الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذبائحُ المَجُوس ومُنْكِري الأَدْيان؛ كالشُّيوعيِّين.
ويكون الذَّبْح الشرعيُّ الصحيح بقَطْع المَريء والحُلْقوم والوَدَجَين، أو ثلاثة من هذه الأربعة على الأقل، إذا قُطِعَ ذلك من الحيوان، وفيه حياةٌ مستقرَّة، وهذا إن كان الحيوان مقدوراً عليه.
أمَّا الصيد وغير المقدور عليه من الحيوانات؛ فإن كان الصائد مسلماً أو كتابيًّا وأرسلَ السَّهْم أو نحوه ممَّا يَخْرِقُ، بعد تسمية الله عليه، فقتله السَّهْم بحَدِّه، جاز أكْلُه، وإنْ أدركه الصَّائد حيًّا لم يَحِلَّ إلَّا بتذكيته، وإنْ وجده غريقاً في الماء فلا يُؤكَلُ.
واللُّحوم المستورَدَة من بلاد أهل الكتاب يَحِلُّ أكْلُها، إلَّا إذا تيقَّن أنَّ ذابحها من غير المسلمين وأهل الكتاب، أو أنَّها قُتِلَت خَنْقاً، أو بصورة غير جائزةٍ شرعاً.
وأمَّا اللُّحوم المستورَدَة من البلاد المجوسيَّة والشيوعيَّة؛ فيَحِلُّ أكْلُها إنْ كان معها شهادة من جهةٍ إسلاميَّة موثوقة تُثْبِت أنَّها ذُبِحَت على الطريقة الإسلاميَّة، ولا يَحِلُّ أَكْلُها إنْ لم يكن معها مثل تلك الشهادة. والله أعلم.
[الدرر البهية من الفتاوى الكويتية (10/ 14)]
* * *
طَرِيقَةُ الذَّبْح شَرْعاً
(339) السؤال: اطَّلَعنا على السؤال المُقدَّم
…
المتضمِّن موافاته ببيانٍ حول الشروط الواجب اتِّباعها عند ذَبْح الماشية لتكون مُطابقةً لأحكام الشريعة الإسلاميَّة الغرَّاء
.
الجواب: إنَّ الله سبحانه وتعالى قال في كتابه الكريم: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ} [المائدة: 3]، وقال تعالى: {الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا
الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ} [المائدة: 5]، والذَّكاة في كلام العرب: الذَّبْح؛ فمعنى (ذكَّيتم) في الآية الكريمة: أدركتم ذكاته على التمام، إذ يقال: ذَكَّيتُ الذبيحة أُذَكِّيها، مشتقَّة من التطيُّب؛ فالحيوان إذا أُسِيلَ دَمُه فقد طُيِّب.
هذا؛ وقد قال أهل اللُّغة: إنِّ كُلَّ ذَبْحٍ ذكاة، وإنَّ معنى التَّذْكية في قوله تعالى:{إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ} أي ما أدركتم، وفيها بقيةٌ تَشْخُب
(1)
معها الأوداج، وتضطرب اضطراب المذبوح الذي أُدْرِكت ذكاته.
والذَّبْح معروف بالفطرة والعادة لكُلِّ الناس، وقد أقرَّ الإسلام بيُسْرِه وسماحته وبساطته ما جرت به عادة الناس وأعرافهم، وأقرَّته سُنَّة رسول الله صلى الله عليه وسلم الفِعْليَّة في ذَبْح الأُضْحِية.
وقد اتَّفق عُلماء الإسلام على أنَّه لا يَحِلٌّ شيءٌ من الحيوان المأكول البرِّيِّ المقدور عليه من دون ذكاة (أي ذَبْح)؛ لقوله سبحانه في آية المُحرَّمات السابقة {إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ} ؛ فقد استثنى الله سبحانه وتعالى الحيوان المذكَّى من المُحرَّم، و (الاستثناء من التحريم إباحة).
والذَّكاة الشرعيَّة التي يَحِلُّ بها الحيوان البرِّيُّ المقدور عليه هي أن يُذْبَح الحيوان أو يُنْحَر بآلةٍ حادَّة ممَّا يُنْهِرُ الدَّم ويَفْري الأوداج؛ أي يُفجِّر دم الحيوان، ويقطع عُروقه من الرَّقبة بين الرأس والصَّدْر، فيموت الحيوان على أثرها. وأكمل الذَّبْح أن يُقطع الحُلْقوم والمَريء -وهما مجرى الطعام والشراب والنَّفَس-، وأن يُقْطَع معهما الوَدَجان -وهما عِرْقان غليظان بجانبي الحُلْقوم والمَريء-.
هذا؛ وقد اشترط الفقهاء لحِلِّ الذبيحة عدَّة شروط؛ منها ما يتعلَّق بآلة الذَّبْح، ومنها ما يتعلَّق بمن يتولَّى
(1)
الشَّخْب: السيلان. النهاية في غريب الحديث (2/ 450).
الذَّبْح، ومنها ما يتعلَّق بموضع الذَّبْح.
أمَّا الآلة التي تذبح فقد اشترط الفقهاء فيها شرطين:
الأوَّل: أن تكون محدَّدة تقطع أو تخرق بحَدِّها لا بثِقَلِها.
الثاني: ألَّا تكون سِنًّا ولا ظُفْراً، فإذا اجتمع هذان الشرطان في شيء حَلَّ الذَّبْح به، سواء أكان حديداً، أو حجراً، أو خشباً؛ لقول الرسول صلى الله عليه وسلم:(مَا أَنْهَرَ الدَّمَ وَذُكِرَ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ فَكُلُوا، مَا لَمْ يَكُنْ سِنًّا أَوْ ظُفُراً)، وإن كان يُسَنُّ الذَّبْح بسكِّين حادٍّ.
أمَّا من يتولَّى الذَّبْح؛ فقد نصَّ الفقهاء على أنَّ ذبيحة من أطاق الذَّبْح من المسلمين وأهل الكتاب حلالٌ إذا سَمُّوا أو نسوا التَّسمية، فكلُّ من أمكنه الذَّبْح من المسلمين وأهل الكتاب إذا ذبح حَلَّ أَكْل ذبيحته، رجلاً كان أو امرأة، بالغاً أو صبيًّا. ولا فرق بين العدل والفاسق من المسلمين وأهل الكتاب.
واختلف الفقهاء في اشتراط التَّسمية باسم الله على الذبيحة عند ذبحها؛ فعن الإمام أحمد: أنَّها غير واجبةٍ في عمدٍ ولا سهوٍ. وبه قال الإمام الشافعي.
والمشهور من مذهب الإمام أحمد وغيره من أئمَّة المذاهب أنَّها شرطٌ مع التذكُّر، وتسقط بالسهو.
وإذا لم تُعلَم حال الذابح إن كان سمَّى باسم الله أو لم يسمِّ، أو ذكر اسم غير الله أو لا؛ فذبيحته حلال؛ لأنَّ الله تعالى أباح لنا أَكْل الذبيحة التي يذبحها المسلم والكتابي، وقد عَلِمَ أنَّنا لا نقف على كُلِّ ذابح، وقد رُوِيَ عن عائشة رضي الله تعالى عنها (أَنَّهُمْ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ القَوْمَ حَدِيثُو عَهْدٍ بِشِرْكٍ يَأْتُونَنَا بِلَحْمٍ لَا نَدْرِي أذَكَرُوا اسْمَ اللهِ عَلَيْهِ، أَوْ لَمْ يَذْكُرُوا؟ فَقَالَ: سَمُّوا أَنْتُمْ، وَكُلُوا) أخرجه البخاري.
أمَّا ما ذُكِرَ عليه اسمٌ غير اسم الله،
فقد روي عن بعض الفقهاء حِلُّ أَكْلِه إذا كان الذابح كتابيًّا؛ لأنَّه ذَبَح لدينه، وكانت هذه ديانتهم قبل نزول القرآن.
وذهب جمهور العُلماء إلى حُرْمة ما ذُبِحَ على غير اسم الله إذا شوهد ذلك أو عُلِمَ به؛ لقوله تعالى: {إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ} [البقرة: 173] سواء كان الذابح مسلماً أو كتابيًّا.
أمَّا موضع الذَّبْح فقد اشترط الفقهاء في الإتيان به أن يكون بين الحُلْقوم والصدر مع قطع الحُلْقوم والمَريء وأحد الوَدَجَين عند الحنفيَّة، وقال المالكيَّة: لا بُدَّ من قطع الحُلْقوم والوَدَجَين ولا يشترط قطع المَريء. وقال الشافعيَّة والحنابلة: لا بُدَّ من قطع الحُلْقوم والمَريء.
ونضيف إلى أن الذَّبْح إن كان بآلةٍ كهربائيَّةٍ فإنَّه إذا توافرت الشروط المذكورة في الذابح وهو يدير الآلة، وكانت الآلة سكِّيناً تقطع العروق الواجب قطعها في موضع الذَّبْح المبيَّن، اعتبرت الآلة كالسكِّين في يد الذابح، وحَلَّ أَكْلُ ذبيحتها، وإذا لم تتوافر تلك الشروط بأن كانت الآلة تصعق أو تخنق أو تميت بأيِّ طريقةٍ أخرى غير مستوفية للشروط السابق ذكرها، فلا تَحِلُّ ذبيحتها.
والذي ينبغي مراعاته عند ذَبْح الماشية لتكون مطابقة لأحكام الشريعة الإسلاميَّة الغرَّاء هو إنْهار دم الحيوان من موضع الذَّبْح المذكور؛ بقَطْع تلك العروق كُلِّها أو أكثرها؛ للحديث الصحيح الشريف: (مَا أَنْهَرَ الدَّمَ وَذُكِرَ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ، فَكُلْوه)، وقول الرسول صلى الله عليه وسلم:(إِنَّ اللهَ كَتَبَ الْإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، فَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ، وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذَّبْح، وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ، وَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ)، وما رواه ابن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم:(إِذَا ذَبَحَ أَحَدُكُمْ فَلْيُجْهِزْ). والله سبحانه