المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[مسألة يجوز تقليد المفضول مع وجود الأفضل] - التقرير والتحبير على كتاب التحرير - جـ ٣

[ابن أمير حاج]

فهرس الكتاب

- ‌[فَصْلٌ فِي التَّعَارُضِ]

- ‌[مَسْأَلَة جَرْيِ التَّعَارُضِ بَيْنَ قَوْلَيْنِ وَنَفْيِهِ]

- ‌[مَسْأَلَة لَا تَرْجِيحَ بِكَثْرَةِ الْأَدِلَّةِ وَالرُّوَاةِ]

- ‌[فَصْلٌ يَلْحَقُ السَّمْعِيَّيْنِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ]

- ‌[مَسْأَلَة وَيَكُونُ الْبَيَانُ بِالْفِعْلِ كَالْقَوْلِ]

- ‌[مَسْأَلَة جَوَازِهِ أَيْ النَّسْخِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ جَوَازِ النَّسْخِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ نَسْخُ حُكْمِ فِعْلٍ لَا يَقْبَلُ حُسْنُهُ وَقُبْحُهُ السُّقُوطَ]

- ‌[مَسْأَلَةُ لَا يَجْرِي النَّسْخُ فِي الْأَخْبَارِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ لَا يُنْسَخُ الْحُكْمُ بِلَا بَدَلٍ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ نَسْخُ التَّكْلِيفِ بِتَكْلِيفٍ أَخَفَّ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ يَجُوزُ نَسْخُ الْقُرْآنِ بِهِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ يَجُوزُ نَسْخُ السُّنَّةِ بِالْقُرْآنِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ نَسْخُ جَمِيعِ الْقُرْآنِ مَمْنُوعٌ بِالْإِجْمَاعِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ لَا يُنْسَخُ الْإِجْمَاعُ وَلَا يُنْسَخُ بِهِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ إذَا رُجِّحَ قِيَاسٌ مُتَأَخِّرٌ لِتَأَخُّرِ شَرْعِيَّةِ حُكْمِ أَصْلِهِ عَنْ نَصٍّ عَلَى نَقِيضِ حُكْمِهِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ نَسْخُ أَحَدِ الْأَمْرَيْنِ مِنْ فَحَوَى مَنْطُوقٍ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ لَا يَثْبُتُ حُكْمُ النَّاسِخِ فِي حَقِّ الْأُمَّةِ بَعْدَ تَبْلِيغِهِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ إذَا زَادَ فِي مَشْرُوعٍ جُزْءًا أَوْ شَرْطًا لَهُ مُتَأَخِّرًا]

- ‌[مَسْأَلَةٌ يُعْرَفُ النَّاسِخُ بِنَصِّهِ عليه السلام عَلَيْهِ وَضَبْطِ تَأَخُّرِهِ]

- ‌[الْبَابُ الرَّابِعُ فِي الْإِجْمَاعِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ انْقِرَاضُ الْمُجْمِعِينَ لَيْسَ شَرْطًا لِانْعِقَادِهِ وَلَا لِحُجَّتِهِ]

- ‌[لَا يَشْتَرِطُ لِحُجِّيَّتِهِ أَيْ الْإِجْمَاعِ انْتِفَاءَ سَبْقِ خِلَافٍ مُسْتَقِرٍّ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ لَا يُشْتَرَطُ فِي حُجِّيَّتِهِ أَيْ الْإِجْمَاعِ عَدَدُ التَّوَاتُرِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي حُجِّيَّتِهِ أَيْ الْإِجْمَاعِ مَعَ كَوْنِ الْمُجْمِعِينَ أَكْثَرَ مُجْتَهِدِي ذَلِكَ الْعَصْرِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي حُجِّيَّةِ الْإِجْمَاعِ عَدَالَةُ الْمُجْتَهِدِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي حُجِّيَّةِ الْإِجْمَاعِ الْقَطْعِيَّةِ كَوْنُهُمْ أَيْ الْمُجْمِعِينَ الصَّحَابَةَ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ وَلَا يَنْعَقِدُ الْإِجْمَاعُ بِأَهْلِ الْبَيْتِ النَّبَوِيِّ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ وَلَا يَنْعَقِدُ بِالْأَرْبَعَةِ الْخُلَفَاءِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ وَلَا يَنْعَقِدُ الْإِجْمَاعُ بِالشَّيْخَيْنِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ وَلَا يَنْعَقِدُ الْإِجْمَاع بِأَهْلِ الْمَدِينَةِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ أَفْتَى بَعْضُ الْمُجْتَهِدِينَ بِشَيْءٍ مِنْ الْأُمُورِ الِاجْتِهَادِيَّةِ أَوْ قَضَى بِهِ وَاشْتَهَرَ بَيْنَ الْمُجْتَهِدِينَ مِنْ أَهْلِ عَصْرِهِ وَسَكَتُوا بَعْدَ عِلْمِهِمْ بِذَلِكَ]

- ‌[تَنْبِيهٌ لَوْ قَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْإِجْمَاعِ هَذَا مُبَاحٌ وَأَقْدَمَ الْبَاقِي عَلَى فِعْلِهِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ إذَا أُجْمِعَ عَلَى قَوْلَيْنِ فِي مَسْأَلَةٍ فِي عَصْرٍ مِنْ الْأَعْصَارِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْجُمْهُورُ إذَا أَجْمَعُوا أَيْ أَهْلُ عَصْرٍ عَلَى دَلِيلٍ لِحُكْمٍ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ لَا إجْمَاعَ إلَّا عَنْ مُسْتَنَدٍ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ لَا يَجُوزُ أَنْ لَا يَعْلَمُوا أَيْ مُجْتَهِدُو عَصْرٍ دَلِيلًا سَالِمًا عَنْ الْمُعَارِضِ الْمُكَافِئِ لَهُ عَمِلُوا بِخِلَافِهِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْمُخْتَارُ امْتِنَاعُ ارْتِدَادِ أُمَّةِ عَصْرٍ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ ظُنَّ أَنَّ قَوْلَ الشَّافِعِيِّ دِيَةُ الْيَهُودِيِّ الثُّلُثُ مِنْ دِيَةِ الْمُسْلِمِينَ يَتَمَسَّكُ فِيهِ بِالْإِجْمَاعِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ إنْكَارُ حُكْمِ الْإِجْمَاعِ الْقَطْعِيِّ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْإِجْمَاعِ يُحْتَجُّ بِهِ فِيمَا لَا يَتَوَقَّفُ حُجِّيَّتُهُ عَلَيْهِ مِنْ الْأُمُورِ الدِّينِيَّةِ]

- ‌[الْبَابُ الْخَامِسُ فِي الْقِيَاسِ]

- ‌[أَرْكَانُ قِيَاسِ الْعِلَّةِ]

- ‌[فِي الشُّرُوطِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْعِلَّةِ]

- ‌[الْكَلَامُ فِي تَقْسِيمِ الْعِلَّةِ وَشُرُوطِهَا وَطُرُقِ مَعْرِفَتِهَا]

- ‌[الْمَرْصَدُ الْأَوَّلُ فِي تَقْسِيمِ الْعِلَّةُ]

- ‌[تَتِمَّةٌ تَقْسِيمَ لَفْظُ الْعِلَّةِ بِالِاشْتِرَاكِ اللَّفْظِيِّ أَوْ الْمَجَازِ]

- ‌[الْمَرْصَدُ الثَّانِي فِي شُرُوطِ الْعِلَّةِ]

- ‌[تَنْبِيهٌ قَسَّمَ الْمُصَحِّحُونَ لِتَخْصِيصِ الْعِلَّةِ مَعَ الْمَانِعِ إلَى خَمْسَةٍ]

- ‌[لَا يُشْتَرَطُ فِي تَعْلِيلِ انْتِفَاءِ حُكْمٍ بِوُجُودِ مَانِعٍ]

- ‌[فَصْلٌ تَقْسِيم الْقِيَاسَ بِاعْتِبَارِ التَّفَاوُتِ فِي الْقُوَّةِ إلَى جَلِيٍّ وَخَفِيَ]

- ‌[مَسْأَلَةُ حُكْمِ الْقِيَاسِ الثُّبُوتُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ قَالَ الْحَنَفِيَّةُ لَا تَثْبُتُ بِهِ أَيْ بِالْقِيَاسِ الْحُدُودُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ تَكْلِيفُ الْمُجْتَهِدِ بِطَلَبِ الْمَنَاطِ]

- ‌[مَسْأَلَةُ النَّصِّ مِنْ الشَّارِعِ عَلَى الْعِلَّةِ لِلْحُكْمِ يَكْفِي فِي إيجَابِ تَعَدِّيَةِ الْحُكْمِ بِهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ الِاعْتِرَاضَاتِ الْوَارِدَةِ عَلَى الْقِيَاسِ]

- ‌[خَاتِمَةٌ لِلْكَلَامِ فِي هَذِهِ الْمَقَالَةِ الثَّانِيَةِ]

- ‌[الْمَقَالَةُ الثَّالِثَةُ فِي الِاجْتِهَادِ وَمَا يَتْبَعُهُ مِنْ التَّقْلِيدِ وَالْإِفْتَاءِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ أَنَّهُ عليه السلام مَأْمُورٌ فِي حَادِثَةٍ لَا وَحْيَ فِيهَا بِانْتِظَارِ الْوَحْيِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ طَائِفَةٌ لَا يَجُوزُ عَقْلًا اجْتِهَادُ غَيْرِ النَّبِيّ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْعَقْلِيَّاتُ مَا لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى سَمْعٍ كَحُدُوثِ الْعَالَمِ]

- ‌[مَسْأَلَةُ الْمَسْأَلَةِ الِاجْتِهَادِيَّةِ أَيْ الَّتِي لَا قَاطِعَ فِيهَا مِنْ نَصٍّ أَوْ إجْمَاعٍ]

- ‌[مَسْأَلَةُ الْمُجْتَهِدِ بَعْدَ اجْتِهَادِهِ فِي وَاقِعَةٍ أَدَّى اجْتِهَادُهُ فِيهَا إلَى حُكْمٍ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ وَاقِعَةٌ اجْتَهَدَ الْمُجْتَهِدُ فِيهَا وَأَدَّى اجْتِهَادُهُ إلَى حُكْمٍ مُعَيَّنٍ لَهَا ثُمَّ تَكَرَّرَتْ الْوَاقِعَةُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ لَا يَصِحُّ فِي مَسْأَلَةٍ لِمُجْتَهِدٍ بَلْ لِعَاقِلٍ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ قَوْلَانِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ لَا يُنْقَضُ حُكْمٌ اجْتِهَادِيٌّ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ تُعْرَفُ بِمَسْأَلَةِ التَّعْرِيضِ فِي أُصُولِ الشَّافِعِيَّةِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ يَجُوزُ خُلُوُّ الزَّمَانِ عَنْ مُجْتَهِدٍ]

- ‌[مَسْأَلَة التَّقْلِيد الْعَمَلُ بِقَوْلِ مَنْ لَيْسَ قَوْلُهُ إحْدَى الْحُجَجِ الْأَرْبَعِ الشَّرْعِيَّةِ]

- ‌[مَسْأَلَة غَيْر الْمُجْتَهِدِ المطلق يَلْزَمهُ التَّقْلِيد وَإِنَّ كَانَ مجتهدا فِي بَعْض مَسَائِل الْفِقْه]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الِاتِّفَاقُ عَلَى حِلِّ اسْتِفْتَاءِ مَنْ عُرِفَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالِاجْتِهَادِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ إفْتَاءُ غَيْرِ الْمُجْتَهِدِ بِمَذْهَبِ مُجْتَهِدٍ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ يَجُوزُ تَقْلِيدُ الْمَفْضُولِ مَعَ وُجُودِ الْأَفْضَلِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ لَا يَرْجِعُ الْمُقَلِّدُ فِيمَا قَلَّدَ الْمُجْتَهِدَ]

- ‌[إجْمَاعُ الْمُحَقِّقِينَ عَلَى مَنْعِ الْعَوَامّ مِنْ تَقْلِيدِ أَعْيَانِ الصَّحَابَةِ]

- ‌[خَاتِمَة]

الفصل: ‌[مسألة يجوز تقليد المفضول مع وجود الأفضل]

مِنْ مُخْتَصَرَاتِ الْفِقْهِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُفْتِيَ، وَرُجُوعُ الْعَامِّيِّ إلَيْهِ إذَا لَمْ يَكُنْ سِوَاهُ أَوْلَى مِنْ الِارْتِبَاكِ فِي الْحِيرَةِ، وَكُلُّ هَذَا فِيمَنْ لَمْ يَنْقُلْ عَنْ غَيْرِهِ. أَمَّا النَّاقِلُ فَلَا يُمْنَعُ فَإِذَا ذَكَرَ الْعَامِّيُّ أَنَّ فُلَانًا الْمُفْتِي أَفْتَانِي بِكَذَا لَمْ يُمْنَعْ مِنْ نَقْلِ هَذَا الْقَدْرِ اهـ. لَكِنْ لَيْسَ لِلْمَذْكُورِ لَهُ الْعَمَلُ بِهِ عَلَى مَا فِي بَحْرِ الزَّرْكَشِيّ لَا يَجُوزُ لِعَامِّيٍّ أَنْ يَعْمَلَ بِفَتْوَى مُفْتٍ لِعَامِّيٍّ مِثْلِهِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ.

[مَسْأَلَةٌ يَجُوزُ تَقْلِيدُ الْمَفْضُولِ مَعَ وُجُودِ الْأَفْضَلِ]

(مَسْأَلَةٌ يَجُوزُ تَقْلِيدُ الْمَفْضُولِ مَعَ وُجُودِ الْأَفْضَلِ) فِي أُصُولِ ابْنِ مُفْلِحٍ عِنْدَ أَكْثَرِ أَصْحَابِنَا كَالْقَاضِي وَأَبِي الْخَطَّابِ وَصَاحِبِ الرَّوْضَةِ وَقَالَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ، وَأَكْثَرُ الشَّافِعِيَّةِ (وَأَحْمَدُ) فِي رِوَايَةٍ (وَطَائِفَةٌ كَثِيرَةٌ مِنْ الْفُقَهَاءِ) كَابْنِ سُرَيْجٍ وَالْقَفَّالِ وَالْمَرْوَزِيِّ وَابْنِ السَّمْعَانِيِّ (عَلَى الْمَنْعِ) وَقِيلَ يَجُوزُ لِمَنْ يَعْتَقِدُهُ فَاضِلًا أَوْ مُسَاوِيًا ثُمَّ الْخِلَافُ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْقُطْرِ الْوَاحِدِ لَا إلَى أَهْلِ الدُّنْيَا إذْ لَا خِلَافَ فِي أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ تَقْلِيدُ أَفْضَلِ أَهْلِ الدُّنْيَا، وَإِنْ كَانَ نَائِيًا عَنْ إقْلِيمِهِ ذَكَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ فِي بَحْرِهِ (لِلْأَوَّلِ) أَيْ مُجِيزِي تَقْلِيدِ الْمَفْضُولِ مَعَ وُجُودِ الْأَفْضَلِ (الْقَطْعُ) فِي عَصْرِ الصَّحَابَةِ (بِاسْتِفْتَاءِ كُلِّ صَحَابِيٍّ مَفْضُولٍ) مَعَ وُجُودِ الْأَفْضَلِ (بِلَا نَكِيرٍ عَلَى الْمُسْتَفْتِي) فَكَانَ إجْمَاعًا، وَمِنْ ثَمَّةَ قَالَ الْآمِدِيُّ: لَوْلَا إجْمَاعُ الصَّحَابَةِ عَلَى الْجَوَازِ لَكَانَ الْأَوْلَى مَذْهَبَ الْخَصْمِ، وَلَعَلَّ مُسْتَنَدَ الْإِجْمَاعِ أَنَّ الْكُلَّ طَرِيقٌ إلَى اللَّهِ تَعَالَى. قَالَ الْمُصَنِّفُ:(وَهُوَ) أَيْ كَوْنُ هَذَا دَلِيلًا عَلَى تَمَامِ الْمَطْلُوبِ (مُتَوَقِّفٌ عَلَى كَوْنِهِ) أَيْ تَقْلِيدِ الْمَفْضُولِ مَعَ وُجُودِ الْأَفْضَلِ فِي زَمَانِ الصَّحَابَةِ (كَانَ عِنْدَ مُخَالَفَتِهِ لِلْكُلِّ فَإِنَّهُ) أَيْ هَذَا (مِنْ صُوَرِهَا) أَيْ مَسْأَلَةُ جَوَازِ تَقْلِيدِ الْمَفْضُولِ مَعَ وُجُودِ الْأَفْضَلِ، وَثُبُوتُ هَذَا لَيْسَ بِالسَّهْلِ.

(وَاسْتُدِلَّ) لِلْأَوَّلِ بِأَنَّ الْعَامِّيَّ لَوْ كُلِّفَ هَذَا لَكَانَ تَكْلِيفًا بِالْمُحَالِ (بِتَعَذُّرِ التَّرْجِيحِ لِلْعَامِّيِّ) ؛ لِأَنَّ التَّرْجِيحَ فَرْعُ الْمَعْرِفَةِ، وَمَبْلَغُ عِلْمِهِ إنَّمَا يَعْرِفُ ذَا الْفَضْلِ مِنْ النَّاسِ ذَوُوهُ (أُجِيبُ بِأَنَّهُ) أَيْ التَّرْجِيحَ غَيْرُ مُسْتَحِيلٍ مِنْ الْعَامِّيِّ؛ لِأَنَّهُ يَظْهَرُ لَهُ (بِالتَّسَامُعِ) مِنْ النَّاسِ وَبِرُجُوعِ الْعُلَمَاءِ إلَيْهِ وَعَدَمِ رُجُوعِهِ إلَيْهِمْ وَكَثْرَةِ الْمُسْتَفْتِينَ وَتَقْدِيمِ سَائِرِ الْعُلَمَاءِ لَهُ. وَقَالَ (الْمَانِعُونَ) مِنْ جَوَازِهِ:(أَقْوَالُهُمْ) أَيْ الْمُجْتَهِدِينَ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمُقَلِّدِ (كَالْأَدِلَّةِ) الْمُتَعَارِضَةِ (لِلْمُجْتَهِدِ) فَلَا يُصَارُ إلَى أَحَدِهَا تَحَكُّمًا كَمَا لَا يُصَارُ إلَى بَعْضِ الْأَدِلَّةِ تَحَكُّمًا بَلْ لَا بُدَّ مِنْ التَّرْجِيحِ (فَيَجِبُ التَّرْجِيحُ) وَمَا التَّرْجِيحُ إلَّا بِكَوْنِ قَائِلِهِ أَفْضَلَ اتِّفَاقًا (أُجِيبُ) بِأَنَّ هَذَا قِيَاسٌ (لَا يُقَاوِمُ مَا ذَكَرْنَا) مِنْ الْإِجْمَاعِ لِتَقْدِيمِ الْإِجْمَاعِ عَلَى الْقِيَاسِ بِالْإِجْمَاعِ. (وَعَلِمْت مَا فِيهِ) مِنْ أَنَّهُ إنَّمَا يَتِمُّ بِالنِّسْبَةِ إلَى تَمَامِ الْمَطْلُوبِ إذَا كَانَ ذَلِكَ عِنْدَ مُخَالَفَتِهِ لِلْكُلِّ (وَتَعَسُّرِهِ) أَيْ التَّرْجِيحِ (عَلَى الْعَامِّيِّ) بِخِلَافِهِ لِبَعْضِ الْأَدِلَّةِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمُجْتَهِدِ (وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ) أَيْ التَّرْجِيحَ (إذَا كَانَ بِالتَّسَامُعِ لَا عُسْرَ عَلَيْهِ) أَيْ الْعَامِّيِّ فِيهِ (وَكَوْنُ الِاجْتِهَادِ الْمُنَاطِ) لِجَوَازِ التَّقْلِيدِ (لَا يُفِيدُ) وَهُوَ أَنْ لَا يُوجَدَ أَفْضَلُ مِنْهُ (لَنَا مَنْعُهُ عِنْدَ مُخَالَفَةِ الْمَفْضُولِ الْكُلَّ) فَيَتَرَجَّحُ الْمَنْعُ عَلَى الْجَوَازِ. هَذَا وَقَدْ ظَهَرَ عَلَى الْقَوْلِ بِتَعَيُّنِ تَقْلِيدِ الْأَفْضَلِ أَنَّهُ الْأَفْضَلُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ بِمَا ظَهَرَ مِنْ أَمَارَاتِهِ لَا الْأَفْضَلُ فِي مُجَرَّدِ ظَنِّهِ مِنْ غَيْرِ اسْتِنَادٍ إلَى أَمَارَةٍ عَلَى ذَلِكَ، نَعَمْ نَقَلَ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْغَزَالِيِّ لَوْ كَانَ يَعْتَقِدُ أَحَدَهُمْ أَعْلَمَ لَا يَجُوزُ أَنْ يُقَلِّدَ غَيْرَهُ، وَإِنْ قُلْنَا لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْبَحْثُ عَنْ الْأَعْلَمِ إذَا لَمْ يَعْتَقِدْ اخْتِصَاصَ أَحَدِهِمْ بِزِيَادَةِ عِلْمٍ فَهَذَا يُفِيدُ عَلَى الْقَوْلِ بِتَعَيُّنِ تَقْلِيدِ الْأَفْضَلِ أَنَّهُ الْأَفْضَلُ اعْتِقَادًا، وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ ذَلِكَ عِنْدَهُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ بِأَمَارَةٍ لَكِنْ لَعَلَّ هَذَا مِنْهُ إذَا لَمْ يُوجَدْ أَمَارَةٌ لِأَفْضَلِيَّةِ أَحَدِهِمْ عَلَى الْبَاقِينَ، وَإِلَّا فَلَوْ قَامَتْ أَمَارَةٌ عَلَى أَفْضَلِيَّتِهِ وَكَانَ مُعْتَقِدًا فِي غَيْرِهِ الْأَفْضَلِيَّةَ مِنْ غَيْرِ أَمَارَةٍ عَلَيْهَا فَتَقْدِيمُ ذَا عَلَى ذَاكَ لَيْسَ بِمُتَّجَهٍ بَلْ الْمُتَّجَهُ الْعَكْسُ فَلَا جَرَمَ أَنْ ذَكَرَ ابْنُ الصَّلَاحِ فِيمَا لَوْ اسْتَفْتَى أَحَدَهُمْ وَاسْتَبَانَ أَنَّهُ الْأَعْلَمُ وَالْأَوْثَقُ لَزِمَهُ بِنَاءً عَلَى تَقْلِيدِ الْأَفْضَلِ، وَإِنْ لَمْ يَسْتَبِنْ لَمْ يَلْزَمْهُ اهـ.

وَقِيلَ: الْحَقُّ أَنْ تَرَجُّحَ الْمَفْضُولِ بِدِيَانَةٍ وَوَرَعٍ وَتَحَرٍّ لِلصَّوَابِ وَعَدَمِ ذَلِكَ الْفَاضِلِ فَاسْتِفْتَاءُ الْمَفْضُولِ جَائِزٌ إنْ لَمْ يَتَعَيَّنْ، وَإِنْ اسْتَوَيَا فَاسْتِفْتَاءُ الْأَعْلَمِ أَوْلَى، وَلَوْ اسْتَوَيَا عِلْمًا وَتَفَاوَتَا وَرَعًا فَقِيلَ وَجَبَ الْأَخْذُ بِقَوْلِ الْأَوْرَعِ قُلْت وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ أَوْلَى؛ لِأَنَّ لِزِيَادَةِ الْوَرَعِ تَأْثِيرًا فِي الِاحْتِيَاطِ، وَإِنْ تَرَجَّحَ أَحَدُهُمَا فِي الْعِلْمِ وَالْآخَرُ فِي الْوَرَعِ فَالْأَرْجَحُ عَلَى مَا ذَكَرَ الرَّازِيّ وَنَصَّ السُّبْكِيُّ عَلَى أَنَّهُ الْأَصَحُّ الْأَخْذُ بِقَوْلِ الْأَعْلَمِ؛ لِأَنَّ لِزِيَادَةِ الْعِلْمِ تَأْثِيرًا فِي

ص: 349