الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من وثائق العدوان:
من وثائق العدوان هذه التي يحل الدين فيها طلوع شعبان من سنة 1258 هـ.
وتتضمن إقرارًا من عبد الله آل محمد بأن عنده في ذمته لعيال حمد آل عدوان ثمانية عشر ريالًا وأربعين تفليسية.
والريال معروف أنه المسمى فرانسى وأحد الفرانسة وليس منسوبًا إلى فرنسا، بل إنه نمساوي كان يسمى ريال ماري تريزا.
والتفليسية هي ربع البيشلية وكلاهما نقد نحاسي تركي، والبشلية كانت للريال الفرانسي بمثابة القرش لريالنا.
ويحل أجل هذه النقود لأنها دين في نهاية شعبان سنة 1258 هـ.
والشاهد عبد الكريم بن طويان.
والكاتب سليمان آل مبارك وهو العمري والد جد الشيخ صالح بن سليمان العمري أول مدير للتعليم في القصيم.
وهذه الورقة التي يحل الدين فيها عام 1266 هـ وقد كتبت قبل ذلك بطبيعة الحال.
وهي مداينة أو لنقل إنها - أيضًا - إقرار بدين وهو خمسة وثلاثون ريالًا، يحل أجل الوفاء بها في جمادى الثانية سنة 1266 هـ.
وذلك أي المداينة عن يد وكيل والدي حمد العدوان، أحمد آل عبد الله بن حميدة.
والشاهد: صالح الجاسر من أسرة الجاسر الشهيرة في بريدة، والظاهر أن والد الشاهد هو رأس الأسرة وهو (جاسر بن منصور الدهيم).
والكاتب: لبيدان بن محمد وهو كاتب ثقة حسن الخط.
وهذه وثيقة هبة من رقية بنت عبد الله بن عبدوان لبنات بنتها مضاوي. والوثيقة مهمة ولطيفة لذا سوف أورد نصها بحروف الطباعة:
"الحمد لله وحده
لقد أقرت رقية بنت عبد الله بن عبدوان في حال جواز إقرارها شرعًا وفي صحة من عقلها وبدنها بأنها قد وهبت بنات بنتها مضاوي سدسها من أخيهن عبد الله العبد العزيز من الدار ومن النخل الذي انتقل إليه من إرثه من أبيه عبد العزيز آل محمد.
والبنات المذكورات: بريدة، وطرفة، وهيا ومنيرة، وقبلت لهن أختهن بريدة الهبة، وأذنت لهن رقية بالقبض.
شهد على ذلك عبد العزيز بن عبد الرحمن بن حنيشل، وكتبه وشهد به عبد الرحمن بن حنيشل، وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.
وهي وثيقة ثمينة ولكنها لم تؤرخ، ومن ذلك أنها ذكرت اسم (بريدة) وهي من أسماء النساء في ذلك الزمان، وهي على اسم مدينة بريدة، ولا ندري ما إذا كان ذلك حدث مصادفة، أو كان المقصود في الأصل تسمية البنت باسم البلدة، لأن اسم بريدة شائع عندهم في أسماء النساء.
ووجدت ورقة فيها قسمة ريع (أبو خشبة) وهو قليب أي بئر تزرع حبوبًا في الشتاء كالقمح واللقيمي والشعير، كما تزرع قيظًا بالذرة والدخن، وهذا في العادة.
و(أبو خشبة) هذا كان من ممتلكات عبد الله العدوان ولم تذكر صفته أهو الأمير عبد الله بن عبدوان الذي هو عبد الله بن عبد العزيز العدوان أم غيره.
ولكنني أوردت ذلك لبيان أهمية مثل هذه الحبوب، وكثرة المستحقين لها من الوارثين أو وارثيهم.
وتقسيم الريع هو على الزوجة والبنات والمفهوم أنهن زوجة عبد الله العدوان وبناته.
وقد نقلها صديقنا الأستاذ سليمان بن عبد الله الرواف في 28/ 5 سنة 1410 هـ.
ونعود إلى ذكر عبد الله بن عبدوان، فنقول نقلًا عن المؤرخين:
فلما كان في صفر عام 1276 هـ. قام رجال من آل أبو عليان على عبد الله بن عبد العزيز بن عبدوان المذكور، فقتلوه، فلما بلغ الإمام فيصل الخبر، جعل في بريدة أميرًا، محمد آل غانم، وهو من الذي قتلوا عبد الله بن عبد العزيز بن عبدوان، ثم إن الإمام فيصل، أطلق عبد العزيز آل محمد من الحبس، واستعمله أميرًا في بريدة، وأخذ عليه العهد والميثاق على السمع والطاعة، فسار عبد العزيز آل محمد من الرياض إلى بريدة، وذلك في جمادى الأول سنة 1276 هـ.
ومن العدوان: عبد العزيز بن عبد الله العدوان الملقب (أبو خشرم)، كان صديقًا حميمًا لوالدي لذلك عرفت (أبو خشرم) هذا في وقت مبكر بالنسبة إلى معرفتي له وأمثاله، قال والدي وأنا طفل صغير عمري ثمان سنين: نبي نروح لأبو خشرم.
فقلت له: وين هوبه؟
فقال: بمكان بعيد لا بد نمشي له كثير.
وكان ذلك بالفعل، إذ سرنا بعد صلاة الفجر مباشرة على أقدامنا ولم يكن معنا من الاستعداد للسفر إلَّا عصا غليظة أخذها والدي، ولم يكن يأخذ العصا في الأحوال المعتادة، ولم يكن يحتاج إليها في الاتكاء لأنه كان لا يزال نشيطًا رغم بلوغه سن الثانية والستين في تلك السنة وهي عام 1353 هـ.
ولما سألته عن العصا لماذا يأخذها قال لي ممازحًا: من أجل أن نضرب بها الكلب اللي يجي لمنا يبي يعضنا، واقتنعت من كلامه وإن كنت عرفت بعد ذلك أنه وأمثاله ممن يخرجون إلى البر يأخذون العصا لا من أجل الكلاب لأنها لا تهاجمهم، وهم لا يذهبون إلى مكان هي فيه، وإنما من أجل أن يقتلوا ما قد يعترضهم من هوام الصحراء كالعقارب والحيات.
وأخذ والدي معه مؤونة السفر حبًّا من حبوب القهوة وضعها في مخباته ومخباته على صدره وليست في الجنب من ثوبه وأخذ هيلًا صره في طرف شماغه بهارًا للقهوة وأخذ يبيسًا من السكري ليس فيه دبس ويخيل إليَّ أنه أخذ قرصًا أو أقراصًا من الكليجا لنا ولست متأكدًا من ذلك.
وأهم من ذلك أنه أكد عليَّ أن آخذ (نعالي) وهي صغيرة ذاكرًا أنها لا بد منها عن الشوك والحصا الصغار.
سرنا وأنا أشعر بسعادة بالغة حتى وصلنا (أبو خشرم) في مكان له كالفلاحة الصغيرة في (الجريه) وقد عرف مكانه بعد ذلك بمكان الخشرم، حيث بيعت أرضه واتخذت استراحات.
ولم يكن في طريقنا إليه أي أثر من آثار الحياة، إذ كان خروجنا من باب العقدة وهي السور الشمالي حيث بيتنا قريب منه حتى وصلنا (جفر الحمد) التي فيها الآن مقر بلدية بريدة، ثم اتجهنا شمالًا وعطفنا يسارًا حتى وصلنا محل أبو خشرم.
وجدنا الرجل جالسًا في حظار وسط الفلاحة وهذا فيه شيء من التجوز لأنه لم يكن يعتمد على نتيجة من المحصول لأن ذلك يتطلب عملًا كثيرًا وعمالًا وإنما كان يعتمد على غنمات له ولغيره ممن يعطونه غنمهم لترعى عنده، ويعطونه مقابل ذلك أجرة سنوية هي ريال أو نصف ريال على كل رأس من الغنم.
وقد سر الرجل غاية السرور بدخول والدي عليه وهو صديقه الحميم من دون موعد سابق ويخيل إليَّ أنه بكى من الفرح، لأنه كان إذا دخل إلى بريدة زار والدي ولكنه الآن مقعد لا يستطيع النهوض وصار يشير إلى ساقيه ويقول لوالدي: جاهن أمر من الله، وصارن كأنهن ماهن معي.
كان أول ما فعله بعد السلام أن أوقد النار في الوجار داخل الحظار، وكان كل شيء في جسمه طبيعيًا فكان يعمل إذا جلس وكانما ليس به بأس، ثم
وضع المحماسة التي تحمس بها حبوب القهوة على النار فأخرج والدي حب البن الذي هو حبوب القهوة التي معه ووضعها في المحماسة، فقال أبو خشرم عند ذلك: يا الله كتر خيره.
وتلك عادة عندهم متعارف عليها أن الرجل إذا كان ذا بال ممن يشره عليهم إذا زار صديقًا له أو قريبًا منه في خارج المدينة أن يحمل معه حبوبًا من القهوة وبهارها من الهيل، وذلك لكون الذي يزوره لا يخلو من أمرين في بعض الأحيان، إما أن لا تكون لديه قدرة مالية على شراء القهوة والهيل، أو أن تكون لديه ولكن المدينة بعيدة منه لا يستطيع أن يرسل إليها من يحضرها منها قبل وقت طويل تفوت مناسبتها، ولا يرون في ذلك بأسًا، وقد رأيت والدي فعله مع أناس عديدين من أهل الخبوب.
ثم أخرج والدي الهيل من طرف شماغه ووضعه في فنجال كبير.
جلس الرجلان يتحدثان حديثًا لا أفهمه في ذلك الوقت لصغر سني مما حمل أبو خشرم على أن ينادي ابنه عدوان، قائلًا: رح يا وليدي بالحميدي - يقصدني وهي تصغير محمد كما هو معروف - دوِّر له جربوع يلعب عليه.
صدع عدوان بالامر فأخذ عصا من أثلة عندهم وأخذ معه خرقة وذهبنا الصحراء القريبة منهم فصار يغرز طرف العصا في الأرض أكثر من مرة حتى قال في إحداها: هذا هو الجربوع، وكان بذلك يبحث عن قصعة الجربوع وهي التي يخرج منها إذا هاجمه عدو له من جهة مدخل بيته الذي حفره.
فأعطاني عدوان العصا ووضع على المكان الذي اختاره الخرقة، وقال لي: أدخل العصا في جحر الجربوع وكرر ذلك ففعلت، وإذا بالجربوع يقفز تحت الثوب ظنًّا منه أنه ليس فيه شيء، وأنه سيهرب مثلما كان يفعل في الظروف المعتادة.
ولكن عدوان أمسك به من وراء الخرقة ثم أخذه بيده وأسرع بكسر إحدى رجليه، فصار الجربوع ينقز أي يقفز على رجل واحدة ولذا لا يستطيع البعد عنا، وأخذت الجربوع بنشوة وفرح، إلى أن لاحظ أبو خشرم أنني قد مللت منه فأمر ابنه عدوان أن يذبحه ويشويه لي.
لا أدري بالطبع ماذا قال والدي وصديقه أبو خشرم ولا أذكر بالضبط ماذا قدموا في الغداء وظني أنهم قدموا تمرًا ومراصيع ولبنًا.
وبعد العصر ودعهم والدي ورجعنا إلى بريدة.
والواقع أن والدي لم يقل لي ولا بعد ذلك أن (أبو خشرم) هو ابن أمير بريدة السابق عبد الله بن عبدوان ولا أنه من آل أبو عليان رغم معرفته بذلك، وإنما ذكر لي أنه صديقه وأنه صار لا يستطيع أن يراه في بريدة فذهب الزيارته ولا شك أنه لا يضع اعتبارًا لمثل هذه الأمور لدى طفل صغير.
وبعد مضي نحو السنتين بلغتنا وفاة أبو خشرم في (الحظار) نفسه الذي وجدناه فيه، وقد علا وجه والدي الآسى لذلك ثم صار ابنه عدوان يوضح له ما حصل لوالده رحمه الله.
فقال: كان والدي في الحظار الذي تعرفه وهو كالمنزل من عسبان النخل وخوصها مدعمًا بأخشاب من خشب الأثل، وكان داخل ذلك الحظار كما رأيته أنا قبل ذلك وجار يسوي فيه القهوة ومرة كان (أبو خشرم) يسوي القهوة على نار من الحطب الذي كان خفيفًا لأن فيه سعفًا وجذامير وهو أصول عسبان النخل هبت ريح قوية فأطارت شرارة من النار على جانب الحظار الذي هو فيه، فاشتعلت النار بالحظار وكان أبو خشرم مقعدًا لا يستطيع السير، فلم يستطع الهرب من النار، ولم يكن بقربه أحد، فمات ولا أدري أذلك من حرق النار أم كان موته اختناقًا من دخانها رحمه الله وحشره في زمرة الشهداء لأن الميت
حرقًا مثل الميت غرقًا من الشهداء كما في الأثر.
وكانت وفاته في عام 1355 هـ. وقد عمر 80 سنة.
وذكر لي أحد أقاربه أن وفاته كانت في رجب عام 1354 هـ.
ويعتبر عبد العزيز بن عبدوان هذا من أرقى آل أبو عليان الموجودين نسبًا بمعنى أنه أقرب الموجودين من آل أبو عليان كلهم إلى عهد حجيلان بن حمد أمير بريدة.
وهم من جناح الدريبي من بني عليان الذي كانوا ينازعون آل حسن الإمارة ويتقاتلون معهم.
ولقبه أبو خشرم لأنه كان يلعب وهو طفل بحصاة مخشرمة.
فقال: هذي ولدي هالمخشرمة، فسمي (أبو خشرم).
ولعبد العزيز بن عبدوان (أبو خشرم) قصة مع ابنة له كانت عندهم وهم في محلهم المعروف بأبو خشرم في الشمال الغربي من بريدة فتزوجها رجل في فلاحة من أبناء عمهم البعيدين آل أبو عليان، وكانوا أهل فلاحة وعمل كثير، فكانت لا تجد وقتًا للراحة في النهار وأطراف الليل، فذهبت إلى أهلها وشكت كثرة العمل عند أهل زوجها، وكونها لا تستريح مع صعوبته، فسكت والدها وقال لأمها: أنا أبي أروح لبريدة أنا وولدي عدوان وشوفي خليَّ فلانة - يعني تلك البنت - تسرح بالغنم ولا تعطيها نعال ولا طعام.
ولا بد لها من ذلك لأنهم عندهم غنم كانوا يتولى رعايتها الأب وابنه عدوان.
ففعلت وأكل الشوك والحصا رجلها وهدها التعب وفي اليوم الثالث قالت لأهلها: أنا أبي أرجع لأهل رجلي.