الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شَرْطٌ) لِقَبُولِ فَتْوَاهُ (فَلَا بُدَّ مِنْ ثُبُوتِهِ) أَيْ الِاجْتِهَادِ (عِنْدَ السَّائِلِ وَلَوْ) كَانَ ثُبُوتُهُ (ظَنَّا لَمْ يَثْبُتْ) كَمَا هُوَ الْفَرْضُ (وَأَيْضًا ثَبَتَ عَدَمُهُ) أَيْ الِاجْتِهَادِ بِالْجَهْلِ (إلْحَاقًا) لِهَذَا (بِالْأَصْلِ) أَيْ عَدَمِ الِاجْتِهَادِ (كَالرَّاوِي) الْمَجْهُولِ الْعَدَالَةِ لَا تُقْبَلُ رِوَايَتُهُ إلْحَاقًا لَهُ بِالْأَصْلِ وَهُوَ عَدَمُ الْعَدَالَةِ (أَوْ بِالْغَالِبِ إذْ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ بِبَعْضِ الْعُلُومِ الَّتِي لَهَا دَخْلٌ فِي الِاجْتِهَادِ غَيْرُ مُجْتَهِدِينَ) فَضْلًا عَمَّنْ لَا مُشَارَكَةَ لَهُ وَالْمَسْأَلَةُ مَفْرُوضَةٌ فِي الْأَعَمِّ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مِنْهُمْ، وَالْأَصْلُ وَالظَّاهِرُ إذَا تَضَافَرَا يَكَادُ تَضَافُرُهُمَا يُفِيدُ الْعِلْمَ.
(قَالُوا) أَيْ الْقَائِلُونَ بِعَدَمِ الِامْتِنَاعِ: (لَوْ امْتَنَعَ) فِيمَنْ جُهِلَ اجْتِهَادُهُ دُونَ عَدَالَتِهِ (امْتَنَعَ فِيمَنْ عُلِمَ اجْتِهَادُهُ دُونَ عَدَالَتِهِ) بِدَلِيلِكُمْ بِعَيْنِهِ بِأَنْ يُقَالَ: الْعَدَالَةُ شَرْطٌ، وَالْأَصْلُ عَدَمُهَا وَالْأَكْثَرُ الْفِسْقُ فَالظَّاهِرُ فِسْقُهُ (أُجِيبُ بِالْتِزَامِهِ) أَيْ الْتِزَامِ الِامْتِنَاعِ فِي هَذَا أَيْضًا (لِاحْتِمَالِ الْكَذِبِ، وَلَوْ سَلِمَ عَدَمُ امْتِنَاعِهِ وَهُوَ) أَيْ عَدَمُ امْتِنَاعِهِ (الْحَقُّ، فَالْفَرْقُ) بَيْنَهُمَا (أَنَّ الْغَالِبَ فِي الْمُجْتَهِدِينَ الْعَدَالَةُ فَالْإِلْحَاقُ بِهِ) أَيْ بِالْغَالِبِ (أَرْجَحُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ إلْحَاقِهِ (بِالْأَصْلِ) الَّذِي هُوَ عَدَمُ الْعَدَالَةِ (بِخِلَافِ الِاجْتِهَادِ لَيْسَ غَالِبًا فِي أَهْلِ الْعِلْمِ فِي الْجُمْلَةِ) وَلَا سِيَّمَا فِي هَذِهِ الْأَعْصَارِ إذْ لَمْ يَقُلْ بِخُلُوِّهَا عَنْهُ بَلْ قِيلَ هُوَ أَعَزُّ مِنْ الْإِكْسِيرِ الْأَعْظَمِ وَالْكِبْرِيتِ الْأَحْمَرِ ثُمَّ إذَا بُحِثَ عَنْ حَالِهِ فَاشْتَرَطَ الْإسْفَرايِينِيّ تَوَاتُرَ الْخَبَرِ بِكَوْنِهِ مُجْتَهِدًا وَرَدَّهُ الْغَزَالِيُّ بِأَنَّ التَّوَاتُرَ يُفِيدُ فِي الْمَحْسُوسَاتِ وَهَذَا لَيْسَ مِنْهَا وَتَكْفِي الِاسْتِفَاضَةُ بَيْنَ النَّاسِ كَمَا هُوَ الرَّاجِحُ فِي الرَّوْضَةِ، وَنَقَلَهُ عَنْ الشَّافِعِيَّةِ، وَقَالَ الْقَاضِي: يَكْفِيهِ أَنْ يُخْبِرَهُ عَدْلَانِ بِأَنَّهُ مُفْتٍ، وَجَزَمَ أَبُو إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيُّ بِأَنَّهُ يَكْفِيهِ خَبَرُ الْوَاحِدِ الْعَدْلِ عَنْ فِقْهِهِ وَأَمَانَتِهِ؛ لِأَنَّ طَرِيقَهُ طَرِيقُ الْإِخْبَارِ، وَبِهِ قَالَ بَعْضُ الْحَنَابِلَةِ قَالَ النَّوَوِيُّ: وَهَذَا مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ عِنْدَهُ مَعْرِفَةٌ يُمَيِّزُ بِهَا الْمُلْتَبِسَ مِنْ غَيْرِهِ وَلَا يُقْبَلُ فِي ذَلِكَ إخْبَارُ آحَادِ الْعَامَّةِ لِكَثْرَةِ مَا يَتَطَرَّقُ إلَيْهِ مِنْ التَّلَبُّسِ فِي ذَلِكَ، وَذَكَرَ مَعْنَاهُ ابْنُ عَقِيلٍ. وَاكْتَفَى فِي الْمَنْخُولِ بِقَوْلِهِ إنِّي مُفْتٍ وَالْمُخْتَارُ فِي الْغِيَاثِيِّ اعْتِمَادُهُ بِشَرْطِ أَنْ يَظْهَرَ وَرَعُهُ، وَفِي وَجِيزِ ابْنِ بَرْهَانٍ قِيلَ يَقُولُ لَهُ لِتَجْتَهِدَ أَنْتَ فَأُقَلِّدُك فَإِنْ أَجَابَهُ قَلَّدَهُ وَهَذَا أَصَحُّ الْمَذَاهِبِ اهـ.
وَقِيلَ لَا يُعْتَمَدُ وَشَرَطَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الْمُحَقِّقِينَ كَالْقَاضِي امْتِحَانَهُ بِأَنْ يُلَفِّقَ مَسَائِلَ مُتَفَرِّقَةً وَيُرَاجِعُهُ فِيهَا فَإِنْ أَصَابَ فِيهَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ كَوْنُهُ مُجْتَهِدًا وَقَلَّدَهُ، وَإِلَّا تَرَكَهُ وَلَمْ يَشْرُطْهُ آخَرُونَ قُلْت وَهُوَ أَشْبَهَ بَعْدَ فَرْضِ اعْتِبَارِ قَوْلِهِ فَإِنَّهُ مِنْ أَيْنَ لِلْعَامِّيِّ مَعْرِفَةُ كَوْنِهِ مُصِيبًا فِي جَوَابِهَا عَلَى أَنَّهُ لَوْ كَانَ جَوَابُهُ فِيهَا خَطَأً عِنْدَ مُجْتَهِدٍ لَا يَلْزَمُ فِيهِ نَفْيُ كَوْنِهِ مُجْتَهِدًا إذْ يَجُوزُ أَنْ لَا يَتَوَارَدَ الْمُجْتَهِدَانِ عَلَى جَوَابٍ وَاحِدٍ فِي الْمَسْأَلَةِ الِاجْتِهَادِيَّةِ عَلَى أَنَّ الْمُجْتَهِدَ يُخْطِئُ وَيُصِيبُ، وَلَعَلَّ الْأَقْرَبَ أَنَّهُ إذَا اُعْتُبِرَ قَوْلُهُ أَنَّهُ مُجْتَهِدٌ إنَّمَا يُعْتَبَرُ إذَا عُلِمَتْ عَدَالَتُهُ، وَلَمْ يَنْفِ مُعَاصِرُوهُ مِنْ الْعُلَمَاءِ الَّذِينَ لَا مَانِعَ مِنْ قَبُولِ شَهَادَتِهِمْ عَلَيْهِ ذَلِكَ عَنْهُ، وَإِذَا لَمْ تُعْرَفْ الْعَدَالَةُ فَيَكْتَفِي فِي الْإِخْبَارِ بِهَا قِيلَ بِعَدْلٍ وَقِيلَ بِعَدْلَيْنِ وَبِهَذَا جَزَمَ فِي الْمَنْخُولِ وَهُوَ أَوْجَهُ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ.
[مَسْأَلَةٌ إفْتَاءُ غَيْرِ الْمُجْتَهِدِ بِمَذْهَبِ مُجْتَهِدٍ]
(مَسْأَلَةٌ: إفْتَاءُ غَيْرِ الْمُجْتَهِدِ بِمَذْهَبِ مُجْتَهِدٍ تَخْرِيجًا) عَلَى أُصُولِهِ (لَا نَقْلَ عَيْنِهِ) أَيْ عَيْنِ مَذْهَبِ الْمُجْتَهِدِ (فَإِنَّهُ) أَيْ نَقْلَهُ (يُقْبَلُ بِشَرَائِطَ) قَبُولِ رِوَايَةِ (الرَّاوِي) مِنْ الْعَدَالَةِ وَغَيْرِهَا اتِّفَاقًا، وَهَذَا اعْتِرَاضٌ بَيْنَ مَوْضُوعِ الْمَسْأَلَةِ وَجَوَابِهَا، وَهُوَ (إنْ كَانَ) غَيْرُ الْمُجْتَهِدِ (مُطَّلِعًا عَلَى مَبَانِيهِ) أَيْ مَآخِذِ أَحْكَامِ الْمُجْتَهِدِ (أَهْلًا) لِلنَّظَرِ فِيهَا قَادِرًا عَلَى التَّفْرِيعِ عَلَى قَوَاعِدِهِ مُتَمَكِّنًا مِنْ الْفَرْقِ وَالْجَمْعِ وَالْمُنَاظَرَةِ فِي ذَلِكَ، وَالْحَاصِلُ أَنْ يَكُونَ لَهُ مَلَكَةُ الِاقْتِدَارِ عَلَى اسْتِنْبَاطِ أَحْكَامِ الْفُرُوعِ الْمُتَجَدِّدَةِ الَّتِي لَا نَقْلَ فِيهَا عَنْ صَاحِبِ الْمَذْهَبِ مِنْ الْأُصُولِ الَّتِي مَهَّدَهَا صَاحِبُ الْمَذْهَبِ، وَهُوَ الْمُسَمَّى بِالْمُجْتَهِدِ فِي الْمَذْهَبِ (جَازَ، وَإِلَّا) لَوْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ (لَا) يَجُوزُ وَفِي شَرْحِ الْبَدِيعِ لِلْهِنْدِيِّ وَهُوَ الْمُخْتَارُ عِنْدَ كَثِيرٍ مِنْ الْمُحَقِّقِينَ مِنْ أَصْحَابِنَا وَغَيْرِهِمْ فَإِنَّهُ نُقِلَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ وَزُفَرَ وَغَيْرِهِمَا مِنْ أَئِمَّتِنَا أَنَّهُمْ قَالُوا: لَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ أَنْ يُفْتِيَ بِقَوْلِنَا مَا لَمْ يَعْلَمْ مِنْ أَيْنَ قُلْنَا، وَعِبَارَةُ بَعْضِهِمْ مَنْ حَفِظَ الْأَقَاوِيلَ وَلَمْ يَعْرِفْ الْحُجَجَ فَلَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يُفْتِيَ فِيمَا اُخْتُلِفَ فِيهِ. (وَقِيلَ) جَازَ (بِشَرْطِ عَدَمِ مُجْتَهِدٍ وَاسْتُغْرِبَ) نَقْلُهُ، وَالْمُسْتَغْرِبُ لَهُ الْعَلَّامَةُ (وَقِيلَ يَجُوزُ) إفْتَاءُ غَيْرِ الْمُجْتَهِدِ بِمَذْهَبِ الْمُجْتَهِدِ (مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مُطَّلِعًا عَلَى الْمَأْخَذِ أَمْ لَا عَدِمَ الْمُجْتَهِدَ أَمْ لَا، وَهَذَا مُخْتَارُ صَاحِبِ الْبَدِيعِ قَالَ شَارِحُهُ
وَهُوَ مَذْهَبُ كَثِيرٍ مِنْ الْعُلَمَاءِ، وَقَالَ الْمُصَنِّفُ (وَهُوَ) أَيْ هَذَا الْقَوْلُ (خَلِيقٌ بِالنَّفْيِ) أَيْ بِنَفْيِ الصِّحَّةِ (وَسَيَظْهَرُ) نَفْيُهَا، وَقَالَ (أَبُو الْحُسَيْنِ: لَا) يَجُوزُ إفْتَاءُ غَيْرِ الْمُجْتَهِدِ بِمَذْهَبِ الْمُجْتَهِدِ (مُطْلَقًا) بِالْمَعْنَى الَّذِي قَبْلَهُ، وَبِهِ قَالَ الْقَاضِي مِنْ الْحَنَابِلَةِ فِي جَمَاعَةٍ مِنْهُمْ وَمِنْ غَيْرِهِمْ كَالرُّويَانِيِّ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ. قَالَ الْقَاضِي: وَمَعْنَاهُ عَنْ أَحْمَدَ (لَنَا وُقُوعُهُ) أَيْ إفْتَاءُ الْمُتَبَحِّرِ غَيْرِ الْمُجْتَهِدِ بِمَذْهَبِ الْمُجْتَهِدِ (بِلَا نَكِيرٍ) فَإِنَّ الْمُتَبَحِّرِينَ مِنْ مُقَلِّدِي أَصْحَابِ الْمَذَاهِبِ مَا زَالُوا عَلَى مَرِّ الْأَعْصَارِ يُفْتُونَ بِمَذَاهِبِ أَصْحَابِهَا مَعَ عَدَمِ بُلُوغِهِمْ رُتْبَةَ الِاجْتِهَادِ الْمُطْلَقِ وَلَمْ يُنْكَرْ إفْتَاؤُهُمْ.
(وَيُنْكَرُ) الْإِفْتَاءُ (مِنْ غَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ الْمُتَبَحِّرِ بِمَذْهَبِ الْمُجْتَهِدِ فَكَانَ إجْمَاعًا عَلَى جَوَازِ فُتْيَا الْمُتَبَحِّرِ وَعَدَمِ جَوَازِ فُتْيَا غَيْرِهِ (فَإِنْ قِيلَ إذَا فُرِضَ عَدَمُ الْمُجْتَهِدِينَ) فِي حَالِ الِاتِّفَاقِ وَعَدَمِ الْإِنْكَارِ (فَعَدَمُهُ) أَيْ الْإِنْكَارِ وَوُجُودُ الِاتِّفَاقِ يَكُونُ مِنْ غَيْرِ أَهْلِ الْإِجْمَاعِ وَكِلَاهُمَا (مِنْ غَيْرِ أَهْلِ الْإِجْمَاعِ لَيْسَ حُجَّةً فَالْوَجْهُ كَوْنُهُ) أَيْ جَوَازُهُ (لِلضَّرُورَةِ إذَنْ) أَيْ لِفَقْدِ الْمُجْتَهِدِينَ (قُلْنَا: إنَّمَا يَلْزَمُ) كَوْنُهُ لِلضَّرُورَةِ (لَوْ مُنِعَ الِاجْتِهَادُ فِي مَسْأَلَةٍ) أَيْ تَجَزِّي الِاجْتِهَادِ إذْ الْمَفْرُوضُ أَنَّ الْمُفْتِيَ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ عَالِمًا قَادِرًا عَلَى الِاجْتِهَادِ فِي أُصُولِ ذَلِكَ الْمُجْتَهِدِ وَمِثْلُهُ لَهُ قُدْرَةُ الِاجْتِهَادِ فِي مَسْأَلَةٍ (وَهُوَ) أَيْ مَنْعُ تَجَزِّي الِاجْتِهَادِ (مَمْنُوعٌ) فَالْمُتَّفِقُونَ حِينَئِذٍ عَلَى جَوَازِ هَذَا الْإِفْتَاءِ مُجْتَهِدُونَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا مُجْتَهِدِينَ مُطْلَقًا (فَكِلَاهُمَا) أَيْ الِاسْتِدْلَالِ بِالِاتِّفَاقِ بِلَا نَكِيرٍ وَالِاسْتِدْلَالِ بِالضَّرُورَةِ (حَقٌّ) . فَأَمَّا إذَا لَمْ يُفْرَضْ فَقْدُ الْمُجْتَهِدِ فَمُسْتَنَدُ الْقَوْلِ بِجَوَازِ الْإِفْتَاءِ لِغَيْرِ الْمُجْتَهِدِ بِمَذْهَبِ الْمُجْتَهِدِ إنَّمَا يَنْهَضُ بِالْإِجْمَاعِ عَلَى وُقُوعِهِ مِنْ غَيْرِ إنْكَارٍ إذَا تَمَّ لَا بِالضَّرُورَةِ لِانْدِفَاعِهَا بِالْمُجْتَهِدِ الْمَوْجُودِ (وَبِهَذَا) الْجَوَابِ (بِدَفْعِ دَفْعِهِ) أَيْ دَفْعِ الِاعْتِرَاضِ الْمَذْكُورِ (لِدَلِيلِ تَقْلِيدِ الْمَيِّتِ، وَهُوَ) أَيْ تَقْلِيدُهُ الْقَوْلُ (الْمُخْتَارُ وَهُوَ) أَيْ دَلِيلُ تَقْلِيدِهِ (أَنَّهُ) أَيْ تَقْلِيدَهُ (إجْمَاعٌ) لِوُقُوعِهِ فِي مَرِّ الْأَعْصَارِ بِلَا إنْكَارٍ (فَلَا يُعَارِضُهُ) أَيْ هَذَا الدَّلِيلَ (قَوْلُهُمْ) أَيْ مَانِعِي تَقْلِيدِهِ كَالْإِمَامِ الرَّازِيِّ (لَا قَوْلَ لَهُ) أَيْ لِلْمَيِّتِ (وَإِلَّا) لَوْ كَانَ لَهُ قَوْلٌ بَاقٍ (لَمْ يَنْعَقِدْ الْإِجْمَاعُ عَلَى خِلَافِهِ كَ) مَا يَنْعَقِدُ عَلَى خِلَافِ قَوْلِ (الْحَيِّ) فَإِنَّ هَذَا لَا يُعَارِضُ الْإِجْمَاعَ الْمَذْكُورَ عَلَى أَنَّ مَا ذَكَرُوهُ مُعَارِضٌ بِحُجِّيَّةِ الْإِجْمَاعِ بَعْدَ مَوْتِ الْمُجْمِعِينَ، وَالدَّفْعُ أَنْ يُقَالَ لَا عِبْرَةَ بِالِاتِّفَاقِ وَبِعَدَمِ إنْكَارِ تَقْلِيدِ الْمَيِّتِ؛ لِأَنَّ الْمُتَّفِقِينَ عَلَيْهِ لَيْسُوا مُجْتَهِدِينَ فَالْوَجْهُ كَوْنُهُ لِلضَّرُورَةِ. وَدَفْعُهُ أَنْ يُقَالَ إنَّمَا يَلْزَمُ لَوْ مُنِعَ تَجَزِّي الِاجْتِهَادِ إلَى آخِرِ مَا تَقَدَّمَ، وَالتَّقْرِيبُ ظَاهِرٌ لِلْمُتَأَمِّلِ (الْمُجَوِّزِ) مُطْلَقًا قَالَ الْمُفْتِي (نَاقِلٌ) فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْعَالِمِ وَغَيْرِهِ كَمَا فِي الْحَدِيثِ فَإِنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي رِوَايَةِ الْعِلْمِ فَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ لَيْسَ بِفَقِيهٍ (أُجِيبُ لَيْسَ الْخِلَافُ فِي النَّقْلِ بَلْ فِي التَّخْرِيجِ، وَإِذَنْ سَقَطَ هَذَا الْقَوْلُ لِظُهُورِ أَنَّ مُرَادَهُ) أَيْ قَائِلِهِ، وَهُوَ النَّقْلُ (اتِّفَاقٌ فَهِيَ) أَيْ الْأَقْوَالُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ (ثَلَاثَةٌ) جَوَازُهُ لِلْمُتَبَحِّرِ جَوَازُهُ لَهُ عِنْدَ عَدَمِ الْمُجْتَهِدِ وَقَدْ عُرِفَ وَجْهُهُمَا، لَا يَجُوزُ مُطْلَقًا لِأَبِي الْحُسَيْنِ وَوَجْهُهُ أَنَّهُ قَالَ (أَبُو الْحُسَيْنِ: لَوْ جَازَ) الْإِفْتَاءُ لِلْمُتَبَحِّرِ (لَجَازَ لِلْعَامِّيِّ) بِجَامِعِ عَدَمِ بُلُوغِهِمَا رُتْبَةَ الِاجْتِهَادِ.
قَالَ الْمُصَنِّفُ: (وَمَا أَبْعَدَهُ، وَالْفَرْقُ) بَيْنَهُمَا فِي الْوُضُوحِ (كَالشَّمْسِ) ؛ لِأَنَّ الْإِجْمَاعَ جَوَّزَهُ لِلْعَالِمِ دُونَ الْعَامِّيِّ وَكَيْفَ لَا وَالْعَارِفُ بِالْمَآخِذِ بَعِيدٌ مِنْ الْخَطَأِ لِاطِّلَاعِهِ عَلَى مَآخِذِ أَحْكَامِ إمَامِهِ بِخِلَافِ الْعَامِّيِّ فَإِنَّهُ لَا يَبْعُدُ مِنْهُ الْخَطَأُ بَلْ يَكْثُرُ مِنْهُ لِعَدَمِ اطِّلَاعِهِ عَلَى الْمَأْخَذِ فَأَنَّى يَسْتَوِيَانِ {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الأَلْبَابِ} [الزمر: 9] . قُلْت وَأَمَّا الِاسْتِدْلَال لَهُ بِأَنَّهُمَا فِي النَّقْلِ سَوَاءٌ كَمَا فِي الشَّرْحِ الْعَضُدِيِّ فَيُفِيدُ سُقُوطَهُ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْخِلَافَ لَيْسَ فِي النَّقْلِ فَالْأَقْوَالُ فِيهَا قَوْلَانِ حِينَئِذٍ الْمُخْتَارُ وَالْمُسْتَغْرَبُ.
هَذَا وَفِي شَرْحِ الْهِدَايَةِ لِلْمُصَنِّفِ بَعْدَ أَنْ حَكَى أَنَّهُ ذَكَرَ أَنَّهُ لَا يُفْتِي إلَّا الْمُجْتَهِدُ قَالَ وَقَدْ اسْتَقَرَّ رَأْيُ الْأُصُولِيِّينَ عَلَى أَنَّ الْمُفْتِيَ هُوَ الْمُجْتَهِدُ فَأَمَّا غَيْرُ الْمُجْتَهِدِ مِمَّنْ يَحْفَظُ أَقْوَالَ الْمُجْتَهِدِينَ فَلَيْسَ بِمُفْتٍ، وَالْوَاجِبُ عَلَيْهِ إذَا سُئِلَ أَنْ يَذْكُرَ قَوْلَ الْمُجْتَهِدِ كَأَبِي حَنِيفَةَ عَلَى جِهَةِ الْحِكَايَةِ فَعُرِفَ أَنَّ مَا يَكُونُ فِي زَمَانِنَا لَيْسَ بِفَتْوَى بَلْ هُوَ نَقْلُ كَلَامِ الْمُفْتِي؛ لِيَأْخُذَ بِهِ الْمُسْتَفْتِي، وَطَرِيقُ نَقْلِهِ كَذَلِكَ عَنْ الْمُجْتَهِدِ أَحَدُ أَمْرَيْنِ إمَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ سَنَدٌ فِيهِ إلَيْهِ أَوْ يَأْخُذُهُ مِنْ كِتَابٍ مَعْرُوفٍ تَدَاوَلَتْهُ الْأَيْدِي نَحْوَ كُتُبِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ وَنَحْوِهَا مِنْ التَّصَانِيفِ الْمَشْهُورَةِ لِلْمُجْتَهِدِينَ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْخَبَرِ الْمُتَوَاتِرِ عَنْهُمْ وَالْمَشْهُورِ، هَكَذَا
ذَكَرَ الرَّازِيّ.
فَعَلَى هَذَا لَوْ وُجِدَ بَعْضُ نُسَخِ النَّوَادِرِ فِي زَمَانِنَا لَا يَحِلُّ عَزْوُ مَا فِيهَا إلَى مُحَمَّدٍ وَلَا إلَى أَبِي يُوسُفَ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَشْتَهِرْ فِي عَصْرِنَا فِي دِيَارِنَا وَلَمْ تُتَدَاوَلْ نَعَمْ إذَا وُجِدَ النَّقْلُ عَنْ النَّوَادِرِ مَثَلًا فِي كِتَابٍ مَشْهُورٍ مَعْرُوفٍ كَالْهِدَايَةِ وَالْمَبْسُوطِ كَانَ ذَلِكَ تَعْوِيلًا عَلَى ذَلِكَ الْكِتَابِ فَلَوْ كَانَ حَافِظًا لِلْأَقَاوِيلِ الْمُخْتَلِفَةِ لِلْمُجْتَهِدِينَ وَلَا يَعْرِفُ الْحُجَّةَ وَلَا قُدْرَةَ لَهُ عَلَى الِاجْتِهَادِ لِلتَّرْجِيحِ لَا يَقْطَعُ بِقَوْلٍ مِنْهَا يُفْتِي بِهِ بَلْ يَحْكِيهَا لِلْمُسْتَفْتِي فَيَخْتَارُ الْمُسْتَفْتِي مَا يَقَعُ فِي قَلْبِهِ أَنَّهُ الْأَصْوَبُ ذَكَرَهُ فِي بَعْضِ الْجَوَامِعِ، وَعِنْدِي أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ حِكَايَةُ كُلِّهَا بَلْ يَكْفِيهِ أَنْ يَحْكِيَ قَوْلًا مِنْهَا فَإِنَّ الْمُقَلِّدَ لَهُ أَنْ يُقَلِّدَ أَيَّ مُجْتَهِدٍ شَاءَ فَإِذَا ذَكَرَ أَحَدَهَا فَقَلَّدَهُ حَصَلَ الْمَقْصُودُ نَعَمْ لَوْ حَكَى الْكُلَّ فَالْأَخْذُ بِمَا يَقَعُ فِي قَلْبِهِ أَنَّهُ أَصْوَبُ أَوْلَى، وَإِلَّا فَالْعَامِّيُّ لَا عِبْرَةَ بِمَا يَقَعُ فِي قَلْبِهِ مِنْ صَوَابِ الْحُكْمِ وَخَطَئِهِ اهـ.
فَلَا جَرَمَ إنْ قَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ: تَوْقِيفُ الْفُتْيَا عَلَى حُصُولِ الْمُجْتَهِدِ يُفْضِي إلَى حَرَجٍ عَظِيمٍ وَاسْتِرْسَالِ الْخَلْقِ فِي أَهْوِيَتِهِمْ فَالْمُخْتَارُ أَنَّ الرَّاوِيَ عَنْ الْأَئِمَّةِ الْمُتَقَدِّمِينَ إذَا كَانَ عَدْلًا مُتَمَكِّنًا مِنْ فَهْمِ كَلَامِ الْإِمَامِ ثُمَّ حَكَى لِلْمُقَلِّدِ قَوْلَهُ فَإِنَّهُ يَكْتَفِي بِهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِمَّا يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّ الْعَامِّيِّ أَنَّهُ حُكْمُ اللَّهِ عِنْدَهُ، وَقَدْ انْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ فِي زَمَانِنَا عَلَى هَذَا النَّوْعِ مِنْ الْفُتْيَا هَذَا مَعَ الْعِلْمِ الضَّرُورِيِّ بِأَنَّ نِسَاءَ الصَّحَابَةِ كُنَّ يَرْجِعْنَ فِي أَحْكَامِ الْحَيْضِ وَغَيْرِهِ إلَى مَا يُخْبِرُ بِهِ أَزْوَاجُهُنَّ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَكَذَلِكَ فَعَلَ عَلِيٌّ رضي الله عنه حِينَ أَرْسَلَ الْمِقْدَادَ فِي قِصَّةِ الْمَذْيِ، وَفِي مَسْأَلَتِنَا أَظْهَرُ فَإِنَّ مُرَاجَعَةَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إذْ ذَاكَ مُمْكِنَةٌ، وَمُرَاجَعَةَ الْمُقَلِّدِ الْآنَ لِلْأَئِمَّةِ السَّابِقِينَ مُتَعَذِّرَةٌ.
وَقَدْ أَطْبَقَ النَّاسُ عَلَى تَنْفِيذِ أَحْكَامِ الْقُضَاةِ مَعَ عَدَمِ شَرَائِطِ الِاجْتِهَادِ الْيَوْمَ ثُمَّ قَالَ السُّبْكِيُّ لِمَنْ لَمْ يَبْلُغْ دَرَجَةَ الِاجْتِهَادِ الْمُطْلَقِ مَرَاتِبُ. إحْدَاهَا أَنْ يَصِلَ إلَى رُتْبَةِ الِاجْتِهَادِ الْمُقَيَّدِ فَيَسْتَقِلُّ بِتَقْرِيرِ مَذْهَبِ إمَامٍ مُعَيَّنٍ وَيَتَّخِذُ نُصُوصَهُ أُصُولًا يَسْتَنْبِطُ مِنْهَا نَحْوَ مَا يَفْعَلُهُ بِنُصُوصِ الشَّارِعِ وَهَذِهِ صِفَةُ أَصْحَابِ الْوُجُوهِ وَاَلَّذِي أَظُنُّهُ قِيَامُ الْإِجْمَاعِ عَلَى جَوَازِ فُتْيَا هَؤُلَاءِ وَأَنْتَ تَرَى عُلَمَاءَ الْمَذَاهِبِ مِمَّنْ وَصَلَ إلَى هَذِهِ الرُّتْبَةِ هَلْ مَنَعَهُمْ أَحَدٌ الْفَتْوَى أَوْ مَنَعُوا هُمْ أَنْفُسَهُمْ عَنْهَا. الثَّانِيَةُ: مَنْ لَمْ يَبْلُغْ رُتْبَةَ أَصْحَابِ الْوُجُوهِ لَكِنَّهُ فَقِيهُ النَّفْسِ حَافِظٌ لِلْمَذْهَبِ قَائِمٌ بِتَقْرِيرٍ غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ يُرْتَضَ فِي التَّخْرِيجِ وَالِاسْتِنْبَاطِ كَارْتِيَاضِ أُولَئِكَ، وَقَدْ كَانُوا يُفْتُونَ وَيُخَرِّجُونَ كَأُولَئِكَ اهـ. وَقَالَ شَافِعِيٌّ مُتَأَخِّرٌ عَنْهُ: فِي إفْتَاءِ صَاحِبِ هَذِهِ الرُّتْبَةِ أَقْوَالٌ، أَصَحُّهَا يَجُوزُ، وَالثَّانِي الْمَنْعُ، وَالثَّالِثُ يَجُوزُ عِنْدَ عَدَمِ الْمُجْتَهِدِ الثَّالِثَةُ مَنْ لَمْ يَبْلُغْ هَذَا الْمِقْدَارَ وَلَكِنَّهُ حَافِظٌ لِوَاضِحَاتِ الْمَسَائِلِ غَيْرَ أَنَّ عِنْدَهُ ضَعْفًا فِي تَقْرِيرِ أَدِلَّتِهَا فَعَلَى هَذَا الْإِمْسَاكُ فِيمَا يَغْمُضُ فَهْمُهُ فِيمَا لَا نَقْلَ عِنْدَهُ فِيهِ وَلَيْسَ هَذَا الَّذِي حَكَيْنَا فِيهِ الْخِلَافَ فَإِنَّهُ لَا اطِّلَاعِ لَهُ عَلَى الْمَأْخَذِ، وَكُلُّ هَؤُلَاءِ غَيْرُ عَوَامَّ اهـ.
قُلْت: وَهَذَا يُشِيرُ إلَى أَنَّ لَهُ الْإِفْتَاءَ فِيمَا لَا يَغْمُضُ فَهْمُهُ قَالَ مُتَأَخِّرٌ شَافِعِيٌّ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هَذَا رَاجِحًا لِمَحَلِّ الضَّرُورَةِ لَا سِيَّمَا فِي هَذِهِ الْأَزْمَانِ اهـ. وَهَذَا أَحَدُ الْأَقْوَالِ فِيهِ. ثَانِيهَا الْمَنْعُ مُطْلَقًا، ثَالِثُهَا الْجَوَازُ عِنْدَ عَدَمِ الْمُجْتَهِدِ، وَعَدَمُ الْجَوَازِ عِنْدَ وُجُودِ الْمُجْتَهِدِ، وَقِيلَ: الصَّوَابُ إنْ كَانَ السَّائِلُ يُمْكِنُهُ التَّوَصُّلُ إلَى عَالِمٍ يَهْدِيهِ السَّبِيلَ لَمْ يَحِلَّ لَهُ اسْتِفْتَاءُ مِثْلِ هَذَا، وَلَا يَحِلُّ لِهَذَا أَنْ يُنَصِّبَ نَفْسَهُ لِلْفَتْوَى مَعَ وُجُودِ هَذَا الْعَالِمِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي بَلَدِهِ أَوْ نَاحِيَتِهِ غَيْرُهُ فَلَا رَيْبَ أَنَّ رُجُوعَهُ إلَيْهِ أَوْلَى مِنْ أَنْ يُقْدِمَ عَلَى الْعَمَلِ بِلَا عِلْمٍ أَوْ يَبْقَى مُرْتَبِكًا فِي حِيرَتِهِ مُتَرَدِّدًا فِي عَمَاهُ وَجَهَالَتِهِ بَلْ هَذَا هُوَ الْمُسْتَطَاعُ مِنْ تَقْوَاهُ الْمَأْمُورِ بِهَا وَهُوَ حَسَنٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. أَمَّا الْعَامِّيُّ إذَا عَرَفَ حُكْمَ حَادِثَةٍ بِدَلِيلِهَا فَهَلْ لَهُ أَنْ يُفْتِيَ بِهِ وَيَسُوغُ لِغَيْرِهِ تَقْلِيدَهُ؟ . فَفِيهِ أَوْجُهٌ لِلشَّافِعِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ، أَحَدُهَا: لَا مُطْلَقًا لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهِ لِلِاسْتِدْلَالِ وَعَدَمِ عِلْمِهِ بِشُرُوطِهِ وَمَا يُعَارِضُهُ وَلَعَلَّهُ يَظُنُّ مَا لَيْسَ بِدَلِيلٍ دَلِيلًا، وَهَذَا فِي بَحْرِ الزَّرْكَشِيّ الْأَصَحُّ. ثَانِيهَا: نَعَمْ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ قَدْ حَصَلَ لَهُ الْعِلْمُ بِهِ كَمَا لِلْعَالِمِ، وَتَمَيَّزَ الْعَالِمُ عَنْهُ بِقُوَّةٍ يَتَمَكَّنُ بِهَا مِنْ تَقْرِيرِ الدَّلِيلِ وَدَفْعِ الْمُعَارِضِ لَهُ أَمْرٌ زَائِدٌ عَلَى مَعْرِفَةِ الْحَقِّ بِدَلِيلِهِ ثَالِثُهَا إنْ كَانَ الدَّلِيلُ كِتَابًا أَوْ سُنَّةً جَازَ، وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّهُمَا خِطَابٌ لِجَمِيعِ الْمُكَلَّفِينَ فَيَجِبُ عَلَى الْمُكَلَّفِ الْعَمَلُ بِمَا وَصَلَ إلَيْهِ مِنْهُمَا، وَإِرْشَادُ غَيْرِهِ إلَيْهِ. رَابِعُهَا: إنْ كَانَ نَقْلِيًّا جَازَ، وَإِلَّا فَلَا. قَالَ السُّبْكِيُّ وَأَمَّا الْعَامِّيُّ الَّذِي عَرَفَ مِنْ الْمُجْتَهِدِ حُكْمَ مَسْأَلَةٍ وَلَمْ يَدْرِ دَلِيلَهَا وَلَا وَجْهَ تَعْلِيلِهَا كَمَنْ حَفِظَ مُخْتَصَرًا