الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَهُوَ مِنْ إطْلَاقِ اللَّازِمِ عَلَى الْمَلْزُومِ وَمِنْ ثَمَّةَ لَا يُسْتَعْمَلُ إلَّا مُضَافًا وَالْقِيَاسُ إذَا أُطْلِقَ إنَّمَا يُرَادُ بِهِ الْقِيَاسُ حَقِيقَةً وَعَلَى هَذَا الْجَوَابُ عَوَّلَ أَبُو الْحُسَيْنِ (وَمِنْهُمْ مَنْ رَدَّهُ) أَيْ قِيَاسَ الدَّلَالَةِ (إلَى مُسَمَّاهُ) أَيْ قِيَاسِ الْعِلَّةِ (بِأَنَّهُ) أَيْ قِيَاسَ الدَّلَالَةِ (يَتَضَمَّنُ الْمُسَاوَاةُ فِيهَا) لِاسْتِلْزَامِ الْجَامِعِ لَهَا، فَإِذَنْ قِيَاسُ الدَّلَالَةِ دَاخِلٌ فِي قِيَاسِ الْعِلَّةِ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ وُجُوبِ الْمُسَاوَاةِ صَرِيحًا أَوْ ضِمْنًا فَلَا يَضُرُّ انْطِبَاقُ التَّعْرِيفِ عَلَيْهِ (فَقِيَاسُ النَّبِيذِ) فِي وُجُوبِ الْحَدِّ بِشُرْبِهِ (عَلَى الْخَمْرِ) فِي وُجُوبِ الْحَدِّ بِشُرْبِهَا (بِرَائِحَةِ الْمُشْتَدِّ) فِيهِمَا (يَتَضَمَّنُ ثُبُوتَ الْمُسَاوَاةِ فِي الْإِسْكَارِ) الَّذِي هُوَ الْعِلَّةُ فِي هَذَا الْحُكْمِ (وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْقِيَاسَ حِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ كَانَ الْعِلَّةُ مُتَضَمِّنَةً (غَيْرَ الْمَذْكُورِ) .
[أَرْكَانُ قِيَاسِ الْعِلَّةِ]
. (وَأَرْكَانُهُ) أَيْ أَجْزَاءُ قِيَاسِ الْعِلَّةِ الَّتِي لَا تَحْصُلُ حَقِيقَتُهُ إلَّا بِحُصُولِهَا (لِلْجُمْهُورِ) أَرْبَعَةٌ الْوَصْفُ (الْجَامِعُ) هَذَا هُوَ الْأَوَّلُ (وَالْأَصْلُ) وَهَذَا هُوَ الثَّانِي وَهُوَ إمَّا (مَحَلُّ الْحُكْمِ الْمُشَبَّهِ بِهِ) كَمَا عَلَيْهِ الْأَكْثَرُ مِنْ الْفُقَهَاءِ وَالنُّظَّارِ (أَوْ حُكْمُهُ) أَيْ حُكْمُ الْمَحَلِّ الْمُشَبَّهِ بِهِ كَمَا عَلَيْهِ طَائِفَةٌ (أَوْ دَلِيلُهُ) أَيْ حُكْمُ الْمَحَلِّ الْمُشَبَّهِ بِهِ كَمَا عَلَيْهِ الْمُتَكَلِّمُونَ (وَمَبْنَاهُ) أَيْ هَذَا الْخِلَافِ فِي أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَصْلِ هُنَا اصْطِلَاحًا أَحَدُ هَذِهِ الْأُمُورِ (عَلَى أَنَّ الْأَصْلَ مَا يَبْتَنِي عَلَيْهِ غَيْرُهُ) وَلَا خَفَاءَ فِي أَنَّ الْحُكْمَ فِي الْفَرْعِ مَبْنِيٌّ عَلَى الْحُكْمِ فِي الْأَصْلِ وَالْحُكْمَ فِي الْأَصْلِ عَلَى دَلِيلِهِ الَّذِي أُخِذَ مِنْهُ وَعَلَى مَحَلِّهِ فَالْكُلُّ مِمَّا يَبْتَنِي عَلَيْهِ الْحُكْمُ فِي الْفَرْعِ إمَّا ابْتِدَاءً كَابْتِنَائِهِ عَلَى الْحُكْمِ فِي الْأَصْلِ أَوْ بِوَاسِطَةٍ كَابْتِنَائِهِ عَلَى الْمَأْخَذِ وَالْمَحَلِّ إذْ أَصْلُ الْأَصْلِ أَصْلٌ فَلَا بُعْدَ فِي تَسْمِيَةِ أَحَدِ هَذِهِ بِالْأَصْلِ.
أَمَّا عَلَى أَنَّ الْأَصْلَ مَا يَكُونُ مُسْتَغْنِيًا عَنْ غَيْرِهِ بَنَى عَلَيْهِ أَوْ لَا فَيَخْتَصُّ الْمَحَلُّ الْمُشَبَّهُ بِهِ بِكَوْنِهِ أَصْلًا لِاسْتِغْنَائِهِ عَنْ الْحُكْمِ وَعَنْ دَلِيلِهِ وَهُوَ النَّصُّ أَوْ الْإِجْمَاعُ لِإِمْكَانِ تَحَقُّقِهِ بِدُونِهِمَا وَافْتِقَارِهِمَا إلَيْهِ لِأَنَّ الْحُكْمَ لَا يُمْكِنُ ثُبُوتُهُ بِدُونِ الْفِعْلِ الْمَوْصُوفِ بِهِ وَالْفِعْلُ لَا يُمْكِنُ تَحَقُّقُهُ بِدُونِ مَحَلِّهِ وَالدَّلِيلُ أَيْضًا لَا يُمْكِنُ أَنْ يُثْبِتَ الْحُكْمَ بِدُونِ الْمَحَلِّ وَمِنْ هُنَا قِيلَ كَوْنُ الْأَصْلِ الْمَحَلَّ أَوْلَى لِكَوْنِهِ أَتَمَّ فِي مَعْنَى الْأَصَالَةِ مِنْهَا لِوُجُودِ الْمَعْنَيَيْنِ فِيهِ وَذَكَرَ فِي كَشْفِ الْبَزْدَوِيِّ أَنَّهُ الْأَشْبَهُ (وَعَلَيْهِ) أَيْ أَنَّ الْأَصْلَ مَا يَبْتَنِي عَلَيْهِ غَيْرُهُ (قِيلَ) أَيْ قَالَ الْإِمَامُ الرَّازِيّ مَا مَعْنَاهُ (الْجَامِعُ فَرْعُ حُكْمِ الْأَصْلِ أَصْلُ حُكْمِ الْفَرْعِ) إذْ لَا بِدَعَ فِي جَوَازِ كَوْنِ الشَّيْءِ الْوَاحِدِ أَصْلًا بِالنِّسْبَةِ إلَى شَيْءٍ فَرْعًا بِالنِّسْبَةِ إلَى آخَرَ لِأَنَّ الْأَصَالَةَ وَالْفَرْعِيَّةَ مِنْ الْأُمُورِ الْإِضَافِيَّةِ وَلَا خَفَاءَ فِي أَنَّ الْوَصْفَ الْجَامِعَ يُسْتَنْبَطُ مِنْ الْحُكْمِ الْمُشَبَّهِ بِهِ بَعْدَ الْعِلْمِ بِثُبُوتِ الْحُكْمِ فِيهِ بِالنَّصِّ أَوْ الْإِجْمَاعِ وَفِي الْمَحَلِّ الْمُشَبَّهِ يُعْلَمُ بِثُبُوتِهِ فِيهِ ثُبُوتُ الْحُكْمِ فِيهِ (إلَّا أَنَّهُ) أَيْ اسْتِنْبَاطَ الْجَامِعِ مِنْ الْحُكْمِ (يَخُصُّ) الْعِلَلَ (الْمُسْتَنْبَطَةَ) لَا الْمَنْصُوصَةَ وَهِيَ قَدْ تَكُونُ مَنْصُوصَةً فَهُوَ بِالنَّظَرِ إلَى الْأَعَمِّ الْأَغْلَبِ ثُمَّ فِي شَرْحِ الْقَاضِي عَضُدِ الدِّينِ مُشِيرًا إلَى هَذَا وَهَذَا الصَّحِيحُ انْتَهَى لِأَنَّ فِي ذَلِكَ حَقِيقَةَ الِابْتِنَاءِ وَفِيمَا عَدَاهُ لَا بُدَّ مِنْ تَجَوُّزٍ وَمُلَاحَظَةِ وَاسِطَةٍ.
(وَحُكْمُ الْأَصْلِ) وَهَذَا هُوَ الرُّكْنُ الثَّالِثُ (وَالْفَرْعُ) وَهَذَا هُوَ الرُّكْنُ الرَّابِعُ (الْمَحَلُّ الْمُشَبَّهُ) عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْأَصْلَ هُوَ الْمُشَبَّهُ بِهِ كَمَا عَلَيْهِ الْأَكْثَرُ (أَوْ حُكْمُهُ) أَيْ الْحُكْمُ الْمُشَبَّهُ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْأَصْلَ هُوَ حُكْمُ الْمَحَلِّ الْمُشَبَّهِ بِهِ كَمَا عَلَيْهِ آخَرُونَ وَاخْتَارَهُ الْإِمَامُ الرَّازِيِّ قِيلَ وَكَوْنُ الْفَرْعِ هَذَا أَوْلَى لِأَنَّهُ هُوَ الْمُفْتَقِرُ إلَى غَيْرِهِ وَالْمَبْنِيُّ عَلَيْهِ لَا مَحَلُّهُ لَكِنَّ الْفُقَهَاءَ لَمَّا سَمُّوا الْمَحَلَّ الْمُشَبَّهَ بِهِ أَصْلًا لِكَوْنِهِ الْأَوْلَى كَمَا تَقَدَّمَ سَمَّى الْمَحَلَّ الْمُشَبَّهَ فَرْعًا عَلَى طَرِيقِ الْمُنَاسَبَةِ أَوْ مِنْ إطْلَاقِ اسْمِ الْحَالِ عَلَى الْمَحَلِّ وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ إنَّهُ دَلِيلُ الْفَرْعِ وَكَيْفَ وَدَلِيلُهُ الْقِيَاسُ وَالْقِيَاسُ لَيْسَ فَرْعًا لِدَلِيلِ حُكْمِ الْأَصْلِ ثُمَّ شَرَعَ فِي قَسِيمِ قَوْلِ الْجُمْهُورِ وَهُوَ (وَظَاهِرُ قَوْلِ فَخْرِ الْإِسْلَامِ وَرُكْنُهُ مَا جُعِلَ عَلَمًا عَلَى حُكْمِ النَّصِّ) مِمَّا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ النَّصُّ (وَجُعِلَ الْفَرْعُ نَظِيرًا لَهُ فِي حُكْمِهِ بِوُجُودِهِ فِيهِ أَنَّهُ) أَيْ رُكْنَ الْقِيَاسِ (الْعِلَّةُ الثَّابِتَةُ فِي الْمَحَلَّيْنِ) الْأَصْلُ وَالْفَرْعُ بَلْ هُوَ صَرِيحٌ فِيهِ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِمَا جُعِلَ عِلْمًا أَيْ عَلَامَةً عَلَيْهِ الْمُعَرِّفُ لِحُكْمِ الشَّرْعِ فِي الْمَحَلِّ وَوَافَقَ فَخْرَ الْإِسْلَامِ عَلَى هَذَا الْقَاضِي أَبُو زَيْدٍ وَشَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ حَيْثُ قَالَ: رُكْنُ الْقِيَاسِ هُوَ الْوَصْفُ الَّذِي جُعِلَ حُكْمًا عَلَى حُكْمِ النَّصِّ مِنْ بَيْنِ الْأَوْصَافِ الَّتِي يَشْتَمِلُ عَلَيْهَا اسْمُ النَّصِّ وَيَكُونُ الْفَرْعُ بِهِ نَظِيرًا لِلْأَصْلِ فِي الْحُكْمِ الثَّابِتِ بِاعْتِبَارِهِ
فِي الْفَرْعِ لِأَنَّ رُكْنَ الشَّيْءِ مَا يَقُومُ بِهِ ذَلِكَ الشَّيْءُ وَإِنَّمَا يَقُومُ الْقِيَاسُ بِهَذَا الْوَصْفِ. انْتَهَى وَأَفْصَحَ بِهِ صَاحِبُ الْمِيزَانِ أَيْضًا فَقَالَ رُكْنُ الْقِيَاسِ هُوَ الْوَصْفُ الصَّالِحُ الْمُؤَثِّرُ فِي ثُبُوتِ الْحُكْمِ فِي النَّصِّ وَسَاقَهُ ثُمَّ قَالَ هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ وَهُوَ قَوْلُ مَشَايِخِنَا بِسَمَرْقَنْدَ وَقَالَ مَشَايِخُ الْعِرَاقِ الرُّكْنُ هُوَ الْوَصْفُ الَّذِي جُعِلَ عَلَمًا عَلَى ثُبُوتِ الْحُكْمِ فِي الْفَرْعِ وَيَتَحَصَّلُ مِنْ هَذَا أَنَّ هَؤُلَاءِ كُلَّهُمْ عَلَى أَنَّ رُكْنَ الْقِيَاسِ هُوَ الْوَصْفُ عَلَى الْخِلَافِ الْمَذْكُورِ فَكَانَ الْأَوْلَى نِسْبَتُهُ إلَيْهِمْ إنْ لَمْ يُنْسَبْ إلَى الْحَنَفِيَّةِ لَا إلَى فَخْرِ الْإِسْلَامِ لَا غَيْرَ ثُمَّ إنَّمَا قَالَ عِلْمًا لِأَنَّ الْمُوجِبَ فِي الْحَقِيقَةِ هُوَ اللَّهُ تَعَالَى.
وَالْعِلَلُ أَمَارَاتٌ عَلَى الْأَحْكَامِ لَا مُوجِبَاتٌ ثُمَّ الْحُكْمُ إنْ كَانَ فِي الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ مُضَافًا إلَى النَّصِّ وَفِي الْفَرْعِ إلَى الْعِلَّةِ كَمَا عَلَيْهِ مَشَايِخُ الْعِرَاقِ وَأَبُو زَيْدٍ وَالسَّرَخْسِيُّ وَفَخْرُ الْإِسْلَامِ وَمُتَابِعُوهُمْ يَكُونُ ذَلِكَ الْمَعْنِيُّ عِلْمًا عَلَى وُجُودِ حُكْمِ النَّصِّ فِي الْفَرْعِ وَإِنْ كَانَ مُضَافًا إلَى الْعِلَّةِ فِي الْأَصْلِ وَالْفَرْعِ كَمَا عَلَيْهِ جُمْهُورُ الْأُصُولِيِّينَ وَمَشَايِخُ سَمَرْقَنْدَ وَالشَّافِعِيُّ يَكُونُ ذَلِكَ الْمَعْنِيُّ عِلْمًا عَلَى ثُبُوتِ النَّصِّ فِيهِمَا وَقَوْلُهُ مِمَّا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ النَّصُّ يَعْنِي يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْمَعْنِيُّ الَّذِي جُعِلَ عِلْمًا عَلَى حُكْمِ النَّصِّ مِنْ الْأَوْصَافِ الَّتِي اشْتَمَلَ عَلَيْهَا النَّصُّ إمَّا بِصِيغَتِهِ كَاشْتِمَالِ نَصِّ الرِّبَا عَلَى الْكَيْلِ وَالْجِنْسِ أَوْ بِغَيْرِ صِيغَتِهِ كَاشْتِمَالِ نَصِّ النَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الْآبِقِ عَلَى الْعَجْزِ عَنْ التَّسْلِيمِ لِأَنَّ ذَلِكَ الْمَعْنِيَّ لَمَّا كَانَ مُسْتَنْبَطًا مِنْ النَّصِّ لَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ ثَابِتًا بِهِ صِيغَةً أَوْ ضَرُورَةً وَالضَّمِيرُ فِي " لَهُ " وَ " حُكْمُهُ " لِلنَّصِّ وَفِي بِوُجُودِهِ لِمَا وَالْبَاءُ لِلسَّبَبِيَّةِ وَفِي فِيهِ لِلْفَرْعِ أَيْ جَعَلَ الْفَرْعَ مُمَاثِلًا لِلْمَنْصُوصِ فِي حُكْمِهِ مِنْ الْجَوَازِ وَغَيْرِهِ بِسَبَبِ وُجُودِ ذَلِكَ الْمَعْنِيِّ فِي الْفَرْعِ.
وَقِيلَ هَذَا احْتِرَازٌ عَنْ الْعِلَّةِ الْقَاصِرَةِ (وَالْمُرَادُ) بِثُبُوتِ الْعِلَّةِ فِي الْمَحَلَّيْنِ (ثُبُوتُهَا) فِيهِمَا (وَهُوَ) أَيْ ثُبُوتُهَا فِيهِمَا (الْمُسَاوَاةُ الْجُزْئِيَّةُ) بَيْنَهُمَا فِيهَا (لَا) الْمُسَاوَاةُ (الْكُلِّيَّةُ لِأَنَّهَا) أَيْ الْمُسَاوَاةُ الْكُلِّيَّةُ (مَفْهُومُ الْقِيَاسِ الْكُلِّيِّ الْمَحْدُودِ) أَيْ مِنْ حَيْثُ هُوَ (وَالرُّكْنُ جُزْؤُهُ) أَيْ الْقِيَاسِ (فِي الْوُجُودِ وَقَدْ يُخَالُ) أَيْ يُظَنُّ أَنَّ قَوْلَ فَخْرِ الْإِسْلَامِ هُوَ الْوَجْهُ (لِظُهُورِ أَنَّ الطَّرَفَيْنِ شَرْطُ النِّسْبَةِ كَالْأَصْلِ وَالْفَرْعِ هُنَا لَا أَرْكَانُهَا) أَيْ النِّسْبَةِ (فَهُمَا) أَيْ الطَّرَفَانِ (خَارِجَانِ عَنْ ذَاتِ النِّسْبَةِ الْمُتَحَقِّقَةِ خَارِجًا وَالرُّكْنِيَّةُ) إنَّمَا تَثْبُتُ لِمَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ الشَّيْءُ (بِهَذَا الِاعْتِبَارِ) أَيْ كَوْنِ ذَلِكَ الْمُتَوَقِّفِ جُزْءَ الْمُتَوَقِّفِ فِي الْوُجُودِ وَهُوَ مُنْتَفٍ فِيمَا عَدَا الْوَصْفَ الْجَامِعَ (ثُمَّ اسْتَمَرَّ تَمْثِيلُهُمْ) أَيْ الْأُصُولِيِّينَ (مَحَلُّ الْحُكْمِ) يَعْنِي (الْأَصْلَ بِنَحْوِ الْبُرِّ وَالْخَمْرِ) فِي قِيَاسِ الذُّرَةِ وَالنَّبِيذِ عَلَيْهِمَا فِي حُكْمِهِمَا (تَسَاهُلًا تُعُورِفَ وَإِلَّا فَلَيْسَ فِي التَّحْقِيقِ) مَحَلُّ الْحُكْمِ الْأَصْلُ (إلَّا فِعْلُ الْمُكَلَّفِ) كَمَا يُذْكَرُ (لَا الْأَعْيَانُ) الْمَذْكُورَةُ (فَفِي نَحْوِ النَّبِيذِ الْخَاصِّ) أَيْ الْمُسْكِرِ (مُحَرَّمٌ كَالْخَمْرِ الْأَصْلُ شُرْبُ الْخَمْرِ وَالْفَرْعُ شُرْبُ النَّبِيذِ وَالْحُكْمُ الْحُرْمَةُ) وَفِي الذُّرَةِ بِذُرَةٍ أَكْثَرَ مِنْهَا حَرَامٌ كَالْبُرِّ الْأَصْلُ بَيْعُ الْبُرِّ بِبُرٍّ أَكْثَرَ مِنْهُ وَالْفَرْعُ بَيْعُ الذُّرَةِ بِذُرَةٍ أَكْثَرَ مِنْهَا وَالْحُكْمُ الْحُرْمَةُ (وَحُكْمُهُ) أَيْ الْقِيَاسِ (وَهُوَ الْأَثَرُ الثَّابِتُ بِهِ) أَيْ بِالْقِيَاسِ (ظَنُّ حُكْمِ الْأَصْلِ فِي الْفَرْعِ أَيْضًا) لَا مِثْلُهُ كَمَا سَلَفَ تَحْقِيقُهُ مِنْ حُكْمِ الْفَرْعِ هُوَ حُكْمُ الْأَصْلِ وَإِنَّمَا حَصَلَ مِنْ الْعِلْمَيْنِ ظَنٌّ لِجَوَازِ كَوْنِ خُصُوصِ الْأَصْلِ شَرْطًا وَالْفَرْعِ مَانِعًا (وَهُوَ) أَيْ ظَنُّ حُكْمِ الْأَصْلِ فِي الْفَرْعِ (مَعْنَى التَّعْدِيَةِ وَالْإِثْبَاتِ وَالْحَمْلِ) الْمَذْكُورِ فِي تَعَارِيفِ الْقِيَاسِ (فَتَسْمِيَتُهُ) أَيْ ظَنُّ حُكْمِ الْأَصْلِ فِي الْفَرْعِ (تَعْدِيَةً اصْطِلَاحٌ فَلَا يُبَالَى بِإِشْعَارِهِ) أَيْ لَفْظِ التَّعْدِيَةِ (لُغَةً بِانْتِفَائِهِ) أَيْ الْحُكْمُ (مِنْ الْأَصْلِ) كَمَا أَوْرَدَهُ صَدْرُ الشَّرِيعَةِ عَلَى مَنْ ذَكَرَ التَّعْدِيَةَ.
وَهَذَا مَا وَعَدَ بِهِ الْمُصَنِّفُ فِي تَعْرِيفِ الْقِيَاسِ لِصَدْرِ الشَّرِيعَةِ بِقَوْلِهِ وَأَوْرَدَ مَا سَيُذْكَرُ (وَمَا قِيلَ) أَيْ وَمَا أَجَابَ بِهِ صَدْرُ الشَّرِيعَةِ عَنْ هَذَا الْإِيرَادِ مِنْ قَوْلِهِ (بَلْ يُشْعِرُ) لَفْظُ التَّعْدِيَةِ (بِبَقَائِهِ) أَيْ الْحُكْمِ (فِيهِ) أَيْ فِي الْأَصْلِ (كَقَوْلِنَا لِلْفِعْلِ مُتَعَدٍّ إلَى الْمَفْعُولِ مَعَ أَنَّهُ) أَيْ الْفِعْلَ (ثَابِتٌ فِي الْفَاعِلِ) أَيْضًا (إثْبَاتَ اللُّغَةِ بِالِاصْطِلَاحِ) وَهَذَا خَبَرُ مَا قِيلَ وَهُوَ غَيْرُ جَائِزٍ (مَعَ أَنَّهُ) أَيْ بَقَاءُ الْمُتَعَدِّي فِي الْمُتَعَدِّي مِنْهُ (مِمَّا لَا يُشْعِرُ بِهِ) لَفْظُ التَّعْدِيَةِ (بَلْ) إنَّمَا يُشْعِرُ (بِانْتِقَالِهِ) أَيْ الْمُتَعَدَّى مِنْهُ (إذْ تَعَدِّي الشَّيْءِ إلَى آخَرَ انْتِقَالُهُ)