المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[تتمة تقسيم لفظ العلة بالاشتراك اللفظي أو المجاز] - التقرير والتحبير على كتاب التحرير - جـ ٣

[ابن أمير حاج]

فهرس الكتاب

- ‌[فَصْلٌ فِي التَّعَارُضِ]

- ‌[مَسْأَلَة جَرْيِ التَّعَارُضِ بَيْنَ قَوْلَيْنِ وَنَفْيِهِ]

- ‌[مَسْأَلَة لَا تَرْجِيحَ بِكَثْرَةِ الْأَدِلَّةِ وَالرُّوَاةِ]

- ‌[فَصْلٌ يَلْحَقُ السَّمْعِيَّيْنِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ]

- ‌[مَسْأَلَة وَيَكُونُ الْبَيَانُ بِالْفِعْلِ كَالْقَوْلِ]

- ‌[مَسْأَلَة جَوَازِهِ أَيْ النَّسْخِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ جَوَازِ النَّسْخِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ نَسْخُ حُكْمِ فِعْلٍ لَا يَقْبَلُ حُسْنُهُ وَقُبْحُهُ السُّقُوطَ]

- ‌[مَسْأَلَةُ لَا يَجْرِي النَّسْخُ فِي الْأَخْبَارِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ لَا يُنْسَخُ الْحُكْمُ بِلَا بَدَلٍ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ نَسْخُ التَّكْلِيفِ بِتَكْلِيفٍ أَخَفَّ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ يَجُوزُ نَسْخُ الْقُرْآنِ بِهِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ يَجُوزُ نَسْخُ السُّنَّةِ بِالْقُرْآنِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ نَسْخُ جَمِيعِ الْقُرْآنِ مَمْنُوعٌ بِالْإِجْمَاعِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ لَا يُنْسَخُ الْإِجْمَاعُ وَلَا يُنْسَخُ بِهِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ إذَا رُجِّحَ قِيَاسٌ مُتَأَخِّرٌ لِتَأَخُّرِ شَرْعِيَّةِ حُكْمِ أَصْلِهِ عَنْ نَصٍّ عَلَى نَقِيضِ حُكْمِهِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ نَسْخُ أَحَدِ الْأَمْرَيْنِ مِنْ فَحَوَى مَنْطُوقٍ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ لَا يَثْبُتُ حُكْمُ النَّاسِخِ فِي حَقِّ الْأُمَّةِ بَعْدَ تَبْلِيغِهِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ إذَا زَادَ فِي مَشْرُوعٍ جُزْءًا أَوْ شَرْطًا لَهُ مُتَأَخِّرًا]

- ‌[مَسْأَلَةٌ يُعْرَفُ النَّاسِخُ بِنَصِّهِ عليه السلام عَلَيْهِ وَضَبْطِ تَأَخُّرِهِ]

- ‌[الْبَابُ الرَّابِعُ فِي الْإِجْمَاعِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ انْقِرَاضُ الْمُجْمِعِينَ لَيْسَ شَرْطًا لِانْعِقَادِهِ وَلَا لِحُجَّتِهِ]

- ‌[لَا يَشْتَرِطُ لِحُجِّيَّتِهِ أَيْ الْإِجْمَاعِ انْتِفَاءَ سَبْقِ خِلَافٍ مُسْتَقِرٍّ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ لَا يُشْتَرَطُ فِي حُجِّيَّتِهِ أَيْ الْإِجْمَاعِ عَدَدُ التَّوَاتُرِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي حُجِّيَّتِهِ أَيْ الْإِجْمَاعِ مَعَ كَوْنِ الْمُجْمِعِينَ أَكْثَرَ مُجْتَهِدِي ذَلِكَ الْعَصْرِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي حُجِّيَّةِ الْإِجْمَاعِ عَدَالَةُ الْمُجْتَهِدِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي حُجِّيَّةِ الْإِجْمَاعِ الْقَطْعِيَّةِ كَوْنُهُمْ أَيْ الْمُجْمِعِينَ الصَّحَابَةَ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ وَلَا يَنْعَقِدُ الْإِجْمَاعُ بِأَهْلِ الْبَيْتِ النَّبَوِيِّ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ وَلَا يَنْعَقِدُ بِالْأَرْبَعَةِ الْخُلَفَاءِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ وَلَا يَنْعَقِدُ الْإِجْمَاعُ بِالشَّيْخَيْنِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ وَلَا يَنْعَقِدُ الْإِجْمَاع بِأَهْلِ الْمَدِينَةِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ أَفْتَى بَعْضُ الْمُجْتَهِدِينَ بِشَيْءٍ مِنْ الْأُمُورِ الِاجْتِهَادِيَّةِ أَوْ قَضَى بِهِ وَاشْتَهَرَ بَيْنَ الْمُجْتَهِدِينَ مِنْ أَهْلِ عَصْرِهِ وَسَكَتُوا بَعْدَ عِلْمِهِمْ بِذَلِكَ]

- ‌[تَنْبِيهٌ لَوْ قَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْإِجْمَاعِ هَذَا مُبَاحٌ وَأَقْدَمَ الْبَاقِي عَلَى فِعْلِهِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ إذَا أُجْمِعَ عَلَى قَوْلَيْنِ فِي مَسْأَلَةٍ فِي عَصْرٍ مِنْ الْأَعْصَارِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْجُمْهُورُ إذَا أَجْمَعُوا أَيْ أَهْلُ عَصْرٍ عَلَى دَلِيلٍ لِحُكْمٍ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ لَا إجْمَاعَ إلَّا عَنْ مُسْتَنَدٍ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ لَا يَجُوزُ أَنْ لَا يَعْلَمُوا أَيْ مُجْتَهِدُو عَصْرٍ دَلِيلًا سَالِمًا عَنْ الْمُعَارِضِ الْمُكَافِئِ لَهُ عَمِلُوا بِخِلَافِهِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْمُخْتَارُ امْتِنَاعُ ارْتِدَادِ أُمَّةِ عَصْرٍ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ ظُنَّ أَنَّ قَوْلَ الشَّافِعِيِّ دِيَةُ الْيَهُودِيِّ الثُّلُثُ مِنْ دِيَةِ الْمُسْلِمِينَ يَتَمَسَّكُ فِيهِ بِالْإِجْمَاعِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ إنْكَارُ حُكْمِ الْإِجْمَاعِ الْقَطْعِيِّ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْإِجْمَاعِ يُحْتَجُّ بِهِ فِيمَا لَا يَتَوَقَّفُ حُجِّيَّتُهُ عَلَيْهِ مِنْ الْأُمُورِ الدِّينِيَّةِ]

- ‌[الْبَابُ الْخَامِسُ فِي الْقِيَاسِ]

- ‌[أَرْكَانُ قِيَاسِ الْعِلَّةِ]

- ‌[فِي الشُّرُوطِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْعِلَّةِ]

- ‌[الْكَلَامُ فِي تَقْسِيمِ الْعِلَّةِ وَشُرُوطِهَا وَطُرُقِ مَعْرِفَتِهَا]

- ‌[الْمَرْصَدُ الْأَوَّلُ فِي تَقْسِيمِ الْعِلَّةُ]

- ‌[تَتِمَّةٌ تَقْسِيمَ لَفْظُ الْعِلَّةِ بِالِاشْتِرَاكِ اللَّفْظِيِّ أَوْ الْمَجَازِ]

- ‌[الْمَرْصَدُ الثَّانِي فِي شُرُوطِ الْعِلَّةِ]

- ‌[تَنْبِيهٌ قَسَّمَ الْمُصَحِّحُونَ لِتَخْصِيصِ الْعِلَّةِ مَعَ الْمَانِعِ إلَى خَمْسَةٍ]

- ‌[لَا يُشْتَرَطُ فِي تَعْلِيلِ انْتِفَاءِ حُكْمٍ بِوُجُودِ مَانِعٍ]

- ‌[فَصْلٌ تَقْسِيم الْقِيَاسَ بِاعْتِبَارِ التَّفَاوُتِ فِي الْقُوَّةِ إلَى جَلِيٍّ وَخَفِيَ]

- ‌[مَسْأَلَةُ حُكْمِ الْقِيَاسِ الثُّبُوتُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ قَالَ الْحَنَفِيَّةُ لَا تَثْبُتُ بِهِ أَيْ بِالْقِيَاسِ الْحُدُودُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ تَكْلِيفُ الْمُجْتَهِدِ بِطَلَبِ الْمَنَاطِ]

- ‌[مَسْأَلَةُ النَّصِّ مِنْ الشَّارِعِ عَلَى الْعِلَّةِ لِلْحُكْمِ يَكْفِي فِي إيجَابِ تَعَدِّيَةِ الْحُكْمِ بِهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ الِاعْتِرَاضَاتِ الْوَارِدَةِ عَلَى الْقِيَاسِ]

- ‌[خَاتِمَةٌ لِلْكَلَامِ فِي هَذِهِ الْمَقَالَةِ الثَّانِيَةِ]

- ‌[الْمَقَالَةُ الثَّالِثَةُ فِي الِاجْتِهَادِ وَمَا يَتْبَعُهُ مِنْ التَّقْلِيدِ وَالْإِفْتَاءِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ أَنَّهُ عليه السلام مَأْمُورٌ فِي حَادِثَةٍ لَا وَحْيَ فِيهَا بِانْتِظَارِ الْوَحْيِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ طَائِفَةٌ لَا يَجُوزُ عَقْلًا اجْتِهَادُ غَيْرِ النَّبِيّ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْعَقْلِيَّاتُ مَا لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى سَمْعٍ كَحُدُوثِ الْعَالَمِ]

- ‌[مَسْأَلَةُ الْمَسْأَلَةِ الِاجْتِهَادِيَّةِ أَيْ الَّتِي لَا قَاطِعَ فِيهَا مِنْ نَصٍّ أَوْ إجْمَاعٍ]

- ‌[مَسْأَلَةُ الْمُجْتَهِدِ بَعْدَ اجْتِهَادِهِ فِي وَاقِعَةٍ أَدَّى اجْتِهَادُهُ فِيهَا إلَى حُكْمٍ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ وَاقِعَةٌ اجْتَهَدَ الْمُجْتَهِدُ فِيهَا وَأَدَّى اجْتِهَادُهُ إلَى حُكْمٍ مُعَيَّنٍ لَهَا ثُمَّ تَكَرَّرَتْ الْوَاقِعَةُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ لَا يَصِحُّ فِي مَسْأَلَةٍ لِمُجْتَهِدٍ بَلْ لِعَاقِلٍ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ قَوْلَانِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ لَا يُنْقَضُ حُكْمٌ اجْتِهَادِيٌّ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ تُعْرَفُ بِمَسْأَلَةِ التَّعْرِيضِ فِي أُصُولِ الشَّافِعِيَّةِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ يَجُوزُ خُلُوُّ الزَّمَانِ عَنْ مُجْتَهِدٍ]

- ‌[مَسْأَلَة التَّقْلِيد الْعَمَلُ بِقَوْلِ مَنْ لَيْسَ قَوْلُهُ إحْدَى الْحُجَجِ الْأَرْبَعِ الشَّرْعِيَّةِ]

- ‌[مَسْأَلَة غَيْر الْمُجْتَهِدِ المطلق يَلْزَمهُ التَّقْلِيد وَإِنَّ كَانَ مجتهدا فِي بَعْض مَسَائِل الْفِقْه]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الِاتِّفَاقُ عَلَى حِلِّ اسْتِفْتَاءِ مَنْ عُرِفَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالِاجْتِهَادِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ إفْتَاءُ غَيْرِ الْمُجْتَهِدِ بِمَذْهَبِ مُجْتَهِدٍ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ يَجُوزُ تَقْلِيدُ الْمَفْضُولِ مَعَ وُجُودِ الْأَفْضَلِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ لَا يَرْجِعُ الْمُقَلِّدُ فِيمَا قَلَّدَ الْمُجْتَهِدَ]

- ‌[إجْمَاعُ الْمُحَقِّقِينَ عَلَى مَنْعِ الْعَوَامّ مِنْ تَقْلِيدِ أَعْيَانِ الصَّحَابَةِ]

- ‌[خَاتِمَة]

الفصل: ‌[تتمة تقسيم لفظ العلة بالاشتراك اللفظي أو المجاز]

(أَرَادَ) أَبُو زَيْدٍ بِكَوْنِ الْمُنَاسِبِ مَا ذَكَرَهُ (حُجِّيَّتَهُ فِي حَقِّ نَفْسِهِ فَقَطْ) أَيْ يَكْفِي هَذَا لِلنَّاظِرِ لِأَنَّهُ لَا يُكَابِرُ عَقْلَهُ فَهُوَ مَأْخُوذٌ بِمَا يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّهِ لَا لِلْمُنَاظِرِ إذْ رُبَّمَا يَقُولُ الْخَصْمُ هَذَا مِمَّا لَا يَتَلَقَّاهُ عَقْلِي بِالْقَبُولِ فَلَا يَكُونُ مُنَاسِبًا بِالنِّسْبَةِ إلَيَّ وَلَيْسَ الِاحْتِجَاجُ بِقَوْلِ الْغَيْرِ عَلَيَّ أَوْلَى مِنْ الْقَلْبِ وَمِنْ ثَمَّةَ مَنَعَ أَبُو زَيْدٍ التَّمَسُّكَ بِالْمُنَاسَبَةِ فِي إثْبَاتِ عِلِّيَّةِ الْوَصْفِ فِي مَقَامِ الْمُنَاظَرَةِ بَلْ شَرَطَ ضَمَّ الْعَدَالَةِ إلَيْهَا بِإِقَامَةِ الدَّلِيلِ عَلَى كَوْنِ الْوَصْفِ مُلَائِمًا مُؤَثِّرًا لِلْإِلْزَامِ عَلَى الْخَصْمِ (وَقَوْلُهُمْ) أَيْ الْحَنَفِيَّةِ (فِي نَفْيِهِ) أَيْ هَذَا الطَّرِيقِ الْمُسَمَّى بِالْإِخَالَةِ لِأَنَّهُ (لَا يَنْفَكُّ عَنْ الْمُعَارَضَةِ إذْ يُقَالُ) أَيْ يَقُولُ الْمُنَاظِرُ (لَمْ يَقْبَلْهُ عَقْلِي) عِنْدَ قَوْلِ الْمُنَاظِرِ هَذَا مُنَاسِبٌ لِأَنَّهُ لَوْ عُرِضَ عَلَى الْعُقُولِ تَلَقَّتْهُ بِالْقَبُولِ (يُفِيدُهُ) أَيْ أَنَّ مُرَادَ أَبِي زَيْدٍ كَوْنُ الْمُنَاسِبِ ذَلِكَ إنَّمَا هُوَ فِي حَقِّ نَفْسِهِ (وَإِلَّا) لَوْ كَانُوا قَائِلِينَ بِأَنَّ مُرَادَ أَبِي زَيْدٍ حُجِّيَّتُهُ فِي حَقِّ غَيْرِهِ أَيْضًا (لَمْ يُسْمَعْ) قَوْلُهُ لَمْ يَقْبَلْهُ عَقْلِي لِأَنَّهُ مُكَابَرَةٌ حِينَئِذٍ فَلَا يَصِحُّ نَفْيُهُمْ لَهُ بِأَنَّهُ لَا يَنْفَكُّ عَنْ الْمُعَارَضَةِ (وَالْحَقُّ أَنَّ الْمُرَادَ بِإِبْدَاءِ الْمُنَاسَبَةِ تَفْصِيلُهَا لِلْمُخَاطَبِ كَقَوْلِهِ الْإِسْكَارُ إزَالَةُ الْعَقْلِ وَهُوَ) أَيْ إزَالَةُ الْعَقْلِ (مَفْسَدَةٌ يُنَاسِبُ حُرْمَةَ مَا تَحْصُلُ بِهِ) الْإِزَالَةُ (وَ) يُنَاسِبُ (الزَّجْرَ عَنْهُ) أَيْ عَمَّا تَحْصُلُ بِهِ الْإِزَالَةُ وَهَذَا لَا تَتَأَتَّى فِيهِ الْمُعَارَضَةُ (وَتِلْكَ الْمُعَارَضَةُ فِي الْإِجْمَالِيِّ) أَيْ دَعْوَةِ الْمُنَاسَبَةِ عَلَى سَبِيلِ الْإِجْمَاعِ (كَقَبِلَهُ عَقْلِيٌّ أَوْ نَاسَبَ عِنْدِي) وَلَمْ يُبَيِّنْ وَجْهَ ذَلِكَ فَانْتَفَى نَفْيُهُمْ صِحَّةَ اعْتِبَارِ الْإِخَالَةِ بِأَنَّهَا لَا تَنْفَكُّ عَنْ الْمُعَارَضَةِ (نَعَمْ يَنْتَهِضُ) فِي دَفْعِ الْإِخَالَةِ وَكَوْنُ الْوَصْفِ بَعْدَ ظُهُورِ مُنَاسَبَتِهِ لِلْحُكْمِ لَا تَثْبُتُ عِلِّيَّتُهُ لِلْحُكْمِ (أَنَّهَا) أَيْ الْمُنَاسَبَةَ (لَيْسَتْ مَلْزُومَةً لِوَضْعِ الشَّارِعِ عَلَيْهِ مَا قَامَتْ بِهِ) الْمُنَاسَبَةُ أَيْ لَيْسَ يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِ مُنَاسَبَةِ وَصْفٍ لِحُكْمٍ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْوَصْفُ عِلَّةً لِشَرْعِ ذَلِكَ الْحُكْمِ فِي الشَّرْعِ (لِلتَّخَلُّفِ) لِلْحُكْمِ (فِي مَعْلُومِ الْإِلْغَاءِ) أَيْ فِي وَصْفِ الْمُنَاسِبِ الْمَعْلُومِ الْإِلْغَاءِ (مِنْ الْمُرْسَلِ وَغَيْرِهِ) كَمَا تَقَدَّمَ.

(فَإِنْ قِيلَ الظَّنُّ حَاصِلٌ قُلْنَا إنْ عَنِيَ ظَنَّ الْمُنَاسَبَةِ لِلْحُكْمِ فَمُسَلَّمٌ وَلَا يَسْتَلْزِمُ وَضْعَ الشَّارِعِ إيَّاهُ) أَيْ الْوَصْفَ عِلَّةً لِلْحُكْمِ (لِمَا ذَكَرْنَا) مِنْ التَّخَلُّفِ فِي الْمَعْلُومِ الْإِلْغَاءِ (وَاعْلَمْ أَنَّ مُقْتَضَى هَذَا) الْوَجْهِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ لِبَيَانِ إبْطَالِ كَوْنِ الْإِخَالَةِ طَرِيقًا مُعْتَبَرًا لِاعْتِبَارِ الْوَصْفِ (وَمَا زَادُوهُ) أَيْ الْحَنَفِيَّةُ (مِنْ أَوْجُهِ الْإِبْطَالِ) لِكَوْنِهَا طَرِيقًا مُعْتَبَرًا أَيْضًا (عَدَمُ جَوَازِ الْعَمَلِ بِهِ) أَيْ الْوَصْفِ الْمُخَالِ (قَبْلَ ظُهُورِ الْأَثَرِ) بِأَحَدِ الْأَوْجُهِ الْمُتَقَدِّمِ بَيَانُهَا لِأَنَّ الْأَوْجُهَ الْمَذْكُورَةَ اقْتَضَتْ إهْدَارَ اعْتِبَارِ الْإِخَالَةِ شَرْعًا فَلَوْ قُلْنَا بِجَوَازِ الْعَمَلِ بِهَا قَبْلَ ظُهُورِ التَّأْثِيرِ لَكَانَ تَأْثِيرًا لِلْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ أَعْنِي الْجَوَازَ مِنْ غَيْرِ دَلِيلٍ (وَلَيْسَ الْقِيَاسُ) لِجَوَازِ الْعَمَلِ بِهَا قَبْلَ ظُهُورِ التَّأْثِيرِ (عَلَى) جَوَازِ (الْقَضَاءِ بِمَسْتُورَيْنِ) كَمَا قَالُوا (صَحِيحًا لِأَنَّهُ إنْ فُرِضَ فِيهِ) أَيْ فِي جَوَازِ الْقَضَاءِ بِهِمَا (دَلِيلٌ عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ) أَيْ الْقِيَاسِ إذْ الْقِيَاسُ أَنْ لَا يَجُوزَ الْحُكْمُ بِشَهَادَةِ الشَّاهِدَيْنِ مَا لَمْ تُعْلَمْ عَدَالَتُهُمَا (فَهُوَ) أَيْ الدَّلِيلُ الْمَفْرُوضُ فِي جَوَازِ الْقَضَاءِ بِهِمَا (مُنْتَفٍ فِي جَوَازِ الْعَمَلِ) بِالْإِخَالَةِ فَيَبْقَى مَا يُنْسَبُ حُكْمًا إلَى الْإِخَالَةِ عَلَى أَصْلِ الْقِيَاسِ مِنْ عَدَمِ الْجَوَازِ وَإِنَّمَا قَالَ إنْ فُرِضَ فِيهِ دَلِيلٌ لِانْتِقَائِهِ فِيمَا يَظْهَرُ (وَإِلَّا) لَوْ لَمْ يَنْتَفِ بَلْ كَانَ دَلِيلُ جَوَازِ الْعَمَلِ بِالْوَصْفِ ثَابِتًا (وَجَبَ عَلَى الْمُجْتَهِدِ) الْعَمَلُ بِهِ إذْ لَا يُتَصَوَّرُ انْفِكَاكُ جَوَازِ الْعَمَلِ بِالْوَصْفِ عَنْ وُجُوبِهِ بِهِ (لِأَنَّهُ) أَيْ جَوَازَ الْعَمَلِ بِهِ (يُفِيدُ اعْتِبَارَ الشَّارِعِ) إيَّاهُ (وَهُوَ) أَيْ اعْتِبَارُ الشَّارِعِ إيَّاهُ (تَرْتِيبُ الْحُكْمِ) عَلَيْهِ أَيْ وَاعْتِبَارُ الشَّارِعِ الْوَصْفَ لَيْسَ إلَّا بِكَوْنِهِ مُثْبِتًا لِلْحُكْمِ حَيْثُمَا وُجِدَ وَحِينَئِذٍ يَجِبُ عَلَى الْمُجْتَهِدِ إثْبَاتُ الْحُكْمِ بِهِ فِي مُحَالِ وُجُودِهِ لَا أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَحْكُمَ بِهِ وَأَنْ لَا يَحْكُمَ بِهِ إذْ عَدَمُ الْحُكْمِ بِهِ بَعْدَ جَعْلِ الشَّرْعِ إيَّاهُ مَنَاطًا لِلْحُكْمِ أَيْنَمَا كَانَ مُخَالَفَةٌ لِلشَّرْعِ ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَهَذَا مَا تَقَدَّمَ الْوَعْدُ بِالتَّنْبِيهِ عَلَيْهِ. (وَاعْلَمْ أَنَّ)(الْمُنَاسَبَةَ لَوْ) كَانَتْ (بِحِفْظِ أَحَدِ الضَّرُورِيَّاتِ) الْخَمْسِ (لَزِمَ) الْعَمَلُ بِهَا (عَلَى) قَوْلِ (الْكُلِّ) مِنْ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ (وَلَيْسَ) هَذَا الطَّرِيقُ (إخَالَةً بَلْ مِنْ الْمُجْمَعِ عَلَى اعْتِبَارِهِ) وَهُوَ ظَاهِرٌ فَلَا تَذْهَلْ عَنْهُ

[تَتِمَّةٌ تَقْسِيمَ لَفْظُ الْعِلَّةِ بِالِاشْتِرَاكِ اللَّفْظِيِّ أَوْ الْمَجَازِ]

(تَتِمَّةٌ قَسَّمَ الْحَنَفِيَّةُ مَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ لَفْظُ الْعِلَّةِ بِالِاشْتِرَاكِ) اللَّفْظِيِّ (أَوْ الْمَجَازِ لَا حَقِيقَتِهَا إذْ لَيْسَتْ) حَقِيقَتُهَا (إلَّا الْخَارِجَ)

ص: 160

عَنْ الْمَعْلُولِ (الْمُؤَثِّرِ) فِيهِ فَقَسَّمُوا مَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ لَفْظُهَا بِأَحَدِ ذَيْنِك الِاعْتِبَارَيْنِ (إلَى سَبْعَةٍ) مِنْ الْأَقْسَامِ (ثَلَاثَةٌ) مِنْهَا (بَسَائِطُ) وَأَرْبَعَةٌ مِنْهَا مُرَكَّبَةٌ فَالْبَسَائِطُ (إلَى عِلَّةٍ اسْمًا وَهِيَ الْمَوْضُوعَةُ لِمُوجَبِهَا أَوْ الْمُضَافُ إلَيْهَا) الْحُكْمُ (بِلَا وَاسِطَةٍ) وَإِنْ كَانَتْ الْوَاسِطَةُ ثَابِتَةً فِي الْوَاقِعِ وَمَعْنَى إضَافَةِ الْحُكْمِ إلَى الْعِلَّةِ مَا يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِنَا قَتَلَهُ بِالرَّمْيِ وَعَتَقَ بِالشِّرَاءِ وَهَلَكَ بِالْجَرْحِ وَتَفْسِيرُهَا اسْمًا بِمَا تَكُونُ مَوْضُوعَةً فِي الشَّرْعِ لِأَجْلِ الْحُكْمِ وَمَشْرُوعَةً لَهُ إنَّمَا يَصِحُّ فِي الْعِلَلِ الشَّرْعِيَّةِ لَا فِي مِثْلِ الرَّمْيِ وَالْجَرْحِ (وَ) إلَى عِلَّةٍ (مَعْنًى بِاعْتِبَارِ تَأْثِيرِهَا) فِي إثْبَاتِ الْحُكْمِ (وَ) إلَى عِلَّةٍ (حُكْمًا بِأَنْ يَتَّصِلَ بِهَا) الْحُكْمُ (بِلَا تَرَاخٍ وَهِيَ) أَيْ الْعِلَّةُ اسْمًا وَمَعْنًى وَحُكْمًا الْعِلَّةُ (الْحَقِيقِيَّةُ وَمَا سِوَاهُ) أَيْ هَذَا الْمَجْمُوعِ (مَجَازٌ أَوْ حَقِيقَةٌ قَاصِرَةٌ) كَمَا هُوَ مُخْتَارُ فَخْرِ الْإِسْلَامِ (وَالْحَقُّ أَنَّ تِلْكَ) أَيْ الْعِلَّةَ اسْمًا وَمَعْنًى وَحُكْمًا الْعِلَّةُ (التَّامَّةُ تُلَازِمُهَا وَمَا سِوَاهَا) أَيْ تِلْكَ (قَدْ يَكُونُ) عِلَّةً (حَقِيقِيَّةً لِدَوَرَانِهَا) أَيْ الْحَقِيقَةِ (مَعَ الْعِلَّةِ مَعْنًى فَتَثْبُتُ) الْحَقِيقَةُ (فِي أَرْبَعَةٍ) التَّامَّةِ (كَالْبَيْعِ) الصَّحِيحِ (الْمُطْلَقِ) عَنْ شَرْطِ الْخِيَارِ (لِلْمِلْكِ وَالنِّكَاحِ) الصَّحِيحِ (لِلْحِلِّ وَالْقَتْلِ) الْعَمْدِ الْعُدْوَانِ (لِلْقِصَاصِ) وَفِي جَامِعِ الْأَسْرَارِ (وَالْإِعْتَاقِ لِزَوَالِ الرِّقِّ) فَإِنَّ كُلًّا مِنْ هَذِهِ عِلَّةٌ اسْمًا لِوَضْعِهِ لِمُوجِبِهِ الْمَذْكُورِ وَإِضَافَتِهِ إلَيْهِ بِغَيْرِ وَاسِطَةٍ وَمَعْنًى لِأَنَّهُ مُؤَثِّرٌ فِيهِ وَحُكْمًا لِأَنَّ مُوجِبَهُ غَيْرُ مُتَرَاخٍ عَنْهُ غَيْرَ أَنَّهُ كَمَا قَالَ (وَيَجِبُ كَوْنُهُ) أَيْ الْإِعْتَاقِ لِزَوَالِ الرِّقِّ (عَلَى قَوْلِهِمَا) أَيْ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْإِعْتَاقَ لَا يَتَجَزَّأُ عِنْدَهُمَا (أَمَّا عَلَى قَوْلِهِ) أَيْ أَبِي حَنِيفَةَ (فَلِإِزَالَةِ الْمِلْكِ) أَيْ فَالْإِعْتَاقُ لِإِزَالَةِ الْمِلْكِ أَوْ زَوَالِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْإِعْتَاقَ يَتَجَزَّأُ عِنْدَهُ كَمَا عُرِفَ فِي مَوْضِعِهِ وَهَذَا فِي الْبَيِّنِ.

وَأَمَّا الْأَرْبَعَةُ الْمُرَكَّبَةُ الْبَاقِيَةُ مِنْ السَّبْعَةِ فَنَقُولُ (وَإِلَى الْعِلَّةِ اسْمًا فَقَطْ كَالْإِيجَابِ الْمُعَلَّقِ) بِشَرْطٍ مِنْ طَلَاقٍ أَوْ غَيْرِهِ قَبْلَ وُجُودِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ أَمَّا أَنَّهُ عِلَّةٌ اسْمًا فَلِوَضْعِهِ لِحُكْمِهِ وَمِنْ ثَمَّةَ يَثْبُتُ بِهِ وَيُضَافُ إلَيْهِ بَعْدَ وُجُودِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ.

وَأَمَّا أَنَّهُ لَيْسَ بِعِلَّةٍ مَعْنًى فَلِعَدَمِ تَأْثِيرِهِ فِي حُكْمِهِ قَبْلَ وُجُودِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ وَأَمَّا أَنَّهُ لَيْسَ بِعِلَّةٍ حُكْمًا فَلِتَرَاخِي حُكْمِهِ عَنْهُ إلَى زَمَانِ وُجُوبِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ (قِيلَ) أَيْ وَقَالَ صَاحِبُ الْمَنَارِ (وَالْيَمِينُ قَبْلَ الْحِنْثِ لِلْإِضَافَةِ) لِلْحُكْمِ وَهُوَ الْكَفَّارَةُ إلَيْهَا (يُقَالُ كَفَّارَةُ الْيَمِينِ لَكِنْ لَا يُؤَثِّرُ) الْيَمِينُ (فِيهِ) أَيْ فِي هَذَا الْحُكْمِ قَبْلَ الْحُكْمِ (وَلَا يَثْبُتُ الْحُكْمُ لِلْحَالِ وَهُوَ) أَيْ كَوْنُ الْيَمِينِ عِلَّةً اسْمًا إنَّمَا هُوَ (عَلَى) التَّعْرِيفِ (الثَّانِي) لِلْعِلَّةِ وَهُوَ الْمُضَافُ إلَيْهَا الْحُكْمُ بِلَا وَاسِطَةٍ (لِأَنَّهَا) أَيْ الْيَمِينَ (لَيْسَتْ بِمَوْضُوعَةٍ إلَّا لِلْبِرِّ وَإِلَى الْعِلَّةِ اسْمًا وَمَعْنًى فَقَطْ كَالْبَيْعِ بِشَرْطِ الْخِيَارِ) الشَّرْعِيِّ لِلْبَائِعِ وَلِلْمُشْتَرِي أَوْ لَهُمَا مَعًا (وَ) الْبَيْعُ (الْمَوْقُوفُ) كَبَيْعِ الْإِنْسَانِ مَالَ غَيْرِهِ بِلَا وِلَايَةٍ وَلَا وَكَالَةٍ وَيُسَمَّى بَيْعَ الْفُضُولِيِّ (لِوَضْعِهِ) أَيْ الْبَيْعِ شَرْعًا لِحُكْمِهِ الَّذِي هُوَ الْمِلْكُ (وَتَأْثِيرِهِ فِي) إثْبَاتِ (الْحُكْمِ) عِنْدَ زَوَالِ الْمَانِعِ (وَإِنَّمَا تَرَاخَى) الْحُكْمُ عَنْهُ (لِمَانِعٍ) وَهُوَ اقْتِرَانُهُ بِالشَّرْعِ فِي بَيْعِ الْخِيَارِ لِأَنَّ الْمُعَلَّقَ بِالشَّرْطِ مَعْدُومٌ قَبْلَهُ وَعُدِمَ إذْنُ الْمَالِكِ أَوْ مَنْ هُوَ قَائِمٌ مَقَامَهُ فِي بَيْعِ الْفُضُولِيِّ لِأَنَّ الْمِلْكَ الْمُحْتَرَمَ لَا يَزُولُ بِدُونِ رِضَا الْمَالِكِ أَوْ الْقَائِمِ مَقَامَهُ (حَتَّى يَثْبُتَ) الْحُكْمُ (عِنْدَ زَوَالِهِ) أَيْ الْمَانِعِ بِأَنْ تَمْضِيَ مُدَّةُ الْخِيَارِ فِي بَيْعِ الْخِيَارِ أَوْ يُجِيزَ مَنْ لَهُ وِلَايَةُ الْإِجَازَةِ فِي بَيْعِ الْفُضُولِيِّ (وَمِنْ وَقْتِ الْإِيجَابِ) أَيْ الْعَقْدِ (فَيَمْلِكُ) الْمُشْتَرِي (الْمَبِيعَ بِوَلَدِهِ الَّذِي حَدَثَ قَبْلَ زَوَالِهِ) أَيْ الْمَانِعِ.

وَكَذَا سَائِرُ زَوَائِدِهِ الْمُتَّصِلَةِ وَالْمُنْفَصِلَةِ (بَعْدَ الْإِيجَابِ) وَهَذِهِ آيَةُ كَوْنِ كُلٍّ مِنْهُمَا عِلَّةً لَا سَبَبًا لِأَنَّ السَّبَبَ يَثْبُتُ مَقْصُودًا لَا مُسْتَنِدًا إلَى وَقْتِ وُجُودِ السَّبَبِ نَعَمْ فُرِّقَ بَيْنَ الْبَيْعَيْنِ بِأَنَّ أَصْلَ الْمِلْكِ فِي الْبَيْعِ بِالْخِيَارِ لِمَا تَعَلَّقَ بِالشَّرْطِ لَمْ يُوجَدْ قَبْلَهُ فَلَا يَتَوَقَّفُ إعْتَاقُ الْمُشْتَرِي فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَفِي الْمَوْقُوفِ يَثْبُتُ الْمِلْكُ بِصِفَةِ التَّوَقُّفِ وَتَوَقُّفُ الشَّيْءِ لَا يُعْدِمُ أَصْلَهُ فَيَتَوَقَّفُ إعْتَاقُهُ عَلَيْهِ وَأَوْرَدَ مَا ذَكَرْتُمْ مِنْ تَأَخُّرِ الْحُكْمِ فِي هَذَا وَإِنْ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ عِلَّةٌ حُكْمًا فَعِنْدَنَا مَا يَنْفِيهِ وَهُوَ أَنَّ الْبَيْعَ إنَّمَا يَصِيرُ مُؤَثِّرًا مِنْ الْأَصْلِ بِالْإِجَازَةِ أَوْ الْإِسْقَاطِ أَوْ مُضِيِّ مُدَّةِ الْخِيَارِ وَهَذِهِ الْأَشْيَاءُ مُسْتَنِدَةٌ إلَى زَمَانِ الْعَقْدِ فَيَكُونُ الْحُكْمُ مَعَهُ فِي الْمَعْنَى وَإِنْ تَأَخَّرَ صُورَةً

ص: 161

لِمَا عُلِمَ مِنْ تَحْقِيقِ أَحْكَامِ الْعَقْدِ فِي الزَّوَائِدِ وَالْعِتْقِ فِي الْمَوْقُوفِ فَلَا تَأْخِيرَ لِلْحُكْمِ عَنْهَا وَأُجِيبَ بِأَنَّ كَوْنَ الْحُكْمِ فِي السَّبَبِ فِي صُورَةِ الِاسْتِنَادِ مَمْنُوعٌ إذْ الْإِجَازَةُ وَغَيْرُهَا مُتَأَخِّرَةٌ حَقِيقَةً وَصُورَةً وَأَحْكَامُ الْعَقْدِ فِي الزَّوَائِدِ وَالْعِتْقِ فِي الْمَوْقُوفِ غَيْرُ مُتَحَقِّقَةٍ قَبْلَ الْإِجَازَةِ وَلَكِنَّهُ إذَا ثَبَتَ يَسْتَنِدُ إلَى أَوَّلِ السَّبَبِ وَإِنَّمَا تَحَقُّقُ الْأَحْكَامِ قَبْلَ الْإِجَازَةِ بِطَرِيقِ التَّبْيِينِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الثَّابِتِ بِهِ وَالثَّابِتِ بِالِاسْتِنَادِ ظَاهِرٌ فَإِنَّ الثَّابِتَ بِالِاسْتِنَادِ مَا لَا يَكُونُ ثَابِتًا حَقِيقَةً وَشَرْعًا ثُمَّ يَثْبُتُ وَيَرْجِعُ إلَى أَوَّلِ السَّبَبِ وَهَذَا لَا يُوجِبُ أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ مَعَهُ حَقِيقَةً بَلْ يُوجِبُ خِلَافَ ذَلِكَ وَالثَّابِتُ بِطَرِيقِ التَّبْيِينِ ثَابِتٌ حَقِيقَةً مَعَ السَّبَبِ لَكِنَّهُ خَفِيٌّ فَيَنْظَهِرُ بَعْدَ زَمَانٍ أَنَّهُ كَذَلِكَ ثُمَّ حُكْمُ الِاسْتِنَادِ يَظْهَرُ فِي الْقَائِمِ دُونَ الْفَائِتِ حَتَّى لَوْ وَلَدَتْ الْمَبِيعَةُ فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ وَمَاتَ الْوَلَدُ ثُمَّ سَقَطَ الْخِيَارُ لَا يَظْهَرُ حُكْمُ الِاسْتِنَادِ فِي حَقِّ الْهَالِكِ حَتَّى لَا يَنْقُصَ بِهَلَاكِهِ شَيْءٌ مِنْ الثَّمَنِ بِخِلَافِ التَّبْيِينِ وَقَدْ ظَهَرَ مِنْ هَذَا أَنَّ الْحُكْمَ فِي الِاسْتِنَادِ مُتَأَخِّرٌ حَقِيقَةً وَصُورَةً وَلَكِنَّهُ يَثْبُتُ تَقْدِيرًا وَذَلِكَ لَا يَمْنَعُ مِنْ التَّرَاخِي هَذَا وَقَدْ يُقَالُ إنَّمَا يَسْتَقِيمُ قَوْلُهُ وَإِنَّمَا تَرَاخَى لِمَانِعٍ عَلَى قَوْلِ مُجَوِّزِ تَخْصِيصِ الْعِلَّةِ كَالْقَاضِي أَبِي زَيْدٍ.

وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ مُنْكِرِهِ كَفَخْرِ الْإِسْلَامِ فَلِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَيْهِ فَيُجَابُ بِمَا فِي التَّلْوِيحِ الْخِلَافُ فِي تَخْصِيصِ الْعِلَلِ إنَّمَا هُوَ فِي الْأَوْصَافِ الْمُؤَثِّرَةِ فِي الْأَحْكَامِ لَا فِي الْعِلَلِ الَّتِي هِيَ أَحْكَامٌ شَرْعِيَّةٌ كَالْعُقُودِ وَالْفُسُوخِ انْتَهَى عَلَى أَنَّ الْخِلَافَ لَوْ كَانَ فِي تَخْصِيصِهَا مُطْلَقًا لَكَانَ حَاصِلُهُ أَنَّ الْمُنْكِرَ يَقُولُ الْعِلَّةُ الْوَصْفُ الْمُدَّعَى عِلَّةً مَعَ خُلُوِّهِ عَنْ الْمَانِعِ حَتَّى يَتَرَتَّبَ الْحُكْمُ عَلَيْهِ وَالْوَصْفُ مَعَ الْمَانِعِ جُزْءُ عِلَّةٍ وَالتَّخَلُّفُ عَنْ الْعِلَّةِ غَيْرُ مُمْكِنٍ وَعَلَى هَذَا فَيَكُونُ مَعْنَى وَإِنَّمَا تَرَاخَى لِمَانِعٍ أَيْ إنَّمَا تَأَخَّرَ لِعَدَمِ تَمَامِ عِلَّتِهِ لِفَوَاتِ جُزْئِهَا وَهُوَ عَدَمُ الْمَانِعِ لِوُجُودِهِ فَإِذَا زَالَ الْمَانِعُ تَمَّتْ الْعِلَّةُ وَالْمُجِيزُ يَقُولُ الْخُلُوُّ عَنْ الْمَانِعِ لَيْسَ بِجُزْءِ عِلَّةٍ بَلْ الْوَصْفُ وَحْدَهُ هُوَ الْعِلَّةُ وَالتَّخَلُّفُ عَنْ حَقِيقَةِ الْعِلَّةِ مُمْكِنٌ وَلَا يَظْهَرُ بِالتَّخَلُّفِ كَوْنُ الْوَصْفِ غَيْرَ عِلَّةٍ بَلْ هُوَ عِلَّةٌ حَقِيقَةً مَعَ التَّخَلُّفِ وَلَا إشْكَالَ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا (وَالْإِيجَابُ الْمُضَافُ إلَى وَقْتٍ) كَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَتَصَدَّقَ بِدِرْهَمٍ غَدًا لِوَضْعِهِ شَرْعًا لِحُكْمِهِ وَإِضَافَةِ الْحُكْمِ إلَيْهِ وَتَأْثِيرِهِ فِيهِ.

(وَلِذَا) أَيْ وَلِكَوْنِ الْمُضَافِ عِلَّةً اسْمًا وَمَعْنًى لَا حُكْمًا (أَسْقَطَ التَّصَدُّقَ الْيَوْمَ مَا أَوْجَبَهُ قَوْلُهُ: عَلَيَّ التَّصَدُّقُ بِدِرْهَمٍ غَدًا) لِأَنَّهُ إذْ بَعْدَ انْعِقَاد سَبَبِهِ وَ (لَمْ يَلْزَمْهُ) التَّصَدُّقُ (فِي الْحَالِّ) لِتَرَاخِيهِ عَنْهُ إلَى الزَّمَانِ الْمُضَافِ إلَيْهِ فَيَثْبُتُ الْحُكْمُ عَنْهُ عِنْدَ مَجِيءِ الْوَقْتِ مُقْتَصِرًا عَلَيْهِ لَا مُسْتَنِدًا إلَى زَمَانِ الْإِيجَابِ (وَمِنْهُ) أَيْ هَذَا الْقِسْمِ (النِّصَابُ) لِوُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي أَوَّلِ الْحَوْلِ فَإِنَّهُ عِلَّتُهُ اسْمًا لِوَضْعِهِ فِي الشَّرْعِ وَإِضَافَتِهِ إلَيْهِ وَمَعْنًى لِتَأْثِيرِهِ فِيهِ لِأَنَّ النَّمَاءَ يُعْقَلُ تَأْثِيرُهُ فِي وُجُوبِ الْإِحْسَانِ إلَى الْغَيْرِ وَهُوَ حَاصِلٌ فِي النِّصَابِ لَا حُكْمًا لِتَرَاخِيهِ إلَى تَحَقُّقِ زَمَانِ النَّمَاءِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (إلَّا أَنَّ لِهَذَا) أَيْ النِّصَابِ (شَبَهًا بِالسَّبَبِ لِتَرَاخِي حُكْمِهِ إلَى مَا يُشْبِهُ الْعِلَّةَ) مِنْ جِهَةِ تَرَتُّبِ الْحُكْمِ عَلَيْهِ (وَهُوَ) أَيْ مَا يُشْبِهُ الْعِلَّةَ (النَّمَاءُ الَّذِي أُقِيمَ الْحَوْلُ الْمُمْكِنُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ النَّمَاءِ (مُقَامَهُ) أَيْ النَّمَاءِ بِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «لَيْسَ فِي مَالٍ زَكَاةٌ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ وَالنَّمَاءُ فِي الْحَقِيقَةِ فَضْلٌ عَلَى الْغَنِيِّ مُوجِبٌ لِلْإِحْسَانِ كَأَصْلِ الْغَنِيِّ وَيَثْبُتُ فِيهِ الْيُسْرُ فِي الْوَاجِبِ وَيَزْدَادُ وَهُوَ مَقْصُودٌ فِيهِ فَكَانَ لَهُ أَثَرٌ فِي الْوُجُوبِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ فَكَانَ شَبِيهًا بِعِلَّةِ الْوُجُوبِ (لَا) إلَى (الْعِلَّةِ وَإِلَّا) لَوْ كَانَ إلَى الْعِلَّةِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ النَّمَاءَ حَقِيقَةُ الْعِلَّةِ الْمُسْتَقِلَّةِ (تَمَحَّضَ) النِّصَابُ (سَبَبًا) لِوُجُوبِ الزَّكَاةِ لِأَنَّ السَّبَبَ الْحَقِيقِيَّ هُوَ الَّذِي يَتَوَسَّطُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْحُكْمِ عِلَّةٌ مُسْتَقِلَّةٌ لَكِنَّهُ لَيْسَ بِمُتَمَحِّضٍ سَبَبًا لَهُ لِأَنَّ النَّمَاءَ بِالنِّسْبَةِ إلَى الزَّكَاةِ لَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ وَصْفٌ لَا يَسْتَقِلُّ بِنَفْسِهِ فِي الْوُجُودِ ثُمَّ لَوْ فُرِضَ أَنَّ النَّمَاءَ حَقِيقَةُ الْعِلِّيَّةِ الْمُسْتَقِلَّةِ لَكَانَ لِلنِّصَابِ حَقِيقَةُ السَّبَبِيَّةِ كَمَا إذَا دَلَّ رَجُلٌ رَجُلًا عَلَى مَالِ الْغَيْرِ فَسَرَقَهُ فَإِنَّ الدَّلَالَةَ سَبَبٌ حَقِيقِيٌّ لَا يُشْبِهُ الْعِلَّةَ أَصْلًا فَإِذَا كَانَ لِلنَّمَاءِ شَبَهُ الْعِلِّيَّةِ كَانَ لِلنِّصَابِ شَبَهُ السَّبَبِيَّةِ لِأَنَّ تَوَسُّطَ حَقِيقَةِ الْعِلِّيَّةِ الْمُسْتَقِلَّةِ يُوجِبُ حَقِيقَةَ السَّبَبِيَّةِ فَتَوَسُّطُ شَبَهِ الْعِلِّيَّةِ يُوجِبُ شَبَهَ السَّبَبِيَّةِ ثُمَّ شَبَهُ النِّصَابِ غَالِبٌ عَلَى شَبَهِهِ بِالسَّبَبِ لِأَنَّ شَبَهَهُ بِالْعِلِّيَّةِ حَصَلَ لَهُ مِنْ جِهَةِ نَفْسِهِ إذْ النِّصَابُ

ص: 162

أَصْلٌ لِوَصْفِهِ وَشَبَهُهُ بِالسَّبَبِ حَصَلَ لَهُ مِنْ جِهَةِ تَوَقُّفِ حُكْمِهِ عَلَى النَّمَاءِ الَّذِي هُوَ وَصْفُهُ وَتَابِعٌ لَهُ.

وَالشَّبَهُ الْحَاصِلُ مِنْ جِهَةِ نَفْسِهِ لِأَصَالَتِهِ رَاجِحٌ عَلَى الشَّبَهِ الْمُتَحَقِّقِ لَهُ مِنْ جِهَةِ وَصْفِ التَّابِعِ لَهُ إذْ الْحَاصِلُ بِالذَّاتِ لِأَصَالَتِهَا وَاسْتِقْلَالِهَا رَاجِحٌ عَلَى الْحَاصِلِ بِوَاسِطَةِ الْوَصْفِ التَّابِعِ الْغَيْرِ الْمُسْتَقِلِّ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ النِّصَابُ قَبْلَ الْحَوْلِ عِلَّةٌ تَامَّةٌ لَيْسَ فِيهِ شَبَهُ السَّبَبِ وَالْحَوْلُ بِمَنْزِلَةِ الْأَجَلِ لِتَأْخِيرِ الْمُطَالَبَةِ تَيْسِيرًا كَالسَّفَرِ فِي حَقِّ الصَّوْمِ وَلِهَذَا صَحَّ تَعْجِيلُهُ قَبْلَهُ وَلَوْ كَانَ وَصْفُ كَوْنِهِ حَوْلِيًّا مِنْ الْعِلِّيَّةِ لَمَا صَحَّ التَّعْجِيلُ كَمَا لَوْ عَجَّلَ قَبْلَ تَمَامِ النِّصَابِ قُلْنَا لَوْ كَانَ النِّصَابُ عِلَّةً تَامَّةً لِوُجُوبِهَا قَبْلَ الْحَوْلِ لَوَجَبَتْ بِاسْتِهْلَاكِهِ فِي الْحَوْلِ كَمَا فِيمَا بَعْدَهُ وَإِنَّمَا صَحَّ التَّعْجِيلُ لِأَنَّ النِّصَابَ لَمَّا كَانَ فِيهِ مَا ذَكَرْنَا مِنْ شَبَهِ الرَّاجِعَةِ بِاعْتِبَارِ النَّمَاءِ وَكَانَ هَذَا الْوَصْفُ غَيْرَ قَائِمٍ بِنَفْسِهِ بَلْ بِالْمَوْصُوفِ اسْتَنَدَ عِنْدَ ثُبُوتِهِ إلَى أَصْلِ النِّصَابِ فَصَارَ مِنْ أَوَّلِ الْحَوْلِ مُتَّصِفًا بِأَنَّهُ حَوْلِيٌّ وَاسْتَنَدَ الْحُكْمُ وَهُوَ وُجُوبُ الزَّكَاةِ إلَى أَوَّلِهِ أَيْضًا فَصَحَّ التَّعْجِيلُ بِنَاءً عَلَى هَذَا لِوُقُوعِهِ بَعْدَ تَمَامِ الْعِلِّيَّةِ تَقْدِيرًا وَبِهَذَا أَيْضًا يَخْرُجُ الْجَوَابُ عَمَّا عَنْ مَالِكٍ مِنْ أَنَّ النِّصَابَ قَبْلَ الْحَوْلِ لَيْسَ لَهُ حُكْمُ الْعِلِّيَّةِ لِأَنَّ وَصْفَ النَّمَاءِ كَالْجُزْءِ الْأَخِيرِ مِنْ عِلَّةٍ ذَاتِ وَصْفَيْنِ فَلَا يَصِحُّ التَّعْجِيلُ قَبْلَ الْحَوْلِ كَمَا لَا يَصِحُّ تَعْجِيلُ الصَّلَاةِ قَبْلَ الْوَقْتِ نَعَمْ هَذَا الْمُعَجَّلُ إنَّمَا يَصِيرُ زَكَاةً إذَا انْقَضَى الْحَوْلُ وَالنِّصَابُ كَامِلٌ لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ عَدَمِ وَصْفِ الْعِلِّيَّةِ أَوَّلَ الْحَوْلِ ثُمَّ اسْتِنَادِ وَصْفِهَا إلَى أَوَّلِهِ بَعْدَ انْقِضَائِهِ وَالْحَوْلُ لَيْسَ بِمَنْزِلَةِ الْأَجَلِ لِأَنَّهُ يَسْقُطُ بِمَوْتِ الْمَدْيُونِ وَيَصِيرُ الدَّيْنُ حَالًّا وَيُؤْخَذُ مِنْ تَرِكَتِهِ وَلَوْ مَاتَ الْمُزَكِّي فِي أَثْنَاءِ الْحَوْلِ سَقَطَ الْوَاجِبُ وَلَمْ يُؤْخَذْ مِنْ تَرِكَتِهِ وَالْمَدْيُونُ يَمْلِكُ إسْقَاطَ الْأَجَلِ وَالْمُزَكِّي لَا يَمْلِكُ إسْقَاطَ الْحَوْلِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ (وَعَقْدُ الْإِجَارَةِ) إذْ هُوَ عِلَّةٌ لِمِلْكِ الْمَنْفَعَةِ، وَالْأُجْرَةِ اسْمًا لِأَنَّهُ وُضِعَ لَهُ وَالْحُكْمُ يُضَافُ إلَيْهِ وَمَعْنًى لِأَنَّهُ هُوَ الْمُؤَثِّرُ فِي إثْبَاتِ مِلْكِهِمَا (وَلِذَا) أَيْ وَلِكَوْنِهِ عِلَّةً لَهُ اسْمًا وَمَعْنًى (صَحَّ تَعْجِيلُ الْأُجْرَةِ) قَبْلَ الْوُجُوبِ وَاشْتِرَاطُ تَعْجِيلِهَا كَمَا صَحَّ أَدَاءُ الزَّكَاةِ قَبْلَ الْحَوْلِ (وَلَيْسَ) عَقْدُ الْإِجَارَةِ (عِلَّةً حُكْمًا) لِلْمَنَافِعِ (لِعَدَمِ الْمَنَافِعِ) الَّتِي تُوجَدُ فِي مُدَّةِ الْإِجَارَةِ وَقْتَ عَقْدِهَا (وَ) عَدَمِ (ثُبُوتِ الْمِلْكِ فِيهَا) أَيْ الْمَنَافِعِ (فِي الْحَالِ) لِأَنَّ الْمَعْدُومَ لَيْسَ بِمَحَلٍّ لِلْمِلْكِ.

(وَكَذَا) هُوَ لَيْسَ بِعِلَّةٍ حُكْمًا (فِي الْأُجْرَةِ) أَيْ لَا تُمْلَكُ بِمُجَرَّدِ عَقْدِ الْإِجَارَةِ لِأَنَّهَا بَدَلُ الْمَنْفَعَةِ فَلَمَّا لَمْ يَمْلِكْ الْمَنْفَعَةَ فِي الْحَالِ فَكَذَا هِيَ لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الثُّبُوتِ كَالثَّمَنِ وَالْمُثَمَّنِ (مَعَ أَنَّهُ) أَيْ عَقْدَ الْإِجَارَةِ (وُضِعَ لِمِلْكِهِمَا) أَيْ الْمَنَافِعِ وَالْأُجْرَةِ (وَ) هُوَ (الْمُؤَثِّرُ فِيهِمَا) أَيْ الْمَنَافِعِ وَالْأُجْرَةِ مِلْكًا كَمَا ذَكَرْنَا آنِفًا وَكَانَ التَّعَرُّضُ لِذِكْرِ هَذَا أَوَّلًا كَمَا ذَكَرْنَا أَوْلَى (وَيُشْبِهُ) عَقْدُ الْإِجَارَةِ (السَّبَبَ لِمَا فِيهِ) أَيْ عَقْدِهَا (مِنْ مَعْنَى الْإِضَافَةِ فِي حَقِّ مِلْكِ الْمَنْفَعَةِ إلَى مُقَارَنَتِهِ) أَيْ انْعِقَادِهَا (الِاسْتِيفَاءَ) لِلْمَنْفَعَةِ (إذْ لَا بَقَاءَ لَهَا) أَيْ لِلْمَنْفَعَةِ يَعْنِي الْإِجَارَةَ.

فَإِنْ صَحَّتْ فِي الْحَالِ بِإِقَامَةِ الْعَيْنِ مُقَامَ الْمَنْفَعَةِ إلَّا أَنَّهَا فِي حَقِّ الْمَنْفَعَةِ مُضَافَةٌ إلَى زَمَانِ وُجُودِ الْمَنْفَعَةِ كَأَنَّهَا تَنْعَقِدُ حِينَ وُجُودِ الْمَنْفَعَةِ لِيَقْتَرِنَ الِانْعِقَادُ بِالِاسْتِيفَاءِ وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِمْ الْإِجَارَةُ عُقُودٌ مُتَفَرِّقَةٌ يَتَجَدَّدُ انْعِقَادُهَا بِحَسَبِ مَا يَحْدُثُ مِنْ الْمَنْفَعَةِ (وَمِمَّا يُشْبِهُ السَّبَبَ) أَيْ وَمِنْ الْعِلَلِ اسْمًا وَمَعْنًى لَا حُكْمًا الشَّبِيهَةُ بِالسَّبَبِ (مَرَضُ الْمَوْتِ) إذْ هُوَ (عِلَّةُ) اسْمًا وَمَعْنًى (الْحَجْرِ عَنْ التَّبَرُّعِ) بِالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَالْمُحَابَاةِ وَنَحْوِهَا (لِحَقِّ الْوَارِثِ) أَيْ لِمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ حَقُّ الْوَارِثِ بَعْدَ الْمَوْتِ أَعْنِي (مَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ) لِأَنَّهُ وُضِعَ فِي الشَّرْعِ لِلتَّغْيِيرِ مِنْ الْإِطْلَاقِ إلَى الْحَجْرِ ثُمَّ الْحَجْرُ عَنْ هَذَا مُضَافٌ إلَيْهِ شَرْعًا وَهُوَ مُؤَثِّرٌ فِيهِ أَيْضًا كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ حَدِيثُ «سَعِيدٍ حَيْثُ قَالَ أَفَأُوصِي بِمَالِي كُلِّهِ قَالَ صلى الله عليه وسلم لَا قَالَ فَبِالنِّصْفِ قَالَ لَا قَالَ فَبِالثُّلُثِ قَالَ الثُّلُثُ وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ إنَّكَ إنْ تَدَعْ وَرَثَتَك أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَدَعَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (وَيُشْبِهُ) مَرَضُ الْمَوْتِ (السَّبَبَ لِأَنَّ الْحُكْمَ) الَّذِي هُوَ الْحَجْرُ (يَثْبُتُ بِهِ إذَا اتَّصَلَ بِهِ الْمَوْتُ لِأَنَّ الْعِلَّةَ مَرَضٌ مُمِيتٌ وَلَمَّا كَانَ) الْمَوْتُ (مُنْعَدِمًا فِي الْحَالِ لَمْ يَثْبُتْ الْحَجْرُ فَصَارَ الْمُتَبَرَّعُ بِهِ مِلْكًا) لِلْمُتَبَرَّعِ لَهُ (لِلْحَالِ) لِانْعِدَامِ الْمَانِعِ حِينَئِذٍ (فَلَا يَحْتَاجُ إلَى تَمْلِيكٍ) جَدِيدٍ (لَوْ بَرِئَ) لِاسْتِمْرَارِ الْمَانِعِ عَلَى الْعَدَمِ.

(وَإِذَا مَاتَ صَارَ

ص: 163

كَأَنَّهُ تَصَرَّفَ بَعْدَ الْحَجْرِ) لِاتِّصَافِ الْمَرَضِ بِكَوْنِهِ مُمِيتًا مِنْ أَوَّلِ وُجُودِهِ لِأَنَّ الْمَوْتَ يَحْدُثُ بِآلَامٍ وَعَوَارِضَ مُزِيلَةٍ لِقُوَى الْحَيَاةِ مِنْ ابْتِدَاءِ الْمَرَضِ فَيُضَافُ إلَيْهِ كُلِّهِ وَإِذَا اسْتَنَدَ الْوَصْفُ إلَى أَوَّلِ الْمَرَضِ اسْتَنَدَ بِحُكْمِهِ (فَتَوَقَّفَ) نَفَاذُهُ (عَلَى إجَازَتِهِمْ) أَيْ الْوَرَثَةِ لِتَعَلُّقِ حَقِّهِمْ بِهِ.

(وَكَذَا التَّزْكِيَةُ) أَيْ تَعْدِيلُ شُهُودِ الزِّنَا (عِلَّةُ وُجُوبِ الْحُكْمِ بِالرَّجْمِ) لِلزَّانِي الْمُحْصَنِ ثُمَّ ظَاهِرُ هَذَا السِّيَاقِ أَنَّ هَذَا عِلَّةٌ لَهُ اسْمًا وَمَعْنًى لَا حُكْمًا وَأَنَّهُ يُشْبِهُ السَّبَبَ وَسَيَظْهَرُ وَجْهُ كَوْنِهِ عِلَّةً لَهُ اسْمًا وَمَعْنًى وَشَبَهِهِ بِالسَّبَبِ.

وَأَمَّا أَنَّهُ لَيْسَ بِعِلَّةٍ حُكْمًا فَلَا لِعَدَمِ تَرَاخِيهِ عَنْهُ (لَكِنَّ) كَوْنَ التَّزْكِيَةِ عِلَّةً (بِمَعْنَى عِلَّةِ الْعِلِّيَّةِ عِنْدَهُ) أَيْ أَبِي حَنِيفَةَ (فَإِنَّ الشَّهَادَةَ لَا تُوجِبُ الرَّجْمَ دُونَهَا) أَيْ التَّزْكِيَةِ بَلْ تُفِيدُ ظُهُورَهُ وَعِلَّةُ الْعِلَّةِ بِمَنْزِلَةِ الْعِلَّةِ فِي إضَافَةِ الْحُكْمِ كَمَا يُعْلَمُ قَرِيبًا فَيَكُونُ الْحُكْمُ مُضَافًا إلَى التَّزْكِيَةِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ (فَلَوْ رَجَعَ الْمُزَكُّونَ) وَقَالُوا تَعَمَّدْنَا الْكَذِبَ (ضَمِنُوا الدِّيَةَ عِنْدَهُ) أَيْ أَبِي حَنِيفَةَ (غَيْرَ أَنَّهُ إذَا كَانَ) التَّزْكِيَةُ وَذِكْرُ الرَّاجِعِ إلَيْهَا بِاعْتِبَارِ التَّعْدِيلِ (صِفَةً لِلشَّهَادَةِ أُضِيفَ الْحُكْمُ إلَيْهَا) أَيْ إلَى الشَّهَادَةِ أَيْضًا فَأَيِّ الْفَرِيقَيْنِ رَجَعَ ضَمِنَ (وَعِنْدَهُمَا لَا) يَضْمَنُ الْمُزَكُّونَ إذَا رَجَعُوا لِأَنَّهُمْ أَثْنَوْا عَلَى الشُّهُودِ خَيْرًا فَكَانَ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ أَثْنَوْا عَلَى الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ خَيْرًا بِأَنْ قَالُوا هُوَ مُحْصَنٌ وَالضَّمَانُ يُضَافُ إلَى سَبَبٍ هُوَ تَعَدٍّ لَا إلَى مَا هُوَ حَسَنٌ وَخَيْرٌ أَلَا تَرَى أَنَّ الشُّهُودَ لَوْ رَجَعُوا مَعَ الْمُزَكِّينَ لَمْ يَضْمَنْ الْمُزَكُّونَ شَيْئًا وَالْجَوَابُ أَنَّ الْمُزَكِّينَ لَيْسُوا كَشُهُودِ الْإِحْصَانِ فَإِنَّهُمْ لَمْ يَجْعَلُوا مَا لَيْسَ بِمُوجِبٍ مُوجِبًا إذْ الشَّهَادَةُ بِالزِّنَا بِدُونِ الْإِحْصَانِ مُوجِبٌ لِلْعُقُوبَةِ وَالشَّهَادَةُ لَا تُوجِبُ شَيْئًا بِدُونِ التَّزْكِيَةِ فَالْمُزَكُّونَ أَعْمَلُوا سَبَبَ التَّلَفِ بِطَرِيقِ التَّعَدِّي فَضَمِنُوا.

وَأَمَّا إذَا رَجَعَ الشُّهُودُ مَعَهُمْ فَقَدْ انْقَلَبَتْ الشَّهَادَةُ تَعَدِّيًا وَأَمْكَنَ الْإِضَافَةُ إلَيْهَا عَلَى الْمَقْصُودِ لِأَنَّهَا تَعَدٍّ لَمْ يَحْدُثْ بِالتَّزْكِيَةِ لِاخْتِيَارِهِمْ فِي الْأَدَاءِ فَلَمْ يُضَفْ إلَى عِلَّةِ الْعِلَّةِ كَذَا فِي الْأَسْرَارِ

(وَكُلُّ عِلَّةِ عِلَّةٍ) هِيَ (عِلَّةٌ شَبِيهَةٌ بِالسَّبَبِ كَشِرَاءِ الْقَرِيبِ وَهُوَ) أَيْ عِلَّةُ الْعِلَّةِ الشَّبِيهَةِ بِالسَّبَبِ (السَّبَبُ فِي مَعْنَى الْعِلَّةِ أَمَّا عِلَّةٌ فَلِأَنَّ الْعِلَّةَ لَمَّا كَانَتْ مُضَافَةً إلَى عِلَّةٍ أُخْرَى) هِيَ الْأُولَى (كَانَ الْحُكْمُ مُضَافًا إلَيْهَا) أَيْ الْأُولَى (بِوَاسِطَةِ الثَّانِيَةِ فَهِيَ) أَيْ الْأُولَى (كَعِلَّةٍ تُوجِبُ) الْحُكْمَ (يُوصَفُ لَهَا) قَائِمٌ بِتِلْكَ الْعِلَّةِ (فَيُضَافُ) الْحُكْمُ (إلَيْهَا) أَيْ الْأُولَى (دُونَ) الْمُتَخَلِّلَةِ الَّتِي هِيَ بِمَنْزِلَةِ (الصِّفَةِ) كَمَا أَنَّ الْحُكْمَ يُضَافُ إلَى الْعِلَّةِ دُونَ الْوَصْفِ (وَأَمَّا الشَّبَهُ) بِالسَّبَبِ (فَلِأَنَّهَا) أَيْ الْأُولَى (لَا تُوجِبُ) الْحُكْمَ (إلَّا بِوَاسِطَةٍ) بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ وَهِيَ الثَّانِيَةُ كَمَا أَنَّ السَّبَبَ كَذَلِكَ (وَحَقِيقَةُ هَذَا نَفْيُ الْعِلَّةِ) لِأَنَّ الْعِلَّةَ الْحَقِيقِيَّةَ لَا تَتَوَقَّفُ عَلَى وَاسِطَةٍ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمَعْلُولِ (مِثَالُ ذَلِكَ) أَيْ عِلَّةِ الْعِلَّةِ الشَّبِيهَةِ بِالسَّبَبِ (شِرَاءُ الْقَرِيبِ فَإِنَّمَا هُوَ عِلَّةٌ لِمِلْكِ الْعِلَّةِ لِلْعِتْقِ فَهُوَ) أَيْ شِرَاؤُهُ (عِلَّةُ الْعِلَّةِ) لِلْعِتْقِ (فَبَيْنَ الْعِلَّةِ اسْمًا وَمَعْنًى لَا حُكْمًا وَالْعِلَّةِ الَّتِي تُشْبِهُ الْأَسْبَابَ عُمُومٌ مِنْ وَجْهٍ لِصِدْقِهِمَا فِيمَا قَبْلَهُ) أَيْ قِسْمِ عِلَّةِ الْعِلَّةِ مِنْ النِّصَابِ وَمَا بَعْدَهُ (وَانْفِرَادِ) قِسْمِ الْعِلَّةِ (الْمُشَبَّهَةِ) بِالسَّبَبِ (فِي شِرَاءِ الْقَرِيبِ) فَإِنَّهُ لَا يَتَحَقَّقُ فِيهِ التَّرَاخِي لِيَصْدُقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ عِلَّةٌ اسْمًا وَمَعْنًى لَا حُكْمًا أَيْضًا (وَ) انْفِرَادُ (الْعِلَّةِ اسْمًا وَمَعْنًى لَا حُكْمًا فِي الْبَيْعِ بِشَرْطِ) الْخِيَارِ الشَّرْعِيِّ لَهُمَا أَوْ لِأَحَدِهِمَا (وَالْمَوْقُوفُ وَإِلَى عِلَّةٍ مَعْنًى وَحُكْمًا كَآخِرِ) أَجْزَاءِ الْعِلَّةِ (الْمُرَكَّبَةِ) مِنْ وَصْفَيْنِ مُؤَثِّرَيْنِ مُتَرَتِّبَيْنِ فِي الْوُجُودِ لِوُجُودِ التَّأْثِيرِ وَالِاتِّصَالِ (لَا اسْمًا إذَا لَمْ يُضَفْ) الْحُكْمُ (إلَيْهِ) أَيْ إلَى هَذَا الْجُزْءِ الْأَخِيرِ (فَقَطْ) بَلْ إنَّمَا يُضَافُ إلَى الْمَجْمُوعِ وَهَذَا قَوْلُ الْبَعْضِ وَمَشَى عَلَيْهِ فَخْرُ الْإِسْلَامِ وَمُوَافِقُوهُ وَذَهَبَ غَيْرُ وَاحِدٍ إلَى أَنَّ مَا عَدَا الْأَخِيرِ يَصِيرُ بِمَنْزِلَةِ الْعَدَمِ فِي حَقِّ ثُبُوتِ الْحُكْمِ وَيَصِيرُ الْحُكْمُ مُضَافًا إلَى الْجُزْءِ الْأَخِيرِ كَمَا فِي أَثْقَالِ السَّفِينَةِ وَالْقَدَحِ الْأَخِيرِ فِي السُّكْرِ وَعَزَاهُ فِي التَّلْوِيحِ إلَى الْمُحَقِّقِينَ.

قُلْت وَعَلَى هَذَا فَيَكُونُ عِلَّةً اسْمًا أَيْضًا.

فَإِنْ قُلْت لَا لِأَنَّ الشَّرْطَ فِي كَوْنِ مَا أُضِيفَ إلَيْهِ الْحُكْمُ عِلَّةً اسْمًا أَنْ تَكُونَ إضَافَتُهُ إلَيْهِ بِلَا وَاسِطَةٍ وَالْحُكْمُ إنَّمَا يُضَافُ إلَى الْأَخِيرِ بِوَاسِطَةِ تَحْقِيقِ مَا قَبْلَهُ مَعَهُ.

قُلْت كَوْنُ الْحُكْمِ إنَّمَا يُضَافُ إلَى الْجُزْءِ الْأَخِيرِ بَعْدَ تَحَقُّقِ مَا قَبْلَهُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ مُسَلَّمٌ وَلَكِنْ لَيْسَ الشَّرْطُ فِي كَوْنِهِ عِلَّةً اسْمًا انْتِفَاءَ الْوَاسِطَةِ فِي إضَافَتِهِ إلَيْهِ

ص: 164

فِي نَفْسِ الْأَمْرِ بَلْ فِي إطْلَاقِ إضَافَتِهِ إلَيْهِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ هَذَا التَّقْسِيمِ وَالْجُزْءِ الْأَخِيرِ مِنْ هَذَا الْقِسْمِ كَذَلِكَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ مِنْ مِثَالِهِمْ لَهُ وَهُوَ مِلْكُ ذِي الرَّحِمِ الْمَحْرَمِ لِلْعِتْقِ فَإِنَّ كُلًّا مِنْ الْقَرَابَةِ الْمُحَرِّمَةِ لِلنِّكَاحِ وَالْمِلْكِ مُؤَثِّرٌ فِي الْعِتْقِ أَمَّا الْقَرَابَةُ الْمُحَرِّمَةُ فَإِنَّهَا تُوجِبُ الْحُرْمَةَ وَالرِّقُّ يُوجِبُ الْمَذَلَّةَ وَإِذَا صِينَتْ عَنْ أَدْنَى الرِّقَّيْنِ وَهُوَ النِّكَاحُ احْتِرَازًا عَنْ الْقَطْعِ فَلَأَنْ تُصَانَ عَنْ أَعْلَاهُمَا أَوْلَى.

وَأَمَّا الْمِلْكُ فَلِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «مَنْ مَلَكَ ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهُ عَتَقَ عَلَيْهِ» وَيَفُوتُ الْعِتْقُ بِفَوَاتِ كِلَيْهِمَا فَلَا جَرَمَ أَنَّهُ إنْ تَأَخَّرَ الْمِلْكُ عَنْ الْقَرَابَةِ أُضِيفَ الْعِتْقُ إلَيْهِ حَتَّى يَصِيرَ الْمُشْتَرِي مُعْتِقًا وَتَصِحُّ نِيَّةُ الْكَفَّارَةِ عِنْدَ الشِّرَاءِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ الْحُكْمُ مُضَافًا إلَى الْوَصْفِ الْأَخِيرِ بَلْ إلَى الْمَجْمُوعِ لَمَا كَانَ الشِّرَاءُ إعْتَاقًا وَلَمَا وَقَعَ عَنْ الْكَفَّارَةِ وَإِنْ تَأَخَّرَتْ الْقَرَابَةُ أُضِيفَ الْعِتْقُ إلَيْهَا حَتَّى لَوْ وَرِثَا عَبْدًا مَجْهُولَ النَّسَبِ أَوْ اشْتَرَيَا ثُمَّ ادَّعَى أَحَدُهُمَا أَنَّهُ ابْنُهُ غَرِمَ لِشَرِيكِهِ قِيمَةَ نَصِيبِهِ لِأَنَّ الْمُدَّعِيَ يَصِيرُ مُعْتِقًا بِوَاسِطَةِ الْقَرَابَةِ وَإِلَّا لَمَا غَرِمَ لِعَدَمِ الصُّنْعِ مِنْهُ كَمَا لَوْ وَرِثَا قَرِيبَ أَحَدِهِمَا نَعَمْ إذَا قِيلَ بِأَنَّهُ يَجِبُ فِيمَا هُوَ عِلَّةٌ اسْمًا أَنْ يَكُونَ مَوْضُوعًا لِلْحُكْمِ عَلَى مَا صَرَّحَ بِهِ السَّرَخْسِيُّ وَغَيْرُهُ صَحَّ أَنَّهُ لَيْسَ بِعِلَّةٍ اسْمًا لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الْقَرَابَةِ وَالْمِلْكِ لَمْ يُوضَعْ فِي الشَّرْعِ لِلْعِتْقِ وَإِنَّمَا الْمَوْضُوعُ لَهُ مِلْكُ الْقَرَابَةِ الْمُحَرِّمَةِ وَشِرَاءُ الْقَرِيبِ الْمُحَرَّمِ لَكِنَّ فِي وُجُوبِهِ نَظَرًا لِجَعْلِ الْيَمِينِ قَبْلَ الْحِنْثِ عِلَّةً اسْمًا لِلْكَفَّارَةِ مَعَ أَنَّهَا غَيْرُ مَوْضُوعَةٍ إلَّا لِلْبِرِّ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ سَالِفًا ثُمَّ قَدْ أَوْرَدَ عَلَى إضَافَةِ الْحُكْمِ إلَى الْجُزْءِ الْأَخِيرِ أَنَّهُ يَنْبَغِي عَلَى هَذَا أَنْ يُضَافَ الْحُكْمُ إلَى الشَّاهِدِ الْأَخِيرِ حَتَّى يَضْمَنَ كُلَّ الْمُتْلَفِ إذَا رَجَعَ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الشَّهَادَةَ إنَّمَا تَعْمَلُ بِقَضَاءِ الْقَاضِي وَالْقَضَاءُ يَقَعُ بِالْمَجْمُوعِ فَيَضْمَنُ الرَّاجِعُ أَيًّا كَانَ نِصْفَ الْمُتْلَفِ ثُمَّ قِيلَ هَذَا الْخِلَافُ فِي الْحَقِيقَةِ رَاجِعٌ إلَى الْعِلَّةِ إذَا تَرَكَّبَتْ مِنْ وَصْفَيْنِ أَوْ أَوْصَافٍ هَلْ يَكُونُ الْمَجْمُوعُ عِلَّةً أَوْ صِفَةُ الِاجْتِمَاعِ أَوْ وَصْفٌ مِنْهَا غَيْرُ عَيْنٍ وَهُوَ الَّذِي لَا يُتَصَوَّرُ بِدُونِهِ الِاجْتِمَاعُ فَاخْتَارَ فَخْرُ الْإِسْلَامِ الْأَوَّلَ وَالْقَاضِي أَبُو زَيْدٍ وَالْإِمَامُ السَّرَخْسِيُّ الثَّانِيَ أَوْ الثَّالِثَ فَسَفِينَةٌ لَا تَغْرَقُ بِوَضْعِ كُرٍّ فِيهَا وَتَغْرَقُ إذَا زِيدَ عَلَيْهِ قَفِيزٌ فَوَضَعَهُمَا إنْسَانٌ مِنْ مَالِ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ فِيهَا فَغَرِقَتْ وَتَلِفَ مَا فِيهَا فَعِنْدَ الْأَوَّلِينَ يُضَافُ التَّلَفُ إلَيْهِمَا وَعِنْدَ الْفَرِيقِ الثَّانِي إلَى صِفَةِ الِاجْتِمَاعِ وَعِنْدَ الْفَرِيقِ الثَّالِثِ إلَى قَفِيزٍ مِنْهَا غَيْرِ عَيْنٍ وَيَسْتَوِي الْجَوَابُ بَيْنَ أَنْ يُلْقِيَهُمَا مَعًا أَوْ مُتَعَاقِبًا لِأَنَّهُ مَا لَمْ يُوجَدْ الْكُلُّ لَا يَتَحَقَّقُ التَّلَفُ.

وَأَمَّا فِي حَقِّ الْحُكْمِ فَإِنْ كَانَ الطَّرْحُ مِنْ وَاحِدٍ فَعَلَيْهِ ضَمَانُ الْكُلِّ إنْ كَانَ بِغَيْرِ إذْنِ صَاحِبِهَا طَرَحَهُمَا مَعًا أَوْ مُتَعَاقِبًا أَوْ كَانَ مَأْذُونًا مِنْ صَاحِبِهَا بِطَرْحِ الْكُرِّ لَا غَيْرُ لِأَنَّهُ مَا رَضِيَ بِوَضْعِ مُتْلِفٍ وَإِنْ كَانَ الطَّرْحُ مِنْ اثْنَيْنِ.

فَإِنْ طَرَحَا مَعًا فَعَلَيْهِمَا أَوْ مُتَعَاقِبًا فَعَلَى الْأَخِيرِ مِنْهُمَا عِنْدَنَا وَعَلَيْهِمَا عِنْدَ زُفَرَ لِأَنَّ التَّلَفَ حَقِيقَةً حَصَلَ بِالْكُلِّ أَوْ تَزَايُدِ غَيْرِ عَيْنٍ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ التَّعَاقُبِ وَالْقِرَانِ وَقَالَ أَصْحَابُنَا التَّلَفُ حَقِيقَةً وَإِنْ حَصَلَ كَمَا قَالَ فَالْأَوْصَافُ الْمُتَقَدِّمَةُ لَا تَنْعَقِدُ عِلَّةُ التَّلَفِ بِدُونِ الْوَصْفِ الْأَخِيرِ فَصَارَ هُوَ الْمُحَصِّلَ لِوَصْفِ الِاجْتِمَاعِ وَالْمُتْلِفُ هُوَ وَصْفُ الِاجْتِمَاعِ أَوْ لِأَنَّ بِالْأَخِيرِ يَصِيرُ الْوَاحِدُ مِنْهُمَا مُتْلِفًا لِأَنَّهُ كَانَ مَوْجُودًا وَلَمْ يَعْمَلْ فِي التَّلَفِ فَصَارَ هُوَ الْجَاعِلَ إيَّاهُ عِلَّةً وَالْحُكْمُ فِي الشَّرْعِ يُضَافُ إلَى عِلَّةِ الْعِلَّةِ كَمَا إلَى نَفْسِهَا عِنْدَ الِانْفِرَادِ مُلَخَّصٌ فِي الْمِيزَانِ وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّ الْإِضَافَةَ إلَى الْمَجْمُوعِ قَوْلُ زُفَرَ وَإِلَى الْأَخِيرِ قَوْلُ الْبَاقِينَ وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ (وَإِلَى عِلَّةٍ اسْمًا وَحُكْمًا كُلُّ مَظِنَّةٍ) لِلْمَعْنَى الْمُؤَثِّرِ (أُقِيمَتْ مُقَامَ حَقِيقَةِ الْمُؤَثِّرِ) لِخَفَائِهِ دَفْعًا لِلْحَرَجِ أَوْ احْتِيَاطًا (كَالسَّفَرِ وَالْمَرَضِ لِلتَّرَخُّصِ) بِرُخْصِهِمَا فَإِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا عِلَّةٌ لَهُ اسْمًا لِأَنَّ الْحُكْمَ الَّذِي هُوَ الرُّخْصُ يُضَافُ إلَيْهِمَا فَيُقَالُ رُخْصَةُ السَّفَرِ وَرُخْصَةُ الْمَرَضِ وَحُكْمًا لِأَنَّ الرُّخْصَ يَثْبُتُ عِنْدَ وُجُودِهَا (لَا مَعْنًى لِأَنَّ الْمُؤَثِّرَ) فِي تَرَخُّصِهِمَا هُوَ (الْمَشَقَّةُ) لَا نَفْسُ السَّفَرِ وَالْمَرَضِ لَكِنَّهُمَا أُقِيمَا مُقَامَهَا لِخَفَائِهَا وَلِكَوْنِهِمَا سَبَبَهَا إقَامَةً لِسَبَبِ الشَّيْءِ مَقَامَ الشَّيْءِ دَفْعًا لِلْحَرَجِ إلَّا أَنَّ هَذَا إنَّمَا يَتِمُّ فِي السَّفَرِ فَإِنَّ جَوَازَ التَّرَخُّصِ لِلْمُسَافِرِ مَنُوطٌ بِمُطْلَقِهِ لِعَدَمِ تَنَوُّعِهِ فَإِنَّ الْمُسَافِرَ وَإِنْ كَانَ فِي رَفَاهِيَةٍ لَا يَخْلُو عَنْ مَشَقَّةٍ عَادَةً وَمِنْ ثَمَّةَ قِيلَ هُوَ قَطْعُ مَسَافَاتٍ وَفِيهِ مَسَافَاتٌ لَا فِي الْمَرَضِ لِتَنَوُّعِهِ إلَى مَا يَكُونُ سَبَبًا لِزِيَادَةِ الْمَشَقَّةِ وَهُوَ الْمُنَاطُ بِهِ رُخْصَةُ الْإِفْطَارِ وَإِلَى مَا لَا يَكُونُ كَذَلِكَ وَهِيَ لَيْسَتْ بِمَنُوطَةٍ بِهِ

ص: 165

(وَكَالنَّوْمِ) مُضْطَجِعًا وَنَحْوِهِ (لِلْحَدَثِ إذْ الْمُعْتَبَرُ) فِي تَحَقُّقِ الْحَدَثِ (خُرُوجُ النَّجَسِ) مِنْ أَحَدِ السَّبِيلَيْنِ أَوْ مِنْ الْبَدَنِ إلَى مَوْضِعٍ يَلْحَقُهُ حُكْمُ التَّطْهِيرِ عَلَى الِاخْتِلَافِ الْمَعْرُوفِ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْأَئِمَّةِ (إلَّا أَنَّهُ) أَيْ النَّوْمَ (عِلَّةُ سَبَبِهِ) أَيْ خُرُوجِ النَّجَسِ (الِاسْتِرْخَاءِ) بِالْجَرِّ أَيْ عِلَّةُ اسْتِرْخَاءِ الْمَفَاصِلِ الْمُوجِبِ لِزَوَالِ الْمَسْكَةِ الَّتِي هِيَ سَبَبُ الْخُرُوجِ لَا عِلَّةُ نَفْسِ الْخُرُوجِ (فَأُقِيمَ) النَّوْمُ (مُقَامَهُ) أَيْ خُرُوجِ النَّجَسِ إقَامَةً لِعِلَّةِ السَّبَبِ لِلشَّيْءِ مُقَامَ ذَلِكَ الشَّيْءِ احْتِيَاطًا فِي الْعِبَادَاتِ (فَكَانَ) النَّوْمُ (عِلَّةً اسْمًا) لِلْحَدَثِ (لِإِضَافَةِ الْحَدَثِ) إلَيْهِ فَيُقَالُ حَدَثُ النَّوْمِ وَحُكْمًا لِأَنَّهُ يَثْبُتُ عِنْدَ النَّوْمِ لَا مَعْنًى لِأَنَّ الْمُؤَثِّرَ فِي الْحَدَثِ إنَّمَا هُوَ الْخُرُوجُ الْمَذْكُورُ (وَإِلَى عِلَّةٍ مَعْنًى فَقَطْ وَهُوَ بَعْضُ أَجْزَاءِ) الْعِلَّةِ (الْمُرَكَّبَةِ) مِنْ وَصْفَيْنِ مُؤَثِّرَيْنِ فِي حُكْمٍ حَالَ كَوْنِ ذَلِكَ الْبَعْضِ (غَيْرَ) الْجُزْءِ (الْأَخِيرِ) مِنْهَا إذْ ذَلِكَ الْبَعْضُ مُؤَثِّرٌ فِي الْجُمْلَةِ فِي الْحُكْمِ وَلَا يُضَافُ الْحُكْمُ إلَيْهِ بَلْ إلَى الْمَجْمُوعِ وَلَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ (وَلَيْسَ) هَذَا الْبَعْضُ (سَبَبًا) لِلْحُكْمِ (لَوْ تَقَدَّمَ) عَلَى الْبَعْضِ الْآخَرِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِطَرِيقٍ مَوْضُوعٍ لِثُبُوتِ الْحُكْمِ بِعَيْنِهِ وَهَذَا عَلَى مَا عَلَيْهِ فَخْرُ الْإِسْلَامِ وَمُوَافِقُوهُ (خِلَافًا لِأَبِي زَيْدٍ وَشَمْسِ الْأَئِمَّةِ) السَّرَخْسِيِّ فَإِنَّهُ عِنْدَهُمَا سَبَبٌ إذَا تَقَدَّمَ لِأَنَّ الْحُكْمَ لَا يَثْبُتُ مَا لَمْ تَتِمَّ الْعِلَّةُ فَكَانَ الْمَبْدَأُ مُعْتَبَرًا لِتَمَامِ الْعِلَّةِ وَكَالطَّرِيقِ إلَى الْمَقْصُودِ وَلَا تَأْثِيرَ لَهُ مَا لَمْ يَنْضَمَّ إلَيْهِ الْبَاقِي وَقَدْ تَخَلَّلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْحُكْمِ وُجُودُ غَيْرِهِ وَهُوَ غَيْرُ مُضَافٍ إلَيْهِ فَكَانَ سَبَبًا وَإِنَّمَا ذَهَبَ فَخْرُ الْإِسْلَامِ إلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِسَبَبٍ بَلْ لَهُ شَبَهُ الْعِلِّيَّةِ (وَإِنْ لَمْ يَجِبْ) الْحُكْمُ (عِنْدَهُ لِفَرْضِ عَقْلِيَّةِ دَخْلِهِ فِي التَّأْثِيرِ) فِي الْحُكْمِ وَمَا كَانَ كَذَلِكَ لَا يَكُونُ سَبَبًا مَحْضًا فَانْتَفَى مَا فِي التَّلْوِيحِ وَهَذَا يُخَالِفُ مَا تَقَرَّرَ عِنْدَهُمْ مِنْ أَنَّهُ لَا تَأْثِيرَ لِأَجْزَاءِ الْعِلَّةِ فِي أَجْزَاءِ الْمَعْلُولِ وَإِنَّمَا الْمُؤَثِّرُ تَمَامُ الْعِلَّةِ فِي تَمَامِ الْمَعْلُولِ انْتَهَى.

إذْ لَا مُخَالَفَةَ لَهُ فِي شَيْءٍ إذْ مُرَادُهُمْ بِقَوْلِهِمْ: الْمُؤَثِّرُ تَمَامُ الْعِلَّةِ فِي تَمَامِ الْمَعْلُولِ الْمُؤَثِّرُ التَّامُّ وَهَذَا لَا يُنَافِي أَنْ يَكُونَ لِلْجُزْءِ أَثَرٌ مَا فِي تَمَامِ الْمَعْلُولِ وَإِلَّا لَمْ يَحْتَجْ إلَيْهِ فِي الْعِلِّيَّةِ (وَلِذَا) أَيْ فَرْضِ عَقْلِيَّةِ دَخْلِهِ فِي التَّأْثِيرِ (جَعَلُوا) أَيْ أَصْحَابُنَا (كُلًّا مِنْ الْقَدْرِ وَالْجِنْسِ مُحَرِّمًا لِلنَّسِيئَةِ لِشُبْهَةِ الْعِلَّةِ بِالْجُزْئِيَّةِ) أَيْ بِسَبَبِ الْجُزْئِيَّةِ لِأَنَّ لِرِبَا النَّسِيئَةِ شُبْهَةَ الْفَضْلِ فَإِنَّ لِلنَّقْدِ مَزِيَّةً عَلَى النَّسِيئَةِ عُرْفًا حَتَّى كَانَ الثَّمَنُ فِي الْبَيْعِ نَسِيئَةً أَكْثَرَ مِنْهُ فِي الْبَيْعِ نَقْدًا (فَامْتَنَعَ إسْلَامُ حِنْطَةٍ فِي شَعِيرٍ وَ) إسْلَامُ ثَوْبٍ (قُوهِيٍّ فِي) ثَوْبٍ (قُوهِيٍّ) وَهُوَ نِسْبَةٌ إلَى قُوهِسْتَانَ كُورَةٍ مِنْ كُوَرِ فَارِسٍ لِشُبْهَةِ الْعِلَّةِ (وَالشُّبْهَةُ مَانِعَةٌ هُنَا) أَيْ فِي رِبَا النَّسِيئَةِ (لِلنَّهْيِ عَنْ الرِّبَا وَالرِّيبَةِ) أَيْ الْفَضْلِ الْخَالِي عَنْ الْعِوَضِ وَشَبَهِهِ إلَّا أَنَّ النَّهْيَ عَنْ الرِّيبَةِ أَفَادَ فِي الْمُغْرِبِ أَنَّهُ إشَارَةٌ إلَى حَدِيثِ «دَعْ مَا يَرِيبُك إلَى مَا لَا يَرِيبُك» فَإِنَّ الْكَذِبَ رِيبَةٌ وَإِنَّ الصِّدْقَ طُمَأْنِينَةٌ أَيْ مَا يُشَكِّكُ وَيُحَصِّلُ فِيك الرِّيبَةَ وَهِيَ فِي الْأَصْلِ قَلَقُ النَّفْسِ وَاضْطِرَابُهَا فَهِيَ إذَنْ بِكَسْرِ الرَّاءِ ثُمَّ الْيَاءِ آخِرِ الْحُرُوفِ السَّاكِنَةِ ثُمَّ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ الْمَفْتُوحَةِ وَالْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْهُمْ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَأَفَادَ أَنَّ مَنْ رَوَى الرِّيبَةَ عَلَى حُسْبَانِ أَنَّهَا تَصْغِيرُ الرِّبَا فَقَدْ أَخْطَأَ لَفْظًا وَمَعْنًى وَعَلَى هَذَا فَفِي ثُبُوتِ الْمَطْلُوبِ بِهِ نَظَرٌ وَقَدْ يُسْتَدَلُّ لَهُ بِأَنَّ حُرْمَةَ النِّسَاءِ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الِاحْتِيَاطِ وَهُوَ أَسْرَعُ ثُبُوتًا مِنْ حُرْمَةِ الْفَضْلِ لِلْحَدِيثِ الصَّحِيحِ «إذَا اخْتَلَفَ النَّوْعَانِ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ بَعْدَ أَنْ يَكُونُ يَدًا بِيَدٍ» فَيَجُوزُ أَنْ يَثْبُتَ بِأَحَدِ الْوَصْفَيْنِ الَّذِي لَهُ شُبْهَةُ الْعِلَّةِ وَلَا يَثْبُتُ بِهِ حُرْمَةُ الْفَضْلِ لِأَنَّهَا أَقْوَى الْحُرْمَتَيْنِ وَلَهَا عِلَّةٌ مَعْلُومَةٌ فِي الشَّرْعِ فَلَا يَثْبُتُ بِمَا هُوَ دُونَهَا فِي الدَّرَجَةِ (وَخَرَجَ الْعِلَّةُ حُكْمًا فَقَطْ عَلَى الشَّرْطِ) كَدُخُولِ الدَّارِ (فِي تَعْلِيقِ الْإِيجَابِ) كَأَنْتِ طَالِقٌ (لِثُبُوتِ الْحُكْمِ) وَهُوَ الطَّلَاقُ (عِنْدَهُ) أَيْ دُخُولِ الدَّارِ (مَعَ انْتِفَاءِ الْوَضْعِ) أَيْ وَضْعِ دُخُولِ الدَّارِ لِوُقُوعِ الطَّلَاقِ وَإِضَافَتِهِ إلَيْهِ (وَالتَّأْثِيرِ) لَهُ فِيهِ.

(وَكَذَا الْجُزْءُ الْأَخِيرُ مِنْ السَّبَبِ الدَّاعِي) أَيْ الْحُكْمِ (الْمُقَامِ) مُقَامَ الْمُسَبَّبِ الَّذِي هُوَ الْحُكْمُ (إذَا كَانَ) السَّبَبُ الدَّاعِي (مُرَكَّبًا) مِنْ جُزْأَيْنِ فَصَاعِدًا عِلَّةً حُكْمًا فَقَطْ لِوُجُودِ الِاتِّصَالِ مِنْ غَيْرِ وَضْعٍ لَهُ وَلَا إضَافَةٍ إلَيْهِ وَلَا تَأْثِيرٍ لَهُ فِيهِ وَإِذَا كَانَ السَّبَبُ الدَّاعِي لَا تَأْثِيرَ لَهُ فِيهِ فَكَيْفَ بِجُزْئِهِ وَالْمُخْرِجُ لِلْعِلَّةِ حُكْمًا فَقَطْ عَلَى هَذَيْنِ

ص: 166