المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[مسألة لا يصح في مسألة لمجتهد بل لعاقل في وقت واحد قولان] - التقرير والتحبير على كتاب التحرير - جـ ٣

[ابن أمير حاج]

فهرس الكتاب

- ‌[فَصْلٌ فِي التَّعَارُضِ]

- ‌[مَسْأَلَة جَرْيِ التَّعَارُضِ بَيْنَ قَوْلَيْنِ وَنَفْيِهِ]

- ‌[مَسْأَلَة لَا تَرْجِيحَ بِكَثْرَةِ الْأَدِلَّةِ وَالرُّوَاةِ]

- ‌[فَصْلٌ يَلْحَقُ السَّمْعِيَّيْنِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ]

- ‌[مَسْأَلَة وَيَكُونُ الْبَيَانُ بِالْفِعْلِ كَالْقَوْلِ]

- ‌[مَسْأَلَة جَوَازِهِ أَيْ النَّسْخِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ جَوَازِ النَّسْخِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ نَسْخُ حُكْمِ فِعْلٍ لَا يَقْبَلُ حُسْنُهُ وَقُبْحُهُ السُّقُوطَ]

- ‌[مَسْأَلَةُ لَا يَجْرِي النَّسْخُ فِي الْأَخْبَارِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ لَا يُنْسَخُ الْحُكْمُ بِلَا بَدَلٍ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ نَسْخُ التَّكْلِيفِ بِتَكْلِيفٍ أَخَفَّ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ يَجُوزُ نَسْخُ الْقُرْآنِ بِهِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ يَجُوزُ نَسْخُ السُّنَّةِ بِالْقُرْآنِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ نَسْخُ جَمِيعِ الْقُرْآنِ مَمْنُوعٌ بِالْإِجْمَاعِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ لَا يُنْسَخُ الْإِجْمَاعُ وَلَا يُنْسَخُ بِهِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ إذَا رُجِّحَ قِيَاسٌ مُتَأَخِّرٌ لِتَأَخُّرِ شَرْعِيَّةِ حُكْمِ أَصْلِهِ عَنْ نَصٍّ عَلَى نَقِيضِ حُكْمِهِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ نَسْخُ أَحَدِ الْأَمْرَيْنِ مِنْ فَحَوَى مَنْطُوقٍ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ لَا يَثْبُتُ حُكْمُ النَّاسِخِ فِي حَقِّ الْأُمَّةِ بَعْدَ تَبْلِيغِهِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ إذَا زَادَ فِي مَشْرُوعٍ جُزْءًا أَوْ شَرْطًا لَهُ مُتَأَخِّرًا]

- ‌[مَسْأَلَةٌ يُعْرَفُ النَّاسِخُ بِنَصِّهِ عليه السلام عَلَيْهِ وَضَبْطِ تَأَخُّرِهِ]

- ‌[الْبَابُ الرَّابِعُ فِي الْإِجْمَاعِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ انْقِرَاضُ الْمُجْمِعِينَ لَيْسَ شَرْطًا لِانْعِقَادِهِ وَلَا لِحُجَّتِهِ]

- ‌[لَا يَشْتَرِطُ لِحُجِّيَّتِهِ أَيْ الْإِجْمَاعِ انْتِفَاءَ سَبْقِ خِلَافٍ مُسْتَقِرٍّ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ لَا يُشْتَرَطُ فِي حُجِّيَّتِهِ أَيْ الْإِجْمَاعِ عَدَدُ التَّوَاتُرِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي حُجِّيَّتِهِ أَيْ الْإِجْمَاعِ مَعَ كَوْنِ الْمُجْمِعِينَ أَكْثَرَ مُجْتَهِدِي ذَلِكَ الْعَصْرِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي حُجِّيَّةِ الْإِجْمَاعِ عَدَالَةُ الْمُجْتَهِدِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي حُجِّيَّةِ الْإِجْمَاعِ الْقَطْعِيَّةِ كَوْنُهُمْ أَيْ الْمُجْمِعِينَ الصَّحَابَةَ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ وَلَا يَنْعَقِدُ الْإِجْمَاعُ بِأَهْلِ الْبَيْتِ النَّبَوِيِّ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ وَلَا يَنْعَقِدُ بِالْأَرْبَعَةِ الْخُلَفَاءِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ وَلَا يَنْعَقِدُ الْإِجْمَاعُ بِالشَّيْخَيْنِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ وَلَا يَنْعَقِدُ الْإِجْمَاع بِأَهْلِ الْمَدِينَةِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ أَفْتَى بَعْضُ الْمُجْتَهِدِينَ بِشَيْءٍ مِنْ الْأُمُورِ الِاجْتِهَادِيَّةِ أَوْ قَضَى بِهِ وَاشْتَهَرَ بَيْنَ الْمُجْتَهِدِينَ مِنْ أَهْلِ عَصْرِهِ وَسَكَتُوا بَعْدَ عِلْمِهِمْ بِذَلِكَ]

- ‌[تَنْبِيهٌ لَوْ قَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْإِجْمَاعِ هَذَا مُبَاحٌ وَأَقْدَمَ الْبَاقِي عَلَى فِعْلِهِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ إذَا أُجْمِعَ عَلَى قَوْلَيْنِ فِي مَسْأَلَةٍ فِي عَصْرٍ مِنْ الْأَعْصَارِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْجُمْهُورُ إذَا أَجْمَعُوا أَيْ أَهْلُ عَصْرٍ عَلَى دَلِيلٍ لِحُكْمٍ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ لَا إجْمَاعَ إلَّا عَنْ مُسْتَنَدٍ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ لَا يَجُوزُ أَنْ لَا يَعْلَمُوا أَيْ مُجْتَهِدُو عَصْرٍ دَلِيلًا سَالِمًا عَنْ الْمُعَارِضِ الْمُكَافِئِ لَهُ عَمِلُوا بِخِلَافِهِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْمُخْتَارُ امْتِنَاعُ ارْتِدَادِ أُمَّةِ عَصْرٍ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ ظُنَّ أَنَّ قَوْلَ الشَّافِعِيِّ دِيَةُ الْيَهُودِيِّ الثُّلُثُ مِنْ دِيَةِ الْمُسْلِمِينَ يَتَمَسَّكُ فِيهِ بِالْإِجْمَاعِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ إنْكَارُ حُكْمِ الْإِجْمَاعِ الْقَطْعِيِّ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْإِجْمَاعِ يُحْتَجُّ بِهِ فِيمَا لَا يَتَوَقَّفُ حُجِّيَّتُهُ عَلَيْهِ مِنْ الْأُمُورِ الدِّينِيَّةِ]

- ‌[الْبَابُ الْخَامِسُ فِي الْقِيَاسِ]

- ‌[أَرْكَانُ قِيَاسِ الْعِلَّةِ]

- ‌[فِي الشُّرُوطِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْعِلَّةِ]

- ‌[الْكَلَامُ فِي تَقْسِيمِ الْعِلَّةِ وَشُرُوطِهَا وَطُرُقِ مَعْرِفَتِهَا]

- ‌[الْمَرْصَدُ الْأَوَّلُ فِي تَقْسِيمِ الْعِلَّةُ]

- ‌[تَتِمَّةٌ تَقْسِيمَ لَفْظُ الْعِلَّةِ بِالِاشْتِرَاكِ اللَّفْظِيِّ أَوْ الْمَجَازِ]

- ‌[الْمَرْصَدُ الثَّانِي فِي شُرُوطِ الْعِلَّةِ]

- ‌[تَنْبِيهٌ قَسَّمَ الْمُصَحِّحُونَ لِتَخْصِيصِ الْعِلَّةِ مَعَ الْمَانِعِ إلَى خَمْسَةٍ]

- ‌[لَا يُشْتَرَطُ فِي تَعْلِيلِ انْتِفَاءِ حُكْمٍ بِوُجُودِ مَانِعٍ]

- ‌[فَصْلٌ تَقْسِيم الْقِيَاسَ بِاعْتِبَارِ التَّفَاوُتِ فِي الْقُوَّةِ إلَى جَلِيٍّ وَخَفِيَ]

- ‌[مَسْأَلَةُ حُكْمِ الْقِيَاسِ الثُّبُوتُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ قَالَ الْحَنَفِيَّةُ لَا تَثْبُتُ بِهِ أَيْ بِالْقِيَاسِ الْحُدُودُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ تَكْلِيفُ الْمُجْتَهِدِ بِطَلَبِ الْمَنَاطِ]

- ‌[مَسْأَلَةُ النَّصِّ مِنْ الشَّارِعِ عَلَى الْعِلَّةِ لِلْحُكْمِ يَكْفِي فِي إيجَابِ تَعَدِّيَةِ الْحُكْمِ بِهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ الِاعْتِرَاضَاتِ الْوَارِدَةِ عَلَى الْقِيَاسِ]

- ‌[خَاتِمَةٌ لِلْكَلَامِ فِي هَذِهِ الْمَقَالَةِ الثَّانِيَةِ]

- ‌[الْمَقَالَةُ الثَّالِثَةُ فِي الِاجْتِهَادِ وَمَا يَتْبَعُهُ مِنْ التَّقْلِيدِ وَالْإِفْتَاءِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ أَنَّهُ عليه السلام مَأْمُورٌ فِي حَادِثَةٍ لَا وَحْيَ فِيهَا بِانْتِظَارِ الْوَحْيِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ طَائِفَةٌ لَا يَجُوزُ عَقْلًا اجْتِهَادُ غَيْرِ النَّبِيّ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْعَقْلِيَّاتُ مَا لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى سَمْعٍ كَحُدُوثِ الْعَالَمِ]

- ‌[مَسْأَلَةُ الْمَسْأَلَةِ الِاجْتِهَادِيَّةِ أَيْ الَّتِي لَا قَاطِعَ فِيهَا مِنْ نَصٍّ أَوْ إجْمَاعٍ]

- ‌[مَسْأَلَةُ الْمُجْتَهِدِ بَعْدَ اجْتِهَادِهِ فِي وَاقِعَةٍ أَدَّى اجْتِهَادُهُ فِيهَا إلَى حُكْمٍ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ وَاقِعَةٌ اجْتَهَدَ الْمُجْتَهِدُ فِيهَا وَأَدَّى اجْتِهَادُهُ إلَى حُكْمٍ مُعَيَّنٍ لَهَا ثُمَّ تَكَرَّرَتْ الْوَاقِعَةُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ لَا يَصِحُّ فِي مَسْأَلَةٍ لِمُجْتَهِدٍ بَلْ لِعَاقِلٍ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ قَوْلَانِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ لَا يُنْقَضُ حُكْمٌ اجْتِهَادِيٌّ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ تُعْرَفُ بِمَسْأَلَةِ التَّعْرِيضِ فِي أُصُولِ الشَّافِعِيَّةِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ يَجُوزُ خُلُوُّ الزَّمَانِ عَنْ مُجْتَهِدٍ]

- ‌[مَسْأَلَة التَّقْلِيد الْعَمَلُ بِقَوْلِ مَنْ لَيْسَ قَوْلُهُ إحْدَى الْحُجَجِ الْأَرْبَعِ الشَّرْعِيَّةِ]

- ‌[مَسْأَلَة غَيْر الْمُجْتَهِدِ المطلق يَلْزَمهُ التَّقْلِيد وَإِنَّ كَانَ مجتهدا فِي بَعْض مَسَائِل الْفِقْه]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الِاتِّفَاقُ عَلَى حِلِّ اسْتِفْتَاءِ مَنْ عُرِفَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالِاجْتِهَادِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ إفْتَاءُ غَيْرِ الْمُجْتَهِدِ بِمَذْهَبِ مُجْتَهِدٍ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ يَجُوزُ تَقْلِيدُ الْمَفْضُولِ مَعَ وُجُودِ الْأَفْضَلِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ لَا يَرْجِعُ الْمُقَلِّدُ فِيمَا قَلَّدَ الْمُجْتَهِدَ]

- ‌[إجْمَاعُ الْمُحَقِّقِينَ عَلَى مَنْعِ الْعَوَامّ مِنْ تَقْلِيدِ أَعْيَانِ الصَّحَابَةِ]

- ‌[خَاتِمَة]

الفصل: ‌[مسألة لا يصح في مسألة لمجتهد بل لعاقل في وقت واحد قولان]

الْأَوَّلِ عِنْدَهَا (وَاحْتِمَالُ الْخَطَإِ فِيهِ لَمْ يَقْدَحْ) فِيهِ بَعْدَ ذَلِكَ (فَلَا يَجِبُ) الِاجْتِهَادُ (الْآخَرُ إلَّا بِمِثْلِهِ) أَيْ الْأَوَّلِ مِنْ وُجُودِ السَّبَبِ، وَالشَّرْطِ بَقِيَ الشَّأْنُ فِي أَنَّ تَكْرَارَهَا هَلْ هُوَ سَبَبٌ مُوجِبٌ لِلنَّظَرِ ثَانِيًا فِيهَا مُسْتَجْمِعٌ لِشَرْطِ وُجُوبِهِ لَمْ يُفْصِحْ الْمُصَنِّفُ بِهِ وَقَالَ الْآمِدِيُّ: الْمُخْتَارُ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَكُنْ ذَاكِرًا لِاجْتِهَادِهِ الْأَوَّلِ فَيَجِبُ وَإِلَّا فَلَا وَاخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ مِنْ الْحَنَابِلَةِ وَقَالَ السُّبْكِيُّ: وَاعْلَمْ أَنَّ الْأَصَحَّ فِي مَذْهَبِنَا لُزُومُ التَّجْدِيدِ، وَالْمَسْأَلَةُ مَفْرُوضَةٌ فِيمَا إذَا لَمْ يَكُنْ ذَاكِرًا لِدَلِيلِ الْأَوَّلِ وَلَمْ يَتَجَدَّدْ مَا قَدْ يُوجِبُ رُجُوعَهُ، فَإِنْ كَانَ ذَاكِرًا لَمْ يَلْزَمْهُ قَطْعًا، وَإِنْ تَجَدَّدَ مَا قَدْ يُوجِبُ الرُّجُوعَ لَزِمَهُ قَطْعًا انْتَهَى.

(قُلْت) : وَسَبَقَهُ إلَيْهِ النَّوَوِيُّ ثُمَّ الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ فَإِنْ كَانَ ذَاكِرًا وَلَمْ يَتَجَدَّدْ مَا قَدْ يُوجِبُ الرُّجُوعَ عَمَّا ظَهَرَ لَهُ بِالِاجْتِهَادِ الْأَوَّلِ وَحَذَفَهُ لِقَرِينَةٍ مُقَابِلَةٍ، فَإِنَّهُ يُفِيدُ أَنَّهُ إنْ تَجَدَّدَ مَا قَدْ يُوجِبُ الرُّجُوعَ عَنْهُ لَزِمَهُ سَوَاءٌ كَانَ ذَاكِرًا لِلدَّلِيلِ الْأَوَّلِ، أَوْ لَا، وَإِنْ كَانَ فِي لُزُومِهِ مَعَ ذِكْرِ الدَّلِيلِ الْأَوَّلِ مُطْلَقًا نَظَرٌ فَلَا جَرَمَ أَنْ قَالَ مُتَأَخِّرٌ مِنْهُمْ، فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ رَاجِحًا عَلَى مَا يَقْتَضِي الرُّجُوعَ عُمِلَ بِالْأَوَّلِ وَلَا يُعَدُّ الِاجْتِهَادُ وَإِلَّا أَعَادَ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ ذَاكِرًا لَهُ، فَإِنَّ الْأَخْذَ بِالْأَوَّلِ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ يَكُونُ أَخْذًا بِشَيْءٍ مِنْ غَيْرِ دَلِيلٍ عَلَيْهِ إذْ لَا ثِقَةَ بِبَقَاءِ الظَّنِّ مِنْهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ عَلَى مَا فِيهِ مِنْ تَأَمُّلٍ، وَمِنْ ثَمَّةَ حُكِيَ فِيهِ قَوْلٌ بِالْمَنْعِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الظَّنَّ السَّابِقَ قَوِيٌّ فَيُعْمَلُ بِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ رُجْحَانِ غَيْرِهِ وَقَالَ شُرَيْحٌ الرُّويَانِيُّ فِي رَوْضَةِ الْحُكَّامِ اجْتَهَدَ لِنَازِلَةٍ فَحَكَمَ، أَوْ لَمْ يَحْكُمْ ثُمَّ حَدَثَتْ ثَانِيًا فِيهِ وَجْهَانِ الصَّحِيحُ إذَا كَانَ الزَّمَانُ قَرِيبًا لَا يَخْتَلِفُ فِي مِثْلِهِ الِاجْتِهَادُ لَا يَسْتَأْنِفُهُ، وَإِنْ تَطَاوَلَ اسْتَأْنَفَ، وَذَكَرَ الشَّافِعِيَّةُ أَيْضًا فِي الْعَامِّيِّ يَسْتَفْتِي الْمُجْتَهِدَ فِي وَاقِعَةٍ ثُمَّ تَقَعُ لَهُ ثَانِيًا إنْ عَلِمَ أَنَّهُ أَفْتَاهُ عَنْ نَصِّ كِتَابٍ، أَوْ سُنَّةٍ، أَوْ إجْمَاعٍ، أَوْ كَانَ قَدْ يَتَحَرَّى فِي مَذْهَبٍ وَاحِدٍ مِنْ أَئِمَّةِ السَّلَفِ وَلَمْ يَبْلُغْ رُتْبَةَ الِاجْتِهَادِ فَأَفْتَاهُ عَنْ نَصِّ صَاحِبِ الْمَذْهَبِ فَلَهُ أَنْ يَعْمَلَ بِالْفَتْوَى الْأُولَى، وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ أَفْتَاهُ عَنْ اجْتِهَادٍ، أَوْ شَكَّ فِي ذَلِكَ فَوَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا يَلْزَمُهُ السُّؤَالُ ثَانِيًا لِاحْتِمَالِ تَغَيُّرِ اجْتِهَادِ الْمُجْتَهِدِ قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَهَذَا عِنْدِي إذَا مَضَتْ مُدَّةٌ مِنْ الْفَتْوَى الْأُولَى يَجُوزُ تَغَيُّرُ الِاجْتِهَادِ فِيهَا غَالِبًا، فَإِنْ قَرُبَتْ لَمْ يَلْزَمْهُ الِاسْتِفْتَاءُ ثَانِيًا، وَقَالَ النَّوَوِيُّ: مَحِلُّ الْخِلَافِ مَا لَمْ يَكْثُرْ وُقُوعُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، فَإِنْ كَثُرَ لَمْ يَجِبْ عَلَى الْعَامِّيِّ تَجْدِيدُ السُّؤَالِ قَطْعًا وَخَصَّ ابْنُ الصَّلَاحِ الْخِلَافَ بِمَا إذَا قَلَّدَ حَيًّا وَقَطَعَ فِيمَا إذَا كَانَ خَبَرًا عَنْ مَيِّتٍ أَنَّهُ لَمْ يَلْزَمْ الْعَامِّيَّ تَجْدِيدُ السُّؤَالِ، وَهُوَ ظَاهِرُ الرَّافِعِيِّ وَأَفَادَ فِي جَمْعِ الْجَوَامِعِ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ لِاحْتِمَالِ مُخَالَفَةِ مَا ذَكَرَهُ أَوَّلًا بِاطِّلَاعِهِ عَلَى مَا يُخَالِفُهُ مِنْ نَصِّ الْإِمَامِ وَفِيهِ نَظَرٌ.

[مَسْأَلَةٌ لَا يَصِحُّ فِي مَسْأَلَةٍ لِمُجْتَهِدٍ بَلْ لِعَاقِلٍ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ قَوْلَانِ]

(مَسْأَلَةٌ) قَالَ عَامَّةُ الْعُلَمَاءِ: (لَا يَصِحُّ فِي مَسْأَلَةٍ لِمُجْتَهِدٍ) بَلْ لِعَاقِلٍ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ (قَوْلَانِ) مُتَنَاقِضَانِ (لِلتَّنَاقُضِ، فَإِنْ عُرِفَ الْمُتَأَخِّرُ) مِنْهُمَا (تَعَيَّنَ) أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ (رُجُوعًا) عَنْ الْأَوَّلِ إلَيْهِ (وَإِلَّا) لَوْ لَمْ يُعْرَفْ الْمُتَأَخِّرُ (وَجَبَ تَرْجِيحُ الْمُجْتَهِدِ بَعْدَهُ) أَيْ ذَلِكَ الْمُجْتَهِدِ لِأَحَدِهِمَا (بِشَهَادَةِ قَلْبِهِ) كَمَا فِي تَعَارُضِ الْقِيَاسَيْنِ (وَعِنْدَ بَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ يُخَيَّرُ مُتَّبِعُهُ الْمُقَلِّدُ فِي الْعَمَلِ بِأَيِّهِمَا شَاءَ كَذَا فِي بَعْضِ كُتُبِ الْحَنَفِيَّةِ الْمَشْهُورَةِ وَكَأَنَّ الْمُرَادَ بِالْمُجْتَهِدِ) الْمَذْكُورِ الْمُجْتَهِدُ (فِي الْمَذْهَبِ وَإِلَّا فَتَرْجِيحُ) الْمُجْتَهِدِ (الْمُطْلَقِ بِشَهَادَتِهِ) أَيْ قَلْبِهِ (فِيمَا عَنَّ) أَيْ ظَهَرَ (لَهُ) نَفْسُهُ (وَالتَّرْجِيحُ هُنَا) لِأَحَدِهِمَا إنَّمَا هُوَ (عَلَى أَنَّهُ الْمُعَوَّلُ) عَلَيْهِ (لِصَاحِبِهِمَا) أَيْ الْقَوْلَيْنِ (وَقَوْلُ الْبَعْضِ) مِنْ الشَّافِعِيَّةِ (يُخَيَّرُ الْمُتَّبِعُ فِي الْعَمَلِ) بِأَيِّهِمَا شَاءَ (لَيْسَ خِلَافًا) لِمَا قَبْلَهُ (بَلْ) هُوَ (مَحِلٌّ آخَرُ ذَكَرَهُ ذَلِكَ الْبَعْضُ بِالنِّسْبَةِ إلَى غَيْرِ الْمُجْتَهِدِ فِي حَقِّ الْعَمَلِ لَا التَّرْجِيحِ) لِأَحَدِهِمَا فَلْيُتَنَبَّهْ لَهُ (وَفِي بَعْضِهَا) أَيْ كُتُبِ الْحَنَفِيَّةِ (إنْ لَمْ يُعْرَفْ تَارِيخٌ) لِلْقَوْلَيْنِ (فَإِنْ نُقِلَ فِي أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ عَنْهُ) أَيْ الْمُجْتَهِدِ (مَا يُقَوِّيهِ فَهُوَ) أَيْ ذَلِكَ الْمُقَوَّى هُوَ (الصَّحِيحُ عِنْدَهُ) أَيْ الْمُجْتَهِدِ (وَإِلَّا) إذَا لَمْ يُنْقَلْ عَنْهُ مَا يُقَوِّي أَحَدَهُمَا (إنْ كَانَ) أَيْ وُجِدَ (مُتَّبِعٌ بَلَغَ الِاجْتِهَادَ) فِي الْمَذْهَبِ كَمَا تَقَدَّمَ (رَجَّحَ بِمَا مَرَّ مِنْ الْمُرَجِّحَاتِ إنْ وَجَدَ وَإِلَّا) إذَا لَمْ يَجِدْ (يَعْمَلُ بِأَيِّهِمَا شَاءَ بِشَهَادَةِ قَلْبِهِ، وَإِنْ كَانَ عَامِّيًّا اتَّبَعَ فَتْوَى الْمُفْتِي فِيهِ الْأَتْقَى الْأَعْلَمِ بِالتَّسَامُعِ، وَإِنْ) كَانَ (مُتَفَقِّهًا

ص: 333

تَبِعَ الْمُتَأَخِّرِينَ وَعَمِلَ بِمَا هُوَ أَصْوَبُ وَأَحْوَطُ عِنْدَهُ) .

وَمُلَخَّصُ مَا ذَكَرَهُ الْإِمَامُ الرَّازِيّ وَأَتْبَاعُهُ أَنَّهُ إنْ نُقِلَ عَنْ مُجْتَهِدٍ وَاحِدٍ فِي حُكْمٍ وَاحِدٍ قَوْلَانِ مُتَنَافِيَانِ فَلَهُ حَالَانِ الْحَالَةُ الْأُولَى أَنْ يَكُونَ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ كَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قَوْلَانِ فَيَسْتَحِيلُ أَنْ يَكُونَا مُرَادَيْنِ لَهُ لِاسْتِحَالَةِ اجْتِمَاعِ النَّقِيضَيْنِ، فَإِنْ ذَكَرَ عَقِبَ أَحَدِهِمَا مَا يَدُلُّ عَلَى تَقْوِيَتِهِ كَهَذَا أَشْبَهُ، أَوْ تَفْرِيعٌ عَلَيْهِ فَهُوَ مَذْهَبُهُ وَإِلَّا فَهُوَ مُتَوَقِّفٌ وَحِينَئِذٍ فَلَعَلَّهُ يُرِيدُ بِقَوْلَيْنِ احْتِمَالَهُمَا لِوُجُودِ دَلِيلِينَ مُتَسَاوِيَيْنِ، أَوْ مَذْهَبُهُمْ لِمُجْتَهِدَيْنِ. الْحَالَةُ الثَّانِيَةُ: أَنْ يَكُونَ فِي مَوْضِعَيْنِ بِأَنْ يَنُصَّ فِي كِتَابٍ عَلَى إبَاحَةِ شَيْءٍ وَفِي آخَرَ عَلَى تَحْرِيمِهِ، فَإِنْ عُلِمَ الْمُتَأَخِّرُ فَهُوَ مَذْهَبُهُ وَيَكُونُ الْأَوَّلُ مَنْسُوخًا، وَإِلَّا حُكِيَ عَنْهُ الْقَوْلَانِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَحْكُمَ عَلَى أَحَدِهِمَا بِالرُّجُوعِ.

(وَإِذْ نُقِلَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ فِي سَبْعَ عَشْرَةَ مَسْأَلَةً فِيهَا قَوْلَانِ) كَمَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيُّ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ، أَوْ فِي بِضْعَ عَشَرَةَ سِتَّ عَشَرَةَ، أَوْ سَبْعَ عَشَرَةَ كَمَا قَالَ الْقَاضِي أَبُو حَامِدٍ الْمَرْوَزِيُّ، أَوْ فِي سِتَّ عَشَرَةَ كَمَا نَقَلَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ عَنْ الْأَصْحَابِ، أَوْ فِيمَا لَا يَبْلُغُ عَشْرًا كَمَا نَقَلَهُ الْبَاقِلَّانِيُّ فِي مُخْتَصَرِ التَّقْرِيبِ عَنْ الْمُحَقِّقِينَ (حُمِلَ عَلَى أَنَّ لِلْعُلَمَاءِ قَوْلَيْنِ) فِيهَا فَقَالَ بَعْضُهُمْ بِذَا، وَبَعْضُهُمْ بِذَا فَيُحْكَى قَوْلُهُمْ وَفَائِدَتُهُ أَنْ لَا يَتَوَهَّمَ مِنْ أَرَادَ مِنْ الْمُجْتَهِدَيْنِ الذَّهَابَ إلَى أَحَدِهِمَا أَنَّهُ خَارِقٌ لِلْإِجْمَاعِ وَقِيلَ التَّنْبِيهُ عَلَى أَنَّ مَا سِوَاهُمَا لَا يُؤْخَذُ بِهِ فَيَطْلُبُ تَرْجِيحَ أَحَدِهِمَا (أَوْ يَحْتَمِلُهُمَا) لِوُجُودِ تَعَادُلِ الدَّلِيلَيْنِ عِنْدَهُ وَأَيًّا مَا كَانَ فَلَا يُنْسَبُ إلَيْهِ شَيْءٌ مِنْهُمَا ذَكَرَهُ الْإِمَامُ الرَّازِيّ وَأَتْبَاعُهُ وَقِيلَ: يَجِبُ اعْتِقَادُ نِسْبَةِ أَحَدِهِمَا إلَيْهِ، وَرُجُوعُهُ عَنْ الْآخَرِ غَيْرُ مُعَيَّنٍ دُونَ نِسْبَتِهِمَا جَمِيعًا وَيَمْتَنِعُ الْعَمَلُ بِهِمَا حِينَئِذٍ حَتَّى يَتَبَيَّنَ كَالنَّصَّيْنِ إذَا عَلِمْنَا نَسْخَ أَحَدِهِمَا غَيْرَ مُعَيَّنٍ، وَهَذَا قَوْلُ الْآمِدِيِّ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَهُوَ أَحْسَنُ مِنْ الَّذِي قَبْلَهُ، وَإِنْ كَانَ خِلَافَ عَمَلِ الْفُقَهَاءِ (أَوْلَى فِيهَا) قَوْلَانِ (عَلَى الْقَوْلِ بِالتَّخْيِيرِ عِنْدَ التَّعَادُلِ) بَيْنَ الدَّلِيلَيْنِ قَالَهُ الْقَاضِي فِي التَّقْرِيبِ وَتَعَقَّبَهُ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ بِأَنَّهُ بِنَاءً عَلَى اعْتِقَادِهِ أَنَّ مَذْهَبَ الشَّافِعِيِّ تَصْوِيبُ الْمُجْتَهِدَيْنِ لَكِنَّ الصَّحِيحَ مِنْ مَذْهَبِهِ أَنَّ الْمُصِيبَ وَاحِدٌ فَلَا يُمْكِنُ الْقَوْلُ مِنْهُ بِالتَّخْيِيرِ وَأَيْضًا فَيَكُونُ الْقَوْلَانِ بِتَحْرِيمٍ وَإِبَاحَةٍ وَيَسْتَحِيلُ التَّخْيِيرُ بَيْنَهُمَا (أَوْ تَقَدَّمَا) أَيْ الْقَوْلَانِ (لِي) فَيَحْكِي قَوْلَيْهِ الْمُرَتَّبِينَ فِي الزَّمَانِ الْمُتَقَدِّمِ قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ: وَعِنْدِي أَنَّهُ حَيْثُ نَصَّ عَلَى قَوْلَيْنِ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ فَلَيْسَ لَهُ فِيهِ مَذْهَبٌ، وَإِنَّمَا ذَكَرَهُمَا لِيَتَرَوَّى فِيهِمَا وَعَدَمُ اخْتِيَارِهِ لِأَحَدِهِمَا وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ خَطَأً مِنْهُ بَلْ يَدُلُّ عَلَى عُلُوِّ رُتْبَةِ الرَّجُلِ وَتَوَسُّعِهِ فِي الْعِلْمِ وَعِلْمِهِ بِطَرِيقِ الْأَشْبَاهِ، فَإِنْ قِيلَ فَلَا مَعْنَى لِقَوْلِكُمْ لِلشَّافِعِيِّ قَوْلَانِ إذْ لَيْسَ لَهُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قَوْلٌ وَلَا قَوْلَانِ عَلَى هَذَا قُلْنَا: هَكَذَا نَقُولُ وَلَا نَتَحَاشَا مِنْهُ، وَإِنَّمَا وَجْهُ الْإِضَافَةِ إلَى الشَّافِعِيِّ ذِكْرُهُ لَهُمَا وَاسْتِقْصَاؤُهُ وُجُوهَ الْأَشْبَاهِ فِيهِمَا وَوَافَقَهُ الْغَزَالِيُّ عَلَى هَذَا وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ.

(تَنْبِيهٌ) ، وَأَمَّا اخْتِلَافُ الرِّوَايَةِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَدَ فَلَيْسَ مِنْ بَابِ الْقَوْلَيْنِ لِلْقَطْعِ فِيهِمَا بِأَنَّ الشَّافِعِيَّ نَصَّ عَلَيْهِمَا بِخِلَافِ الرِّوَايَتَيْنِ وَأَنَّ الِاخْتِلَافَ فِيهِمَا مِنْ جِهَةِ الْمَنْقُولِ عَنْهُ لَا النَّاقِلِ، وَالِاخْتِلَافُ فِي الرِّوَايَتَيْنِ بِالْعَكْسِ وَذَكَرَ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ الْبَلِيغِيُّ فِي الْغُرَرِ أَنَّ الِاخْتِلَافَ فِي الرِّوَايَةِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ مِنْ وُجُوهٍ مِنْهَا الْغَلَطُ فِي السَّمَاعِ كَانَ يُجِيبُ بِحَرْفِ النَّفْيِ إذَا سُئِلَ عَنْ حَادِثَةٍ وَيَقُولُ: لَا يَجُوزُ فَيَشْتَبِهُ عَلَى الرَّاوِي فَيَنْقُلُ مَا سَمِعَ، وَمِنْهَا أَنْ يَكُونَ لَهُ قَوْلٌ قَدْ رَجَعَ عَنْهُ وَيَعْلَمُ بَعْضُ مَنْ يَخْتَلِفُ إلَيْهِ رُجُوعَهُ فَيَرْوِي الثَّانِيَ، وَالْآخَرُ لَمْ يَعْلَمْهُ فَيَرْوِي الْأَوَّلَ.

(قُلْت) : وَهَذَا أَقْرَبُ مِنْ الْأَوَّلِ، وَمِنْهَا أَنْ يَكُونَ قَالَ الثَّانِي عَلَى وَجْهِ الْقِيَاسِ ثُمَّ قَالَ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ الِاسْتِحْسَانِ فَيَسْمَعُ كُلُّ وَاحِدٍ أَحَدَ الْقَوْلَيْنِ فَيَنْقُلُ كَمَا سَمِعَ (قُلْت) وَهَذَا لَا بَأْسَ بِهِ أَيْضًا غَيْرَ أَنَّ تَعْيِينَ أَنْ يَكُونَ الثَّانِيَ عَلَى وَجْهِ الْقِيَاسِ غَيْرُ ظَاهِرٍ بَلْ الظَّاهِرُ أَنَّ الَّذِي يَكُونُ عَلَى وَجْهِ الْقِيَاسِ غَالِبًا هُوَ الْأَوَّلَ غَالِبًا لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّ الْقِيَاسَ مُقَدَّمٌ عَلَى الِاسْتِحْسَانِ إلَّا فِي مَسَائِلَ فَالْقِيَاسُ بِمَنْزِلَةِ الْقَوْلِ الْمَرْجُوعِ عَنْهُ، وَالِاسْتِحْسَانُ بِمَنْزِلَةِ الْقَوْلِ الْمَرْجُوعِ إلَيْهِ، وَالْمَرْجُوعُ عَنْهُ قَبْلَ الْمَرْجُوعِ إلَيْهِ عَلَى أَنَّ الْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ قَالَ أَحَدُهُمَا عَلَى وَجْهِ الْقِيَاسِ، وَالْآخَرُ عَلَى وَجْهِ الِاسْتِحْسَانِ فَيَسْمَعُ كُلٌّ كُلًّا فَيَنْقُلُهُ، ثُمَّ إنَّ هَذَا إنَّمَا يَتَأَتَّى فِيمَا يَتَأَتَّى فِيهِ كِلَاهُمَا وَلَمْ يَكُنْ فِي إحْدَاهُمَا قِيَاسٌ وَاسْتِحْسَانٌ هِيَ مَاشِيَةٌ

ص: 334