الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
«اللهم إني أسألك برحمتك التي وسعت كل شيء أن تغفر لي»
وفي مسند أحمد وسنن الترمذي والنسائي وابن ماجه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(1)
.
هل الدعاء يفيد
؟
زعم بعضهم أن الدعاء لا فائدة فيه، لأن الأمر المدعو فيه إن كان في علم الله واقعا، فهو لا بد واقع، وإن لم يكن واقعا فهو غير واقع لا محالة. وقرر الجمهور أن الدعاء أهم مقامات العبودية، لقوله تعالى:{اُدْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر 60/ 40] فالله طلبه منا، مما يدل على فضله، وبين في آية أخرى أنه تعالى إذا لم يسأل غضب، فقال:{فَلَوْلا إِذْ جاءَهُمْ بَأْسُنا تَضَرَّعُوا، وَلكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ، وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ ما كانُوا يَعْمَلُونَ} [الأنعام 43/ 6].
وقال النّبي صلى الله عليه وسلم: «الدعاء مخ العبادة»
(2)
وقال أيضا: «الدعاء هو العبادة»
(3)
وقرأ: {اُدْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر 60/ 40]
وقال أيضا: «الدعاء سلاح المؤمن وعماد الدين، ونور السموات والأرض»
(4)
.
وهناك أمور معلقة على شروط وأسباب في تقدير الله، منها الدعاء.
والدعاء عبادة، لأنه معرفة، إذ يتطلب أن يكون الداعي عارفا بربه تمام المعرفة، وأنه القادر على كل شيء، والقاهر فوق عباده.
(1)
تفسير ابن كثير: 219/ 1
(2)
رواه الترمذي عن أنس، لكنه ضعيف.
(3)
رواه أحمد وابن أبي شيبة، والبخاري في الأدب وأصحاب السنن الأربع وابن حبان والحاكم عن النعمان بن بشير.
(4)
رواه أبو يعلى والحاكم عن علي، وهو صحيح.
وهذه الآية دليل قاطع على فائدة الدعاء، ومعناها كما بينا: إذا سألوك عن المعبود، فأخبرهم أنه قريب، يثيب على الطاعة، ويجيب الداعي، ويعلم ما يفعله العبد من صوم وصلاة وغير ذلك. والمراد بقوله:{فَإِنِّي قَرِيبٌ} أي بالإجابة، وقيل: بالعلم.
{أُجِيبُ دَعْوَةَ الدّاعِ إِذا دَعانِ} أي أقبل عبادة من عبدني، ومنها الدعاء، والدعاء بمعنى العبادة، والإجابة بمعنى القبول. بدليل الأحاديث السابقة. وكان خالد الرّبعي يقول: «عجبت لهذه الأمة في {اُدْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} أمرهم بالدعاء ووعدهم بالإجابة، وليس بينهما شرط.
لكن إجابة الدعاء مقيدة بقيود بالنسبة للعبد، منها:
عدم الاعتداء بتجاوز حدود الله، فكل مصرّ على كبيرة عالما بها أو جاهلا، فهو معتد، وقد أخبر تعالى أنه لا يحب المعتدين، فقال:{اُدْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً، إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} [الأعراف 55/ 7]
وقال صلى الله عليه وسلم فيما رواه أبو سعيد الخدري: «ما من مسلم يدعو بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم، إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث: إما أن يعجّل له دعوته، وإما أن يدّخر له، وإما أن يكف عنه من السوء بمثلها» .
وفي رواية مسلم عن أبي هريرة: «لا يزال يستجاب للعبد، ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم، ما لم يستعجل، قيل: يا رسول الله، ما الاستعجال؟ قال:
يقول: قد دعوت وقد دعوت، فلم أر يستجيب لي، فيستحسر
(1)
عند ذلك، ويدع الدعاء».
ومنها أكل الحرام وما في معناه،
لقوله صلى الله عليه وسلم في الصحيح: «الرجل يطيل
(1)
أي ينقطع عن الدعاء ويملّه.
السفر أشعث أغبر، يمدّ يديه إلى السماء، يا ربّ، يا ربّ، ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام، فأنى يستجاب له؟» وهذا استفهام على جهة الاستبعاد من قبول دعاء من هذه صفته.
وإجابة الدعاء لا بد لها من شروط في الداعي وفي الدعاء وفي الشيء المدعو به.
فمن شرط الداعي: أن يكون عالما بأن لا قادر إلا الله، وأن الوسائط في قبضته ومسخّرة بتسخيره، وأن يدعو بنية صادقة وحضور قلب، فإن الله لا يستجيب دعاء من قلب غافل لاه.
وأن يكون مجتنبا لأكل الحرام، وألا يملّ من الدعاء.
ومن شرط المدعو فيه: أن يكون من الأمور الجائزة الطلب والفعل شرعا، كما
جاء في الحديث السابق: «ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم» . ويدخل في الإثم جميع الذنوب، ويدخل في الرحم: جميع حقوق المسلمين ومظالمهم. وقال سهل بن عبد الله التّستري: شروط الدعاء سبعة: أولها التضرع والخوف والرجاء والمداومة والخشوع والعموم وأكل الحلال.
ومن شرائط الدعاء كما ذكر ابن عطاء: أربع:
أولها-حفظ القلب عند الوحدة.
ثانيها-وحفظ اللسان مع الخلق.
ثالثها-وحفظ العين عن النظر إلى ما لا يحلّ.
رابعها-وحفظ البطن من الحرام.
ومواقيت الدعاء: وقت الأسحار، والفطر، وما بين الأذان والإقامة، وما بين الظهر والعصر في يوم الأربعاء، وأوقات الاضطرار، وحالة السفر
والمرض، وعند نزول المطر، والصّف في سبيل الله. كل هذا جاءت به الآثار.
فإذا تحققت شروط الدعاء وقيوده استجيب، قال ابن عباس:«كل عبد دعا استجيب له، فإن كان الذي يدعو به رزقا له في الدنيا أعطيه، وإن لم يكن رزقا له في الدنيا، ذخر له» .
أما آية الصيام (187) فأرشدت إلى ما يأتي:
1 -
إباحة الجماع في أثناء الليل، وحرمته كالأكل والشرب أثناء النهار: وقد كان الجماع حراما بعد الإفطار والنوم، ثم نسخ، كما بينا في أسباب النزول.
ومحظورات الصيام في الآية هي الأكل والشرب والجماع، أما القبلة والجسّة ونحوها فلا تفطر، لكن ذلك في رأي المالكية والشافعية: يكره لمن لا يأمن على نفسه ولا يملكها، لئلا يكون سببا إلى ما يفسد الصوم. وقال أبو حنيفة وأصحابه والثوري والحسن البصري والشافعي: إن قبّل فأمنى، فعليه القضاء ولا كفارة.
ولو قبل فأمذى، لم يكن عليه شيء. وقال أحمد: من قبّل فأمذى أو أمنى، فعليه القضاء، ولا كفارة عليه، إلا من جامع فأولج عامدا أو ناسيا. وأوجب مالك عليه القضاء والكفارة، ولا كفارة على من أنزل بالنظر عند الجمهور، وعليه الكفارة عند الحنابلة، ولا يفسد صومه أيضا عند الحنفية.
2 -
وجوب الإمساك عن المفطرات، من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، بشرط النية قبل الفجر في رأي الجمهور غير الحنفية، لأن الصيام من جملة العبادات، فلا يصح إلا بنية
(1)
. ومن تمام الصوم استصحاب النية دون رفعها، لكن لا يخرج من الصوم إلا الإفطار بالفعل وليس بالنية. وقال الحنفية: تبييت
(1)
وقال الزمخشري: قوله تعالى: ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيامَ إِلَى اللَّيْلِ فيه دليل على جواز النية بالنهار في صوم رمضان، وعلى جواز تأخير الغسل إلى الفجر، وعلى نفي صوم الوصال (الكشاف: 258/ 1).
النية غير لازم، لأن قوله تعالى:{ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيامَ إِلَى اللَّيْلِ} يدل على ذلك، لأن «ثم» يفيد التراخي.
3 -
قرر جمهور العلماء صحة صوم من طلع عليه الفجر، وهو جنب، قال ابن العربي:«وذلك جائز إجماعا، وقد كان وقع فيه بين الصحابة كلام، ثم استقر الأمر على أن من أصبح جنبا، فإن صومه صحيح»
(1)
، لأن الجنابة لا تؤثر في صحة الصوم، للزومها الصوم للضرورة، لأنه يجوز له الوط ء قبل الفجر، ولأن آية {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ} ترشد إلى احتمال بقاء الشخص جنبا حتى مطلع الفجر، فيصاحب جزءا من الصوم، وهو جنب، لأن {حَتّى} غاية للتبيين، ولا يصح أن يقع التبيين لأحد، ويحرم عليه الأكل، إلا وقد مضى لطلوع الفجر قدر.
لكن الغسل فرض للصلاة، لقوله تعالى:{وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا} [المائدة 6/ 5].
4 -
الحائض إذا طهرت: قال الجمهور: إذا طهرت الحائض قبل الفجر، وتركت التطهر حتى تصبح، وجب الصوم عليها وأجزأ، سواء تركت التطهر عمدا أو سهوا كالجنب.
وقال الأوزاعي: تقضي لأنها فرّطت في الاغتسال.
وإذا طهرت المرأة ليلا في رمضان، فلم تدر أكان ذلك قبل الفجر أم بعده، صامت وقضت ذلك اليوم احتياطا، ولا كفارة عليها.
5 -
الحجامة لا تفطر الصائم،
لأنه صلى الله عليه وسلم احتجم عام حجة الوداع وهو محرم
(1)
أحكام القرآن: 94/ 1 وما بعدها.
صائم، فيكون ذلك ناسخا
لحديث شداد بن أوس عام فتح مكة: «أفطر الحاجم والمحجوم» .
6 -
إن ظن أن الشمس قد غربت لغيم أو غيره، فأفطر، ثم ظهرت الشمس، فعليه القضاء في رأي أكثر العلماء. ومثله لو أذّن المؤذن خطأ قبل الغروب، أو ضرب مدفع الإفطار قبل الغروب ولو بدقيقة، فأفطر بناء عليهما، وجب القضاء.
وإن أفطر وهو شاك في غروب الشمس، كفّر مع القضاء في رأي مالك، إلا أن يكون الأغلب عليه غروبها.
ومن شك في طلوع الفجر، لزمه الكف عن الأكل، فإن أكل مع شكه، فعليه القضاء كالناسي، في مذهب مالك، وقال أبو حنيفة والشافعي: لا شيء عليه حتى يتبين له طلوع الفجر. فإن تبين طلوع الفجر وجب عليه القضاء باتفاق أئمة المذاهب إذ «لا عبرة بالظن البين خطؤه» .
ولا خلاف في وجوب القضاء إذا غمّ عليه الهلال في أول ليلة من رمضان، ثم بان أنه من رمضان. وكذلك الأسير في دار الحرب إذا أكل ظنا أنه من شعبان، ثم بان خلافه.
قال ابن كثير: وفي إباحته تعالى جواز الأكل إلى طلوع الفجر دليل على استحباب السحور، لأنه من باب الرخصة، والأخذ بها محبوب، ولهذا
وردت السنة الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحث على السحور، ففي الصحيحين عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تسحروا فإن في السّحور بركة» .
والمقصود بالفجر: الفجر الصادق، لا الفجر الكاذب، بدليل
حديث عائشة في الصحيحين: «لا يمنعكم أذان بلال عن سحوركم، فإنه ينادي بليل، فكلوا واشربوا حتى تسمعوا أذان ابن أم مكتوم، فإنه لا يؤذن حتى يطلع الفجر» - لفظ
البخاري، وحديث قيس بن طلق عن أبيه «ليس الفجر المستطيل في الأفق، ولكن المعترض الأحمر» .
وفي حديث مرسل جيد: «الفجر فجران: فالذي كأنه ذنب السّرحان-أي الذئب-لا يحرم شيئا، وإنما هو المستطير الذي يأخذ الأفق، فإنه يحل الصلاة، ويحرم الطعام» .
7 -
دل قول تعالى: {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيامَ إِلَى اللَّيْلِ} على النهي عن صوم الوصال، إذ الليل غاية الصيام. ويؤكد المنع منه ما
رواه البخاري أنه صلى الله عليه وسلم قال: «إياكم والوصال، إياكم والوصال» فيكره الوصال في رأي جمهور العلماء.
وحرمه بعضهم لما فيه من مخالفة ظاهر القرآن والتشبه بأهل الكتاب.
أخرج مسلم وأبو داود: «إن فصل
(1)
ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب: أكلة السّحر».
وأخرج البخاري عن أبي سعيد الخدري أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
«لا تواصلوا، فأيكم أراد أن يواصل فليواصل حتى السّحر، قالوا: فإنك تواصل يا رسول الله؟ قال: لست كهيئتكم، إني أبيت، لي مطعم يطعمني وساق يسقيني» وهذا يدل على إباحة تأخير الفطر إلى السحر، وهو الغاية في الوصال لمن أراده، ومنع من اتصال يوم بيوم، وبه قال أحمد وإسحاق وابن وهب صاحب مالك.
قال القرطبي: ترك الوصال مع ظهور الإسلام وقهر الأعداء أولى، وذلك أرفع الدرجات وأعلى المنازل والمقامات
(2)
.
ودلت هذه الآية أيضا على أن وقت الإفطار عند غروب الشمس، بدليل ما
جاء في الصحيحين عن عمر رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا أقبل الليل من هاهنا، وأدبر النهار من هاهنا، فقد أفطر الصائم» .
(1)
بمعنى الفاصل.
(2)
تفسير القرطبي: 330/ 2
وقد فهم الحنفية من هذه الآية لزوم إتمام ما شرع فيه من صوم التطوع، لأن لفظ الصيام عام يتناول كل صوم، فكل صوم شرع فيه، لزمه إتمامه، لأن الله سبحانه أمر بإتمام الصوم إلى الليل، والأمر للوجوب، فإن لم يتم لزمه قضاؤه. وهكذا الحكم في جميع النوافل من صلاة وحج وصيام، يجب إتمامها بالشروع فيها، وعليه إعادتها مطلقا، سواء أكان معذورا أم غير معذور. ودليلهم قوله تعالى:{وَلا تُبْطِلُوا أَعْمالَكُمْ} [محمد 33/ 47] والنفل الذي شرع فيه عمل من الأعمال، فوجب عليه عدم إبطاله، فإذا بطل أو أبطله، فقد ترك واجبا، ولا تبرأ ذمته إلا بإعادته.
وفصل المالكية فقالوا: إن أبطله، فعليه القضاء، وإن كان طرأ عليه ما يفسده، فلا قضاء عليه.
وقال الشافعية والحنابلة: إن أفسد ما دخل فيه من تطوع، فلا قضاء عليه إلا في الحج النفل عند الحنابلة، فيجب إتمامه. ودليلهم قوله تعالى:{ما عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ} [التوبة 91/ 9]
وقوله عليه الصلاة والسلام: «الصائم المتطوع أمير نفسه» .
8 -
ويستحب للصائم إذا أفطر أن يفطر على رطبات أو تمرات أو حسوات من الماء، لما
رواه أبو داود والدارقطني عن أنس قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفطر على رطبات قبل أن يصلّي، فإن لم تكن رطبات فعلى تمرات، فإن لم تكن تمرات حسا حسوات من ماء» .
ويستحب الدعاء بعد الإفطار، لما
روى الدارقطني عن ابن عباس قال:
كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أفطر قال: «اللهم لك صمنا، وعلى رزقك أفطرنا، فتقبل منا، إنك أنت السميع العليم»
وروى أبو داود عن ابن عمر قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إذا أفطر: «ذهب الظمأ، وابتلّت العروق، وثبت الأجر إن شاء الله» .
ويندب إفطار المسلم، لما
رواه ابن ماجه عن زيد بن خالد الجهني قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من فطر صائما، كان له مثل أجرهم من غير أن ينقص من أجورهم شيئا» .
9 -
ويستحب صيام ستة أيام من شوال، لما
رواه مسلم والترمذي وأبو داود والنسائي وابن ماجه عن أبي أيوب الأنصاري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من صام رمضان، ثم أتبعه ستا من شوال، كان له كصيام الدهر» . وكره المالكية اتصالها برمضان.
10 -
الجماع يفسد الاعتكاف، لقوله تعالى:{وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عاكِفُونَ فِي الْمَساجِدِ} . أما مباشرة الزوجة من غير جماع: فإن قصد بها التلذّذ فهي مكروهة، وإن لم يقصد لم يكره، لأن عائشة كانت ترجّل (تمشط) رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو معتكف، وكانت لا محالة تمسّ بدنه بيدها. فدل ذلك على أن المباشرة بغير شهوة غير محظورة. وهو قول عطاء والشافعي وابن المنذر.
أما دواعي الجماع كالقبلة والمباشرة وإن لم ينزل فهي حرام وتفسد الاعتكاف عند المالكية، ولا تفسده عند الجمهور، لكن قال الشافعية: يفسد إن أنزل المني بحسب المعتاد له، وقال غيرهم: يفسد الاعتكاف مطلقا بالإنزال في حال المباشرة بشهوة كالقبلة واللمس والتفخيذ.
11 -
يسن الاعتكاف في المسجد، وهو في اللغة: الملازمة، وفي الشرع:
ملازمة طاعة مخصوصة في وقت مخصوص على شرط مخصوص في موضع مخصوص.
وأجمع العلماء على أنه ليس بواجب، وإنما هو قربة من القرب، ونافلة من النوافل، عمل بها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه وأزواجه. ويلزم بالنذر.
وأجمع العلماء على أن الاعتكاف لا يكون إلا في المسجد، لقوله تعالى:{فِي الْمَساجِدِ} . وأقل الاعتكاف عند مالك يوم وليلة. وقال أبو حنيفة والشافعي وأحمد: أقله لحظة، ولا حدّ لأكثره. ولا يشترط له عندهم الصوم، وجعل