الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكره الدكتور عبد الله الرميان بقوله:
مسجد بنت علندا:
يقع شرق شارع الخبيب، عند تقاطعه مع شارع التغيرة، خلف فندق السلام الجديد.
بني سنة 1378 هـ على نفقة منيرة بنت عبد الله العلندا، وقد سكنت في آخر عمرها قرب المسجد ثم انتقلت إلى المدينة المنورة حيث توفيت فيها، ثم بني بالمسلح سنة 1403 هـ على نفقة وزارة الحج والأوقاف.
اشتهر المسجد بهذا الاسم نسبة لمن قامت ببنائه، ويسمى قديمًا مسجد (الشيشة) نسبة لمحطة بنزين كانت مجاورة له، ويعرف عند إدارة الأوقاف حديثًا بمسجد زيد بن ثابت (1).
العَلْوان:
بفتح العين وإسكان اللام فواو مفتوحة مخففة، فألف فنون.
من أهل بريدة وأصلهم من خب واصط.
اشتهرت هذه الأسرة في آخر القرن الثالث عشر الماضي وأول هذا القرن الرابع عشر بسبب ظهور شاعر عامي مجيد منها هو ناصر بن علي أبو علوان، وكانوا يقال لهم (أبو علوان) إلَّا أن هذا الاسم خفف الآن فأصبح (العلوان).
توفي ابنه علي عام 1353 هـ في رجب، وابنه عبد الله توفي عام 1395 هـ.
وهم أبناء عم للخراز الملقب الظبي - تصغير ظبي - وأصل الجميع أسرة تسمى الشِّمر بتشديد الشين وكسرها فميم فراء.
(1) مساجد بريدة، ص 293.
وللشاعر ناصر أبو علوان أخبار وطرائف منها ما حدثني به جماعة من شيوخ أهل بريدة قالوا: كان من عادة الرجل صاحب الأسفار في التجارة البعيدة ما بين بريدة والشام أو العراق إذا لم يسافر في سنة من السنين وحالته المالية سيئة إذ كان أكثرهم إذا عاد إلى بلده أكل ما كان حصل عليه من النقود في الخارج فأصبح خالي الجيب.
فإذا ما عاد عقيل من الشام وهم يعودون بجيوب ممتلئة وملابس رفيعة، فإنهم لا ينسون من تخلف منهم عن السفر، وغالبا ما تمتد سفرتهم السنة أو السنتين أو أكثر من ذلك.
قالوا: وفي سنة من السنين لم يكن أبو علوان قد سافر فيها إلى الشام أو العراق، وقد خلا جيبه وعضته الحاجة بنابها.
فأشار عليه أحد أصحابه بأن (يعزم) كبار عقيل وأثريائهم الذين قدموا لتوهم من الشام، ولم يكن عنده ما يشتري من النقود ذبيحة لهم فباع بساطًا عنده كان يفرشه في (قهوته) بريالين واقترض من صديق له ريالين آخرين واشترى ذبيحة وجريشًا وعزم أصحابه من عقيل هؤلاء العائدين بخير كثير.
قالوا: وقد عرفوا السبب الذي دعاهم إلى هذه الوليمة من أجله لأنها عادة متبعة عندهم، فأجمع رأيهم على أن يظهروا أنهم لا يعرفون بحاله، وكان من عادتهم أن يضعوا دراهم للداعي في السفرة بعد الفراغ من الأكل وقبل الانصراف فقرروا أن لا يفعلوا ذلك ليعرفوا ماذا يقول في شعره في هذه المسألة:
قالوا: فلما فعلوا ذلك وخرجوا من عنده دون أن يضعوا شيئًا من النقود في سفرته، وأيئس من ذلك أنشأ أبياتًا منها:
يا ناس رأس المال ما ابغي لكم شين
…
اصبر ولو شَدْيتْ عشري ثمان
غرتني المشيه ولبس السعادين
…
واثره جحور ما به الا الحصاني (1)
قالوا: وكان إنشاده هذه الأبيات هو الذي يريدونه فدفعوا إليه بعد ذلك أكثر مما كان أمله فيهم، لأنهم عرفوا مقدار حاجته.
كان (قعدي) أي بدوي قد هجر حياة البادية ولازم مدينة بريدة صديقًا لابو علوان يجالسه ويناشده الشعر يكنى (أبا ليثان) وهو شيخ مسنٍ، له ولد اسمه ليثان فتى صغير، فقال أبو ليثان مرة لأبو علوان:
عسى تهَيَّا عشرتك يا أبو علوان
…
تضحك ولا تصغي لنا من حلالك
فقال أبو علوان:
هذا زمان هايل يا أبو ليثان
…
اليوم ما ترجي العطا من عيالك
جزل العطايا جالس وصط برزان
…
يبهج ضماك إن كان ربك صخي لك
يشير بذلك إلى حاكم نجد في ذلك الوقت وهو محمد بن عبد الله بن رشيد الذي مات في عام 1315 هـ.
فقال أبو ليثان عندما سمع بيتي (أبو علوان) عز الله أن الله فتح لي ولك رزق بهذين البيتين يا أبو علوان.
فلم يفهم أبو علوان كلامه ولم يصدق ظاهره.
فسافر البدوي من فوره إلى حايل ودخل إلى مجلس الأمير محمد بن رشيد وسكت حتى أكمل أهل الحوائج ذكر حوائجهم ولم يبق في المجلس إلَّا القليل فالتفت إليه محمد بن رشيد قائلًا:
(1) السعادين: مثل الشال جمع سعدونيه.
وأنت وش تبي يا هالشايب؟ أنت شاكي والَّا مشكي؟
فقال: والله يا طويل العمر أنا لا شاكي ولا مشكي، ولكن جابتني أبيات سمعتها من حضري ببريدة.
ثم أنشده بيتي (أبو علوان) وبيته الذي رد عليه أبو علوان بهما.
وقال البدوي: وانا هذاي جيت يا طويل العمر، لقصر برزان أبياك تبهج ظماي يا ولد عبد الله.
فضحك محمد بن رشيد وقال: ابشر بالخير يا فلان وأظنه ابن حميد وهو صاحب بيت المال: عطه خمسة ريالات له وريالين لرفيقه الحضري راع القصيم اللي قال الأبيات!
وقال ناصر أبو علوان في علي وحمد ابني عثمان المعارك أهل وهطان، وكان خرج إليهم (يتعلل) فقام علي وكان صديقا حميما لأبو علوان وقد قام من مجلس تلك الليلة بحجة أنه متعب.
فقال أبو علوان:
يا علي جيتك عاني من مكاني
…
نبي نتقهوى أول الليل فنجال
فنجال بن مبهر زعفران
…
محرم على ولد النذل هافي الخال
أخوك حمد قام وخلى السواني
…
وبدا يعللني على سجة البال
وعلي راح لخمص المثاني
…
وقال: خشيني ترى حس رجال
إدْعَوا بسلامة من قعد بالمكان
…
لولا أبو عبد الله كان عينت رَجَّالٍ
حدثني أي قال: كان أبي عبد الرحمن العبودي صديقا لناصر أبو علوان الشاعر وهو شاعر مثله، وكان عادة حسن المهنا أمير القصيم قبل سنة المليدا أن يغزو في كل سنة سواء باهل القصيم وحدهم أو مع محمد بن رشيد عندما اتفق معه
قبل المليدا، فكان والدي عبد الرحمن وأبو علوان من أوائل من يكتبونهم للغزو، فساموا من ذلك وبخاصة أن الغزو يكون في الشتاء ولا فائدة منه لهما.
وفي سنة من السنين كانت مخصبة رأو أن يتغيبوا عن الغزو فاشتروا سلعًا من سلع البدو كثيرة في القيظ وذهبوا بها ونزلوا عند آل حسين من شمر وكانوا أصدقاء لوالدي عبد الرحمن أقول: أنا مؤلف الكتاب: استمرت صداقة آل حسين هؤلاء مع والدي ناصر إلى قرب وفاته فكانوا ينزلون عندنا، ويقيمون أياما.
قال: وكان الخير كثير عندهم من اللبن والسمن والأقط، فباع والدي وأبو علوان بضاعتهما بيعًا طيبًا.
ولما عرفا أن الغزو قد فارق بريدة منذ أيام عادا إليها ففوجئا بالحصان وهو رجل حسن المهنا أي الذي ينفذ أوامره يقول لهما: الأمير حسن أرسل خط يبي (لحيق) للغزو.
و(اللحيق) هو الذي يرسل بعد الغزو الرئيسي ليزيده قوة.
وقد كتبوا على رأس قائمة (اللحيق) عبد الرحمن العبودي وناصر أبو علوان، وقال لهما الحصان: ترى وعد (اللحيق) النقيب يتجمعون به، (النقيب) في شرق بريدة ذكرته في (معجم بلاد القصيم).
ولم يسعهم إلَّا الإمتثال: وفي ليلة من ليالي الشتاء الباردة باتوا مع مئات في (اللحيق) بمعي الغزو الإضافي في النقيب ريثما يجتمعون كلهم فنزلوا على حافة غدير وهو الشعيب الذي فيه ماء متخلف من ماء المطر معهما شراع صغير كانوا أوقدوا فيه النار للتدفئة بالليل، ومعهما جمل شعر بشدة البرد فاقترب من الشراع يبحث عن الدفء وبرك وهم لا يشعرون بذلك، وقرب ذيله من جهة الشراع وكان أبو علوان نائما فيه فما شعر إلَّا ببول الجمل على رأسه،
فأسرع يغسل وجهه ورأسه من ماء الثغب وهو الغدير فوجده شديد البرودة يكاد يتجمد، فقال:
يا ربعتي، يا شين نوم النقيب
…
يا شين شوف حزومها مع وجمها
من عقب ما شربي صخين الحليب
…
ومناسف بالقاع يندي دسمها
أمسيت وشربي سبرةٍ من شعيب
…
من بارد لو يالي يدي كصمها
بول الجمل من فوق راسي صبيبِ
…
واصبحت ووزني حَفنةٍ من حلمها
يا رب يالله، انك حسيبي
…
على الحصان وراشد اللي رقمها
ليا ملا بواردي عطيب
…
حيطوم ريم نايم في علمها
دعا على الحصان الذي هو رجل الأمير الذي أخبرهم بالغزو ونظمه وعلي راشد السبيهين لأنه الذي كتب فائمة الغزاة الذين أسماءهم معهم.
قال والدي: فقال راشد لأبو علوان: كيف تدعي علي يا أبو علوان وأنا مصخر مثلك؟
فقال: أنت اللي كتبتها ولا يمكن رد النظم.
قوله ومصخر أي أنه فعل ذلك مجبرًا عليه من قبل الأمير.
مات الشاعر أبو علوان في عام 1337 هـ.
وأكبر الأسرة في الوقت الحاضر - 1407 هـ هو حفيد الشاعر ناصر بن عبد الله بن الشاعر ناصر بن علي بن محمد الخراز.
و(علوان) هو لقب جدهم علي بن محمد الخراز والد الشاعر.
وهو لقب تدليل لمن يسمي (علي) فيقال علوان.
ولذلك خاطب الشاعر ابنه عليا بذلك في قوله من قصيدته التالية:
لوا حسايفًا يا علوان
…
يا ليت ما فات ينردِّ
خمسة شهور وانا حفيان
…
اطا علي قاسي الخدِّ
قال حمود العبيد بن رشيد في أعقاب وقعة الطرفية سنة 1318 هـ:
ياونتي ونةَ الوجعان
…
اللي صوابه جرح كبدي
وأخوانه اثنين بالميدان
…
اللي تعشاهم الربدي
يذكر لنا زينّه صديان (1)
…
بايسر خيام لاهل نجدٍ
يا ليت من يالي القصمان
…
يبرد لهيب على كبدي
فرد عليه أبو علوان بقوله:
يا الله يا راعي الاحسان
…
منك الفرج وأنت له تبدي
منا الدعا لك مع الآذان
…
يا الل على ضعفتك تسدي
يوم انك يا شردان
…
وجهك عن العزّ مِنْصَدِّ
بديت في هدمك البنيان
…
والهدم ما يبرد الكبدِ
لو احسافاه يا علوان
…
يا ليت ما فات ينرَدِّ
خمسة شهور وأنا حفيان
…
آطا علي قاسي الخدِّ
مع بيرقه نتبع الأظعان
…
صبرت لو كان ما ودي
* * * *
وطباقته حطنا سيدان
…
بعصيِّنا للأهل نَبْدي (2)
وندودل الراس والخصيان
…
ودك الا لبسنا ورَدْي
(قرر العبس) هو وابن ميدان
…
أو ذوا هل الروب والزِّبْدِ
(1) صديان: لقب لواحد من أهل بريدة.
(2)
أي نحارب أهلنا.
عيالهم حرموا الألبان
…
شقر الذوائب لهم تدِّي
يشير أبو علوان بقوله:
مع بيرقه نتبع الأظعان
…
صبرت لو كان ماودي
إلى ما حدث له ولطائفة من أهل بريدة كانوا في حائل إيان أن كانت عاصمة لنجد، وقد أعلن عبد العزيز بن رشيد قبيل وقعة الطرفية التي يسميها بعضهم أيضًا وقعة الصريف في عام 1318 هـ أنه سوف يغزو وأمر من يريد أن يغزو معه أن يستعد، ولكنه لم يخبر أحدًا بالجهة التي سيذهب إليها، وهو في واقع الأمر يريد الذهاب إلى القصيم لمقاتلة ابن صباح ومن معه من أهل القصيم والرياض كالإمام عبد الرحمن بن فيصل والد الملك عبد العزيز.
وقد تبعه في الغزو جماعة من أهل القصيم الذين كانوا موجودين في حائل طلبًا للرزق ذكروا أن عددهم يناهز خمسمائة، وكان من بينهم الشاعر أبو علوان والشاعر محمد بن سليمان بن صغيّر.
وعندما قارب ابن رشيد الوصول إلى القصيم وصار الناس لابد أن يعرفوا اتجاه غزوه أمر بجمع الذين في غزوه من أهل القصيم الذين خرجوا معه من حائل، وقال لهم: يا عيالي حنا ترانا غازين جماعتكم اللي جذبوا ابن صباح من الكويت ومن معه، ويبون يقاتلوننا، فاليوم اللي يبي يتركنا ولا يرغب في قتال جماعته معنا، ويبي يروح ويخلينا ترانا نسامحه، واللي ما يبي يقاتل معنا يقدر يروح هالحين.
قالوا: فجامل أكثر الموجودين، لأنهم لا يعرفون ما تكون عليه نتيجة ذلك الغزو ولم يترك جيش ابن رشيد إلَّا القليل منهم، وكان (أبو علوان) مع الذين
بقوا، وهم الأكثر بالطبع، وهذا ما أشار إليه في قصيدته:
خمسة شهور وأنا حفيان
…
آطا على قاسي الخَدِّ
والخد هنا وجه الأرض كما هو معروف.
ومن طرائف (أبو علوان) الشاعر أبياته في (خروف الجلاجل) وقصته أن الأمير مهنا بن صالح أبا الخيل أمير القصيم كان تزوج (لؤلؤة الجلاجل)، وكان من عادة أهل بريدة في تلك الأزمان وفي الزمن الذي أدركناه أن الزوج لابد من أن يترك زوجته في بيت أهلها لمدة سبعة أيام إن كانت بكرًا وثلاثة أيام إن كانت ثيبًا، ثم تنتقل بعد ذلك إلى بيته.
ولابد أيضًا من أن يحضر إليها في بيت أهلها في وسط النهار قبل الظهر لينام عندها القيلولة وهي وقت القائلة، ويسمونها المقبل، يقولون:(قيَّل) فلان عند امرته في بيت أهلها.
وكانت لؤلؤة الجلاجل جميلة جمالًا نادرًا قليل النظير، وجمالها معروف للناس، وعندما كانت تستعد لمجيء الأمير إليها، وكانا ينامان في روشن وهو غرفة في الطابق الثاني، كانت عليها خلاخيل في رجليها، وهي ذات صوت إذا احتك بعضها ببعض، وإن كانت في الأحوال العادية لا تحدث صوتًا وعليها ثوب كين أي صيني من الحرير.
وكان عندهم خروف صغير في البيت قد ربوه فصادف أن الخروف كان في السطح وكان جداره غير مرتفع فذعر الخروف فقفز ووقع على أرض السوق الذي كان إلى الشرق من بيت الجلاجل، وقد أدركته وعرفته كان ملاصقًا للجامع في القديم، لا يفصل بينهما إلَّا زقاق غير واسع، وكان سوق البيع والشراء هذا أسفل من بيتهم.
فلما وقع الخروف، وبعضهم يقول: خريف لأنه ربما لم يبلغ أن يكون خروفًا كبيرًا.
قال الناس: هبله زين لؤلؤة الجلاجل، أي أصابه جمال لؤلؤة الجلاجل بالجنون، وكان الشاعر أبو علوان من الحاضرين في السوق في ذلك اليوم المشاهدين لسقطة الخروف من السطح، فقال:
يا كبر عذرك، يا خروف الجلاجل
…
ماجور يوم انك مع السطح طبيت
يا كبر عذرك يوم شفت الهوايل
…
شالوك للقصاب لا حيّ ولا ميت
أنا أشهد انك من عيال الحمايل
…
لو انت ما سويت هذا ترديت
قال طراد الشلاقي من بدو حايل يشتكي حاله على أبو علوان:
يا ونةٍ ونيتها يا أبو علوان
…
من سامر بالقلب مثل اللهيب
على عشيرٍ غادي وجهه ألوان (1)
…
قمت أنْدهه كنه بقاعة قليب
فرد عليه أبو علوان معزيًا له:
يا طراد ما والله تشوف الظعينا
…
الا بيوم فيه الأجبال هِرَّاب
على الصراط الملتوي لي هدينا
…
الله وهب والناس عارين الأسلاب
وقال أبو علوان:
لي قرب المطراش فاحبل لكوبان
…
جنب سمين وحط فوقه فقاعه
والمطراش: السفر للتجارة: والفقاعه: الفقع.
(1) من المرض.
قال ذلك عندما أراد أن يسافر ويستدين من أحدهم دينًا وقيل: إنه أراد منه أن يعطيه بضاعة وهي النقود التي تعطي على سبيل المضاربة بحيث يعطي صاحب النقود نقوده إلى شخص ليس عنده نقود ولكنه عنده القدرة على البيع والشراء بها بغية التكسب، وكثيرًا ما يكون ذلك عن طريق الأسفار، وتكون لصاحب النقود حصة من الربح يتفق عليها وتكون للعامل الذي يأخذها حصة يتفق عليها أيضًا.
ومن شعر أبو علوان قصيدته التي أولها:
قال الذي ما قال زود ولا زور
…
وقول بلا فعل هله بقمحون
وقد قالها أبو علوان في الثناء على محمد الشريدة وأخيه منصور وكانا شريكين في المال وعندهما مقادير كبيرة من التمر في سنة الجوع التي مات فيها أناس كثير من الجوع وهي سنة 1327 هـ فالشريدة تبرعوا بكل ما عندهم من التمر وتصدقوا به على المحتاجين رغم كونه يمثل ثروة طائلة لغلاء التمر في تلك السنة.
وقد أراد الأخ منديل بن محمد الفهيد صاحب برنامج (من البادية) في الإذاعة السعودية أن يذيع هذه القصيدة ولكنه لم يحصل منها إلَّا على ثلاثة أبيات هي:
أنا قصير محمد هو ومنصور
…
دفع البلا لبلادهم يبذلون
من طلعة النجمة إلى قدة النور
…
وصحونهم بإيمانهم يطعمون
لي قيل: خفوا جا مع السوق طابور
…
عجز وشيبان سواة الشنون
وقدم لها منديل الفهيد بيتين من نظمه هما:
وقت جرى جوع به السعر محصور
…
بات القصا من قلِّ ما ياجدون
فازوا به اللي قدموا كل ميسور
…
مثل الشريدة شنْ تَشوفه عُيوني
ونظم علي بن عبد الله المعارك أربعة أبيات ألحقها بها هي:
إبراهيم مع يحيى تمالوا على الشور
…
من افتقر بأموالهم يرفدون
مستورة لو به جمال من الحور
…
عِطْيَتْ خفَا ما ينظر بالعيون
بيع على المولى يضاعف وماجور
…
لعلهم في بيعهم يربحون
الله يعوضهم بجنات وقصور
…
في دار فردوس بها ينعمون
وقد أوردت ما وصل إليَّ من القصيدة المذكورة في رسم (الشريدة) من حرف الشين.
مما قال أبو علوان في النخل والتمر:
لعل من لامني بالتمر فسقان
…
لعلَّ روحه مع الكفار محشوره
ما زال أنا أحبها الصبح واحيه مسيان
…
والحب الأصغر إلى شفتها بكافوره
والحب الأكبر إلى شفتها بالاعيان
…
شروا جياخ على العسبان منشوره (1)
إلى بغي مكتبة ضحك وقهواني
…
والي شكل ذمتي لقاك صرصوره (2)
رجليه ملس ورجلي تقل شعبان
…
من فجري الما على الحيطان بفجوره
عشاه قرص مع جنوب خرقان
…
وعشاي لب القرع ما هيب محزوره
وشعر ناصر أبو علوان كثير وجيد ولكنه ضاع كما ضاعت أشعار غيره التي طمرها النسيان، وقلة الاهتمام بها.
ومنهم محمد بن عبد الله ابن الشاعر ناصر العلوان كان يغسل الموتى،
(1) جياخ: جمع جوخه وهي قماش أحمر فاخر.
(2)
يشير للتاجر الذي يستدين منه.
يجهزهم محتسبًا من دون أجر ويصلي عليهم ويساعد على دفنهم وبقي أربعين سنة في هذا العمل الخيري.
وقد توفي في أول شهر جمادى الأولى من عام 1427 هـ.
فصلى عليه بجامع الونيان المسمى (جامع الإمام محمد بن عبد الوهاب) بعد صلاة الظهر، وقد امتلأ الجامع والأسواق التي حوله بالمصلين عليه وقيست المسافة التي وقفت فيها سيارات المصلين فبلغ طولها أكثر من كيلو واحد من كل جهة.
ولم ير الناس مثل جنازته هذه منذ عهد طويل، مع أنه ليس قاضيًا ولا حتى طالب علم، وإنما هو عامل محتسب.
وهو حفيد الشاعر ناصر أبو علوان.
ومنهم أحمد بن ناصر العلوان تخرج من كلية اللغة العربية في القصيم سنة 1403 هـ وهو الآن مدرس في المعهد العلمي في بريدة.
وله حلقات تدريس في المسجد.
وهو حجة في اللغة العربية والنحو قليل النظير فيهما.
ومن متأخري (العلوان) الشيخ سليمان بن ناصر العلوان رغم صغر سنه فإنه آية في معرفة الحديث وعلومه ورجاله، أي رجال الحديث، يحفظ متون الأحاديث وأحيانا يحفظ معها أسانيدها.
وقد عرف بذلك حتى صار مرجعًا فيه، مع أنه لم يقبل أية وظيفة حكومية ولا أشك أنه لو كان في زمن سابق لعُدَّ من رجال الحديث الذين ينوه المؤرخون بذكرهم، ويثنون عليهم.