المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فقه الحياة أو الأحكام: - التفسير المنير - الزحيلي - جـ ٢

[وهبة الزحيلي]

فهرس الكتاب

- ‌التمهيد لتحويل القبلة

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة بين الآيات:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌تحويل القبلة

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌تاريخ النزول:

- ‌سبب نزول الآية: {الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ}:

- ‌المناسبة أو وجه الربط بين الآيات:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌وهل القبلة للغائب عين الكعبة أو الجهة

- ‌الاختلاف في القبلة وأسباب تحويلها

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌الصبر على البلاء

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب نزول الآية (154):

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌السعي بين الصفا والمروة وجزاء كتمان آيات الله

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌سبب نزول الآية (158):

- ‌سبب نزول الآية (159 وما بعدها):

- ‌المناسبة بين الآيات:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌وحدانية الإله ورحمته ومظاهر قدرته

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌وجه المناسبة أو الربط بين الآيات:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌حال المشركين مع آلهتهم

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌تحليل الطيبات ومنشأ تحريم المحرمات

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب نزول الآية (168):

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌الحلال والحرام من المآكل

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌كتمان أهل الكتاب ما أنزل الله

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب نزول الآية (174):

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌مظاهر البر الحقيقي

- ‌الإعراب:

- ‌ البلاغة

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌مشروعية القصاص وحكمته

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌مسائل فقهية:

- ‌1 - قتل الحر بالعبد والمسلم بالكافر:

- ‌2 - قتل الرجل بالمرأة:

- ‌3 - قتل الوالد بالولد:

- ‌4 - قتل الجماعة بالواحد:

- ‌5 - المماثلة في تطبيق القصاص (أداة القصاص):

- ‌6 - أخذ الدية من قاتل العمد:

- ‌7 - هل للنساء عفو

- ‌8 - هل الاتباع بالمعروف والأداء واجب أو مندوب

- ‌9 - حكم القاتل بعد أخذ الدية:

- ‌10 - القصاص للحاكم:

- ‌11 - القصاص من الحاكم نفسه:

- ‌الوصية الواجبة

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌مسائل فقهية:

- ‌1 - مقدار الوصية:

- ‌3 - وقال أئمة المذاهب الأربعة والأوزاعي:

- ‌6 - رجوع المجيزين للوصية للوارث في حياة الموصي بعد وفاته:

- ‌7 - وصية الصبي المميز والسفيه والمجنون:

- ‌8 - تبديل الوصية:

- ‌9 - الوصية بمعصية:

- ‌10 - الإصلاح والحكم بالظن:

- ‌11 - أفضلية الصدقة حال الحياة:

- ‌12 - الإضرار في الوصية:

- ‌فرضية الصيام

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب نزول الآية (184):

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌أحكام الصيام

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب نزول الآية (186):

- ‌سبب نزول الآية (187):

- ‌سبب زيادة {مِنَ الْفَجْرِ}:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌هل الدعاء يفيد

- ‌أكل الأموال بالباطل

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌التوقيت بالشهر القمري وحقيقة البر

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌قواعد القتال في سبيل الله

- ‌لبلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌مشروعية القتال:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌1 - هل آية {وَقاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ الَّذِينَ يُقاتِلُونَكُمْ} منسوخة

- ‌2 - أمان اللاجئ إلى الحرم:

- ‌3 - غاية القتال وحكمته:

- ‌وهل سبب القتال رد العدوان والإيذاء أو الكفر

- ‌4 - الظفر بالحق:

- ‌5 - المماثلة في القصاص:

- ‌6 - الجهاد بالنفس والمال:

- ‌7 - اقتحام أهوال الحرب أو العمل الفدائي:

- ‌أحكام الحج والعمرة

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان والأحكام:

- ‌1 - إتمام الحج والعمرة:

- ‌2 - اتفق العلماء على فرضية الحج، واختلفوا في العمرة

- ‌4 - الإحصار:

- ‌4 - حلق الرأس أو التقصير:

- ‌5 - جزاء الحلق وقتل الهوام:

- ‌6 - فدية المتمتع:

- ‌7 - وقت الحج: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ} فيه حذف، تقديره:

- ‌8 - من هم حاضرو المسجد الحرام

- ‌9 - ما يحظر في الإحرام:

- ‌10 - حكمة محرمات الإحرام:

- ‌تتمة أحكام الحج

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌نزول الآية (198):

- ‌نزول الآية (199):

- ‌نزول الآية (200):

- ‌نزول آخر الآية (200) والآيتين (200 - 201):

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌الناس إما منافقون أو مخلصون

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌الدعوة إلى قبول الإسلام واتباع أحكامه وجزاء المخالف

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌الحاجة إلى الرسل وما يلاقونه مع المؤمنين في دعوتهم

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌مقدار نفقة التطوع ومصرفها

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌فرضية القتال وإباحته في الأشهر الحرام

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌نزول الآية (216):

- ‌نزول الآية (217):

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌علة مشروعية القتال:

- ‌الارتداد والمرتد:

- ‌وهل يستتاب المرتد قبل قتله

- ‌المرحلة الثانية من مراحل تحريم الخمر وحرمة القمار

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌وأما سبب نزول قوله تعالى: {وَيَسْئَلُونَكَ ماذا يُنْفِقُونَ}:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌الخمر وأضرارها:

- ‌1 - مضارها الصحية:

- ‌2 - مضارها العقلية:

- ‌3 - مضارها المالية:

- ‌4 - مضارها الاجتماعية:

- ‌5 - مضارها الأدبية:

- ‌6 - مضارها العامة:

- ‌7 - مضارها الدينية:

- ‌الميسر أو القمار وأضراره:

- ‌إنفاق الزائد عن الحاجة (العفو):

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌الولاية على مال اليتيم

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌الاجتهاد:

- ‌زواج المسلم بالمشركة

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌الحيض وأحكامه

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌نزول الآية (222):

- ‌نزول الآية (223):

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌الحلف بالله ويمين اللغو

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌حكم الإيلاء

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌عدّة المطلّقة وحقوق النساء

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌1 - وجوب العدة:

- ‌2 - مشروعية الرجعة:

- ‌3 - حقوق الزوجين:

- ‌عدد الطلاق وما يترتب عليه من أحكام

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌نزول الآية (229):

- ‌نزول الآية (230):

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌1 - عدد الطلاق والسنة فيه:

- ‌2 - الخلع:

- ‌وهل الخلع طلاق أو فسخ

- ‌وهل يجبر الرجل على قبول الخلع

- ‌3 - نكاح المبتوتة:

- ‌وهل على الزوجة خدمة

- ‌واجب الرجل في معاملة المطلّقة وولاية التزويج

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌نزول الآية (231):

- ‌نزول الآية (232):

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌الاسترضاع بأجر ومدّة الرضاع ونفقة الأولاد وأحكام أخرى

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌عدة المتوفى عنها زوجها

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌ما تمتنع منه المعتدة:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌خطبة المتوفى عنها زوجها تعريضا ووقت العقد

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌المطلقة قبل الدخول ومتعتها أو وجوب نصف المهر لها

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌الحفاظ على الصلاة

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌وصية الحول للمتوفى عنها زوجها ومتعة كلّ مطلّقة

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌نزول الآية (240):

- ‌نزول الآية (241):

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌موت الأمم بالجبن والبخل وحياتها بالشجاعة والإنفاق

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌1 - الأعمار والأقدار والبلايا والأمراض بيد الله

- ‌2 - وجوب القتال:

- ‌3 - الإنفاق في سبيل الله:

- ‌قصة أبي الدحداح:

- ‌4 - أداء القرض:

- ‌5 - ثواب القرض:

- ‌6 - بعض أحكام القرض:

- ‌وهل يجوز القرض أو التصدق بالعرض

- ‌قصة النّبي صمويل والملك طالوت وترك بني إسرائيل الجهاد

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌إثبات ملك طالوت واختباره الأتباعوانهزام الفئة الكثيرة أمام الفئة القليلة

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌أضواء من التاريخ على قصة طالوت وجالوت

- ‌فقه الحياة أو الأحكام والعبرة من هذه القصة:

الفصل: ‌فقه الحياة أو الأحكام:

بهم وبغيرهم من المؤمنين، فلا يؤاخذهم بما سلف، لأن رحمته وسعت كل شيء.

ومعنى {تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ} : أي ينتظر الزوج أربعة أشهر من حين الحلف، ثم يوقف، ويطالب بالفيئة أو الطلاق، ولهذا قال:{فَإِنْ فاؤُ} . وإن عزموا الطلاق، فلم يفيئوا إلى نسائهم، فإن الله سميع لإيلائهم وطلاقهم، عليم بنياتهم، وبما ارتكبوه مما يحرم أو يحلّ، فليراقبوه فيما يفعلون، فإن أرادوا إيذاء النساء ومضارتهن، فهو يتولى عقابهم، وإن كان لهم عذر شرعي مثل حملهن على إقامة حدود الله، فالله يغفر لهم.

ومجمل الحكم: أن من حلف على ترك قربان امرأته واستمر على امتناعه أربعة أشهر، فإما أن يفيء إلى زوجته، ويحنث في يمينه، ويكفّر عنها، وإما أن يطلق، فإن أبى الطلاق طلّق عليه القاضي. أي له الخيار بين أمرين: الفيئة أو الطلاق. والفيئة أفضل من الطلاق، لأن الله جعل جزاءها المغفرة والرحمة، وهدد في حال الطلاق بأن الله سميع لأقوالهم عليم بنواياهم وأفعالهم.

‌فقه الحياة أو الأحكام:

دلّ قوله تعالى: {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسائِهِمْ} على أن الإيلاء يختص بالزوجات.

ويلزم الإيلاء كلّ من يلزمه الطلاق، فالحرّ والعبد والسكران يلزمه الإيلاء، وكذلك السفيه والمولى عليه إذا كان بالغا غير مجنون، وكذلك الخصي غير المجبوب، والشيخ الكبير إذا كان فيه بقية قوة ونشاط. أما المجبوب:

فللشافعي فيه قولان: قول: لا إيلاء له، وقول: يصحّ إيلاؤه، والأول أصح.

ويصحّ إيلاء الأخرس بما يفهم عنه من كتابة أو إشارة مفهومة، ويقع إيلاء الأعجمي كالعربي بلغته.

واختلف العلماء فيما يقع به الإيلاء من اليمين:

ص: 313

فقال الشافعي في الجديد: لا يقع الإيلاء إلا باليمين بالله تعالى وحده،

لقوله عليه الصلاة والسلام: «من كان حالفا، فليحلف بالله أو ليصمت» .

وقال الحنفية والمالكية: يصحّ الإيلاء باليمين، أو بالحلف على ترك الوط ء بالطلاق أو العتاق، أو نذر التصدق بالمال أو الحج، أو الظهار، لقول ابن عباس:«كلّ يمين منعت جماعا فهي إيلاء. وكلّ من حلف بالله أو بصفة من صفاته، فقال: أقسم بالله أو أشهد بالله، أو علي عهد الله وكفالته وميثاقه وذمّته، فإنه يلزمه الإيلاء اتفاقا» . وأضاف المالكية: أنه لا تشترط اليمين في الإيلاء، فإذا امتنع الرجل من الوط ء بقصد الإضرار من غير عذر، ولم يحلف، كان موليا، لوقوع الضرر.

وقال الحنابلة على الرواية المشهورة: لا يكون الإيلاء بالحلف بالطلاق والعتاق، بدليل قراءة أبي وابن عباس:«للذين يقسمون» بدل {يُؤْلُونَ} .

فإن حلف بالله ألا يطأ واستثنى، بأن قال: إن شاء الله، فالأصح لدى المالكية وفقهاء الأمصار: ليس بمول، لأن الاستثناء يحلّ اليمين، ويجعل الحالف كأنه لم يحلف.

وكذا إن حلف بالنّبي أو بالملائكة أو بالكعبة ألا يطأها، أو قال: هو يهودي أو نصراني أو زان إن وطئها: ليس بمول، في رأي مالك وغيره.

واختلف العلماء في صفة اليمين التي يكون بها الحالف موليا.

فقال جماعة (علي وابن عباس والزهري): لا يكون موليا إلا إذا حلف على ترك الوط ء إضرارا بها، أما إذا حلف لا على وجه الإضرار، فلا يكون موليا، لأن الله جعل مدة الإيلاء مخرجا من سوء عشرة الرجل ومضارته، فإذا لم يقصد الضرر، وإنما قصد الصلاح والخير، لم يكن موليا، فلا معنى لتحديد الأجل، حتى تتخلّص من مساءته.

ص: 314

وقال آخرون: إنه يكون موليا، سواء أحلف على ترك غشيانها إضرارا بها، أم لمصلحة.

وقال بعضهم: ليست يمين الإيلاء مقصورة على الحلف بترك الوط ء، بل تكون بالحلف على غيره أيضا، كأن يحلف ليغضبنها، أو ليسوءنها، أو ليحرمنها، أو ليخاصمنها، كل ذلك إيلاء.

واختلف الفقهاء في الفيء:

فقال الجمهور: هو غشيان المرأة الذي امتنع عنه، لا فيئة له إلا ذلك، فإن كان هناك عذر من مرض أو سفر، ومضت مدة الإيلاء دون وط ء، بانت منه في رأي طائفة، وقال الأكثرون منهم المالكية: لا تبين منه، وارتجاعه صحيح وهي امرأته.

وقال الحنفية: الفيء إما بالفعل وهو الجماع في الفرج، وإما بالقول: كأن يقول: فئت إليك، أو راجعتك، وما أشبه ذلك.

وأما الطلاق بعد ترك الفيء في الإيلاء ففيه اختلاف أيضا:

فقال الحنفية: الفيء يكون قبل مضي المدة، فإذا مضت الأربعة الأشهر بدون فيئة، وقع الطلاق طلاقا بائنا.

وقال الجمهور: لا يقع الطلاق بمجرد مضي المدة، فإن مضى الأجل، لا يقع به طلاق، وإنما ترفع المرأة الأمر إلى القاضي، فإما فاء وإما طلّق، أي إن الطلاق يقع بتطليق الزوج، أو القاضي إذا رفعت الزوجة الأمر إليه.

ومنشأ الخلاف: اختلافهم في تأويل آية: {فَإِنْ فاؤُ فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ * وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ، فَإِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} فرأى الحنفية: إن فاءوا في هذه الأشهر، فإن الله غفور رحيم لما أقدموا عليه من الحلف على الإضرار

ص: 315

بالزوجة، وإن لم يفيئوا في هذه الأشهر، واستمروا في أيمانهم، كان ذلك عزما منهم على الطلاق، ويقع الطلاق بحكم الشرع. ويكون معنى:{وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ} أي بترك الفيئة، وقد شبهوا مدة الإيلاء بالعدة. والمولى عنها بالرجعية، وشبهوا الطلاق بالطلاق الرجعي. وكان الإيلاء في الجاهلية طلاقا، فأقره الشرع طلاقا، وزاد فيه الأجل.

والمعنى عند الجمهور: للذين يحلفون يمين الإيلاء انتظار أربعة أشهر، فإن فاءوا بعد انقضاء المدة، فإن الله غفور رحيم، وإن قصدوا إيقاع الطلاق، فإن الله سميع لطلاقهم، عليم بما يصدر عنهم من خير أو شرّ، فيجازيهم عليه. وقد شبهوا أجل الإيلاء بالأجل الذي يحدد في العنّه (العجز الجنسي)، لأن الإيلاء ضرر بالزوجة، فإن رفعه الزوج وإلا رفعه الشرع كما في أي ضرر يتعلق بالوط ء، وهذا هو الظاهر، لأن قوله:{وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ} دليل على أنها لا تطلق بمضي أربعة أشهر، ما لم يقع إنشاء تطليق بعد المدة

(1)

.

ولا فرق في لزوم الإيلاء بين المرأة المدخول بها وغير المدخول بها.

ولا يشترط في المولي عند الجمهور: أن يكون مسلما، فيصح إيلاء المسلم والكافر، ولكن لا تلزمه الكفارة بالحنث عند الحنفية، وتلزمه الكفارة في رأي الشافعية والحنابلة. واشترط المالكية أن يكون المولي مسلما، فلا يصح إيلاء الذّمي، كما لا يصحّ ظهاره ولا طلاقه، لأن نكاح أهل الشرك لديهم غير صحيح، وإنما لهم شبهة يد، ولأنهم لا يكلفون الشرائع، حتى تلزمهم كفارات الأيمان، فلو ترافعوا إلينا في حكم الإيلاء، لم ينبغ لحاكمنا أن يحكم بينهم، ويذهبون إلى حكامهم، فإن جرى ذلك مجرى التظالم بينهم، حكم بحكم الإسلام، كما لو ترك المسلم وط ء زوجته، ضرارا من غير يمين.

ص: 316