المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[مسألة يجوز خلو الزمان عن مجتهد] - التقرير والتحبير على كتاب التحرير - جـ ٣

[ابن أمير حاج]

فهرس الكتاب

- ‌[فَصْلٌ فِي التَّعَارُضِ]

- ‌[مَسْأَلَة جَرْيِ التَّعَارُضِ بَيْنَ قَوْلَيْنِ وَنَفْيِهِ]

- ‌[مَسْأَلَة لَا تَرْجِيحَ بِكَثْرَةِ الْأَدِلَّةِ وَالرُّوَاةِ]

- ‌[فَصْلٌ يَلْحَقُ السَّمْعِيَّيْنِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ]

- ‌[مَسْأَلَة وَيَكُونُ الْبَيَانُ بِالْفِعْلِ كَالْقَوْلِ]

- ‌[مَسْأَلَة جَوَازِهِ أَيْ النَّسْخِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ جَوَازِ النَّسْخِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ نَسْخُ حُكْمِ فِعْلٍ لَا يَقْبَلُ حُسْنُهُ وَقُبْحُهُ السُّقُوطَ]

- ‌[مَسْأَلَةُ لَا يَجْرِي النَّسْخُ فِي الْأَخْبَارِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ لَا يُنْسَخُ الْحُكْمُ بِلَا بَدَلٍ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ نَسْخُ التَّكْلِيفِ بِتَكْلِيفٍ أَخَفَّ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ يَجُوزُ نَسْخُ الْقُرْآنِ بِهِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ يَجُوزُ نَسْخُ السُّنَّةِ بِالْقُرْآنِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ نَسْخُ جَمِيعِ الْقُرْآنِ مَمْنُوعٌ بِالْإِجْمَاعِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ لَا يُنْسَخُ الْإِجْمَاعُ وَلَا يُنْسَخُ بِهِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ إذَا رُجِّحَ قِيَاسٌ مُتَأَخِّرٌ لِتَأَخُّرِ شَرْعِيَّةِ حُكْمِ أَصْلِهِ عَنْ نَصٍّ عَلَى نَقِيضِ حُكْمِهِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ نَسْخُ أَحَدِ الْأَمْرَيْنِ مِنْ فَحَوَى مَنْطُوقٍ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ لَا يَثْبُتُ حُكْمُ النَّاسِخِ فِي حَقِّ الْأُمَّةِ بَعْدَ تَبْلِيغِهِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ إذَا زَادَ فِي مَشْرُوعٍ جُزْءًا أَوْ شَرْطًا لَهُ مُتَأَخِّرًا]

- ‌[مَسْأَلَةٌ يُعْرَفُ النَّاسِخُ بِنَصِّهِ عليه السلام عَلَيْهِ وَضَبْطِ تَأَخُّرِهِ]

- ‌[الْبَابُ الرَّابِعُ فِي الْإِجْمَاعِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ انْقِرَاضُ الْمُجْمِعِينَ لَيْسَ شَرْطًا لِانْعِقَادِهِ وَلَا لِحُجَّتِهِ]

- ‌[لَا يَشْتَرِطُ لِحُجِّيَّتِهِ أَيْ الْإِجْمَاعِ انْتِفَاءَ سَبْقِ خِلَافٍ مُسْتَقِرٍّ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ لَا يُشْتَرَطُ فِي حُجِّيَّتِهِ أَيْ الْإِجْمَاعِ عَدَدُ التَّوَاتُرِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي حُجِّيَّتِهِ أَيْ الْإِجْمَاعِ مَعَ كَوْنِ الْمُجْمِعِينَ أَكْثَرَ مُجْتَهِدِي ذَلِكَ الْعَصْرِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي حُجِّيَّةِ الْإِجْمَاعِ عَدَالَةُ الْمُجْتَهِدِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي حُجِّيَّةِ الْإِجْمَاعِ الْقَطْعِيَّةِ كَوْنُهُمْ أَيْ الْمُجْمِعِينَ الصَّحَابَةَ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ وَلَا يَنْعَقِدُ الْإِجْمَاعُ بِأَهْلِ الْبَيْتِ النَّبَوِيِّ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ وَلَا يَنْعَقِدُ بِالْأَرْبَعَةِ الْخُلَفَاءِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ وَلَا يَنْعَقِدُ الْإِجْمَاعُ بِالشَّيْخَيْنِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ وَلَا يَنْعَقِدُ الْإِجْمَاع بِأَهْلِ الْمَدِينَةِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ أَفْتَى بَعْضُ الْمُجْتَهِدِينَ بِشَيْءٍ مِنْ الْأُمُورِ الِاجْتِهَادِيَّةِ أَوْ قَضَى بِهِ وَاشْتَهَرَ بَيْنَ الْمُجْتَهِدِينَ مِنْ أَهْلِ عَصْرِهِ وَسَكَتُوا بَعْدَ عِلْمِهِمْ بِذَلِكَ]

- ‌[تَنْبِيهٌ لَوْ قَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْإِجْمَاعِ هَذَا مُبَاحٌ وَأَقْدَمَ الْبَاقِي عَلَى فِعْلِهِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ إذَا أُجْمِعَ عَلَى قَوْلَيْنِ فِي مَسْأَلَةٍ فِي عَصْرٍ مِنْ الْأَعْصَارِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْجُمْهُورُ إذَا أَجْمَعُوا أَيْ أَهْلُ عَصْرٍ عَلَى دَلِيلٍ لِحُكْمٍ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ لَا إجْمَاعَ إلَّا عَنْ مُسْتَنَدٍ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ لَا يَجُوزُ أَنْ لَا يَعْلَمُوا أَيْ مُجْتَهِدُو عَصْرٍ دَلِيلًا سَالِمًا عَنْ الْمُعَارِضِ الْمُكَافِئِ لَهُ عَمِلُوا بِخِلَافِهِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْمُخْتَارُ امْتِنَاعُ ارْتِدَادِ أُمَّةِ عَصْرٍ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ ظُنَّ أَنَّ قَوْلَ الشَّافِعِيِّ دِيَةُ الْيَهُودِيِّ الثُّلُثُ مِنْ دِيَةِ الْمُسْلِمِينَ يَتَمَسَّكُ فِيهِ بِالْإِجْمَاعِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ إنْكَارُ حُكْمِ الْإِجْمَاعِ الْقَطْعِيِّ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْإِجْمَاعِ يُحْتَجُّ بِهِ فِيمَا لَا يَتَوَقَّفُ حُجِّيَّتُهُ عَلَيْهِ مِنْ الْأُمُورِ الدِّينِيَّةِ]

- ‌[الْبَابُ الْخَامِسُ فِي الْقِيَاسِ]

- ‌[أَرْكَانُ قِيَاسِ الْعِلَّةِ]

- ‌[فِي الشُّرُوطِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْعِلَّةِ]

- ‌[الْكَلَامُ فِي تَقْسِيمِ الْعِلَّةِ وَشُرُوطِهَا وَطُرُقِ مَعْرِفَتِهَا]

- ‌[الْمَرْصَدُ الْأَوَّلُ فِي تَقْسِيمِ الْعِلَّةُ]

- ‌[تَتِمَّةٌ تَقْسِيمَ لَفْظُ الْعِلَّةِ بِالِاشْتِرَاكِ اللَّفْظِيِّ أَوْ الْمَجَازِ]

- ‌[الْمَرْصَدُ الثَّانِي فِي شُرُوطِ الْعِلَّةِ]

- ‌[تَنْبِيهٌ قَسَّمَ الْمُصَحِّحُونَ لِتَخْصِيصِ الْعِلَّةِ مَعَ الْمَانِعِ إلَى خَمْسَةٍ]

- ‌[لَا يُشْتَرَطُ فِي تَعْلِيلِ انْتِفَاءِ حُكْمٍ بِوُجُودِ مَانِعٍ]

- ‌[فَصْلٌ تَقْسِيم الْقِيَاسَ بِاعْتِبَارِ التَّفَاوُتِ فِي الْقُوَّةِ إلَى جَلِيٍّ وَخَفِيَ]

- ‌[مَسْأَلَةُ حُكْمِ الْقِيَاسِ الثُّبُوتُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ قَالَ الْحَنَفِيَّةُ لَا تَثْبُتُ بِهِ أَيْ بِالْقِيَاسِ الْحُدُودُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ تَكْلِيفُ الْمُجْتَهِدِ بِطَلَبِ الْمَنَاطِ]

- ‌[مَسْأَلَةُ النَّصِّ مِنْ الشَّارِعِ عَلَى الْعِلَّةِ لِلْحُكْمِ يَكْفِي فِي إيجَابِ تَعَدِّيَةِ الْحُكْمِ بِهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ الِاعْتِرَاضَاتِ الْوَارِدَةِ عَلَى الْقِيَاسِ]

- ‌[خَاتِمَةٌ لِلْكَلَامِ فِي هَذِهِ الْمَقَالَةِ الثَّانِيَةِ]

- ‌[الْمَقَالَةُ الثَّالِثَةُ فِي الِاجْتِهَادِ وَمَا يَتْبَعُهُ مِنْ التَّقْلِيدِ وَالْإِفْتَاءِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ أَنَّهُ عليه السلام مَأْمُورٌ فِي حَادِثَةٍ لَا وَحْيَ فِيهَا بِانْتِظَارِ الْوَحْيِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ طَائِفَةٌ لَا يَجُوزُ عَقْلًا اجْتِهَادُ غَيْرِ النَّبِيّ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْعَقْلِيَّاتُ مَا لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى سَمْعٍ كَحُدُوثِ الْعَالَمِ]

- ‌[مَسْأَلَةُ الْمَسْأَلَةِ الِاجْتِهَادِيَّةِ أَيْ الَّتِي لَا قَاطِعَ فِيهَا مِنْ نَصٍّ أَوْ إجْمَاعٍ]

- ‌[مَسْأَلَةُ الْمُجْتَهِدِ بَعْدَ اجْتِهَادِهِ فِي وَاقِعَةٍ أَدَّى اجْتِهَادُهُ فِيهَا إلَى حُكْمٍ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ وَاقِعَةٌ اجْتَهَدَ الْمُجْتَهِدُ فِيهَا وَأَدَّى اجْتِهَادُهُ إلَى حُكْمٍ مُعَيَّنٍ لَهَا ثُمَّ تَكَرَّرَتْ الْوَاقِعَةُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ لَا يَصِحُّ فِي مَسْأَلَةٍ لِمُجْتَهِدٍ بَلْ لِعَاقِلٍ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ قَوْلَانِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ لَا يُنْقَضُ حُكْمٌ اجْتِهَادِيٌّ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ تُعْرَفُ بِمَسْأَلَةِ التَّعْرِيضِ فِي أُصُولِ الشَّافِعِيَّةِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ يَجُوزُ خُلُوُّ الزَّمَانِ عَنْ مُجْتَهِدٍ]

- ‌[مَسْأَلَة التَّقْلِيد الْعَمَلُ بِقَوْلِ مَنْ لَيْسَ قَوْلُهُ إحْدَى الْحُجَجِ الْأَرْبَعِ الشَّرْعِيَّةِ]

- ‌[مَسْأَلَة غَيْر الْمُجْتَهِدِ المطلق يَلْزَمهُ التَّقْلِيد وَإِنَّ كَانَ مجتهدا فِي بَعْض مَسَائِل الْفِقْه]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الِاتِّفَاقُ عَلَى حِلِّ اسْتِفْتَاءِ مَنْ عُرِفَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالِاجْتِهَادِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ إفْتَاءُ غَيْرِ الْمُجْتَهِدِ بِمَذْهَبِ مُجْتَهِدٍ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ يَجُوزُ تَقْلِيدُ الْمَفْضُولِ مَعَ وُجُودِ الْأَفْضَلِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ لَا يَرْجِعُ الْمُقَلِّدُ فِيمَا قَلَّدَ الْمُجْتَهِدَ]

- ‌[إجْمَاعُ الْمُحَقِّقِينَ عَلَى مَنْعِ الْعَوَامّ مِنْ تَقْلِيدِ أَعْيَانِ الصَّحَابَةِ]

- ‌[خَاتِمَة]

الفصل: ‌[مسألة يجوز خلو الزمان عن مجتهد]

أَيْ الدَّعْوَى (أَنَّهُ) أَيْ التَّفْوِيضُ (لَمْ يَقَعْ وَاعْتِرَافٌ بِالْخَطَأِ) فِي نَفْيِ الْوُقُوعِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ قِبَلِ نَافِيهِ (فَالْحَقُّ أَنَّهُ) أَيْ التَّفْوِيضُ (وَقَعَ وَلَا يُنَافِي) وُقُوعَهُ (مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ) صلى الله عليه وسلم (مُتَعَبَّدٌ بِالِاجْتِهَادِ) أَيْ مَأْمُورٌ بِالْقِيَاسِ عِنْدَ حُضُورِ الْوَاقِعَةِ وَعَدَمِ النَّصِّ (؛ لِأَنَّ وُقُوعَ التَّفْوِيضِ فِي أُمُورٍ مَخْصُوصَةٍ لَا يُنَافِيهِ) أَيْ كَوْنَهُ مُتَعَبَّدًا بِالِاجْتِهَادِ، وَإِنَّمَا يُنَافِيهِ وُقُوعُهُ فِي الْكُلِّ (وَإِذَنْ فَكَوْنُهُ) صلى الله عليه وسلم (كَذَلِكَ) أَيْ فُوِّضَ إلَيْهِ (فِي الْإِذْخِرِ) فَيُجَابُ بِهِ عَنْ الِاحْتِجَاجِ بِهِ عَلَى الْوُقُوعِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ ثُبُوتُ الْمُدَّعَى إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ التَّفْوِيضِ إلَيْهِ فِي هَذِهِ الْجُزْئِيَّةِ الْخَاصَّةِ بَلْ وَلَا فِي جُزْئِيَّاتٍ خَاصَّةٍ ثُبُوتُهُ كُلِّيًّا (أَسْهَلُ مِمَّا تَكَلَّفَ) فِي أَجْوِبَتِهِ مِنْ الْوَحْيِ، أَوْ النَّسْخِ الَّذِي كَلَمْحِ الْبَصَرِ الْمُقَارِنِ لِقَوْلِ الْعَبَّاسِ مَعَ أَنَّ النَّفْسَ الْحَادِثَةَ لَا يَرْتَسِمُ فِيهَا الْمَعَانِي الْمُتَبَايِنَةُ دُفْعَةً بَلْ عَلَى التَّعَاقُبِ (وَأَقْرَبُ إلَى الْوُجُودِ) .

قُلْت: غَيْرَ أَنَّ الْكَلَامَ الْمُصَنَّفَ يُوهِمُ أَنَّ الْقَوْلَ مَا قَالَهُ الْقَائِلُونَ بِالْوُقُوعِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، فَإِنَّ الَّذِي يَظْهَرُ كَوْنُ مَحِلِّ النِّزَاعِ هُوَ الْوُقُوعَ كُلِّيًّا؛ لِأَنَّهُ الْمُتَنَازَعُ فِي جَوَازِهِ أَوَّلًا ثُمَّ فِي وُقُوعِهِ ثَانِيًا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ جَوَابِ مَانِعِيهِ وَمَوْضِعُ الْمَسْأَلَةِ لَا جَوَازُ التَّفْوِيضِ فِي الْجُمْلَةِ أَوَّلًا ثُمَّ وُقُوعُهُ ثَانِيًا لِيَتَرَتَّبَ عَلَيْهِ بِهَذِهِ الْجُزْئِيَّاتِ صِحَّةُ قَوْلِ الْقَائِلِينَ بِالْوُقُوعِ وَعَدَمُ صِحَّةِ قَوْلِ مَانِعِيهِ وَحِينَئِذٍ فَالْحَقُّ الْأَبْلَجُ أَنَّهُ إنَّمَا يَثْبُتُ الْوُقُوعُ بِثُبُوتِ سَمْعٍ يُفِيدُهُ الْمُكَلَّفُ، أَوْ مُجْتَهِدٌ، أَوْ بُنِيَ عَلَى الِاخْتِلَافِ فِي ذَلِكَ، وَالْقَطْعُ بِانْتِفَائِهِ عَلَى التَّقْدِيرَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ، وَالظَّاهِرُ انْتِفَاؤُهُ عَلَى التَّقْدِيرِ الثَّالِثِ مَعَ مَا يَشُدُّهُ مِنْ وُجُودِ الْمُنَافِي لَهُ مِنْ تَحَقُّقِ كَوْنِهِ مُتَعَبَّدًا بِالِاجْتِهَادِ ثُمَّ لَا يَتَعَيَّنُ وُقُوعُهُ فِي جُزْئِيَّاتٍ خَاصَّةٍ عَنْ وُقُوعِهِ لَهُ كُلِّيًّا وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَخْتَلِفَ فِيهِ هَذَا وَقَالَ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ: هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ، وَإِنْ أَوْرَدَهَا مُتَكَلِّمُو الْأُصُولِيِّينَ فَلَيْسَتْ بِمَعْرُوفَةٍ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ وَلَيْسَ فِيهَا كَبِيرُ فَائِدَةٍ؛ لِأَنَّ هَذَا فِي غَيْرِ الْأَنْبِيَاءِ لَمْ يُوجَدْ وَلَا يُتَوَهَّمُ وُجُودُهُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَأَمَّا فِي حَقِّ النَّبِيِّ فَقَدْ وُجِدَ انْتَهَى، وَقَدْ عَرَفْت مَا فِي هَذَا وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ

[مَسْأَلَةٌ يَجُوزُ خُلُوُّ الزَّمَانِ عَنْ مُجْتَهِدٍ]

(مَسْأَلَةٌ يَجُوزُ خُلُوُّ الزَّمَانِ عَنْ مُجْتَهِدٍ) كَمَا هُوَ الْمُخْتَارُ عِنْدَ الْأَكْثَرِ مِنْهُمْ الْآمِدِيُّ وَابْنُ الْحَاجِبِ (خِلَافًا لِلْحَنَابِلَةِ) وَالْأُسْتَاذِ أَبِي إِسْحَاقَ وَالزُّبَيْدِيِّ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ فِي مَنْعِ الْخُلُوِّ عَنْهُ مُطْلَقًا وَلِابْنِ دَقِيقِ الْعِيدِ فِي مَنْعِهِ الْخُلُوَّ عَنْهُ مَا لَمْ يَتَدَاعَ الزَّمَانُ بِتَزَلْزُلِ الْقَوَاعِدِ، فَإِنْ تَدَاعَى بِأَنْ أَتَتْ أَشْرَاطُ السَّاعَةِ الْكُبْرَى جَازَ الْخُلُوُّ عَنْهُ (قُلْت) : وَمَا أَظُنُّ أَنَّ أَحَدًا يُخَالِفُ فِي هَذَا، وَالظَّاهِرُ أَنَّ إطْلَاقَ الْمُطْلِقِينَ الْمَنْعَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا دُونَ هَذَا (لَنَا لَا مُوجِبَ) لِمَنْعِهِ.

(وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ) أَيْ عَدَمُ مُوجِبِ الْمَنْعِ (بَلْ دَلَّ عَلَى الْخُلُوُّ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم «إنَّ اللَّهَ لَا يَقْبِضُ الْعِلْمَ انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ مِنْ الْعِبَادِ وَلَكِنْ يَقْبِضُ الْعِلْمَ بِقَبْضِ الْعُلَمَاءِ» وَهَذَا هُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ (إلَى قَوْلِهِ «حَتَّى إذَا لَمْ يَبْقَ عَالِمٌ، أَوْ حَتَّى إذَا لَمْ يُبْقِ عَالِمًا اتَّخَذَ النَّاسُ رُؤَسَاءَ، أَوْ رُءُوسًا جُهَّالًا فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا» ) رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالسِّتَّةُ وَقَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم:«إنَّ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ أَنْ يُرْفَعَ الْعِلْمُ وَيَثْبُتَ الْجَهْلُ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَالْمُرَادُ بِرَفْعِ الْعِلْمِ قَبْضُهُ (قَالُوا) أَيْ الْحَنَابِلَةُ أَوَّلًا (قَالَ عليه السلام:«لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ عَلَى الْحَقِّ حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ ظَاهِرُونَ» أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ بِدُونِ لَفْظِ عَلَى الْحَقِّ وَابْنُ وَهْبٍ بِلَفْظِ «لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ عَلَى الْحَقِّ قَاهِرِينَ لِعَدُوِّهِمْ لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ، أَوْ خَالَفَهُمْ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ» وَهَذَا يُبَيِّنُ الْمُرَادَ بِأَمْرِ اللَّهِ (أَوْ حَتَّى يَظْهَرَ الدَّجَّالُ) قَالَ شَيْخُنَا الْحَافِظُ رَوَيْنَا مَعْنَاهُ مِنْ حَدِيثِ قُرَّةَ بْنِ إيَاسٍ الْمُزَنِيّ بِلَفْظِ حَتَّى يُقَاتِلُوا الدَّجَّالَ أَخْرَجَهُ الْحَافِظُ أَبُو إسْمَاعِيلَ فِي كِتَابِ ذَمِّ الْكَلَامِ وَهِيَ لَفْظَةٌ شَاذَّةٌ فَقَدْ رَوَاهُ الْحَافِظُ مِنْ أَصْحَابِ شُعْبَةَ عَنْهُ بِلَفْظِ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ فَصَرَّحَ بِعَدَمِ الْخُلُوِّ إلَى الْقِيَامَةِ وَأَشْرَاطِهَا؛ لِأَنَّ ظُهُورَ طَائِفَةٍ عَلَى الْحَقِّ فِي عَصْرٍ مُسْتَلْزِمٌ وُجُودَ الْعِلْمِ، وَالِاجْتِهَادِ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْقِيَامَ بِالْحَقِّ لَا يُمْكِنُ إلَّا بِالْعِلْمِ فَيَكُونُ الْمُجْتَهِدُ مَوْجُودًا فِي كُلِّ عَصْرٍ، وَهُوَ الْمَطْلُوبُ (أُجِيبَ لَا يَدُلُّ عَلَى نَفْيِ الْجَوَازِ) ؛ لِأَنَّ الْقَضِيَّةَ الْمُطْلَقَةَ أَعَمُّ مِنْ الضَّرُورِيَّةِ، وَالْعَامُّ لَا يَسْتَلْزِمُ الْخَاصَّ.

قَالَ الْمُصَنِّفُ (وَلَا يَخْفَى أَنَّ مُرَادَهُمْ) أَيْ الْحَنَابِلَةِ (لَا يَقَعُ) خُلُوُّ الزَّمَانِ عَنْ الْمُجْتَهِدِ (وَإِلَّا لَزِمَ كَذِبُهُ) لَوْ وَقَعَ، وَاللَّازِمُ بَاطِلٌ فَالْمَلْزُومُ مِثْلُهُ (وَالْحَدِيثُ يُفِيدُهُ) أَيْ عَدَمَ الْوُقُوعِ

ص: 339