المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

هو موجه كلّ منهم إلى قبلته، ففيه تنبيه على شكر - التفسير المنير - الزحيلي - جـ ٢

[وهبة الزحيلي]

فهرس الكتاب

- ‌التمهيد لتحويل القبلة

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة بين الآيات:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌تحويل القبلة

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌تاريخ النزول:

- ‌سبب نزول الآية: {الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ}:

- ‌المناسبة أو وجه الربط بين الآيات:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌وهل القبلة للغائب عين الكعبة أو الجهة

- ‌الاختلاف في القبلة وأسباب تحويلها

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌الصبر على البلاء

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب نزول الآية (154):

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌السعي بين الصفا والمروة وجزاء كتمان آيات الله

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌سبب نزول الآية (158):

- ‌سبب نزول الآية (159 وما بعدها):

- ‌المناسبة بين الآيات:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌وحدانية الإله ورحمته ومظاهر قدرته

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌وجه المناسبة أو الربط بين الآيات:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌حال المشركين مع آلهتهم

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌تحليل الطيبات ومنشأ تحريم المحرمات

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب نزول الآية (168):

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌الحلال والحرام من المآكل

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌كتمان أهل الكتاب ما أنزل الله

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب نزول الآية (174):

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌مظاهر البر الحقيقي

- ‌الإعراب:

- ‌ البلاغة

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌مشروعية القصاص وحكمته

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌مسائل فقهية:

- ‌1 - قتل الحر بالعبد والمسلم بالكافر:

- ‌2 - قتل الرجل بالمرأة:

- ‌3 - قتل الوالد بالولد:

- ‌4 - قتل الجماعة بالواحد:

- ‌5 - المماثلة في تطبيق القصاص (أداة القصاص):

- ‌6 - أخذ الدية من قاتل العمد:

- ‌7 - هل للنساء عفو

- ‌8 - هل الاتباع بالمعروف والأداء واجب أو مندوب

- ‌9 - حكم القاتل بعد أخذ الدية:

- ‌10 - القصاص للحاكم:

- ‌11 - القصاص من الحاكم نفسه:

- ‌الوصية الواجبة

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌مسائل فقهية:

- ‌1 - مقدار الوصية:

- ‌3 - وقال أئمة المذاهب الأربعة والأوزاعي:

- ‌6 - رجوع المجيزين للوصية للوارث في حياة الموصي بعد وفاته:

- ‌7 - وصية الصبي المميز والسفيه والمجنون:

- ‌8 - تبديل الوصية:

- ‌9 - الوصية بمعصية:

- ‌10 - الإصلاح والحكم بالظن:

- ‌11 - أفضلية الصدقة حال الحياة:

- ‌12 - الإضرار في الوصية:

- ‌فرضية الصيام

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب نزول الآية (184):

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌أحكام الصيام

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب نزول الآية (186):

- ‌سبب نزول الآية (187):

- ‌سبب زيادة {مِنَ الْفَجْرِ}:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌هل الدعاء يفيد

- ‌أكل الأموال بالباطل

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌التوقيت بالشهر القمري وحقيقة البر

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌قواعد القتال في سبيل الله

- ‌لبلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌مشروعية القتال:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌1 - هل آية {وَقاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ الَّذِينَ يُقاتِلُونَكُمْ} منسوخة

- ‌2 - أمان اللاجئ إلى الحرم:

- ‌3 - غاية القتال وحكمته:

- ‌وهل سبب القتال رد العدوان والإيذاء أو الكفر

- ‌4 - الظفر بالحق:

- ‌5 - المماثلة في القصاص:

- ‌6 - الجهاد بالنفس والمال:

- ‌7 - اقتحام أهوال الحرب أو العمل الفدائي:

- ‌أحكام الحج والعمرة

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان والأحكام:

- ‌1 - إتمام الحج والعمرة:

- ‌2 - اتفق العلماء على فرضية الحج، واختلفوا في العمرة

- ‌4 - الإحصار:

- ‌4 - حلق الرأس أو التقصير:

- ‌5 - جزاء الحلق وقتل الهوام:

- ‌6 - فدية المتمتع:

- ‌7 - وقت الحج: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ} فيه حذف، تقديره:

- ‌8 - من هم حاضرو المسجد الحرام

- ‌9 - ما يحظر في الإحرام:

- ‌10 - حكمة محرمات الإحرام:

- ‌تتمة أحكام الحج

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌نزول الآية (198):

- ‌نزول الآية (199):

- ‌نزول الآية (200):

- ‌نزول آخر الآية (200) والآيتين (200 - 201):

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌الناس إما منافقون أو مخلصون

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌الدعوة إلى قبول الإسلام واتباع أحكامه وجزاء المخالف

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌الحاجة إلى الرسل وما يلاقونه مع المؤمنين في دعوتهم

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌مقدار نفقة التطوع ومصرفها

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌فرضية القتال وإباحته في الأشهر الحرام

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌نزول الآية (216):

- ‌نزول الآية (217):

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌علة مشروعية القتال:

- ‌الارتداد والمرتد:

- ‌وهل يستتاب المرتد قبل قتله

- ‌المرحلة الثانية من مراحل تحريم الخمر وحرمة القمار

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌وأما سبب نزول قوله تعالى: {وَيَسْئَلُونَكَ ماذا يُنْفِقُونَ}:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌الخمر وأضرارها:

- ‌1 - مضارها الصحية:

- ‌2 - مضارها العقلية:

- ‌3 - مضارها المالية:

- ‌4 - مضارها الاجتماعية:

- ‌5 - مضارها الأدبية:

- ‌6 - مضارها العامة:

- ‌7 - مضارها الدينية:

- ‌الميسر أو القمار وأضراره:

- ‌إنفاق الزائد عن الحاجة (العفو):

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌الولاية على مال اليتيم

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌الاجتهاد:

- ‌زواج المسلم بالمشركة

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌الحيض وأحكامه

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌نزول الآية (222):

- ‌نزول الآية (223):

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌الحلف بالله ويمين اللغو

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌حكم الإيلاء

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌عدّة المطلّقة وحقوق النساء

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌1 - وجوب العدة:

- ‌2 - مشروعية الرجعة:

- ‌3 - حقوق الزوجين:

- ‌عدد الطلاق وما يترتب عليه من أحكام

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌نزول الآية (229):

- ‌نزول الآية (230):

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌1 - عدد الطلاق والسنة فيه:

- ‌2 - الخلع:

- ‌وهل الخلع طلاق أو فسخ

- ‌وهل يجبر الرجل على قبول الخلع

- ‌3 - نكاح المبتوتة:

- ‌وهل على الزوجة خدمة

- ‌واجب الرجل في معاملة المطلّقة وولاية التزويج

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌نزول الآية (231):

- ‌نزول الآية (232):

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌الاسترضاع بأجر ومدّة الرضاع ونفقة الأولاد وأحكام أخرى

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌عدة المتوفى عنها زوجها

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌ما تمتنع منه المعتدة:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌خطبة المتوفى عنها زوجها تعريضا ووقت العقد

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌المطلقة قبل الدخول ومتعتها أو وجوب نصف المهر لها

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌الحفاظ على الصلاة

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌وصية الحول للمتوفى عنها زوجها ومتعة كلّ مطلّقة

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌نزول الآية (240):

- ‌نزول الآية (241):

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌موت الأمم بالجبن والبخل وحياتها بالشجاعة والإنفاق

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌1 - الأعمار والأقدار والبلايا والأمراض بيد الله

- ‌2 - وجوب القتال:

- ‌3 - الإنفاق في سبيل الله:

- ‌قصة أبي الدحداح:

- ‌4 - أداء القرض:

- ‌5 - ثواب القرض:

- ‌6 - بعض أحكام القرض:

- ‌وهل يجوز القرض أو التصدق بالعرض

- ‌قصة النّبي صمويل والملك طالوت وترك بني إسرائيل الجهاد

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌إثبات ملك طالوت واختباره الأتباعوانهزام الفئة الكثيرة أمام الفئة القليلة

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌أضواء من التاريخ على قصة طالوت وجالوت

- ‌فقه الحياة أو الأحكام والعبرة من هذه القصة:

الفصل: هو موجه كلّ منهم إلى قبلته، ففيه تنبيه على شكر

هو موجه كلّ منهم إلى قبلته، ففيه تنبيه على شكر الله إذ وفق المسلمين إلى اتباع ما أمر به من التوجه واختيارهم له.

‌التفسير والبيان:

تستمر هذه الآيات في تأييد موقف النّبي صلى الله عليه وسلم في اتجاهه إلى الكعبة، وإبطال دعاوى المنكرين. فذكر الله تعالى أن لكل أمة قبلة خاصة بها، فلليهود قبلة، وللنصارى قبلة، وللمسلمين قبلة، وليس لكل الأمم قبلة واحدة، والواجب التسليم لأمر الوحي، وليست القبلة أساس الدين، وإنما المهم التسابق إلى فعل الخيرات، والله يجازي كل عامل بما عمل، والأمكنة في ميزان الله واحدة، فلا تجادلوا في تحويل القبلة، ولا تعترضوا عليه، وقبلة المسلمين واحدة في مختلف أنحاء الأرض، في البرّ والبحر والجو، ولا فائدة من محاجة المشركين في القبلة، بل اخشوا الله ولا تعصوا له أمرا، فأينما تكونوا يأت بكم الله جميعا يوم القيامة، فيحاسبكم على أعمالكم، والله على كل شيء قدير.

وتفصيل هذا المعنى الإجمالي فيما يأتي:

لكل أمة جهة توليها في صلاتها، فإبراهيم وإسماعيل كانا يتجهان نحو الكعبة، وبنو إسرائيل يستقبلون صخرة بيت المقدس، والنصارى يستقبلون المشرق، وهدى الله المسلمين إلى الكعبة، فالقبلة مختلفة باختلاف الأمم، وليست الجهة أساسا في الدين مثل توحيد الله والإيمان باليوم الآخر، والمطلوب التسليم لأمر الوحي، وتنفيذ الطاعات.

فبادروا في فعل أنواع الخير، وليحرص كل إنسان على أن يكون سباقا إليه، مبتعدا عن كل شرّ وضلال، والشأن فقط لعمل البرّ، والبلاد والجهات ليست أساس القربة إلى الله تعالى، وهي سواء عند الله، والله يأتي بكم في أي مكان تقيمون فيه، ويجمعكم للحساب. والدليل أن الله لا يعجزه أن يحشر الناس يوم

ص: 31

الجزاء، مهما بعدت المسافات. وهذه الآية شبيهة بقوله تعالى:{لِكُلٍّ جَعَلْنا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهاجاً، وَلَوْ شاءَ اللهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً واحِدَةً، وَلكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي ما آتاكُمْ، فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ، إِلَى اللهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً} [المائدة 48/ 5].

والاتجاه إلى الكعبة أو المسجد الحرام شريعة عامة في كل زمان ومكان، ففي أي بقعة كنت، فاتجه جهة المسجد الحرام، وقد أعاد الله الأمر بالتوجه إلى الكعبة ثلاث مرات في هذه الآية، بعد الأمر به مرتين في الآية (144) ليبين أن الحكم عام في كل زمان ومكان، وذكر القرآن مع كل أمر ما يناسبه:

فمع الأمر الأول في الآية (144) أثبت فيها ذاتها أن الذين أوتوا الكتاب يعلمون أنه الحق.

ومع الأمر الثاني في الآية (149) أوضح أنه الحق الثابت من عند الله، الذي لا يعرض له نسخ ولا تبديل، وأن تولي النّبي صلى الله عليه وآله وسلم إياه هو الموافق للحكمة والمصلحة، وأن الله ليس بغافل عن أعمال الناس، وإخلاصهم في متابعة النّبي صلى الله عليه وسلم في كل ما يجيء به من أمر الدين، وسيجازيهم خير الجزاء. وفي هذا وعد للمؤمنين الطائعين بنيل المكافأة على أفعالهم، ووعيد للعصاة بمجازاتهم على أعمالهم.

ومع الأمر الثالث في الآية (150) ذكر الله الحكمة في تحويل القبلة وهي منافع ثلاث:

1 -

{لِئَلاّ يَكُونَ لِلنّاسِ} -أهل الكتاب والمشركين-حجة على المسلمين، فأهل الكتاب كانوا يعرفون أن النّبي الذي يبعث من ولد إسماعيل يكون على قبلته وهي الكعبة، فبقاؤه في اتجاه الصلاة إلى بيت المقدس دائما طعن في نبوته. ويعلمون أيضا من صفة هذه الأمة التوجه إلى الكعبة، فإذا فقدوا تلك الصفة، ربما احتجوا بها على المسلمين. والمشركون كانوا يرون أن نبيا من ولد إبراهيم عليه السلام، جاء لإحياء ملة أبيه، فلا ينبغي له أن يستقبل غير

ص: 32

بيت ربه الذي بناه جدّه إبراهيم مع ابنه إسماعيل، فجاء التحويل موافقا لما يرونه، ودحضت حجة الفريقين، ومن ورائهم المنافقون.

لكن الذين ظلموا أنفسهم منهم بالعناد وهم مشركو قريش الذين لا يهتدون بكتاب، ولا يؤمنون ببرهان، لأنهم السفهاء، لا تخشوهم في توجهكم إلى الكعبة، لأن كلامهم لا يستند إلى دليل معقول، واخشوا صاحب الحق وحده.

ومن أقاويل هؤلاء الظالمين الضالين: أن اليهود قالوا: ما تحول إلى الكعبة إلا ميلا لدين قومه، وحبا لبلده، ولو كان على الحق للزم قبلة الأنبياء قبله.

وقال المشركون: رجع إلى قبلتنا وسيرجع إلى ديننا، وقال المنافقون: إنه غير مستقر على قبلة، بل هو متردد مضطرب. وكل تلك الآراء لا حجة صحيحة فيها، ولا برهان يقبله العقل منها، وإنما هي جدل في دين الله، وذريعة إلى عدم الإيمان برسالة محمد صلى الله عليه وسلم، فاثبتوا أيها المؤمنون على قبلتكم، ولا تخشوا الظالمين في توجهكم إلى الكعبة، لأن كلامهم لا سند له من عقل أو هدي سماوي.

واخشوا الله، فلا تخالفوا ما جاءكم به رسول الله، فهو المنفذ لما وعدكم به، وفي هذا إشارة إلى أن المحق هو الذي يخشى جانبه، وأما المبطل فلا يؤبه له.

2 -

{وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ} بتخصيصكم بقبلة مستقلة في بيت ربكم الذي بناه جدّكم إبراهيم، وطهّره من عبادة الأصنام والأوثان، وجعل أفئدة الناس وشعوب العالم تهوي إليه، وتكون سببا في تحقيق منافع مادية ومعنوية لا حصر لها، وجعل محمد بن عبد الله نبيا عربيا من ولد إبراهيم، وإنزال القرآن عليه بلسان عربي مبين، وظهوره في العرب بين أهله وعشيرته الذين أحبوا أن تكون وجهتهم الكعبة، فكان التحويل إلى الكعبة نعمة تامة من الله على المسلمين والعرب.

3 -

{وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} أي ولتهتدوا بالثبات على الحق وعدم المعارضة

ص: 33

فيه، فإن الفتنة التي أثارها السفهاء بتحويل القبلة أظهرت قوة الحق والإيمان، وضعف الباطل والكفر، ومحّصت المؤمنين، وأظهرت المنافقين، وخذلت الكافرين.

والخلاصة: لقد أتم الله نعمته عليكم باستقلالكم بالبيت الذي جعله قبلة لكم، كما أتمها عليكم بإرسال رسول منكم: وهو محمد صلى الله عليه وسلم، يتلو عليكم الآيات التي ترشد إلى الحق، وتهدي إلى سبيل الرشاد، ويقيم لكم الأدلة القاطعة على وحدانية الله وعظيم قدرته، ويطهركم من رجس الوثنية، ويعلمكم ما به تسمو نفوسكم، وتزكو، من أشرف العلوم، واحترام العقل، ونبذ التقليد الأعمى، وجعل الدين عاصما من كل زيغ وانحراف، كما أنه يطهر نفوسكم من عادات الجاهلية القبيحة مثل وأد البنات، وقتل الأولاد تخلصا من النفقة، وسفك الدماء لأوهن الأسباب.

ويعلمكم القرآن الكريم، ويبين لكم الأحكام الشرعية، والأسرار التشريعية التي من أجلها كان القرآن هدى ونورا.

ويعلمكم أيضا الحكمة: وهي معرفة أسرار الأحكام وغاياتها، وبواعثها على العمل والطاعة، كما يعلمكم السنة النّبوية والسيرة الحميدة في شؤون الحياة في السلم والحرب، والقلة والكثرة، والسفر والإقامة. حتى أصبح أصحاب النّبي الذين أطلعهم على أسرار التشريع وفقه الدين حكماء علماء أذكياء، وصار الواحد منهم يحكم البلاد، ويقود الأمة، ويقيم فيها العدل ويحسن السياسة، وهو لم يحفظ من القرآن إلا بعضه، لكنه عرف سرّه، وفقه غايته.

ويعلمكم ما لم تكونوا تعلمون من أخبار المغيبات، وسير الأنبياء، وقصص الأقوام الغابرة، وأحوال الأمم البائدة أو التي كانت مجهولة عند العرب، وغيرهم من أهل الكتاب أيضا. لهذا ندب الله المؤمنين إلى الاعتراف بهذه النعمة، ومقابلتها بذكره وشكره، فقال:{فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ} .

ص: 34