المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[مسألة الإجماع يحتج به فيما لا يتوقف حجيته عليه من الأمور الدينية] - التقرير والتحبير على كتاب التحرير - جـ ٣

[ابن أمير حاج]

فهرس الكتاب

- ‌[فَصْلٌ فِي التَّعَارُضِ]

- ‌[مَسْأَلَة جَرْيِ التَّعَارُضِ بَيْنَ قَوْلَيْنِ وَنَفْيِهِ]

- ‌[مَسْأَلَة لَا تَرْجِيحَ بِكَثْرَةِ الْأَدِلَّةِ وَالرُّوَاةِ]

- ‌[فَصْلٌ يَلْحَقُ السَّمْعِيَّيْنِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ]

- ‌[مَسْأَلَة وَيَكُونُ الْبَيَانُ بِالْفِعْلِ كَالْقَوْلِ]

- ‌[مَسْأَلَة جَوَازِهِ أَيْ النَّسْخِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ جَوَازِ النَّسْخِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ نَسْخُ حُكْمِ فِعْلٍ لَا يَقْبَلُ حُسْنُهُ وَقُبْحُهُ السُّقُوطَ]

- ‌[مَسْأَلَةُ لَا يَجْرِي النَّسْخُ فِي الْأَخْبَارِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ لَا يُنْسَخُ الْحُكْمُ بِلَا بَدَلٍ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ نَسْخُ التَّكْلِيفِ بِتَكْلِيفٍ أَخَفَّ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ يَجُوزُ نَسْخُ الْقُرْآنِ بِهِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ يَجُوزُ نَسْخُ السُّنَّةِ بِالْقُرْآنِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ نَسْخُ جَمِيعِ الْقُرْآنِ مَمْنُوعٌ بِالْإِجْمَاعِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ لَا يُنْسَخُ الْإِجْمَاعُ وَلَا يُنْسَخُ بِهِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ إذَا رُجِّحَ قِيَاسٌ مُتَأَخِّرٌ لِتَأَخُّرِ شَرْعِيَّةِ حُكْمِ أَصْلِهِ عَنْ نَصٍّ عَلَى نَقِيضِ حُكْمِهِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ نَسْخُ أَحَدِ الْأَمْرَيْنِ مِنْ فَحَوَى مَنْطُوقٍ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ لَا يَثْبُتُ حُكْمُ النَّاسِخِ فِي حَقِّ الْأُمَّةِ بَعْدَ تَبْلِيغِهِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ إذَا زَادَ فِي مَشْرُوعٍ جُزْءًا أَوْ شَرْطًا لَهُ مُتَأَخِّرًا]

- ‌[مَسْأَلَةٌ يُعْرَفُ النَّاسِخُ بِنَصِّهِ عليه السلام عَلَيْهِ وَضَبْطِ تَأَخُّرِهِ]

- ‌[الْبَابُ الرَّابِعُ فِي الْإِجْمَاعِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ انْقِرَاضُ الْمُجْمِعِينَ لَيْسَ شَرْطًا لِانْعِقَادِهِ وَلَا لِحُجَّتِهِ]

- ‌[لَا يَشْتَرِطُ لِحُجِّيَّتِهِ أَيْ الْإِجْمَاعِ انْتِفَاءَ سَبْقِ خِلَافٍ مُسْتَقِرٍّ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ لَا يُشْتَرَطُ فِي حُجِّيَّتِهِ أَيْ الْإِجْمَاعِ عَدَدُ التَّوَاتُرِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي حُجِّيَّتِهِ أَيْ الْإِجْمَاعِ مَعَ كَوْنِ الْمُجْمِعِينَ أَكْثَرَ مُجْتَهِدِي ذَلِكَ الْعَصْرِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي حُجِّيَّةِ الْإِجْمَاعِ عَدَالَةُ الْمُجْتَهِدِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي حُجِّيَّةِ الْإِجْمَاعِ الْقَطْعِيَّةِ كَوْنُهُمْ أَيْ الْمُجْمِعِينَ الصَّحَابَةَ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ وَلَا يَنْعَقِدُ الْإِجْمَاعُ بِأَهْلِ الْبَيْتِ النَّبَوِيِّ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ وَلَا يَنْعَقِدُ بِالْأَرْبَعَةِ الْخُلَفَاءِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ وَلَا يَنْعَقِدُ الْإِجْمَاعُ بِالشَّيْخَيْنِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ وَلَا يَنْعَقِدُ الْإِجْمَاع بِأَهْلِ الْمَدِينَةِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ أَفْتَى بَعْضُ الْمُجْتَهِدِينَ بِشَيْءٍ مِنْ الْأُمُورِ الِاجْتِهَادِيَّةِ أَوْ قَضَى بِهِ وَاشْتَهَرَ بَيْنَ الْمُجْتَهِدِينَ مِنْ أَهْلِ عَصْرِهِ وَسَكَتُوا بَعْدَ عِلْمِهِمْ بِذَلِكَ]

- ‌[تَنْبِيهٌ لَوْ قَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْإِجْمَاعِ هَذَا مُبَاحٌ وَأَقْدَمَ الْبَاقِي عَلَى فِعْلِهِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ إذَا أُجْمِعَ عَلَى قَوْلَيْنِ فِي مَسْأَلَةٍ فِي عَصْرٍ مِنْ الْأَعْصَارِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْجُمْهُورُ إذَا أَجْمَعُوا أَيْ أَهْلُ عَصْرٍ عَلَى دَلِيلٍ لِحُكْمٍ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ لَا إجْمَاعَ إلَّا عَنْ مُسْتَنَدٍ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ لَا يَجُوزُ أَنْ لَا يَعْلَمُوا أَيْ مُجْتَهِدُو عَصْرٍ دَلِيلًا سَالِمًا عَنْ الْمُعَارِضِ الْمُكَافِئِ لَهُ عَمِلُوا بِخِلَافِهِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْمُخْتَارُ امْتِنَاعُ ارْتِدَادِ أُمَّةِ عَصْرٍ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ ظُنَّ أَنَّ قَوْلَ الشَّافِعِيِّ دِيَةُ الْيَهُودِيِّ الثُّلُثُ مِنْ دِيَةِ الْمُسْلِمِينَ يَتَمَسَّكُ فِيهِ بِالْإِجْمَاعِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ إنْكَارُ حُكْمِ الْإِجْمَاعِ الْقَطْعِيِّ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْإِجْمَاعِ يُحْتَجُّ بِهِ فِيمَا لَا يَتَوَقَّفُ حُجِّيَّتُهُ عَلَيْهِ مِنْ الْأُمُورِ الدِّينِيَّةِ]

- ‌[الْبَابُ الْخَامِسُ فِي الْقِيَاسِ]

- ‌[أَرْكَانُ قِيَاسِ الْعِلَّةِ]

- ‌[فِي الشُّرُوطِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْعِلَّةِ]

- ‌[الْكَلَامُ فِي تَقْسِيمِ الْعِلَّةِ وَشُرُوطِهَا وَطُرُقِ مَعْرِفَتِهَا]

- ‌[الْمَرْصَدُ الْأَوَّلُ فِي تَقْسِيمِ الْعِلَّةُ]

- ‌[تَتِمَّةٌ تَقْسِيمَ لَفْظُ الْعِلَّةِ بِالِاشْتِرَاكِ اللَّفْظِيِّ أَوْ الْمَجَازِ]

- ‌[الْمَرْصَدُ الثَّانِي فِي شُرُوطِ الْعِلَّةِ]

- ‌[تَنْبِيهٌ قَسَّمَ الْمُصَحِّحُونَ لِتَخْصِيصِ الْعِلَّةِ مَعَ الْمَانِعِ إلَى خَمْسَةٍ]

- ‌[لَا يُشْتَرَطُ فِي تَعْلِيلِ انْتِفَاءِ حُكْمٍ بِوُجُودِ مَانِعٍ]

- ‌[فَصْلٌ تَقْسِيم الْقِيَاسَ بِاعْتِبَارِ التَّفَاوُتِ فِي الْقُوَّةِ إلَى جَلِيٍّ وَخَفِيَ]

- ‌[مَسْأَلَةُ حُكْمِ الْقِيَاسِ الثُّبُوتُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ قَالَ الْحَنَفِيَّةُ لَا تَثْبُتُ بِهِ أَيْ بِالْقِيَاسِ الْحُدُودُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ تَكْلِيفُ الْمُجْتَهِدِ بِطَلَبِ الْمَنَاطِ]

- ‌[مَسْأَلَةُ النَّصِّ مِنْ الشَّارِعِ عَلَى الْعِلَّةِ لِلْحُكْمِ يَكْفِي فِي إيجَابِ تَعَدِّيَةِ الْحُكْمِ بِهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ الِاعْتِرَاضَاتِ الْوَارِدَةِ عَلَى الْقِيَاسِ]

- ‌[خَاتِمَةٌ لِلْكَلَامِ فِي هَذِهِ الْمَقَالَةِ الثَّانِيَةِ]

- ‌[الْمَقَالَةُ الثَّالِثَةُ فِي الِاجْتِهَادِ وَمَا يَتْبَعُهُ مِنْ التَّقْلِيدِ وَالْإِفْتَاءِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ أَنَّهُ عليه السلام مَأْمُورٌ فِي حَادِثَةٍ لَا وَحْيَ فِيهَا بِانْتِظَارِ الْوَحْيِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ طَائِفَةٌ لَا يَجُوزُ عَقْلًا اجْتِهَادُ غَيْرِ النَّبِيّ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْعَقْلِيَّاتُ مَا لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى سَمْعٍ كَحُدُوثِ الْعَالَمِ]

- ‌[مَسْأَلَةُ الْمَسْأَلَةِ الِاجْتِهَادِيَّةِ أَيْ الَّتِي لَا قَاطِعَ فِيهَا مِنْ نَصٍّ أَوْ إجْمَاعٍ]

- ‌[مَسْأَلَةُ الْمُجْتَهِدِ بَعْدَ اجْتِهَادِهِ فِي وَاقِعَةٍ أَدَّى اجْتِهَادُهُ فِيهَا إلَى حُكْمٍ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ وَاقِعَةٌ اجْتَهَدَ الْمُجْتَهِدُ فِيهَا وَأَدَّى اجْتِهَادُهُ إلَى حُكْمٍ مُعَيَّنٍ لَهَا ثُمَّ تَكَرَّرَتْ الْوَاقِعَةُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ لَا يَصِحُّ فِي مَسْأَلَةٍ لِمُجْتَهِدٍ بَلْ لِعَاقِلٍ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ قَوْلَانِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ لَا يُنْقَضُ حُكْمٌ اجْتِهَادِيٌّ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ تُعْرَفُ بِمَسْأَلَةِ التَّعْرِيضِ فِي أُصُولِ الشَّافِعِيَّةِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ يَجُوزُ خُلُوُّ الزَّمَانِ عَنْ مُجْتَهِدٍ]

- ‌[مَسْأَلَة التَّقْلِيد الْعَمَلُ بِقَوْلِ مَنْ لَيْسَ قَوْلُهُ إحْدَى الْحُجَجِ الْأَرْبَعِ الشَّرْعِيَّةِ]

- ‌[مَسْأَلَة غَيْر الْمُجْتَهِدِ المطلق يَلْزَمهُ التَّقْلِيد وَإِنَّ كَانَ مجتهدا فِي بَعْض مَسَائِل الْفِقْه]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الِاتِّفَاقُ عَلَى حِلِّ اسْتِفْتَاءِ مَنْ عُرِفَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالِاجْتِهَادِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ إفْتَاءُ غَيْرِ الْمُجْتَهِدِ بِمَذْهَبِ مُجْتَهِدٍ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ يَجُوزُ تَقْلِيدُ الْمَفْضُولِ مَعَ وُجُودِ الْأَفْضَلِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ لَا يَرْجِعُ الْمُقَلِّدُ فِيمَا قَلَّدَ الْمُجْتَهِدَ]

- ‌[إجْمَاعُ الْمُحَقِّقِينَ عَلَى مَنْعِ الْعَوَامّ مِنْ تَقْلِيدِ أَعْيَانِ الصَّحَابَةِ]

- ‌[خَاتِمَة]

الفصل: ‌[مسألة الإجماع يحتج به فيما لا يتوقف حجيته عليه من الأمور الدينية]

يَكُونُونَ فِيهِمْ، ثُمَّ الَّذِي ثَبَتَ بِنَصِّ الْبَعْضِ وَسُكُوتِ الْبَاقِينَ؛ لِأَنَّ السُّكُوتَ فِي الدَّلَالَةِ عَلَى التَّقْرِيرِ دُونَ النَّصِّ، ثُمَّ إجْمَاعُ مَنْ بَعْدَ الصَّحَابَةِ عَلَى حُكْمٍ لَمْ يَظْهَرْ فِيهِ قَوْلُ مَنْ سَبَقَهُمْ؛ لِأَنَّ الصَّحَابَةَ كَانُوا خُلَفَاءَ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم وَمَنْ بَعْدَهُمْ كَانُوا خُلَفَاءَ الصَّحَابَةِ فَيَقَعُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ خُلَفَائِهِمْ مِنْ التَّفَاوُتِ فَوْقَ مَا يَقَعُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الرَّسُولِ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ «خَيْرُ النَّاسِ رَهْطِي الَّذِينَ أَنَا فِيهِمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ يَفْشُوَا الْكَذِبُ» فَرَتَّبَهُمْ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى مَرَاتِبَ فِي الْخَيْرِيَّةِ فَكَذَلِكَ نَحْنُ نُرَتِّبُهُمْ فِي كَوْنِهِمْ حُجَّةً؛ لِأَنَّهَا نِهَايَةُ مَا تَنْتَهِي إلَيْهِ صِفَةُ الْخَيْرِيَّةِ، ثُمَّ إجْمَاعُهُمْ عَلَى حُكْمٍ سَبَقَهُمْ فِيهِ مُخَالِفٌ؛ لِأَنَّ هَذَا فَصْلٌ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيهِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ هَذَا لَا يَكُونُ إجْمَاعًا اهـ وَعَلَى هَذَا دَرَجَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الْمَشَايِخِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ.

[مَسْأَلَةٌ الْإِجْمَاعِ يُحْتَجُّ بِهِ فِيمَا لَا يَتَوَقَّفُ حُجِّيَّتُهُ عَلَيْهِ مِنْ الْأُمُورِ الدِّينِيَّةِ]

(مَسْأَلَةٌ: يُحْتَجُّ بِهِ) أَيْ الْإِجْمَاعِ (فِيمَا لَا يَتَوَقَّفُ حُجِّيَّتُهُ) أَيْ الْإِجْمَاعِ (عَلَيْهِ مِنْ الْأُمُورِ الدِّينِيَّةِ) سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ (عَقْلِيًّا كَالرُّؤْيَةِ) لِلَّهِ تَعَالَى فِي الدَّارِ الْآخِرَةِ (لَا فِي جِهَةٍ وَنَفْيِ الشَّرِيكِ) لِلَّهِ تَعَالَى (وَلِبَعْضِ الْحَنَفِيَّةِ) وَهُوَ صَدْرُ الشَّرِيعَةِ (فِي الْعَقْلِيِّ) أَيْ مَا يُدْرَكُ بِالْعَقْلِ (مُفِيدُهُ الْعَقْلُ لَا الْإِجْمَاعُ) لِاسْتِقْلَالِ الْعَقْلِ بِإِفَادَةِ الْيَقِينِ وَمَشَى عَلَى هَذَا إمَامُ الْحَرَمَيْنِ فَفِي بُرْهَانِهِ وَلَا أَثَرَ لِلْإِجْمَاعِ فِي الْعَقْلِيَّاتِ فَإِنَّ الْمُتَّبَعَ فِيهَا الْأَدِلَّةُ الْقَاطِعَةُ فَإِذَا انْتَصَبَتْ لَمْ يُعَارِضْهَا شِقَاقٌ وَلَمْ يُعَضِّدْهَا وِفَاقٌ وَتَعَقَّبَهُ، فَفِي التَّلْوِيحِ بِأَنَّ الْعَقْلِيَّ قَدْ يَكُونُ ظَنِّيًّا فَبِالْإِجْمَاعِ يَصِيرُ قَطْعِيًّا كَمَا فِي تَفْضِيلِ الصَّحَابَةِ وَكَثِيرٍ مِنْ الِاعْتِقَادِيَّات وَدُفِعَ بِأَنَّ الْعَقْلَ إنْ حَكَمَ بِهِ فَلَا يَكُونُ ظَنِّيًّا فَلَا حَاجَةَ إلَى الْإِجْمَاعِ، وَإِنْ لَمْ يَحْكُمْ بِهِ إلَّا أَنَّهُ حَصَلَ لَهُ ظَنٌّ بِهِ لَمْ يَكُنْ ثَابِتًا بِالْعَقْلِ بَلْ بِالْإِجْمَاعِ (أَوْ لَا) أَيْ أَوْ غَيْرَ عَقْلِيٍّ (كَالْعِبَادَاتِ) أَيْ كَوُجُوبِهَا مِنْ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَالصَّوْمِ وَالْحَجِّ عَلَى الْمُكَلَّفِينَ (وَفِي الدُّنْيَوِيَّةِ كَتَرْتِيبِ أُمُورِ الرَّعِيَّةِ وَالْعِمَارَاتِ وَتَدْبِيرِ الْجُيُوشِ قَوْلَانِ لِعَبْدِ الْجَبَّارِ) مِنْ الْمُعْتَزِلَةِ أَحَدُهُمَا وَعَلَيْهِ جَمَاعَةٌ وَذَكَرَ فِي الْقَوَاطِعِ أَنَّهُ الصَّحِيحُ لَيْسَ بِحُجَّةٍ فِيهَا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِأَكْثَرَ مِنْ قَوْلِ الرَّسُولِ.

وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ قَوْلَهُ إنَّمَا هُوَ حُجَّةٌ فِي أَحْكَامِ الشَّرْعِ دُونَ مَصَالِحِ الدُّنْيَا وَلِهَذَا قَالَ صلى الله عليه وسلم «أَنْتُمْ أَعْلَمُ بِأُمُورِ دُنْيَاكُمْ وَأَنَا أَعْلَمُ بِأُمُورِ دِينِكُمْ» وَكَانَ إذَا رَأَى رَأْيًا فِي الْحَرْبِ يُرَاجِعُهُ الصَّحَابَةُ فِي ذَلِكَ وَرُبَّمَا تَرَكَ رَأْيَهُ بِرَأْيِهِمْ كَمَا وَقَعَ فِي حَرْبِ بَدْرٍ وَالْخَنْدَقِ، ثَانِيهمَا وَهُوَ الْأَصَحُّ عِنْدَ الْإِمَامِ الرَّازِيِّ وَالْآمِدِيِّ وَأَتْبَاعِهِمَا وَمَشَى عَلَيْهِ ابْنُ الْحَاجِبِ وَنَصَّ فِي الْبِدَايَةِ عَلَى أَنَّهُ الْمُخْتَارُ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ (وَالْمُخْتَارُ حُجَّةٌ إنْ كَانَ اتِّفَاقُ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ وَالْعَدَالَةِ) ؛ لِأَنَّ الْأَدِلَّةَ السَّمْعِيَّةَ عَلَى حُجِّيَّتِهِ لَا تُفَصَّلُ وَقَوْلُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي أَمْرِ الْحَرْبِ وَغَيْرِهِ إنْ كَانَ عَنْ وَحْيٍ فَهُوَ الصَّوَابُ، وَإِنْ كَانَ عَنْ رَأْيٍ وَكَانَ خَطَأً فَهُوَ لَا يُقَرُّ عَلَيْهِ وَيَظْهَرُ الصَّوَابُ بِالْوَحْيِ أَوْ بِإِشَارَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ فَيُقَرُّ عَلَيْهِ وَالْإِجْمَاعُ بَعْدَ وُجُودِهِ لَا يَحْتَمِلُ الْخَطَأَ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ وَفِي الْمِيزَانِ ثُمَّ عَلَى قَوْلِ مَنْ جَعَلَهُ إجْمَاعًا هَلْ يَجِبُ الْعَمَلُ بِهِ فِي الْعَصْرِ الثَّانِي كَمَا فِي الْإِجْمَاعِ فِي أُمُورِ الدِّينِ أَمْ لَا؟ إنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ الْحَالُ يَجِبُ، وَإِنْ تَغَيَّرَ لَا يَجِبُ وَتَجُوزُ الْمُخَالَفَةُ؛ لِأَنَّ الدُّنْيَوِيَّةَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْمَصَالِحِ الْعَاجِلَةِ وَهِيَ تَحْتَمِلُ الزَّوَالَ سَاعَةً فَسَاعَةً (بِخِلَافِهِ) أَيْ الْإِجْمَاعِ (عَلَى) حِسِّيٍّ مِنْ الْحِسِّيَّاتِ (الْمُسْتَقْبَلَاتِ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ وَأُمُورِ الْآخِرَةِ لَا يُعْتَبَرُ إجْمَاعُهُمْ عَلَيْهِ مِنْ حَيْثُ هُوَ إجْمَاعٌ) عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ (بَلْ) يُعْتَبَرُ (مِنْ حَيْثُ هُوَ مَنْقُولٌ) عَمَّنْ يُوقَفُ عَلَى الْمَغِيبِ فَرَجَعَ إلَى أَنْ يَكُونَ مِنْ قَبِيلِ الْإِخْبَارَاتِ وَهُوَ لَيْسَ مِنْ أَقْسَامِ الْإِجْمَاعِ الْمَخْصُوصِ بِأُمَّةِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم وَلَا يُشْتَرَطُ لَهُ الِاجْتِهَادُ كَذَا ذَكَرَهُ صَدْرُ الشَّرِيعَةِ وَكَأَنَّ لِهَذَا قَالَ الْمُصَنِّفُ (كَذَا لِلْحَنَفِيَّةِ) وَتَعَقَّبَهُ فِي التَّلْوِيحِ بِأَنَّ الِاسْتِقْبَالَ قَدْ يَكُونُ مِمَّا لَمْ يُصَرِّحْ بِهِ الْمُخْبِرُ الصَّادِقُ بَلْ اسْتَنْبَطَهُ الْمُجْتَهِدُونَ مِنْ نُصُوصِهِ فَيُفِيدُ الْإِجْمَاعُ قَطْعِيَّتَهُ وَدُفِعَ بِأَنَّ الْحِسِّيَّ الِاسْتِقْبَالِيَّ لَا مَدْخَلَ لِلِاجْتِهَادِ فِيهِ فَإِنْ وَرَدَ بِهِ نَصٌّ فَهُوَ ثَابِتٌ بِهِ وَلَا احْتِيَاجَ إلَى الْإِجْمَاعِ.

وَإِنْ لَمْ يَرِدْ بِهِ نَصٌّ فَلَا مَسَاغَ لِلِاجْتِهَادِ فِيهِ وَلَا يُتَمَسَّكُ بِالْإِجْمَاعِ فِيمَا تَتَوَقَّفُ صِحَّةُ الْإِجْمَاعِ عَلَيْهِ كَوُجُودِ الْبَارِئِ تَعَالَى وَصِحَّةِ الرِّسَالَةِ وَدَلَالَةِ الْمُعْجِزَةِ عَلَى صِدْقِ الرَّسُولِ لِلُزُومِ الدَّوْرِ؛ لِأَنَّ صِحَّةَ الْإِجْمَاعِ مُتَوَقِّفَةٌ عَلَى النَّصِّ الدَّالِّ عَلَى عِصْمَةِ الْأُمَّةِ عَنْ الْخَطَأِ الْمَوْقُوفِ

ص: 116