المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[مسألة يجوز نسخ القرآن به] - التقرير والتحبير على كتاب التحرير - جـ ٣

[ابن أمير حاج]

فهرس الكتاب

- ‌[فَصْلٌ فِي التَّعَارُضِ]

- ‌[مَسْأَلَة جَرْيِ التَّعَارُضِ بَيْنَ قَوْلَيْنِ وَنَفْيِهِ]

- ‌[مَسْأَلَة لَا تَرْجِيحَ بِكَثْرَةِ الْأَدِلَّةِ وَالرُّوَاةِ]

- ‌[فَصْلٌ يَلْحَقُ السَّمْعِيَّيْنِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ]

- ‌[مَسْأَلَة وَيَكُونُ الْبَيَانُ بِالْفِعْلِ كَالْقَوْلِ]

- ‌[مَسْأَلَة جَوَازِهِ أَيْ النَّسْخِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ جَوَازِ النَّسْخِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ نَسْخُ حُكْمِ فِعْلٍ لَا يَقْبَلُ حُسْنُهُ وَقُبْحُهُ السُّقُوطَ]

- ‌[مَسْأَلَةُ لَا يَجْرِي النَّسْخُ فِي الْأَخْبَارِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ لَا يُنْسَخُ الْحُكْمُ بِلَا بَدَلٍ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ نَسْخُ التَّكْلِيفِ بِتَكْلِيفٍ أَخَفَّ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ يَجُوزُ نَسْخُ الْقُرْآنِ بِهِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ يَجُوزُ نَسْخُ السُّنَّةِ بِالْقُرْآنِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ نَسْخُ جَمِيعِ الْقُرْآنِ مَمْنُوعٌ بِالْإِجْمَاعِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ لَا يُنْسَخُ الْإِجْمَاعُ وَلَا يُنْسَخُ بِهِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ إذَا رُجِّحَ قِيَاسٌ مُتَأَخِّرٌ لِتَأَخُّرِ شَرْعِيَّةِ حُكْمِ أَصْلِهِ عَنْ نَصٍّ عَلَى نَقِيضِ حُكْمِهِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ نَسْخُ أَحَدِ الْأَمْرَيْنِ مِنْ فَحَوَى مَنْطُوقٍ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ لَا يَثْبُتُ حُكْمُ النَّاسِخِ فِي حَقِّ الْأُمَّةِ بَعْدَ تَبْلِيغِهِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ إذَا زَادَ فِي مَشْرُوعٍ جُزْءًا أَوْ شَرْطًا لَهُ مُتَأَخِّرًا]

- ‌[مَسْأَلَةٌ يُعْرَفُ النَّاسِخُ بِنَصِّهِ عليه السلام عَلَيْهِ وَضَبْطِ تَأَخُّرِهِ]

- ‌[الْبَابُ الرَّابِعُ فِي الْإِجْمَاعِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ انْقِرَاضُ الْمُجْمِعِينَ لَيْسَ شَرْطًا لِانْعِقَادِهِ وَلَا لِحُجَّتِهِ]

- ‌[لَا يَشْتَرِطُ لِحُجِّيَّتِهِ أَيْ الْإِجْمَاعِ انْتِفَاءَ سَبْقِ خِلَافٍ مُسْتَقِرٍّ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ لَا يُشْتَرَطُ فِي حُجِّيَّتِهِ أَيْ الْإِجْمَاعِ عَدَدُ التَّوَاتُرِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي حُجِّيَّتِهِ أَيْ الْإِجْمَاعِ مَعَ كَوْنِ الْمُجْمِعِينَ أَكْثَرَ مُجْتَهِدِي ذَلِكَ الْعَصْرِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي حُجِّيَّةِ الْإِجْمَاعِ عَدَالَةُ الْمُجْتَهِدِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي حُجِّيَّةِ الْإِجْمَاعِ الْقَطْعِيَّةِ كَوْنُهُمْ أَيْ الْمُجْمِعِينَ الصَّحَابَةَ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ وَلَا يَنْعَقِدُ الْإِجْمَاعُ بِأَهْلِ الْبَيْتِ النَّبَوِيِّ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ وَلَا يَنْعَقِدُ بِالْأَرْبَعَةِ الْخُلَفَاءِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ وَلَا يَنْعَقِدُ الْإِجْمَاعُ بِالشَّيْخَيْنِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ وَلَا يَنْعَقِدُ الْإِجْمَاع بِأَهْلِ الْمَدِينَةِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ أَفْتَى بَعْضُ الْمُجْتَهِدِينَ بِشَيْءٍ مِنْ الْأُمُورِ الِاجْتِهَادِيَّةِ أَوْ قَضَى بِهِ وَاشْتَهَرَ بَيْنَ الْمُجْتَهِدِينَ مِنْ أَهْلِ عَصْرِهِ وَسَكَتُوا بَعْدَ عِلْمِهِمْ بِذَلِكَ]

- ‌[تَنْبِيهٌ لَوْ قَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْإِجْمَاعِ هَذَا مُبَاحٌ وَأَقْدَمَ الْبَاقِي عَلَى فِعْلِهِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ إذَا أُجْمِعَ عَلَى قَوْلَيْنِ فِي مَسْأَلَةٍ فِي عَصْرٍ مِنْ الْأَعْصَارِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْجُمْهُورُ إذَا أَجْمَعُوا أَيْ أَهْلُ عَصْرٍ عَلَى دَلِيلٍ لِحُكْمٍ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ لَا إجْمَاعَ إلَّا عَنْ مُسْتَنَدٍ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ لَا يَجُوزُ أَنْ لَا يَعْلَمُوا أَيْ مُجْتَهِدُو عَصْرٍ دَلِيلًا سَالِمًا عَنْ الْمُعَارِضِ الْمُكَافِئِ لَهُ عَمِلُوا بِخِلَافِهِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْمُخْتَارُ امْتِنَاعُ ارْتِدَادِ أُمَّةِ عَصْرٍ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ ظُنَّ أَنَّ قَوْلَ الشَّافِعِيِّ دِيَةُ الْيَهُودِيِّ الثُّلُثُ مِنْ دِيَةِ الْمُسْلِمِينَ يَتَمَسَّكُ فِيهِ بِالْإِجْمَاعِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ إنْكَارُ حُكْمِ الْإِجْمَاعِ الْقَطْعِيِّ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْإِجْمَاعِ يُحْتَجُّ بِهِ فِيمَا لَا يَتَوَقَّفُ حُجِّيَّتُهُ عَلَيْهِ مِنْ الْأُمُورِ الدِّينِيَّةِ]

- ‌[الْبَابُ الْخَامِسُ فِي الْقِيَاسِ]

- ‌[أَرْكَانُ قِيَاسِ الْعِلَّةِ]

- ‌[فِي الشُّرُوطِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْعِلَّةِ]

- ‌[الْكَلَامُ فِي تَقْسِيمِ الْعِلَّةِ وَشُرُوطِهَا وَطُرُقِ مَعْرِفَتِهَا]

- ‌[الْمَرْصَدُ الْأَوَّلُ فِي تَقْسِيمِ الْعِلَّةُ]

- ‌[تَتِمَّةٌ تَقْسِيمَ لَفْظُ الْعِلَّةِ بِالِاشْتِرَاكِ اللَّفْظِيِّ أَوْ الْمَجَازِ]

- ‌[الْمَرْصَدُ الثَّانِي فِي شُرُوطِ الْعِلَّةِ]

- ‌[تَنْبِيهٌ قَسَّمَ الْمُصَحِّحُونَ لِتَخْصِيصِ الْعِلَّةِ مَعَ الْمَانِعِ إلَى خَمْسَةٍ]

- ‌[لَا يُشْتَرَطُ فِي تَعْلِيلِ انْتِفَاءِ حُكْمٍ بِوُجُودِ مَانِعٍ]

- ‌[فَصْلٌ تَقْسِيم الْقِيَاسَ بِاعْتِبَارِ التَّفَاوُتِ فِي الْقُوَّةِ إلَى جَلِيٍّ وَخَفِيَ]

- ‌[مَسْأَلَةُ حُكْمِ الْقِيَاسِ الثُّبُوتُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ قَالَ الْحَنَفِيَّةُ لَا تَثْبُتُ بِهِ أَيْ بِالْقِيَاسِ الْحُدُودُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ تَكْلِيفُ الْمُجْتَهِدِ بِطَلَبِ الْمَنَاطِ]

- ‌[مَسْأَلَةُ النَّصِّ مِنْ الشَّارِعِ عَلَى الْعِلَّةِ لِلْحُكْمِ يَكْفِي فِي إيجَابِ تَعَدِّيَةِ الْحُكْمِ بِهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ الِاعْتِرَاضَاتِ الْوَارِدَةِ عَلَى الْقِيَاسِ]

- ‌[خَاتِمَةٌ لِلْكَلَامِ فِي هَذِهِ الْمَقَالَةِ الثَّانِيَةِ]

- ‌[الْمَقَالَةُ الثَّالِثَةُ فِي الِاجْتِهَادِ وَمَا يَتْبَعُهُ مِنْ التَّقْلِيدِ وَالْإِفْتَاءِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ أَنَّهُ عليه السلام مَأْمُورٌ فِي حَادِثَةٍ لَا وَحْيَ فِيهَا بِانْتِظَارِ الْوَحْيِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ طَائِفَةٌ لَا يَجُوزُ عَقْلًا اجْتِهَادُ غَيْرِ النَّبِيّ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْعَقْلِيَّاتُ مَا لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى سَمْعٍ كَحُدُوثِ الْعَالَمِ]

- ‌[مَسْأَلَةُ الْمَسْأَلَةِ الِاجْتِهَادِيَّةِ أَيْ الَّتِي لَا قَاطِعَ فِيهَا مِنْ نَصٍّ أَوْ إجْمَاعٍ]

- ‌[مَسْأَلَةُ الْمُجْتَهِدِ بَعْدَ اجْتِهَادِهِ فِي وَاقِعَةٍ أَدَّى اجْتِهَادُهُ فِيهَا إلَى حُكْمٍ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ وَاقِعَةٌ اجْتَهَدَ الْمُجْتَهِدُ فِيهَا وَأَدَّى اجْتِهَادُهُ إلَى حُكْمٍ مُعَيَّنٍ لَهَا ثُمَّ تَكَرَّرَتْ الْوَاقِعَةُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ لَا يَصِحُّ فِي مَسْأَلَةٍ لِمُجْتَهِدٍ بَلْ لِعَاقِلٍ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ قَوْلَانِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ لَا يُنْقَضُ حُكْمٌ اجْتِهَادِيٌّ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ تُعْرَفُ بِمَسْأَلَةِ التَّعْرِيضِ فِي أُصُولِ الشَّافِعِيَّةِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ يَجُوزُ خُلُوُّ الزَّمَانِ عَنْ مُجْتَهِدٍ]

- ‌[مَسْأَلَة التَّقْلِيد الْعَمَلُ بِقَوْلِ مَنْ لَيْسَ قَوْلُهُ إحْدَى الْحُجَجِ الْأَرْبَعِ الشَّرْعِيَّةِ]

- ‌[مَسْأَلَة غَيْر الْمُجْتَهِدِ المطلق يَلْزَمهُ التَّقْلِيد وَإِنَّ كَانَ مجتهدا فِي بَعْض مَسَائِل الْفِقْه]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الِاتِّفَاقُ عَلَى حِلِّ اسْتِفْتَاءِ مَنْ عُرِفَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالِاجْتِهَادِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ إفْتَاءُ غَيْرِ الْمُجْتَهِدِ بِمَذْهَبِ مُجْتَهِدٍ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ يَجُوزُ تَقْلِيدُ الْمَفْضُولِ مَعَ وُجُودِ الْأَفْضَلِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ لَا يَرْجِعُ الْمُقَلِّدُ فِيمَا قَلَّدَ الْمُجْتَهِدَ]

- ‌[إجْمَاعُ الْمُحَقِّقِينَ عَلَى مَنْعِ الْعَوَامّ مِنْ تَقْلِيدِ أَعْيَانِ الصَّحَابَةِ]

- ‌[خَاتِمَة]

الفصل: ‌[مسألة يجوز نسخ القرآن به]

وَابْنِ أَبِي لَيْلَى فَإِنَّ الظَّاهِرَ مِنْهُمَا أَنَّ ذَلِكَ كَانَ بِعِلْمٍ مِنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَتَقْرِيرٍ مِنْهُ لَهُمْ عَلَيْهِ قَطْعًا.

وَمِنْ هَذَا يَظْهَرُ أَنَّ قَوْلَهُ {وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ} [البقرة: 184] كَانَ نَصًّا عِنْدَهُمْ فِي إفَادَةِ النَّسْخِ بِقَرَائِنَ اخْتَفَتْ إنْ لَمْ يَكُنْ بِنَفْسِهِ عَلَى أَنَّهُ قَدْ قِيلَ فِي " خَيْرٌ " لَيْسَ هَذَا لِلتَّفْضِيلِ بَلْ مَعْنَاهُ وَفِي الصَّوْمِ خَيْرَاتٌ لَكُمْ وَمَنَافِعُ دِينًا وَدُنْيَا مَعَ أَنَّ كَوْنَهُ نَاسِخًا لِلِافْتِدَاءِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى كَوْنِهِ نَصًّا فِي تَعْيِينِ الصَّوْمِ بَلْ الظُّهُورُ فِيهِ كَافٍ وَالْمُثْبِتُ مُقَدَّمٌ عَلَى النَّافِي، وَكَوْنُ قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَوْلَى لِكَوْنِهِ أَفْقَهَ بَعْدَ تَسْلِيمِ أَنْ يَكُونَ لَهُ حُكْمُ الرَّفْعِ فَإِنَّمَا يَتِمُّ فِي مُقَابَلَةِ ابْنِ الْأَكْوَعِ لَا فِي مُقَابَلَةِ ابْنِ عُمَرَ إذْ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ عَنْهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ هِيَ مَنْسُوخَةٌ وَلَا فِي مُقَابَلَةِ مَنْ لَقِيَهُمْ ابْنُ أَبِي لَيْلَى مِنْ الصَّحَابَةِ كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُهُ السَّابِقُ عَلَى أَنَّ فِي أَحْكَامِ الْقُرْآنِ لِلشَّيْخِ أَبِي بَكْرٍ الرَّازِيِّ وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَسَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ وَعَلْقَمَةَ وَالزُّهْرِيِّ وَعِكْرِمَةَ فِي قَوْله تَعَالَى {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} [البقرة: 184] قَالَ مَنْ شَاءَ صَامَ وَمَنْ شَاءَ أَفْطَرَ وَافْتَدَى وَأَطْعَمَ كُلَّ يَوْمٍ مِسْكِينًا حَتَّى نَزَلَ {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} [البقرة: 185] وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

قَالَ الْمُصَنِّفُ هَذَا (وَالْوَجْهُ) عَلَى مَا تَقَدَّمَ لِلْحَنَفِيَّةِ (أَنَّهُ) أَيْ الْوُجُوبَ الَّذِي هُوَ الْحُكْمُ الْأَوَّلُ (لَيْسَ بِنَسْخٍ) أَيْ بِمَنْسُوخٍ (أَصْلًا عَلَى وِزَانِ مَا تَقَدَّمَ فِي فِدَاءِ إسْمَاعِيلَ عليه السلام) فَإِنَّ الْوُجُوبَ هُنَا لَمْ يَرْتَفِعْ كَمَا لَمْ يَرْتَفِعْ ثَمَّةَ. لَكِنَّ الَّذِي يَظْهَرُ لِلْعَبْدِ الضَّعِيفِ - غَفَرَ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ - أَنْ يَقُولَ عَلَى ضِدِّ وِزَانِ مَا تَقَدَّمَ فِي فِدَاءِ الذَّبِيحِ؛ لِأَنَّ الْوُجُوبَ هُنَا صَارَ بِحَيْثُ لَا يَسْقُطُ عَنْهُ بِبَدَلِ مُتَعَلِّقِهِ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى مُتَعَلِّقِهِ بَعْدَ أَنْ كَانَ بِحَيْثُ يَسْقُطُ بِكُلٍّ مِنْهُمَا مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَيْهِمَا وَثَمَّةَ صَارَ الْوُجُوبُ يَسْقُطُ عَنْهُ بِبَدَلِ مُتَعَلِّقِهِ قَطْعًا بِحَيْثُ لَا يَجُوزُ لَهُ الْعُدُولُ إلَى مُتَعَلِّقِهِ وَإِنْ كَانَ قَادِرًا عَلَيْهِ، ثُمَّ هُوَ لَا يَعْرَى عَنْ تَأَمُّلٍ. نَعَمْ عَدَمُ نَسْخِ وُجُوبِ الصَّوْمِ عَلَى الْعَاجِزِ مِنْ شَيْخٍ وَشَيْخَةٍ بِالْفِدْيَةِ ظَاهِرٌ كَمَا ذَكَرْنَا ثَمَّةَ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ.

(وَرَجْمُ الزَّوَانِي) إنْ كُنَّ مُحْصَنَاتٍ (وَجَلْدُهُنَّ) إنْ كُنَّ غَيْرَ مُحْصَنَاتٍ (بَعْدَ الْحَبْسِ فِي الْبُيُوتِ) فَقَدْ أَخْرَجَ الطَّبَرِيُّ وَأَبُو عُبَيْدٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي هَذِهِ الْآيَةِ {وَاللاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ} [النساء: 15] إلَى قَوْلِهِ {سَبِيلا} [النساء: 15] قَالَ كَانَتْ الْمَرْأَةُ إذَا زَنَتْ حُبِسَتْ فِي الْبَيْتِ حَتَّى تَمُوتَ إلَى أَنْ نَزَلَتْ {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ} [النور: 2] قَالَ فَإِنْ كَانَا مُحْصَنَيْنِ رُجِمَا بِالسُّنَّةِ فَهُوَ سَبِيلُهُنَّ الَّذِي جَعَلَ اللَّهُ وَلَا يَضُرُّ مَا فِيهِ لِتَضَافُرِ الرِّوَايَاتِ الصَّحِيحَةِ بِهَذَا الْمَعْنَى وَانْعِقَادِ الْإِجْمَاعِ عَلَيْهِ وَالرَّجْمُ أَثْقَلُ مِنْ الْحَبْسِ (قَالُوا) أَيْ الشَّاذُّونَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ} [النساء: 28] وَالْأَثْقَلُ إلَى الْأَثْقَلِ لَيْسَ تَخْفِيفًا فَلَا يُرِيدُهُ تَعَالَى (أُجِيبُ بِأَنَّ سِيَاقَهَا) أَيْ الْآيَةِ يَدُلُّ عَلَى إرَادَةِ التَّخْفِيفِ (فِي الْمَآلِ) أَيْ الْمَعَادِ (وَفِيهِ) أَيْ الْمَآلِ (يَكُونُ) التَّخْفِيفُ (بِالْأَثْقَلِ فِي الْحَالِ، وَلَوْ سُلِّمَ) الْعُمُومُ فِي الْحَالِ وَالْمَآلِ (كَانَ) الْعُمُومُ (مَخْصُوصًا بِالْوُقُوعِ) كَمَا ذَكَرْنَا آنِفًا كَمَا هُوَ مَخْصُوصٌ بِخُرُوجِ أَنْوَاعِ التَّكَالِيفِ الثَّقِيلَةِ الْمُبْتَدَأَةِ وَأَنْوَاعِ الِابْتِلَاءِ فِي الْأَبْدَانِ وَالْأَمْوَالِ مِمَّا هُوَ وَاقِعٌ بِاتِّفَاقٍ وَلَا يُعَدُّ وَلَا يُحْصَى.

(وَهُوَ) أَيْ هَذَا الِاسْتِدْلَال مِنْ الشَّاذِّينَ (بِنَاءٌ عَلَى مَا نَفَيْنَاهُ) أَيْ عَلَى وِزَانِ مَا قَالَ فِي الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ مِنْ أَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْخِلَافَ فِيهَا لَيْسَ فِي الْجَوَازِ الْعَقْلِيِّ وَإِنَّمَا هُوَ فِيهَا فِي الْجَوَازِ الشَّرْعِيِّ؛ لِأَنَّ الْمُخَالِفِينَ لَمْ يُحِيلُوهُ عَقْلًا حَيْثُ لَمْ يَذْكُرُوا مَا يُفِيدُهُ كَذَلِكَ بَلْ ذَكَرُوا مَا يُفِيدُهُ بِحَسَبِ اعْتِقَادِهِمْ فَكَذَا هُنَا وَحِينَئِذٍ يَحْتَاجُ الْمُخَالِفُ عَقْلًا إلَى ذِكْرِ مُسْتَنَدٍ لَهُ يُفِيدُ دَعْوَاهُ وَلَوْ ظَاهِرًا وَهُوَ بَعِيدٌ فَلْيُتَنَبَّهْ لَهُ.

(قَالُوا) أَيْ الشَّاذُّونَ ثَانِيًا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا} [البقرة: 106] الْآيَةَ) فَيَجِبُ الْأَخَفُّ لِأَنَّهُ الْخَيْرُ، أَوْ الْمُسَاوِي لِأَنَّهُ الْمِثْلُ، وَالْأَشَقُّ لَيْسَ بِخَيْرٍ وَلَا مِثْلٍ (أُجِيبُ بِخَيْرِيَّةِ الْأَثْقَلِ عَاقِبَةً) أَيْ بِأَنَّ الْأَثْقَلَ خَيْرٌ بِاعْتِبَارِ الثَّوَابِ إذْ لَعَلَّهُ فِيهِ أَكْثَرُ قَالَ تَعَالَى {لا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلا نَصَبٌ وَلا مَخْمَصَةٌ} [التوبة: 120] الْآيَةَ «وَقَالَ صلى الله عليه وسلم لِعَائِشَةَ فِي الْعُمْرَةِ وَاخْرُجِي إلَى التَّنْعِيمِ فَأَهِلِّي ثُمَّ ائْتِنَا بِمَكَانِ كَذَا وَلَكِنَّهَا عَلَى قَدْرِ نَفَقَتِكِ أَوْ نَصَبِك» أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَكَمَا يَقُولُ الطَّبِيبُ لِلْمَرِيضِ الْجُوعُ خَيْرٌ لَك (أَوْ مَا تَقَدَّمَ) مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ الْخَيْرِيَّةُ لَفْظًا.

[مَسْأَلَةٌ يَجُوزُ نَسْخُ الْقُرْآنِ بِهِ]

(مَسْأَلَةٌ يَجُوزُ نَسْخُ الْقُرْآنِ بِهِ) أَيْ الْقُرْآنِ (كَآيَةِ عِدَّةِ الْحَوْلِ بِآيَةِ الْأَشْهُرِ) كَمَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ فِي بَحْثِ التَّخْصِيصِ (وَالْمُسَالَمَةِ)

ص: 61

كَنَسْخِ آيَاتِ الْمُسَالَمَةِ لِلْكُفَّارِ الَّتِي هِيَ أَكْثَرُ مِنْ مِائَةِ آيَةٍ كَقَوْلِهِ {فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ} [المائدة: 13](بِالْقِتَالِ) أَيْ بِآيَاتِهِ كَقَوْلِهِ {وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً} [التوبة: 36](وَالْخَبَرُ الْمُتَوَاتِرُ بِمِثْلِهِ) أَيْ بِالْخَبَرِ الْمُتَوَاتِرِ (وَ) خَبَرُ (الْآحَادِ بِمِثْلِهِ) كَقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «كُنْت نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ أَلَا فَزُورُوهَا وَعَنْ لُحُومِ الْأَضَاحِيِّ أَنْ تُمْسِكُوا فَوْقَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَأَمْسِكُوا مَا بَدَا لَكُمْ» إلَخْ) وَلَمْ أَقِفْ عَلَى هَذَا السِّيَاقِ مُخَرِّجًا وَأَسْلَفْت بَعْضَ سِيَاقِ مُسْلِمٍ وَتَمَامُهُ «وَنَهَيْتُكُمْ عَنْ النَّبِيذِ إلَّا فِي سِقَاءٍ فَاشْرَبُوا فِي الْأَوْعِيَةِ وَلَا تَشْرَبُوا مُسْكِرًا» وَلَعَلَّ هَذَا هُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ إلَخْ وَالْمَقْصُودُ حَاصِلٌ بِكُلٍّ مِنْهُمَا (فَبِالْمُتَوَاتِرِ) أَيْ فَجَوَازُ نَسْخِ الْآحَادِ بِالْمُتَوَاتِرِ (أَوْلَى) مِنْ جَوَازِ النَّسْخِ بِالْآحَادِ؛ لِأَنَّهُ أَقْوَى (وَأَمَّا قَلْبُهُ) وَهُوَ نَسْخُ الْمُتَوَاتِرِ بِالْآحَادِ (فَمَنَعَهُ الْجُمْهُورُ كُلُّ مَانِعِي تَخْصِيصِ الْمُتَوَاتِرِ بِالْآحَادِ وَأَكْثَرُ مُجِيزِيهِ) أَيْ تَخْصِيصِ الْمُتَوَاتِرِ بِالْآحَادِ (فَارِقِينَ بِأَنَّ التَّخْصِيصَ جَمْعٌ لَهُمَا) أَيْ لِلْمُتَوَاتِرِ وَالْآحَادِ.

(وَالنَّسْخُ إبْطَالُ أَحَدِهِمَا) الَّذِي هُوَ الْمُتَوَاتِرُ بِالْآحَادِ (وَأَجَازَهُ) أَيْ نَسْخَ الْمُتَوَاتِرِ بِالْآحَادِ (بَعْضُهُمْ) أَيْ بَعْضُ الْمُجِيزِينَ لِتَخْصِيصِ الْمُتَوَاتِرِ بِالْآحَادِ (لَنَا) خَبَرُ الْآحَادِ (لَا يُقَاوِمُهُ) أَيْ الْمُتَوَاتِرَ؛ لِأَنَّهُ قَطْعِيٌّ وَخَبَرُ الْآحَادِ ظَنِّيٌّ (فَلَا يُبْطِلُهُ) خَبَرُ الْآحَادِ الْمُتَوَاتِرَ؛ لِأَنَّ الشَّيْءَ لَا يُبْطِلُ مَا هُوَ أَقْوَى مِنْهُ (قَالُوا) أَيْ الْمُجِيزُونَ (وَقَعَ) نَسْخُ الْمُتَوَاتِرِ بِخَبَرِ الْآحَادِ (إذْ ثَبَتَ التَّوَجُّهُ) لِأَهْلِ مَسْجِدِ قَبَاءَ (إلَى الْبَيْتِ بَعْدَ الْقَطْعِيِّ) الْمُفِيدِ لِتَوَجُّهِهِمْ إلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ مَا يَزِيدُ عَلَى عَامٍ عَلَى خِلَافٍ فِي مِقْدَارِهِ (الْآتِي لِأَهْلِ) مَسْجِدِ (قَبَاءَ) كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ وَتَقَدَّمَ سِيَاقُهُ، وَقَوْلُ ابْنِ طَاهِرٍ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ عَبَّادُ بْنُ بِشْرٍ وَمَا لِشَيْخِنَا الْحَافِظِ مِنْ التَّعَقُّبِ لَهُ فِي فَصْلِ شَرَائِطِ الرَّاوِي (وَلَمْ يُنْكِرْهُ صلى الله عليه وسلم) ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَنْكَرَهُ لَنُقِلَ وَلَمْ يُنْقَلْ وَيَشْهَدُ لَهُ مَا أَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ عَنْ «تَوِيلَةَ بِنْتِ مُسْلِمٍ قَالَتْ صَلَّيْنَا الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ فِي مَسْجِدِ بَنِي حَارِثَةَ وَاسْتَقْبَلْنَا مَسْجِدَ إيلِيَاءَ فَصَلَّيْنَا رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ جَاءَنَا مَنْ يُحَدِّثُنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ اسْتَقْبَلَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ فَتَحَوَّلْنَا النِّسَاءُ مَكَانَ الرِّجَالِ وَالرِّجَالُ مَكَانَ النِّسَاءِ فَصَلَّيْنَا السَّجْدَتَيْنِ الْبَاقِيَتَيْنِ وَنَحْنُ مُسْتَقْبِلُونَ الْبَيْتَ الْحَرَامِ فَحَدَّثَنِي رَجُلٌ مِنْ بَنَى حَارِثَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ أُولَئِكَ رِجَالٌ آمَنُوا بِالْغَيْبِ» (وَبِأَنَّهُ) أَيْ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم (كَانَ يَبْعَثُ الْآحَادَ لِلتَّبْلِيغِ) لِلْأَحْكَامِ مُطْلَقًا أَيْ مُبْتَدَأَةً كَانَتْ أَوْ نَاسِخَةً لَا يُفَرِّقُ بَيْنَهُمَا وَالْمَبْعُوثُ إلَيْهِمْ مُتَعَبَّدُونَ بِتِلْكَ الْأَحْكَامِ وَرُبَّمَا كَانَ فِي الْأَحْكَامِ مَا يَنْسَخُ مُتَوَاتِرًا؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَنْقُلُوا الْفَرْقَ بَيْنَ مَا نَسَخَ مُتَوَاتِرًا وَهَذَا دَلِيلُ جَوَازِ نَسْخِ الْمُتَوَاتِرِ بِالْآحَادِ {قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ} [الأنعام: 145] الْآيَةَ) نُسِخَ مِنْهَا مَا يُفِيدُ حِلَّهُ مِنْ ذِي النَّابِ (بِتَحْرِيمِ كُلِّ ذِي نَابٍ) مِنْ السِّبَاعِ الثَّابِتِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ كَمَا فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ مَرْفُوعًا «كُلُّ ذِي نَابٍ مِنْ السِّبَاعِ حَرَامٌ» إذْ الْآيَةُ إنَّمَا تُفِيدُ تَحْرِيمَ مَا اُسْتُثْنِيَ فِيهَا وَذُو النَّابِ لَمْ يُسْتَثْنَ فِيهَا فَكَانَ مُبَاحًا وَحَيْثُ حُرِّمَ فَإِنَّمَا حُرِّمَ بِالْحَدِيثِ وَإِذَا جَازَ نَسْخُ الْقُرْآنِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ فَبِالْخَبَرِ الْمُتَوَاتِرِ أَجْدَرُ

(أُجِيبُ بِجَوَازِ اقْتِرَانِ خَبَرِ الْوَاحِدِ بِمَا يُفِيدُ الْقَطْعَ) وَالْأَوَّلُ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ وُجُودَ الْقَرَائِنِ فِيهِ ظَاهِرٌ وَالْمَصِيرَ إلَيْهِ لِوُجُودِ الْمُعَارِضِ الْقَطْعِيِّ وَاجِبٌ (وَجَعْلُهُ) أَيْ الْمُقْتَرِنِ بِهَذَا الْخَبَرِ الْمُفِيدِ لِقَطْعِهِ (النِّدَاءَ) أَيْ نِدَاءَ مُخْبِرِهِمْ بِذَلِكَ (بِحَضْرَتِهِ) صلى الله عليه وسلم عَلَى رُءُوسِ الْأَشْهَادِ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْوَاقِعَةِ كَمَا ذَكَرَ عَضُدُ الدِّينِ (غَلَطٌ أَوْ تَسَاهُلٌ) بِأَنْ يُرَادَ بِحَضْرَتِهِ وُجُودُهُ فِي مَكَان قَرِيبٍ بِحَيْثُ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ مَا صَنَعَ الْمُخْبِرُ كَالْوَاقِعِ بِحُضُورِهِ (وَهُوَ) أَيْ التَّسَاهُلُ (الثَّابِتُ) لِبُعْدٍ لِمَنْ يُرَادُ نِدَاؤُهُ فِي مَجْلِسِهِ (وَالثَّانِي) وَهُوَ بَعْثُهُ الْآحَادَ لِتَبْلِيغِ الْأَحْكَامِ إنَّمَا يَتِمُّ (إذَا ثَبَتَ إرْسَالُهُمْ) أَيْ الْآحَادِ (بِنَسْخِ) حُكْمٍ (قَطْعِيٍّ عِنْدَ الْمُرْسَلِ إلَيْهِمْ وَلَيْسَ) ذَلِكَ بِثَابِتٍ وَمَنْ ادَّعَاهُ فَعَلَيْهِ الْبَيَانُ عَلَى أَنَّهُ قَدْ أُجِيبَ عَلَى تَقْدِيرِ التَّسْلِيمِ لَهُ بِأَنَّ حُصُولَ الْعِلْمِ بِتِلْكَ الْآحَادِ بِقَرَائِنِ الْحَالِ وَيَجِبُ الْحَمْلُ عَلَيْهِ جَمْعًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الدَّلِيلِ الْمَانِعِ (وَلَا أَجِدُ الْآنَ تَحْرِيمًا) أَيْ وَمَعْنَى الْآيَةِ هَذَا؛ لِأَنَّ أَجِدُ فِعْلٌ مُضَارِعٌ لِلْحَالِ فَتَكُونُ إبَاحَةُ غَيْرِ الْمُسْتَثْنَى مُؤَقَّتَةً بِوَقْتِ الْإِخْبَارِ بِهَا وَهُوَ الْآنَ لَا مُؤَبَّدَةً

(فَالثَّابِتُ) فِيمَا عَدَاهُ فِيهَا عَدَمُ تَحْرِيمِ الشَّارِعِ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ فِيهِ خِطَابُ الْحَظْرِ وَالْإِطْلَاقِ كَمَا هُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ (إبَاحَةٌ أَصْلِيَّةٌ وَرَفْعُهَا)

ص: 62