الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وما عدا فدية الشعر من الدماء يكون بمكة. وأما الإطعام فهو بمكة، وأما الصوم فحيث شاء.
6 - فدية المتمتع:
من أمن العدو والحصار وتمتع بسبب فراغه من المناسك والتحلل من الإحرام بالعمرة، وبقي متمتعا إلى زمن الحج، ليحرم من مكة به، فعليه دم أي ذبح هدي (شاة) شكرا لله تعالى، يذبحه يوم النحر بمنى ويأكل منه كالأضحية، أو يذبحه في مكة في رأي الشافعي، وهذا يحقق اليوم فائدة أكثر، لإيصاله إلى الفقراء. والقارن بالحج والعمرة مثل المتمتع في وجوب الفدية، لأن التمتع يشمل معنيين: استباحة التمتع بالنساء والتفرقة بترك محظورات الإحرام، وجمع الحج مع العمرة في أشهر الحج بأعمال واحدة.
فمن لم يجد الهدي، لعدم وجوده، أو لم يجد المال الذي يشتري به، فعليه صيام ثلاثة أيام بعد الإحرام بالحج قبل السادس من ذي الحجة قبل يوم التروية
(1)
ويوم عرفة، وسبعة أيام إذا رجع إلى بلده، أو شرع في الرجوع، فله أن يصوم في الطريق.
هذه الأيام الثلاثة والسبعة الأيام عشرة كاملة، لتأكيد المراد بالسبعة وهو العدد، دون الكثرة في الآحاد، ووصفت بالكمال للتنبيه إلى رعاية العدد فلا ينقص منها شيء، وللإشارة إلى أن البدل قائم تماما مقام المبدل منه، وهما في الفضيلة سواء.
ذلك التمتع بإنهاء أعمال العمرة ثم الإحرام بالحج، وإيجاب الفدية، تخفيف ورخصة للآفاقيين الذين حضروا من البلاد البعيدة، دون أهل الحرم، لأن الغريب يتحمل مشاق السفر أكثر من المقيم بمكة، فالغرباء هم الذين يحتاجون إلى
(1)
سمي يوم التروية: لأنهم كانوا يرتوون فيه من الماء لما بعد، وهو اليوم الثامن الذي يسن الخروج فيه إلى منى.
هذه الرخصة، حتى لا يؤدوا كلا من الحج والعمرة على انفراد، أما أهل الحرم فليسوا في حاجة إلى ذلك، فلا تمتع ولا قران لحاضري المسجد الحرام.
واتقوا الله واخشوه بالمحافظة على امتثال أمره، والانتهاء عن نواهيه، واحذروا أن تعتدوا في ذلك، واعلموا أن الله شديد العقاب لمن تجاوز حدود الله تعالى.
ومن المعلوم أن كيفيات أداء الحج والعمرة الجائزة إجماعا ثلاث:
الأولى-الإفراد: الإحرام بالحج وحده، ثم بالعمرة بعد إنهائه.
الثانية-التمتع
(1)
: الإحرام بالعمرة في أشهر الحج من الميقات وكان من أهل الآفاق، ثم الإحرام بالحج من مكة.
الثالثة-القرآن: أن يحرم الشخص بالحج وبالعمرة معا، أو يحرم بأحدهما ثم يدخل الآخر عليه في عام واحد وفي أشهر الحج. وأيها هو الأفضل؟ للعلماء آراء ثلاثة:
قال الحنفية: القرآن أفضل، ثم التمتع، ثم الإفراد،
لقوله صلى الله عليه وسلم فيما أخرجه الطحاوي عن أم سلمة: «أهلّوا يا آل محمد بعمرة في حجة» ، و
قال أنس فيما أخرجه البخاري ومسلم: «سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يلبي بالحج والعمرة يقول:
لبيك عمرة وحجة».
وقال المالكية والشافعية: الإفراد بالحج أفضل، ثم التمتع، ثم القرآن: لأن النّبي صلى الله عليه وسلم حج مفردا على الأصح،
قالت عائشة فيما أخرجه البخاري ومسلم:
«خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام حجة الوداع، فمنا من أهلّ بعمرة، ومنا من
(1)
سمي المتمتع متمتعا، لأنه تمتع بكل ما لا يجوز للمحرم فعله من وقت حلّه في العمرة إلى وقت إنشائه الحج، أو لأنه تمتع بإسقاط أحد السفرين، إذ من حق العمرة والحج أن يقصد كل منهما بسفر.