الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مِنْ الشُّرُوعِ قَبْلَ النِّيَّةِ إلَى أَنْ يَظْهَرَ لُحُوقُ نِيَّتِهِ فِي الْأَكْثَرِ أَوَّلًا لَا بُطْلَانُهَا فَإِنْ لَحِقَتْ انْسَحَبَ عَلَى تِلْكَ الْإِمْسَاكَاتِ حُكْمُهُمَا وَإِلَّا زَالَ التَّوَقُّفُ وَحُكِمَ بِبُطْلَانِهَا (وَذَلِكَ) أَيْ التَّوَقُّفُ (فِي الْوُجُوبِ) إنَّمَا هُوَ (فِي) لَازِمٍ (مُعَيَّنٍ) بِالضَّرُورَةِ فَظَهَرَ أَنَّ فِي مُعَيَّنٍ خَبَرُ ذَلِكَ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ (بِخِلَافِ نَحْوِ) صَوْمِ (الْكَفَّارَةِ لَمْ يَتَعَيَّنْ يَوْمُهَا لِلْوَاجِبِ) أَيْ لَمْ يُثْبِتْ الشَّرْعُ فِيهِ الْوُجُوبَ قَبْلَ النِّيَّةِ حَتَّى جَازَ فِطْرُهُ (فَلِمَشْرُوعِ الْوَقْتُ) أَيْ فَكَانَ الْمَشْرُوعُ فِيهِ مَشْرُوعُ الْوَقْتِ (وَهُوَ النَّفَلُ) فَإِذَا لَمْ يَثْبُتْ كَانَتْ تِلْكَ الْإِمْسَاكَاتُ السَّابِقَةُ عَلَى النِّيَّةِ مُتَوَقِّفَةً لِصَوْمِ النَّفْلِ فَلَا تَنْسَحِبُ نِيَّةُ الْوُجُوبِ عَلَيْهَا فَلَا تَصِيرُ وَاجِبَةً بَلْ إمَّا نَفْلًا أَوْ فِطْرًا وَلَمَّا كَانَ الْحُكْمُ بِالتَّوَقُّفِ يَحْتَاجُ إلَى مَا يُفِيدُ اعْتِبَارَهُ أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (وَهُوَ) أَيْ النَّفَلُ (الْأَصْلُ) فِي الِاعْتِبَارِ (إذَا كَانَ صلى الله عليه وسلم يَنْوِيهِ مِنْ النَّهَارِ) كَمَا ثَبَتَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَيَصِيرُ بِهِ صَائِمًا كُلَّ الْيَوْمِ وَذَلِكَ إنَّمَا يَكُونُ بِالتَّوَقُّفِ
(وَهَذَا) التَّوْجِيهُ بِنَاءً (عَلَى أَنَّهُ) صلى الله عليه وسلم (صَائِمٌ كُلَّ الْيَوْمِ) وَهُوَ كَذَلِكَ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَمِنْ ثَمَّةَ قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَعِنْدَنَا يَصِيرُ صَائِمًا مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ؛ لِأَنَّهُ عِبَادَةُ قَهْرِ النَّفْسِ وَهُوَ إنَّمَا تَتَحَقَّقُ بِإِمْسَاكٍ مُقَدَّرٍ فَيُعْتَبَرُ قِرَانُ النِّيَّةِ بِأَكْثَرِهِ انْتَهَى. عَلَى أَنَّهُ إذَا حُكِمَ لَهُ بِصَوْمِ الْبَعْضِ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ صَائِمٌ مِنْ أَوَّلِهِ وَلَا يَمْتَنِعُ الْحُكْمُ بِالصَّوْمِ بِلَا نِيَّةٍ كَمَا لَوْ نَسِيَ الصَّوْمَ أَوْ غَفَلَ عَنْهُ بَعْدَ نِيَّتِهِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ
[مَسْأَلَة لَا تَرْجِيحَ بِكَثْرَةِ الْأَدِلَّةِ وَالرُّوَاةِ]
(مَسْأَلَةٌ) قَالَ (أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ لَا تَرْجِيحَ بِكَثْرَةِ الْأَدِلَّةِ وَالرُّوَاةِ مَا لَمْ يَبْلُغْ) الْمَرْوِيُّ بِكَثْرَتِهِمْ (الشُّهْرَةَ) فَحِينَئِذٍ يَتَرَجَّحُ الْحَدِيثُ الَّذِي بَلَغَ بِكَثْرَتِهِمْ حَدَّ الشُّهْرَةِ عَلَى الْحَدِيثِ الَّذِي لَمْ يَبْلُغْ بِكَثْرَتِهِمْ حَدَّهَا وَتَعَرَّضَ لِلشُّهْرَةِ دُونَ التَّوَاتُرِ؛ لِأَنَّهَا إذَا كَانَتْ مُرَجِّحَةً فَالتَّوَاتُرُ بِطَرِيقٍ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ لَا يَبْلُغُ حَدَّهُ مَا لَمْ يَبْلُغْ حَدَّهَا (وَالْأَكْثَرُ) مِنْ الْعُلَمَاءِ قَوْلُهُمْ (خِلَافَهُ) أَيْ خِلَافَ قَوْلِهِمَا فَيُرَجَّحُ عِنْدَهُمْ بِكَثْرَةِ الْأَدِلَّةِ وَالرُّوَاةِ وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ الْمَرْوِيُّ بِكَثْرَتِهِمْ حَدَّ الشُّهْرَةِ (لَهُمَا تَقَوِّي الشَّيْءَ) أَيْ تَرْجِيحَهُ إنَّمَا يَكُونُ (بِتَابِعٍ) لِذَلِكَ الشَّيْءِ (لَا بِمُسْتَقِلٍّ) أَيْ لَا بِشَيْءٍ مُسْتَقِلٍّ بِالتَّأْثِيرِ إذَا تَقَوِّي الشَّيْءِ إنَّمَا يَكُونُ بِصِفَةٍ تُوجَدُ فِي ذَاتِهِ وَتَكُونُ تَبَعًا لَهُ وَأَمَّا مَا يَسْتَقِلُّ بِنَفْسِهِ فَلَا يَحْصُلُ لِلْغَيْرِ قُوَّةٌ بِانْضِمَامِهِ إلَيْهِ وَكُلٌّ مِنْ الْأَدِلَّةِ وَالرُّوَاةِ الْمُتَعَدِّدَةِ فِي أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ مُسْتَقِلٌّ بِإِيجَابِ الْحُكْمِ فَلَا يَكُونُ مُرَجِّحًا لِمُوَافِقِهِ (بَلْ يُعَارِضُ) الدَّلِيلَ الْمُنْفَرِدَ فِي أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ كُلَّ دَلِيلٍ فِي الْجَانِبِ الْآخَرِ (كَالْأَوَّلِ) أَيْ كَمَا يُعَارِضُ الدَّلِيلُ الْمَطْلُوبُ تَرْجِيحُهُ مِنْهُمَا إذَا لَيْسَ مُعَارَضَتُهُ لِوَاحِدٍ مِنْهَا بِأَوْلَى مِنْ مُعَارَضَتِهِ لِلْآخَرِ (وَيَسْقُطُ الْكُلُّ) عِنْدَ عَدَمِ الْمُرَجِّحِ كَمَا هُوَ حُكْمُ الْمُعَارَضَةِ عِنْدَ عَدَمِهِ (كَالشَّهَادَةِ) مِنْ حَيْثُ إنَّهُ لَا تَرْجِيحَ لِإِحْدَى الشَّهَادَتَيْنِ الْمُتَعَارِضَتَيْنِ بَعْدَ اسْتِكْمَالِ نِصَابِهَا فِيهَا بِزِيَادَةٍ لِإِحْدَاهُمَا فِي الْعَدَدِ عَلَى الْأُخْرَى وَحَكَى غَيْرُ وَاحِدٍ كَصَدْرِ الشَّرِيعَةِ الْإِجْمَاعَ عَلَى هَذَا وَقَدْ يُنْظَرُ فِيهِ بِمَا قَدَّمْنَا مِنْ أَنَّ مَالِكًا وَالشَّافِعِيَّ فِي قَوْلٍ لَهُمَا يَرَيَانِ ذَلِكَ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُرَادَ إجْمَاعُ الصَّدْرِ الْأَوَّلِ إنْ لَمْ يَثْبُتْ فِيهِ خِلَافٌ لِأَحَدٍ مِنْ مُجْتَهِدِيهِ
(وَلِدَلَالَةِ إجْمَاعِ سِوَى ابْنِ مَسْعُودٍ عَلَى عَدَمِ تَرْجِيحِ عُصُوبَةِ ابْنِ عَمٍّ هُوَ أَخٌ لِأُمٍّ) بِأَنْ تَزَوَّجَ عَمُّ إنْسَانٍ مِنْ أَبَوَيْهِ أَوْ الْأَبُ أُمَّهُ فَوَلَدَتْ لَهُ ابْنًا فَالِابْنُ ابْنُ عَمِّهِ وَأَخُوهُ لِأُمِّهِ (عَلَى ابْنِ عَمٍّ لَيْسَ بِهِ) أَيْ بِأَخٍ لِأُمٍّ فِي الْإِرْثِ مِنْهُ (لِيُحَرِّمَ) ابْنَ الْعَمِّ الَّذِي لَيْسَ بِأَخٍ لِأُمٍّ مَعَ ابْنِ الْعَمِّ الَّذِي هُوَ أَخٌ لِأُمٍّ (بَلْ يَسْتَحِقُّ) ابْنُ الْعَمِّ الَّذِي هُوَ أَخٌ لِأُمٍّ (بِكُلٍّ) مِنْ كَوْنِهِ ابْنَ عَمٍّ وَكَوْنِهِ أَخًا لِأُمٍّ (مُسْتَقِلًّا) نَصِيبًا مِنْ الْإِرْثِ فَيَسْتَحِقُّ السُّدُسَ بِكَوْنِهِ أَخًا لِأُمٍّ وَنِصْفَ الْبَاقِي بِكَوْنِهِ عَصَبَةً إذَا لَمْ يَتْرُكْ وَارِثًا سِوَاهُمَا أَمَّا ابْنُ مَسْعُودٍ فَذَهَبَ إلَى أَنَّ ابْنَ الْعَمِّ الَّذِي هُوَ أَخٌ لِأُمٍّ يَحْجُبُ ابْنَ الْعَمِّ الَّذِي لَيْسَ أَخًا لِأُمٍّ أَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ النَّخَعِيِّ فِي امْرَأَةٍ تَرَكَتْ بَنِي عَمِّهَا أَحَدُهُمْ أَخُوهَا لِأُمِّهَا فَقَضَى فِيهَا عُمَرُ وَعَلِيٌّ وَزَيْدٌ رضي الله عنهم أَنَّ لِأَخِيهَا لِأُمِّهَا السُّدُسَ وَهُوَ شَرِيكُهُمْ بَعْدُ فِي الْمَالِ وَقَضَى فِيهَا عَبْدُ اللَّهِ أَنَّ الْمَالَ لَهُ دُونَ بَنِي عَمِّهِ (وَالْكُلُّ) أَيْ وَلِدَلَالَةِ إجْمَاعِ الْكُلِّ (فِيهِ) أَيْ فِي ابْنِ عَمٍّ حَالَ كَوْنِهِ (زَوْجًا) أَيْضًا عَلَى عَدَمِ تَرْجِيحِهِ عَلَى ابْنِ عَمٍّ فَقَطْ فِي الْإِرْثِ فَيَكُونُ لِابْنِ الْعَمِّ الزَّوْجِ النِّصْفُ بِالزَّوْجِيَّةِ وَيَكُونُ النِّصْفُ الْآخَرُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ ابْنِ الْعَمِّ الَّذِي لَيْسَ بِزَوْجٍ إذْ لَوْ كَانَ التَّرْجِيحُ
بِكَثْرَةِ الدَّلِيلِ ثَابِتًا لَكَانَ بِكَثْرَةِ دَلِيلِ الْإِرْثِ ثَابِتًا أَيْضًا، وَاللَّازِمُ مُنْتَفٍ فَالْمَلْزُومُ مِثْلُهُ وَهَذَا (بِخِلَافِ كَثْرَةٍ) يَكُونُ (بِهَا هَيْئَةً اجْتِمَاعِيَّةً) لِأَجْزَائِهَا
(وَالْحُكْمُ وَهُوَ الرُّجْحَانُ مَنُوطٌ بِالْمَجْمُوعِ) مِنْ حَيْثُ هُوَ مَجْمُوعٌ لَا بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ أَجْزَائِهَا فَإِنَّهُ يُرَجَّحُ بِهَا عَلَى مَا لَيْسَ كَذَلِكَ (لِحُصُولِ زِيَادَةِ الْقُوَّةِ لِوَاحِدٍ) فِيهِ قُوَّةٌ زَائِدَةٌ وَهِيَ الْهَيْئَةُ الِاجْتِمَاعِيَّةُ (فَلِذَا) أَيْ لِثُبُوتِ التَّرْجِيحِ بِالْكَثْرَةِ الَّتِي لَهَا هَيْئَةٌ اجْتِمَاعِيَّةٌ وَالْحُكْمُ مَنُوطٌ بِمَجْمُوعِهَا مِنْ حَيْثُ هُوَ (رُجِّحَ) أَحَدُ الْقِيَاسَيْنِ الْمُتَعَارِضَيْنِ (بِكَثْرَةِ الْأُصُولِ) أَيْ بِشَهَادَةِ أَصْلَيْنِ أَوْ أُصُولٍ لِوَصْفِهِ الْمَنُوطِ بِهِ الْحُكْمُ عَلَى مُعَارِضِهِ الَّذِي لَيْسَ كَذَلِكَ (فِي) بَابِ تَعَارُضِ (الْقِيَاسِ) ؛ لِأَنَّ كَثْرَةَ الْأُصُولِ تُوجِبُ زِيَادَةَ تَأْكِيدٍ وَلُزُومٍ لِلْحُكْمِ بِذَلِكَ الْوَصْفِ فَيَحْدُثُ بِهَا فِي نَفْسِ الْوَصْفِ قُوَّةٌ صَالِحَةٌ لِلتَّرْجِيحِ كَالِاشْتِهَارِ فِي السُّنَّةِ عَلَى مَا هُوَ الْمُخْتَارُ خِلَافًا لِبَعْضِ أَصْحَابِنَا وَبَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ مُسْتَوْفًى فِي الْقِيَاسِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
(بِخِلَافِهِ) أَيْ مَا إذَا كَانَ الْحُكْمُ مَنُوطًا (بِكُلٍّ) لَا بِالْمَجْمُوعِ فَإِنَّهُ لَا يُرَجَّحُ بِالْكَثْرَةِ الْحَاصِلَةِ مِنْ ضَمِّ غَيْرِهِ إلَيْهِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْكَثْرَةَ إنْ أَدَّتْ إلَى حُصُولِ هَيْئَةٍ اجْتِمَاعِيَّةٍ هِيَ وَصْفٌ وَاحِدٌ قَوِيُّ الْأَثَرِ صَلَحَتْ لِلتَّرْجِيحِ؛ لِأَنَّ الْمُرَجِّحَ هُوَ الْقُوَّةُ لَا الْكَثْرَةُ غَايَتُهُ أَنَّ الْقُوَّةَ حَصَلَتْ بِالْكَثْرَةِ وَإِلَّا فَلَا (وَأَجَابُوا) أَيْ الْأَكْثَرُ (بِالْفَرْقِ) بَيْنَ الشَّهَادَةِ وَالرِّوَايَةِ أَنَّ الْحُكْمَ فِي الشَّهَادَةِ مَنُوطٌ بِأَمْرٍ وَاحِدٍ هُوَ هَيْئَةٌ اجْتِمَاعِيَّةٌ فَالْأَكْثَرِيَّةُ وَالْأَقَلِّيَّةُ فِيهَا سَوَاءٌ؛ لِأَنَّ الْمُؤَثِّرَ هُوَ تِلْكَ الْهَيْئَةُ فَقَطْ بِخِلَافِ الرِّوَايَةِ فَإِنَّ الْحُكْمَ فِيهَا بِكُلِّ وَاحِدٍ فَإِنَّ كُلَّ رَاوٍ بِمُفْرَدِهِ يُنَاطُ بِهِ الْحُكْمُ وَهُوَ وُجُوبُ الْعَمَلِ بِرِوَايَتِهِ (وَبِأَنَّ الْكَثْرَةَ تُزِيدُ الظَّنَّ بِالْحُكْمِ قُوَّةً) ؛ لِأَنَّ الظَّنَّيْنِ فَصَاعِدًا أَقْوَى مِنْ ظَنٍّ وَاحِدٍ، وَالْعَمَلُ بِالْأَقْوَى وَاجِبٌ (فَيَتَرَجَّحُ) الْحُكْمُ الَّذِي لِمُفِيدِهِ كَثْرَةٌ عَلَى مُعَارِضِهِ الَّذِي لَا كَثْرَةَ لِمُفِيدِهِ وَهَذَا دَلِيلُ الْأَكْثَرِ أَدْمَجَهُ فِي الْجَوَابِ عَنْ حُجَّتِهِمَا (وَيُدْفَعُ) هَذَا (بِدَلَالَةِ الْإِجْمَاعِ الْمَذْكُورِ عَلَى عَدَمِ اعْتِبَارِهِ) أَيْ هَذَا الْقَدْرَ مِنْ زِيَادَةِ قُوَّةِ الظَّنِّ بِالْحُكْمِ مُرَجِّحًا لِمُعَارِضِهِ فِي أَصْلِ الظَّنِّ وَبِهِ، وَإِلَّا لَقَدَّمُوا ابْنَ الْعَمِّ الْأَخَ لِأُمٍّ أَوْ الزَّوْجَ عَلَى ابْنِ الْعَمِّ فَقَطْ، وَبِأَنَّ كُلَّ دَلِيلٍ يُؤَثِّرُ فِي إثْبَاتِ الْمَدْلُولِ كَانَ لَيْسَ مَعَهُ غَيْرُهُ وَلَيْسَ الْمَدْلُولُ مُتَعَلِّقًا بِالْجَمِيعِ حَتَّى يَكُونَ لِلْهَيْئَةِ الِاجْتِمَاعِيَّةِ تَأْثِيرٌ فِي الْقُوَّةِ وَكَوْنُهُ مُوَافِقًا لِدَلِيلٍ آخَرَ وَإِنْ كَانَ لَهُ دَخْلٌ فِي إفَادَةِ قُوَّةٍ فِيهِ لَكِنَّهُ مُعَارَضٌ بِمُخَالَفَتِهِ لِلدَّلِيلِ الْآخَرِ (بِخِلَافِ بُلُوغِهِ) أَيْ الْخَبَرِ (الشُّهْرَةَ) حَيْثُ يَتَرَجَّحُ بِهِ عَلَى مُعَارِضِهِ مِمَّا هُوَ خَبَرُ وَاحِدٍ غَيْرُ مَشْهُورٍ فَإِنَّ الرُّجْحَانَ حِينَئِذٍ هَيْئَةٌ اجْتِمَاعِيَّةٌ يَمْنَعُ كَذِبَهُمْ وَقَبْلَ الْبُلُوغِ إلَيْهَا كُلُّ وَاحِدٍ يَجُوزُ كَذِبُهُ
(وَقَدْ يُقَالُ:) تَرْجِيحًا لِلتَّرْجِيحِ بِكَثْرَةِ الرُّوَاةِ (إنْ لَمْ تُفِدْ كَثْرَةُ الرُّوَاةِ قُوَّةَ الدَّلَالَةِ فَتَجْوِيزُ كَوْنِهِ) أَيْ خَبَرِ مَا رُوَاتُهُ أَقَلُّ (بِحَضْرَةِ كَثِيرٍ لَا) الْخَبَرِ (الْآخَرِ) الْمُعَارِضِ لَهُ الَّذِي رُوَاتُهُ أَكْثَرُ (أَوْ) بِحَضْرَةِ قَوْمٍ (مُتَسَاوِينَ) فِي الْعَدَدِ لِعَدَدِ الْحَاضِرِينَ لِلْخَبَرِ الْآخَرِ الْمُعَارِضِ لَهُ (وَاتَّفَقَ نَقْلُ كَثِيرٍ) فِي الْخَبَرِ الَّذِي رُوَاتُهُ أَقَلُّ (دُونَهُ) أَيْ الْخَبَرِ الَّذِي رُوَاتُهُ أَكْثَرُ (بَلْ جَازَ الْأَكْثَرُ) أَيْ مَا رُوَاتُهُ أَكْثَرُ (بِحَضْرَةِ الْأَقَلِّ) عَدَدًا بِالنِّسْبَةِ إلَى عَدَدِ الْحَاضِرِينَ، لِمَا رُوَاتُهُ أَقَلُّ فَلَا يَلْزَمُ الرُّجْحَانُ بِكَثْرَةِ الرُّوَاةِ (لَا يَنْفِي قُوَّةَ الثُّبُوتِ) لِمَا رُوَاتُهُ أَكْثَرُ (لِأَنَّهُ) أَيْ التَّجْوِيزُ الْمَذْكُورُ (مُعَارَضٌ بِضِدِّهِ) وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الْخَبَرُ الَّذِي رُوَاتُهُ أَكْثَرُ بِحَضْرَةِ مَنْ هُوَ أَكْثَرُ مِمَّنْ حَضَرَ مَا رُوَاتُهُ أَقَلُّ (فَيَسْقُطَانِ) أَيْ التَّجْوِيزَانِ الْمَذْكُورَانِ (وَيَبْقَى مُجَرَّدُ كَثْرَةٍ تُفِيدُ قُوَّةَ الثُّبُوتِ) الْمُوجِبَةِ لِزِيَادَةِ الظَّنِّ وَهُوَ مَعْنَى الرُّجْحَانِ (بِخِلَافِ ثُبُوتِ جِهَتَيْ الْعُصُوبَةِ وَمَا مَعَهَا) مِنْ الْأُخُوَّةِ لِأُمٍّ أَوْ الزَّوْجِيَّةِ (عَنْ الشَّارِعِ فَإِنَّهُمَا سَوَاءٌ) فِي الثُّبُوتِ قُلْت عَلَى أَنَّ كُلًّا مِنْ الْإِجْمَاعِ عَلَى عَدَمِ تَرْجِيحِ ابْنِ الْعَمِّ الزَّوْجِ وَإِجْمَاعِ مَنْ سِوَى ابْنِ مَسْعُودٍ عَلَى عَدَمِ تَرْجِيحِ ابْنِ الْعَمِّ الْأَخِ لِأُمٍّ عَلَى ابْنِ الْعَمِّ فَقَطْ إنَّمَا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ التَّرْجِيحِ بِكَثْرَةِ الْأَدِلَّةِ أَنْ لَوْ كَانَ كُلٌّ مِنْ الزَّوْجِيَّةِ وَالْأُخُوَّةِ لِأُمٍّ يَقْتَضِي ابْتِدَاءَ إرْثِ جَمِيعِ الْمَالِ إذَا انْفَرَدَتْ فَتَتَوَارَدُ الْأَدِلَّةُ الْمُتَّحِدَةُ الْمُوجَبِ عَلَى مَوْرِدٍ وَاحِدٍ عَارَضَهَا فِي ذَلِكَ دَلِيلٌ آخَرُ فِي مَحَلٍّ آخَرَ يَقْتَضِي مُقْتَضَاهَا ثَمَّةَ، ثُمَّ لَمْ يَتَرَجَّحْ مُقْتَضِي تِلْكَ فِي ذَلِكَ الْمَحَلِّ عَلَى مُقْتَضِي هَذَا فِي هَذَا الْمَحَلِّ كَمَا هُوَ الْمُرَادُ بِعَدَمِ التَّرْجِيحِ بِكَثْرَةِ الْأَدِلَّةِ.
وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْأَمْرَ