الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الثالث
وقت صلاة الخوف
صلاة الخوف هي إحدى الصلوات الخمس المكتوبة، ومعلوم من الدين بالضرورة وقت الصلوات الخمس المكتوبة حيث بينها النبي صلى الله عليه وسلم ومما جاء في ذلك ما رواه عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«وقت الظهر إذا زالت الشمس وكان ظل الرجل كطوله ما لم يحضر وقت العصر، ووقت العصر ما لم تصفر الشمس، ووقت صلاة المغرب ما لم يغب الشفق، ووقت صلاة العشاء إلى نصف الليل الأوسط، ووقت صلاة الصبح من طلوع الفجر ما لم تطلع الشمس» (1) .
إلى غير ذلك من الأحاديث الصحيحة في بيان أوقات الصلوات، وليس هذا مجال متسع لذكرها، وقد اتفق الفقهاء (2) أنه لا يجوز فعل الصلاة قبل وقتها، ولا تأخيرها حتى يخرج وقتها من غير عذر واختلفوا في تأخيرها للمجاهد حتى يخرج وقتها في حال شدة الخوف والتحام الجيوش من غير نية الجمع إلى قولين:
القول الأول: لا يجوز تأخير الصلاة عن وقتها، فإذا اشتد الخوف والتحم القتال صلوا رجالا وركبانا إيماءً بالركوع والسجود، مستقبلين القبلة أو غير مستقبلين على حسب استطاعتهم، وبهذا قال الجمهور (3) .
(1) صحيح مسلم بشرح النووي، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب أوقات الصلوات الخمس، ح رقم (173) - (612) .
(2)
رحمة الأمة في اختلاف الأئمة ص 74، وزبدة الأحكام لابن إسحاق الهندي ص 131
(3)
بداية المجتهد (1/178) وحاشية الدسوقي (1/391) وشرح الزرقاني (1/524) والأم (1/223) ومغني المحتاج (1/578) والحاوي الكبير (2/470) والمغني (3/316) والمبدع (2/137) والمستوعب (2/417) والمحلى بالآثار (3/235) .
واستدلوا بما يلي:
1-
قوله تعالى: {فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالا أَوْ رُكْبَانًا} [البقرة: 239] . أي: إن خفتم من عدوكم حال التقائكم معهم فصلوا قياما، أو مشاة على أرجلكم أو ركبانا على ظهور دوابكم (1) .
2-
ولأنه مكلف تصح طهارته فلم يجز له إخلاء وقت الصلاة عن فعلها، كالمريض (2) .
القول الثاني: يجوز تأخير الصلاة عن وقتها في حالة التحام القتال، والاشتغال بالضرب والطعن والكر والفر، حتى ينكشف القتال.
قال بهذا الحنفية (3) وبعض المالكية (4) وهو قول عند الشافعية (5) رواية عند الحنابلة (6) .
واستدلوا بما يلي:
1-
ما رواه جابر رضي الله عنه أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه جاء يوم الخندق بعدما غربت الشمس فجعل يسب كفار قريش وقال: يا رسول الله ما صليت العصر حتى كادت الشمس أن تغيب، قال صلى الله عليه وسلم «وأنا والله ما صليتها بعد» قال: فنزل إلى
(1) جامع البيان للطبري (2/587) .
(2)
المغني لابن قدامة (3/317) .
(3)
الاختيار للموصلي (1/89) وبدائع الصنائع (1/559) .
(4)
عارضة الأحوذي (3/38) والجامع لأحكام القرآن (5/352) .
(5)
الحاوي الكبير (2/472) ومغنى المحتاج (1/579) .
(6)
المستوعب (2/418) والمبدع (2/137) .
بطحان (1) فتوضأ وصلى العصر بعدما غابت الشمس، ثم صلى بعدها المغرب (2) .
وجه الدلالة من الحديث: أنها لو جازت الصلاة مع القتال لما أخرها رسول الله صلى الله عليه وسلم (3) .
ونوقش هذا الاستدلال بما يلي:
أ- أن هذا الحديث كان قبل نزول قوله تعالى: {فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالا أَوْ رُكْبَانًا} [البقرة: 239](4) .
ب- يحتمل أنه صلى الله عليه وسلم نسيها يومئذ بدليل أن عمر رضي الله عنه قال: ما صليت العصر فقال صلى الله عليه وسلم «والله ما صليتها» (5) .
2-
ولأن إدخال أعمال كثيرة ليست من أعمال الصلاة مفسد لها في الأصل فلا يترك هذا الأصل، إلا في مورد النص، والنص ورد في المشي لا في القتال (6) .
ونوقش هذا الدليل بأن العمل الكثير أبيح من أجل الخوف فلم تبطل الصلاة به كاستدبار القبلة والركوب والإيماء (7) .
(1) بطحان بالضم ثم السكون، وقيل: بطحان بفتح الأول وكسر الثاني، وقيل: بطحان بفتح الأول وسكون الثاني: وهو واد بالمدينة انظر معجم البلدان (1/529) ت رقم (1966) .
(2)
صحيح البخاري مع الفتح كتاب الخوف باب الصلاة عند مناهضة الحصون ولقاء العدو، ح رقم (945) وصحيح مسلم بشرح النووي كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب الدليل لمن قال الصلاة الوسطى هي صلاة العصر ح رقم (631) .
(3)
بدائع الصنائع (1/559) .
(4)
وانظر: بداية المجتهد (1/178) والمستوعب (2/418) .
(5)
المبدع (2/52) والمغني (3/298) وكشاف القناع (1/493) .
(6)
بدائع الصنائع (1/559) .
(7)
المغني لابن قدامة (3/317) .