المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[مسألة إنكار حكم الإجماع القطعي] - التقرير والتحبير على كتاب التحرير - جـ ٣

[ابن أمير حاج]

فهرس الكتاب

- ‌[فَصْلٌ فِي التَّعَارُضِ]

- ‌[مَسْأَلَة جَرْيِ التَّعَارُضِ بَيْنَ قَوْلَيْنِ وَنَفْيِهِ]

- ‌[مَسْأَلَة لَا تَرْجِيحَ بِكَثْرَةِ الْأَدِلَّةِ وَالرُّوَاةِ]

- ‌[فَصْلٌ يَلْحَقُ السَّمْعِيَّيْنِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ]

- ‌[مَسْأَلَة وَيَكُونُ الْبَيَانُ بِالْفِعْلِ كَالْقَوْلِ]

- ‌[مَسْأَلَة جَوَازِهِ أَيْ النَّسْخِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ جَوَازِ النَّسْخِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ نَسْخُ حُكْمِ فِعْلٍ لَا يَقْبَلُ حُسْنُهُ وَقُبْحُهُ السُّقُوطَ]

- ‌[مَسْأَلَةُ لَا يَجْرِي النَّسْخُ فِي الْأَخْبَارِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ لَا يُنْسَخُ الْحُكْمُ بِلَا بَدَلٍ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ نَسْخُ التَّكْلِيفِ بِتَكْلِيفٍ أَخَفَّ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ يَجُوزُ نَسْخُ الْقُرْآنِ بِهِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ يَجُوزُ نَسْخُ السُّنَّةِ بِالْقُرْآنِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ نَسْخُ جَمِيعِ الْقُرْآنِ مَمْنُوعٌ بِالْإِجْمَاعِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ لَا يُنْسَخُ الْإِجْمَاعُ وَلَا يُنْسَخُ بِهِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ إذَا رُجِّحَ قِيَاسٌ مُتَأَخِّرٌ لِتَأَخُّرِ شَرْعِيَّةِ حُكْمِ أَصْلِهِ عَنْ نَصٍّ عَلَى نَقِيضِ حُكْمِهِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ نَسْخُ أَحَدِ الْأَمْرَيْنِ مِنْ فَحَوَى مَنْطُوقٍ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ لَا يَثْبُتُ حُكْمُ النَّاسِخِ فِي حَقِّ الْأُمَّةِ بَعْدَ تَبْلِيغِهِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ إذَا زَادَ فِي مَشْرُوعٍ جُزْءًا أَوْ شَرْطًا لَهُ مُتَأَخِّرًا]

- ‌[مَسْأَلَةٌ يُعْرَفُ النَّاسِخُ بِنَصِّهِ عليه السلام عَلَيْهِ وَضَبْطِ تَأَخُّرِهِ]

- ‌[الْبَابُ الرَّابِعُ فِي الْإِجْمَاعِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ انْقِرَاضُ الْمُجْمِعِينَ لَيْسَ شَرْطًا لِانْعِقَادِهِ وَلَا لِحُجَّتِهِ]

- ‌[لَا يَشْتَرِطُ لِحُجِّيَّتِهِ أَيْ الْإِجْمَاعِ انْتِفَاءَ سَبْقِ خِلَافٍ مُسْتَقِرٍّ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ لَا يُشْتَرَطُ فِي حُجِّيَّتِهِ أَيْ الْإِجْمَاعِ عَدَدُ التَّوَاتُرِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي حُجِّيَّتِهِ أَيْ الْإِجْمَاعِ مَعَ كَوْنِ الْمُجْمِعِينَ أَكْثَرَ مُجْتَهِدِي ذَلِكَ الْعَصْرِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي حُجِّيَّةِ الْإِجْمَاعِ عَدَالَةُ الْمُجْتَهِدِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي حُجِّيَّةِ الْإِجْمَاعِ الْقَطْعِيَّةِ كَوْنُهُمْ أَيْ الْمُجْمِعِينَ الصَّحَابَةَ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ وَلَا يَنْعَقِدُ الْإِجْمَاعُ بِأَهْلِ الْبَيْتِ النَّبَوِيِّ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ وَلَا يَنْعَقِدُ بِالْأَرْبَعَةِ الْخُلَفَاءِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ وَلَا يَنْعَقِدُ الْإِجْمَاعُ بِالشَّيْخَيْنِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ وَلَا يَنْعَقِدُ الْإِجْمَاع بِأَهْلِ الْمَدِينَةِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ أَفْتَى بَعْضُ الْمُجْتَهِدِينَ بِشَيْءٍ مِنْ الْأُمُورِ الِاجْتِهَادِيَّةِ أَوْ قَضَى بِهِ وَاشْتَهَرَ بَيْنَ الْمُجْتَهِدِينَ مِنْ أَهْلِ عَصْرِهِ وَسَكَتُوا بَعْدَ عِلْمِهِمْ بِذَلِكَ]

- ‌[تَنْبِيهٌ لَوْ قَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْإِجْمَاعِ هَذَا مُبَاحٌ وَأَقْدَمَ الْبَاقِي عَلَى فِعْلِهِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ إذَا أُجْمِعَ عَلَى قَوْلَيْنِ فِي مَسْأَلَةٍ فِي عَصْرٍ مِنْ الْأَعْصَارِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْجُمْهُورُ إذَا أَجْمَعُوا أَيْ أَهْلُ عَصْرٍ عَلَى دَلِيلٍ لِحُكْمٍ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ لَا إجْمَاعَ إلَّا عَنْ مُسْتَنَدٍ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ لَا يَجُوزُ أَنْ لَا يَعْلَمُوا أَيْ مُجْتَهِدُو عَصْرٍ دَلِيلًا سَالِمًا عَنْ الْمُعَارِضِ الْمُكَافِئِ لَهُ عَمِلُوا بِخِلَافِهِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْمُخْتَارُ امْتِنَاعُ ارْتِدَادِ أُمَّةِ عَصْرٍ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ ظُنَّ أَنَّ قَوْلَ الشَّافِعِيِّ دِيَةُ الْيَهُودِيِّ الثُّلُثُ مِنْ دِيَةِ الْمُسْلِمِينَ يَتَمَسَّكُ فِيهِ بِالْإِجْمَاعِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ إنْكَارُ حُكْمِ الْإِجْمَاعِ الْقَطْعِيِّ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْإِجْمَاعِ يُحْتَجُّ بِهِ فِيمَا لَا يَتَوَقَّفُ حُجِّيَّتُهُ عَلَيْهِ مِنْ الْأُمُورِ الدِّينِيَّةِ]

- ‌[الْبَابُ الْخَامِسُ فِي الْقِيَاسِ]

- ‌[أَرْكَانُ قِيَاسِ الْعِلَّةِ]

- ‌[فِي الشُّرُوطِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْعِلَّةِ]

- ‌[الْكَلَامُ فِي تَقْسِيمِ الْعِلَّةِ وَشُرُوطِهَا وَطُرُقِ مَعْرِفَتِهَا]

- ‌[الْمَرْصَدُ الْأَوَّلُ فِي تَقْسِيمِ الْعِلَّةُ]

- ‌[تَتِمَّةٌ تَقْسِيمَ لَفْظُ الْعِلَّةِ بِالِاشْتِرَاكِ اللَّفْظِيِّ أَوْ الْمَجَازِ]

- ‌[الْمَرْصَدُ الثَّانِي فِي شُرُوطِ الْعِلَّةِ]

- ‌[تَنْبِيهٌ قَسَّمَ الْمُصَحِّحُونَ لِتَخْصِيصِ الْعِلَّةِ مَعَ الْمَانِعِ إلَى خَمْسَةٍ]

- ‌[لَا يُشْتَرَطُ فِي تَعْلِيلِ انْتِفَاءِ حُكْمٍ بِوُجُودِ مَانِعٍ]

- ‌[فَصْلٌ تَقْسِيم الْقِيَاسَ بِاعْتِبَارِ التَّفَاوُتِ فِي الْقُوَّةِ إلَى جَلِيٍّ وَخَفِيَ]

- ‌[مَسْأَلَةُ حُكْمِ الْقِيَاسِ الثُّبُوتُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ قَالَ الْحَنَفِيَّةُ لَا تَثْبُتُ بِهِ أَيْ بِالْقِيَاسِ الْحُدُودُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ تَكْلِيفُ الْمُجْتَهِدِ بِطَلَبِ الْمَنَاطِ]

- ‌[مَسْأَلَةُ النَّصِّ مِنْ الشَّارِعِ عَلَى الْعِلَّةِ لِلْحُكْمِ يَكْفِي فِي إيجَابِ تَعَدِّيَةِ الْحُكْمِ بِهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ الِاعْتِرَاضَاتِ الْوَارِدَةِ عَلَى الْقِيَاسِ]

- ‌[خَاتِمَةٌ لِلْكَلَامِ فِي هَذِهِ الْمَقَالَةِ الثَّانِيَةِ]

- ‌[الْمَقَالَةُ الثَّالِثَةُ فِي الِاجْتِهَادِ وَمَا يَتْبَعُهُ مِنْ التَّقْلِيدِ وَالْإِفْتَاءِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ أَنَّهُ عليه السلام مَأْمُورٌ فِي حَادِثَةٍ لَا وَحْيَ فِيهَا بِانْتِظَارِ الْوَحْيِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ طَائِفَةٌ لَا يَجُوزُ عَقْلًا اجْتِهَادُ غَيْرِ النَّبِيّ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْعَقْلِيَّاتُ مَا لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى سَمْعٍ كَحُدُوثِ الْعَالَمِ]

- ‌[مَسْأَلَةُ الْمَسْأَلَةِ الِاجْتِهَادِيَّةِ أَيْ الَّتِي لَا قَاطِعَ فِيهَا مِنْ نَصٍّ أَوْ إجْمَاعٍ]

- ‌[مَسْأَلَةُ الْمُجْتَهِدِ بَعْدَ اجْتِهَادِهِ فِي وَاقِعَةٍ أَدَّى اجْتِهَادُهُ فِيهَا إلَى حُكْمٍ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ وَاقِعَةٌ اجْتَهَدَ الْمُجْتَهِدُ فِيهَا وَأَدَّى اجْتِهَادُهُ إلَى حُكْمٍ مُعَيَّنٍ لَهَا ثُمَّ تَكَرَّرَتْ الْوَاقِعَةُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ لَا يَصِحُّ فِي مَسْأَلَةٍ لِمُجْتَهِدٍ بَلْ لِعَاقِلٍ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ قَوْلَانِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ لَا يُنْقَضُ حُكْمٌ اجْتِهَادِيٌّ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ تُعْرَفُ بِمَسْأَلَةِ التَّعْرِيضِ فِي أُصُولِ الشَّافِعِيَّةِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ يَجُوزُ خُلُوُّ الزَّمَانِ عَنْ مُجْتَهِدٍ]

- ‌[مَسْأَلَة التَّقْلِيد الْعَمَلُ بِقَوْلِ مَنْ لَيْسَ قَوْلُهُ إحْدَى الْحُجَجِ الْأَرْبَعِ الشَّرْعِيَّةِ]

- ‌[مَسْأَلَة غَيْر الْمُجْتَهِدِ المطلق يَلْزَمهُ التَّقْلِيد وَإِنَّ كَانَ مجتهدا فِي بَعْض مَسَائِل الْفِقْه]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الِاتِّفَاقُ عَلَى حِلِّ اسْتِفْتَاءِ مَنْ عُرِفَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالِاجْتِهَادِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ إفْتَاءُ غَيْرِ الْمُجْتَهِدِ بِمَذْهَبِ مُجْتَهِدٍ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ يَجُوزُ تَقْلِيدُ الْمَفْضُولِ مَعَ وُجُودِ الْأَفْضَلِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ لَا يَرْجِعُ الْمُقَلِّدُ فِيمَا قَلَّدَ الْمُجْتَهِدَ]

- ‌[إجْمَاعُ الْمُحَقِّقِينَ عَلَى مَنْعِ الْعَوَامّ مِنْ تَقْلِيدِ أَعْيَانِ الصَّحَابَةِ]

- ‌[خَاتِمَة]

الفصل: ‌[مسألة إنكار حكم الإجماع القطعي]

أُمَّتُهُ قَطْعًا) أَيْ وَهُوَ أَعْظَمُ الْخَطَإِ وَإِيرَادُ صِدْقِ أَنَّ الْأُمَّةَ ارْتَدَّتْ غَيْرُ مُسَلَّمٍ بِطَرِيقِ الْحَقِيقَةِ، وَإِنَّمَا هُوَ مَجَازٌ بِاعْتِبَارِ مَا كَانَ، وَأُجِيبُ بِأَنَّ ذَلِكَ إذَا أُطْلِقَ بَعْدَ وُقُوعِ الرِّدَّةِ أَمَّا فِي حَالِهَا فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ حَقِيقَةٌ قَالَ السُّبْكِيُّ وَيُمْكِنُ الْتِفَاتُ ذَلِكَ إلَى أَنَّ الْعِلَّةَ مَعَ الْمَعْلُولِ أَوْ سَابِقِهِ فَإِنَّ الِارْتِدَادَ عِلَّةُ خُرُوجِهِمْ عَنْ كَوْنِهِمْ أُمَّةَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَإِنْ كَانَ سَابِقًا عَلَى خُرُوجِهِمْ صَدَقَ مَعَهُ لَفْظُ الْأُمَّةِ عَلَيْهِمْ وَإِلَّا فَلَا، ثُمَّ ظَاهِرُ دَلِيلِ الْمُخْتَارِ أَنَّ السَّمْعِيَّ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم «إنَّ اللَّهَ لَا يَجْمَعُ أُمَّتِي عَلَى ضَلَالَةٍ» وَنَظَائِرُهُ كَمَا مَشَى عَلَيْهِ الْآمِدِيُّ وَابْنُ الْحَاجِبِ قَالَ السُّبْكِيُّ وَلَوْ اسْتَدَلَّ بِنَحْوِ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ عَلَى الْحَقِّ» لَكَانَ أَوْضَحَ فَإِنَّهُ نَصٌّ فِي أَنَّ هَذِهِ الْأُمَّةَ لَا تَخْلُو عَنْ قَائِمٍ بِالْحَقِّ وَيَسْتَحِيلُ مَعَهُ رِدَّةُ الْكُلِّ.

[مَسْأَلَةٌ ظُنَّ أَنَّ قَوْلَ الشَّافِعِيِّ دِيَةُ الْيَهُودِيِّ الثُّلُثُ مِنْ دِيَةِ الْمُسْلِمِينَ يَتَمَسَّكُ فِيهِ بِالْإِجْمَاعِ]

(مَسْأَلَةٌ ظُنَّ أَنَّ قَوْلَ الشَّافِعِيِّ دِيَةُ الْيَهُودِيِّ الثُّلُثُ) مِنْ دِيَةِ الْمُسْلِمِينَ (يَتَمَسَّكُ فِيهِ بِالْإِجْمَاعِ لِقَوْلِ الْكُلِّ بِالثُّلُثِ إذَا قِيلَ بِهِ) أَيْ بِالثُّلُثِ (وَبِالنِّصْفِ وَالْكُلِّ وَلَيْسَ) هَذَا الظَّنُّ وَاقِعًا مَوْقِعَهُ (لِأَنَّ نَفْيَ الزَّائِدِ) عَلَى الثُّلُثِ (جُزْءُ قَوْلِهِ) أَيْ الشَّافِعِيِّ بِوُجُوبِ الثُّلُثِ فَقَطْ إذْ هُوَ مُشْتَمِلٌ عَلَى حُكْمَيْنِ وُجُوبِ الثُّلُثِ (وَ) نَفْيِ الزَّائِدِ عَلَيْهِ (لَمْ يُجْمَعْ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى نَفْيِ الزَّائِدِ لَا بُدَّ فِي نَفْيِهِ مِنْ دَلِيلٍ آخَرَ فَإِنْ أَبْدَى وُجُودَ مَانِعٍ مِنْ الزِّيَادَةِ كَالْكُفْرِ أَوْ انْتِفَاءِ شَرْطٍ لَهَا كَالْإِسْلَامِ أَوْ عَدَمِ الْأَدِلَّةِ الدَّالَّةِ عَلَى الزِّيَادَةِ فَيُسْتَصْحَبُ الْأَصْلُ وَهُوَ الْبَرَاءَةُ الْأَصْلِيَّةُ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ نَصٍّ أَوْ قِيَاسٍ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِ الزِّيَادَةِ فَلَيْسَ مِنْ الْإِجْمَاعِ فِي شَيْءٍ بَلْ هِيَ أُمُورٌ خَارِجَةٌ عَنْهُ.

[مَسْأَلَةٌ إنْكَارُ حُكْمِ الْإِجْمَاعِ الْقَطْعِيِّ]

(مَسْأَلَةٌ إنْكَارُ حُكْمِ الْإِجْمَاعِ الْقَطْعِيِّ) كَإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ بِصَرِيحِ الْقَوْلِ أَوْ الْفِعْلِ الْمَنْقُولِ بِالتَّوَاتُرِ (يُكَفِّرُ) مُتَعَاطِيَهُ (عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَطَائِفَةٍ) ؛ لِأَنَّ إنْكَارَهُ يَتَضَمَّنُ إنْكَارَ سَنَدٍ قَاطِعٍ وَهُوَ يَتَضَمَّنُ إنْكَارَ صِدْقِ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ كُفْرٌ غَيْرَ أَنَّ نِسْبَةَ هَذَا إلَى الْحَنَفِيَّةِ لَيْسَ عَلَى الْعُمُومِ فِيهِمْ إذْ فِي الْمِيزَانِ فَأَمَّا إنْكَارُ مَا هُوَ ثَابِتٌ قَطْعًا مِنْ الشَّرْعِيَّاتِ بِأَنْ عَلِمَ بِالْإِجْمَاعِ وَالْخَبَرِ الْمَشْهُورِ فَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يَكْفُرُ انْتَهَى.

وَالتَّقْوِيمُ مُشِيرٌ إلَيْهِ أَيْضًا إذْ فِيهِ لَمْ نُبَالِ بِخِلَافِ الرَّوَافِضِ إيَّانَا فِي إمَامَةِ أَبِي بَكْرٍ وَبِخِلَافِ الْخَوَارِجِ فِي إمَامَةِ عَلِيٍّ لِفَسَادِ تَأْوِيلِهِمْ، وَإِنْ كُنَّا لَمْ نُكَفِّرْهُمْ لِلشُّبْهَةِ (وَطَائِفَةٌ لَا) تُكَفِّرُهُ وَهُوَ مَعْزُوٌّ إلَى بَعْضِ الْمُتَكَلِّمِينَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْإِجْمَاعَ حُجَّةٌ ظَنِّيَّةٌ؛ لِأَنَّ دَلِيلَ حُجِّيَّتِهِ لَيْسَ بِقَطْعِيٍّ فَلَا يُفِيدُ الْعِلْمَ فَإِنْكَارُ حُكْمِهِ لَيْسَ بِكُفْرٍ كَإِنْكَارِ الْحُكْمِ الثَّابِتِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ وَالْقِيَاسِ وَقَدْ عَرَفْت أَنَّ دَلِيلَ حُجِّيَّتِهِ قَطْعِيٌّ فِي أَوَائِلِ الْبَابِ فَلَا يَتِمُّ أَمْرُ هَذَا الْبِنَاءِ (وَيُعْطِي الْأَحْكَامُ) لِلْآمِدِيِّ (وَغَيْرِهِ) كَمُخْتَصَرِ ابْنِ الْحَاجِبِ أَنَّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ (ثَلَاثَةً) مِنْ الْأَقْوَالِ (هَذَيْنِ وَالتَّفْصِيلِ) وَهُوَ (مَا) كَانَ (مِنْ ضَرُورِيَّاتِ الدِّينِ) أَيْ دِينِ الْإِسْلَامِ وَهُوَ مَا يَعْرِفُهُ مِنْهُ الْخَوَاصُّ وَالْعَوَامُّ مِنْ غَيْرِ قَبُولٍ لِلتَّشْكِيكِ كَوُجُوبِ اعْتِقَادِ التَّوْحِيدِ وَالرِّسَالَةِ وَوُجُوبِ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ وَأَخَوَاتِهَا مِنْ الزَّكَاةِ وَالصِّيَامِ وَالْحَجِّ (يُكَفَّرُ) مُنْكِرُهُ (وَإِلَّا) إذَا لَمْ يَكُنْ مِنْ ضَرُورِيَّاتِهِ بِأَنْ كَانَ لَا يَعْرِفُهُ مِنْهُ إلَّا الْخَوَاصُّ كَفَسَادِ الْحَجِّ بِالْوَطْءِ قَبْلَ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ وَإِعْطَاءِ السُّدُسِ لِلْجَدَّةِ وَحُرْمَةِ تَزَوُّجِ الْمَرْأَةِ عَلَى عَمَّتِهَا وَخَالَتِهَا (فَلَا) يُكَفَّرُ مُنْكَرُهُ.

(وَهُوَ) أَيْ هَذَا الْمُعْطَى (غَيْرُ وَاقِعٍ) ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْهُ أَنَّ إنْكَارَ نَحْوِ الصَّلَاةِ لَا يُكَفَّرُ مُتَعَاطِيهِ وَهُوَ بَاطِلٌ قَطْعًا (إذْ لَا مُسْلِمَ يَنْفِي كُفْرَ مُنْكِرِ نَحْوَ الصَّلَاةِ) فَلَيْسَ فِي الْوَاقِعِ إلَّا قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا التَّكْفِيرُ مُطْلَقًا وَهُوَ الَّذِي مَشَى عَلَيْهِ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ بِمَا لَفْظُهُ فَشَا فِي لِسَانِ الْفُقَهَاءِ أَنَّ خَارِقَ الْإِجْمَاعِ يُكَفَّرُ وَهُوَ بَاطِلٌ قَطْعًا فَإِنَّ مَنْ يُنْكِرُ أَصْلَ الْإِجْمَاعِ لَا يُكَفَّرُ وَالْقَوْلُ فِي التَّكْفِيرِ وَالتَّبَرِّي لَيْسَ بِالْهَيِّنِ، ثُمَّ قَالَ نَعَمْ مَنْ اعْتَرَفَ بِالْإِجْمَاعِ وَأَقَرَّ بِصِدْقِ الْمُجْمِعِينَ فِي النَّقْلِ، ثُمَّ أَنْكَرَ مَا أَجْمَعُوا عَلَيْهِ كَانَ هَذَا التَّكْذِيبُ آيِلًا إلَى الشَّارِعِ وَمَنْ كَذَّبَ الشَّارِعَ كَفَرَ، وَالْقَوْلُ الضَّابِطُ فِيهِ أَنَّ مَنْ أَنْكَرَ طَرِيقًا فِي ثُبُوتِ الشَّرْعِ لَمْ يَكْفُرْ وَمَنْ اعْتَرَفَ بِكَوْنِ الشَّيْءِ مِنْ الشَّرْعِ ثُمَّ جَحَدَهُ كَانَ مُنْكِرًا لِلشَّرْعِ، وَإِنْكَارُ جُزْءٍ مِنْ الشَّرْعِ كَإِنْكَارِ كُلِّهِ ثَانِيهمَا التَّفْصِيلُ الْمَذْكُورُ وَعَلَيْهِ مَشَى ابْنُ السَّمْعَانِيِّ وَعَلَّلَ إكْفَارَ مَنْ اعْتَقَدَ فِي شَيْءٍ مِنْ الْمُجْمَعِ عَلَيْهِ الْمُشْتَرِكِ فِي مَعْرِفَتِهِ الْخَاصَّةِ وَالْعَامَّةِ خِلَافَ مَا انْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ صَارَ بِخِلَافِهِ جَاحِدًا لِمَا قُطِعَ بِهِ مِنْ دِينِ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم فَصَارَ كَالْجَاحِدِ لِصِدْقِ الرَّسُولِ.

(وَإِذَا حُمِلَ حُكْمُ الْإِجْمَاعِ عَلَى الْخُصُوصِ)

ص: 113

وَهُوَ مَا لَيْسَ مِنْ ضَرُورِيَّاتِ الدِّينِ فِيمَا فِي الْأَحْكَامِ وَمَا وَافَقَهُ لِيَنْدَفِعَ وُرُودُ هَذَا اللَّازِمِ الْبَاطِلِ لَا يَصِحُّ أَيْضًا لِعَدَمِ صِحَّةِ تَقْسِيمِهِ إلَى نَفْسِهِ وَإِلَى غَيْرِهِ إذْ لَا خَفَاءَ فِي أَنَّ الْإِجْمَاعَ عَلَى مَا لَيْسَ مِنْ ضَرُورِيَّاتِ الدِّينِ (لَمْ يَتَنَاوَلْهُ) أَيْ الْإِجْمَاعُ عَلَى مَا هُوَ مِنْ ضَرُورِيَّاتِهِ بَلْ يُبَايِنُهُ، ثُمَّ يُقَالُ وَلَيْسَ كَوْنُ الشَّيْءِ مَعْلُومًا بِالضَّرُورَةِ مِنْ الدِّينِ لَهُ حُكْمُ الْإِجْمَاعِ (لِأَنَّ حُكْمَهُ حِينَئِذٍ) أَيْ الْإِجْمَاعِ (مَا لَيْسَ) نَاشِئًا (إلَّا عَنْهُ) أَيْ عَنْ الْإِجْمَاعِ، وَالْمَعْلُومُ بِالضَّرُورَةِ الدِّينِيَّةِ إنَّمَا نَشَأَ عَنْ ظُهُورِ كَوْنِهِ مِنْ الدِّينِ ظُهُورَ اشْتِرَاكٍ فِي مَعْرِفَةِ كَوْنِهِ مِنْهُ الْخَاصَّةِ وَالْعَامَّةِ وَلِهَذَا قَالَ الشَّيْخُ صَفِيُّ الدِّينِ الْهِنْدِيُّ فِي النِّهَايَةِ جَاحِدًا الْحُكْمَ الْمُجْمَعَ عَلَيْهِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ بِإِجْمَاعٍ قَطْعِيٍّ لَا يُكَفَّرُ عِنْدَ الْجَمَاهِيرِ خِلَافًا لِبَعْضِ الْفُقَهَاءِ، وَإِنَّمَا قَيَّدَنَا بِالْإِجْمَاعِ الْقَطْعِيِّ؛ لِأَنَّ جَاحِدَ حُكْمِ الْإِجْمَاعِ الظَّنِّيِّ لَا يُكَفَّرُ وِفَاقَا انْتَهَى.

وَجَعَلَ السُّبْكِيُّ لِمُنْكِرِ الْمُجْمَعِ عَلَيْهِ غَيْرِ الْمَعْلُومِ مِنْ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ ثَلَاثَ مَرَاتِبَ: مُنْكِرُ إجْمَاعٍ ذِي شُهْرَةٍ فِيهِ نَصٌّ كَحِلِّ الْبَيْعِ فَفِي جَمْعِ الْجَوَامِعِ كَافِرٌ فِي الْأَصَحِّ وَقَالَ فِي شَرْحِ مُخْتَصَرِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَلَا رَيْبَ فِي كُفْرِهِ لِتَكْذِيبِهِ الصَّادِقَ، وَمُنْكِرُ إجْمَاعٍ ذِي شُهْرَةٍ لَا نَصَّ فِيهِ قِيلَ لَا يُكَفَّرُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُصَرِّحْ بِتَكْذِيبِ الصَّادِقِ إذْ الْفَرْضُ أَنْ لَا نَصَّ فِيهِ، وَإِنَّمَا كَذَّبَ الْمُجْمِعِينَ وَالْأَصَحُّ يُكَفَّرُ؛ لِأَنَّ تَكْذِيبَهُمْ يَتَضَمَّنُ تَكْذِيبَ الصَّادِقِ، وَمُنْكِرُ إجْمَاعٍ لَيْسَ بِذِي شُهْرَةٍ وَالْأَصَحُّ لَا يُكَفَّرُ وَعَبَّرَ عَنْهُ فِي جَمْعِ الْجَوَامِعِ بِأَنَّهُ لَا يَكُونُ جَاحِدًا لِخَفِيٍّ وَلَوْ مَنْصُوصًا وَمَثَّلَ بِاسْتِحْقَاقِ بِنْتِ الِابْنِ السُّدُسَ مَعَ الصُّلْبِيَّةِ فَإِنَّهُ قَضَى بِهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم كَمَا فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ وَفِي شَرْحِ الْمُخْتَصَرِ وَقَالَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ لِتَكْذِيبِهِ الْأُمَّةَ وَجَوَابُهُ أَنَّهُ لَمْ يُكَذِّبْ الْأُمَّةَ صَرِيحًا إذْ الْفَرْضُ أَنَّهُ لَيْسَ مَشْهُورًا فَهُوَ مِمَّا يَخْفَى عَلَى مِثْلِهِ انْتَهَى.

وَهَذَا يُشِيرُ إلَى أَنَّهُ يُكَفَّرُ الْمُنْكِرُ إذَا اعْتَرَفَ بِالْعِلْمِ بِهِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ (وَفَخْرُ الْإِسْلَامِ بِالْقَطْعِيِّ مِنْ إجْمَاعِ الصَّحَابَةِ نَصًّا كَعَلَى خِلَافَةِ أَبِي بَكْرٍ وَقِتَالِ مَانِعِي الزَّكَاةِ وَمَعَ سُكُوتِ بَعْضِهِمْ) وَلَفْظُ فَخْرِ الْإِسْلَامِ فَصَارَ الْإِجْمَاعُ كَأَنَّهُ مِنْ الْكِتَابِ أَوْ حَدِيثٌ مُتَوَاتِرٌ فِي وُجُوبِ الْعَمَلِ وَالْعِلْمِ بِهِ فَيُكَفَّرُ جَاحِدُهُ فِي الْأَصْلِ انْتَهَى وَهَذَا كَمَا ذَكَرَ الشَّيْخُ قِوَامُ الدِّينِ الْأَتْقَانِيُّ يَتَعَلَّقُ بِمَا ذَكَرَ مِنْ قَوْلِهِ فِي أَوَّلِ الْبَابِ حُكْمُهُ فِي الْأَصْلِ أَنْ يَثْبُتَ الْمُرَادُ بِهِ حُكْمًا شَرْعِيًّا عَلَى سَبِيلِ التَّيَقُّنِ انْتَهَى.

أَيْ حُكْمُ الْإِجْمَاعِ فِي أَصْلِ وَضْعِهِ أَنْ يَثْبُتَ الْمُرَادُ عَلَى سَبِيلِ الْقَطْعِ وَالْيَقِينِ كَإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ عَلَى شَيْءٍ نَصًّا فَإِنَّهُ لَا يُحْتَمَلُ تَوَهُّمُ الْخَطَأِ وَقَيَّدَ بِالْأَصْلِ؛ لِأَنَّ الْإِجْمَاعَ رُبَّمَا لَا يَكُونُ مُوجِبًا لِلْحُكْمِ قَطْعًا وَيَقِينًا بِسَبَبِ الْعَارِضِ كَمَا إذَا ثَبَتَ الْإِجْمَاعُ بِنَصِّ الْبَعْضِ وَسُكُوتِ الْآخَرِينَ وَكَثُبُوتِ بُطْلَانِ الْحُكْمِ فِي غَيْرِ مَا اخْتَلَفَ فِيهِ الصَّحَابَةُ وَكَإِجْمَاعِ الْعَصْرِ الثَّانِي بَعْدَ سَبْقِ الْخِلَافِ فَكَأَنَّهُ قَالَ لَمَّا كَانَ حُكْمُ الْإِجْمَاعِ فِي أَصْلِ الْوَضْعِ أَنْ يُوجِبَ الْعِلْمَ وَالْعَمَلَ كَانَ حُكْمُهُ حُكْمَ الْآيَةِ مِنْ الْكِتَابِ وَالْحَدِيثِ الْمُتَوَاتِرِ فَيُكَفَّرُ جَاحِدُ حُكْمِ الْإِجْمَاعِ فِي أَصْلِ الْوَضْعِ بِأَنْ يَكُونَ حُكْمًا أَجْمَعَ عَلَيْهِ الصَّحَابَةُ كَجَاحِدِهِمَا لَا حُكْمَ كُلِّ إجْمَاعٍ لِيَتَنَاوَلَ إجْمَاعًا نَصَّ الْبَعْضُ عَلَى حُكْمِهِ وَسَكَتَ عَنْهُ الْبَاقُونَ وَإِجْمَاعًا لِلْعَصْرِ الثَّانِي بَعْدَ سَبْقِ الْخِلَافِ وَيَدُلُّ عَلَى هَذَا أَيْضًا قَوْلُ فَخْرِ الْإِسْلَامِ، ثُمَّ هَذَا أَيْ الْإِجْمَاعُ عَلَى مَرَاتِبَ فَإِجْمَاعُ الصَّحَابَةِ مِثْلُ الْآيَةِ وَالْخَبَرِ الْمُتَوَاتِرِ وَإِجْمَاعُ مَنْ بَعْدَهُمْ بِمَنْزِلَةِ الْمَشْهُورِ مِنْ الْحَدِيثِ وَإِذَا صَارَ الْإِجْمَاعُ مُجْتَهَدًا فِي السَّلَفِ كَانَ كَالصَّحِيحِ مِنْ الْآحَادِ انْتَهَى.

وَمُنْكِرُ خَبَرِ الْآحَادِ لَا يُكَفَّرُ وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيِّ مَا أَجْمَعَ عَلَيْهِ الصَّحَابَةُ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الثَّابِتِ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ فِي كَوْنِهِ مَقْطُوعًا بِهِ حَتَّى يُكَفَّرُ جَاحِدُهُ وَهَذَا أَقْوَى مَا يَكُونُ مِنْ الْإِجْمَاعِ فَفِي الصَّحَابَةِ أَهْلُ الْمَدِينَةِ وَعِتْرَةُ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم وَلَا خِلَافَ بَيْنَ مَنْ يُعْتَدُّ بِقَوْلِهِمْ أَنَّ هَذَا الْإِجْمَاعَ حُجَّةٌ مُوجِبَةٌ لِلْعِلْمِ قَطْعًا فَيُكَفَّرُ جَاحِدُهُ كَمَا يُكَفَّرُ جَاحِدُ مَا ثَبَتَ بِالْكِتَابِ أَوْ بِخَبَرٍ مُتَوَاتِرٍ انْتَهَى.

فَظَهَرَ أَنَّ كَوْنَ فَخْرِ الْإِسْلَامِ قَائِلًا بِإِكْفَارِ مُنْكِرِ الْإِجْمَاعِ السُّكُوتِيِّ مِنْ الصَّحَابَةِ غَيْرُ ظَاهِرٍ مِنْ كَلَامِهِ بَلْ الظَّاهِرُ عَدَمُ إكْفَارِ مُنْكِرِهِ بَلْ ذَكَرَ الزَّرْكَشِيُّ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي أَنَّهُ لَا يُكَفَّرُ وَلَا يُبَدَّعُ مُنْكِرُ حُجِّيَّةِ الْإِجْمَاعِ السُّكُوتِيِّ أَوْ الَّذِي لَمْ يَنْقَرِضْ أَهْلُ عَصْرِهِ أَوْ الْإِجْمَاعَاتُ الَّذِي اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ الْمُعْتَبَرُونَ فِي انْتِهَاضِهِ حُجَّةً (وَأَمَّا) مُنْكِرُ إجْمَاعِ (مَنْ بَعْدَهُمْ) أَيْ الصَّحَابَةِ (بِلَا سَبْقِ خِلَافٍ فَيُضَلَّلُ) وَيُخَطَّأُ مِنْ

ص: 114

غَيْرِ إكْفَارٍ (كَالْخَبَرِ الْمَشْهُورِ) أَيْ كَمُنْكِرِهِ (وَالْمَسْبُوقِ بِهِ) أَيْ بِخِلَافِ مُسْتَقِرِّ إجْمَاعٍ (ظَنِّيٌّ مُقَدَّمٌ عَلَى الْقِيَاسِ كَالْمَنْقُولِ) أَيْ كَالْإِجْمَاعِ الْمَنْقُولِ (آحَادًا) بِأَنْ رَوَى ثِقَةٌ أَنَّ الصَّحَابَةَ أَجْمَعُوا عَلَى كَذَا فَإِنَّهُ بِمَنْزِلَةِ السُّنَّةِ الْمَنْقُولَةِ بِالْآحَادِ فَيُوجِبُ الْعَمَلَ لَا الْعِلْمَ وَيُقَدَّمُ عَلَى الْقِيَاسِ عِنْدَ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ (وَوَجْهُ التَّرْتِيبِ) فِي هَذِهِ الْإِجْمَاعَاتِ (قَطْعِيَّةُ) إجْمَاعِ (الصَّحَابِيِّ إذْ لَمْ يُعْتَبَرْ خِلَافُ مُنْكِرِهِ) أَيْ إجْمَاعِهِمْ (وَضَعُفَ الْخِلَافُ) أَيْ خِلَافُ مُنْكِرِ الْإِجْمَاعِ (فِيمَنْ سِوَاهُمْ فَنَزَلَ) إجْمَاعُ مَنْ سِوَاهُمْ (عَنْ الْقَطْعِيَّةِ إلَى قُرْبِهَا) أَيْ الْقَطْعِيَّةِ (مِنْ الطُّمَأْنِينَةِ وَمِثْلُهُ) أَيْ إجْمَاعِ مَنْ سِوَاهُمْ فِي النُّزُولِ عَنْ الْقَطْعِيَّةِ (يَجِبُ فِي) الْإِجْمَاعِ (السُّكُوتِيِّ عَنْ الْأَوْجَهِ فَضُلِّلَ) مُنْكِرُ حُكْمِهِ (وَقَوِيَ) الْخِلَافُ (فِي الْمَسْبُوقِ) بِخِلَافٍ مُسْتَقِرٍّ (وَالْمَنْقُولِ آحَادًا فَحُجَّةٌ ظَنِّيَّةٌ تُقَدَّمُ عَلَى الْقِيَاسِ فَيَجُوزُ فِيهِمَا) أَيْ فِي حُكْمَيْ الْمَسْبُوقِ وَالْمَنْقُولِ آحَادًا وَلَوْ كَانَ فِي نَفْسِهِ غَيْرَ مَسْبُوقٍ بِخِلَافٍ (الِاجْتِهَادُ) الْمُجْتَهِدُ مِنْ غَيْرِ الْمُجْمِعِينَ (بِخِلَافِهِ) حَتَّى يُسَوَّغَ لِذَلِكَ الْمُجْتَهِدِ وَلِمُقَلِّدِهِ الْعَمَلُ بِمَا أَدَّى إلَيْهِ اجْتِهَادُهُ فِي تِلْكَ الْمَسْأَلَةِ مِنْ حُكْمٍ يُخَالِفُ حُكْمَهَا إلَى أَنْ يَنْتَهِيَ تَضَافُرُ الِاجْتِهَادِ مِنْ أَهْلِهِ عَلَى ذَلِكَ الْحُكْمِ إلَى دَرَجَةِ الْإِجْمَاعِ عَلَيْهِ فَيَصِيرَ مُجْمَعًا عَلَيْهِ كَمُخَالِفِهِ.

وَإِذْ قَدْ جَازَ الِاجْتِهَادُ بِخِلَافِهِ لِمُجْتَهِدٍ مِنْ غَيْرِ الْمُجْمِعِينَ (فَرُجُوعُ بَعْضِهِمْ) أَيْ الْمُجْمِعِينَ عَنْهُ إلَى غَيْرِهِ اجْتِهَادًا يَجُوزُ بِطَرِيقٍ (أَوْلَى، ثُمَّ لَيْسَ) هَذَا الْإِجْمَاعُ (نَسْخًا) لِلْأَوَّلِ (بَلْ مُعَارِضٌ) لَهُ (رَجَحَ) عَلَيْهِ بِمُرَجِّحٍ مِنْ الْمُرَجَّحَاتِ حَسْبَمَا ظَهَرَ لِأَهْلِهِ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ (فَلَا يُقْطَعُ بِخَطَأِ الْأَوَّلِ وَلَا صَوَابِهِ) فِي الْوَاقِعِ، وَكَذَا الثَّانِي (بَلْ هُوَ) أَيْ قَوْلُ كُلٍّ بِخَطَأِ مُخَالِفِهِ وَإِصَابَةِ نَفْسِهِ بِنَاءٌ (عَلَى ظَنِّ الْمُجْتَهِدِ) وَهُوَ قَدْ يَكُونُ الثَّابِتَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَقَدْ لَا (فَدَلِيلُ الْقَطْعِيَّةِ) لِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ مُسْتَفَادٌ (مِنْ إجْمَاعِ الصَّحَابَةِ عَلَى تَقْدِيمِهِ) أَيْ الْإِجْمَاعِ (عَلَى الْقَاطِعِ فِي إجْمَاعِهِمْ) إذْ لَا يَتْرُكُونَ الْقَاطِعَ لِظَنِّيٍّ (وَمَنَعَ الْغَزَالِيُّ وَبَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ حُجِّيَّةَ) الْإِجْمَاعِ (الْآحَادِيِّ إذْ لَيْسَ نَصًّا وَلَا إجْمَاعًا؛ لِأَنَّهُ) أَيْ الْإِجْمَاعَ دَلِيلٌ (قَطْعِيٌّ وَحُجِّيَّةُ غَيْرِ الْقَاطِعِ) إنَّمَا تَكُونُ (بِقَاطِعٍ كَخَبَرِ الْوَاحِدِ وَلَا قَاطِعَ فِيهِ) أَيْ فِي كَوْنِ الْإِجْمَاعِ الْآحَادِيِّ حُجَّةً (وَالْجَوَابُ بَلْ فِيهِ) أَيْ فِي كَوْنِ الْإِجْمَاعِ الْآحَادِيِّ حُجَّةَ قَاطِعٍ (وَهُوَ) أَيْ الْقَاطِعُ فِيهِ (أَوْلَوِيَّتُهُ) أَيْ الْإِجْمَاعِ الْآحَادِيِّ (بِهَا) أَيْ بِالْحُجِّيَّةِ (مِنْ خَبَرِ الْوَاحِدِ الظَّنِّيِّ الدَّلَالَةِ؛ لِأَنَّ الْإِجْمَاعَ عَلَى وُجُوبِ الْعَمَلِ بِهِ) أَيْ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ الظَّنِّيِّ الدَّلَالَةِ الَّذِي تَخَلَّلَتْ وَاسِطَةٌ بَيْنَ نَاقِلِهِ وَبَيْنَ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم (إجْمَاعٌ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى وُجُوبِ الْعَمَلِ (فِي) الْإِجْمَاعِ (الْقَطْعِيِّ الْمَنْقُولِ آحَادًا) الَّذِي لَمْ يَتَخَلَّلْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ نَاقِلِهِ وَاسِطَةٌ بِطَرِيقٍ أَوْلَى؛ لِأَنَّ احْتِمَالَ الضَّرَرِ فِي مُخَالَفَةِ الْمَقْطُوعِ بِهِ أَكْثَرُ مِنْ احْتِمَالِهِ فِي مُخَالَفَةِ الْمَظْنُونِ بِهِ وَإِذَا ثَبَتَ وُجُوبُ الْعَمَلِ بِهِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَثْبُتُ فِيمَا تَخَلَّلَ فِي نَقْلِهِ وَاسِطَةٌ أَوْ وَسَائِطُ لِعَدَمِ الْقَائِلِ بِالْفَصْلِ.

(وَقَدْ فَرَّقَ) بَيْنَ خَبَرِ الْوَاحِدِ وَنَقْلِ الْإِجْمَاعِ آحَادًا (بِإِفَادَةِ نَقْلِ الْوَاحِدِ الظَّنَّ فِي الْخَبَرِ دُونَ الْإِجْمَاعِ لِبُعْدِ انْفِرَادِهِ) أَيْ الْوَاحِدِ (بِالِاطِّلَاعِ) عَلَى الْإِجْمَاعِ وَعَدَمِ بُعْدِ انْفِرَادِ الْوَاحِدِ بِالِاطِّلَاعِ عَلَى الْخَبَرِ (وَيُدْفَعُ الِاسْتِبْعَادُ بِعَدَالَةِ النَّاقِلِ وَلَا يَسْتَلْزِمُ) نَقْلُ الْوَاحِدِ الْإِجْمَاعَ (الِانْفِرَادَ) بِهِ أَيْضًا (بَلْ) يُفِيدُ (مُجَرَّدُ عَمَلِهِ) أَيْ النَّاقِلِ (فَجَازَ عِلْمُ الَّذِي لَمْ يَنْقُلْهُ أَيْضًا) إلَّا إنْ عُورِضَ الْإِجْمَاعُ الْآحَادِيُّ بِحَالٍ يَعْمَلُ بِمَا تَقْتَضِيهِ قَاعِدَةُ التَّعَارُضِ وَهُوَ ظَاهِرٌ (مِثَالُهُ) أَيْ الْإِجْمَاعِ الْآحَادِيِّ (قَوْلُ عُبَيْدَة) السَّلْمَانِيِّ (مَا اجْتَمَعَ أَصِحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى شَيْءٍ كَاجْتِمَاعِهِمْ عَلَى مُحَافَظَةِ الْأَرْبَعِ قَبْلَ الظُّهْرِ وَالْإِسْفَارِ بِالْفَجْرِ وَتَحْرِيمِ نِكَاحِ الْأُخْتِ فِي عِدَّةِ الْأُخْتِ) كَذَا تَوَارَدَهُ الْمَشَايِخُ رحمهم الله وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ بِهِ.

نَعَمْ أَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ قَالَ لَمْ يَكُنْ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَتْرُكُونَ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ قَبْلَ الظُّهْرِ وَرَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْفَجْرِ عَلَى حَالٍ وَعَنْ إبْرَاهِيمَ قَالَ مَا أَجْمَعَ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم عَلَى شَيْءٍ مَا أَجْمَعُوا عَلَى التَّنْوِيرِ بِالْفَجْرِ، ثُمَّ فِي التَّقْوِيمِ وَحَكَى مَشَايِخُنَا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ نَصًّا أَنَّ إجْمَاعَ كُلِّ عَصْرٍ حُجَّةٌ إلَّا أَنَّهُ عَلَى مَرَاتِبَ أَرْبَعَةٍ فَالْأَقْوَى إجْمَاعُ الصَّحَابَةِ نَصًّا؛ لِأَنَّهُ لَا خِلَافَ فِيهِ بَيْنَ الْأُمَّةِ؛ لِأَنَّ الْعِتْرَةَ وَأَهْلَ الْمَدِينَةِ

ص: 115