الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
العْصَيْل:
أسرة أخرى صغيرة من أهل اللسيب.
منهم .... عصيل كان مشهورًا بصيد الضِّباع، وقنص الذئاب لتخليص الناس من شرها، وله في ذلك قصص وأخبار.
كنت وأنا صغير جدًّا رأيت ابن عصيل أو عصيلًا هذا الذي يصيد الضباع ولم أتحقق من اسمه غير ما ذكرت، وكان شيخًا كبيرًا ولكنه صديق لوالدي ولم أحق ما ذكره لصغر سني، ولكنه توفي وحدثني بعد ذلك والدي بحديثه، قال: كان غميس بريدة الذي يقع إلى الشمال من وادي الرمة غابات كثيفة من أشجار الغضا.
أقول حدثني أكثر من واحد من أهل تلك الناحية عن الغضا الموجود في الخميس المذكور منهم من حدثني عن راعي بقر لأهل القصيعة أنه يذهب للرعي في الغميس قال: ولا أستطيع أن أرى البقر لأنها تدخل بين شجر الغضا إلَّا إذا صعدت على غضاة كبيرة وأشرفت عليها من علوها.
قال ابن عصيل لوالدي: ومرة ذكرت لي ضبع تأتي إلى تلك المنطقة من مجحرتها، ومجحرة الضبع هي جحرها أو وجارها، كما يقول العرب القدماء ولا تكون في العادة إلَّا في جبل أو جال كالجبل.
قال رأيت جرتها مرة وكنت مستعدًا لصيدها معي بندقي التي أثق بها ومعي إلى ذلك سكين فيما لو هاجمتني بعد أن أصيبها بالبندق قال: وتتبعتها بين أشجار الغضا حتى صرت بحيث يصل إليها رصاص بندقي وأطلقت عليها النار فوقعت على الأرض.
قال: وأنا أعرف طبيعة الضبع فأنا أصبتها بصفة مؤكدة لأنها وقعت على
الأرض وعادتها أن تهرب من صوت البندق حتى تبتعد إذا كانت سليمة، ولكنها لا تزال قوية، وأنا خايف منها فتأخرت قليلًا عن الجهة التي هي فيه، وجهزت بندقي وأقبلت عليها فرأيت أنها لم تمت، ولكنها مصابة فأسرعت بعد أن أقتربت أطلق عليها النار فوقعت متمددة على الأرض كأنها ميتة.
قال: ومع ذلك لم أتق بها فأخذت عباءة معي كنت أعددتها لمثل هذه الحالة ولفيتها على بطني حذرا من أن تمس بطني فتمزقه، قال: ووضعت شماغي على يدي اليمنى.
وأردت أن أخذها وقد بدا لي أنها قد ماتت بالفعل لأنها لم تتحرك عندما أقبلت عليها قال: ومعي السكين، أريد أن أذكيها بقطع رأسها، قال: وبينما أنا واقف أسرعت تلتقم طرف رجلي فصار وسط إبهام رجلي وما حوله في فمها، وأسرعت اطعنها بالسكين على قلبها ووثقت بأنها ماتت ولكنني من شدة ما بي وقعت كالمغشي عليه من شدة الألم ومن الدم الذي صار يخرج من قدمي.
قال: فأردت أن أفتح فمها لكي أخلص قدمي منه فلم أستطع فهي قد أطبقت عليه واشتبكت أسنانها فيه، وصرت كالمربوط بها، فلا أستطيع أن أتحرك لأنها ثقيلة وقد ماتت بالفعل، قال: وبينما أنا على هذه الحال وإذا برجل يأتي من بعيد وهو طويل الجسم وقوي أيضًا ففرحت به ولوحت له بشماغي، وأنا على الأرض فصحت به لما وصل وقلت له: من إحسانك عاوني على تخليص قدمي من فك الضبع.
قال: فلما رآني ورأى قدمي في فم الضبع هرب خائفًا ولم يكلمني كأنما ظن أن الضبع حي.
قال: وبعد فترة وأنا على غاية من التعب والألم رأيت على البعد رجلًا معه فاروع جاء يقطع به شجر الغضا، وهو قصير خلاف الأول وما أملت أنه يستطيع
أن يخلصني من الضبع، ومع ذلك أشرت إليه، فلما جاء أخبرته، فقال بحزم: أبشر بسعدك، ثم أدخل نصاب القاروع في آخر فم الضبع واتكأ عليه حتى ارتخى فمها وأخرجت رجلي، فلما نظرت إلى أصبعي الإبهام وقد تكسر وصار كأنه تمرة أغشي عليّ، فأسرع يحضر ماء من قربة معه صغيرة ورش علي ثم أوقد نارًا ووضع عليها خرقة وضع من رمادها الحار على إصبعي وحزمه وعاونني على أن أذهب إلى أهلي في الغماس أو قال اللسيب فحملوا الضبع.
قال: وقد سقط أصبعي وقد رأيته أنا المؤلف محمد العبودي قد سقط إبهام رجله ليس فيه إلَّا مكانه.
ومن العصيل الشاعر فرج العصيل ولا أدري أهو من هذه الأسرة، أم من أسرة غيرها، ولكنه ذكر في شعره أماكن في بريدة مثل (القويطير) على لفظ تصغير القاطور، وهو ما يتحلب من الجال الذي يقع إلى الشرق من الوطاة من جهة الشرق الشمالي من بريدة وقد أقيم عليه في السنوات الأخيرة مصنع أسمنت القصيم.
والقويطير ماء في عرض الجال الذي يشبه جانب الجبل ولذلك بحتاج من يريد أن يروي منه سواء بقربة أو غيرها أن يصعد مع الجبل ثم ينزل منه، وقد ذكرته في "معجم بلاد القصيم" حرف القاف.
قال فرج العصيل في القويطير المذكور، أنشدني إياها محمد بن علي الدخيل يخاطب شخصا اسمه مرزوق:
مرزوق وآشين درب بالقويطير
…
ما يصعده الطير ملموم الجناحين
وَلِّ يا مْزَيِّنه لا وفِّق الخير
…
وراه ما سهله ليما يجي زين
حتى مع ذلك دروبه عواسير
…
واللي نقل قربته يطقع ثلاثين