الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وإنَّما تُؤثِّر النيَّة في معنى آخر، وهو جواز تخليل الخَمْر أو عدم جوازه، حسبما بيَّنه الفقهاء. انتهى
[فتاوى الشاطبي (ص 124)]
* * *
(819) السؤال: آنيةُ الخَمْر هل تَطْهُرُ أم لا
؟
الجواب: إنْ كانت من حَديدٍ أو من نُحاسٍ أو من فَخَّار مُزجَّج، فإنَّها إذا غُسِلَتْ بالماء يُنتفَعُ بها في كلِّ شيءٍ مِنْ خَلٍّ وغيره، وأمَّا إنْ كانت مِنْ فَخَّار غير مُزجَّج فتُغسَل ويُنتفَع بها في اليابسات؛ يجعل فيها دقيقٌ أو قمحٌ أو غير ذلك. وأمَّا الأشياء المائعات من ماءٍ أو زيتٍ أو خَلٍّ فلا يُجعَلُ فيها حتَّى يُغلَى فيها الماء؛ فذلك تطهيرها، وأمَّا بمُجرَّد الماء مِنْ غير تَغْلِيَةٍ فلا. ويظهر -والله أعلم- أنَّه إذا أُوقِدَ النَّار وجُعِلَت عليه حتَّى حُمِّيَت، وانْحَلَّ كلُّ ما فيها من زِفْتٍ، واحترق حتَّى ذَهَبَ، وصُبَّ الماءُ فيها وهي مَحْمِيَّةٌ، أنَّ ذلك يقوم مقام تَغْلِيَة الماء فيها.
[فتاوى ابن سراج الأندلسي (ص 84)]
* وانظر: فتوى رقم (707)
* * *
تَطْهِيرُ الثَّوْبِ المُبَلَّلِ بِالخَمْرِ
(820) السؤال: الثَّوبُ يُبَلُّ بالخَمْرِ كَمْ يُجَفَّفُ حتَّى لا يبقَى فيه إلَّا حُكْمُ الخَمْرِ؛ فهل يَطْهُرُ أم لا؟ وعن الفَخَّار الذي وُضِعَ فيه الخَمْرُ وغاصَ فيه، ثُمَّ جَفَّ بحيث لو بُلَّ لم يتحَلَّل منه ما يُسْكِر؛ فهل يَطْهُرُ أم لا؟ وإذا قُلتُ
م بأنَّه يَطْهُرُ؛ فكيف هذا مع قول أهل المذهب أنَّ الفَخَّار الذي فيه النَّجِسُ لا يَطْهُرُ بحالٍ؟
الجواب: ذكر الإمام المَازِريُّ والقُرطبيُّ ومن وافقهما -كالشيخ خليل- أنَّ العِلَّةَ في نجاسة الخَمْر هي الشِّدَّة المُطْرِبَة، وأنَّ الحُكْم يَنعَدِم بانعدامها، وحينئذٍ فإذا أصاب الخَمْرُ
ثَوْباً وجَفَّ بحيث لم يَبْقَ إلَّا حُكْمُه، أو بقِيَ ما لو بُلَّ بالماء لم يتخَلَّل منه ما فيه الشِّدَّة المُطْرِبَة، فقد طَهُر.
ومن أنكر هذا فيقالُ له: إمَّا أن تُنكِر ما ذَكَرَه الأئمَّة المذكورون أو لا؛ فإن أنْكَرْته، فالكلام معك ساقِطٌ، وإن سلَّمت لَزِمَك أن تُسلِّم الطَّهارة، وإلَّا فأنت مُنْكِرٌ بديهي. انتهى.
وذلك لأنَّ المُقدِّمات صحيحة، فالنَّتيجة بديهيَّةٌ.
وصورة القياس: أن تقول في الخَمْر الذي في الثوب وجَفَّ بحيثُ لا يتخَلَّل منه ما يُسْكِر: هذه خَمْرَةٌ زالت منها عِلَّة الإسكار -أي الشِّدَّة المُطْرِبَة-، وكُلُّ خَمْرٍ زالت منها عِلَّة الإسكار فهي طاهرةٌ؛ فهذه الخَمْرَة طاهِرَةٌ.
أمَّا الصُّغْرى فظاهِرَةٌ؛ إذ هي المفروض، وأمَّا الكُبرى فدليلها كلام الأئمَّة المذكورين.
وكذلك يقال فيما غاصَ في الفَخَّار من الخَمْرِ وجَفَّ بحيث لم يبقَ إلَّا حُكْمُه، أو بقِيَ منه ما لا يتخَلَّل منه ما يُسْكِر. وهذا لا يخالف مسألة الفَخَّار الذي غاصت فيه النَّجاسة المشار إليها بقول الشيخ خليل:«وفَخَّارٌ بغوَّاصٍ» ؛ إذ يجب تقييده بما دام الغوَّاصُ نَجِساً، والغوَّاصُ قد طَهُرَ في هذه الحالة؛ إذ هو خَمْرٌ تحَجَّرت، والخَمْر إذا تحَجَّرت طَهُرَت، سواء تحَجَّرت مستقِلَّةً أو في أعماق الفَخَّار.
وقول الشيخ خليل: «خَمْرٌ تَحَجَّر» صادقٌ بهما، ويدلُّ على أنَّه يجب تقييده بما ذكرناه: ما ذكروه في آنية الخَمْر إذا تخلَّل فيها الخَمْر؛ فإنَّها تَطْهُر بطهارة ما غاصَ فيها حقيقةً أو حُكْماً -كما أشاروا-. والله أعلم.
تتمة: تخليل الخَمْر لا يجوز على الرَّاجح، وقيل: مَكروهٌ. انتهى.
[الفتاوى الأجهوريَّة (1/ 25 - 26)]