الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التحريم؛ ولهذا نهى النبيُّ صلى الله عليه وسلم عن أَكْل الصيد الذي يجد فيه الصائد أثر سهمٍ أو كلب غير كلبه. اهـ.
أما حديث عائشة: أَنَّ أُنَاساً يَأْتُونَنَا بِاللَّحْمِ وَلَا نَدْرِي أَذَكَرُوا اسْمَ اللهِ عَلَيْهِ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (سَمُّوا اللهَ وَكُلُوا) أخرجه البخاري.
فالجواب: أنَّ هؤلاء مسلمون، ولكنَّهم في الحديث حديثٌ عهدُهم بالإسلام، وإنَّما أشكل هل يُسَمُّون أم لا؟ والتَّسمية سهلة بالنسبة إلى غيرها؛ فإنَّ المذكورين في حديث عائشة مسلمون، والأصل في ذبحهم الإباحة، وكذلك فيما جُلِبَ من بلاد المسلمين كان هو معروفاً ومصرَّحاً به في كلام أهل العِلْم. وهذا آخر ما أردنا إيراده في هذه العجالة.
وصلَّى الله على سيِّدنا محمَّد، وآله وصحبه أجمعين.
[أبحاث هيئة كبار العلماء (2/ 554 - 560)]
* * *
أَكْلُ اللُّحومِ المُعلَّبة المُستَوردة من دُولٍ غير مُسلِمَةٍ
(550) السؤال: هل يجوزُ أكلُ ما في المُعلَّبات من لحوم الدَّجاج والضَّأن والبَقَر وغيرها ممَّا يُستورَدُ من الدُّول غير الإسلاميَّة، مع ملاحظة أنَّنا لا نعرف حقيقة ذَبْحِها
؟
الجواب: يقول الله تبارك وتعالى في سورة الأنعام: {قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [الأنعام: 145]. ومسفوحاً: أي مُرَاقاً. ورجسٌ: أي نَجِسٌ وحرامٌ. وأُهِلَّ لغير الله به: أي ذُكِرَ عند ذَبْحه غيرُ اسمِ الله تعالى. وغير باغٍ: أي غير طالبٍ للمُحرَّم للذَّة. ولا عادٍ: أي غير متجاوزٍ ما يَسُدُّ الرَّمَق.
ويقول الله تعالى في سورة المائدة:
{الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ} [المائدة: 5]، والذين أوتوا الكتاب: هم النَّصارى واليهود، ويقول الإمام أبو بكرٍ ابنُ العَرَبيِّ عن هذه الآية الكريمة:«هذا نصٌّ قاطعٌ على أنَّ الصَّيد وطعامَ الذين أوتوا الكتاب من الطيِّباتِ التي أباحها الله، وهو الحلال المُطْلَق» .
وقد ثبت في الحديث الصحيح أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أَكَلَ من شَاةٍ قَدَّمَتها إليه امرأةٌ يَهوديَّةٌ، كما روى البخاريُّ والنَّسائيُّ من حديث عائشة (أَنَّ قَوْماً قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ؛ إِنَّ قَوْماً يَأْتُونَا بِاللَّحْمِ، لَا نَدْرِي ذُكِرَ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ أَمْ لَا؟ فَقَالَ: سَمُّوا أَنْتُمْ وَكُلُوا).
وقد ذكر الإمامُ القرطبيُّ أنَّ جمهور الأئمَّة يُقرِّر أنَّ ذبيحة كُلِّ نَصرانيٍّ حلالٌ، وكذلك اليهود. وقرَّرَ غيرُه أنَّ المسلم الآكل لذبيحة غير المسلم إذا لم يعلم أنَّ الذَّابح قد ترك التَّسميةَ، ولم يعلم أنَّه قد ذكر عليها اسماً غير اسم الله، فالأَكْل منها حلال.
وذكر الفقيه الحنفي محمَّد ابن عابدين أنَّ ذبيحة الكتابيِّ حلالٌ؛ لأنَّ الله تعالى يقول: {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ} [المائدة: 5]، وطعامهم هنا هو ذبائحهم.
كما جاء في (الفتاوى الهنديَّة) أنَّ ذبيحة الكتابيِّ تُؤكَل إلَّا إذا شهد المسلم ذَبْح الكتابيِّ للذَّبيحَةِ، ووجد أنَّه قد ذَكَرَ عليها غير اسمِ الله سبحانه.
وقال الإمام عليُّ بن أبي طالبٍ رضي الله عنه وكَرَّم الله وجهه، كما قال معه غيره:«إِذَا سَمِعْتَ الكِتابيَّ يُسَمِّي غَيْرَ الله فَلَا تَأْكُلْ» ؛ وذلك لأنَّ الله تعالى يقول: {وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} [الأنعام: 121].
ويَحرُم الأَكْل من ذبيحة الوثنيِّ؛ وهو عابدُ الوَثَنِ أو الصَّنَم، وكذلك يَحرُم الأَكْل من ذبيحة من لا يَدينُ بدِينٍ إطلاقاً.
ونفهم من البيان السابق أنَّه يجوزُ