المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[مسألة لا ينسخ الحكم بلا بدل] - التقرير والتحبير على كتاب التحرير - جـ ٣

[ابن أمير حاج]

فهرس الكتاب

- ‌[فَصْلٌ فِي التَّعَارُضِ]

- ‌[مَسْأَلَة جَرْيِ التَّعَارُضِ بَيْنَ قَوْلَيْنِ وَنَفْيِهِ]

- ‌[مَسْأَلَة لَا تَرْجِيحَ بِكَثْرَةِ الْأَدِلَّةِ وَالرُّوَاةِ]

- ‌[فَصْلٌ يَلْحَقُ السَّمْعِيَّيْنِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ]

- ‌[مَسْأَلَة وَيَكُونُ الْبَيَانُ بِالْفِعْلِ كَالْقَوْلِ]

- ‌[مَسْأَلَة جَوَازِهِ أَيْ النَّسْخِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ جَوَازِ النَّسْخِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ نَسْخُ حُكْمِ فِعْلٍ لَا يَقْبَلُ حُسْنُهُ وَقُبْحُهُ السُّقُوطَ]

- ‌[مَسْأَلَةُ لَا يَجْرِي النَّسْخُ فِي الْأَخْبَارِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ لَا يُنْسَخُ الْحُكْمُ بِلَا بَدَلٍ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ نَسْخُ التَّكْلِيفِ بِتَكْلِيفٍ أَخَفَّ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ يَجُوزُ نَسْخُ الْقُرْآنِ بِهِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ يَجُوزُ نَسْخُ السُّنَّةِ بِالْقُرْآنِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ نَسْخُ جَمِيعِ الْقُرْآنِ مَمْنُوعٌ بِالْإِجْمَاعِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ لَا يُنْسَخُ الْإِجْمَاعُ وَلَا يُنْسَخُ بِهِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ إذَا رُجِّحَ قِيَاسٌ مُتَأَخِّرٌ لِتَأَخُّرِ شَرْعِيَّةِ حُكْمِ أَصْلِهِ عَنْ نَصٍّ عَلَى نَقِيضِ حُكْمِهِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ نَسْخُ أَحَدِ الْأَمْرَيْنِ مِنْ فَحَوَى مَنْطُوقٍ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ لَا يَثْبُتُ حُكْمُ النَّاسِخِ فِي حَقِّ الْأُمَّةِ بَعْدَ تَبْلِيغِهِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ إذَا زَادَ فِي مَشْرُوعٍ جُزْءًا أَوْ شَرْطًا لَهُ مُتَأَخِّرًا]

- ‌[مَسْأَلَةٌ يُعْرَفُ النَّاسِخُ بِنَصِّهِ عليه السلام عَلَيْهِ وَضَبْطِ تَأَخُّرِهِ]

- ‌[الْبَابُ الرَّابِعُ فِي الْإِجْمَاعِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ انْقِرَاضُ الْمُجْمِعِينَ لَيْسَ شَرْطًا لِانْعِقَادِهِ وَلَا لِحُجَّتِهِ]

- ‌[لَا يَشْتَرِطُ لِحُجِّيَّتِهِ أَيْ الْإِجْمَاعِ انْتِفَاءَ سَبْقِ خِلَافٍ مُسْتَقِرٍّ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ لَا يُشْتَرَطُ فِي حُجِّيَّتِهِ أَيْ الْإِجْمَاعِ عَدَدُ التَّوَاتُرِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي حُجِّيَّتِهِ أَيْ الْإِجْمَاعِ مَعَ كَوْنِ الْمُجْمِعِينَ أَكْثَرَ مُجْتَهِدِي ذَلِكَ الْعَصْرِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي حُجِّيَّةِ الْإِجْمَاعِ عَدَالَةُ الْمُجْتَهِدِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي حُجِّيَّةِ الْإِجْمَاعِ الْقَطْعِيَّةِ كَوْنُهُمْ أَيْ الْمُجْمِعِينَ الصَّحَابَةَ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ وَلَا يَنْعَقِدُ الْإِجْمَاعُ بِأَهْلِ الْبَيْتِ النَّبَوِيِّ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ وَلَا يَنْعَقِدُ بِالْأَرْبَعَةِ الْخُلَفَاءِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ وَلَا يَنْعَقِدُ الْإِجْمَاعُ بِالشَّيْخَيْنِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ وَلَا يَنْعَقِدُ الْإِجْمَاع بِأَهْلِ الْمَدِينَةِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ أَفْتَى بَعْضُ الْمُجْتَهِدِينَ بِشَيْءٍ مِنْ الْأُمُورِ الِاجْتِهَادِيَّةِ أَوْ قَضَى بِهِ وَاشْتَهَرَ بَيْنَ الْمُجْتَهِدِينَ مِنْ أَهْلِ عَصْرِهِ وَسَكَتُوا بَعْدَ عِلْمِهِمْ بِذَلِكَ]

- ‌[تَنْبِيهٌ لَوْ قَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْإِجْمَاعِ هَذَا مُبَاحٌ وَأَقْدَمَ الْبَاقِي عَلَى فِعْلِهِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ إذَا أُجْمِعَ عَلَى قَوْلَيْنِ فِي مَسْأَلَةٍ فِي عَصْرٍ مِنْ الْأَعْصَارِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْجُمْهُورُ إذَا أَجْمَعُوا أَيْ أَهْلُ عَصْرٍ عَلَى دَلِيلٍ لِحُكْمٍ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ لَا إجْمَاعَ إلَّا عَنْ مُسْتَنَدٍ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ لَا يَجُوزُ أَنْ لَا يَعْلَمُوا أَيْ مُجْتَهِدُو عَصْرٍ دَلِيلًا سَالِمًا عَنْ الْمُعَارِضِ الْمُكَافِئِ لَهُ عَمِلُوا بِخِلَافِهِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْمُخْتَارُ امْتِنَاعُ ارْتِدَادِ أُمَّةِ عَصْرٍ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ ظُنَّ أَنَّ قَوْلَ الشَّافِعِيِّ دِيَةُ الْيَهُودِيِّ الثُّلُثُ مِنْ دِيَةِ الْمُسْلِمِينَ يَتَمَسَّكُ فِيهِ بِالْإِجْمَاعِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ إنْكَارُ حُكْمِ الْإِجْمَاعِ الْقَطْعِيِّ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْإِجْمَاعِ يُحْتَجُّ بِهِ فِيمَا لَا يَتَوَقَّفُ حُجِّيَّتُهُ عَلَيْهِ مِنْ الْأُمُورِ الدِّينِيَّةِ]

- ‌[الْبَابُ الْخَامِسُ فِي الْقِيَاسِ]

- ‌[أَرْكَانُ قِيَاسِ الْعِلَّةِ]

- ‌[فِي الشُّرُوطِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْعِلَّةِ]

- ‌[الْكَلَامُ فِي تَقْسِيمِ الْعِلَّةِ وَشُرُوطِهَا وَطُرُقِ مَعْرِفَتِهَا]

- ‌[الْمَرْصَدُ الْأَوَّلُ فِي تَقْسِيمِ الْعِلَّةُ]

- ‌[تَتِمَّةٌ تَقْسِيمَ لَفْظُ الْعِلَّةِ بِالِاشْتِرَاكِ اللَّفْظِيِّ أَوْ الْمَجَازِ]

- ‌[الْمَرْصَدُ الثَّانِي فِي شُرُوطِ الْعِلَّةِ]

- ‌[تَنْبِيهٌ قَسَّمَ الْمُصَحِّحُونَ لِتَخْصِيصِ الْعِلَّةِ مَعَ الْمَانِعِ إلَى خَمْسَةٍ]

- ‌[لَا يُشْتَرَطُ فِي تَعْلِيلِ انْتِفَاءِ حُكْمٍ بِوُجُودِ مَانِعٍ]

- ‌[فَصْلٌ تَقْسِيم الْقِيَاسَ بِاعْتِبَارِ التَّفَاوُتِ فِي الْقُوَّةِ إلَى جَلِيٍّ وَخَفِيَ]

- ‌[مَسْأَلَةُ حُكْمِ الْقِيَاسِ الثُّبُوتُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ قَالَ الْحَنَفِيَّةُ لَا تَثْبُتُ بِهِ أَيْ بِالْقِيَاسِ الْحُدُودُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ تَكْلِيفُ الْمُجْتَهِدِ بِطَلَبِ الْمَنَاطِ]

- ‌[مَسْأَلَةُ النَّصِّ مِنْ الشَّارِعِ عَلَى الْعِلَّةِ لِلْحُكْمِ يَكْفِي فِي إيجَابِ تَعَدِّيَةِ الْحُكْمِ بِهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ الِاعْتِرَاضَاتِ الْوَارِدَةِ عَلَى الْقِيَاسِ]

- ‌[خَاتِمَةٌ لِلْكَلَامِ فِي هَذِهِ الْمَقَالَةِ الثَّانِيَةِ]

- ‌[الْمَقَالَةُ الثَّالِثَةُ فِي الِاجْتِهَادِ وَمَا يَتْبَعُهُ مِنْ التَّقْلِيدِ وَالْإِفْتَاءِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ أَنَّهُ عليه السلام مَأْمُورٌ فِي حَادِثَةٍ لَا وَحْيَ فِيهَا بِانْتِظَارِ الْوَحْيِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ طَائِفَةٌ لَا يَجُوزُ عَقْلًا اجْتِهَادُ غَيْرِ النَّبِيّ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْعَقْلِيَّاتُ مَا لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى سَمْعٍ كَحُدُوثِ الْعَالَمِ]

- ‌[مَسْأَلَةُ الْمَسْأَلَةِ الِاجْتِهَادِيَّةِ أَيْ الَّتِي لَا قَاطِعَ فِيهَا مِنْ نَصٍّ أَوْ إجْمَاعٍ]

- ‌[مَسْأَلَةُ الْمُجْتَهِدِ بَعْدَ اجْتِهَادِهِ فِي وَاقِعَةٍ أَدَّى اجْتِهَادُهُ فِيهَا إلَى حُكْمٍ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ وَاقِعَةٌ اجْتَهَدَ الْمُجْتَهِدُ فِيهَا وَأَدَّى اجْتِهَادُهُ إلَى حُكْمٍ مُعَيَّنٍ لَهَا ثُمَّ تَكَرَّرَتْ الْوَاقِعَةُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ لَا يَصِحُّ فِي مَسْأَلَةٍ لِمُجْتَهِدٍ بَلْ لِعَاقِلٍ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ قَوْلَانِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ لَا يُنْقَضُ حُكْمٌ اجْتِهَادِيٌّ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ تُعْرَفُ بِمَسْأَلَةِ التَّعْرِيضِ فِي أُصُولِ الشَّافِعِيَّةِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ يَجُوزُ خُلُوُّ الزَّمَانِ عَنْ مُجْتَهِدٍ]

- ‌[مَسْأَلَة التَّقْلِيد الْعَمَلُ بِقَوْلِ مَنْ لَيْسَ قَوْلُهُ إحْدَى الْحُجَجِ الْأَرْبَعِ الشَّرْعِيَّةِ]

- ‌[مَسْأَلَة غَيْر الْمُجْتَهِدِ المطلق يَلْزَمهُ التَّقْلِيد وَإِنَّ كَانَ مجتهدا فِي بَعْض مَسَائِل الْفِقْه]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الِاتِّفَاقُ عَلَى حِلِّ اسْتِفْتَاءِ مَنْ عُرِفَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالِاجْتِهَادِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ إفْتَاءُ غَيْرِ الْمُجْتَهِدِ بِمَذْهَبِ مُجْتَهِدٍ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ يَجُوزُ تَقْلِيدُ الْمَفْضُولِ مَعَ وُجُودِ الْأَفْضَلِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ لَا يَرْجِعُ الْمُقَلِّدُ فِيمَا قَلَّدَ الْمُجْتَهِدَ]

- ‌[إجْمَاعُ الْمُحَقِّقِينَ عَلَى مَنْعِ الْعَوَامّ مِنْ تَقْلِيدِ أَعْيَانِ الصَّحَابَةِ]

- ‌[خَاتِمَة]

الفصل: ‌[مسألة لا ينسخ الحكم بلا بدل]

(وَعَلَى قَوْلِهِمْ) أَيْ الْمُجَوِّزِينَ لِنَسْخِ الْأَخْبَارِ (يَجِبُ إسْقَاطٌ شَرْعِيٌّ مِنْ التَّعْرِيفِ) لِيَشْمَلَ نَسْخَ الْأَخْبَارِ عَنْ حُكْمٍ شَرْعِيٍّ وَغَيْرِهِ، وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ جَامِعًا لَكِنْ غَيْرُ خَافٍ أَنَّ قَوْلَ الْمُجَوِّزِينَ لِنَسْخِ الْخَبَرِ أَنَّ لَفْظَ شَرْعِيٍّ الَّذِي يَجِبُ إسْقَاطُهُ هُوَ وَصْفُ الْمَنْسُوخِ لَا النَّاسِخِ وَشَرْعِيٌّ الْمَذْكُورُ فِي التَّعْرِيفِ السَّابِقِ وَصْفُ النَّاسِخِ وَقَدْ كَانَ هَذَا مِنْ الْمُصَنِّفِ رحمه الله بِنَاءً عَلَى كَوْنِ صَدْرِ تَعْرِيفِهِ رَفْعَ تَعَلُّقِ حُكْمٍ شَرْعِيٍّ إلَخْ، ثُمَّ تَحَرَّرَ عِنْدَهُ مَا تَقَدَّمَ، وَلَمْ يَقَعْ التَّنَبُّهُ لِهَذَا فَتَنَبَّهْ لَهُ.

(وَالْجَوَابُ) لَمَّا نَفَى نَسْخَهُ عَنْ الْآيَتَيْنِ أَنَّ مَعْنَى {يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ} [الرعد: 39](يَنْسَخُ بِمَا يَسْتَصْوِبُهُ) وَالْوَجْهُ حَذْفُ الْبَاءِ كَمَا قَالَ فِي الْكَشَّافِ وَغَيْرِهِ يَنْسَخُ بِمَا يَسْتَصْوِبُ نَسْخَهُ وَيُثْبِتُ بَدَلَهُ مَا يَقْتَضِي حِكْمَتُهُ إثْبَاتَهُ أَوْ يَتْرُكَهُ غَيْرَ مَنْسُوخٍ (أَوْ) يَمْحُو (مِنْ دِيوَانِ الْحَفَظَةِ) مَا لَيْسَ بِحَسَنَةٍ وَلَا سَيِّئَةٍ؛ لِأَنَّهُمْ مَأْمُورُونَ بِكِتْبَةِ كُلِّ قَوْلٍ وَفِعْلٍ وَيُثْبِتُ غَيْرَهُ (وَغَيْرُهُ) مِنْ الْأَقْوَالِ كَيَمْحُو سَيِّئَاتِ التَّائِبِ وَيُثْبِتُ الْحَسَنَاتِ مَكَانَهَا وَيَمْحُو قَرْنًا وَيُثْبِتُ آخَرِينَ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ وقَوْله تَعَالَى {إِنَّ لَكَ أَلا تَجُوعَ فِيهَا وَلا تَعْرَى} [طه: 118] مِنْ الْقَيْدِ وَالْإِطْلَاقِ لَا النَّسْخِ) كَذَا فِي الْمِيزَانِ (وَأَمَّا نَسْخُ إيجَابِ الْأَخْبَارِ) عَنْ شَيْءٍ (بِالْأَخْبَارِ) أَيْ بِإِيجَابِ الْأَخْبَارِ (عَنْ نَقِيضِهِ فَمَنَعَهُ الْمُعْتَزِلَةُ لِاسْتِلْزَامِهِ) أَيْ النَّسْخِ الشَّيْءَ (الْقَبِيحَ كَذِبَ أَحَدُهُمَا) أَيْ النَّاسِخُ وَالْمَنْسُوخُ (بِنَاءً عَلَى حُكْمِ الْعَقْلِ) بِالتَّحْسِينِ وَالتَّقْبِيحِ (وَيَجِبُ لِلْحَنَفِيَّةِ مِثْلُهُ) أَيْ مَنْعَ ذَلِكَ أَيْضًا لِقَوْلِهِمْ بِاعْتِبَارِ حُكْمِ الْعَقْلِ بِذَلِكَ كَمَا تَقَدَّمَ (إلَّا إنْ تَغَيَّرَ الْأَوَّلُ) عَنْ ذَلِكَ الْوَصْفِ الَّذِي وَقَعَ الْإِخْبَارُ بِهِ أَوَّلًا (إلَيْهِ) أَيْ الْوَصْفِ الَّذِي كُلِّفَ الْإِخْبَارَ عَنْهُ ثَانِيًا لِانْتِفَاءِ الْمَانِعِ حِينَئِذٍ

(وَكَذَا الْمُعْتَزِلَةُ) يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُمْ عَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ فَلَا جَرَمَ أَنْ قَالَ السُّبْكِيُّ: فَإِنْ كَانَ مِمَّا يَتَغَيَّرُ كَمَا إذَا قَالَ كَلَّفْتُكُمْ بِأَنْ تُخْبِرُوا بِقِيَامِ زَيْدٍ، ثُمَّ يَقُولُ كُلِّفْتُمْ بِأَنْ تُخْبِرُوا بِأَنَّ زَيْدًا لَيْسَ بِقَائِمٍ فَلَا خِلَافَ فِي جَوَازِهِ لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ قَائِمًا وَقْتَ الْإِخْبَارِ بِقِيَامِهِ غَيْرَ قَائِمٍ وَقْتَ الْإِخْبَارِ بِعَدَمِ قِيَامِهِ وَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يَتَغَيَّرُ كَكَوْنِ السَّمَاءِ فَوْقَ الْأَرْضِ مَثَلًا فَهُوَ مَحَلُّ الْخِلَافِ وَمَذْهَبُنَا الْجَوَازُ انْتَهَى.

وَذَكَرَ ابْنُ الْحَاجِبِ أَنَّهُ مُطْلَقًا الْمُخْتَارُ وَعَلَّلَ بِأَنَّهُ إنْ اتَّبَعَ الْمَصْلَحَةَ فَيَتَغَيَّرُ بِتَغَيُّرِهَا وَإِلَّا فَلَهُ الْحُكْمُ كَيْفَ شَاءَ وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ، ثُمَّ بِالْجُمْلَةِ قَدْ كَانَ مُقْتَضَى التَّحْرِيرِ تَلْخِيصُ هَذِهِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا فِي مَسْأَلَةٍ وَاحِدَةٍ هِيَ مَحَلُّ النَّسْخِ كَذَا وِفَاقًا وَخِلَافًا وَالْمُتَلَخِّصُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ مَحَلَّ النَّسْخِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ حُكْمٌ شَرْعِيُّ فَرْعِيٌّ يَحْتَمِلُ فِي نَفْسِهِ الْوُجُودَ وَالْعَدَمَ، ثُمَّ عِنْدَ طَائِفَةٍ مِنْهُمْ غَيْرُ مُقَيَّدٍ بِتَأْبِيدٍ، وَلَا بِتَأْقِيتٍ قَبْلَ مُضِيِّهِ خِلَافًا لِآخَرِينَ وَاخْتِصَارُهُ مَا حَسَّنَهُ أَوْ قَبَّحَهُ مُحْتَمِلٌ لِلسُّقُوطِ غَيْرَ مُؤَدٍّ نَسْخُهُ إلَى جَهْلٍ وَلَا كَذِبٍ وَهَذَا الْقَيْدُ الْأَخِيرُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا وَقَعَ النِّزَاعُ فِي لُحُوقِ النَّسْخِ لِبَعْضٍ لِلنِّزَاعِ فِي أَنَّ لُحُوقَهُ مُؤَدٍّ إلَى ذَلِكَ فَلْيُتَأَمَّلْ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ.

[مَسْأَلَةٌ لَا يُنْسَخُ الْحُكْمُ بِلَا بَدَلٍ]

(مَسْأَلَةٌ قِيلَ) وَقَائِلُهُ بَعْضُ الْمُعْتَزِلَةِ وَالظَّاهِرِيَّةِ (لَا يُنْسَخُ) الْحُكْمُ (بِلَا بَدَلٍ) عَنْهُ وَعَلَيْهِ أَنْ يُقَالَ (فَإِنْ أُرِيدَ) بِالْبَدَلِ بَدَلٌ (وَلَوْ) كَانَ (بِإِبَاحَةٍ أَصْلِيَّةٍ) أَيْ بِثُبُوتِهَا لِذَلِكَ الْفِعْلِ إذَا لَمْ يَسْتَمِرَّ تَعَلُّقُ الْمَنْسُوخِ بِهِ (فَاتِّفَاقُ) كَوْنِهِ لَا يَجُوزُ بِلَا بَدَلٍ بِهَذَا الْمَعْنَى؛ لِأَنَّ الْبَارِئَ تَعَالَى لَمْ يَتْرُكْ عِبَادَهُ هَمْلًا فِي وَقْتٍ مِنْ الْأَوْقَاتِ، وَقَوْلُ الشَّافِعِيِّ رحمه الله فِي الرِّسَالَةِ وَلَيْسَ يُنْسَخُ فَرْضٌ أَبَدًا إلَّا أُثْبِت مَكَانَهُ فَرْضٌ كَمَا نُسِخَتْ قِبْلَةُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ فَأُثْبِت مَكَانَهَا الْكَعْبَةُ انْتَهَى - أَرَادَ بِهِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الصَّيْرَفِيُّ فِي شَرْحِهَا أَنَّهُ يُنْقَلُ مِنْ حَظْرٍ إلَى إبَاحَةٍ أَوْ مِنْ إبَاحَةٍ إلَى حَظْرٍ أَوْ تَخْيِيرٍ عَلَى حَسَبِ أَحْوَالِ الْفُرُوضِ. قَالَ وَمِثْلُ ذَلِكَ الْمُنَاجَاةُ كَانَ يُنَاجِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِلَا تَقْدِيمِ صَدَقَةٍ ثُمَّ فَرَضَ اللَّهُ تَقْدِيمَ الصَّدَقَةِ ثُمَّ أَزَالَ ذَلِكَ فَرَدَّهُمْ إلَى مَا كَانُوا عَلَيْهِ فَإِنْ شَاءُوا تَقَرَّبُوا بِالصَّدَقَةِ إلَى اللَّهِ وَإِنْ شَاءُوا نَاجَوْهُ مِنْ غَيْرِ صَدَقَةٍ. قَالَ فَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ الشَّافِعِيِّ فَرْضٌ مَكَانَ فَرْضٍ فَتَفَهَّمْهُ انْتَهَى.

(أَوْ) أُرِيدَ بِالْبَدَلِ بَدَلٌ (مُفَادٌ بِدَلِيلِ النَّسْخِ) فِي الْمَنْسُوخِ (فَالْحَقُّ نَفْيُهُ) أَيْ نَفْيُ هَذَا الْمُرَادِ (لِأَنَّهُ) أَيْ الْقَوْلَ بِهِ قَوْلٌ (بِلَا مُوجِبٍ وَالْوَاقِعُ خِلَافُهُ كَنَسْخِ حُرْمَةِ الْمُبَاشَرَةِ) لِلنِّسَاءِ (بَعْد الْفِطْرِ) وَهَذَا مُوَافِقٌ لِمَا فِي تَفْسِيرِ الزَّجَّاجِ أَيْ حُكْمُ الْمَنْسُوخِ فِي هَذَا حُرْمَةُ الْمُبَاشَرَةِ وَالْمَذْكُورُ لِلْآمِدِيِّ وَابْنِ الْحَاجِبِ وَوُجُوبُ الْإِمْسَاكِ بَعْدَ الْفِطْرِ قَالَ الْأَبْهَرِيُّ أَيْ الْإِفْطَارُ؛ لِأَنَّهُ اسْمُهُ وَالْإِمْسَاكُ

ص: 57

بِظَاهِرِ إطْلَاقِهِ يَتَنَاوَلُ الْإِمْسَاكَ عَنْ الْمُبَاشَرَةِ وَالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ قُلْت وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ كَنَسْخِ حُرْمَةِ الْمُفْطِرَاتِ الثَّلَاثَةِ بِالنَّوْمِ بَعْدَ دُخُولِ اللَّيْلِ أَوْ بِصَلَاةِ الْعِشَاءِ إذْ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ وَغَيْرِهِ عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ «كَانَ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم إذَا كَانَ الرَّجُلُ صَائِمًا فَحَضَرَ الْإِفْطَارُ فَنَامَ قَبْلَ أَنْ يُفْطِرَ لَمْ يَأْكُلْ لَيْلَتَهُ وَلَا يَوْمَهُ حَتَّى يُمْسِيَ وَإِنَّ قَيْسَ بْنَ صِرْمَةَ الْأَنْصَارِيَّ كَانَ صَائِمًا فَأَتَى امْرَأَتَهُ فَقَالَ هَلْ عِنْدَك مِنْ طَعَامٍ قَالَتْ لَا وَلَكِنْ أَنْطَلِقُ أَطْلُبُ لَك وَكَانَ يَوْمَهُ يَعْمَلُ فَغَلَبَتْهُ عَيْنَاهُ فَنَامَ فَجَاءَتْ امْرَأَتُهُ فَلَمَّا رَأَتْهُ قَالَتْ خَيْبَةً لَك فَلَمَّا انْتَصَفَ النَّهَارُ غُشِيَ عَلَيْهِ فَذَكَرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَأُنْزِلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ} [البقرة: 187] فَفَرِحُوا بِهَا فَرَحًا شَدِيدًا وَنَزَلَتْ {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ} [البقرة: 187] » وَفِي سُنَنِ أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهَا عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «وَكَانَ النَّاسُ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إذَا صَلَّوْا الْعَتَمَةَ حَرُمَ عَلَيْهِمْ الطَّعَامُ وَالشَّرَابُ وَالنِّسَاءُ وَصَامُوا إلَى الْقَابِلَةِ فَاخْتَانَ رَجُلٌ نَفْسَهُ فَجَامَعَ امْرَأَتَهُ وَقَدْ صَلَّى الْعِشَاءَ وَلَمْ يُفْطِرْ فَأَرَادَ اللَّهُ تَعَالَى أَنْ يَجْعَلَ ذَلِكَ يُسْرًا لِمَنْ بَقِيَ وَرُخْصَةً وَمَنْفَعَةً فَقَالَ سُبْحَانَهُ {عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ} [البقرة: 187] » نَعَمْ الْمَشْهُورُ فِي رِوَايَةِ غَيْرِ الْبَرَاءِ. وَالْمُتَّفَقُ عَلَيْهِ فِي رِوَايَاتِ الْبَرَاءِ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ مُقَيَّدًا بِالنَّوْمِ وَيَتَرَجَّحُ بِقُوَّةِ سَنَدِهِ

وَبِمَا أَخْرَجَهُ ابْنُ مَرْدُوَيْهِ بِسَنَدٍ رِجَالُهُ مُوَثَّقُونَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «إنَّ النَّاسَ كَانُوا قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ فِي الصِّيَامِ مَا نَزَلَ يَأْكُلُونَ وَيَشْرَبُونَ وَيَحِلُّ لَهُمْ شَأْنُ النِّسَاءِ فَإِذَا نَامَ أَحَدُهُمْ لَمْ يَطْعَمْ وَلَمْ يَشْرَبْ وَلَمْ يَأْتِ أَهْلَهُ حَتَّى يُفْطِرَ مِنْ الْقَابِلَةِ وَإِنَّ عُمَرَ رضي الله عنه بَعْدَ مَا نَامَ وَوَجَبَ عَلَيْهِ الصِّيَامُ وَقَعَ عَلَى أَهْلِهِ ثُمَّ جَاءَ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ أَشْكُو إلَى اللَّهِ وَإِلَيْك الَّذِي أَصَبْت قَالَ وَمَا الَّذِي صَنَعْت قَالَ إنِّي سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي فَوَقَعْت عَلَى أَهْلِي بَعْدَ مَا نِمْتُ وَأَرَدْت الصِّيَامَ فَنَزَلَتْ {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ} [البقرة: 187] إلَى قَوْلِهِ فَالْآنَ {بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ} [البقرة: 187] » وَبِمَا أَخْرَجَ الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ السُّدِّيِّ كُتِبَ عَلَى النَّصَارَى الصِّيَامُ وَكُتِبَ عَلَيْهِمْ أَنْ لَا يَأْكُلُوا وَلَا يَشْرَبُوا وَلَا يَنْكِحُوا بَعْدَ النَّوْمِ وَكُتِبَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ أَوَّلًا مِثْلُ ذَلِكَ حَتَّى أَقْبَلَ رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ فَذَكَرَ الْقِصَّةَ وَمِنْ طَرِيقِ إبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ كَانَ الْمُسْلِمُونَ أَوَّلَ الْإِسْلَامِ يَفْعَلُونَ كَمَا يَفْعَلُ أَهْلُ الْكِتَابِ إذَا نَامَ أَحَدُهُمْ لَمْ يَطْعَمْ حَتَّى الْقَابِلَةِ وَيُؤَيِّدُهُ مَا أَخْرَجَ مُسْلِمٌ مَرْفُوعًا «فَصْلُ مَا بَيْنَ صِيَامِنَا وَصِيَامِ أَهْلِ الْكِتَابِ أَكْلَةُ السَّحَرِ» ثُمَّ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ رحمه الله؛ لِأَنَّ الْإِبَاحَةَ وَإِنْ ثَبَتَتْ عِنْدَ نَسْخِ الْحُرْمَةِ لَكِنْ لَمْ يُفِدْهَا نَفْسُ النَّاسِخِ أَعْنِي قَوْله تَعَالَى {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ} [البقرة: 187] فَإِنْ قِيلَ بَلْ أَفَادَ هَذَا النَّاسِخُ الْإِبَاحَةَ الشَّرْعِيَّةَ وَهِيَ الْحِلُّ فَلَا يَصْلُحُ جَعْلُهُ مِمَّا لَمْ يُفِدْ فِيهِ النَّاسِخُ بَدَلًا.

قُلْنَا الْحِلُّ لَيْسَ حُكْمًا شَرْعِيًّا بَلْ بَعْضُ حُكْمٍ شَرْعِيٍّ؛ لِأَنَّهُ إمَّا بَعْضُ الْإِبَاحَةِ أَوْ بَعْضُ الْوُجُوبِ أَوْ النَّدْبِ فَلَا يَسْتَقِلُّ حُكْمًا بَلْ هُوَ جِنْسٌ لِلْأَحْكَامِ الثَّلَاثَةِ وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى {فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ} [البقرة: 187] فَدَلِيلٌ آخَرُ أَفَادَ الْبَدَلَ فَهُوَ مِنْ قَبِيلِ الْقِسْمِ الثَّالِثِ الَّذِي يُذْكَرُ بَعْدَ هَذَا الْقِسْمِ (وَلَيْسَ مِنْهُ) أَيْ مِنْ النَّاسِخِ لِحُكْمٍ بِبَدَلٍ مُفَادُهُ بِغَيْرِ النَّاسِخِ (نَاسِخُ ادِّخَارِ لُحُومِ الْأَضَاحِيِّ) فَوْقَ ثَلَاثٍ؛ لِأَنَّهُ مَقْرُونٌ بِالْبَدَلِ حَيْثُ قَالَ صلى الله عليه وسلم «كُنْت نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ فَزُورُوهَا وَنَهَيْتُكُمْ عَنْ لُحُومِ الْأَضَاحِيّ فَوْقَ ثَلَاثٍ فَأَمْسِكُوا مَا بَدَا لَكُمْ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ فَهَذِهِ إبَاحَةٌ شَرْعِيَّةٌ هِيَ بَدَلٌ مَقْرُونٌ بِدَلِيلِ النَّسْخِ وَفِي هَذَا تَعْرِيضٌ بِ ابْنِ الْحَاجِبِ فِي تَمْثِيلِهِ لِوُقُوعِ النَّسْخِ بِلَا بَدَلٍ بِهَذَا (وَجَازَ أَنْ لَا يَتَعَرَّضَ الدَّلِيلُ) النَّاسِخُ (لِغَيْرِ الرَّفْعِ) لِتَعَلُّقِ الْحُكْمِ الْمَنْسُوخِ (أَوْ) أُرِيدَ بِالْبَدَلِ بَدَلٌ هُوَ حُكْمٌ آخَرُ يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ الْفِعْلِ (بِلَا ثُبُوتٍ حُكْمٍ شَرْعِيٍّ) لِذَلِكَ الْفِعْلِ

(وَإِنْ لَمْ يَكُنْ) ذَلِكَ الْحُكْمُ (بِهِ) أَيْ ثَابِتًا بِدَلِيلِ النَّسْخِ (فَكَذَلِكَ) أَيْ الْحَقُّ نَفْيُهُ (لِذَلِكَ) أَيْ لِأَنَّهُ بِلَا مُوجِبٍ لَهُ (وَتَكُونُ) الصِّفَةُ (الثَّابِتَةُ) لِلْفِعْلِ (الْإِبَاحَةَ الْأَصْلِيَّةَ) بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا لَيْسَتْ بِحُكْمٍ شَرْعِيٍّ وَإِلَّا فَقَدْ عَرَفَ مَا عَلَيْهِ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ مِنْ أَنَّهَا حُكْمٌ شَرْعِيٌّ

(لَكِنْ لَيْسَ مِنْهُ) أَيْ مِنْ النَّاسِخِ بِلَا ثُبُوتِ حُكْمٍ شَرْعِيٍّ (نَسْخُ تَقْدِيمِ الصَّدَقَةِ) عِنْدَ إرَادَةِ مُنَاجَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم (لِثُبُوتِ الْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ) وَهُوَ نَدْبِيَّةُ

ص: 58