسجد فجلس في المسجد ودمه يسيل حتى مات)(3) .
وبهذا يتقرر صحة صلاة المجاهد إذا تلطخ بالدم وهو في صلاة الخوف، وإن أمكنه إزالة الدم، أو خلع الثوب المتلطخ بالدم فهو أولى. والله أعلم.
المطلب الرابع عشر
حمل السلاح في صلاة الخوف
اختلف الفقهاء في حكم حمل السلاح في صلاة الخوف إلى قولين:
القول الأول: إنه واجب وبهذا قال المالكية (4) وهو قول للشافعية (5) ورواية عند الحنابلة (6) .
(1) سبق تخريجه.
(2)
سبق تخريجه.
(3)
سبق تخريجه.
(4)
الجامع لأحكام القرآن (5/353، 354) وأحكام القرآن لابن العربي (1/622)
(5)
الحاوي الكبير (2/467) ومغنى المحتاج (1/578) .
(6)
الإنصاف (2/257) والمغنى لابن قدامة (3/311) .
واستدلوا بقوله تعالى: {وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ} [النساء: 102] .
وجه الدلالة: أن الأمر للوجوب ولا صارف عن ذلك، بل إن رفع الجناح عن تاركه في حالة العذر في قوله تعالى:{وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذًى مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ} [النساء: 102] دال على أن الجناح لا حق بتاركه من غير عذر، فدل على الوجوب (1) .
القول الثاني:
أن حمل السلاح في صلاة الخوف مستحب، وبهذا قال الحنفية (2) وهو قول للشافعية (3) وظاهر المذهب الحنبلي (4) .
واستدلوا بما يلي:
1-
(1) الحاوي الكبير (2/468) والمغني لابن قدامة (3/311) .
(2)
بدائع الصنائع (1/559) والبناية على الهداية (3/202)
(3)
الحاوي الكبير (2/467) ومغني المحتاج (1/578) .
(4)
المستوعب (2/416) والمحرر في الفقه (1/138) والإنصاف (2/357) والمغنى
…
(3/310، 311) .
وجه الدلالة: أن الأمر بأخذ الأسلحة في الصلاة محمول على الندب، لأن الأمر للرفق بهم والصيانة لهم، فلم يكن للإيجاب، كما أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الوصال في الصيام رفقا بأصحابه ولم يكن للتحريم (1) .
2-
أنه لو وجب أخذ السلاح لكان شرطا في الصلاة كالسترة والإجماع قائم على صحة الصلاة بدون السلاح فدل على أن حمله غير واجب (2) .
3-
ولأن الطائفة التي تصلي مع الإمام محروسة بغيرها، والقتال غير متعين عليها، وحمل السلاح إنما يكون للحراسة أو للقتال ولا يتعين عليهم شيء من ذلك، فلا يجب حمل السلاح (3) .
الترجيح
الذي يظهر أنه في حالة ما إذا غلب على الظن هجوم العدو على المصلين، والطائفة التي تحرس لا تقدر على رد العدو، فإنه يجب عليهم حمل السلاح في الصلاة ليستطيعوا رد العدو عنهم، وليس وجوب حمل السلاح في صلاة الخوف شرطا في صحة الصلاة، وإنما هو قوة لهم لأمر خارج عن الصلاة (4) .
قال تعالى: {فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ} [النساء: 102] .
(1) المغنى لابن قدامة (3/311) .
(2)
المغنى لابن قدامة (3/311) والحاوي الكبير (2/468) .
(3)
الحاوي الكبير (2/468) .
(4)
أحكام القرآن لابن العربي (1/622) والجامع لأحكام القرآن (5/354) والأم
…
(1/219) .