الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[المائدة: 3].
وأما إذا جُهِلَت الحال ولم يُعْلَم أَذُكِر عليها ذلك أم لم يُذْكَر، فإنَّنا نقول: إنَّها حلالٌ؛ لعموم قوله تعالى: {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ} [المائدة: 5].
[فتاوى الشيخ محمَّد أبو زهرة (ص 706 - 707)]
* * *
(540) السؤال: ما حُكمُ الأَكْل من ذبيحة الكتابيِّ الذي لم نَرَ ذَبْحَه
؟
الجواب: يجوز ذبيحة الكتابي؛ لقوله تعالى: {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ} [المائدة: 5].
[فتاوى الشيخ محمَّد أبو زهرة (ص 707)]
* * *
(541) السؤال: كنتُ أستمع إلى إذاعتكم المباركة، وفي ذلك اليوم تكلَّم أحد المشايخ الأفاضل في موضوع اللُّحوم حلالها وحرامها
، وتطرَّق إلى ذبائح أهل الكتاب؛ حيث عرض الأدلَّة الشرعيَّة من القرآن والسُّنَّة، وقد كنت قبل مدَّة في فرنسا أتابع تخصُّصي الطبِّي فيها، وكنت لا آكُل من ذبائح أهل الكتاب؛ استناداً لآراء معظم الشباب المسلم في فرنسا؛ إذ أنَّهم قالوا: إنَّ طعام أهل الكتاب كان حلالًا لنا عندما كانوا يذبحونه على الطريقة الشرعيَّة، أمَّا الآن فإنَّ الذَّبْح على الطريقة الشرعيَّة غير موجود، فهم في هذه البلاد يتَّبعون إحدى طريقتين؛ إحداهما أحدث من الأُخرى، وهم يقولون: إنَّ الهدف منهما هو إضعاف إحساس الحيوان بالألم أثناء الذَّبْح وحضور الموت، فطريقة الذَّبْح القديمة منهما ترتكز على حَقْن الحيوان بمادَّة مُخدِّرة للأعصاب والجُمْلة العصبيَّة المركزيَّة، ثمَّ يُمرَّر الحيوان إلى الآلات القاطعة التي لا ندري هل تبدأ بالعُنُق أم غيره.
والطريقة الثانية الأحدث ترتكز على تعريض الحيوان إلى صَدْمة
كهربائيَّة تُفقِده الإحساس بالألم وتُشِلُّ دماغه، ثمَّ تأتي الآلات القاطعة لتفعل به ما فعلته الأُولَى، ناهيك عن عدم التَّسمية عليها أو التكبير. والمسألة الهامَّة هنا هي أنَّ البعض يقول: إنَّ الحيوان يموت قبل بدء الآلات القاطعة بتقطيعه؛ إذ أنَّ المادَّة المُخدِّرة المحقونة أو الصَّدْمة الكهربائيَّة كافيتان لإزهاق روح هذا الحيوان، ثمَّ إنَّهم يذكرون نسبة ما يموت بعد الحَقْن أو الصَّعْق بمقدار تسعين أو خمس وتسعين بالمائة (90 - 95%)، أو حتَّى مئة بالمئة (100%)، ولا أدري والله من أين أتوا بهذه الأرقام، هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإنَّهم يقولون: حتَّى ولو لم نكن متأكِّدين من موت الحيوان قبل تقطيعه، فإنَّ في أَكْل ذلك اللَّحم شُبْهةٌ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم أَمَرَنا باتِّقاء الشُّبَه والأمور المتشابهات، ثمَّ إنَّهم يضيفون أنَّ هناك جَزَّارين مسلمين معظمهم جَزائريُّون وتونسيُّون وأتراك يذبحون على الطريقة الإسلاميَّة، إلَّا أنَّ هؤلاء مُوَزَّعون في المُدُن الكبرى، أمَّا المُدُن الصغيرة، فتفتقر إلى مثلهم، إضافةً إلى أنَّ المُدُن الكبرى تحتوي أمثال هؤلاء في مراكزها دون ضواحيها، ثمَّ إنَّ بعض الجماعات الإسلاميَّة تؤكِّد قائلةً: إنَّه لا يجوزُ شراء اللَّحم من المسلمين إلَّا إذا كان هذا اللَّحم أو الدَّجاج مدموغاً بخاتم الجمعية الإسلاميَّة في فرنسا، وفي الحقيقة إذا أردنا أن نلتزم بهذا الخاتم فإنَّ علينا أن نمتنع عن شراء اللَّحم من تسعين إلى خمسة وتسعين في المئة (95 - 90 %) من هؤلاء الجزَّارين المسلمين؛ لأنَّهم لا يضعون على ذبائحهم مثل هذا الخاتم. وحُجَّة أصحاب الجمعيَّة أنَّ هؤلاء الجزَّارين يشترون الذَّبائح من المسالخ الفرنسيَّة ويبيعونها للمسلمين كذباً وخداعاً وغِشًّا، ثمَّ إنَّ البعض من هؤلاء لا يُصلِّي ويبيع الخُمور واللُّحوم، فكيف نُصَدِّق شهادتهم؟ فماذا تقولون
في هذا؟
الجواب: أوَّلًا: هذا ممَّا لا شكَّ فيه أنَّه من مشاكل السفر إلى بلاد الكفَّار والسُّكْنَى في بلادهم، ومخاطر السفر إلى بلاد الكفَّار والسَّكَن فيها كثيرة؛ منها: مسألة الأطعمة واللحوم وما يتَّصل بذلك؛ ولهذا حَرَّم العُلماء السفر إلى بلاد الكفَّار إلَّا بشرطين؛ الشرط الأوَّل: أن يكون هذا السفر لحاجة مُلِحَّة، والشرط الثاني: أن يقدر المسلم على إظهار دينه؛ بأن يُنْكِرَ ما عليه الكفَّار، وأن يدعو إلى الدِّين الصحيح وهو دين الإسلام.
أمَّا ما ذَكَرَه السائل من مشكلة اللحوم والذَّبائح؛ فلا شكَّ أنَّ ذبائح الكفَّار غير أهل الكتاب مُحرَّمة بالإجماع؛ فذبائح الوثنيِّين، والشيوعيِّين، والدَّهْريِّين، والمُرْتدِّين من المسلمين، ومن كان لا يعتنق دِيناً سماويًّا؛ فذبيحته حَرامٌ مُطْلقاً.
أمَّا بالنسبة لذبائح أهل الكتاب ففيها التفصيل التالي:
أوَّلًا: ما عُلِم أنَّهم ذبحوها على الطريقة الشرعيَّة؛ فهو حلال بالإجماع لقوله تعالى: {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ} [المائدة: 5].
والمراد بطعامهم: ذبائحهم؛ فأباح الله لنا ذبائح أهل الكتاب -اليهود أو النصارى- إذا ذبحوه على الطريقة الشرعيَّة؛ بأن يكون في محلِّ الذَّبْح وبقَطْع ما يجب قَطْعه في الذَّكاة.
النوع الثاني: ما عُلِم أنَّهم ذبحوه على غير الطريقة الشرعيَّة؛ كالقتل بالخَنْق، أو الصَّعْق الكهربائي، أو الضرب بالرصاص على رأسه، أو بالتدويخ حتَّى يموت، ولا يدرك وفيه حياة؛ فهذا حرامٌ بالإجماع؛ لقوله تعالى:{حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ} [المائدة: 3]، وهذه
حيوانات ماتت بغير الذَّكاة الشرعيَّة ماتت بإصابتها بالخَنْق، أو الصَّعْق، أو الضرب بالرصاص، أو غير ذلك من وسائل الإماتة، ولم تُدْرك وتُذَكَّ وفيها حياةٌ مُستقرَّة على الوجه المشروع، هذه حَرامٌ بإجماع أهل العِلْم.
النوع الثالث: ما حصل فيه الشكُّ من ذبائح أهل الكتاب؛ هل ذبحوه على الطريقة الشرعيَّة أو على غير الطريقة الشرعيَّة؟ فهذا محلُّ خلاف بين العُلماء المعاصرين على قولين:
القول الأوَّل: حِلُّ أَكْلِها؛ لأنَّ الأصل في ذبائح أهل الكتاب الحلُّ حتَّى يثبت ما يقتضي تحريمها من كونها ذُبِحَت على غير الطريقة الشرعيَّة؛ بأن يَعْلَم أنَّهم ذبحوها على غير الطريقة الشرعيَّة، فإذا لم يَعْلَم فالأصل في ذبائح أهل الكتاب الحلُّ؛ استناداً إلى قوله تعالى:{وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ} [المائدة: 5].
القول الثاني: أنَّها لا تَحِلُّ في هذه الحالة؛ لأنَّ الأصل في ذبائح أهل الكتاب وغيرهم التحريم حتَّى يُعْلَم أنَّها ذُبِحَت على الطريقة الشرعيَّة.
ولقوَّة هذا الخلاف في المسألة؛ فالذي يَحسُن بالمسلم تَرْك هذه اللحوم؛ لأنَّها مُشْتَبِهَة، وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم:(دَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلَى مَا لَا يَرِيبُكُ)، وقال صلى الله عليه وسلم:(فَمَنِ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ فَقَدِ اِسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ، وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ وَقَعَ فِي الحَرَامِ).
وعلى المسلمين الموجودين في بلاد الكفَّار من الجاليات أو الطلَّاب أن يوجدوا حَلّاً لهذه المشكلة بأنفسهم؛ بأن يتعاونوا على إيجاد مسلخ خاصٍّ بهم، أو يتَّفقوا مع مسلخ يلتزم بالذَّبْح على الطريقة الشرعيَّة، وبهذا تنحلُّ المشكلة.
[المنتقى من فتاوى الشيخ صالح الفوزان (1229 - 1232) - (الموقع)]