المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[مسألة المختار امتناع ارتداد أمة عصر] - التقرير والتحبير على كتاب التحرير - جـ ٣

[ابن أمير حاج]

فهرس الكتاب

- ‌[فَصْلٌ فِي التَّعَارُضِ]

- ‌[مَسْأَلَة جَرْيِ التَّعَارُضِ بَيْنَ قَوْلَيْنِ وَنَفْيِهِ]

- ‌[مَسْأَلَة لَا تَرْجِيحَ بِكَثْرَةِ الْأَدِلَّةِ وَالرُّوَاةِ]

- ‌[فَصْلٌ يَلْحَقُ السَّمْعِيَّيْنِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ]

- ‌[مَسْأَلَة وَيَكُونُ الْبَيَانُ بِالْفِعْلِ كَالْقَوْلِ]

- ‌[مَسْأَلَة جَوَازِهِ أَيْ النَّسْخِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ جَوَازِ النَّسْخِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ نَسْخُ حُكْمِ فِعْلٍ لَا يَقْبَلُ حُسْنُهُ وَقُبْحُهُ السُّقُوطَ]

- ‌[مَسْأَلَةُ لَا يَجْرِي النَّسْخُ فِي الْأَخْبَارِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ لَا يُنْسَخُ الْحُكْمُ بِلَا بَدَلٍ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ نَسْخُ التَّكْلِيفِ بِتَكْلِيفٍ أَخَفَّ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ يَجُوزُ نَسْخُ الْقُرْآنِ بِهِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ يَجُوزُ نَسْخُ السُّنَّةِ بِالْقُرْآنِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ نَسْخُ جَمِيعِ الْقُرْآنِ مَمْنُوعٌ بِالْإِجْمَاعِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ لَا يُنْسَخُ الْإِجْمَاعُ وَلَا يُنْسَخُ بِهِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ إذَا رُجِّحَ قِيَاسٌ مُتَأَخِّرٌ لِتَأَخُّرِ شَرْعِيَّةِ حُكْمِ أَصْلِهِ عَنْ نَصٍّ عَلَى نَقِيضِ حُكْمِهِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ نَسْخُ أَحَدِ الْأَمْرَيْنِ مِنْ فَحَوَى مَنْطُوقٍ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ لَا يَثْبُتُ حُكْمُ النَّاسِخِ فِي حَقِّ الْأُمَّةِ بَعْدَ تَبْلِيغِهِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ إذَا زَادَ فِي مَشْرُوعٍ جُزْءًا أَوْ شَرْطًا لَهُ مُتَأَخِّرًا]

- ‌[مَسْأَلَةٌ يُعْرَفُ النَّاسِخُ بِنَصِّهِ عليه السلام عَلَيْهِ وَضَبْطِ تَأَخُّرِهِ]

- ‌[الْبَابُ الرَّابِعُ فِي الْإِجْمَاعِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ انْقِرَاضُ الْمُجْمِعِينَ لَيْسَ شَرْطًا لِانْعِقَادِهِ وَلَا لِحُجَّتِهِ]

- ‌[لَا يَشْتَرِطُ لِحُجِّيَّتِهِ أَيْ الْإِجْمَاعِ انْتِفَاءَ سَبْقِ خِلَافٍ مُسْتَقِرٍّ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ لَا يُشْتَرَطُ فِي حُجِّيَّتِهِ أَيْ الْإِجْمَاعِ عَدَدُ التَّوَاتُرِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي حُجِّيَّتِهِ أَيْ الْإِجْمَاعِ مَعَ كَوْنِ الْمُجْمِعِينَ أَكْثَرَ مُجْتَهِدِي ذَلِكَ الْعَصْرِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي حُجِّيَّةِ الْإِجْمَاعِ عَدَالَةُ الْمُجْتَهِدِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي حُجِّيَّةِ الْإِجْمَاعِ الْقَطْعِيَّةِ كَوْنُهُمْ أَيْ الْمُجْمِعِينَ الصَّحَابَةَ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ وَلَا يَنْعَقِدُ الْإِجْمَاعُ بِأَهْلِ الْبَيْتِ النَّبَوِيِّ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ وَلَا يَنْعَقِدُ بِالْأَرْبَعَةِ الْخُلَفَاءِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ وَلَا يَنْعَقِدُ الْإِجْمَاعُ بِالشَّيْخَيْنِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ وَلَا يَنْعَقِدُ الْإِجْمَاع بِأَهْلِ الْمَدِينَةِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ أَفْتَى بَعْضُ الْمُجْتَهِدِينَ بِشَيْءٍ مِنْ الْأُمُورِ الِاجْتِهَادِيَّةِ أَوْ قَضَى بِهِ وَاشْتَهَرَ بَيْنَ الْمُجْتَهِدِينَ مِنْ أَهْلِ عَصْرِهِ وَسَكَتُوا بَعْدَ عِلْمِهِمْ بِذَلِكَ]

- ‌[تَنْبِيهٌ لَوْ قَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْإِجْمَاعِ هَذَا مُبَاحٌ وَأَقْدَمَ الْبَاقِي عَلَى فِعْلِهِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ إذَا أُجْمِعَ عَلَى قَوْلَيْنِ فِي مَسْأَلَةٍ فِي عَصْرٍ مِنْ الْأَعْصَارِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْجُمْهُورُ إذَا أَجْمَعُوا أَيْ أَهْلُ عَصْرٍ عَلَى دَلِيلٍ لِحُكْمٍ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ لَا إجْمَاعَ إلَّا عَنْ مُسْتَنَدٍ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ لَا يَجُوزُ أَنْ لَا يَعْلَمُوا أَيْ مُجْتَهِدُو عَصْرٍ دَلِيلًا سَالِمًا عَنْ الْمُعَارِضِ الْمُكَافِئِ لَهُ عَمِلُوا بِخِلَافِهِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْمُخْتَارُ امْتِنَاعُ ارْتِدَادِ أُمَّةِ عَصْرٍ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ ظُنَّ أَنَّ قَوْلَ الشَّافِعِيِّ دِيَةُ الْيَهُودِيِّ الثُّلُثُ مِنْ دِيَةِ الْمُسْلِمِينَ يَتَمَسَّكُ فِيهِ بِالْإِجْمَاعِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ إنْكَارُ حُكْمِ الْإِجْمَاعِ الْقَطْعِيِّ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْإِجْمَاعِ يُحْتَجُّ بِهِ فِيمَا لَا يَتَوَقَّفُ حُجِّيَّتُهُ عَلَيْهِ مِنْ الْأُمُورِ الدِّينِيَّةِ]

- ‌[الْبَابُ الْخَامِسُ فِي الْقِيَاسِ]

- ‌[أَرْكَانُ قِيَاسِ الْعِلَّةِ]

- ‌[فِي الشُّرُوطِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْعِلَّةِ]

- ‌[الْكَلَامُ فِي تَقْسِيمِ الْعِلَّةِ وَشُرُوطِهَا وَطُرُقِ مَعْرِفَتِهَا]

- ‌[الْمَرْصَدُ الْأَوَّلُ فِي تَقْسِيمِ الْعِلَّةُ]

- ‌[تَتِمَّةٌ تَقْسِيمَ لَفْظُ الْعِلَّةِ بِالِاشْتِرَاكِ اللَّفْظِيِّ أَوْ الْمَجَازِ]

- ‌[الْمَرْصَدُ الثَّانِي فِي شُرُوطِ الْعِلَّةِ]

- ‌[تَنْبِيهٌ قَسَّمَ الْمُصَحِّحُونَ لِتَخْصِيصِ الْعِلَّةِ مَعَ الْمَانِعِ إلَى خَمْسَةٍ]

- ‌[لَا يُشْتَرَطُ فِي تَعْلِيلِ انْتِفَاءِ حُكْمٍ بِوُجُودِ مَانِعٍ]

- ‌[فَصْلٌ تَقْسِيم الْقِيَاسَ بِاعْتِبَارِ التَّفَاوُتِ فِي الْقُوَّةِ إلَى جَلِيٍّ وَخَفِيَ]

- ‌[مَسْأَلَةُ حُكْمِ الْقِيَاسِ الثُّبُوتُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ قَالَ الْحَنَفِيَّةُ لَا تَثْبُتُ بِهِ أَيْ بِالْقِيَاسِ الْحُدُودُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ تَكْلِيفُ الْمُجْتَهِدِ بِطَلَبِ الْمَنَاطِ]

- ‌[مَسْأَلَةُ النَّصِّ مِنْ الشَّارِعِ عَلَى الْعِلَّةِ لِلْحُكْمِ يَكْفِي فِي إيجَابِ تَعَدِّيَةِ الْحُكْمِ بِهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ الِاعْتِرَاضَاتِ الْوَارِدَةِ عَلَى الْقِيَاسِ]

- ‌[خَاتِمَةٌ لِلْكَلَامِ فِي هَذِهِ الْمَقَالَةِ الثَّانِيَةِ]

- ‌[الْمَقَالَةُ الثَّالِثَةُ فِي الِاجْتِهَادِ وَمَا يَتْبَعُهُ مِنْ التَّقْلِيدِ وَالْإِفْتَاءِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ أَنَّهُ عليه السلام مَأْمُورٌ فِي حَادِثَةٍ لَا وَحْيَ فِيهَا بِانْتِظَارِ الْوَحْيِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ طَائِفَةٌ لَا يَجُوزُ عَقْلًا اجْتِهَادُ غَيْرِ النَّبِيّ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْعَقْلِيَّاتُ مَا لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى سَمْعٍ كَحُدُوثِ الْعَالَمِ]

- ‌[مَسْأَلَةُ الْمَسْأَلَةِ الِاجْتِهَادِيَّةِ أَيْ الَّتِي لَا قَاطِعَ فِيهَا مِنْ نَصٍّ أَوْ إجْمَاعٍ]

- ‌[مَسْأَلَةُ الْمُجْتَهِدِ بَعْدَ اجْتِهَادِهِ فِي وَاقِعَةٍ أَدَّى اجْتِهَادُهُ فِيهَا إلَى حُكْمٍ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ وَاقِعَةٌ اجْتَهَدَ الْمُجْتَهِدُ فِيهَا وَأَدَّى اجْتِهَادُهُ إلَى حُكْمٍ مُعَيَّنٍ لَهَا ثُمَّ تَكَرَّرَتْ الْوَاقِعَةُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ لَا يَصِحُّ فِي مَسْأَلَةٍ لِمُجْتَهِدٍ بَلْ لِعَاقِلٍ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ قَوْلَانِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ لَا يُنْقَضُ حُكْمٌ اجْتِهَادِيٌّ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ تُعْرَفُ بِمَسْأَلَةِ التَّعْرِيضِ فِي أُصُولِ الشَّافِعِيَّةِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ يَجُوزُ خُلُوُّ الزَّمَانِ عَنْ مُجْتَهِدٍ]

- ‌[مَسْأَلَة التَّقْلِيد الْعَمَلُ بِقَوْلِ مَنْ لَيْسَ قَوْلُهُ إحْدَى الْحُجَجِ الْأَرْبَعِ الشَّرْعِيَّةِ]

- ‌[مَسْأَلَة غَيْر الْمُجْتَهِدِ المطلق يَلْزَمهُ التَّقْلِيد وَإِنَّ كَانَ مجتهدا فِي بَعْض مَسَائِل الْفِقْه]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الِاتِّفَاقُ عَلَى حِلِّ اسْتِفْتَاءِ مَنْ عُرِفَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالِاجْتِهَادِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ إفْتَاءُ غَيْرِ الْمُجْتَهِدِ بِمَذْهَبِ مُجْتَهِدٍ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ يَجُوزُ تَقْلِيدُ الْمَفْضُولِ مَعَ وُجُودِ الْأَفْضَلِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ لَا يَرْجِعُ الْمُقَلِّدُ فِيمَا قَلَّدَ الْمُجْتَهِدَ]

- ‌[إجْمَاعُ الْمُحَقِّقِينَ عَلَى مَنْعِ الْعَوَامّ مِنْ تَقْلِيدِ أَعْيَانِ الصَّحَابَةِ]

- ‌[خَاتِمَة]

الفصل: ‌[مسألة المختار امتناع ارتداد أمة عصر]

إنَّمَا عُرِفَ حُجَّةً كَرَامَةً لِهَذِهِ الْأُمَّةِ لِحَاجَتِهِمْ إلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم خَاتَمُ الْأَنْبِيَاءِ وَمَتَى وَقَعَتْ حَادِثَةٌ لَيْسَ فِيهَا نَصٌّ قَاطِعٌ وَعَمِلُوا فِيهَا بِالِاجْتِهَادِ وَهُوَ مُحْتَمِلٌ لِلْخَطَأِ. وَجَازَ أَنْ يَكُونُوا عَلَى الْخَطَأِ

كَانَ قَوْلًا بِخُرُوجِ الْحَقِّ عَنْ جَمِيعِ الْأُمَّةِ وَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ وَمَسُّ الْحَاجَةِ إلَى تَجْدِيدِ الرِّسَالَةِ وَلَا وَجْهَ إلَيْهِ لِإِخْبَارِ اللَّهِ تَعَالَى بِكَوْنِ رَسُولِنَا صلى الله عليه وسلم خَاتَمَ الْأَنْبِيَاءِ فَصَارَ الْإِجْمَاعُ حُجَّةً لِهَذِهِ الْحَاجَةِ أَلَا يُرَى أَنَّ إجْمَاعَ الْأُمَمِ السَّالِفَةِ لَيْسَ بِحُجَّةٍ لِمَا أَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ لِوُجُودِ الدَّلِيلِ الْقَاطِعِ حَالَ حَيَاةِ رُسُلِهِمْ وَبَعْدَ وَفَاتِهِمْ بِتَجْدِيدِ الرِّسَالَةِ وَلِهَذَا لَا يَنْعَقِدُ الْإِجْمَاعُ فِي حَالِ حَيَاةِ الرَّسُولِ فَظَهَرَ أَنَّ الْحَاجَةَ فِي مَوْضِعِ الْقِيَاسِ وَخَبَرِ الْوَاحِدِ دُونَ مَوْضِعِ الْآيَةِ الْمُفَسِّرَةِ وَالْخَبَرِ الْمُتَوَاتِرِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ الْحُكْمُ قَطْعًا فِي أَحَدِ الْمَوْضِعَيْنِ وَثَبَتَ فِي الْمَوْضِعِ الْآخَرِ فَيَنْعَقِدُ فِي مَوْضِعِ الْحَاجَةِ لَا فِي مَوْضِعٍ لَمْ تَمَسَّ الْحَاجَةُ إلَيْهِ وَلِعَامَّةِ الْعُلَمَاءِ أَنَّ الدَّلَائِلَ الْمُوجِبَةَ لِكَوْنِهِ حُجَّةً لَا تُفْصَلُ بَيْنَمَا إذَا كَانَ الدَّاعِي دَلِيلًا قَاطِعًا أَوْ ظَاهِرًا مَعَ الشُّبْهَةِ فَاشْتِرَاطُ الْقَطْعِيِّ تَقْيِيدٌ لِلْمُطْلَقِ بِلَا دَلِيلٍ وَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ، ثُمَّ إذَا كَانَ الْمَبْنِيُّ عَلَى الدَّلِيلِ الْمُحْتَمَلِ حُجَّةً فَعَلَى الْمُتَيَقَّنِ أَوْلَى كَمَا يُشِيرُ إلَيْهِ قَوْلُهُ (وَإِذَا قِيلَ) الْقِيَاسُ الْمُسْتَنِدُ إلَى قَطْعِيٍّ (يُفِيدُهَا) أَيْ الْقَطْعِيَّةَ (بِأَوْلَى) أَيْ بِطَرِيقٍ أَوْلَى لِمَا فِيهِ مِنْ زِيَادَةِ التَّأْكِيدِ وَطُمَأْنِينَةِ الْقَلْبِ (انْتَفَى) التَّوَجُّهُ الْمَذْكُورُ (هَذَا عَلَى عَدَمِ تَفَاوُتِ الْقَطْعِيِّ قُوَّةً كَمَا أَسْلَفْنَاهُ) .

وَأَمَّا عَلَى تَفَاوُتِهِ فَبِطَرِيقٍ أَوْلَى، ثُمَّ إذَا ثَبَتَ أَنَّ الْإِجْمَاعَ حُجَّةٌ فَالْحَاجَةُ إلَى مُطْلَقِ الْحُجَّةِ وَالدَّلِيلِ ثَابِتَةٌ وَفِي كَثْرَةِ الدَّلَائِلِ تَيْسِيرٌ عَلَى النَّاسِ لِيَطْلُبُوا الْحَقَّ بِأَيِّ دَلِيلٍ اتَّفَقَ لَهُمْ وَتَيَسَّرَ عَلَيْهِمْ وَهُوَ جَائِزٌ بَلْ وَاقِعٌ بَلْ وَمُرَادٌ لَهُمْ مِنْ الشَّارِعِ كَمَا نَطَقَ بِهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَفِي الْمِيزَانِ وَلِأَنَّا وَجَدْنَا فِي حَادِثَةٍ وَاحِدَةٍ الْكِتَابَ وَالْخَبَرَ الْمُتَوَاتِرَ، وَإِنْ كَانَتْ الْحَاجَةُ الْمَاسَّةُ تَرْتَفِعُ بِأَحَدِهِمَا فَكَذَا إذَا وُجِدَ الْإِجْمَاعُ مَعَهَا وَلِأَنَّ أَكْثَرَ مَا فِي الْبَابِ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ وَلَكِنْ فِيهِ فَائِدَةٌ وَهُوَ مَا ذَكَرْنَا مِنْ التَّيْسِيرِ وَالتَّخْفِيفِ وَرَفْعِ الْمُؤْنَةِ عَنْ طَلَبِ الْحَقِّ بِالِاجْتِهَادِ لِمَا فِيهِ مِنْ زِيَادَةِ التَّأْكِيدِ وَطُمَأْنِينَةِ الْقَلْبِ، وَأَمَّا فِي زَمَنِ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم فَيَجُوزُ أَنْ يَنْعَقِدَ الْإِجْمَاعُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَيَكُونَ الْإِجْمَاعُ حُجَّةً وَقَوْلُ الرَّسُولِ حُجَّةٌ فَيَكُونَ حُجَّتَيْنِ وَهَكَذَا تَقُولُ فِي الْأُمَمِ السَّالِفَةِ إنَّ الْإِجْمَاعَ حُجَّةٌ لِمَا قُلْنَا انْتَهَى هَذَا، وَفِي التَّلْوِيحِ وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا مَعْنَى لِلنِّزَاعِ فِي كَوْنِ السَّنَدِ قَطْعِيًّا؛ لِأَنَّهُ إنْ أُرِيدَ أَنَّهُ لَا يَقَعُ اتِّفَاقُ مُجْتَهِدِي عَصْرٍ عَلَى حُكْمٍ ثَابِتٍ بِدَلِيلٍ قَطْعِيٍّ فَظَاهِرُ الْبُطْلَانِ، وَكَذَا إنْ أُرِيدَ أَنَّهُ لَا يُسَمَّى إجْمَاعًا؛ لِأَنَّ الْحَدَّ صَادِقٌ عَلَيْهِ، وَإِنْ أُرِيدَ أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ الْحُكْمُ فَلَا يُتَصَوَّرُ النِّزَاعُ فِيهِ؛ لِأَنَّ إثْبَاتَ الثَّابِتِ مُحَالٌ.

[مَسْأَلَةٌ لَا يَجُوزُ أَنْ لَا يَعْلَمُوا أَيْ مُجْتَهِدُو عَصْرٍ دَلِيلًا سَالِمًا عَنْ الْمُعَارِضِ الْمُكَافِئِ لَهُ عَمِلُوا بِخِلَافِهِ]

(مَسْأَلَةٌ لَا يَجُوزُ أَنْ لَا يَعْلَمُوا) أَيْ مُجْتَهِدُو عَصْرٍ (دَلِيلًا رَاجِحًا) أَيْ سَالِمًا عَنْ الْمُعَارِضِ الْمُكَافِئِ لَهُ (عَمِلُوا بِخِلَافِهِ وَاخْتَلَفُوا فِيمَا عَمِلُوا عَلَى وَفْقِهِ) أَيْ الدَّلِيلِ الرَّاجِحِ حَالَ كَوْنِهِمْ (مُصِيبِينَ) فِي الْحُكْمِ لَكِنْ بِدَلِيلٍ مَرْجُوحٍ (فَقِيلَ كَذَلِكَ) أَيْ لَا يَجُوزُ (لِأَنَّ الرَّاجِحَ سَبِيلُهُمْ) أَيْ الْمُؤْمِنِينَ (وَعَمِلُوا بِغَيْرِهِ) أَيْ بِغَيْرِ الرَّاجِحِ؛ لِأَنَّ مُجَرَّدَ مُوَافَقَةِ الْحُكْمِ لِلدَّلِيلِ لَيْسَ اتِّبَاعًا لَهُ بَلْ إذَا أَخَذُوهُ مِنْهُ (وَالْمُجَوِّزُ) لِعَمَلِهِمْ عَلَى وَفْقٍ رَاجِحٍ مُصِيبِينَ فِي الْحُكْمِ لَكِنَّ الْمَرْجُوحَ يَقُولُ (لَيْسَ) عَدَمُ الْعِلْمِ بِالرَّاجِحِ (بِإِجْمَاعٍ عَلَى عَدَمِهِ) أَيْ الرَّاجِحِ (لِيَكُونَ) عَمَلُهُمْ بِالْمَرْجُوحِ عَلَى وَفْقِ الرَّاجِحِ (خَطَأً) فَإِنَّ الْخَطَأَ مِنْ فِعْلِ الْمُكَلَّفِ وَعَدَمُ الْعِلْمِ لَيْسَ مِنْ فِعْلِهِ كَمَا لَوْ لَمْ يَحْكُمُوا فِي وَاقِعَةٍ بِحُكْمٍ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ قَوْلًا بِعَدَمِ الْحُكْمِ فِيهَا (وَسَبِيلُهُمْ مَا عَمِلُوا بِهِ لَا مَا) أَيْ لَا الرَّاجِحُ الَّذِي (لَمْ يَخْطِرْ لَهُمْ بَلْ هُوَ) أَيْ الَّذِي لَمْ يَخْطِرْ لَهُمْ (حِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ لَمْ يَخْطِرْ لَهُمْ (مِنْ شَأْنِهِ) أَنْ يَكُونَ سَبِيلَهُمْ لَا أَنَّهُ سَبِيلُهُمْ بِالْفِعْلِ وَاخْتَارَهُ الْآمِدِيُّ وَاِبْنُ الْحَاجِبِ، ثُمَّ الْحَاصِلُ أَنَّهُمْ غَيْرُ مُكَلَّفِينَ بِالْعَمَلِ بِمَا لَمْ يَظْهَرْ لَهُمْ وَلَمْ يَبْلُغْهُمْ فَاشْتِرَاكُهُمْ فِي عَدَمِ الْعِلْمِ بِهِ لَا مَحْذُورَ فِيهِ.

[مَسْأَلَةٌ الْمُخْتَارُ امْتِنَاعُ ارْتِدَادِ أُمَّةِ عَصْرٍ]

(مَسْأَلَةٌ الْمُخْتَارُ امْتِنَاعُ ارْتِدَادِ أُمَّةِ عَصْرٍ سَمْعًا، وَإِنْ جَازَ) ارْتِدَادُهُمْ (عَقْلًا) إذْ لَا مَانِعَ مِنْهُ (وَقِيلَ يَجُوزُ) شَرْعًا كَمَا يَجُوزُ عَقْلًا (لَنَا أَنَّهُ) أَيْ ارْتِدَادَهُمْ (إجْمَاعٌ عَلَى الضَّلَالَةِ) فَإِنَّ الرِّدَّةَ ضَلَالَةٌ وَأَيُّ ضَلَالَةٍ. (وَالسَّمْعِيَّةُ) مِنْ الْأَدِلَّةِ الْمُتَقَدِّمَةِ عَلَى حُجِّيَّةِ الْإِجْمَاعِ (تَنْفِيهِ) أَيْ إجْمَاعَهُمْ عَلَى الضَّلَالَةِ (وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ الرِّدَّةَ تُخْرِجُهُمْ) أَيْ الْأُمَّةَ (عَنْ تَنَاوُلِهَا) أَيْ السَّمْعِيَّةِ إيَّاهُمْ (إذْ لَيْسُوا أُمَّتَهُ) حِينَئِذٍ (وَالْجَوَابُ يَصْدُقُ) إذَا ارْتَدُّوا أَنَّهُ (ارْتَدَّتْ

ص: 112