الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
واليهوديَّة، بشرط أن يكون المذبوح ممَّا يَحِلُّ أَكْلُه في شريعتنا، والدليل على ذلك أنَّ الله تعالى يقول في القرآن الكريم:{وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ} [المائدة: 5] والمراد بالطعام هنا هو الذَّبائح؛ كما جاء في رأي ابن عبَّاس وجمهور المفسِّرين، وذلك مع عِلْم الله تبارك وتعالى أنَّهم قد يذكرون عند الذَّبْح أسماءً غير اسمِ الله سبحانه.
واشترط فريقٌ من الفقهاء أن يذكر الكتابيُّ عند الذَّبْح اسمَ الله على الذَّبيحة وهو يذْبَحها، وإلَّا حَرُمَت، فإذا لم يَعْلَم المسلمُ هل ذَكَرَ الكتابيُّ اسمَ الله أو غيرَه حَلَّت الذَّبيحة أيضاً.
وقد جاء في (صحيح البخاري) عن الزُّهريِّ أنَّه قال: «لا بأسَ بذَبِيحَةِ نَصَارَى العَرَبِ، وَإِنْ سَمِعْتَهُ يُسمِّي غَيْرَ اللهِ فَلا تَأكُلْ، وَإِنْ لَمْ تَسْمَعْهُ فَقَدْ أَحَلَّهُ اللهُ وَعَلِمَ كُفْرَهُمْ» .
وأمَّا ذبيحة غير الكتابيِّ؛ كالمجوس الذين يعبدون النَّار، فلا تجوز للمسلم؛ لأنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم يقول عن المجوس:(سُنُّوا بِهِمْ سُنَّةَ أَهْلِ الكِتَابِ، غَيْرَ نَاكِحِي نِسَائِهِمْ، وَلَا آكِلِي ذَبَائِحِهِمْ)؛ فيدلُّ ذلك على أنَّ ذبائح أهل الكتاب حلالٌ، ولكن ذبائحَ المجوس وأشباههم حرامٌ على المسلمين. والله تبارك وتعالى أعلم.
[يسألونك في الدين والحياة (2/ 292)]
* * *
شِراءُ اللُّحُومِ دُونَ مَعْرفَةِ دِيَانَةِ الذَّابِحِ وطَرِيقَةِ الذَّبْحِ
(554) السؤال: السَّلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
هل يجوزُ لنا شراء اللُّحوم من السوبر ماركت دون أن نعرف ديانة الذَّابح وطريقة الذَّبْح
؟
الجواب: الحمد لله والصَّلاة والسَّلام على رسول الله أما بعد:
فيما يتعلَّق باللحوم التي تُباع في المحلَّات التجاريَّة والأسواق في بلاد أوربَّا وأمريكا نقول:
- إنَّ كون الأصل فيها أنَّها ذبائح أهل كتاب صحيح في الجملة، لو سَلِمَ من المعارض، وما يعارضه هو أنَّه قد استفاض أنَّ نسبةً معتبرةً من اللحوم المعروضة في الأسواق هناك تخرج عن حدِّ النُّدْرة، قد لا تكون ذُكِّيت ذكاةً شرعيَّة، وإذا تخلَّفت الذَّكاة الشرعيَّة صار حكم ما ذُبِحَ حُكمَ المَيْتَة، وإن كانت صورته صورة المُذَكَّى؛ لأنَّ قَطْع الحُلْقوم والمَريء والوَدَجَين لم يحصل إلَّا بعد إزهاق الرُّوح.
وهذا قد عُرِفَ بالاستفاضة، وهو في البقر والغنم أكثر منه في الدَّجاج، لأنَّ الدَّجاج لا يُصْعَق ولا يُضْرَب بمسدَّس في رأسه، كما يُفعَل بالبقر والغنم، لكنَّه يمُرُّ بمنطقة فيها ماءٌ ساخنٌ، ثمَّ يمُرُّ بعدها مباشرة بالموس الذي يقطع الرأس، ويقال: إنَّ الذي يموت بالاختناق جرَّاء هذه العمليَّة نسبةٌ ضئيلةٌ جدًّا، والباقي تدركه الذَّكاة. هذا ما بلغنا عن كيفيَّة الذَّبْح في بعض المصانع، وهي صورةٌ من الصور المتَّبَعة فيه، عِلْماً بأنَّ الأساليب المتَّبَعة في الذَّبْح في أمريكا أفضل منها في أوربَّا. وعليه؛ فإنَّ الاحتياط في لحوم البقر والغنم ينبغي أن يكون أشدَّ منه في الدَّجاج، لأنَّ احتمال موت البقر والغنم قبل ذَبْحِها أكبر من احتمال موتها بالذَّبْح، كما أفاد ذلك من له بعض اطِّلاع على مصانع ذَبْح الأبقار.
فعلى الإخوة الذين يعيشون في تلك البلاد مراعاة ما يلي:
أوَّلًا: إذا أمكن معرفة المصانع التي تَذْبَح بطريقةٍ غير شرعيَّةٍ، فإنَّ منتجاتها من اللحوم تُجتَنَب.
ثانياً: هناك نوعان من الذَّبائح تنطبق عليها أحكام ذبائح أهل الكتاب، وهما موجودان عادةً في الأسواق الأمريكيَّة والأوربيَّة، وهما:
- ذبائح النَّصارى المتديِّنين الذين قد عُرِف عنهم أنَّهم يلتزمون الذَّبْح؛ كطائفة الآمِش ونحوهم.
- ذبائح اليهود؛ فإنَّهم لا يستجيزون أَكْل المَيْتات، واللحوم الخاصَّة باليهود عليها علامةٌ معروفةٌ، وهذه وتلك يجوز شراؤها وأَكْلُها.
- هذا غير اللحوم المذبوحة من المسلمين، وهي مع الأسف قليلةٌ وغير منافسة.
فإذا لم توجد هذه البدائل -وهذا قليلٌ-، ووجدت اللحوم معروضةً، وأنتم لا تعرفون عن الشركة المُورِّدة لها أنَّها تَذْبَح بطريقةٍ غير شرعيَّةٍ، فلكم أن تشتروها وتأكلوها استصحاباً لحكم الأصل؛ وهو أنَّها من ذبائح أهل الكتاب، وقد قال الله:{وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ} [المائدة: 5] أي: ذبائحهم، وقد قال سبحانه:{فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن: 16].
لكن إذا استفاض الخبر بكون اللحوم المعروضة في الأسواق لا تذكَّى الذَّكاة الشرعيَّة، استفاضة تُكَدِّر صَفْوَ الاطمئنان إلى استصحاب حكم الأصل، أو كَثُرَ من يتولَّى الذَّبْح من غير أهل الكتاب، وهذا قد يتصوَّر في الولايات الغربيَّة مثل كاليفورنيا، فإنَّ بها جاليات صِينيَّة ويابانيَّة وكوريَّة كبيرة وليسوا من أهل الكتاب، فإذا كانوا يعملون عمالاً في مصانع إنتاج اللحوم؛ فإنَّه يجب التثبُّت من مصدر اللحم وديانة الذَّابح حينئذٍ؛ لأنَّ الاستبراء للدِّين واجبٌ، كما أنَّ حكم الأصل؛ وهو حِلُّ ذبائح أهل الكتاب قد نوزع فيه وتطرَّق إليه الاحتمال، والدليل إذا تطرَّق إليه الاحتمال سقط به الاستدلال.
وليُعْلَم أنَّه ليس هناك حكمٌ واحدٌ عامٌّ يمكن تطبيقه في كُلِّ مكان، بل لكُلِّ منطقةٍ ظروفها، لكنَّ الضوابط التي أسلفنا ذِكْرَها سوف تساعد في اختيار الأسلم بإذن الله.
[فتاوى الشبكة الإسلاميَّة (رقم 2437)]