المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فقه الحياة أو الأحكام: - التفسير المنير - الزحيلي - جـ ٢

[وهبة الزحيلي]

فهرس الكتاب

- ‌التمهيد لتحويل القبلة

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة بين الآيات:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌تحويل القبلة

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌تاريخ النزول:

- ‌سبب نزول الآية: {الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ}:

- ‌المناسبة أو وجه الربط بين الآيات:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌وهل القبلة للغائب عين الكعبة أو الجهة

- ‌الاختلاف في القبلة وأسباب تحويلها

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌الصبر على البلاء

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب نزول الآية (154):

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌السعي بين الصفا والمروة وجزاء كتمان آيات الله

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌سبب نزول الآية (158):

- ‌سبب نزول الآية (159 وما بعدها):

- ‌المناسبة بين الآيات:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌وحدانية الإله ورحمته ومظاهر قدرته

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌وجه المناسبة أو الربط بين الآيات:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌حال المشركين مع آلهتهم

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌تحليل الطيبات ومنشأ تحريم المحرمات

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب نزول الآية (168):

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌الحلال والحرام من المآكل

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌كتمان أهل الكتاب ما أنزل الله

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب نزول الآية (174):

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌مظاهر البر الحقيقي

- ‌الإعراب:

- ‌ البلاغة

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌مشروعية القصاص وحكمته

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌مسائل فقهية:

- ‌1 - قتل الحر بالعبد والمسلم بالكافر:

- ‌2 - قتل الرجل بالمرأة:

- ‌3 - قتل الوالد بالولد:

- ‌4 - قتل الجماعة بالواحد:

- ‌5 - المماثلة في تطبيق القصاص (أداة القصاص):

- ‌6 - أخذ الدية من قاتل العمد:

- ‌7 - هل للنساء عفو

- ‌8 - هل الاتباع بالمعروف والأداء واجب أو مندوب

- ‌9 - حكم القاتل بعد أخذ الدية:

- ‌10 - القصاص للحاكم:

- ‌11 - القصاص من الحاكم نفسه:

- ‌الوصية الواجبة

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌مسائل فقهية:

- ‌1 - مقدار الوصية:

- ‌3 - وقال أئمة المذاهب الأربعة والأوزاعي:

- ‌6 - رجوع المجيزين للوصية للوارث في حياة الموصي بعد وفاته:

- ‌7 - وصية الصبي المميز والسفيه والمجنون:

- ‌8 - تبديل الوصية:

- ‌9 - الوصية بمعصية:

- ‌10 - الإصلاح والحكم بالظن:

- ‌11 - أفضلية الصدقة حال الحياة:

- ‌12 - الإضرار في الوصية:

- ‌فرضية الصيام

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب نزول الآية (184):

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌أحكام الصيام

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب نزول الآية (186):

- ‌سبب نزول الآية (187):

- ‌سبب زيادة {مِنَ الْفَجْرِ}:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌هل الدعاء يفيد

- ‌أكل الأموال بالباطل

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌التوقيت بالشهر القمري وحقيقة البر

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌قواعد القتال في سبيل الله

- ‌لبلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌مشروعية القتال:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌1 - هل آية {وَقاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ الَّذِينَ يُقاتِلُونَكُمْ} منسوخة

- ‌2 - أمان اللاجئ إلى الحرم:

- ‌3 - غاية القتال وحكمته:

- ‌وهل سبب القتال رد العدوان والإيذاء أو الكفر

- ‌4 - الظفر بالحق:

- ‌5 - المماثلة في القصاص:

- ‌6 - الجهاد بالنفس والمال:

- ‌7 - اقتحام أهوال الحرب أو العمل الفدائي:

- ‌أحكام الحج والعمرة

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان والأحكام:

- ‌1 - إتمام الحج والعمرة:

- ‌2 - اتفق العلماء على فرضية الحج، واختلفوا في العمرة

- ‌4 - الإحصار:

- ‌4 - حلق الرأس أو التقصير:

- ‌5 - جزاء الحلق وقتل الهوام:

- ‌6 - فدية المتمتع:

- ‌7 - وقت الحج: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ} فيه حذف، تقديره:

- ‌8 - من هم حاضرو المسجد الحرام

- ‌9 - ما يحظر في الإحرام:

- ‌10 - حكمة محرمات الإحرام:

- ‌تتمة أحكام الحج

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌نزول الآية (198):

- ‌نزول الآية (199):

- ‌نزول الآية (200):

- ‌نزول آخر الآية (200) والآيتين (200 - 201):

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌الناس إما منافقون أو مخلصون

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌الدعوة إلى قبول الإسلام واتباع أحكامه وجزاء المخالف

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌الحاجة إلى الرسل وما يلاقونه مع المؤمنين في دعوتهم

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌مقدار نفقة التطوع ومصرفها

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌فرضية القتال وإباحته في الأشهر الحرام

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌نزول الآية (216):

- ‌نزول الآية (217):

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌علة مشروعية القتال:

- ‌الارتداد والمرتد:

- ‌وهل يستتاب المرتد قبل قتله

- ‌المرحلة الثانية من مراحل تحريم الخمر وحرمة القمار

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌وأما سبب نزول قوله تعالى: {وَيَسْئَلُونَكَ ماذا يُنْفِقُونَ}:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌الخمر وأضرارها:

- ‌1 - مضارها الصحية:

- ‌2 - مضارها العقلية:

- ‌3 - مضارها المالية:

- ‌4 - مضارها الاجتماعية:

- ‌5 - مضارها الأدبية:

- ‌6 - مضارها العامة:

- ‌7 - مضارها الدينية:

- ‌الميسر أو القمار وأضراره:

- ‌إنفاق الزائد عن الحاجة (العفو):

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌الولاية على مال اليتيم

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌الاجتهاد:

- ‌زواج المسلم بالمشركة

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌الحيض وأحكامه

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌نزول الآية (222):

- ‌نزول الآية (223):

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌الحلف بالله ويمين اللغو

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌حكم الإيلاء

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌عدّة المطلّقة وحقوق النساء

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌1 - وجوب العدة:

- ‌2 - مشروعية الرجعة:

- ‌3 - حقوق الزوجين:

- ‌عدد الطلاق وما يترتب عليه من أحكام

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌نزول الآية (229):

- ‌نزول الآية (230):

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌1 - عدد الطلاق والسنة فيه:

- ‌2 - الخلع:

- ‌وهل الخلع طلاق أو فسخ

- ‌وهل يجبر الرجل على قبول الخلع

- ‌3 - نكاح المبتوتة:

- ‌وهل على الزوجة خدمة

- ‌واجب الرجل في معاملة المطلّقة وولاية التزويج

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌نزول الآية (231):

- ‌نزول الآية (232):

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌الاسترضاع بأجر ومدّة الرضاع ونفقة الأولاد وأحكام أخرى

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌عدة المتوفى عنها زوجها

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌ما تمتنع منه المعتدة:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌خطبة المتوفى عنها زوجها تعريضا ووقت العقد

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌المطلقة قبل الدخول ومتعتها أو وجوب نصف المهر لها

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌الحفاظ على الصلاة

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌وصية الحول للمتوفى عنها زوجها ومتعة كلّ مطلّقة

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌نزول الآية (240):

- ‌نزول الآية (241):

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌موت الأمم بالجبن والبخل وحياتها بالشجاعة والإنفاق

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌1 - الأعمار والأقدار والبلايا والأمراض بيد الله

- ‌2 - وجوب القتال:

- ‌3 - الإنفاق في سبيل الله:

- ‌قصة أبي الدحداح:

- ‌4 - أداء القرض:

- ‌5 - ثواب القرض:

- ‌6 - بعض أحكام القرض:

- ‌وهل يجوز القرض أو التصدق بالعرض

- ‌قصة النّبي صمويل والملك طالوت وترك بني إسرائيل الجهاد

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌إثبات ملك طالوت واختباره الأتباعوانهزام الفئة الكثيرة أمام الفئة القليلة

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌أضواء من التاريخ على قصة طالوت وجالوت

- ‌فقه الحياة أو الأحكام والعبرة من هذه القصة:

الفصل: ‌فقه الحياة أو الأحكام:

الأخلاق التي تسوء معاشرتها للزوج، وتفسد تربية الأولاد.

واعلموا علما يقينيا أنكم ستلقون ربكم في الآخرة، فيجازي المحسن بإحسانه، والمسيء بإساءته.

وبشر المؤمنين المستقيمين على أوامر الله بالفوز والكرامة والسعادة في الدنيا والآخرة. أما الذين يتجاوزون حدود الله، ويتبعون شهواتهم، ويخرجون عن السّنن المشروعة، فلا يسلمون من الضرر في الدنيا، والعذاب في الآخرة، وقد يكون ضرر الدنيا بالقلق والاضطراب، والهمّ والخوف ونحوهما من الأمراض النفسية.

‌فقه الحياة أو الأحكام:

دلّت الآية (222) على وجوب اعتزال المرأة في المحيض، لقوله تعالى:

{فَاعْتَزِلُوا النِّساءَ فِي الْمَحِيضِ} وهو أمر، والأمر يقتضي الوجوب. واختلف العلماء فيما يجب على الرجل اعتزاله من المرأة وهي حائض على أقوال ثلاث:

1 -

يجب اعتزال جميع بدن المرأة، لأن الله أمر باعتزال النساء، ولم يخصص من ذلك شيئا. وهو قول ابن عباس وعبيدة السّلماني، وهذا قول شاذّ خارج عن قول العلماء، وإن كان عموم الآية يقتضيه، فالسّنة الثابتة بخلافه.

2 -

يجب اعتزال موضع الأذى، وهو مخرج الدم، وهو قول الحنابلة، أخرج ابن جرير الطبري عن مسروق بن الأجدع قال: قلت لعائشة: ما يحلّ للرجل من امرأته إذا كانت حائضا؟ قالت: «كل شيء إلا الجماع» وهذا موافق للحديث المتقدم، ويؤيده

«أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يباشر نساءه وهنّ حيّض» فعلم منه أن المطلوب اعتزاله بعض جسدها دون بعض.

3 -

يعتزل ما بين السّرة والركبة، أي ما فوق الإزار، وهو قول الجمهور،

ص: 301

لقوله صلى الله عليه وسلم للسائل حين سأله: «ما يحلّ لي من امرأتي وهي حائض؟» فقال:

«لتشدّ عليها إزارها، ثم شأنك

(1)

بأعلاها».

وقوله عليه الصلاة والسلام لعائشة: «شدّي على نفسك إزارك، ثم عودي إلى مضجعك» ،

وقالت عائشة: «كانت إحدانا إذا كانت حائضا أمرها النّبي صلى الله عليه وسلم أن تأتزر، ثم يباشرها» .

ودلّت آية {وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتّى يَطْهُرْنَ} على حرمة الجماع في الحيض حتى الطهر، وللعلماء في ذلك آراء ثلاثة:

1 -

قال أبو حنيفة: يجوز أن تؤتى المرأة إذا انقطع دم الحيض ولو لم تغتسل بالماء، فإن انقطع دمها لأقل الحيض لم تحلّ حتى يمضي وقت صلاة كامل، وإذا انقطع دمها لأكثر الحيض، حلّت حينئذ.

2 -

قال الجمهور: لا تحلّ حتى ينقطع الحيض، وتغتسل بالماء غسل الجنابة.

3 -

قال طاوس ومجاهد: يكفي في حلّها أن تتوضأ للصلاة.

وسبب الخلاف: {حَتّى يَطْهُرْنَ، فَإِذا تَطَهَّرْنَ} : حمل أبو حنيفة الفعل الأول على انقطاع دم الحيض، والثاني على المعنى نفسه، أي فإذا انقطع دم الحيض، فاستعمل الفعل المشدد بمعنى المخفف. وقال الجمهور بالعكس، أي إنهم استعملوا المخفف بمعنى المشدد، والمراد: ولا تقربوهن حتى يغتسلن بالماء، فإذا اغتسلن فأتوهن، بدليل قراءة:{حَتّى يَطْهُرْنَ} بالتشديد، وبدليل قوله:

{وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} .

وللعلماء رأيان فيما يجب على من وطأ الحائض: فقال الجمهور: يستغفر الله ولا شيء عليه، لأن الحديث مضطرب عن ابن عباس، وإن مثله لا تقوم به

(1)

منصوب بإضمار فعل، ويجوز رفعه مبتدأ، والخبر محذوف تقديره: مباح أو جائز.

ص: 302

حجة، وإن الذمة على البراءة، ولا يثبت فيها شيء لمسكين ولا غيره إلا بدليل لا مطعن فيه.

وقال الحنابلة: عليه دينار إن كان في مقتبل الدم، ونصف دينار في مؤخر الدم، لما

رواه أبو داود والدارقطني وغيرهما عن ابن عباس عن النّبي صلى الله عليه وسلم:

«يتصدق بدينار، أو نصف دينار» ، وفي كتاب الترمذي:«إن كان دما أحمر فدينار، وإن كان دما أصفر فنصف دينار» . وهذا مستحب عند الشافعية والطبري.

وأجمع العلماء على أن للمرأة ثلاثة أحكام في رؤيتها الدم الظاهر، وهي:

الحيض المعروف، ودمه أسود خاثر تعلوه حمرة، وتترك له الصلاة والصوم، وتقضي الحائض الصوم ولا تقضي الصلاة.

واختلف العلماء في مقدار الحيض: فقال فقهاء المدينة منهم (مالك والشافعي وأحمد): أكثر الحيض خمسة عشر يوما، وما زاد على ذلك فهو استحاضة.

وأقلّه عند الشافعي وأحمد: يوم وليلة، وما دونه استحاضة، وأقلّه عند مالك: دفقة أو دفعة في لحظة.

وقال أبو حنيفة وأصحابه: أقل الحيض ثلاثة أيام، وأكثره عشرة، وما نقص أو زاد عن ذلك فهو استحاضة.

ودم النفاس عند الولادة كالحيض، وأقله عند الشافعية لحظة، ولا حدّ لأقله عند الأئمة الآخرين، وغالبة عند الشافعية أربعون، وأكثره عند المالكية والشافعية: ستون يوما، وعند الحنفية والحنابلة: أربعون يوما. والغسل منه كالغسل من الحيض والجنابة.

ص: 303

ودم الحيض والنفاس يمنعان أحد عشر شيئا، وهي: وجوب الصلاة، وصحة فعلها، وفعل الصوم دون وجوبه، والجماع في الفرج وما دونه، والعدّة، والطلاق، والطواف، ومسّ المصحف، ودخول المسجد، والاعتكاف فيه، وفي قراءة القرآن رأيان: الحرمة عند الجمهور، والإباحة عند المالكية.

ودم الاستحاضة: وهو دم ليس بعادة ولا طبع منهن، ولا خلقة، وإنما هو نزيف أو عرق انقطع، سائله: دم أحمر، لا انقطاع له إلا عند البرء منه، والمستحاضة لا يلزمها غير ذلك الغسل الذي تغتسل من حيضها ولكنها تتوضأ لكل صلاة.

ويجمع أحكام الحيض والاستحاضة ما

رواه مالك عن عائشة أنها قالت:

قالت فاطمة بنت أبي حبيش: يا رسول الله، إني لا أطهر! أفأدع الصلاة؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«إنما ذلك عرق وليس بالحيضة، إذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة، فإذا ذهب قدرها فاغسلي عنك الدم وصلّي» .

وفي قوله تعالى: {فَإِذا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللهُ} إيماء إلى أن الشريعة طلبت التزوج ورغبت عن الرهبانية، فليس لمسلم أن يترك الزواج على نية العبادة والتقرب إلى الله تعالى، لأنه سبحانه قد امتنّ علينا بالزواج بقوله:

{وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْها، وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً} [الروم 21/ 30]، وطلب إلينا أن ندعوه بالتوفيق بالسرور بالزوجة الصالحة والولد البارّ فقال:{رَبَّنا هَبْ لَنا مِنْ أَزْواجِنا وَذُرِّيّاتِنا قُرَّةَ أَعْيُنٍ} [الفرقان 74/ 25]، وقال:{رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً} [البقرة 201/ 2] وهي الزوجة الصالحة.

فالزواج الشرعي وقربان المرأة ابتغاء النسل قربة لله تعالى، وتركه مع القدرة عليه مخالف لطبيعة الفطرة وسنة الشرع،

قال صلى الله عليه وسلم في الصحيح: «وفي

ص: 304

بضع أحدكم صدقة، قالوا: يا رسول الله، أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟ قال: أرأيتم لو وضعها في حرام، أكان عليه وزر؟».

وتجبر الكتابية على الاغتسال من الحيض في رأي مالك-وفي رواية ابن القاسم عنه-ليحلّ لزوجها وطؤها، قال تعالى:{وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتّى يَطْهُرْنَ، فَإِذا تَطَهَّرْنَ} أي بالماء، ولم يخصّ مسلمة من غيرها. وهذا موافق لرأي الشافعية والحنابلة القائلين بأن الكافر مكلف بفروع الشريعة. وقال الحنفية: إنه غير مكلف بها.

وصفة غسل الحائض صفة غسلها من الجنابة، وليس عليها نقض شعرها في رأي الحنفية والمالكية، لما

رواه مسلم عن أم سلمة قالت: «قلت: يا رسول الله، إني أشدّ ضفر رأسي، أفأنقضه لغسل الجنابة؟ قال: لا إنما يكفيك أن تحثي على رأسك ثلاث حثيات، ثم تفيضين عليك الماء، فتطهرين» . ويجب نقض الضفائر في رأي الشافعية والحنابلة إن لم يصل الماء إلى باطنها إلا بالنقض، لما

روى البخاري عن عائشة: أن النّبي صلى الله عليه وسلم قال لها إذ كانت حائضا: «خذي ماءك وسدرك وامتشطي» ولا يكون المشط إلا في شعر غير مضفور. وخصصه الحنابلة في الحيض أو النفاس، ولم يوجبوا النقض في حال الجنابة إذا أروت أصوله، أخذا بحديث أم سلمة.

وقوله تعالى: {فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنّى شِئْتُمْ} تمثيل، أي فأتوهن كما تأتون أراضيكم التي تريدون أن تحرثوها من أي جهة شئتم، لا تحظر عليكم جهة دون جهة، والمعنى كما بيّنا: جامعوهن من أي شق أردتم، بعد أن يكون المأتى واحدا وهو موضع الحرث.

قال الزمخشري: قوله تعالى: {هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُوا النِّساءَ فِي الْمَحِيضِ} ، {مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللهُ} ، {فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنّى شِئْتُمْ}: من الكنايات اللطيفة

ص: 305