المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[مسألة ولا يشترط في حجيته أي الإجماع مع كون المجمعين أكثر مجتهدي ذلك العصر] - التقرير والتحبير على كتاب التحرير - جـ ٣

[ابن أمير حاج]

فهرس الكتاب

- ‌[فَصْلٌ فِي التَّعَارُضِ]

- ‌[مَسْأَلَة جَرْيِ التَّعَارُضِ بَيْنَ قَوْلَيْنِ وَنَفْيِهِ]

- ‌[مَسْأَلَة لَا تَرْجِيحَ بِكَثْرَةِ الْأَدِلَّةِ وَالرُّوَاةِ]

- ‌[فَصْلٌ يَلْحَقُ السَّمْعِيَّيْنِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ]

- ‌[مَسْأَلَة وَيَكُونُ الْبَيَانُ بِالْفِعْلِ كَالْقَوْلِ]

- ‌[مَسْأَلَة جَوَازِهِ أَيْ النَّسْخِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ جَوَازِ النَّسْخِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ نَسْخُ حُكْمِ فِعْلٍ لَا يَقْبَلُ حُسْنُهُ وَقُبْحُهُ السُّقُوطَ]

- ‌[مَسْأَلَةُ لَا يَجْرِي النَّسْخُ فِي الْأَخْبَارِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ لَا يُنْسَخُ الْحُكْمُ بِلَا بَدَلٍ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ نَسْخُ التَّكْلِيفِ بِتَكْلِيفٍ أَخَفَّ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ يَجُوزُ نَسْخُ الْقُرْآنِ بِهِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ يَجُوزُ نَسْخُ السُّنَّةِ بِالْقُرْآنِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ نَسْخُ جَمِيعِ الْقُرْآنِ مَمْنُوعٌ بِالْإِجْمَاعِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ لَا يُنْسَخُ الْإِجْمَاعُ وَلَا يُنْسَخُ بِهِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ إذَا رُجِّحَ قِيَاسٌ مُتَأَخِّرٌ لِتَأَخُّرِ شَرْعِيَّةِ حُكْمِ أَصْلِهِ عَنْ نَصٍّ عَلَى نَقِيضِ حُكْمِهِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ نَسْخُ أَحَدِ الْأَمْرَيْنِ مِنْ فَحَوَى مَنْطُوقٍ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ لَا يَثْبُتُ حُكْمُ النَّاسِخِ فِي حَقِّ الْأُمَّةِ بَعْدَ تَبْلِيغِهِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ إذَا زَادَ فِي مَشْرُوعٍ جُزْءًا أَوْ شَرْطًا لَهُ مُتَأَخِّرًا]

- ‌[مَسْأَلَةٌ يُعْرَفُ النَّاسِخُ بِنَصِّهِ عليه السلام عَلَيْهِ وَضَبْطِ تَأَخُّرِهِ]

- ‌[الْبَابُ الرَّابِعُ فِي الْإِجْمَاعِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ انْقِرَاضُ الْمُجْمِعِينَ لَيْسَ شَرْطًا لِانْعِقَادِهِ وَلَا لِحُجَّتِهِ]

- ‌[لَا يَشْتَرِطُ لِحُجِّيَّتِهِ أَيْ الْإِجْمَاعِ انْتِفَاءَ سَبْقِ خِلَافٍ مُسْتَقِرٍّ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ لَا يُشْتَرَطُ فِي حُجِّيَّتِهِ أَيْ الْإِجْمَاعِ عَدَدُ التَّوَاتُرِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي حُجِّيَّتِهِ أَيْ الْإِجْمَاعِ مَعَ كَوْنِ الْمُجْمِعِينَ أَكْثَرَ مُجْتَهِدِي ذَلِكَ الْعَصْرِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي حُجِّيَّةِ الْإِجْمَاعِ عَدَالَةُ الْمُجْتَهِدِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي حُجِّيَّةِ الْإِجْمَاعِ الْقَطْعِيَّةِ كَوْنُهُمْ أَيْ الْمُجْمِعِينَ الصَّحَابَةَ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ وَلَا يَنْعَقِدُ الْإِجْمَاعُ بِأَهْلِ الْبَيْتِ النَّبَوِيِّ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ وَلَا يَنْعَقِدُ بِالْأَرْبَعَةِ الْخُلَفَاءِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ وَلَا يَنْعَقِدُ الْإِجْمَاعُ بِالشَّيْخَيْنِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ وَلَا يَنْعَقِدُ الْإِجْمَاع بِأَهْلِ الْمَدِينَةِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ أَفْتَى بَعْضُ الْمُجْتَهِدِينَ بِشَيْءٍ مِنْ الْأُمُورِ الِاجْتِهَادِيَّةِ أَوْ قَضَى بِهِ وَاشْتَهَرَ بَيْنَ الْمُجْتَهِدِينَ مِنْ أَهْلِ عَصْرِهِ وَسَكَتُوا بَعْدَ عِلْمِهِمْ بِذَلِكَ]

- ‌[تَنْبِيهٌ لَوْ قَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْإِجْمَاعِ هَذَا مُبَاحٌ وَأَقْدَمَ الْبَاقِي عَلَى فِعْلِهِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ إذَا أُجْمِعَ عَلَى قَوْلَيْنِ فِي مَسْأَلَةٍ فِي عَصْرٍ مِنْ الْأَعْصَارِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْجُمْهُورُ إذَا أَجْمَعُوا أَيْ أَهْلُ عَصْرٍ عَلَى دَلِيلٍ لِحُكْمٍ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ لَا إجْمَاعَ إلَّا عَنْ مُسْتَنَدٍ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ لَا يَجُوزُ أَنْ لَا يَعْلَمُوا أَيْ مُجْتَهِدُو عَصْرٍ دَلِيلًا سَالِمًا عَنْ الْمُعَارِضِ الْمُكَافِئِ لَهُ عَمِلُوا بِخِلَافِهِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْمُخْتَارُ امْتِنَاعُ ارْتِدَادِ أُمَّةِ عَصْرٍ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ ظُنَّ أَنَّ قَوْلَ الشَّافِعِيِّ دِيَةُ الْيَهُودِيِّ الثُّلُثُ مِنْ دِيَةِ الْمُسْلِمِينَ يَتَمَسَّكُ فِيهِ بِالْإِجْمَاعِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ إنْكَارُ حُكْمِ الْإِجْمَاعِ الْقَطْعِيِّ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْإِجْمَاعِ يُحْتَجُّ بِهِ فِيمَا لَا يَتَوَقَّفُ حُجِّيَّتُهُ عَلَيْهِ مِنْ الْأُمُورِ الدِّينِيَّةِ]

- ‌[الْبَابُ الْخَامِسُ فِي الْقِيَاسِ]

- ‌[أَرْكَانُ قِيَاسِ الْعِلَّةِ]

- ‌[فِي الشُّرُوطِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْعِلَّةِ]

- ‌[الْكَلَامُ فِي تَقْسِيمِ الْعِلَّةِ وَشُرُوطِهَا وَطُرُقِ مَعْرِفَتِهَا]

- ‌[الْمَرْصَدُ الْأَوَّلُ فِي تَقْسِيمِ الْعِلَّةُ]

- ‌[تَتِمَّةٌ تَقْسِيمَ لَفْظُ الْعِلَّةِ بِالِاشْتِرَاكِ اللَّفْظِيِّ أَوْ الْمَجَازِ]

- ‌[الْمَرْصَدُ الثَّانِي فِي شُرُوطِ الْعِلَّةِ]

- ‌[تَنْبِيهٌ قَسَّمَ الْمُصَحِّحُونَ لِتَخْصِيصِ الْعِلَّةِ مَعَ الْمَانِعِ إلَى خَمْسَةٍ]

- ‌[لَا يُشْتَرَطُ فِي تَعْلِيلِ انْتِفَاءِ حُكْمٍ بِوُجُودِ مَانِعٍ]

- ‌[فَصْلٌ تَقْسِيم الْقِيَاسَ بِاعْتِبَارِ التَّفَاوُتِ فِي الْقُوَّةِ إلَى جَلِيٍّ وَخَفِيَ]

- ‌[مَسْأَلَةُ حُكْمِ الْقِيَاسِ الثُّبُوتُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ قَالَ الْحَنَفِيَّةُ لَا تَثْبُتُ بِهِ أَيْ بِالْقِيَاسِ الْحُدُودُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ تَكْلِيفُ الْمُجْتَهِدِ بِطَلَبِ الْمَنَاطِ]

- ‌[مَسْأَلَةُ النَّصِّ مِنْ الشَّارِعِ عَلَى الْعِلَّةِ لِلْحُكْمِ يَكْفِي فِي إيجَابِ تَعَدِّيَةِ الْحُكْمِ بِهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ الِاعْتِرَاضَاتِ الْوَارِدَةِ عَلَى الْقِيَاسِ]

- ‌[خَاتِمَةٌ لِلْكَلَامِ فِي هَذِهِ الْمَقَالَةِ الثَّانِيَةِ]

- ‌[الْمَقَالَةُ الثَّالِثَةُ فِي الِاجْتِهَادِ وَمَا يَتْبَعُهُ مِنْ التَّقْلِيدِ وَالْإِفْتَاءِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ أَنَّهُ عليه السلام مَأْمُورٌ فِي حَادِثَةٍ لَا وَحْيَ فِيهَا بِانْتِظَارِ الْوَحْيِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ طَائِفَةٌ لَا يَجُوزُ عَقْلًا اجْتِهَادُ غَيْرِ النَّبِيّ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْعَقْلِيَّاتُ مَا لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى سَمْعٍ كَحُدُوثِ الْعَالَمِ]

- ‌[مَسْأَلَةُ الْمَسْأَلَةِ الِاجْتِهَادِيَّةِ أَيْ الَّتِي لَا قَاطِعَ فِيهَا مِنْ نَصٍّ أَوْ إجْمَاعٍ]

- ‌[مَسْأَلَةُ الْمُجْتَهِدِ بَعْدَ اجْتِهَادِهِ فِي وَاقِعَةٍ أَدَّى اجْتِهَادُهُ فِيهَا إلَى حُكْمٍ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ وَاقِعَةٌ اجْتَهَدَ الْمُجْتَهِدُ فِيهَا وَأَدَّى اجْتِهَادُهُ إلَى حُكْمٍ مُعَيَّنٍ لَهَا ثُمَّ تَكَرَّرَتْ الْوَاقِعَةُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ لَا يَصِحُّ فِي مَسْأَلَةٍ لِمُجْتَهِدٍ بَلْ لِعَاقِلٍ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ قَوْلَانِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ لَا يُنْقَضُ حُكْمٌ اجْتِهَادِيٌّ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ تُعْرَفُ بِمَسْأَلَةِ التَّعْرِيضِ فِي أُصُولِ الشَّافِعِيَّةِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ يَجُوزُ خُلُوُّ الزَّمَانِ عَنْ مُجْتَهِدٍ]

- ‌[مَسْأَلَة التَّقْلِيد الْعَمَلُ بِقَوْلِ مَنْ لَيْسَ قَوْلُهُ إحْدَى الْحُجَجِ الْأَرْبَعِ الشَّرْعِيَّةِ]

- ‌[مَسْأَلَة غَيْر الْمُجْتَهِدِ المطلق يَلْزَمهُ التَّقْلِيد وَإِنَّ كَانَ مجتهدا فِي بَعْض مَسَائِل الْفِقْه]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الِاتِّفَاقُ عَلَى حِلِّ اسْتِفْتَاءِ مَنْ عُرِفَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالِاجْتِهَادِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ إفْتَاءُ غَيْرِ الْمُجْتَهِدِ بِمَذْهَبِ مُجْتَهِدٍ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ يَجُوزُ تَقْلِيدُ الْمَفْضُولِ مَعَ وُجُودِ الْأَفْضَلِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ لَا يَرْجِعُ الْمُقَلِّدُ فِيمَا قَلَّدَ الْمُجْتَهِدَ]

- ‌[إجْمَاعُ الْمُحَقِّقِينَ عَلَى مَنْعِ الْعَوَامّ مِنْ تَقْلِيدِ أَعْيَانِ الصَّحَابَةِ]

- ‌[خَاتِمَة]

الفصل: ‌[مسألة ولا يشترط في حجيته أي الإجماع مع كون المجمعين أكثر مجتهدي ذلك العصر]

جَزَمَ بِهِ ابْنُ سُرَيْجٍ وَنَقَلَهُ الصَّفِيُّ الْهِنْدِيُّ عَنْ الْأَكْثَرِينَ (لِتَضَمُّنِ السَّمْعِيِّ) السَّابِقِ فِي بَيَانِ حُجِّيَّةِ الْإِجْمَاعِ (عَدَمَ خُرُوجِ الْحَقِّ عَنْ الْأُمَّةِ) مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ عَلَى أَنَّ الْأُمَّةَ تُطْلَقُ عَلَى الْوَاحِدِ أَيْضًا كَقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً} [النحل: 120] فَيَدْخُلُ تَحْتَ النُّصُوصِ الدَّالَّةِ عَلَى عِصْمَةِ الْأُمَّةِ فَيَكُونُ قَوْلُهُ حُجَّةً (وَقِيلَ لَا) يَكُونُ قَوْلُهُ حُجَّةً (لِأَنَّ الْمَنْفِيَّ عَنْهُ الْخَطَأُ الِاجْتِمَاعُ) الْمُسْتَفَادُ مِنْ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «سَأَلْت رَبِّي أَنْ لَا تَجْتَمِعَ أُمَّتِي عَلَى ضَلَالَةٍ» إلَى غَيْرِ ذَلِكَ كَمَا تَقَدَّمَ (وَسَبِيلُ الْمُؤْمِنِينَ) حَيْثُ كَانَ الْمُرَادُ بِهِ فِي الْآيَةِ الشَّرِيفَةِ الْإِجْمَاعَ

(وَهُوَ) أَيْ كُلٌّ مِنْهُمَا (مُنْتَفٍ) فِي الْوَاحِدِ إذْ لَيْسَ لَهُ اجْتِمَاعٌ وَلَيْسَ هُوَ بِالْمُؤْمِنِينَ وَنَصَّ فِي التَّحْقِيقِ وَغَيْرِهِ عَلَى أَنَّهُ الْأَظْهَرُ وَالسُّبْكِيُّ عَلَى أَنَّهُ الْمُخْتَارُ وَإِطْلَاقُ الْأُمَّةِ عَلَى إبْرَاهِيمَ مَجَازٌ لِلْقَطْعِ بِأَنَّ إطْلَاقَهَا عَلَى الْجَمَاعَةِ حَقِيقَةٌ وَالْأَصْلُ عَدَمُ الِاشْتِرَاكِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ارْتِكَابِ الْمَجَازِ فِي حَقِّ إبْرَاهِيمَ عليه السلام لِتَعْظِيمِهِ ارْتِكَابَهُ فِي حَقِّ غَيْرِهِ أَوْ بِمَعْنَى الْمُقْتَدَى فَهِيَ فُعْلَةٌ بِمَعْنَى الْمَفْعُولِ كَالرِّحْلَةِ وَالنُّخْبَةِ، مِنْ أَمَّهُ إذَا قَصَدَهُ وَاقْتَدَى بِهِ فَإِنَّ النَّاسَ كَانُوا يَأُمُّونَهُ لِلِاسْتِفَادَةِ وَيَقْتَدُونَ بِسِيرَتِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا} [البقرة: 124] وَكُنْت عَرَضْت عَلَى الْمُصَنِّفِ التَّنْبِيهَ عَلَيْهِ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ نَبَّهَ عَلَيْهِ بِذِكْرِهِ لَهُ آخِرًا مَعَ عَدَمِ تَعَقُّبِهِ فَإِنَّ الْعَادَةَ فِي حِكَايَةِ الْأَقْوَالِ مَعَ دَلَائِلِهَا مِنْ غَيْرِ تَنْصِيصٍ عَلَى اخْتِيَارِ أَحَدِهَا وَلَا تَعَقُّبِ دَلِيلِهِ أَنْ يَكُونَ الْمُخْتَارُ هُوَ الْآخَرُ وَفِي حِكَايَتِهَا بِلَا دَلِيلٍ أَنْ يَكُونَ الْمُخْتَارُ الْأَوَّلَ إلَّا أَنْ يَذْكُرَ أَنَّ غَيْرَهُ الْمُخْتَارُ.

[مَسْأَلَةٌ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي حُجِّيَّتِهِ أَيْ الْإِجْمَاعِ مَعَ كَوْنِ الْمُجْمِعِينَ أَكْثَرَ مُجْتَهِدِي ذَلِكَ الْعَصْرِ]

(مَسْأَلَةٌ وَلَا) يُشْتَرَطُ (فِي حُجِّيَّتِهِ) أَيْ الْإِجْمَاعِ (مَعَ الْأَكْثَرِ) أَيْ مَعَ كَوْنِ الْمُجْمِعِينَ أَكْثَرَ مُجْتَهِدِي ذَلِكَ الْعَصْرِ وَالْأَوْضَحُ وَلَا فِي حُجِّيَّتِهِ إجْمَاعُ الْأَكْثَرِ (عَدَدُهُ) أَيْ عَدَدُ التَّوَاتُرِ (فِي الْأَقَلِّ) الَّذِينَ لَمْ يُوَافِقُوا الْمُجْتَهِدِينَ (وَإِلَّا) فَإِنْ كَانَ الْأَقَلُّ يَبْلُغُونَ عَدَدَ التَّوَاتُرِ (فَلَا) يَكُونُ إجْمَاعُ الْأَكْثَرِ حُجَّةً أَصْلًا أَيْ لَا يُفَصَّلُ هَذَا التَّفْصِيلُ مِنْ أَنَّهُ إنْ بَلَغَ الْأَقَلُّ عَدَدَ التَّوَاتُرِ مَنَعَ خِلَافُهُمْ انْعِقَادَ إجْمَاعِ الْأَكْثَرِ، وَإِنْ لَمْ يَبْلُغُوا عَدَدَ التَّوَاتُرِ لَمْ يَمْنَعْ كَمَا هُوَ مَعْزُوٌّ إلَى كَثِيرٍ مِنْ الْأُصُولِيِّينَ عَلَى مَا فِي شَرْحِ الْبَدِيعِ لِسِرَاجِ الدِّينِ الْهِنْدِيِّ قَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ وَهُوَ الَّذِي يَصِحُّ عَنْ ابْنِ جَرِيرٍ (وَمُطْلَقًا) أَيْ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي حُجِّيَّةِ إجْمَاعِ الْأَكْثَرِ كَوْنُ الْأَقَلِّ عَدَدًا مَخْصُوصًا كَعَدَدِ التَّوَاتُرِ أَوْ غَيْرِهِ بَلْ إجْمَاعُ الْأَكْثَرِ حُجَّةٌ مُطْلَقًا كَمَا عَزَاهُ فِي الْبَدِيعِ وَغَيْرِهِ (لِابْنِ جَرِيرٍ) وَأَبِي بَكْرٍ الرَّازِيِّ (وَبَعْضِ الْمُعْتَزِلَةِ) أَيْ أَبِي الْحُسَيْنِ الْحَنَّاطِ أُسْتَاذِ الْكَعْبِيِّ كَمَا فِي كَشْفِ الْبَزْدَوِيِّ وَغَيْرِهِ (وَنَقَلَ عَنْ أَحْمَدَ) أَيْضًا عَلَى مَا فِي الْكَشْفِ وَغَيْرِهِ

(وَقَالَ) أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (الْجُرْجَانِيُّ وَالرَّازِيُّ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ) عَلَى مَا فِي الْكَشْفِ أَيْضًا (أَنْ سَوَّغَ الْأَكْثَرُ اجْتِهَادَ الْأَقَلِّ كَخِلَافِ أَبِي بَكْرٍ فِي مَانِعِي الزَّكَاةِ) أَيْ فِي قِتَالِهِمْ (فَلَا) يَنْعَقِدُ الْإِجْمَاعُ مَعَ خِلَافِهِ (بِخِلَافِ) مَنْ لَمْ يُسَوِّغْ الْأَكْثَرُ اجْتِهَادَهُ فَإِنَّهُ يَنْعَقِدُ الْإِجْمَاعُ مَعَ خِلَافِهِ وَلَكِنْ يَكُونُ حُجَّةً ظَنِّيَّةً كَخِلَافِ (أَبِي مُوسَى) الْأَشْعَرِيِّ (فِي نَقْضِ النَّوْمِ) حَيْثُ لَا يَنْقُضُ كَمَا أَخْرَجَ مَعْنَاهُ عَنْهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَنَقَلَ عَنْ غَيْرِهِ مِنْ الصَّحَابَةِ أَيْضًا وَصَحَّ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ التَّابِعِينَ مِنْهُمْ ابْنُ الْمُسَيِّبِ قُلْت وَلَفْظُ السَّرَخْسِيِّ وَالْأَصَحُّ عِنْدِي مَا أَشَارَ إلَيْهِ أَبُو بَكْرٍ الرَّازِيّ أَنَّ الْوَاحِدَ إذَا خَالَفَ الْجَمَاعَةَ فَإِنْ سَوَّغُوا لَهُ ذَلِكَ الِاجْتِهَادَ لَا يَثْبُتُ حُكْمُ الْإِجْمَاعِ بِدُونِ قَوْلِهِ بِمَنْزِلَةِ خِلَافِ ابْنِ عَبَّاسٍ لِلصَّحَابَةِ فِي زَوْجٍ وَأَبَوَيْنِ وَامْرَأَةٍ وَأَبَوَيْنِ أَنَّ لِلْأُمِّ ثُلُثَ جَمِيعِ الْمَالِ، وَإِنْ لَمْ يُسَوِّغُوا لَهُ الِاجْتِهَادَ وَأَنْكَرُوا عَلَيْهِ قَوْلَهُ فَإِنَّهُ يَثْبُتُ حُكْمُ الْإِجْمَاعِ بِدُونِ قَوْلِهِ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي حِلِّ التَّفَاضُلِ فِي أَمْوَالِ الرِّبَا فَإِنَّ الصَّحَابَةَ لَمْ يُسَوِّغُوا لَهُ هَذَا الِاجْتِهَادَ حَتَّى رُوِيَ أَنَّهُ رَجَعَ إلَى قَوْلِهِمْ فَكَانَ الْإِجْمَاعُ ثَابِتًا بِدُونِ قَوْلِهِ.

وَلِهَذَا قَالَ مُحَمَّدٌ فِي الْإِمْلَاءِ لَوْ قَضَى الْقَاضِي بِجَوَازِ بَيْعِ الدِّرْهَمِ بِالدِّرْهَمَيْنِ لَمْ يَنْفُذْ قَضَاؤُهُ؛ لِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِلْإِجْمَاعِ اهـ فَجَعَلَ الْمَسْأَلَةَ مَوْضُوعَةً فِي خِلَافِ الْوَاحِدِ لَا غَيْرُ وَاَلَّذِي فِي أُصُولِ الْفِقْهِ لِأَبِي بَكْرٍ الرَّازِيِّ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي مِقْدَارِ مَنْ يُعْتَبَرُ إجْمَاعُهُ فَقَائِلُونَ جَمَاعَةٌ يَمْتَنِعُ فِي الْعَادَةِ أَنْ يُخْبِرُوا عَنْ اعْتِقَادِهِمْ فَلَا يَكُونُ خَبَرُهُمْ مُشْتَمِلًا عَلَى صِدْقِ فَإِذَا أَجْمَعُوا عَلَى قَوْلٍ ثُمَّ خَالَفَهُمْ الْعَدَدُ الْقَلِيلُ الَّذِي يَجُوزُ عَلَى مِثْلِهِمْ أَنْ يُظْهِرُوا خِلَافَ مَا يَعْتَقِدُونَ وَلَا يُعْلَمُ يَقِينًا أَنَّ خَبَرَهُمْ فِيمَا يُظْهِرُونَهُ مِنْ اعْتِقَادِهِمْ مُشْتَمِلٌ عَلَى صِدْقٍ لَمْ يُعْتَدَّ بِخِلَافِ هَؤُلَاءِ عَلَيْهِمْ إذَا

ص: 93

أَظْهَرَتْ الْجَمَاعَةُ إنْكَارَ قَوْلِهِمْ وَلَمْ يُسَوِّغُوا لَهُمْ خِلَافًا، وَإِنْ سَوَّغَتْ الْجَمَاعَةُ لِلنَّفَرِ الْيَسِيرِ خِلَافَهُمْ وَلَمْ يُنْكِرُوهُ لَمْ يَكُنْ مَا قَالَتْ بِهِ الْجَمَاعَةُ إجْمَاعًا، وَإِنْ خَالَفَ هَذِهِ الْجَمَاعَةَ جَمَاعَةٌ مِثْلُهَا فِي الصِّفَةِ الْمَذْكُورَةِ وَأَنْكَرَ بَعْضٌ عَلَى بَعْضٍ مَا قَالَهُ أَوْ لَمْ يُنْكِرْهُ لَمْ يَنْعَقِدْ بِقَوْلِ إحْدَى الْجَمَاعَتَيْنِ إجْمَاعٌ إذَا لَمْ يَثْبُتْ ضَلَالُ أَحَدِ الْفَرِيقَيْنِ عِنْدَنَا وَهَذَا لَا خِلَافَ فِيهِ.

وَقَالَ آخَرُونَ إذَا خَالَفَ عَلَى الْجَمَاعَةِ الَّتِي وَصَفْتُمْ حَالَهَا الْعَدَدُ الْيَسِيرُ، وَإِنْ كَانَ وَاحِدًا كَانَ خِلَافُهُ عَلَيْهَا خِلَافًا صَحِيحًا وَلَمْ يَثْبُتْ مَعَ خِلَافِهِ إجْمَاعٌ وَكَانَ أَبُو الْحَسَنِ يَذْهَبُ إلَى هَذَا الْقَوْلِ وَلَمْ أَسْمَعْهُ يَحْكِي عَنْ أَصْحَابِنَا فِي ذَلِكَ شَيْئًا وَسَاقَ وَجْهَ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ، ثُمَّ قَالَ وَهَذَا الْقَوْلُ أَظْهَرُ وَأَوْضَحُ دَلَالَةً مِمَّا حَكَيْنَاهُ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ فِي إثْبَاتِ خِلَافِ الْوَاحِدِ عَلَى الْجَمَاعَةِ، ثُمَّ قَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنْ كِتَابِهِ إذَا اخْتَلَفَتْ الْأُمَّةُ عَلَى قَوْلَيْنِ وَكُلُّ فِرْقَةٍ مِنْ الْكَثْرَةِ فِي حَدٍّ يَنْعَقِدُ بِمِثْلِهَا الْإِجْمَاعُ لَوْ لَمْ يُخَالِفْهَا مِثْلُهَا فَإِنَّ مِنْ النَّاسِ مَنْ يَعْتَبِرُ إجْمَاعَ الْأَكْثَرِ وَهُمْ الْحَشْوِيَّةُ وَقَالَ أَهْلُ الْعِلْمِ لَا يَنْعَقِدُ بِذَلِكَ إجْمَاعٌ وَوَجَبَ الرُّجُوعُ إلَى مَا يُوجِبُهُ الدَّلِيلُ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعَ الْقَلِيلِ إذَا كَانُوا عَلَى حَدٍّ مَتَى أَخْبَرُوا عَنْ اعْتِقَادِهِمْ لِلْحَقِّ وَظَهَرَتْ عَدَالَتُهُمْ وَوَقَعَ الْعِلْمُ بِاشْتِمَالِ خَبَرِهِمْ عَلَى صِدْقٍ عَلَى نَحْوِ مَا ذَكَرْنَا فِيمَا سَلَفَ فَقَدْ أَثْنَى اللَّهُ تَعَالَى وَرَسُولُهُ عَلَى الْقَلِيلِ وَمَدَحَهُمْ وَذَمَّ الْكَثِيرَ فَقَالَ تَعَالَى {وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ} [سبأ: 13] {وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلا قَلِيلٌ} [هود: 40]{فَلَوْلا كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُو بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الأَرْضِ إِلا قَلِيلا مِمَّنْ أَنْجَيْنَا مِنْهُمْ} [هود: 116]{وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ} [الأعراف: 187] إلَى غَيْرِ ذَلِكَ وَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم «إنَّ الْإِسْلَامَ بَدَأَ غَرِيبًا وَسَيَعُودُ كَمَا بَدَأَ فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ قِيلَ وَمَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ الَّذِينَ يُصْلِحُونَ إذَا أَفْسَدَ النَّاسُ» وَقَالَ «سَتَفْتَرِقُ أُمَّتِي عَلَى ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً كُلُّهَا فِي النَّارِ إلَّا وَاحِدَةً» إلَى غَيْرِ ذَلِكَ وَقَدْ ارْتَدَّ أَكْثَرُ النَّاسِ بَعْدَ وَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَمَنَعُوا الصَّدَقَةَ وَكَانَ الْمُحِقُّونَ الْأَقَلَّ وَهُمْ الصَّحَابَةُ وَكَانَ أَكْثَرُ النَّاسِ فِي زَمَنِ بَنِي أُمَيَّةَ عَلَى الْقَوْلِ بِإِمَامَةِ مُعَاوِيَةَ وَيَزِيدَ وَأَشْبَاهِهِمَا مِنْ مُلُوكِ بَنِي مَرْوَانَ وَالْأَقَلُّ كَانُوا عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْحَقَّ مَعَ الْأَقَلِّ لَا الْأَكْثَرِ فَبَطَلَ اعْتِبَارُ الْقِلَّةِ وَالْكَثْرَةِ.

فَإِنْ قِيلَ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم «عَلَيْكُمْ بِالْجَمَاعَةِ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ مَعَ الْوَاحِدِ وَهُوَ مِنْ الِاثْنَيْنِ أَبْعَدُ» وَقَالَ «يَدُ اللَّهِ مَعَ الْجَمَاعَةِ» وَقَالَ «عَلَيْكُمْ بِالسَّوَادِ الْأَعْظَمِ» فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ اعْتِبَارِ إجْمَاعِ الْأَكْثَرِ قِيلَ لَهُ فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْفِرْقَتَيْنِ اللَّتَيْنِ ذَكَرْنَا جَمَاعَةٌ فَلِمَ اعْتَبَرْت الْأَكْثَرَ وَلَا دَلَالَةَ فِي الْخَبَرِ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ عَلَيْكُمْ بِالْجَمَاعَةِ يَعْنِي إذَا اجْتَمَعَتْ عَلَى شَيْءٍ وَخَالَفَهَا الْوَاحِدُ وَالِاثْنَانِ فَلَا يُعْتَدُّ بِخِلَافِهَا وَلَزِمَ اتِّبَاعُ الْجَمَاعَةِ أَلَا يَرَى إلَى قَوْلِهِ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ مَعَ الْوَاحِدِ فَأَخْبَرَ أَنَّ لُزُومَ الْجَمَاعَةِ إنَّمَا يَجِبُ إذَا لَمْ يُخَالِفْهَا إلَّا الْوَاحِدُ وَالْعَدَدُ الْيَسِيرُ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ «عَلَيْكُمْ بِالسَّوَادِ الْأَعْظَمِ» مَعْنَاهُ مَا اتَّفَقَتْ عَلَيْهِ الْأُمَّةُ فِي أُصُولِ اعْتِقَادَاتِهَا فَلَا تَنْقُضُوهُ وَتَصِيرُوا إلَى خِلَافِهِ، وَكُلُّ مَنْ قَالَ بِقَوْلٍ بَاطِلٍ فَقَدْ خَالَفَ الْجَمَاعَةَ وَالسَّوَادَ الْأَعْظَمَ إمَّا فِي جُمْلَةِ اعْتِقَادِهَا أَوْ تَفْصِيلِهِ اهـ مَعَ بَعْضِ تَلْخِيصٍ وَهَذَا وَإِنْ كَانَ فِي بَعْضِهِ خِلَافٌ وَتُعُقِّبَ كَمَا سَيُعْلَمُ فَهُوَ خِلَافُ مَا نَسَبَهُ صَاحِبُ الْبَدِيعِ إلَيْهِ مِنْ أَنَّهُ عَلَى أَنَّ إجْمَاعَ الْأَكْثَرِ حُجَّةٌ مُطْلَقًا، وَصَاحِبُ الْكَشْفِ وَغَيْرُهُ إلَيْهِ مِنْ أَنَّ الْأَكْثَرَ إنْ سَوَّغَ اجْتِهَادَ الْأَقَلِّ لَمْ يَنْعَقِدْ الْإِجْمَاعُ مَعَ خِلَافِهِ، وَإِنْ لَمْ يُسَوِّغُوهُ انْعَقَدَ مَعَ خِلَافِهِ هَذَا وَنَقَلَ أَبُو إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيُّ وَإِمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَالْغَزَالِيُّ عَنْ ابْنِ جَرِيرٍ مِثْلَ مَا ذَكَرَهُ الرَّازِيّ مِنْ أَنَّهُ إنْ خَالَفَ أَكْثَرَ مِنْ اثْنَيْنِ اُعْتُبِرَ وَإِلَّا فَلَا وَنَقَلَ سُلَيْمُ الرَّازِيّ عَنْهُ إنْ خَالَفَ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةٍ اُعْتُبِرَ وَإِلَّا فَلَا وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ.

(وَالْمُخْتَارُ لَيْسَ) إجْمَاعَ الْأَكْثَرِ (إجْمَاعًا) أَصْلًا فَلَا يَكُونُ حُجَّةً قَطْعِيَّةً وَلَا ظَنِّيَّةً؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِكِتَابٍ وَلَا سُنَّةٍ وَلَا إجْمَاعٍ وَلَا قِيَاسٍ بَلْ وَلَا دَلِيلٍ مِنْ الْأَدِلَّةِ الْمُعْتَبَرَةِ مِنْ الْأَئِمَّةِ (وَ) الْمُخْتَارُ (لِبَعْضِهِمْ) وَكَأَنَّهُ ابْنُ الْحَاجِبِ (لَيْسَ إجْمَاعًا لَكِنْ حُجَّةٌ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ إصَابَتُهُمْ) أَيْ الْأَكْثَرِ (خُصُوصًا مَعَ عَلَيْكُمْ بِالسَّوَادِ الْأَعْظَمِ) كَمَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ مَاجَهْ وَالسَّوَادُ الْأَعْظَمُ هُوَ الْأَكْثَرُ (وَأَمَّا الْأَوَّلُ) أَيْ أَنَّهُ لَيْسَ إجْمَاعًا (فَانْفِرَادُ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي الْعَوْلِ) أَيْ إنْكَارُهُ مِنْ بَيْنِ الصَّحَابَةِ كَمَا أَخْرَجَهُ عَنْهُ ابْنُ شَيْبَةَ وَغَيْرُهُ فَلَا يَقْدَحُ ذَهَابُ عَطَاءٍ وَابْنِ الْحَنَفِيَّةِ وَالْبَاقِرِ

ص: 94