الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بشرط أن تقول النساء: إنه حيض، ثم تطهر خمسة عشر يوما، ثم تحيض في ليلة السادس عشر، وينقطع قبل الفجر أيضا، ثم تحيض عقيب غروب آخر يوم من الشهر وينقطع قبل الفجر، فتكون قد طهرت ثلاثة أطهار: الطهر الذي طلقها فيه، ثم الطهر الثاني، ثم الثالث، فيحدث تمام الشهر ثلاثين يوما.
وأقل مدة تنقضي بها العدة في رأي الشافعية: اثنان وثلاثون يوما ولحظتان، ولا يقبل أقل من ذلك بحال، لأنه لا يتصور عندهم أقل من تلك المدة، بأن تطلق وقد بقي لحظة من الطهر، وهي قرء عندهم، ثم تحيض يوما وليلة أقل الحيض عندهم، ثم تطهر خمسة عشر يوما أقل الطهر، وذلك قرء ثان، ثم تحيض يوما وليلة، ثم تطهر خمسة عشر يوما، وذلك قرء ثالث، ثم تحيض.
وهذه الحيضة ليست من العدة، بل لتيقن انقضائها، فذلك اثنان وثلاثون يوما ولحظتان.
وأقل مدة عند الحنابلة على أن الأقراء هي الحيضات، كما يقول الحنفية:
تسعة وعشرون يوما ولحظة، وذلك بأن يطلقها مع آخر الطهر، ثم تحيض بعده يوما وليلة، ثم تطهر ثلاثة عشر يوما، ثم تحيض يوما وليلة، ثم تطهر ثلاثة عشر يوما، ثم تحيض يوما وليلة، ثم تطهر لحظة، ليعرف بها انقطاع الحيض.
ويلاحظ أن المعقول والغالب هو رأي أبي حنيفة، وأما الآراء الأخرى فيمكن أن تقع، ولكنها نادرة.
2 - مشروعية الرجعة:
أي ارتجاع الرجل زوجته إلى عصمته وملك زواجه ما دامت في عدتها، والرجل مندوب إلى المراجعة. وهذا من أحكام الطلاق، للآية:{وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذلِكَ إِنْ أَرادُوا إِصْلاحاً} والرجعة مشروعة بشرط قصد إصلاح حاله معها، لا الضرر، فإذا أراد المضارة وتطويل العدة وجعلها كالمعلقة،
فحرام، وليس له حق الرجعة، لقوله تعالى:{وَلا تُمْسِكُوهُنَّ ضِراراً لِتَعْتَدُوا} [البقرة 231/ 2] لكن لو فعل ذلك فالرجعة صحيحة، وإن خالف وظلم نفسه، إذ لما كانت هذه الإرادة لا اطلاع لنا عليها، عاملناه بظاهر أمره، وجعل الله التطليقات الثلاث علما على امتناعها. ودل لفظ «أحق» على أن حق الزوج في مدة التربص أحق من حقها بنفسها، فإنها إنما تملك نفسها بعد انقضاء العدة، مثل
قوله عليه الصلاة والسلام: «الثيب أحق بنفسها من وليها»
(1)
.
وحق الرجعة بغير عقد ولا شهود مقصور على المطلقة رجعيا في أثناء العدة لا بعد انقضائها، ولم يشترط الإشهاد إلا الظاهرية، وإنما هو مستحب أو مندوب عند العلماء الآخرين. فإن لم يراجعها المطلّق حتى انقضت عدتها، فهي أحق بنفسها وتصير أجنبية منه، لا تحل له إلا بخطبة وزواج مستأنف بولي وإشهاد، ليس على سنة المراجعة، بإجماع العلماء.
واختلفوا فيما يكون به الرجل مراجعا في العدة:
فقال الشافعية: تحصل الرجعة في العدة بالقول الصريح، أو بلفظ كنائي بنية مثل قول المرتجع: تزوجتك أو نكحتك، ولا تحصل بالوط ء.
وقال الجمهور: تحصل الرجعة في العدة بالقول، أو بالفعل ومنه الخلوة كتقبيل بشهوة ووط ء، وأضاف المالكية: وتحصل أيضا بالنية: وهي حديث النفس، بأن يقول في نفسه: راجعتها، ولم يجز الحنابلة الرجعة بالكناية.
واختلفوا أيضا في حكم المطلقة الرجعية في مدة التربص: أحكمها حكم الزوجة أم ليست كذلك؟ فذهب الحنفية، والحنابلة في ظاهر المذهب: إلى أن حكمها حكم الزوجة،
(1)
أخرجه مسلم وأبو داود والنسائي عن ابن عباس.
فلا يحرم الاستمتاع بها أو مباشرتها مدة التربص، وأحكام الزوجية باقية لم ينحل منها شيء.
وذهب المالكية والشافعية: إلى أنها ليست كالزوجة، فيحرم الاستمتاع بها قبل المراجعة، بوط ء أو غيره، حتى بالنظر ولو بلا شهوة، لأنها مفارقة كالبائن، ولأن النكاح يبيح الاستمتاع، والطلاق يحرمه، لأنه ضده.
ومنشأ الخلاف: اختلاف الفهم في هذه الآية، فقد سماهم الله بعولة (أزواجا) وهذا يقتضي أنهن زوجات، لكنه قال:{أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ} وهذا يقتضي أنهن لسن بزوجات، إذ الرد إنما يكون لشيء قد انفصم.
فذهب الفريق الأول إلى أن الرجعية زوجة، وفائدة الطلاق نقص العدد، وأن أحكام الزوجية وإن كانت باقية، فالمرأة ما دامت في العدة سائرة في سبيل الزوال بانقضاء العدة. وأوّلوا قوله {أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ} فقالوا: إنهن كن سائرات في طريق لو وصلن إلى نهايته، لخرجن عن الزوجية، فالارتجاع رد لهن عن التمادي في ذلك الطريق.
والفريق الثاني أوّلوا قوله: {وَبُعُولَتُهُنَّ} على الماضي، سماهم بعولة باعتبار ما كان، ومعنى {أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ}: ردهن إلى الزوجية. وأرى أن هذا هو الحق، وإلا لم يكن للطلاق أثر في التحريم.
واتفق الفريقان على أنه ليس له أن يسافر بها قبل أن يرتجعها. ولها في رأي الفريق الأول: أن تتزين له وتتطيب وتلبس الحلي وتتشرف. وليس لها أن تفعل ذلك لدى الفريق الثاني، وليس له أن يخلو معها، ولا أن يدخل عليها إلا بإذن، ولا أن ينظر إليها إلا وعليها ثيابها، ولا ينظر إلى شعرها. ولا بأس أن يأكل معها إذا كان معهما غيرهما، ولا يبيت معها في بيت وينتقل عنها.