الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عَمَلُ الذَّكَاةِ في مَنْفُوذِ المَقَاتِلِ
(405) السؤال: سُئِلَ الأستاذ أبو سعيد فَرَج بن لُبٍّ: هل تعمل الذَّكاة في المُنْخَنِقة إذا ذُكِّيَت، فوُجِدَت مَنْفوذَة المَقاتِل
؟ وما معنى انتثار الدماغ والحِشْوة؟ وما هي الحِشْوة والقَصَب والأمعاء؟ وما معنى قول العُلماء: المَقاتِل خمسة، ولم يذكروا القَلْب فيها؟ والمشاهد أنَّه أسرع موتاً إذا أُصيب من غيره، وكذلك الكُلَا والرِّيَة، وما وجه اختلافهم في شَقِّ الوَدَجَين، وإلى حيث ينتهي المَصير الأعلى؟ وبماذا يتميَّز من الأسفل؟ وما ذَكَرَ ابن رُشْد في المشقوقة الكَرْش عن ابن [رزق] من بيع الجزَّار لها إذا بيَّن؛ ما وجه [تبيين] الجزَّار؟ وكيف يكون لفظ التبيين؟ وهل رَضُّ النُّخاع كقَطْعِه؟ أو الثقب اليسير فيه كالقَطْع؟
الجواب: أمَّا المنفوذ المقاتل من تلك الأسباب المذكورة في الآية؛ فقد اختلف المذهب وأهل العِلْم وخارج المذهب في إعمال الذَّكاة فيه على قولين: فقال في (المدوَّنة) في الشاة يَخْرِق السَّبُع بَطْنها، أو يَشُقُّ أمعاءها: لا تُوْكَلُ؛ لأنَّها لا تُلْحَق على حالٍ. قالوا: وقد رُوِيَ عن ابن القاسم أنَّها تُوكَل وإن انتثرت الحِشْوة. وبهذا المذهب كان يُفتي كثيرٌ من فقهاء الأندلس؛ كابن لُبابة وابن خالد وغيرهما؛ بناءً على أنَّ قوله تعالى في الآية {إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ} [المائدة: 3]. استثناءٌ متَّصل.
ومعنى انتثار الدماغ: أن ينتثر المُخُّ الذي في الصِّفاق
(1)
ويبرز عنه شيء منفصلًا عنه.
ومعنى الحشوة التي يُسمِّيها الناس الدَّوَّارة، وأصلها في جوف مُصْرانها من الأثفال، ومعنى انتثارها: خروج تلك الأثفال بقَطْع شيءٍ من تلك المُصْران أو
(1)
الصِّفاق: الجلد الباطن تحت الجلد الظاهر. المعجم الوسيط (1/ 517).
بشَقِّه الشَّقَّ الفاحش الذي يَبرُزُ عنه ما فيه من الحِشْوة، وقيل: انتثارها عبارة عن خروج الدَّوَّارة من البَطْن، وعن محلِّها من الجوف بشَقِّ البَطْن.
وقد رُدَّ هذا القول على قائله بأنَّها قد تبرز سالمة من القَطْع ويحاول رَدَّها ويُخاط عليها ويعيش صاحبها.
ومعنى القَصَب والأمعاء: وذلك عبارة عن مُصْران الجَوْف سِوَى الحِشْوة المذكورة.
وأمَّا كلامهم في المَقاتِل ولم يعدُّوا القَلْب معها؛ فقد كان وقع في هذا كلامٌ فيما سلف، وانفصل البحث فيه على أنَّه من المَقاتِل، وأنَّه داخل بالمعنى في فَرْي الأَوْداج وقَطْع الحُلْقوم؛ لأنَّ ذلك في كلامهم عبارة عن قَطْع محلِّ الذَّكاة، وقد عُلِمَ أنَّ محلَّها أيضاً المَنْحَر فيما يُنْحَر، وما كان المَنْحَر مَقْتلًا إلَّا لوصول آلة النَّحْر إلى القَلْب كذلك، والذَّبْح سواء. واكتفوا في العبارة بالمَذْبَح عن ذِكْر المَنْحَر وهما سواء.
والكُلْيتان والرِّيَة في معنى القَلْب؛ للاتِّصال به في الجَوْف.
والاختلاف الذي في شَقِّ الوَدَجَين من مَصيرِ الحِشْوَة انبنى على شهادة هل يلتئم ويصحُّ أم لا؟ والصحيح فيما قالوا إنَّه يلتئم ويعيش الحيوان بعد ذلك، بخلاف القَطْع والانتثار جملة، فإنَّه لا يلتئم أصلاً.
والمَصير الأعلى: هو مَنْفَذ الطعام والشراب، وهو المَريء الذي تحت الحُلْقوم، وينتهي إلى رأس المَعِدة، ولا خلاف أنَّه مَقْتَل، بخلاف المَصيرِ الأسفل، فإنَّ فيه اختلافا بين الفقهاء، ووجه وجوب البيان أنَّ البهيمة حينئذٍ تكون مَعيبةً من جهة الحِلِّيَّة، وبيع المَعيب يجب فيه البيان؛ لأنَّه قد يَرِعُ بعض الناس فلا يريد أَكْلَه.
وفي رضِّ النُّخاع خلافٌ: هل يُلْحَق بقَطْعه أم لا؟ والصحيح أنْ لا؛ فإنَّه قد يَبْرأ، إلَّا أن يعتريه فسادٌ بحيث يكون لا بُدَّ من فَصْلِه عن مَقَرِّه، فحينئذٍ