المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[لا يشترط لحجيته أي الإجماع انتفاء سبق خلاف مستقر] - التقرير والتحبير على كتاب التحرير - جـ ٣

[ابن أمير حاج]

فهرس الكتاب

- ‌[فَصْلٌ فِي التَّعَارُضِ]

- ‌[مَسْأَلَة جَرْيِ التَّعَارُضِ بَيْنَ قَوْلَيْنِ وَنَفْيِهِ]

- ‌[مَسْأَلَة لَا تَرْجِيحَ بِكَثْرَةِ الْأَدِلَّةِ وَالرُّوَاةِ]

- ‌[فَصْلٌ يَلْحَقُ السَّمْعِيَّيْنِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ]

- ‌[مَسْأَلَة وَيَكُونُ الْبَيَانُ بِالْفِعْلِ كَالْقَوْلِ]

- ‌[مَسْأَلَة جَوَازِهِ أَيْ النَّسْخِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ جَوَازِ النَّسْخِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ نَسْخُ حُكْمِ فِعْلٍ لَا يَقْبَلُ حُسْنُهُ وَقُبْحُهُ السُّقُوطَ]

- ‌[مَسْأَلَةُ لَا يَجْرِي النَّسْخُ فِي الْأَخْبَارِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ لَا يُنْسَخُ الْحُكْمُ بِلَا بَدَلٍ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ نَسْخُ التَّكْلِيفِ بِتَكْلِيفٍ أَخَفَّ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ يَجُوزُ نَسْخُ الْقُرْآنِ بِهِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ يَجُوزُ نَسْخُ السُّنَّةِ بِالْقُرْآنِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ نَسْخُ جَمِيعِ الْقُرْآنِ مَمْنُوعٌ بِالْإِجْمَاعِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ لَا يُنْسَخُ الْإِجْمَاعُ وَلَا يُنْسَخُ بِهِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ إذَا رُجِّحَ قِيَاسٌ مُتَأَخِّرٌ لِتَأَخُّرِ شَرْعِيَّةِ حُكْمِ أَصْلِهِ عَنْ نَصٍّ عَلَى نَقِيضِ حُكْمِهِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ نَسْخُ أَحَدِ الْأَمْرَيْنِ مِنْ فَحَوَى مَنْطُوقٍ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ لَا يَثْبُتُ حُكْمُ النَّاسِخِ فِي حَقِّ الْأُمَّةِ بَعْدَ تَبْلِيغِهِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ إذَا زَادَ فِي مَشْرُوعٍ جُزْءًا أَوْ شَرْطًا لَهُ مُتَأَخِّرًا]

- ‌[مَسْأَلَةٌ يُعْرَفُ النَّاسِخُ بِنَصِّهِ عليه السلام عَلَيْهِ وَضَبْطِ تَأَخُّرِهِ]

- ‌[الْبَابُ الرَّابِعُ فِي الْإِجْمَاعِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ انْقِرَاضُ الْمُجْمِعِينَ لَيْسَ شَرْطًا لِانْعِقَادِهِ وَلَا لِحُجَّتِهِ]

- ‌[لَا يَشْتَرِطُ لِحُجِّيَّتِهِ أَيْ الْإِجْمَاعِ انْتِفَاءَ سَبْقِ خِلَافٍ مُسْتَقِرٍّ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ لَا يُشْتَرَطُ فِي حُجِّيَّتِهِ أَيْ الْإِجْمَاعِ عَدَدُ التَّوَاتُرِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي حُجِّيَّتِهِ أَيْ الْإِجْمَاعِ مَعَ كَوْنِ الْمُجْمِعِينَ أَكْثَرَ مُجْتَهِدِي ذَلِكَ الْعَصْرِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي حُجِّيَّةِ الْإِجْمَاعِ عَدَالَةُ الْمُجْتَهِدِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي حُجِّيَّةِ الْإِجْمَاعِ الْقَطْعِيَّةِ كَوْنُهُمْ أَيْ الْمُجْمِعِينَ الصَّحَابَةَ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ وَلَا يَنْعَقِدُ الْإِجْمَاعُ بِأَهْلِ الْبَيْتِ النَّبَوِيِّ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ وَلَا يَنْعَقِدُ بِالْأَرْبَعَةِ الْخُلَفَاءِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ وَلَا يَنْعَقِدُ الْإِجْمَاعُ بِالشَّيْخَيْنِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ وَلَا يَنْعَقِدُ الْإِجْمَاع بِأَهْلِ الْمَدِينَةِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ أَفْتَى بَعْضُ الْمُجْتَهِدِينَ بِشَيْءٍ مِنْ الْأُمُورِ الِاجْتِهَادِيَّةِ أَوْ قَضَى بِهِ وَاشْتَهَرَ بَيْنَ الْمُجْتَهِدِينَ مِنْ أَهْلِ عَصْرِهِ وَسَكَتُوا بَعْدَ عِلْمِهِمْ بِذَلِكَ]

- ‌[تَنْبِيهٌ لَوْ قَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْإِجْمَاعِ هَذَا مُبَاحٌ وَأَقْدَمَ الْبَاقِي عَلَى فِعْلِهِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ إذَا أُجْمِعَ عَلَى قَوْلَيْنِ فِي مَسْأَلَةٍ فِي عَصْرٍ مِنْ الْأَعْصَارِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْجُمْهُورُ إذَا أَجْمَعُوا أَيْ أَهْلُ عَصْرٍ عَلَى دَلِيلٍ لِحُكْمٍ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ لَا إجْمَاعَ إلَّا عَنْ مُسْتَنَدٍ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ لَا يَجُوزُ أَنْ لَا يَعْلَمُوا أَيْ مُجْتَهِدُو عَصْرٍ دَلِيلًا سَالِمًا عَنْ الْمُعَارِضِ الْمُكَافِئِ لَهُ عَمِلُوا بِخِلَافِهِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْمُخْتَارُ امْتِنَاعُ ارْتِدَادِ أُمَّةِ عَصْرٍ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ ظُنَّ أَنَّ قَوْلَ الشَّافِعِيِّ دِيَةُ الْيَهُودِيِّ الثُّلُثُ مِنْ دِيَةِ الْمُسْلِمِينَ يَتَمَسَّكُ فِيهِ بِالْإِجْمَاعِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ إنْكَارُ حُكْمِ الْإِجْمَاعِ الْقَطْعِيِّ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْإِجْمَاعِ يُحْتَجُّ بِهِ فِيمَا لَا يَتَوَقَّفُ حُجِّيَّتُهُ عَلَيْهِ مِنْ الْأُمُورِ الدِّينِيَّةِ]

- ‌[الْبَابُ الْخَامِسُ فِي الْقِيَاسِ]

- ‌[أَرْكَانُ قِيَاسِ الْعِلَّةِ]

- ‌[فِي الشُّرُوطِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْعِلَّةِ]

- ‌[الْكَلَامُ فِي تَقْسِيمِ الْعِلَّةِ وَشُرُوطِهَا وَطُرُقِ مَعْرِفَتِهَا]

- ‌[الْمَرْصَدُ الْأَوَّلُ فِي تَقْسِيمِ الْعِلَّةُ]

- ‌[تَتِمَّةٌ تَقْسِيمَ لَفْظُ الْعِلَّةِ بِالِاشْتِرَاكِ اللَّفْظِيِّ أَوْ الْمَجَازِ]

- ‌[الْمَرْصَدُ الثَّانِي فِي شُرُوطِ الْعِلَّةِ]

- ‌[تَنْبِيهٌ قَسَّمَ الْمُصَحِّحُونَ لِتَخْصِيصِ الْعِلَّةِ مَعَ الْمَانِعِ إلَى خَمْسَةٍ]

- ‌[لَا يُشْتَرَطُ فِي تَعْلِيلِ انْتِفَاءِ حُكْمٍ بِوُجُودِ مَانِعٍ]

- ‌[فَصْلٌ تَقْسِيم الْقِيَاسَ بِاعْتِبَارِ التَّفَاوُتِ فِي الْقُوَّةِ إلَى جَلِيٍّ وَخَفِيَ]

- ‌[مَسْأَلَةُ حُكْمِ الْقِيَاسِ الثُّبُوتُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ قَالَ الْحَنَفِيَّةُ لَا تَثْبُتُ بِهِ أَيْ بِالْقِيَاسِ الْحُدُودُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ تَكْلِيفُ الْمُجْتَهِدِ بِطَلَبِ الْمَنَاطِ]

- ‌[مَسْأَلَةُ النَّصِّ مِنْ الشَّارِعِ عَلَى الْعِلَّةِ لِلْحُكْمِ يَكْفِي فِي إيجَابِ تَعَدِّيَةِ الْحُكْمِ بِهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ الِاعْتِرَاضَاتِ الْوَارِدَةِ عَلَى الْقِيَاسِ]

- ‌[خَاتِمَةٌ لِلْكَلَامِ فِي هَذِهِ الْمَقَالَةِ الثَّانِيَةِ]

- ‌[الْمَقَالَةُ الثَّالِثَةُ فِي الِاجْتِهَادِ وَمَا يَتْبَعُهُ مِنْ التَّقْلِيدِ وَالْإِفْتَاءِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ أَنَّهُ عليه السلام مَأْمُورٌ فِي حَادِثَةٍ لَا وَحْيَ فِيهَا بِانْتِظَارِ الْوَحْيِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ طَائِفَةٌ لَا يَجُوزُ عَقْلًا اجْتِهَادُ غَيْرِ النَّبِيّ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْعَقْلِيَّاتُ مَا لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى سَمْعٍ كَحُدُوثِ الْعَالَمِ]

- ‌[مَسْأَلَةُ الْمَسْأَلَةِ الِاجْتِهَادِيَّةِ أَيْ الَّتِي لَا قَاطِعَ فِيهَا مِنْ نَصٍّ أَوْ إجْمَاعٍ]

- ‌[مَسْأَلَةُ الْمُجْتَهِدِ بَعْدَ اجْتِهَادِهِ فِي وَاقِعَةٍ أَدَّى اجْتِهَادُهُ فِيهَا إلَى حُكْمٍ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ وَاقِعَةٌ اجْتَهَدَ الْمُجْتَهِدُ فِيهَا وَأَدَّى اجْتِهَادُهُ إلَى حُكْمٍ مُعَيَّنٍ لَهَا ثُمَّ تَكَرَّرَتْ الْوَاقِعَةُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ لَا يَصِحُّ فِي مَسْأَلَةٍ لِمُجْتَهِدٍ بَلْ لِعَاقِلٍ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ قَوْلَانِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ لَا يُنْقَضُ حُكْمٌ اجْتِهَادِيٌّ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ تُعْرَفُ بِمَسْأَلَةِ التَّعْرِيضِ فِي أُصُولِ الشَّافِعِيَّةِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ يَجُوزُ خُلُوُّ الزَّمَانِ عَنْ مُجْتَهِدٍ]

- ‌[مَسْأَلَة التَّقْلِيد الْعَمَلُ بِقَوْلِ مَنْ لَيْسَ قَوْلُهُ إحْدَى الْحُجَجِ الْأَرْبَعِ الشَّرْعِيَّةِ]

- ‌[مَسْأَلَة غَيْر الْمُجْتَهِدِ المطلق يَلْزَمهُ التَّقْلِيد وَإِنَّ كَانَ مجتهدا فِي بَعْض مَسَائِل الْفِقْه]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الِاتِّفَاقُ عَلَى حِلِّ اسْتِفْتَاءِ مَنْ عُرِفَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالِاجْتِهَادِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ إفْتَاءُ غَيْرِ الْمُجْتَهِدِ بِمَذْهَبِ مُجْتَهِدٍ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ يَجُوزُ تَقْلِيدُ الْمَفْضُولِ مَعَ وُجُودِ الْأَفْضَلِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ لَا يَرْجِعُ الْمُقَلِّدُ فِيمَا قَلَّدَ الْمُجْتَهِدَ]

- ‌[إجْمَاعُ الْمُحَقِّقِينَ عَلَى مَنْعِ الْعَوَامّ مِنْ تَقْلِيدِ أَعْيَانِ الصَّحَابَةِ]

- ‌[خَاتِمَة]

الفصل: ‌[لا يشترط لحجيته أي الإجماع انتفاء سبق خلاف مستقر]

عَنْ اجْتِهَادِهِ الْمُجْمَعِ عَلَيْهِ وَالْحَاصِلُ أَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّ اللَّازِمَ بَاطِلٌ مُطْلَقًا بَلْ عِنْدَ عَدَمِ الْإِجْمَاعِ، وَأَمَّا مَعَهُ فَالْمَنْعُ عَنْ الرُّجُوعِ وَاجِبٌ

(وَلِذَا) أَيْ كَوْنُ الرُّجُوعِ عِنْدَ ظُهُورِ مُوجِبِهِ لَيْسَ مُطْلَقًا بِبَاطِلٍ بَلْ فِيمَا إذَا انْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ عَلَيْهِ (قَالَ عُبَيْدَةُ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ السَّلْمَانِيُّ (لِعَلِيٍّ) رضي الله عنه (حِينَ رَجَعَ) عَنْ عَدَمِ جَوَازِ بَيْعِ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ (قَبْلَهُ) أَيْ انْقِرَاضِ الْمُجْمِعِينَ عَلَيْهِ حَيْثُ قَالَ اجْتَمَعَ رَأْيِي وَرَأْيُ عُمَرَ فِي أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ أَنْ لَا يُبَعْنَ، ثُمَّ رَأَيْت بَعْدُ أَنْ يُبَعْنَ وَمَقُولُ قَوْلِ عُبَيْدَة (رَأْيُك) وَرَأْيُ عُمَرَ (فِي الْجَمَاعَةِ أَحَبُّ) إلَيَّ (مِنْ رَأْيِك وَحْدَك) فِي الْفُرْقَةِ فَضَحِكَ عَلِيٌّ رضي الله عنه رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَلَيْسَ هَذَا مِنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه مُخَالَفَةً لِلْإِجْمَاعِ بَلْ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ (وَغَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّ عَلِيًّا رضي الله عنه يَرَى اشْتِرَاطَهُ) أَيْ انْقِرَاضَ الْعَصْرِ، ثُمَّ لَيْسَ هَذَا الرَّأْيُ مِنْهُ الْمَدْلُولُ عَلَيْهِ بِهَذِهِ الْوَاقِعَةِ مَعَ مُخَالَفَةِ غَيْرِهِ مِنْ الصَّحَابَةِ فِيهِ بِمُتَعَيِّنِ الِاعْتِبَارِ حَتَّى يَنْتَهِضَ حُجَّةً لِلْمُخَالِفِينَ عَلَى أَنَّ الَّذِي فِي رِوَايَةِ الْبَيْهَقِيّ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه أَنَّهُ خَطَبَ عَلَى مِنْبَرِ الْكُوفَةِ فَقَالَ اجْتَمَعَ رَأْيِي وَرَأْيُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرَ أَنْ لَا تُبَاعَ أُمَّهَاتُ الْأَوْلَادِ وَأَنَا الْآنَ أَرَى بَيْعَهُنَّ فَقَالَ لَهُ عُبَيْدَةُ السَّلْمَانِيُّ رَأْيُك مَعَ الْجَمَاعَةِ أَحَبُّ إلَيْنَا مِنْ رَأْيِك وَحْدَك فَأَطْرَقَ رَأْسَهُ، ثُمَّ قَالَ اقْضُوا فِيهِ مَا أَنْتُمْ قَاضُونَ فَأَنَا أَكْرَهُ أَنْ أُخَالِفَ أَصْحَابِي (قَالُوا) أَيْ الْمُشْتَرِطُونَ ثَانِيًا (لَوْ لَمْ تُعْتَبَرْ مُخَالَفَةُ الرَّاجِعِ؛ لِأَنَّ الْأَوْلَى كُلُّ الْأُمَّةِ لَمْ تُعْتَبَرْ مُخَالَفَةُ مَنْ مَاتَ؛ لِأَنَّ الْبَاقِيَ كُلُّ الْأُمَّةِ) وَاللَّازِمُ بَاطِلٌ

(أُجِيبَ عَدَمُ اعْتِبَارِ) مُخَالَفَةِ (الْمَيِّتِ مُخْتَلَفٌ) فِيهِ فَعَلَى عَدَمِ الِاعْتِبَارِ لَهُ نَمْنَعُ بُطْلَانَ اللَّازِمِ وَيَلْزَمُ أَنْ لَا قَوْلَ لِلْمَيِّتِ (وَعَلَى الِاعْتِبَارِ) لَهُ نَمْنَعُ الْمُلَازَمَةَ، وَحِينَئِذٍ (الْفَرْقُ) بَيْنَهُمَا (تَحَقُّقُ الْإِجْمَاعِ) أَوَّلًا بِمُوَافَقَتِهِ (قَبْلَ الرُّجُوعِ فَامْتَنَعَ) اعْتِبَارُ مُخَالَفَتِهِ ثَانِيًا (وَلَمْ يَتَحَقَّقْ) الْإِجْمَاعُ (قَبْلَ الْمَوْتِ) أَيْ مَوْتِ الْمُخَالِفِ، ثُمَّ الْقَوْلُ لَمْ يَمُتْ بِقَوْلِ قَائِلَهُ؛ لِأَنَّ اعْتِبَارَ قَوْلِ قَائِلَةٍ لِدَلِيلِهِ لَا لِذَاتِ الْقَائِلِ؛ لِأَنَّ قَوْلَ غَيْرِ صَاحِبِ الشَّرْعِ لَا يُعْتَبَرُ إلَّا بِالدَّلِيلِ وَدَلِيلُ الْمَيِّتِ بَاقٍ بَعْدَ مَوْتِهِ فَكَانَ كَبَقَائِهِ مُخَالِفًا فَهُوَ قَوْلُ بَعْضِ مَنْ وُجِدَ مِنْ الْأُمَّةِ وَهُوَ مُتَحَقِّقٌ عِنْدَ الْإِجْمَاعِ فَلَا يَنْعَقِدُ مَعَ مُخَالَفَتِهِ.

هَذَا وَكَوْنُ فَائِدَةِ الِاشْتِرَاطِ جَوَازَ رُجُوعِ الْجَمِيعِ وَالْبَعْضِ لَا دُخُولَ مَنْ سَيَحْدُثُ قَبْلَ انْقِرَاضِهِمْ تَحَكُّمٌ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ الْفَرْضُ أَنَّهُ لَا يَكُونُ إجْمَاعًا حَتَّى يَنْقَرِضَ الْعَصْرُ وَقَدْ وُجِدَ مُجْتَهِدٌ قَبْلَ انْقِرَاضِهِمْ فَلِمَ لَا يَدْخُلُ وَيُعْتَبَرُ حَتَّى لَا يَتِمَّ انْعِقَادُ الْإِجْمَاعِ مَعَ مُخَالَفَتِهِ كَمَا أَنَّهُ يُعْتَبَرُ رُجُوعُ بَعْضِهِمْ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُنْسَبَ إلَيْهِ مُخَالَفَةُ الْإِجْمَاعِ أَفَادَنِي مَعْنَى هَذَا الْمُصَنِّفُ رحمه الله، ثُمَّ لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ وَإِذَا كَانَ اللَّاحِقُ صَارَ كَالسَّابِقِ فِي اعْتِبَارِ قَوْلِهِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُشْتَرَطَ انْقِرَاضُ عَصْرِهِ كَمَا فِي السَّابِقِ وَكَوْنُ اعْتِبَارِ انْقِرَاضِ عَصْرِهِ أَيْضًا يُؤَدِّي إلَى عَدَمِ اسْتِقْرَارِ الْإِجْمَاعِ لَا يُوجِبُ عَدَمَ اعْتِبَارِهِ بَلْ عَدَمَ اعْتِبَارِ هَذَا الْقَوْلِ الْمُؤَدَّى إلَيْهِ فَلْيُتَأَمَّلْ.

[لَا يَشْتَرِطُ لِحُجِّيَّتِهِ أَيْ الْإِجْمَاعِ انْتِفَاءَ سَبْقِ خِلَافٍ مُسْتَقِرٍّ]

(مَسْأَلَةٌ أَكْثَرُ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمُحَقِّقُونَ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ) كَالْحَارِثِ الْمُحَاسِبِيِّ وَالْإِصْطَخْرِيِّ وَالْقَفَّالِ الْكَبِيرِ وَالْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ وَابْنِ الصَّبَّاغِ وَالْإِمَامِ الرَّازِيِّ وَأَتْبَاعِهِ (وَغَيْرِهِمْ) كَالْجُبَّائِيِّ وَابْنِهِ (لَا يَشْتَرِطُ لِحُجِّيَّتِهِ) أَيْ الْإِجْمَاعِ (انْتِفَاءَ سَبْقِ خِلَافٍ مُسْتَقِرٍّ) لِغَيْرِ الْمُجْمِعِينَ بِأَنْ اخْتَلَفَ أَهْلُ عَصْرٍ فِي مَسْأَلَةٍ وَاعْتَقَدَ كُلٌّ حَقِّيَّةَ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ خِلَافُهُمْ عَلَى طَرِيقِ الْبَحْثِ عَنْ الْمَأْخَذِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَعْتَقِدَ أَحَدٌ فِي الْمَسْأَلَةِ حَقِّيَّةَ شَيْءٍ مِنْ الْأَقْوَالِ فِيهَا وَلَمْ يَكُنْ فِي مُهْلَةِ النَّظَرِ حَتَّى تَبْقَى الْمَسْأَلَةُ اجْتِهَادِيَّةً كَمَا كَانَتْ (وَخُرِّجَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ اشْتِرَاطُهُ) أَيْ انْتِفَاءِ سَبْقِ خِلَافٍ مُسْتَقِرٍّ لِغَيْرِهِمْ كَمَا هُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ عَلَى مَا قَالَهُ الْغَزَالِيُّ فِي الْمَنْخُولِ وَابْنُ بَرْهَانٍ وَذَكَرَ أَبُو إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيُّ أَنَّهُ قَوْلُ عَامَّةِ الشَّافِعِيَّةِ وَفِي الْمَحْصُولِ أَنَّهُ قَوْلُ كَثِيرٍ مِنْ الْمُتَكَلِّمِينَ وَفُقَهَاءِ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَفِيَّةِ وَنَقَلَهُ سِرَاجٌ الْهِنْدِيُّ عَنْ أَحْمَدَ وَالْأَشْعَرِيِّ وَالصَّيْرَفِيِّ وَإِمَامِ الْحَرَمَيْنِ وَالْغَزَالِيِّ وَاخْتَارَهُ الْآمِدِيُّ (وَنَفْيُهُ) أَيْ نَفْيُ اشْتِرَاطِ سَبْقِ خِلَافٍ مُسْتَقِرٍّ لِغَيْرِهِمْ

(عَنْ مُحَمَّدٍ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ كُلٌّ) مِنْ اشْتِرَاطِهِ وَنَفْيِ اشْتِرَاطِهِ (مِنْ الْقَضَاءِ بِبَيْعِ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ الْمُخْتَلَفِ) فِيهِ جَوَازٌ

ص: 88

وَعَدَمُ جَوَازٍ (لِلصَّحَابَةِ) كَمَا يُفِيدُهُ مَا أَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ وَالطَّبَرَانِيُّ «عَنْ سَلَّامَةَ بِنْتِ مَعْقِلٍ قَالَتْ كُنْت لِلْحُبَابِ بْنِ عَمْرٍو فَمَاتَ وَلِي مِنْهُ وَلَدٌ فَقَالَتْ لِي امْرَأَتُهُ الْآنَ تُبَاعِينَ فِي دَيْنِهِ فَأَتَيْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرْت ذَلِكَ فَقَالَ مَنْ صَاحِبُ تَرِكَةِ الْحُبَابِ بْنِ عَمْرٍو فَقَالَتْ أَخُوهُ أَبُو الْيُسْرِ كَعْبُ بْنُ عَمْرٍو فَدَعَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ لَا تَبِيعُوهَا وَأَعْتِقُوهَا فَإِذَا سَمِعْتُمْ بِرَقِيقٍ جَاءَنِي فَأَتَوْنِي أُعَوِّضُكُمْ مِنْهَا فَفَعَلُوا فَاخْتَلَفُوا فِيمَا بَيْنَهُمْ بَعْدَ وَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ بَعْضُهُمْ أُمُّ الْوَلَدِ مَمْلُوكَةٌ وَلَوْلَا ذَلِكَ لَمْ يُعَوِّضْهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَقَالَ بَعْضُهُمْ بَلْ هِيَ حُرَّةٌ قَدْ أَعْتَقَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم» زَادَ إِسْحَاقُ بْنُ إبْرَاهِيمَ الرَّازِيّ فِي رِوَايَتِهِ فَفِي ذَا كَانَ الِاخْتِلَافُ، (الْمُجْمَعِ لِلتَّابِعِينَ عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْهِمْ) أَيْ الصَّحَابَةِ (مِنْ الْمَنْعِ) وَالْأَحْسَنُ إسْقَاطُ مِنْ عَلَى إبْدَالِ الْمَنْعِ مِنْ أَحَدِ قَوْلَيْهِمْ (لَا يَنْفُذُ) بَيْعُهُنَّ (عِنْدَ مُحَمَّدٍ) ؛ لِأَنَّهُ قَضَاءٌ بِخِلَافِ الْإِجْمَاعِ؛ لِأَنَّ جَوَازَ الْبَيْعِ لَمْ يَبْقَ اجْتِهَادِيًّا بِالْإِجْمَاعِ فِي الْعَصْرِ الثَّانِي وَقَضَاءُ الْقَاضِي عَلَى خِلَافِ الْإِجْمَاعِ لَا يَصِحُّ فَيُنْتَقَضُ قَضَاؤُهُ (وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ يَنْفُذُ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُخَالِفْ الْإِجْمَاعَ عَلَى عَدَمِ جَوَازِ بَيْعِهِنَّ؛ لِأَنَّ الْخِلَافَ السَّابِقَ مَنْعُ انْعِقَادِ الْإِجْمَاعِ الْمُتَأَخِّرِ فَلَا يُنْقَضُ (وَلِأَبِي يُوسُفَ مِثْلُهُمَا) فَقَدْ ذَكَرَهُ السَّرَخْسِيُّ مَعَ أَبِي حَنِيفَةَ وَصَاحِبِ الْمِيزَانِ مَعَ مُحَمَّدٍ وَفِي التَّحْقِيقِ وَغَيْرِهِ وَهُوَ الْأَصَحُّ وَفِي كَشْفِ الْبَزْدَوِيِّ وَقَدْ حُكِيَ عَنْهُ نَصًّا أَنَّ الْإِجْمَاعَ بَعْدَ الِاخْتِلَافِ يَنْعَقِدُ وَيَرْتَفِعُ الْخِلَافُ كَذَا رَأَيْت فِي بَعْضِ نُسَخِ أُصُولِ الْفِقْهِ

(وَالْأَظْهَرُ) مِنْ الرِّوَايَاتِ كَمَا فِي الْفُصُولِ الأسروشنية وَغَيْرِهَا (لَا يَنْفُذُ عِنْدَهُمْ) فَقَدْ ذَكَرَ فِي التَّقْوِيمِ أَنَّ مُحَمَّدًا رَوَى عَنْهُمْ جَمِيعًا أَنَّ الْقَضَاءَ بِبَيْعِ أُمِّ الْوَلَدِ لَا يَجُوزُ (وَفِي الْجَامِعِ يَتَوَقَّفُ عَلَى إمْضَاءِ قَاضٍ آخَرَ) إنْ أَمْضَاهُ نَفَذَ وَإِلَّا بَطَلَ وَكَلَامُ السَّرَخْسِيِّ يُفِيدُ أَنَّ الْمَخْرَجَ مِنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَنْ مُحَمَّدٍ عَدَمُ اشْتِرَاطِ انْتِفَاءِ سَبْقِ خِلَافٍ مُسْتَقِرٍّ وَعَنْهُمَا اشْتَرَطَهُ شَيْخُهُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ، ثُمَّ هَذَا يُفِيدُ أَنَّ إجْمَاعَ الصَّحَابَةِ لَمْ يَنْعَقِدْ آخِرًا عَلَى عَدَمِ جَوَازِ بَيْعِهِنَّ وَإِلَّا فَلَيْسَ إجْمَاعُ التَّابِعِينَ عَلَى ذَلِكَ كَمَا حَكَاهُ كَثِيرٌ مِثَالًا لِعَدَمِ اشْتِرَاطِ انْتِفَاءِ سَبْقِ خِلَافٍ مُسْتَقِرٍّ لِأَهْلِ عَصْرٍ سَابِقٍ وَالْأَشْبَهُ ذَلِكَ مَا قَدْ سَمِعْت عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه وَأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْهُ قَالَ نَاظَرَنِي عُمَرُ فِي أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ فَقُلْت يُبَعْنَ وَقَالَ لَا يُبَعْنَ فَلَمَّا أُفْضِيَ الْأَمْرُ إلَيَّ رَأَيْت أَنْ يُبَعْنَ وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْهُ عَهِدَ فِي وَصِيَّتِهِ فَقَالَ إنِّي تَرَكْت تِسْعَ عَشْرَةَ سُرِّيَّةً فَأَيَّتُهُنَّ كَانَتْ ذَاتَ وَلَدٍ فَلْتُقَوَّمْ فِي حِصَّةِ وَلَدِهَا، ثُمَّ تَعْتِقْ.

وَأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ وَابْنُ الْمُنْذِرِ بِسَنَدٍ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ قَالَ انْطَلَقْت أَنَا وَرَجُلٌ إلَى ابْنِ مَسْعُودٍ فَسَأَلْنَاهُ عَنْ أُمِّ الْوَلَدِ فَقَالَ تَعْتِقُ مِنْ نَصِيبِ وَلَدِهَا وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا عَلَى وِفَاقِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ وَالْآخَرُ فِيهِ جَوَازُ الْبَيْعِ مُطْلَقًا أَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ وَأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ نَافِعٍ قَالَ لَقِيَ ابْنَ عُمَرَ رَجُلَانِ بِطَرِيقِ الْمَدِينَةِ فَقَالَا تَرَكْنَا هَذَا الرَّجُلَ يَعْنِيَانِ ابْنَ الزُّبَيْرِ يَبِيعُ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ. قَالَ لَكِنَّ أَبَا حَفْصٍ عُمَرَ أَتَعْرِفَانِهِ؟ قَالَا نَعَمْ قَالَ قَضَى فِي أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ أَنْ لَا يُبَعْنَ وَلَا يُوهَبْنَ وَلَا يُورَثْنَ يَسْتَمْتِعُ بِهَا صَاحِبُهَا مَا عَاشَ فَإِذَا مَاتَ فَهِيَ حُرَّةٌ وَنَقَلَهُ فِي التَّقْوِيمِ عَنْ جَابِرٍ وَقَالَ آخَرُونَ مِنْ مَشَايِخِنَا كَالْكَرْخِيِّ وَالرَّازِيِّ وَالسَّرَخْسِيِّ لَا يَدُلُّ الْقَوْلُ بِنَفَاذِ الْقَضَاءِ بِبَيْعِهِنَّ عَلَى أَنَّ الِاخْتِلَافَ السَّابِقَ يَمْنَعُ انْعِقَادَ الْإِجْمَاعِ الْمُتَأَخِّرِ قَالَ السَّرَخْسِيُّ وَالْأَوْجُهُ عِنْدِي أَنَّ هَذَا إجْمَاعٌ عِنْدَ أَصْحَابِنَا جَمِيعًا لِلدَّلِيلِ الدَّالِّ عَلَى أَنَّ إجْمَاعَ أَهْلِ كُلِّ عَصْرٍ إجْمَاعٌ مُعْتَبَرٌ وَمَشَى عَلَيْهِ صَاحِبُ الْمَنَارِ وَذَكَرَ الْقَاآنِي أَنَّهُ الصَّحِيحُ عِنْدَ أَصْحَابِنَا وَحِينَئِذٍ (فَالتَّخْرِيجُ لِهَذَا الْقَوْلِ عَلَى عَدَمِهِ) أَيْ عَدَمِ اشْتِرَاطِ انْتِفَاءِ الْخِلَافِ السَّابِقِ لِانْعِقَادِ الْإِجْمَاعِ اللَّاحِقِ (أَنَّ) الْإِجْمَاعَ (الْمَسْبُوقَ) بِخِلَافٍ مُسْتَقِرٍّ (مُخْتَلَفٌ) فِي كَوْنِهِ إجْمَاعًا فَأَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ لَيْسَ بِإِجْمَاعٍ وَالْآخَرُونَ إجْمَاعٌ فِيهِ شُبْهَةٌ

(فَفِيهِ) أَيْ فِي اعْتِبَارِهِ حِينَئِذٍ (شُبْهَةٌ) عِنْدَ مَنْ جَعَلَهُ إجْمَاعًا بِمَنْزِلَةِ خَبَرِ الْوَاحِدِ حَتَّى لَا يُكَفَّرَ جَاحِدُهُ وَلَا يُضَلَّلُ وَإِذَا كَانَ فِي اعْتِبَارِ هَذَا الْإِجْمَاعِ شُبْهَةٌ (فَكَذَا مُتَعَلِّقُهُ) أَيْ فَكَذَا فِي اعْتِبَارِ مُتَعَلِّقِ هَذَا الْإِجْمَاعِ وَهُوَ الْحُكْمُ الْمُجْمَعُ عَلَيْهِ شُبْهَةً (فَهُوَ) أَيْ الْقَضَاءُ بِذَلِكَ الْحُكْمِ نَافِذٌ

ص: 89

لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمُخَالِفٍ لِلْإِجْمَاعِ الْقَطْعِيِّ بَلْ لِإِجْمَاعٍ مُخْتَلِفٍ فِيهِ فَكَانَ (كَقَضَاءٍ فِي مُجْتَهَدٍ) فِيهِ أَيْ فِي حُكْمٍ مُخْتَلِفٍ فِي اعْتِبَارِهِ فَيَنْفُذُ وَيَصِيرُ لَازِمًا وَمُجْمَعًا عَلَيْهِ وَلَا يَتَوَقَّفُ نَفَاذُهُ عَلَى إمْضَاءِ قَاضٍ آخَرَ فِيهِ بِخِلَافِ قَضَاءِ الْأَوَّلِ كَانَ بَاطِلًا وَلَوْ كَانَ نَفْسُ الْقَضَاءِ مُخْتَلَفًا فِيهِ كَأَنْ اُسْتُقْضِيَتْ امْرَأَةٌ فِي الْحُدُودِ فَقَضَتْ فِيهَا فَرُفِعَ إلَى قَاضٍ آخَرَ فَأَبْطَلَهُ جَازَ؛ لِأَنَّ نَفْسَ الْقَضَاءِ الْأَوَّلِ مُخْتَلِفٌ فِيهِ فَكَذَا هَذَا كَذَا فِي كَشْفِ الْبَزْدَوِيِّ وَغَيْرِهِ، وَلَكِنْ لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ كَوْنُ أَظْهَرِ الرِّوَايَاتِ أَنَّهُ لَا يَنْفُذُ وَمَشَى عَلَيْهِ الْخَصَّافُ حَيْثُ ذَكَرَ أَنَّ لِلْقَاضِي أَنْ يَنْقُضَ الْقَضَاءَ بِبَيْعِ أُمِّ الْوَلَدِ؛ لِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِإِجْمَاعِ التَّابِعِينَ هُوَ الْأَشْبَهُ، ثُمَّ الْأَظْهَرُ أَنَّ الْخِلَافَ فِي الْقَضَاءِ بِبَيْعِ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ فِي نَفْسِ الْقَضَاءِ أَيْضًا كَمَا فِي مُتَعَلَّقِهِ الَّذِي هُوَ جَوَازُ الْبَيْعِ لَا فِي نَفْسِ مُتَعَلَّقِهِ فَقَطْ فَيَتَّجِهُ مَا فِي الْجَامِعِ؛ لِأَنَّ قَضَاءَ الثَّانِي هُوَ الَّذِي يَقَعُ فِي مُجْتَهَدٍ فِيهِ أَعْنِي الْأَوَّلَ فَلَا جَرَمَ أَنَّ فِي الْكَشْفِ وَهَذَا أَوْجَهُ الْأَقَاوِيلِ.

(تَنْبِيهٌ) ، ثُمَّ الَّذِي عَلَيْهِ الْأَئِمَّةُ الْأَرْبَعَةُ عَدَمُ جَوَازِ بَيْعِ أُمِّ الْوَلَدِ وَحَيْثُ كَانَ الْقَاضِي مُقَلِّدًا لِأَحَدِهِمْ كَمَا عَلَيْهِ الْحَالُ الْآنَ فِي سَائِرِ الْأَقْطَارِ بَلْ دَائِمًا يُفَوَّضُ إلَيْهِ الْقَضَاءُ لِيَقْضِيَ عَلَى مَذْهَبِ مُقَلِّدِهِ الَّذِي هُوَ أَحَدُهُمْ نَقْلًا أَوْ تَخْرِيجًا فَلَوْ وَقَعَ قَضَاءُ قَاضٍ مِنْ قُضَاةِ الزَّمَانِ بِبَيْعِ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ لَا يَنْفُذُ، وَإِنْ نَفَّذَهُ ذُو عَدَدٍ كَثِيرٍ مِنْهُمْ عَلَى اخْتِلَافِ مَذَاهِبِ مُقَلِّدَيْهِمْ وَالْوَجْهُ ظَاهِرٌ فَلْيُتَنَبَّهْ لَهُ.

(لَنَا) عَلَى عَدَمِ اشْتِرَاطِ هَذَا الشَّرْطِ (الْأَدِلَّةُ) الْمُتَقَدِّمَةُ عَلَى حُجِّيَّةِ الْإِجْمَاعِ لَهُ (لَا نَفْصِلُ) بَيْنَ مَا سَبَقَهُ خِلَافٌ أَوْ لَا فَيُعْمَلُ بِمُقْتَضَى إطْلَاقِهَا (قَالُوا) أَيْ الشَّارِطُونَ (لَا يَنْتَفِي الْقَوْلُ بِمَوْتِ قَائِلِهِ حَتَّى جَازَ تَقْلِيدُهُ) أَيْ قَائِلِهِ (وَالْعَمَلُ بِهِ) أَيْ بِقَوْلِهِ وَلِهَذَا يُدَوَّنُ وَيُحَفَّظُ (فَكَانَ) قَوْلُهُ (مُعْتَبَرًا حَالَ اتِّفَاقِ اللَّاحِقِينَ فَلَمْ يَكُونُوا) أَيْ اللَّاحِقُونَ (كُلَّ الْأُمَّةِ) فَلَا إجْمَاعَ (قُلْنَا جَوَازُ ذَلِكَ) أَيْ تَقْلِيدِ الْمَيِّتِ وَالْعَمَلِ بِقَوْلِهِ (مُطْلَقًا مَمْنُوعٌ بَلْ) جَوَازُهُ (مَا لَمْ يُجْمَعُ عَلَى) الْقَوْلِ (الْآخَرِ) الْمُقَابِلِ لَهُ أَمَّا إذَا أُجْمِعَ عَلَى الْآخَرِ (فَيَنْتَفِي اعْتِبَارُهُ) أَيْ ذَلِكَ الْقَوْلِ السَّابِقِ (لَا وُجُودُهُ كَمَا بِالنَّاسِخِ) فَإِنَّ النَّاسِخَ يَنْفِي اعْتِبَارَ الْمَنْسُوخِ لَا وُجُودَهُ فَلَا يَسُوغُ وَالْحَالَةُ هَذِهِ تَقْلِيدُهُ وَالْعَمَلُ بِقَوْلِهِ بَلْ هَذَا مِنْ قَبِيلِ النَّسْخِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فَخْرُ الْإِسْلَامِ حَيْثُ قَالَ وَلَكِنَّهُ نُسِخَ بِالْإِجْمَاعِ فَكَانَ سَاقِطًا كَقِيَاسٍ نَزَلَ بَعْدَهُ نَصٌّ بِخِلَافِهِ يَكُونُ مَنْسُوخًا سَاقِطًا انْتَهَى.

وَقَالَ صَاحِبُ كَشْفِهِ أَيْ لَمْ يَبْقَ مُعْتَبَرًا مَعْمُولًا بِهِ بَعْدَ مَا انْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ عَلَى خِلَافِهِ كَنَصٍّ نَزَلَ بِخِلَافِ الْقِيَاسِ يُخْرِجُ الْقِيَاسَ عَنْ أَنْ يَكُونَ مَعْمُولًا بِهِ، وَعَلَى هَذَا فَقَدْ كَانَ الْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ كَمَا هُوَ شَأْنُ النَّاسِخِ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ النَّوَاسِخِ نَعَمْ قَالَ صَاحِبُ الْمِيزَانِ هَذَا ضَعِيفٌ؛ لِأَنَّ بِوَفَاةِ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم خَرَجَتْ الْأَحْكَامُ عَنْ احْتِمَالِ النَّسْخِ لِانْقِطَاعِ الْوَحْيِ الَّذِي تَوَقَّفَ النَّسْخُ عَلَيْهِ بِوَفَاتِهِ بَلْ الْجَوَابُ الصَّحِيحُ أَنَّ بِإِجْمَاعِ التَّابِعِينَ تَبَيَّنَ أَنَّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ دَلِيلًا بَلْ كَانَ شُبْهَةً؛ لِأَنَّ الدَّلِيلَ لَا يَظْهَرُ خَطَؤُهُ أَيْضًا بَلْ يَتَقَرَّرُ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ فَأَمَّا الشُّبْهَةُ فَتَزُولُ وَقَدْ قَامَ الدَّلِيلُ عَلَى الْبُطْلَانِ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ شُبْهَةٌ لَكِنْ قَالَ فِي الْكَشْفِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ عَنْهُ بِأَنَّ بِوَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمْ تَبْقَ مَشْرُوعِيَّةُ النَّسْخِ بِالْوَحْيِ وَبَقِيَتْ الْأَحْكَامُ الثَّابِتَةُ فِي زَمَانِهِ عَلَى مَا كَانَتْ فَأَمَّا الْأَحْكَامُ الثَّابِتَةُ بِالِاجْتِهَادِ أَوْ بِالْإِجْمَاعِ بَعْدَ الرَّسُولِ فَيَجُوزُ أَنْ تُنْسَخَ وَهُوَ مُخْتَارُ الْمُصَنِّفِ يَعْنِي فَخْرَ الْإِسْلَامِ بِأَنْ يُوَفِّقَ اللَّهُ تَعَالَى بَعْدَ ثُبُوتِ حُكْمٍ بِإِجْمَاعٍ أَوْ بِاجْتِهَادِ أَهْلِ عَصْرٍ آخَرَ أَنْ يَتَّفِقُوا عَلَى خِلَافِهِ بِنَاءً عَلَى اجْتِهَادٍ سَنَحَ لَهُمْ عَلَى خِلَافِ اجْتِهَادِ أَهْلِ الْعَصْرِ الْمُتَقَدِّمِ وَيَكُونُ هَذَا بَيَانًا لِانْتِهَاءِ مُدَّةِ الْحُكْمِ الْأَوَّلِ كَمَا فِي النُّصُوصِ وَلَا يُقَالُ هَذَا غَيْرُ جَائِزٍ؛ لِأَنَّهُ لَا مَدْخَلَ لِلرَّأْيِ فِي مَعْرِفَةِ انْتِهَاءِ مُدَّةِ الْحُكْمِ؛ لِأَنَّا لَا نَدَّعِي أَنَّهُمْ يَعْرِفُونَ انْتِهَاءَ مُدَّةِ الْحُكْمِ بِآرَائِهِمْ بَلْ نَقُولُ لَمَّا انْتَهَى ذَلِكَ الْحُكْمُ بِانْتِهَاءِ الْمَصْلَحَةِ وَفَّقَهُمْ اللَّهُ لِلِاتِّفَاقِ عَلَى خِلَافِ الْفَرِيقِ الْأَوَّلِ فَيَتَبَيَّنُ بِهِ أَنَّ الْحُكْمَ قَدْ تَبَدَّلَ بِتَبَدُّلِ الْمَصْلَحَةِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَعْرِفُوا عِنْدَ الِاتِّفَاقِ تَبَدُّلَ الْمَصْلَحَةِ وَمُدَّةَ الْحُكْمِ انْتَهَى.

وَقَدْ ذَكَرَهُ فِي التَّلْوِيحِ مُلَخَّصًا وَسَكَتَ عَلَيْهِ وَيَظْهَرُ أَنَّهُ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ مَا تَقَدَّمَ فِي مَسْأَلَةِ النَّسْخِ بِالْإِجْمَاعِ فَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ هُوَ أَوْلَى مِمَّا ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمِيزَانِ؛ لِأَنَّ مَا ذَكَرَهُ يُؤَدِّي إلَى تَضْلِيلِ الْفِرْقَةِ مِنْ الصَّحَابَةِ الَّذِينَ وَقَعَ الْإِجْمَاعُ عَلَى خِلَافِ قَوْلِهِمْ فِي الدَّلِيلِ بِمَعْنَى أَنَّهُمْ لَمْ يُقِيمُوهُ مَقْرُونًا

ص: 90

بِشَرَائِطِهِ وَهُوَ بَعِيدٌ مِنْهُمْ وُقُوعًا وَمِنْ مُنَاظَرَتِهِمْ تَقْرِيرًا بِخِلَافِ هَذَا التَّوْجِيهِ فَإِنَّهُ لَيْسَ فِيهِ نِسْبَتُهُمْ إلَى تَضْلِيلٍ لَا فِي الْحُكْمِ وَلَا فِي الدَّلِيلِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ (وَبِهِ) أَيْ بِهَذَا الْجَوَابِ (يَبْطُلُ قَوْلُهُمْ) أَيْ الشَّارِطِينَ (يُوجِبُ) عَدَمُ اعْتِبَارِ قَوْلِ الْمَيِّتِ الْمُخَالِفِ (تَضْلِيلَ بَعْضِ الصَّحَابَةِ) فَإِنَّهُ كَثِيرٌ مَا اتَّفَقَ لَهُمْ خِلَافٌ مُسْتَقِرٌّ فِي مَسَائِلَ وَحَيْثُ يَصِحُّ وُجُودُ الْإِجْمَاعِ لِمَنْ بَعْدَهُمْ عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْهِمْ وَلَمْ يُعْتَبَرْ الْقَوْلُ الْآخَرُ مَانِعًا مِنْ انْعِقَادِ الْإِجْمَاعِ عَلَى خِلَافِهِ لَزِمَ أَنْ يَكُونَ صَاحِبُ الْقَوْلِ الْآخَرِ مُخَالِفًا لِلْإِجْمَاعِ وَمُخَالَفَةُ الْإِجْمَاعِ تُوجِبُ التَّضْلِيلَ؛ لِأَنَّهُ يُوجِبُ الْحَقِّيَّةَ فِيمَا اجْتَمَعُوا عَلَيْهِ وَقَدْ قَالَ تَعَالَى {فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلا الضَّلالُ} [يونس: 32] وَبَيَانُ بُطْلَانِ هَذَا اللَّازِمِ ظَاهِرٌ أَمَّا أَوَّلًا فَلِأَنَّ كَوْنَ صَاحِبِ الْقَوْلِ الْآخَرِ مُخَالِفًا لِلْإِجْمَاعِ مَمْنُوعٌ إذْ لَا وُجُودَ لِلْإِجْمَاعِ فِي حَيَاتِهِ وَالْمُخَالَفَةُ فَرْعُ الْوُجُودِ بَلْ غَايَتُهُ أَنَّ رَأْيَهُ كَانَ حُجَّةً قَبْلَ حُدُوثِ الْإِجْمَاعِ فَإِذَا حَدَثَ انْقَطَعَ كَوْنُهُ حُجَّةً مُقْتَصِرًا عَلَى الْحَالِ، وَأَمَّا ثَانِيًا فَلِلْإِجْمَاعِ عَلَى عَدَمِ تَضْلِيلِ الْمُجْتَهِدِ الْمُزَاحِمِ لِمُجْتَهِدِينَ اتَّفَقُوا عَلَى خِلَافِ قَوْلِهِ فَمَا ظَنُّك بِالْمُجْتَهِدِ الْمُتَقَدِّمِ.

نَعَمْ غَايَةُ مَا يَقْتَضِي هَذَا الْإِجْمَاعُ ظُهُورَ خَطَأِ الْمُخَالِفِ لِمَا حَدَثَ الْإِجْمَاعُ عَلَيْهِ وَهُوَ غَيْرُ مُمْتَنِعٍ فَإِنَّ الْمُجْتَهِدَ يُخْطِئُ وَيُصِيبُ، ثُمَّ لَا ضَيْرَ فِيهِ فَإِنَّهُ غَيْرُ مَلُومٍ وَلَا مَأْزُورٍ بَلْ مَعْذُورٌ وَمَأْجُورٌ، وَإِنَّمَا الْمُمْتَنِعُ تَضْلِيلُ كُلِّ الصَّحَابَةِ أَوْ كُلِّ الْأُمَّةِ فِي عَصْرٍ بِالنَّظَرِ إلَى الْحُكْمِ؛ لِأَنَّ إصَابَةَ الْحَقِّ لَا تَعْدُوهُمْ (وَبِإِجْمَاعِ التَّابِعِينَ) الْمَذْكُورِ (بَطَلَ مَا عَنْ الْأَشْعَرِيِّ وَأَحْمَدَ وَالْغَزَالِيِّ وَشَيْخِهِ) إمَامِ الْحَرَمَيْنِ (مِنْ إحَالَةِ الْعَادَةِ إيَّاهُ) أَيْ الْإِجْمَاعَ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ السَّابِقَيْنِ (لِقَضَائِهَا) أَيْ الْعَادَةِ (بِالْإِصْرَارِ عَلَى الْمُعْتَقَدَاتِ وَخُصُوصًا مِنْ الِاتِّبَاعِ) لِأَرْبَابِهَا فَلَا يُمْكِنُ اتِّفَاقُهُمْ وَوَجْهُ بُطْلَانِهِ ظَاهِرٌ فَإِنَّ الْوُقُوعَ دَلِيلُ الْجَوَازِ (عَلَى أَنَّهُ) أَيْ وُجُودُ الْقَوْلَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ (إنَّمَا يَسْتَلْزِمُ ذَلِكَ) أَيْ قَضَاءَهَا بِإِحَالَةِ وُقُوعِ الْإِجْمَاعِ عَلَى أَحَدِهِمَا (مِنْ الْمُخْتَلِفِينَ) أَنْفُسِهِمْ (لَا) وُقُوعِهِ (مِمَّنْ بَعْدَهُمْ) وَالْمَسْأَلَةُ مَفْرُوضَةٌ فِي وُقُوعِهِ مِمَّنْ بَعْدَهُمْ عَلَى أَنَّ هَذَا وَإِنْ كَانَ أَيْضًا غَيْرَ مُسَلِّمٍ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمُخْتَلِفِينَ إذْ قَدْ يَخْفَى الصَّوَابُ لِلْمُجْتَهِدِ فِي وَقْتٍ وَيَظْهَرُ لَهُ فِي آخَرَ، وَبَعِيدٌ مِنْ الْمُتَدَيِّنِ الْإِصْرَارُ عَلَى الْخَطَأِ بَعْدَ ظُهُورِ الصَّوَابِ لَهُ لَكِنْ لَمَّا كَانَ مَعَ ذَلِكَ فِيهِ إظْهَارُ بُطْلَانِ الِاسْتِحَالَةِ بِوَجْهٍ آخَرَ ذَكَرَهُ لِذَلِكَ (وَمَا عَنْ الْمُجَوِّزِينَ مِنْ عَدَمِ الْوُقُوعِ) أَيْ وَبَطَلَ أَيْضًا مَا عَنْ بَعْضِ الْمُجَوِّزِينَ لِانْعِقَادِهِ وَحُجِّيَّتِهِ لَوْ انْعَقَدَ مِنْ نَفْيِ وُقُوعِهِ عَادَةً إذْ هُوَ وَاقِعٌ كَالْإِجْمَاعِ لِمَذْكُورٍ، ثُمَّ هَذَا يُفِيدُ أَنَّ الْمُخْبِرِينَ طَائِفَتَانِ طَائِفَةٌ قَائِلَةٌ بِالْجَوَازِ وَالْوُقُوعِ وَهُمْ الْجُمْهُورُ وَطَائِفَةٌ قَائِلَةٌ بِالْجَوَازِ لَا الْوُقُوعِ.

(قَوْلُهُمْ) أَيْ الْقَائِلِينَ بِامْتِنَاعِ الْوُقُوعِ فِي الْوُقُوعِ (تَعَارُضُ الْإِجْمَاعَيْنِ الْقَطْعِيَّيْنِ) الْأَوَّلِ (عَلَى تَسْوِيغِ الْقَوْلِ بِكُلٍّ) مِنْ الْقَوْلَيْنِ (وَ) الثَّانِي (عَلَى مَنْعِهِ) أَيْ مَنْعِ تَسْوِيغِ الْقَوْلِ بِكُلٍّ مِنْهُمَا لِحُصُولِ الْإِجْمَاعِ عَلَى أَحَدِهِمَا بِعَيْنِهِ وَتَعَارُضُهُمَا مُحَالٌ عَادَةً (قُلْنَا) تَعَارُضُهُمَا مَمْنُوعٌ إذْ (التَّسْوِيغُ) أَيْ تَسْوِيغُ الْقَوْلِ بِكُلٍّ مِنْهُمَا (مُقَيَّدٌ بِعَدَمِ الْإِجْمَاعِ عَلَى أَحَدِهِمَا وُجُوبًا) وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِمُقَيَّدٍ، وَإِنَّمَا قُيِّدَ التَّسْوِيغُ عَلَى سَبِيلِ الْوُجُوبِ بِمَا إذَا لَمْ يُجْمَعْ عَلَى أَحَدِهِمَا (لِأَدِلَّةِ الِاعْتِبَارِ) لِلْإِجْمَاعِ الْمَسْبُوقِ بِخِلَافٍ مُسْتَقِرٍّ أَيْ حُجِّيَّتِهِ كَمَا ذَكَرْنَا

(أَمَّا إجْمَاعُهُمْ) أَيْ الْمُخْتَلِفِينَ أَنْفُسِهِمْ (بَعْدَ اخْتِلَافِهِمْ) الْمُسْتَقِرِّ (عَلَى أَحَدِهِمَا فَكَذَلِكَ) أَيْ فَالْكَلَامُ فِيهِ كَالْكَلَامِ فِيمَا تَقَدَّمَ جَوَابًا وَاسْتِدْلَالًا فَمَنَعَهُ الْآمِدِيُّ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ اسْتِقْرَارَ الْخِلَافِ بَيْنَهُمْ يَتَضَمَّنُ اتِّفَاقَهُمْ عَلَى جَوَازِ الْأَخْذِ بِكُلٍّ مِنْ شِقَّيْ الْخِلَافِ بِاجْتِهَادٍ أَوْ تَقْلِيدٍ فَيَمْتَنِعُ اتِّفَاقُهُمْ بَعْدُ عَلَى أَحَدِ الشِّقَّيْنِ، وَجَوَّزَهُ الْإِمَامُ الرَّازِيّ مُطْلَقًا وَنَقَلَهُ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ عَنْ أَكْثَرِ الْأُصُولِيِّينَ لِأَدِلَّةِ الِاعْتِبَارِ، وَتَضَمُّنُ اسْتِقْرَارِ خِلَافِهِمْ اتِّفَاقَهُمْ عَلَى جَوَازِ الْأَخْذِ بِكُلٍّ مِنْ شِقَّيْ الْخِلَافِ مَشْرُوطٌ بِعَدَمِ الِاتِّفَاقِ عَلَى أَحَدِهِمَا وَالْفَرْضُ انْتِفَاؤُهُ وَقِيلَ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُسْتَنَدُهُمْ فِي الِاخْتِلَافِ قَاطِعًا فَلَا يَجُوزُ حَذَرًا مِنْ إلْغَاءِ الْقَاطِعِ (وَكَوْنُهُ) أَيْ إجْمَاعُهُمْ (حُجَّةً) فِي هَذِهِ (أَظْهَرُ) مِنْ كَوْنِ الْإِجْمَاعِ فِي الْأُولَى (إذْ لَا قَوْلَ لِغَيْرِهِمْ مُخَالِفٌ لَهُمْ) فِي هَذِهِ (وَقَوْلُهُمْ) أَيْ الْمُخَالِفِينَ مِنْهُمْ أَوَّلًا (بَعْدَ الرُّجُوعِ) عَنْهُ ثَانِيًا إلَى قَوْلِ الْبَاقِينَ (لَمْ يَبْقَ مُعْتَبَرًا) حَتَّى لَا يَجُوزَ لَهُ وَلَا لِغَيْرِهِ الْعَمَلُ بِهِ بَعْدَ الرُّجُوعِ عَنْهُ

ص: 91