الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التفسير والبيان:
داوموا على الصلوات جميعها، لما فيها من مناجاة الله ودعائه والثناء عليه، ولأنها عماد الدين، ولما لها من الأثر الفعال في تطهير النفس، إذا كانت على النحو المقرر
في الحديث: «اعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه، فإنه يراك»
(1)
.
والصلاة الوسطى داخلة في الصلوات، وإنما خصها الله بالذكر تنبيها على شرفها في جنسها، وتذكيرا بها، سواء أكانت صلاة الظهر بسبب شدة الحر في الأقاليم الحارة، ولأنها في وسط النهار، كما رجح القرطبي، أم صلاة العصر حيث يشغل الناس عنها لإنهاء أعمالهم اليومية، وشكرا لله تعالى على التوفيق في إنجاز العمل اليومي الذي يعود بالثمرة الطيبة على النفس والأهل والوطن، أم صلاة الصبح، كما قال ابن عباس وابن عمر وأبو أمامة وعلي، بسبب الحرص على النوم والتكاسل عن أدائها، ولأنها أثقل صلاة على المنافقين، أم غير ذلك وهي المغرب أو العشاء أو الجمعة، وفي ذلك سبعة أقوال للعلماء، رجح ابن العربي أن تعيينها متعذر
(2)
.
وقوموا خاشعين لله في صلاتكم، متفرغين من كل مشاغل الدنيا التي تصرف القلب عن الخشوع، ذاكرين الله دون سواه، ساكتين لا تتكلمون بغير آي القرآن والدعاء والمناجاة بحسب تنظيم الشرع أحوال الصلاة. والقنوت في رأي مجاهد:
هو السكوت، ويدل عليه حديث زيد بن أرقم في سبب النزول المتقدم.
والمحافظة على الصلاة في وقتها مع الخشوع وحضور القلب دليل الإيمان وصحة الإسلام، وأخوة الدين، وحفظ الحقوق، والمحافظ عليها هو الذي يرجى خيره، ويؤمن شره،
روى أحمد وأصحاب السنن من حديث بريدة قال: سمعت
(1)
أخرجه البخاري ومسلم عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
(2)
أحكام القرآن: 224/ 1، وانظر أيضا البحر المحيط: 240/ 2 وما بعدها.
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «العهد الذي بيننا وبينكم: الصلاة، فمن تركها فقد كفر»
وروى أحمد والطبراني عن عبد الله بن عمرو عن النّبي صلى الله عليه وسلم «أنه ذكر الصلاة يوما، فقال: من حافظ عليها كانت له نورا وبرهانا ونجاة يوم القيامة، ومن لم يحافظ عليها، لم تكن له نورا ولا برهانا ولا نجاة، وكان يوم القيامة مع قارون وفرعون وهامان وأبيّ بن خلف» .
وكان من أثر ترك الصلاة على الوجه الشرعي فشو المنكرات والفواحش، وظهور الخيانة، وزعزعة الأمن على النفس والمال، وكثرة الاعتداءات، وانقباض الأيدي عن فعل الخير، وقلة التراحم والتعاطف، وسوء الظن، وضعف الثقة بين الناس.
ونظرا لأهمية الصلاة وخطورتها لم يجز الإسلام تركها في أي حال من الأحوال، لذا قال الله تعالى ما معناه: لا عذر لأحد في ترك الصلاة، حتى في حال الخوف على النفس أو المال أو العرض من العدو، فإن خفتم أي ضرر من القيام، فصلوا كيفما كان راجلين (مشاة) أو ركبانا. فإذا أمنتم أي زال الخوف عنكم، فاذكروا الله واعبدوه، واشكروه على نعمة الأمن، كما علمكم من الشرائع، وكيفية صلاة الأمن، ما لم تكونوا تعلمون.
والمراد: ما لم تكونوا تعلمون من صلاة الأمن، أو فإذا أمنتم فاشكروا الله على الأمن، واذكروه بالعبادة، كما أحسن إليكم بما علمكم من الشرائع، وكيف تصلون في حال الخوف وفي حال الأمن
(1)
. وقال القرطبي: المعنى: ارجعوا إلى ما أمرتم به من إتمام الأركان، واشكروا الله على هذه النعمة في تعليمكم هذه الصلاة التي وقع بها الإجزاء، ولم تفتكم صلاة من الصلوات، وهو الذي لم تكونوا تعلمونه
(2)
.
(1)
الكشاف: 285/ 1 - 286
(2)
تفسير القرطبي: 225/ 3