الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والعِلْم والعمل به أمانةٌ، فلنحفظ هذه الأمانة، لاسيَّما وإنِّ تحريم النجاسات -حيوانيَّةً وغيرها- يرجع في جملته إلى تأثير الأغذية في طِبَاع الناس وسلوكهم، وذلك من حكمة تحريم المُحرَّمات منها؛ كالخنزير، والكَلْب، وغيرهما ممَّا حرَّم الله. والله سبحانه وتعالى أعلم.
[الفتاوى الإسلامية من دار الإفتاء المصرية (23/ 8806 - 8809)]
* وانظر: فتوى رقم (245)
* * *
اسْتِخْدَامُ المُلَوِّنَاتِ المُسْتَخْرَجَةِ مِنَ الحَشَرَاتِ فِي الصِّنَاعَاتِ الغِذَائِيَّةِ
(892) السؤال: ما حُكْم استخدام مادَّةٍ مُلوِّنَةٍ في الصناعات الغذائيَّة وهي carmine E 120 مُستخرَجة من حَشَرةٍ عن طريق غَلْي الحَشَرَة، ومن ثَمَّ فَلْتَرة السائل المُلَوَّن واستبعاد بقايا الحَشَرة ضمن مراحل تصنيعيَّة؟ مع العِلْم أنَّ بها شهادة حلال
.
الجواب: الحمد لله والصَّلاة والسَّلام على سيِّدنا رسول الله.
نصَّ جمهور الفقهاء على تحريم تناول الحَشَرات؛ لاستقذراها، قال الله تعالى:{وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} [الأعراف: 157].
يقول الإمام النووي: «مذهبنا أنَّها حرامٌ، وبه قال أبو حنيفة وأحمد وداود
…
واحتجَّ الشافعي والأصحاب بقوله تعالى: {وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} [الأعراف: 157]، وهذا ممَّا يَسْتَخبِثُه العَرَب، وبقوله صلى الله عليه وسلم:(خَمْسٌ مِنَ الدَّوَابِّ، كُلُّهُنَّ فَاسِقٌ، يَقْتُلُهُنَّ فِي الحَرَمِ: الغُرَابُ، وَالحِدَأَةُ، وَالعَقْرَبُ، وَالفَأْرَةُ، وَالكَلْبُ العَقُورُ) رواه البخاري ومسلم». (المجموع شرح المهذب 9/ 16).
وأمَّا الموادُّ التي تُستخرَج من الحَشَرات وتتحوَّل بعمليَّات كيميائيَّة
إلى موادَّ أخرى، فهذه العمليَّة تُسمَّى في الفقه الإسلامي بالاستحالة، وهي انقلابُ العَيْن من حالةٍ إلى أخرى، فتنقلب من النجاسة إلى غيرها بحيث تفقد صفاتها، ويمكن التعبير عنها بمصطلح عِلْميٍّ على أنَّها تفاعلٌ كيميائيٌّ يُحوِّل المادَّة من مُركَّبٍ إلى آخر.
وقد قال فقهاء الحنفيَّة باستحالة الأعيان النَّجِسَة إلى طاهرة إن انقلبت من حالةٍ نَجِسَةٍ إلى حالة أخرى طاهِرَةٍ بحيث تفقد صفاتها.
قال الإمام ابن الهُمام الحنفي: «لأنَّ الشَّرْع رتَّب وَصْف النَّجاسة على تلك الحقيقة، وتَنْتَفي الحقيقة بانْتِفاء بعض أجزاءِ مفهومها، فكيف بالكُلَّ؟ ونظيرُه في الشَّرْع النُّطْفة نَجِسَة وتصير عَلَقَةً وهي نَجِسَة، وتصير مُضْغَةً فتَطْهُر، والعصير طاهرٌ فيصير خَمْراً فيَنْجُس ويصير خَلاً فيَطْهُر، فعرفنا أنَّ استحالة العَيْن تَسْتَتْبع زوال الوصف المُرَتَّب عليها» . (فتح القدير 1/ 200).
فالموادُّ الملوِّنة المُستخرَجة من الحَشَرات تَمُرُّ بعِدَّة عمليَّات كيميائيَّة
…
لتخرج مادَّة أخرى مُكْسِبَة للَّوْن، ممَّا يجعلها قابلةً للأَكْل.
وعليه؛ فإنَّه يجوز استعمال هذه المادَّة، ولكن بالضوابط الآتية:
1 -
أن تكون المادَّة قد تغيَّرت صفاتُها، واستحالت إلى مادَّة أخرى يجوز استعمالها.
2 -
أن تدعو الحاجة إلى استعمال هذه المادَّة، بأن لا يوجد لها بديلٌ يقوم مقامها.
3 -
أن يكون استعمالُها بقَدْر الحاجة.
4 -
أن لا يكون فيها ضررٌ. والله تعالى أعلم.
[فتاوى دائرة الإفتاء الأردنية (رقم 3240)]