الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والسُّنَّة بالنصوص الواضحة التي يجب العمل بها جميعاً، كان على المسؤولين عن الرَّقابة على الواردات من اللحوم والدَّواجن المذبوحة، بل والمعلَّبة، التثبُّت ممَّا إذا كانت قد ذُبِحَت، أو أُزهِقَت روحها بطريق جَعَلَها من تلك المُحرَّمات، وأن تطالب الجهة المُورِّدة بوضوح الشهادة؛ وذلك بتحديد طريق الذَّبْح ومكانه؛ بأن يكون بآلةٍ حادَّةٍ، وفيما بين الرأس والصَّدْر، وليس بالصَّعْق أو الخَنْق وأمثالهما، على ما سبق بيانه؛ ذلك لأنَّ اليهود بوصفٍ عامٍّ أصحاب كتابٍ سماويٍّ شرع الذَّبْح تحليلاً لأكل الحيوانات المسخَّرة للإنسان، ومثلهم النَّصارى باعتبارهم من أهل الكتاب أيضاً، غير أنَّه يُشترط أن تكون اللحوم ممَّا أباح الإسلام تناولها.
وإذا كان ما تقدَّم وترتيباً عليه، ومراعاةً تلك القيود، يجوز الاعتداد بشهادات الذَّبْح المرافقة لرسائل الدَّواجن المُجمَّدة المسؤول عنها، ما لم يظهر من الفحص أنَّها لم تُذْبح وإنَّما أُزْهِقت روحها بطريق آخر؛ كالصَّعْق أو الخَنْق، وأنَّه من باب الاحتياط للحلال والحرام؛ أقترح أن تُطالَب الجهة المُوِّردة ببيان طريق الذَّبْح، وألَّا يُكتفى في الشهادة بأنَّ الذَّبْح تمَّ حسب الشريعة اليهوديَّة.
هذا، وإنَّ الله سائلٌ كُلَّ راعٍ عمَّا استرعاه، حفظ أم ضيَّع، والعمل أمانة، والرقابة على أقوات الناس وأطعمتهم أمانة؛ قال تعالى:{فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ} [البقرة: 283]، والله سبحانه وتعالى أعلم.
[الفتاوى الإسلاميَّة من دار الإفتاء المصرية (10/ 3609 - 361
5)]
* * *
(533)
السؤال: السائل قرأ تفسيراً لقول الله سبحانه في القرآن الكريم في سورة المائدة: {الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ
حِلٌّ لَهُمْ} [المائدة:5] إلى آخر الآية الكريمة، وهذا التفسير باللُّغة الإنجليزيَّة لمؤلِّفه المفسِّر محمَّد أحمد، والمنشور في 1979 م بلندن بإنجلترا، وقد قال في (صحيفة 110) تفسيراً لهذه الآية ما ترجمته:«اليوم أُحِلَّ لكم الطيِّبات من الرزق، كما يَحِلُّ لكم أن تأكلوا من طعام أهل الكتاب، كما أنَّ ذبيحة اليهود والمسيحيِّين مسموحٌ لكم بها، وطعامكم مسموحٌ حِلٌّ لهم، ويجوز لكم الزواج بالحرائر المؤمنات، وكذا من حرائر اليهود والمسيحيَّات، على أن تعطوهنَّ المُهور» .
والسؤال هو: هل يجوزُ للمسلم أن يأْكُل من ذبيحة اليهود والنصارى كما فسَّرها الأخ محمَّد أحمد في تفسيره هذا باللُّغة الإنجليزيَّة؟ مع العِلْم بأنَّ ذبيحتهم لم يُذْكَر اسمُ الله عليها، كما أنَّ المسيحيِّين لا يذبحون البهيمة إلَّا بعد خَنْقِها أو كَتْم أنفاسها نتيجة ضربةٍ بما يُشبه المسدَّس.
الجواب: إنَّ جمهور المفسِّرين للقرآن والفقهاء قد قالوا بمثل ما جاء في هذا التفسير المترجَم؛ إذ قالوا: إنَّ المراد من كلمة: {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} [المائدة: 5] في هذه الآية الذبائح أو اللحوم؛ لأنَّها هي التي كانت موضع الشكِّ، أمَّا باقي أنواع المأكولات فقد كانت حلالًا بحكم الأصل، وهي الإباحة والحِلُّ، فقد نقل ابن جرير وابن المنذر والبيهقي وغيرهم عن ابن عبَّاس رضي الله عنهما في تفسير قوله تعالى:{وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} [المائدة: 5]؛ أي: ذبائحهم.
وأمَّا ما جاء بالسؤال من أنَّ اليهود والنصارى لا يُسَمُّون على الذبائح وقت الذَّبْح باسم الله تعالى، فقد سُئِلَ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن هذا حسبما رواه الدارقطني قال: (إِنَّ قَوْماً سَأَلُوا النَّبِيَّ صلى الله عليه وآله وسلم عَنْ لَحْمٍ يَأْتِيهِمْ مِنْ نَاسٍ لَا يُدْرَى أَسَمُّوا اللهَ عَلَيْهِ، أَمْ لَا؟ فَقَالَ