الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فِي إفَادَةِ الْمَطْلُوبِ فَلْيُتَأَمَّلْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(وَالِاسْتِدْلَالُ) كَمَا ذَكَرَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ عَلَى حُجِّيَّةِ الْإِجْمَاعِ (بِأَنَّهُ) أَيْ الْإِجْمَاعَ (يَدُلُّ عَلَى) وُجُودِ دَلِيلٍ (قَاطِعٍ فِي الْحُكْمِ) الْمُجْمَعِ عَلَيْهِ (عَادَةً) لِقَضَائِهَا بِامْتِنَاعِ اجْتِمَاعِ مِثْلِهِمْ عَلَى مَظْنُونٍ فَيَكُونُ قَوْلُهُمْ حُجَّةً قَطْعِيَّةً لِذَلِكَ الْقَاطِعِ لَا لِقَوْلِهِمْ وَهُوَ الْمَطْلُوبُ (مَمْنُوعٌ) فَإِنَّ سَنَدَ الْإِجْمَاعِ قَدْ يَكُونُ ظَنِّيًّا وَلَا نُسَلِّمُ قَضَاءَ الْعَادَةِ بِذَلِكَ دَائِمًا بَلْ يَمْتَنِعُ اتِّفَاقُهُمْ عَلَى مَظْنُونٍ دَقَّ فِيهِ النَّظَرُ لَا فِي الْقِيَاسِ الْجَلِيِّ وَأَخْبَارِ الْآحَادِ بَعْدَ الْعِلْمِ بِالظَّوَاهِرِ وَلَمَّا كَانَ هَذَا مَظِنَّةَ أَنْ يُقَالَ فَلَا يَتِمُّ الِاسْتِدْلَال بِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ عَلَى حُجِّيَّةِ الْإِجْمَاعِ لِغَيْرِ هَذَا، وَحِينَئِذٍ لَا نُسَلِّمُ أَيْضًا إجْمَاعَهُمْ عَلَى تَقْدِيمِهِ عَلَى الْقَاطِعِ دَفَعَهُ بِقَوْلِهِ (بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ فَإِنَّهُ) أَيْ الْقَطْعَ ثَمَّةَ (قَطْعُ كُلٍّ) مِنْ الْمُجْمِعِينَ فَإِنَّهُ قَوْلٌ بِأَصْلٍ دِينِيٍّ اعْتِقَادِيٍّ فَلَا بُدَّ مِنْ قَطْعِ قَائِلِهِ بِهِ (وَالْقَطْعُ هُنَا) أَيْ فِيمَا سِوَاهُ قَدْ يَكُون (بَعْده) أَيْ الْإِجْمَاعِ وَهَذَا مِنْ خَوَاصِّ الْمُصَنِّفِ رحمه الله (قَالُوا) أَيْ الْمُخَالِفُونَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} [النساء: 59] فَلَا مَرْجِعَ إلَى غَيْرِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ؛ لِأَنَّ الرُّجُوعَ إلَيْهِمَا رُجُوعٌ إلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ (الْجَوَابُ لَوْ تَمَّ) هَذَا (انْتَفَى الْقِيَاسُ وَلَا يَنْفُونَهُ) أَيْ الْمُخَالِفُونَ (فَإِنْ رَجَعْتُمُوهُ) أَيْ الْقِيَاسَ (إلَى أَحَدِهِمَا) أَيْ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ (لِثُبُوتِ أَصْلِهِ) أَيْ الْقِيَاسِ وَهُوَ الْمَقِيسُ عَلَيْهِ (بِهِ) أَيْ بِأَحَدِهِمَا (فَكَذَا لَا إجْمَاعَ إلَّا عَنْ مُسْتَنَدٍ) وَهُوَ أَحَدُهُمَا أَوْ الْقِيَاسُ الرَّاجِعُ إلَى أَحَدِهِمَا وَحَيْثُ كَانَ ذَاكَ رَدًّا إلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ فَكَذَا هَذَا (أَوْ خُصَّ) وُجُوبُ الرَّدِّ (بِمَا فِيهِ) النِّزَاعُ لِكَوْنِهِ جَوَابًا لَهُ (وَهُوَ) أَيْ مَا فِيهِ النِّزَاعُ (ضِدُّ الْمُجْمَعِ عَلَيْهِ) هَذَا (إنْ لَمْ يَكُنْ) وُجُوبُ الرَّدِّ (خُصَّ بِالصَّحَابَةِ) بِقَرِينَةِ الْخِطَابِ
(ثُمَّ) لَوْ سُلِّمَ عَدَمُ الِاخْتِصَاصِ فَغَايَتُهُ أَنَّهُ (ظَاهِرٌ لَا يُقَاوِمُ الْقَاطِعَ) الَّذِي هُوَ أَوَّلُ الْأَدِلَّةِ الدَّالَّةِ عَلَى حُجِّيَّةِ الْإِجْمَاعِ (وَأَيْضًا) قَالُوا (نَحْوَ) قَوْله تَعَالَى {لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} [النساء: 29]{وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ} [الأنعام: 151] إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا وَرَدَ نَهْيًا عَامًّا لِلْأُمَّةِ (يُفِيدُ جَوَازَ خَطَئِكُمْ) أَيْ الْأُمَّةِ إذْ الْخِطَابُ عَامٌّ لَهُمْ وَلَوْلَا جَوَازُ صُدُورِ كُلٍّ مِنْ الْمَنْهِيَّاتِ عَنْ جَمِيعِهِمْ لَمَا أَفَادَ النَّهْيُ إذْ لَا يُنْهَى عَنْ الْمُمْتَنِعِ (أُجِيبُ بِعَدَمِ كَوْنِهِ) أَيْ النَّهْيِ (مَنْعًا لِكُلٍّ) وَحِينَئِذٍ لَا يَلْزَمُ جَوَازُ كَوْنِ الْكُلِّ ذَا خَطَأٍ (لَا الْكُلِّ) أَيْ الْجَمِيعِ كَمَا قُلْتُمْ بِهِ وَرَتَّبْتُمْ عَلَيْهِ لُزُومَ جَوَازِ صُدُورِ كُلٍّ مِنْ الْمَنْهِيَّاتِ عَنْ جَمِيعِهِمْ (يَمْنَعُ اسْتِلْزَامُ النَّهْيِ جَوَازَ صُدُورِ الْمَنْهِيِّ) عَنْ الْمُكَلَّفِ (بَلْ يَكْفِي فِيهِ) أَيْ فِي كَوْنِ النَّهْيِ صَحِيحًا (الْإِمْكَانُ الذَّاتِيُّ) لِوُقُوعِ النَّهْيِ (مَعَ الِامْتِنَاعِ بِالْغَيْرِ) أَيْ كَوْنِهِ مُمْتَنِعًا بِعَارِضٍ مِنْ الْعَوَارِضِ فَلَا يَلْزَمُ جَوَازُ خَطَئِهِمْ. عَلَى أَنَّ الْجَوَازَ عَقْلِيٌّ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَوْ وَقَعَ لَمْ يَلْزَم مِنْهُ مُحَالٌ عَقْلًا فَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ الْوُقُوعُ (وَمُفَادُهُ) أَيْ النَّهْيِ حِينَئِذٍ (الثَّوَابُ بِالْعَزْمِ) عَلَى تَرْكِ الْمَنْهِيِّ إذَا خَطَرَ لَهُ فِعْلُهُ وَهُوَ مِنْ أَعْظَمِ الْفَوَائِدِ، ثُمَّ هَذِهِ جَرَتْ الْعَادَةُ بِاسْتِطْرَادِهَا فِي الْأُصُولِ فَوَافَقَهُمْ الْمُصَنِّفُ عَلَى ذَلِكَ وَإِلَّا فَهِيَ مِنْ مَسَائِلِ الْفِقْهِ كَمَا ذَكَرَ فِي الْمُقَدِّمَةِ فَكُنْ مِنْهُ عَلَى ذِكْرٍ.
[مَسْأَلَةٌ انْقِرَاضُ الْمُجْمِعِينَ لَيْسَ شَرْطًا لِانْعِقَادِهِ وَلَا لِحُجَّتِهِ]
(مَسْأَلَةٌ انْقِرَاضُ الْمُجْمِعِينَ) عَلَى حُكْمٍ أَيْ مَوْتُهُمْ عَلَيْهِ (لَيْسَ شَرْطًا) لِانْعِقَادِهِ وَلَا (لِحُجَّتِهِ) أَيْ إجْمَاعُهُمْ (عِنْدَ الْمُحَقِّقِينَ) مِنْهُمْ الْحَنَفِيَّةُ وَنَصَّ الشَّيْخُ أَبُو بَكْرٍ الرَّازِيّ وَالْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ عَلَى أَنَّهُ الصَّحِيحُ وَابْنُ السَّمْعَانِيُّ عَلَى أَنَّهُ أَصَحُّ الْمَذَاهِبِ لِأَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ وَالْإِمَامُ عَلَى أَنَّهُ الْمُخْتَارُ وَالرَّافِعِيُّ عَلَى أَنَّهُ أَصَحُّ الْوَجْهَيْنِ فَيَكُونُ اتِّفَاقُهُمْ حُجَّةً فِي الْحَالِ (فَيَمْتَنِعُ رُجُوعُ أَحَدِهِمْ) أَيْ الْمُجْمِعِينَ عَلَى ذَلِكَ الْحُكْمِ لِصَيْرُورَةِ قَوْلِهِ الْأَوَّلِ مَعَ قَوْلِ مُوَافِقِيهِ حُجَّةً عَلَيْهِ (وَخِلَافُ مَنْ حَدَّثَ) مِنْ الْمُجْتَهِدِينَ بَعْدَ إجْمَاعِهِمْ فِيهِ (وَشَرَطَهُ) أَيْ انْقِرَاضَهُمْ (أَحْمَدُ وَابْنُ فُورَكٍ) وَسُلَيْمٌ الرَّازِيّ وَالْمُعْتَزِلَةُ عَلَى مَا نَقَلَهُ ابْنُ بَرْهَانٍ وَالْأَشْعَرِيُّ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْأُسْتَاذُ أَبُو مَنْصُورٍ (مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ إجْمَاعُهُمْ عَنْ قَطْعٍ أَوْ ظَنٍّ (إنْ كَانَ سَنَدُهُ قِيَاسًا) لَا إنْ كَانَ نَصًّا قَاطِعًا كَذَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَغَيْرُهُ.
قَالَ السُّبْكِيُّ وَهُوَ وَهْمٌ فَإِمَامُ الْحَرَمَيْنِ لَا يَعْتَبِرُ الِانْقِرَاضَ أَلْبَتَّةَ بَلْ يُفَرِّقُ بَيْنَ الْمُسْتَنَدِ إلَى قَاطِعٍ، وَإِنْ كَانَ فِي مَظِنَّةِ الظَّنِّ فَلَا يَشْتَرِطُ فِيهِ تَمَادِيَ زَمَانٍ وَيَنْهَضُ حُجَّةً عَلَى الْفَوْرِ وَالظَّنِّيِّ فَيَشْتَرِطُ تَمَادِيَ
الزَّمَانِ حَتَّى لَوْ خَرَّ عَلَى الْمُجْمِعِينَ سَقْفٌ عَقِبَ الِاتِّفَاقِ أَوْ عَمَّهُمْ الْهَلَاكُ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ. قَالَ فَلَسْت أَرَى ذَلِكَ إجْمَاعًا، ثُمَّ هُوَ مُصَرِّحٌ بِأَنَّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ الظَّنِّيِّ مُتَعَذِّرٌ أَوْ مُحَالٌ؛ لِأَنَّ الظُّنُونَ لَا تَسْتَقِيمُ عَلَى مِنْوَالٍ وَاحِدٍ مَعَ التَّمَادِي قَالَ إلَّا أَنْ يَتَكَلَّفَ الْمُتَكَلِّفُ وَجْهًا فَيَقُولَ يَعُمُّهُمْ ظُهُورُ وَجْهٍ مِنْ الظَّنِّ قَالَ وَلِلْفَطِنِ أَنْ يَقُولَ مَا انْتَهَى إلَى هَذَا الْمُنْتَهَى فَقَدْ اعْتَزَى إلَى الْقَطْعِ
(وَقِيلَ) يُشْتَرَطُ الِانْقِرَاضُ (فِي السُّكُوتِيِّ) وَهُوَ مَا كَانَ بِفَتْوَى الْبَعْضِ وَسُكُوتِ الْبَاقِينَ لِضَعْفِهِ لَا مَا إذَا كَانَ بِصَرِيحِ أَقْوَالِهِمْ وَأَفْعَالِهِمْ أَوْ بِهِمَا مَعًا، وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي إِسْحَاقَ الْإسْفَرايِينِيّ وَبَعْضِ الْمُعْتَزِلَةِ وَاخْتَارَهُ الْآمِدِيُّ، وَزَعْمُ سُلَيْمٍ انْقِرَاضَ الْعَصْرِ فِي السُّكُوتِيِّ مُعْتَبَرٌ بِلَا خِلَافٍ، وَإِنَّمَا مَحَلُّ الْخِلَافِ الْقَوْلِيُّ وَقِيلَ يَنْعَقِدُ قَبْلَ الِانْقِرَاضِ فِيمَا لَا مُهْلَةَ فِيهِ وَلَا يُمْكِنُ اسْتِدْرَاكُهُ مِنْ قِبَلِ نَفْسٍ وَاسْتِبَاحَةٍ حَكَاهُ ابْنُ السَّمْعَانِيُّ عَنْ بَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ وَقِيلَ إنْ كَانَ الْمُجْمَعُ عَلَيْهِ مِنْ الْأَحْكَامِ الَّتِي لَا يَتَعَلَّقُ بِهَا إتْلَافٌ وَاسْتِهْلَاكٌ اُشْتُرِطَ قَطْعًا، وَإِنْ تَعَلَّقَ بِهَا ذَلِكَ فَوَجْهَانِ وَهَذَا طَرِيقُ الْمَاوَرْدِيِّ وَقِيلَ انْقِرَاضُ الْعَصْرِ شَرْطٌ فِي إجْمَاعِ الصَّحَابَةِ دُونَ غَيْرِهِمْ وَعَلَيْهِ مَشَى الطَّبَرِيُّ، ثُمَّ مِنْ الْمُشْتَرِطِينَ مَنْ اشْتَرَطَ انْقِرَاضَ جَمِيعِ أَهْلِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ اشْتَرَطَ انْقِرَاضَ أَكْثَرِهِمْ فَإِنْ بَقِيَ مَنْ لَا يَقَعُ الْعِلْمُ بِصِدْقِ خَبَرِهِ كَوَاحِدٍ وَاثْنَيْنِ لَمْ يُعْتَبَرْ بِبَقَائِهِ كَذَا فِي تَقْرِيبِ الْقَاضِي وَلَفْظُ الْغَزَالِيِّ فِي مَنْخُولِهِ اخْتَلَفَ الْمُشْتَرِطُونَ فَقِيلَ يُكْتَفَى بِمَوْتِهِمْ تَحْتَ هَدْمٍ دَفْعَةً إذْ الْغَرَضُ انْتِهَاءُ أَعْمَارِهِمْ عَلَيْهِ وَالْمُحَقِّقُونَ لَا بُدَّ مِنْ انْقِضَاءِ مُدَّةٍ تُفِيدُ فَائِدَةً فَإِنَّهُمْ قَدْ يُجْمِعُونَ عَلَى رَأْيٍ وَهُوَ مُعَرَّضٌ لِلتَّغْيِيرِ، ثُمَّ الْقَائِلُونَ بِالِاشْتِرَاطِ اخْتَلَفُوا فَقِيلَ شَرْطٌ فِي انْعِقَادِهِ وَقِيلَ فِي كَوْنِهِ حُجَّةً.
هَذَا وَفِي الْكَشْفِ وَغَيْرِهِ وَاخْتُلِفَ فِي فَائِدَةِ هَذَا الِاشْتِرَاطِ فَأَحْمَدُ وَمُتَابِعُوهُ جَوَازُ رُجُوعِ الْمُجْمِعِينَ أَوْ بَعْضِهِمْ عَمَّا أَجْمَعُوا عَلَيْهِ قَبْلَ الِانْقِرَاضِ لَا دُخُولُ مَنْ سَيُحْدِثُ فِي إجْمَاعِهِمْ وَاعْتِبَارُ مُوَافِقِيهِ لِلْإِجْمَاعِ حَتَّى لَوْ أَجْمَعُوا وَانْقَرَضُوا مُصِرِّينَ عَلَى مَا قَالُوا يَكُونُ إجْمَاعًا وَإِنْ خَالَفَهُمْ الْمُجْتَهِدُ اللَّاحِقُ فِي زَمَانِهِمْ، وَقِيَاسُ هَذَا أَنْ لَا يَكُونَ الْمُخَالِفُ خَارِقًا لِلْإِجْمَاعِ لِوُقُوعِ الْخِلَافِ قَبْلَ الْحُكْمِ بِانْعِقَادِ الْإِجْمَاعِ إذْ اتِّفَاقُهُمْ لَيْسَ إجْمَاعًا بَعْدُ بَلْ الْأَمْرُ مَوْقُوفٌ فَإِذَا انْقَرَضُوا لَمْ يَبْقَ ذَلِكَ الْخِلَافُ مُعْتَبَرًا وَيَكُونُ قَوْلُ الْمُخَالِفِ إذْ ذَاكَ خَرْقًا لِلْإِجْمَاعِ وَذَهَبَ الْبَاقُونَ إلَى أَنَّهَا جَوَازُ الرُّجُوعِ وَإِدْخَالُ مَنْ أَدْرَكَ عَصْرَهُمْ مِنْ الْمُجْتَهِدِينَ فِي إجْمَاعِهِمْ، ثُمَّ لَا يُشْتَرَطُ انْقِرَاضُ عَصْرِ الْمُدْرَكِ الْمُدْخَلِ فِي إجْمَاعِهِمْ وَإِلَّا لَمْ يَتِمَّ انْعِقَادُ إجْمَاعٍ أَصْلًا كَمَا نَقَلَهُ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَغَيْرُهُ عَنْهُمْ (لَنَا) الْأَدِلَّةُ (السَّمْعِيَّةُ تُوجِبُهَا) أَيْ حُجِّيَّةَ الْإِجْمَاعِ (بِمُجَرَّدِهِ) أَيْ الِاتِّفَاقِ مِنْ مُجْتَهِدِي عَصْرٍ مِنْ الْأُمَّةِ عَلَى حُكْمٍ شَرْعِيٍّ وَلَوْ فِي لَحْظَةٍ إذْ الْحُجَّةُ إجْمَاعُهُمْ لَا انْقِرَاضُهُمْ فَلَا مُوجِبَ لِاشْتِرَاطِهِ (قَالُوا) أَيْ الْمُشْتَرِطُونَ (يَلْزَمُ) عَدَمُ اشْتِرَاطِهِ (مَنْعَ الْمُجْتَهِدِ عَنْ الرُّجُوعِ) عَنْ ذَلِكَ الْحُكْمِ (عِنْدَ ظُهُورِ مُوجِبِهِ) أَيْ الرُّجُوعِ (خَبَرًا) كَانَ الْمُوجِبُ (أَوْ غَيْرَهُ) وَاللَّازِمُ بَاطِلٌ.
أَمَّا إذَا كَانَ خَبَرًا فَلِاسْتِلْزَامِهِ عَدَمَ الْعَمَلِ بِالْخَبَرِ الصَّحِيحِ وَقَدْ اطَّلَعَ عَلَيْهِ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ خَبَرًا بِإِنْ كَانَ إجْمَاعُهُمْ عَنْ اجْتِهَادٍ فَلِأَنَّهُ لَا حَجْرَ عَلَى الْمُجْتَهِدِ فِي الرُّجُوعِ عِنْدَ تَغَيُّرِ اجْتِهَادِهِ بَيَانُ اللُّزُومِ أَنَّهُ إذَا تَغَيَّرَ اجْتِهَادُ بَعْضِ الْمُجْمِعِينَ وَقَدْ انْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ بِاجْتِهَادِهِ فَنَحْكُمُ بِاجْتِهَادِهِ الْأَوَّلِ وَلَا يُمْكِنُ مِنْ الْعَمَلِ بِاجْتِهَادِهِ الثَّانِي لِمُخَالَفَتِهِ الْإِجْمَاعَ (أُجِيبُ) وُجُودُ الْخَبَرِ مَعَ ذُهُولِ الْمُجْمِعِينَ عَلَيْهِ (يُعِيدُ بَعْدَ فَحْصِهِمْ) عَنْهُ وَالْإِطْلَاعُ عَلَيْهِ بَعْدَ الذُّهُولِ الْكَائِنِ بَعْدَ الْفَحْصِ أَبْعَدُ (وَلَوْ سُلِّمَ) وُجُودُهُ بَعْدَ ذُهُولِهِمْ الْكَائِنِ بَعْدَ فَحْصِهِمْ وَالْإِطْلَاعِ عَلَيْهِ (فَكَذَا) يُقَالُ لِلْمُشْتَرِطِينَ إجْمَاعُكُمْ بَعْدَ الِانْقِرَاضِ لَيْسَ بِحُجَّةٍ لِاسْتِلْزَامِ حُجَّتِهِ إلْغَاءَ الْخَبَرِ الصَّحِيحِ إذَا اطَّلَعَ عَلَيْهِ مَنْ بَعْدَكُمْ (فَهُوَ) أَيْ هَذَا الْإِلْزَامُ (مُشْتَرَكٌ) بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ فَمَا هُوَ جَوَابُكُمْ عَنْهُ هُوَ جَوَابُنَا وَهَذَا جَوَابٌ جَدَلِيٌّ (وَالْحَلُّ) وَهُوَ الْجَوَابُ الْجَدَلِيُّ (يَجِبُ ذَلِكَ) أَيْ إلْغَاءُ الْخَبَرِ الصَّحِيحِ الْمُخَالِفِ حُكْمُهُ لِمَا أُجْمِعَ عَلَيْهِ تَقْدِيمًا لِلْقَاطِعِ وَهُوَ الْإِجْمَاعُ عَلَى مَا لَيْسَ بِقَاطِعٍ وَهُوَ الْخَبَرُ الصَّحِيحُ الَّذِي اُطُّلِعَ عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ وَلَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ غَيْرُ مَحْجُورٍ عَنْ الرُّجُوعِ