الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الثاني
شروط صلاة الخوف
يشترط لصلاة الخوف شروط نجملها فيما يلي:
1-
أن يكون القتال جائزا أي مأذونا فيه كقتال الكفار (1) .
خرج بهذا الشرط القتال المنهي عنه فلا يصلي فيه صلاة الخوف، كالقتال لمجرد شهوة النفس، أو قتال الإمام العادل (2) ونحو ذلك.
2-
خوف هجوم العدو لقربهم من المجاهدين، أو لإخبار الثقة بقدومهم إلى المجاهدين، أو لخوف كمين أو مكيدة وهذا ما ذهب إليه الجمهور (3) . لقوله تعالى:{إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِينًا} [النساء: 101] .
وذهب الحنفية إلى اشتراط معاينة العدو، وإلا لم يصلوا صلاة الخوف (4) .
ووجه قولهم: إن سبب الترخص لم يتحقق وهو الخوف، لعدم معاينة العدو (5) . والذي يظهر أن قول الجمهور أرجح، لأن صلاة الخوف مشروعة عند وجود الخوف.
(1) مواهب الجليل (1/561) وحاشية الخرشي (2/280) والأم (1/224) والحاوي
…
(2/476) والمجموع (4/287) والمستوعب (2/412) وكشاف القناع (1/493) والشرح الممتع (4/586) .
(2)
الفواكه الدواني (1/414) وحاشية الدسوقي (1/391) والمجموع (4/287) وروضة الطالبين (2/62) .
(3)
التاج والإكليل بحاشية مواهب الجليل (2/566) والأم (1/218) والمبدع (2/126) والمغني (3/299) والإنصاف (2/362) .
(4)
المبسوط (2/49) وفتح القدير (2/62) وحاشية ابن عابدين (3/74) .
(5)
المراجع السابقة في الهامش السابق.
وقرب العدو من المجاهدين سبب لوجود الخوف فتشرع الصلاة حتى ولو لم يروهم، ولأنهم قد يعاينون العدو لكن بينهم وبين العدو ما يمنع وصولهم إليهم فلا تجوز حينئذ صلاة الخوف، والله أعلم.
3-
أن يكون المجاهدون مطلوبين من العدو، وهم في حالة ضعف وقلة والعدو في حالة قوة وكثرة أو كان المجاهدون متحرفين إلى القتال، أو متحيزين إلى فئة ففي هذه الحالات يجوز أن يصلوا صلاة الخوف (1) .
قال ابن المنذر (2)(كل من أحفظ عنه من أهل العلم يقول: أن المطلوب يصلي على دابته)(3) .
فإن انهزموا من العدو وهو أقل من مثليهم لم تجز لهم صلاة الخوف، لأنها رخصة والانهزام من العدو كبيرة ومعصية فلا تناط الرخصة بالمعصية (4) .
أما إن كان المجاهدون طالبين للعدون فقد اختلف أهل العلم في مشروعية صلاة الخوف لهم إلى قولين.
(1) الذخيرة (2/442) وحاشية الخرشي (2/284) وتحفة الفقهاء (1/179) وحاشية ابن عابدين (3/76) والأم (1/225) والحاوي (2/475) ونيل الأوطار (3/323) والمستوعب (2/418) وكشاف القناع (1/500) .
(2)
هو: الإمام الحافظ العلامة شيخ الإسلام، أبو بكر محمد بن إبراهيم ابن المنذر النيسابوري، ولد في حدود موت الإمام أحمد بن حنبل، وقال الزركلي ولد سنة
…
(242هـ) من مؤلفاته الأوسط في السنن، والإشراف على مذاهب أهل العلم، واختلاف العلماء وغيرها توفي بمكة سنة 319 هـ انظر سير أعلام النبلاء (14/490) والأعلام للزركلي (5/294) .
(3)
الأوسط (5/42) .
(4)
الذخيرة (2/442) ومواهب الجليل (1/561) / والمجموع (288) / وروضة الطالبين
…
(2/62) والحاوي (2/477) وكشاف القناع (1/500) .
القول الأول: تجوز لهم إذا خافوا فوات العدو.
قال بهذا المالكية (1) والشافعية في حالة ما إذ قل الطالبون عن المطلوبين، وانقطع الطالبون عن أصحابهم فخافوا عودة المطلوبين عليهم (2) ورواية عند الحنابلة (3) .
واستدلوا بما يلي:
1-
ما رواه عبد الله بن أنيس (4) رضي الله عنه قال: (بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى خالد بن سفيان الهذلي، وكان نحو عرنة وعرفات، فقال: اذهب فاقتله، قال: فرأيته وحضرت صلاة العصر، فقلت: إني لأخاف أن يكون بيني وبينه ما إن أؤخر الصلاة فانطلقت أمشي وأنا أصلي أومي إيماء نحوه، فلما دنوت منه قال: من أنت؟ قلت: رجل من العرب بلغني أنك تجمع لهذا الرجل فجئتك في ذاك قال: إني لفي ذاك، فمشيت معه ساعة حتى إذا أمكنني علوته بسيفي حتى برد (5)) (6) .
(1) الذخيرة (2/442) وحاشية الخرشي (2/284) .
(2)
الأم (1/226) والأوسط (5/42) والوسيط (2/308) .
(3)
المستوعب (2/418) وكشاف القناع (1/500) والإنصاف (2/361) والمبدع
…
(2/183) .
(4)
هو عبد الله بن أسعد بن حرام بن حبيب، الجهني الأنصاري، أبو يحيى المدني حليف بني سلمة وهو أحد الذين كانوا يكسرون أصنام بني سلمة شهد بدرا وما بعدها، بعثه النبي صلى الله عليه وسلم لقتل خالد بن سفيان الهذلي فقتله، توفي سنة 74 هـ انظر: الإصابة (4/13) ت رقم (4568) وأسد الغابة (3/75) ت رقم (2822) .
(5)
أي حتى مات انظر لسان العرب (3/85) مادة (برد) .
(6)
أخرجه أبو داود في سننه، كتاب الصلاة باب صلاة الطالب، ح رقم (1245) قال في عون المعبود الحديث سكت عنه أبو داود والمنذري وحسن إسناده الحافظ في الفتح. انظر: عون المعبود (4/91) وفتح الباري (2/556) وقال في مجمع الزوائد، رجاله ثقات، كتاب المغازي والسير، باب قتل خالد بن سفيان ج (6/204) وأخرجه الإمام أحمد في المسند ج (12/430) ح رقم (15993، 15990، 15989) .
وجه الدلالة: أن عبد الله بن أنيس صلى صلاة الخوف وهو طالب للعدو. وظاهر حاله أنه أخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم فأقره، أو كان قد علم جوازه فإنه لا يظن به أنه فعل ذلك مخطئا (1) .
2-
ولأن فوات الكفار ضرر عظيم فأبيحت صلاة الخوف عند فوتهم (2) .
3-
ولأن أمرهم مع عدوهم لم ينقض ولا يأمنون رجوعهم فهم خائفون (3) .
القول الثاني: لا تجوز لهم صلاة الخوف في حالة طلبهم للعدو.
قال بهذا الحنفية (4) والشافعية (5) وبعض المالكية (6) ورواية عند الحنابلة (7) .
ووجه قولهم: أن العلة في صلاة الخوف وجود الخوف وهو معدوم في حالة كونهم طالبين العدو فلا ضرر تدعوا إلى صلاة الخوف (8) .
والذي يظهر أن القول الأول هو الراجح وهو مشروعية صلاة الخوف لطالب العدو في حالة مطاردته لهم وهم يرونه ويراهم، لأن الاشتغال بالصلاة والتوقف عن ملاحقة العدو فيه خطر على المجاهدين، لأن العدو قد يستغل هذا التوقف لتنظيم صفوفه والهجوم المعاكس على المجاهدين أو وضع كمين في طريقهم، والله أعلم.
(1) المبدع (2/138) وانظر: كشاف القناع (1/500) وعون المعبود (4/91) .
(2)
المبدع (2/138.
(3)
حاشية الخرشي (2/284) .
(4)
تحفة الفقهاء (1/179 وحاشية ابن عابدين (3/76.
(5)
الأم (1/622 والأوسط في السنن والإجماع والاختلاف (5/42) .
(6)
الذخيرة (2/442) وحاشية الخرشي (2/284) ومنهم ابن الحكم.
(7)
المبدع (2/183) والمستوعب (2/419) والإنصاف (2/361) .
(8)
تحفة الفقهاء (1/179) وحاشية الخرشي (2/284) والأم (1/226) والمبدع
…
(2/138) والإنصاف (2/361) .