الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والجواب: إنها لم تعقم ولكنها صارت في الأزمنة الأخيرة تتعاطى حبوب منع الحمل - على حد المتعارف عليه في الإنجاب والعقم - وذلك يتمثل في كونها استبدلت الشعر بالفقه فانصرف أهلها إلى العلوم الدينية التي من أبرزها الفقه الذي به يتأهل المرء للقضاء والفتيا والفتيا منصب لا وجود له خاصًّا به، وإنما يقوم به القضاة، إلى ما قبل العصر الأخير، فخرَّجت بريدة في القرن الرابع عشر أكثر من مائة قاضٍ ولم تخرج فيه إلا شاعرين اثنين هما العوني والصغير، وبعدهما لم تخرج شعراء فطاحل، بل إنني أطلعت على أن عددًا من شعرائها انصرفوا عن الشعر بعد أن كانوا يقولونه وأتلفوا أشعارهم، زهدًا بها لزهد الناس بها وانصرافهم عنها.
وقد عَنَّ لي في فترة من الفترات أن أولف كتابًا أجعل عنوانه (الشعراء المحمدون الثلاثة) وهم أولئك الذين قدمت ذكرهم، ولكن عاقني عن ذلك عوائق منها اهتمامي بأمور المسلمين على مستوى العالم كله، حتى ألفت في الرحلات وأحوال المسلمين مائة وسبعة وسبعين كتابًا.
وما أحرى الباحثين بتأليف كتاب عن هؤلاء الشعراء الثلاثة يكون عنوانه ما ذكرته أو ما يقرب من ذلك.
بقية الكلام على محمد العرفج:
وبقية الكلام الذي ينبغي أن يقال هنا عن هذا الشاعر الأمير (محمد بن علي العرفج) قيل في ترجمته في فصل (أمراء آل أبو عليان) في الجزء الأول من هذا الكتاب ولكننا نذكر هنا فقط بأن وفاته كانت في عام 1258 هـ.
ومنهم (العرفجية) وهي: لؤلوة بنت عبد الرحمن العرفج، اشتهرت بأنها أخذت الثأر من قتلة ابنها عبد الله بن الأمير حجيلان بن حمد أمير القصيم.
وقد أسلفت القول في ذلك مفصلًا عند الكلام على (عبد الله بن حجيلان) في نطاق الكلام على أمراء آل أبي عليان من الجزء الأول.
وهناك عرفجية أخرى أخذت بثأر أبيها من قاتليه فقتلت منهم رجلًا أو أكثر وأصابت بعضهم بجروح في بستان لهم في الصباخ، وقد حصلت مداخلة بينها وبين العرفجية والدة الأمير عبد الله بن الأمير حجيلان بن حمد التي قتلت قاتلي ابنها الأمير عبد الله كما تقدم.
فالأولى في الزمن قتلتهم بالبارود الذي ثار بهم وهم في قصر الإمارة بعد أن استولوا على الحكم بقتلهم الأمير عبد الله.
والثانية: قتلتهم بالسيف وهي التي نوه الشعراء بفعلها، وربما كانوا نوهوا بالاثنين ولكن دون تصريح باسم إحداهما.
وهذه متأخرة عن العرفجية الأولى، ولم أجد من يعرف أباها الذي ثأرت له من قاتليه ولكنهم من (آل أبو عليان) قيل: إنها دخلت بالسيف مصلتًا أي مسلولًا وهم جلوس في حظار في أحد النخيل في الصباخ فقتلت واحدًا هو الذي قتل أباها، وأصابت عددًا غيره بجروح ولم يكن معها إلَّا مولاة لها.
وذلك أنهم لم يكونوا مسلحين، وليس بقربهم سلاح يقاومون به سيفها.
وقيل لي: إن أباها القتيل هو محمد بن علي العرفج الذي قتله صالح بن فهد المرشد في دم بينهم.
قال الشاعر عبد الله بن علي بن صقيه من أهل الصفرة:
إنْ تعرّض لك خسيس من خساس
…
كن رزين لا تزعزعك الحكاك
المَعرَّب يقتدي بأهل العقول
…
ما يصول إلَّا نهار الاشتباك
يهتني بالنوم من خصمه ذليل
…
عافيه يا سيف - خلك في خباك
فإن بدا اللازم فلا تأوي لخصيم
…
حانيك - يا سيف - وشوا له حناك
قايله قبلي قليم ابن رشيد
…
يوم بنت (العرفجي) تروِّي شباك
جاء ذكر (بيت العرفجية) من خلال وثيقة مبايعة مكتوبة في 4 رمضان من عام 1317 هـ بخط إبراهيم بن الشيخ العلامة محمد بن عمر بن سليم، وتتضمن مبايعة بيت باعه صالح بن يوسف الشميمري على زبيدة والدة صالح بن محبوب، وجاء في تحديد البيت المباع بأنه يحده من قِبْله بيت بنت ابن بحر، زوجة مبارك العليان ومن شرق (بيت العرفجية) ومن شمال بيت حسين الصالح.
وسوف نورد نص هذه الوثيقة عند ذكر المحبوب في حرف الميم إن شاء الله تعالى.
ومن العرفج (سليمان بن علي العرفج) أخو الشاعر الأمير محمد بن علي العرفج، قتله أبناء عمه من (آل أبو عليان) من فرع الحسن الذين ينتمي إليه (العرفج) أنفسهم.
أقول: ذكر المؤرخ ابن بشر مقتل سليمان العرفج على يد أبناء عمه من آل أبو عليان قتلوه في السوق أي سوق بريدة، ولم يصفه بالأمير ولا ذكر أنه تولى إمارة بريدة.
وقال ابن بشر قبل ذلك في حوادث سنة 1237 هـ:
وفيها قتل سليمان بن عرفج في بريدة وهو من رؤساء آل أبي عليان، قتله عشيرته، ثم سطا عليهم بعد ذلك محمد بن علي وهي من أوليائه فقتل فهد بن مرشد وعم القتل في هذه السنة في القصيم وسدير والوشم والعارض والخرج والجنوب (1).
ووحدت ذكر سليمان بن عرفج هذا في وثيقة قديمة مؤرخة في الخامس من عاشور وهو شهر المحرم من عام 1236 هـ بخط الشيخ المعروف عبد الله بن صقيه.
(1) عنوان المجد، ج 1، ص 461.
ومؤداها أن سليمان بن عرفج كان وكيلًا لآل حجيلان (بن حمد) أمير بريدة السابق، وأنه ادعي على حسن الحمود جد الحسن الأصغرين من حيث الحجم بالنسبة إلى آل حسن الذين هم الأصل الكبير في (أل أبو عليان) يقابلون الدريبي في هذا الأمر، وحسن آل حمود يومئذ وكيل العقيل آل علي من بني عليان.
وانتهت بدفع أربعين ريالًا لسليمان بن عرفج وبذا انتهى النزاع بينهما.
وقد اشهد عليه شخصين بارزين مشهورين في ذلك الزمن هما صالح آل حسين وهو صالح بن حسين أبا الخيل والد الأمير مهنا الصالح أمير القصيم وعمر بن سليم أول من جاء من آل سليم إلى بريدة وسكن فيها.
ومن العرفج محمد بن عبد الله بن حسين العرفج وهو جد صديقنا الشاعر الأستاذ عبد الله بن عبد الرحمن العرفج من أهل عنيزة.
كان محمد المذكور من آل أبو عليان الذين قاموا على مهنا الصالح أبا الخيل يريدون انتزاع الإمارة منه التي كان انتزعها منهم، وقد انتقل مع عدد من بني عليان الذين هم مثله كانوا يسعون في إرجاع الإمارة آل أبو عليان إلى مدينة عنيزة.
وله قصيدة حماسية في هذا الموضوع رواها لي حفيده الأستاذ عبد الله بن عبد الرحمن العرفج وذكر أن عمته لولوة بنت المذكور روتها له، وقد قدم لها الأستاذ عبد الله بقوله:
عاش الأمير محمد بن عبد الله بن حسين بن عرفج - جدي لأبي - عاش عشر سنوات في مدينة عنيزة منتقلًا إليها من موطنه مدينة بريدة لظروف خارجة عن إرادته، وبقي تلك المدة في عنيزة وهو يتطلع إلى استعادة مركز أسرته المغتصب في بريدة التي تضم أملاكه وعترته وقد قال أثناء تلك المدة التي كان يعيشها بحق الجوار الذي اعطاه له الأمير زامل بن عبد الله بن سليم:
في ذكر علام الخفيات بادي
…
محي العظام البالية يوم الانشار
يقول ابن عرفج كلام الوكاد
…
من ضامره شروي التهامي إلى طار
والله من حرلجا في فوادي
…
والا انها في ضامري شبت النار
* * *
يا الله ياخالق جميع العباد
…
يا واحد بيده تصاريف الأقدار
ان تخذل الباغي وراع الفساد
…
وان تنصر المجلي على جند الأشرار
ان سهل المولى مسكنا البلاد
…
نصونها عن كل نذل وبوار
حنا هل العادات يوم التنادي
…
عاداتنا من ضدنا ناخذ الثار
حنا طلبنا الصلح له بانقياد
…
نبغيه عذر عند علام الاسرار
وإلا فلا للصلح عندي مقاد
…
إلا بعد فعل يذكر بالأمصار
فعل يقولونه حضير وبادي
…
أنا تقاضينا وصارت لنا الدار
هي دارنا محيينها بالرشاد
…
حامينها برجالها اللى لهم كار
دار الجماعة بين صفرا ووادي
…
يا حيهم ربع ويا حي من دار
يا الله عساها للسحاب الغوادي
…
با الله عساهم ما يشوفون الأكدار
* * * *
ما انسى بريدة والجماعة زنادي
…
هم عزوتي يوم اعتزي والهوا حار
ما انساه يوم انسي شرابي وزادي
…
منساه لو منها تجرعت الأمرار
والله ما انسى صالح يا السراد
…
وغانم وخرشت والحميضي وعمار
لابد من يوم يشوف المعادي
…
ما شاف غيره يوم الأيام تندار
والله من هَلَّتْ عليه جماد
…
والقلب كنه في مراميض مجمار
* * * *
يا راكب من فوق صلب العضاد
…
تنصا بني عليان بعيدين الاذكار
قل فعلكم ما صار من عصر عاد
…
صرتم شمات للمخاليق والعار
بالعون تهتوا عن طريق الرشاد
…
سود لكم من حد صنعا لسنجار
يا لابتي ردوا لحدب الهنادي
…
عفوا جوانب داركم فرخ الفار
وإلا عليكم راية به سواد
…
للمعتزي منا ولا غار من جار
النار لو كبرت عوضها رماد
…
والحر ما يصبر إلى شاف الانكار
إن كان ما أخذنا القضا بالأيادي
…
والله ما توخذ نسانا من العار
يا ناس كفوا عن كثير الدوادي
…
والله ما اسمع هرج رخوين الاشوار
أرسلت سلطان ولا جا رداد
…
ما ظنتي فيه الردا نسل سجار
كني فراشي فوق شوك القتاد
…
والشرب لو هوبارد بالحشا حار
أشكي على الله ثم طير الهداد
…
زامل وزامل له زعانيف وصطار
هذا لنا يا شيخ عشر عداد
…
في داركم جيران مناب عدار
يا شيخ هذا هو محل الجهاد
…
يوم الهوا ساعف على جند الأشرار
تم الكلام وفي فوادي هوادي
…
والحمد للمولى على كل ما صار
صلاة ربي ما حدا العيس حادي
…
وعداد ما طافوا على البيت زوار
على النبي الهاشمي خير هادي
…
وعداد ما فتق نبات بنوار
كتبتها ووعيتها عن ابنة الشاعر عمتي لولوة بنت محمد العبد الله العرفج في حدود عام 1354 هـ.
عبد الله بن عبد الرحمن بن محمد العبد الله العرفج
وقد أورد التاريخ المكتوب اسم (محمد بن عبد الله العرفج) هذا في حوادث سنة 1293 هـ.
قال ابن عيسى (عقد الدرر ص 70 - 71).
وملخص ذلك أن عبد الله بن عبد المحسن آل محمد و (محمد بن عبد الله بن عرفج) وآخرين من بني عليان قدموا على الإمام عبد الله بن فيصل بن تركي يطلبون نصرته على استعادة بريدة من حكم آل مهنا، فلبى طلبهم وجهز جيشًا، ثم بلغه أن ابن رشيد جاء إلى بريدة فرجع إلى الرياض.
ومنهم سلطان بن الأمير الشاعر محمد بن عبد الله العرفج وهو الوحيد من أبنائه الذين خلفوا ذرية فالعرفج الذين هم من نسل محمد بن علي العرفج هم من ذرية سلطان ابنه هذا.
وقد اتخذوا لقب السلطان وعرفوا به، كما سبق ذلك في حرف السين.
وهذه الوثيقة التي فيها شهادة صلطان المحمد بن عرفج مؤرخة في 5 رمضان من عام 1301 هـ.
ومنهم حسين بن عبد الرحمن العرفج مؤذن مسجد الجردة في بريدة وهو المسجد الذي عرف بهذا حديثًا بالنسبة إلى المسجد الذي كان يسمى مسجد الجردة وهو (مسجد ناصر) الذي هو ناصر بن سليمان بن سيف.
وقد هدم ذلك المسجد القديم، وهو منسوب إلى الجردة التي هي الأرض الرملية الخالية من الأشجار، أما مسجد الجردة هذا فإنه منسوب إلى جردة بريدة التي كانت الميدان الرئيسي فيها لعشرات السنين، ولا تزال موجودة معروفة بذلك.
و(مسجد حسين) لا يزال عامرًا بالمصلين يقع في الجنوب منها، وقد ذكرت تاريخه في (معجم بلاد القصيم)، رسم بريدة.