الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النّبي صلى الله عليه وسلم فيها: «أتردّين عليه حديقته؟ فقالت: نعم وزيادة، فقال النّبي صلى الله عليه وسلم: أما الزيادة فلا» .
ومنع الشعبي والزهري والحسن البصري الخلع بأكثر مما أعطاها، لقوله تعالى:{فَلا جُناحَ عَلَيْهِما فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} أي مما آتيتموهن. وأخذ الجمهور بإطلاق هذه الآية.
وأجاز الجمهور غير الشافعي الخلع على غرر (أمر محتمل) أو معدوم ينتظر وجوده، كثمرة لم يبد صلاحها، وجمل شارد، وجنين في بطن أمه، أو نحو ذلك من وجوه الغرر، بخلاف البيوع والزواج، وله المطالبة بذلك كله، فإن سلم كان له، وإن لم يسلم فلا شيء له، والطلاق نافذ على حكمه.
وقال الشافعي: الخلع جائز وله مهر مثلها. وقال أبو ثور: الخلع باطل.
وهل الخلع طلاق أو فسخ
؟
ذهب الجمهور (الحنفية والمالكية، والشافعية على الراجح): إلى أن الخلع طلاق لا فسخ يقع به طلقة بائنة، لقوله تعالى:{فَلا جُناحَ عَلَيْهِما فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} وإنما يكون فداء إذا خرجت المرأة من سلطان الرجل، ولو لم يكن بائنا لملك الرجل الرجعة، وكانت تحت حكمه وقبضته، ولأن القصد إزالة الضرر عن المرأة، فلو جازت الرجعة لعاد الضرر.
أما كونه طلاقا: فلأنه لو كان فسخا لما جاز بأكثر من المهر، كالإقالة في البيع، مع أنه يجوز بالأكثر، وإذا بطل كونه فسخا، تعين كونه طلاقا.
واستدلوا أيضا بما
ورد عن ابن عباس في امرأة ثابت بن قيس: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: اقبل الحديقة، وطلقها طلقة واحدة»
(1)
.
(1)
أخرجه بهذا اللفظ البخاري، وأبو داود والنسائي.
والمعتمد لدى الحنابلة التفصيل: وهو أن الخلع طلاق بائن، إن وقع بلفظ الخلع والمفاداة ونحوهما، أو بكنايات الطلاق، ونوى به الطلاق، لأنه كناية نوى بها الطلاق، فكانت طلاقا.
وهو فسخ لا ينقص به عدد الطلاق إذا لم ينو طلاقا، بأن يقع بلفظ الخلع أو الفسخ أو المفاداة، ولا ينوي به طلاقا، فيكون فسخا لا ينقص به عدد الطلاق.
وذهب ابن عباس وطاوس وعكرمة وإسحاق وأحمد: إلى أن الخلع فسخ لا طلاق، لأن الله قال:{الطَّلاقُ مَرَّتانِ} ثم ذكر الخلع، ثم قال:{فَإِنْ طَلَّقَها فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ} فلو كان طلاقا لكان ذلك يدل على أن للرجل أربع تطليقات. ورد عليهم بأن الله قال: {الطَّلاقُ مَرَّتانِ} ثم بين أنه لا يجوز أخذ مال على الطلاق، إلا في الحال التي ذكرها الله:{فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاّ يُقِيما.} . سواء أكان ذلك عند الطلقة الأولى أم الثانية أم الثالثة، ثم بين الطلقة الثالثة بقوله:
{فَإِنْ طَلَّقَها فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ} .
واستدلوا أيضا بما روى أبو داود في سننه عن ابن عباس «أن امرأة ثابت بن قيس لما اختلعت منه، جعل النّبي صلى الله عليه وسلم عدتها حيضة» . ولو كان طلاقا لكانت عدتها ثلاثة قروء كما قال الله تعالى: {وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة 228/ 2].
وإذا وقع الخلع على غير عوض، كان طلاقا بائنا في رواية عن مالك. ووقع خلعا بعوض في الرواية الأخرى عنه، وفي رأي الحنفية والشافعية والحنابلة، لأن البدل في ذاته كالمهر لازم في الخلع على كل حال، بل إنه عند الحنابلة ركن، فإن خالعها بغير عوض، صح الخلع ولزم العوض عند الحنفية والشافعية، ولم يقع خلع ولا طلاق إلا إذا كان بلفظ طلاق، فيكون طلاقا رجعيا.