الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الثالث
تيمم المجاهد بالغبار
اتفق الفقهاء -رحمهم الله تعالى فيما أعلم- على جواز التيمم بالتراب الذي له غبار. جاء في التمهيد (أجمع العلماء على أن التيمم بالتراب ذي الغبار جائز)(1) .
واختلفوا في جواز التيمم بالغبار يكون على الثوب، أو الجدار ونحو ذلك. فذهب جمهور الفقهاء إلى جواز التيمم بالغبار (2) .
واستدلوا بما يلي:
1-
عن أبي جهيم الأنصاري (3) رضي الله عنه قال: (أقبل النبي صلى الله عليه وسلم من نحوبئر جمل (4) فلقيه رجل فسلم عليه فلم يرد عليه النبي صلى الله عليه وسلم حتى أقبل على الجدار فمسح بوجهه ويديه ثم رد عليه السلام (5) .
(1) التمهيد لابن عبد البر (19/290) وانظر الإجماع لابن المنذر ص 14.
(2)
المبسوط للسرخسي (1/109) وبدائع الصنائع (1/182) والمجموع للنووي (2/253) والأم (1/50) والمغني (1/326) والمبدع (1/220) والمحلى بالآثار (1/339) .
(3)
هو: عبد الله بن الحارث بن الصمة، الأنصاري يكني أبا جهيم، وقيل: في نسبه غير هذا، روى أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم وروى عنه بشير بن سعيد وأخوه مسلم وعمير مولى ابن عباس وغيرهم انظر الإصابة (7/62) ت رقم (9704) وأسد الغابة (3/97) ت رقم (2865) ،
(4)
موضع بالمدينة فيه مال من أموالها. انظر: معجم البلدان (1/355) .
(5)
صحيح البخاري مع الفتح كتاب التيمم باب التيمم في الحضر إذا لم يجد الماء وخاف فوات الصلاة. ح رقم (337) وصحيح مسلم بشرح النووي، كتاب الحيض باب التيمم ح رقم (369) .
وجه الدلالة: أنه صلى الله عليه وسلم تيمم بالغبار العالق بالجدار لأن جدرانهم مبنية من الطين فلا تخلو من غبار.
قال النووي: (وفي هذا الحديث جواز التيمم بالجدار إذا كان عليه غبار، وهذا جائز عندنا، وعند الجمهور من السلف والخلف)(1) .
2-
أن الغبار من الصعيد فهو جزء من أجزاء الأرض فيجوز التيمم به (2) بل هو جزء من أجزاء التراب المتفق على جواز التيمم به.
وخالف المالكية فقالوا: لا يجوز التيمم بالغبار (3) .
واستدلوا على ذلك: بأن الغبار لا يسمى صعيدا (4) لأن الصعيد كل ما صعد على وجه الأرض (5) .
ويمكن مناقشتهم: بأن الغبار من الصعيد وجزء من أجزاء التراب.
الترجيح
الذي يظهر أن الراجح قول الجمهور، أنه يجوز التيمم بالغبار، لما سبق من حديث أبي جهيم الأنصاري، ولأن الغبار من أجزاء التراب.
وعلى هذا فيجوز للمجاهد أن يتيمم بالغبار يكون في ملابسة أو على الآلة التي يستقلها، أو غير ذلك، والله أعلم.
(1) شرح صحيح مسلم للنووي (4/304) .
(2)
بدائع الصنائع (1/182) .
(3)
مواهب الجليل (1/519) وحاشية الخرشي (1/361) .
(4)
المرجعان السابقان في هامش رقم (3) .
(5)
المعونة (1/150) والتمهيد (19/289) .