الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أما أخوهم الأصغر أحمد فإنه كان من القلائل الذين ربما لا يزيدون على واحد أو اثنين ممن كانوا في سوق بريدة الرئيسي يوم أن لم يكن هناك سوق غيره، ثم بقي فيه بعد أن انحسرت عن السوق قوة البيع والشراء بسبب وجود آلاف الدكاكين وعشرات المراكز التجارية في بريدة.
ثم عادت إلى السوق بعض البضائع وكان فيه لم يزل منذ 60 سنة في هذا العام 1425 هـ وعمره 89 سنة.
ثم استمر في دكانه حتى بلغ التسعين في عام 1327 هـ. ولكنه مرض وتركه.
ومن المعاصرين من (العضيب) وهو من الشخصيات البارزة في الميدان الثقافي والاقتصادي في بريدة من وجهائها المعروفين.
موسى بن عبد الله بن موسى بن عبد الله بن موسى الزيد
.
ولد موسى العبد الله العضيب في أول عام 1345 هـ في مدينة بريدة وأمه نورة بنت عبد الله الغصن من آل سالم الذين تنتمي إليهم أسرته، ولكن الأسرة كبيرة بحيث إنّ أجداد والده وأجداد أمه لا يلتقون في الأسرة إلَّا بعد عدد كبير من الآباء.
وكان موظفًا في وظيفة جيدة في الظهران فتركها ورضي بوظيفة كاتب عندنا في معهد بريدة العلمي عندما كنت أتولى إدارته، وذلك إرضاء لوالده الذي كان رغب إليه أن يبقى قريبًا منه لأنه كان أكبر أبنائه الموجودين.
ثم ترقى في وظائف المعهد العلمي حتى صار مديرًا له لعدة سنوات وعندما نقل نقلًا فيه ترفيع إلى وظيفة مفتش في المعاهد العلمية رفض الانتقال من بريدة إلى الرياض لئلا يبعد عن والده الذي كان قد تقدمت به السن فاستقال من الوظيفة الحكومية واشتغل بالأعمال الحرة وبخاصة تجارة الأراضي والعقار فنجح فيها نجاحا باهرا ووفق توفيقا عظيما فحصل على ثروة طائلة وكان أحد المؤسسين لشركة أسمنت القصيم.
توفي موسى بن عبد الله العضيب يوم الاثنين 23/ 6/ 1417 هـ بعد جلطة في القلب أدخل على أثرها المستشفى التخصصي في بريدة فاهتم به أمير القصيم فيصل بن بندر بن عبد العزيز وطلب فريقا طبيا من المستشفى التخصصي في الرياض أرقى مستشفيات المملكة، فجاء الفريق على طائرة خاصة وكشف عليه، ثم عاد بالطائرة وجاء مرة أخرى من الرياض وكان أمير القصيم يتصل بمدير المستشفى اتصالا مستمرا يسأل عن صحته ويحرصه على العناية به وذلك لمكانته عنده وعند غيره من أبناء البلد، ولكن كان نفذ حكم القضاء فيه وتوفي، وقد دفن يوم الثلاثاء 24/ 6/ 1417 هـ بمقبرة (الموطأ) في بريدة بعد أن صلى عليه في جامع بريدة الكبير فامتلأ المسجد بالمصلين يتقدمهم أمير القصيم والمشايخ، كما صلي عليه في المقبرة ثلاث مرات من جماعات من النّاس لم يدركوا الصلاة عليه في المسجد.
وعندما علمت بوفاته جئت من مكة إلى بريدة على الطائرة الوحيدة في مساء ذلك اليوم فوصلت في الثامنة مساء وقصدت منزله فوجدته غاصًا بالمعزين من أصدقائه وغيرهم، وقد حضر إلى بيته لتعزية أبنائه الأمير فيصل بن بندر أمير القصيم وكنت عنده فعزاهم جميعًا ولبث فترة يحدثهم ويحدثنا كما حضرت زوجة الأمير إلى بيته لتعزية نسائه وبناته.
وقد توفي موسى العضيب عن 72 سنة أما والده فقد عمر 98 سنة وأما أمه فإنها تجاوزت المائة سنة، ولا تزال على قيد الحياة بعد موته.
ثم توفيت في أول عام 1419 هـ عن 108 سنوات وخلَّف موسى العضيب عشرة أبناء واثنتي عشرة بنتًا وثلاث زوجات.
وقد رثته الصحف والأفراد والأسر فكان من ذلك شركة أسمنت القصيم الذي كان يتولى رئاستها سنوات طويلة باسم نائب رئيس مجلس الإدارة وهو
بمثابة رئيس مجلس الإدارة الفعلي لأن رئيس مجلس الإدارة هو الأمير محمد بن عبد الله الفيصل آل سعود قلما يتفرغ لها.
والكلية التقنية في القصيم لأنه عضو في مجلس إدارتها ومؤسسة اليمامة الصحفية باسمها واسم أسرة تحرير جريدة الرياض ومجلة اليمامة، وجريدة رياض ديلي وكتاب الرياض، ووصفته بأنه نائب رئيس مجلس إدارة شركة أسمنت القصيم، وأحد أعيان مدينة بريدة وعضو مجلس إدارة جمعية البر الخيرية في بريدة.
وقد نشرت هذه التعزية في جريدة الرياض بعددها 10363 الصادر بتاريخ الخميس 26 جمادى الآخرة 1417 هـ 7 نوفمبر 1996 م.
وقد كان موته فجيعة للجميع لما يتحلى به من أخلاق رفيعة ومحبة للخير ومكانة في المجتمع.
وقد أسهم وأنشأ عددًا من المشروعات الخيرية منها دار لتجهيز الأموات في بريدة بكل ما يلزمها لذلك.
كما كان معروفًا بسخائه في الإنفاق على الفقراء والمحتاجين من ذوي قرباه.
عزائي يا بريدة:
قيلت في رثاء الشيخ موسى بن عبد الله العضيب أحد أعيان مدينة بريدة رحمه الله:
نعى الناعي إليَّ الشيخ موسى
…
فقلت نعيت لي الرجل الأريبا
وافزعني رحيل أبي علي
…
وكان العهد متصلًا قريبًا
واسترجعت للرحمن إنا
…
له وإليه نوشك أن نؤوبا
وودعت القصيم أبا علي
…
وكان الخطب حينئذ عصيبا
ووارته الجموع ثرى الموطا
…
وعم الحزن شبانًا وشيبا
فلم تر منهموا إلا كئيبًا
…
ولست بسامع إلا نحيبا
بكاه الكل للاحسان حقًّا
…
فذو الإحسان يمتلك القلوبا
عزائي يا "بريدة" في فقيد
…
فقدت به الفتى البر النجيبا
وصبرًا آل موسى، إنّ موسى
…
سيلقى الخير موفورًا نصيبًا
فمن يعمل من الخيرات يجزي
…
وعند الله فعل لن يخيبا
ورثاه الأستاذ الشاعر المقيطيب، فقال:
بسم الله الرحمن الرحيم
كل نفس ذائقة الموت، لقد نعت بريدة يوم الاثنين الموافق 23/ 6/ 1417 هـ ابنًا من أبنائها البررة ووجيهًا من وجهائها إنّه الشيخ موسى بن عبد الله العضيب، فهو فقيد البلد وفقيد الفقراء والمساكين، وفقيد القرابة والمعوزين، ونديم الأصدقاء، فقد المجتمع إنسانا كريما متواضعا سخر نفسه لخدمة بلده ومد يده طويلة للبذل والعطاء، وكان عضوًا فاعلًا في جميع المجالات الخيرية وما زاده ذلك إلا تواضعًا ولا تكاد تراه إلا مبتسمًا عرف بالاستقامة والرجولة الأصيلة فهو فقيد لا يعوض ووجيه لا تسد ثغرته، ترك فراغًا في المجالات الخيرية واشتهر بالكرم وحسن الخلق، فإنا لله وإنا إليه راجعون.
وإليك أخي القارئ أبياتًا قلتها تأبينًا للفقيد:
ترحلت يا موسى وهذا مصيرنا
…
وكلّ وإن طال الزمان سيلقاه
دفناك يا الغالي ولا ثم حيلة
…
ولو يفتدي الغالي بمال فديناه
ولكن موسى في الحياة وديعة
…
دعاه إلى دار الكرامة مولاه
لقد كان برًا بالقريب وغيره
…
إلى جنة الفردوس يا رب مثواه
وقد ودع النّاس الفقيد عشية
…
وعادوا بكاءً: كيف موسى تركناه
ألا فاصبروا آل العضيب تجلدًا
…
فشطر من الأحزان عنكم حملناه
وقد طبت نفسًا من عزيز بنظرة
…
وما خلت أني بعدها سوف ألقاه
أرى الموت للأخيار يأخذ بغتة
…
ولم يمهل الإنسان ينهي قضاياه
تبوأت يا موسى من النّاس منزلًا
…
يشق وإن غبت على النّاس تنساه
فقدنا وجيهًا يشكر النّاس سعيه
…
فقدنا سخيًا تبذل المال يمناه
أيا قبر واريت الكريم وإنه
…
سيحكي له التاريخ فضلًا عرفناه
سيبكيه أولاد وتبكيه أمه
…
كذا قصره يبكي عليه وينعاه
ويبكيه مسكين وينعاه معدم
…
فيا رب عوضنا كريمًا فقدناه
ستلقونه إن شاء ربي منعمًا
…
لقد كان في الدنيا شكورًا فأرضاه
لئن فارق الدنيا فإن فعاله
…
ستبقيه حيًّا يعشق النّاس ذكراه
عرفناك يا موسى وفيًا وخيرًا
…
وكلِّ غداة العرض يجزي بحسناه
ترفعت عن كل الدنايا تنزهًا
…
فلم يلتحف يومًا سوى ثوب تقواه
كذا النّاس في الدنيا شهود على الوري
…
يقولون عنا كل شيء فعلناه
فلن يظلم الإنسان مثقال ذرة
…
فيا رب ضاعف أجره حين يجزاه
وصلوا على خير البرية كلهم
…
على أحسن الأخلاق كانت سجاياه
ذكر الأستاذ محمد بن عثمان القاضي في الجزء الثالث من كتابه وفاة الأستاذ موسى بن عبد الله العضيب في شهر جمادى الآخرة سنة 1417 هـ؛ ولكنه غلط غلط واضحًا بقوله: توفي في بريدة وهو أول مدير للمعهد العلمي فيها
…
(1).
وهذا غلط ظاهر فأول مدير المعهد العلمي في بريدة هو كاتب هذه السطور، افتتحه في أول عام 1373 هـ. وبقيت مديرًا له حتى عام 1380 هـ حيث نقلت إلى تأسيس الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة.
(1) روضة الناظرين، ج 3، ص 78.