الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
و {مِنْ أَيّامٍ} صفة مرفوعة لكلمة عدة و {أُخَرَ} جمع أخرى، وهو فعلى التي هي للتفضيل وهي صفة أيام، وممنوعة من الصرف للوصف والعدل عن آخر.
{فِدْيَةٌ} مبتدأ، وخبره: وعلى الذين يطيقونه، مقدم عليه. {طَعامُ مِسْكِينٍ} بدل من فدية. ولم يجمع {مِسْكِينٍ} لأن الواجب في ابتداء الإسلام كان إطعام مسكين، ثم نسخ ذلك بقوله:{فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} والطعام بمعنى الإطعام، كالعطاء بمعنى الإعطاء. {شَهْرُ رَمَضانَ} مبتدأ، وخبره:{الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ} . و {هُدىً} حال من القرآن، أي هاديا للناس. و {بَيِّناتٍ} عطف عليه.
{الشَّهْرَ} منصوب على الظرفية، وتقديره:«فمن شهد منكم الشهر في المصر» لأن المسافر قد شهد الشهر ولا يجب عليه الصوم فيه. {وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ} معطوف على محذوف، تقديره:
ليسهل عليكم ولتكملوا العدة.
البلاغة:
{كَما كُتِبَ} تشبيه يسمى «مرسلا مجملا» والتشبيه في الفرضية لا في الكيفية.
{فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ} مجاز بالحذف تقديره: من كان مريضا فأفطر، أو على سفر فأفطر.
{وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ} قال بعضهم: إن الآية على إضمار حرف النفي، أي لا يطيقونه لكبر أو مرض لا يرجى برؤه. ولا داعي لذلك، لأن الطاقة تعني تحمل الشيء بمشقة وشدة، والمعنى: يتحملونه بجهد شديد.
{الْيُسْرَ}
…
و {الْعُسْرَ} فيه طباق السلب.
المفردات اللغوية:
{كُتِبَ} فرض. {الصِّيامُ} في اللغة: الإمساك والكف عن الشيء والترك له، وفي الشرع: هو الإمساك عن الأكل والشرب والجماع من الفجر إلى غروب الشمس، بنيّة من أهله، احتسابا لوجه الله، وإعدادا للنفس لتقوى الله. {كَما كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ} أي في الفرضية ووجوب الصوم، وقيل: مقداره، وقيل: كيفيته من الكف عن الأكل والشرب، والرأي الأول أرجح، إذ يكفي في فهم الآية أن يكون الله كتب صوما ما على الذين من قبلنا، وهذا مسلّم به عند أهل الأديان، فمن المعروف أن الصوم مشروع في جميع الملل، حتى الوثنية، فهو معروف عند
قدماء المصريين واليونان والرومان والهنود. وفي التوراة الحالية مدح الصيام والصائمين، وثبت أن موسى عليه السلام صام أربعين يوما، واليهود في هذه الأزمنة يصومون أسبوعا تذكارا لخراب أورشليم وأخذها، ويصومون يوما من شهر آب. وكذلك الأناجيل الحالية تمدح الصيام وتعتبره عبادة كالنّهي عن الرّياء وإظهار الكآبة فيه، وأشهر صوم النصارى وأقدمه الصوم الكبير الذي قبل عيد الفصح، وهو الذي صامه موسى وعيسى والحواريون، ثم وضع رؤساء الكنيسة أنواعا أخرى من الصيام.
{تَتَّقُونَ} المعاصي، فإن الصوم يكسر الشهوة التي هي مبدأ المعصية، ويورث التقوى، ويقمع الهوى، ويردع عن الأشر والبطر والفواحش، ويهوّن لذات الدنيا. {أَيّاماً مَعْدُوداتٍ} إن كل ما فرض صومه هنا هو رمضان، فيكون قوله:{أَيّاماً مَعْدُوداتٍ} عنى به رمضان، وهو قول ابن أبي ليلى وجمهور المفسرين. ووصفها بقوله {مَعْدُوداتٍ} تسهيلا على المكلف بأن هذه الأيام معدودة.
{يُطِيقُونَهُ} أي يتحملونه بمشقة شديدة وجهد كبير، ويؤيده قراءة:«يطوقونه» مثل الكبير الهرم والحامل والمرضع والمريض مرضا لا يرجى برؤه. {فِدْيَةٌ} الفدية: هي إطعام مسكين عن كل يوم، من أوسط ما يطعم أهله في يومه، أكلة واحدة، وهو مدّ من غالب قوت البلد، وهو يساوي (675 غ).
{فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً} بالزيادة على القدر المذكور في الفدية. {فَهُوَ} أي: التطوع خير له. والصوم خير من الإفطار والفدية. {إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} أنه خير لكم، فافعلوه في تلك الأيام.
{أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ} من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا في ليلة القدر.
{هُدىً} هاديا من الضلالة. {وَبَيِّناتٍ} آيات واضحات. {مِنَ الْهُدى} مما يهدي إلى الحق من الأحكام، ومن {الْفُرْقانِ} مما يفرق بين الحق والباطل.
{فَمَنْ شَهِدَ} حضر بأن كان مقيما غير مسافر. {الْيُسْرَ} السهولة والتخفيف بإباحة الفطر في المرض والسفر، والمريض وكذا المسافر يختار الأيسر عليه، ويكون هو الأفضل في حقه. وآية {يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ.} . تعليل لما قبله، أي يريد فيما شرعه من هذه الرخصة في الصيام، وسائر ما يشرعه لكم من الأحكام، أن يكون دينكم يسرا تاما لا عسر فيه. وفي هذا ترغيب في الرخصة.
{وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ} اللام للتعليل، وهي معطوفة على التعليل المستفاد من قوله:{يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ} كأنه قال: رخص لكم في حالي المرض والسفر، لأنه يريد بكم اليسر، وأن تكملوا العدة، فمن لم يكملها أداء، لعذر المرض أو السفر، أكملها قضاء بعده، فالله شرع لكم القضاء حال الفطر والسفر. {وَلِتُكَبِّرُوا اللهَ} عند إكمال العدة. {عَلى ما هَداكُمْ} إليه من الأحكام النافعة لكم، بأن