الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وصية عمر العليط:
أوصى عمر بن محمد العليط بوصية تدل على ثرائه الكبير، وعلى معرفته بحاجة أهل زمنه إلى بعض الاشياء وهي مكتوبة بخط واضح هو خط العلامة الشيخ محمد بن عمر بن سليم وزاد عمر العليط على ذلك بأن وكل الشيخ محمد بن عمر على تنفيذ وصيته.
وقد كتبت الوصية بتاريخ 4 ذي القعدة من عام 1283 هـ. وفي اليوم الخامس من الشهر نفسه أي بعد يوم واحد من كتابتها عهد بتنفيذها إلى الشيخ محمد بن عمر بن سليم بخط غير خطها كتبه عبد الله بن شومر، الذي مر ذكره في حرف الشين.
ونصها:
"يعلم من يراه بأن عمر المحمد العليط وكل محمد العمر بن سليم على تنفيذ هذه الوصية وغيرها بعد موته إلى ما يبين الصالح من الذرية، فإن لم يبن صلاح أحد منهم فلا ولاية، ومحمد ناظر عليهم ولو كانوا أهلًا، وذلك في يوم خامس من شهر ذي القعدة من سنة 1283 هـ شهد على ذلك محمد اليحيا وشهد به كاتبه عبد الله بن شومر".
وبعد ذلك بيوم واحد وهو السادس من شهر ذي القعدة عام 1283 هـ وكل عمر العليط الشيخ محمد بن عمر بن سليم على جميع تركته بعد موته، وتنفيذ وصيته وقبض الذي له من دين وغيره وكالة مطلقة وأوصى عمر العليط لمحمد العمر آل سليم بعُشر جميع تركته من نقد وغيره سوى العقار شهد على ذلك عبد الرحمن بن محمد الجربوع وكتبه شاهدا بما فيه صعب بن عبد الله التويجري.
وقد صدق القاضي الشيخ محمد بن عبد الله بن سليم على تلك الوصية بعد وفاة عمر العليط الذي لم يعمر بعد ذلك إلا أشهرًا حيث توفي في 14 جمادي الأولى سنة 1284 هـ.
ونص التصديق:
"الحمد لله حق حمده
هذه الوصية لمحمد بن عمر بن سليم لازمة لقبوله إياها بعد موت الموصي في 14 جمادى الأولى سنة 1284 هـ قال ذلك كاتبه محمد بن عبد الله بن سليم، وصلى الله على محمد وآله وصحبه أجمعين، ثم ختم القاضي".
فهذه المكاتبات كلها بخطوط علماء وهم الشيخ محمد بن عمر بن سليم والشيخ صعب بن عبد الله التويجري والشيخ محمد بن عبد الله بن سليم أو بخط طالب علم وإمام مسجد وهو عبد الله بن شومر.
ولذلك لا يحتاج إلى نقلها لحروف الطباعة وإنما عرضنا صورها، ويجب هنا أن نعلق على ما فيها مما يحتاج إلى تعليق:
فنقول: أوصى بالمقطر القبلي من مكانه بالعجيبة.
فالمقطر هو الصف من النخل الذي يشرب من ساق واحد وقوله بالعجيبة يريد بذلك أن ملكه في العجيبة الواقع في غرب بريدة القديمة ملاصقًا لها، وكانت فيها أماكن وحوائط من النخل المزدهر، وعندما عقلت الأمور لم يكن فيها إلا ثلاثة حيطان، أو لها لابن غيثار وهو الجنوبي وقد آل إلى الوجيه الثري عبد الرحمن بن حمد الخضير الذي أجرى في مائه عينًا عذبة، أوصلها بأنابيب إلى البيوت الواقعة في غرب بريدة وشمالها مجانًا، ودون تفريق.
والثاني حائط ملك من النخل لعم والدي إبراهيم بن عبد الكريم العبودي، وقد آل إلى ابنه عبد الكريم فقسمه بيوتًا باعها وبني في أرضه مسجدًا بنفقته عرف بمسجد العبودي.
وهو الأوسط من أملاك العجيبة التي أدركناها، والثالث وهو الشمالي منها
كان ملكًا لأبو وادي الأسرة التي ذكرناها في حرف الألف، ولكني عندما عرفته في أول حياتي لم يكن فيه نخل وإنما أثل وآثار نخل يعرف بملك أبو وادي حتى إن ممر الرمل الذي يصعد من الخب الذي فيه بريدة القديمة إلى ما كان عنه غربًا كان يسمى (جادول أبو وادي)، والجادول هو الطريق في النفود.
ويجب أن نذكر أن الوجيه العمراني عبد العزيز بن الشيخ الشهير عبد الله بن عبد الرحمن أبابطين الذي كان الإمام فيصل بن تركي رحمه الله عينه في بيت مال القصيم قد سكن بريدة، فحفر بئرا، وغرس نخلا في النفود الذي خلف العجيبة من جهة الغرب، واشترى الملك الذي آل إلى عمر العليط وهو المذكور هنا.
وأما الآن فإن كل العجيبة وما كان عنها جهة الغرب قد صار بيوتًا وشوارع، ودارات (فيلات)، ولم تكلف بلدية بريدة نفسها ولا غيرها بكتابة تاريخه، لذلك حرصت أن أورد فذلكات أو قل: إنها فقرات من ذلك في كتابي (معجم بلاد القصيم) كما أحببت أن أذكر في هذا الكتاب إشارات لذلك.
وقوله في الوصية: وهو أي المقطر متخالف على ساقي الأصبع، هذا لا يفهمه الجيل الجديد من القراء الذين بعد عهدهم، بل عهد أبائهم بالنخيل ومصطلحاتها فنقول: إن مقطر النخل وهو الصف منها يكون غرسه على طريقتين الأولى وهو الأكثر والأشهر تكون على ما ذكر هنا نخلها متخالف على الأصبع الذي هو الساقي بمعنى الجدول، أو القناة الصغيرة متفرعة من ساق أكبر.
وذلك بأن تغرس نخلة على يمين الساقي - مثلًا - ثم تغرس الأخرى على يسار الساقي بعد مسامتتها بقليل بحيث لا تضايقها، ثم بعد مسافة أخرى قليلة تغرس نخلة جهة اليمين ولكن الجهة اليسرى المقابلة لها من الساقي تكون خالية وهكذا.
وذلك لكي تحصل النخلة على ما تحتاج إليه من الشمس والهواء بل والماء من جهات أربع.
والطريقة الثانية أن يغرس النخل صفًّا مستقيمًا واحدة خلف الأخرى، ولابد أن تكون الأبعاد بين النخلة والتي تليها كافية لحصول النخلة على الشمس والهواء وذلك أنه إذا فرض أن الساقي الذي عليه مقطر النخل يمتد جهة الغرب والشرق فإن النخل فيه لا يستطيع الحصول على الشمس والهواء من دون مضايقة من النخلة الأخرى إلا من جهة الشمال والجنوب.
والغالب أن تكون (مقاطر) النخل على الطريقة الأولى من النخل الكثير وعلى الثانية إذا كان عدد النخل في الحائط ليس كثيرًا.
ثم ذكر أن مصرف المقطر هذا سدس أصله، والأصل سبق أن عرفناه فيما أذكر، وأنه هو نصيب صاحب النخل، بمعني مالكه بخلاف العمارة التي هي نصيب الفلاح الذي يقوم على ذلك النخل فيقول: إن سدس مصرفه لمحمد الحمد العليط يأكله مدة حياته فقط، بمعنى أنه لا يرثه وارثه بعد موته.
وسدس أصله الآخر مصرفه لمحمد آل يحيى وهو أخو الموصي عمر العليط لأمه، وبعد موته يصرف لذريته أي ذرية محمد اليحيى، وربما كان ذلك لمعرفة الموصي بأنهم في حاجة إلى ذلك.
وينبغي أن نلاحظ أنه قال لذريته ما تناسلوا ذكورهم وإناثهم واحد، أي إن البنت لها نصيب منه مساوٍ لنصيب الرجل، وهذه طريقة حميدة كان يلجأ إليها أصحاب الأوقاف والوصايا معللين ذلك بأن المرأة تكون في بعض الأحيان أكثر حاجة من الرجل لمثل تلك المبالغ القليلة، لأن الرجل يتكسب، أو يقدر على ذلك والمرأة لا تتكسب مع أنها معرضة في تلك الأزمان للحاجة لأن زوجها أو أباها أو حتى أخاها الذي قد يكون متكفلًا بمعيشتها قد يحدث له حادث فتحتاج إلى من يقدم لها طعامها، وقد يكون معها أطفال يحتاجون أيضًا إلى مثل ذلك.