الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
طبَّاخ المسلمين أن يغسل الأواني التي يستعملها الكفَّار، ثمَّ يضع فيها طعام المسلمين؛ لما ثبت في الصحيحين عن أبي ثَعْلَبَة الخُشَنِيِّ رضي الله عنه أنَّه سأل النبيَّ صلى الله عليه وسلم عن الأكل في أواني المشركين، فقال له النبيُّ صلى الله عليه وسلم:(لَا تَأْكُلُوا فِيهَا، إِلَّا أَنْ لَا تَجِدُوا غَيْرَهَا، فَاغْسِلُوهَا، وَكُلُوا فِيهَا)، وصلَّى الله وسلَّم على محمَّد وآله وصحبه.
[مجموع فتاوى الشيخ ابن باز (4/ 43
5)]
* * *
(578)
السؤال: ما حُكمُ أَكْلِ اللُّحوم التي تُباع في أسواق الدُّول غير الإسلاميَّة؟ وهل هي حلالٌ أم حرامٌ
؟
الجواب: قد أجمع عُلماء الإسلام على تحريم ذبائح المشركين من عُبَّاد الأوثان، ومُنْكري الأديان، ونحوهم من جميع أصناف الكفَّار غير اليهود والنصارى والمجوس، وأجمعوا على إباحة ذبيحة أهل الكتاب من اليهود والنَّصارى.
واختلفوا في ذبيحة المجوس -عُبَّاد النار-؛ فذهب الأئمَّة الأربعة والأكثرون إلى تحريمها؛ إلحاقاً للمجوس بعُبَّاد الأوثان، وسائر صنوف الكفَّار من غير أهل الكتاب، وذهب بعض أهل العِلْم إلى حِلِّ ذبيحتهم؛ إلحاقاً لهم بأهل الكتاب.
وهذا قول ضعيف جدًّا، بل باطل، والصواب ما عليه جمهور أهل العِلْم؛ من تحريم ذبيحة المجوس كذبيحة سائر المشركين؛ لأنَّهم من جنسهم، فيما عدا الجِزْية، وإنَّما شابه المجوس أهل الكتاب في أَخْذ الجِزْية منهم فقط، والحُجَّة في ذلك: قول الله سبحانه في كتابه الكريم في سورة المائدة: {الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ} [المائدة: 5]؛ فصرَّح سبحانه أنَّ طعام أهل الكتاب حِلٌّ لنا، وطعامهم: ذبائحهم، كما قاله
ابن عبَّاس وغيره من أهل العِلْم.
ومفهوم الآية: أنَّ طعام غير أهل الكتاب من الكفَّار حرامٌ علينا، وبذلك قال أهل العِلْم قاطبة، إلَّا ما عرفت من الخلاف الشاذِّ الضعيف في ذبيحة المجوس.
إذا عُلِم هذا، فاللُّحوم التي تُباع في أسواق الدُّول غير الإسلاميَّة إن عُلِم أنَّها من ذبائح أهل الكتاب، فهي حِلٌّ للمسلمين، إذا لم يُعْلَم أنَّها ذُبِحَت على غير الوجه الشرعيِّ؛ إذ الأصل حِلُّها بالنصِّ القرآنيِّ، فلا يُعْدَل عن ذلك إلَّا بأمرٍ مُتَحقِّق يقتضي تحريمها.
أمَّا إن كانت اللُّحوم من ذبائح بقيَّة الكفَّار، فهي حرامٌ على المسلمين، ولا يجوز لهم أَكْلُها بالنصِّ والإجماع، ولا تكفي التَّسمية عليها عند غَسْلها ولا عند أَكْلِها.
أمَّا ما قد يتعلَّق به مَنْ قال ذلك؛ فهو واردٌ في شأن أناس من المسلمين كانوا حديثي عهد بالكُفْر، فسأل بعض الصحابة رضي الله عنهم النبيَّ صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فقالوا:(يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّ قَوْمًا حَدِيثُو عَهْدٍ بِالْكُفْرِ يَأْتُونَنَا بِاللَّحْمِ، لَا نَدْرِي أَذَكَرُوا اسْمَ اللهِ عَلَيْهِ أَمْ لَا) رواه البخاري من حديث عائشة رضي الله عنها.
وبذلك يصحُّ، أنَّه لا شُبْهَة لمن استباح اللُّحوم التي تُجلَب في الأسواق من ذَبْح الكفَّار غير أهل الكتاب بالتَّسمية عليها؛ لأنَّ حديث عائشة المذكور واردٌ في المسلمين لا في الكفَّار؛ فزالت الشُّبْهة؛ لأنَّ أمر المسلم يُحمَل على السَّداد والاستقامة، ما لم يُعْلَم منه خلاف ذلك، ولعلَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم أمر هؤلاء الذين سألوه بالتَّسمية عند الأَكْل من باب الحَيْطة، وقصد إبطال وساوس الشيطان، لا لأنَّ ذلك يُبيحُ ما كان مُحرَّماً من ذبائحهم، والله سبحانه وتعالى أعلم.
وأمَّا كون المسلم في تلك الدُّول غير الإسلاميَّة، يشقُّ عليه تحصيل اللَّحم