الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
البَغَوِي (1)(516 هـ)
الحسين بن مسعود بن محمد البغوي أبو محمد الشيخ الإمام العلامة القدوة الحافظ شيخ الإسلام محيي السنة المفسر صاحب التصانيف الجليلة، تفقه على شيخ الشافعية، القاضي حسين بن محمد وسمع من أبي عمر عبد الواحد المليحي وأبي الحسن محمد بن محمد وعبد الرحمن بن محمد الداودي وغيرهم. حدث عنه أبو منصور محمد بن أسعد العطاري وأبو الفتوح محمد ابن محمد الطائي وأبو المكارم فضل الله بن محمد وآخرون. كان سيدا إماما عالما علامة زاهدا قانعا باليسير، بورك له في تصانيفه ورزق فيها القبول التام لحسن قصده وصدق نيته وتنافس العلماء في تحصيلها، وكان على منهاج السلف حالا وعقدا، وكان لا يلقي الدرس إلا على طهارة. قال السبكي: قل أن رأيناه يختار شيئا إلا وإذا بحث عنه وجد أقوى من غيره، هذا مع اختصار كلامه وهو يدل على نبل كثير وهو حري بذلك فإنه جامع لعلوم القرآن والسنة والفقه، توفي بمرو الروذ في شوال سنة ست عشرة وخمسمائة. ودفن بجانب شيخه القاضي حسين وعاش بضعا وسبعين سنة.
•
موقفه من المبتدعة:
- له كتاب: شرح السنة.
قال رحمه الله مبينا الغاية من جمعه لهذا الكتاب: والقصد بهذا الجمع -مع وقوع الكفاية بما عملوه (أي علماء السلف)، وحصول الغنية فيما فعلوه-
(1) السير (19/ 439 - 443) ووفيات الأعيان (2/ 136 - 137) وتذكرة الحفاظ (4/ 1257 - 1259) والوافي بالوفيات (13/ 26) والبداية والنهاية (12/ 206) وشذرات الذهب (4/ 48).
الاقتداء بأفعالهم، والانتظام في سلك أحد طرفيه متصل بصدر النبوة، والدخول في غمار قوم جدوا في إقامة الدين، واجتهدوا في إحياء السنة، شغفا بهم، وحبا لطريقتهم -وإن قصرت في العمل عن مبلغ سعيهم- طمعا في موعود الله سبحانه وتعالى على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم أن «المرء مع من أحب» (1)، ولأني رأيت أعلام الدين عادت إلى الدروس، وغلب على أهل الزمان هوى النفوس، فلم يبق من الدين إلا الرسم، ولا من العلم إلا الاسم، حتى تصور الباطل عند أكثر أهل الزمان بصورة الحق، والجهل بصورة العلم، وظهر فيهم تحقيق قول الرسول صلى الله عليه وسلم:«إن الله لا يقبض العلم انتزاعا من العباد، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يبق عالما اتخذ الناس رؤوسا جهالا، فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا» . (2)
ولما كان الأمر على ما وصفته لك، أردت أن أجدد لأمر العلم ذكرا، لعله ينشط فيه راغب متنبه، أو ينبعث له واقف متثبط، فأكون كمن يسعى لإيقاد سراج في ظلمة مطبقة، فيهتدي به متحير أو يقع على الطريق مسترشد، فلا يخيب من الساعي سعيه، ولا يضيع حظه، والله المستعان وعليه التكلان، وهو حسبي ونعم الوكيل. (3)
- وقال رحمه الله: (باب مجانبة أهل الأهواء): قال الله سبحانه
(1) أحمد (3/ 192) والبخاري (10/ 677/6167) ومسلم (4/ 2032/2639) وأبو داود (5/ 345/5127) والترمذي (4/ 513/2385) من حديث أنس رضي الله عنه.
(2)
أخرجه: البخاري (13/ 349/7307) ومسلم (4/ 2058/2673) والترمذي (5/ 30 - 31/ 2652) وابن ماجه (1/ 20/52).
(3)
شرح السنة (1/ 3 - 4).
وتعالى: {وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آَيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ} (1) وقال الله تعالى: {وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ} (2) وقال عزوجل: {فَمَا اخْتَلَفُوا إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ} (3) وقال الله عزوجل: {فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُرًا} (4) أي: صاروا أحزابا وفرقا على غير دين ولا مذهب، وقيل: اختلفوا في الاعتقاد والمذاهب.
وقال سعيد بن جبير في قوله: {أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصَارِ (45)} (5) قال: الأيدي: القوة في العمل، والأبصار: بصراء بما هم فيه من دينهم.
قال مجاهد في قوله تعالى: {مِنْهُ آَيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ} قال: الحلال والحرام. {وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ} يصدق بعضها بعضا، كقوله سبحانه وتعالى:{وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ (26)} (6) وكقوله تعالى: {وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ (100)} (7) وكقوله تعالى: {وَالَّذِينَ
(1) الأنعام الآية (68).
(2)
الكهف الآية (28).
(3)
الجاثية الآية (17).
(4)
المؤمنون الآية (53).
(5)
ص الآية (45).
(6)
البقرة الآية (26).
(7)
يونس الآية (100).
اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى} (1) .. -ثم ساق بسنده- عن عائشة رضي الله عنها قالت: تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آَيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آَمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ (7)} (2)، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فإذا رأيت الذين يتبعون ما تشابه منه، فأولئك الذين سمى الله فاحذروهم» . هذا حديث متفق على صحته
…
(3)
وقوله: {آَيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ} أي: غير منسوخات، وقوله:{آَيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ} (4) أي: المحكم، وقوله:{أُحْكِمَتْ آَيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ} (5) أي: أحكمت بالأمر والنهي، والحلال والحرام، ثم فصلت بالوعد والوعيد. وقيل: المحكم: هو الذي يعرف بظاهره معناه. وأما المتشابه، ففيه أقاويل: أحدها -ما قال الخطابي وجماعة-: ما اشتبه منه، فلم يُتلق معناه من لفظه،
(1) محمد الآية (17).
(2)
آل عمران الآية (7).
(3)
تقدم تخريجه في مواقف الإمام أحمد سنة (241هـ).
(4)
يونس الآية (1).
(5)
هود الآية (1).
وذلك عن ضربين: أحدهما: إذا رد إلى المحكم عرف معناه، والآخر: ما لا سبيل إلى معرفة كنهه، والوقوف على حقيقته، ولا يعلمه إلا الله، وهو الذي يتبعه أهل الزيغ يبتغون تأويله، كالإيمان بالقدر والمشيئة، وعلم الصفات ونحوها مما لم نتعبد به، ولم يكشف لنا عن سره، فالمتبع لها مبتغ للفتنة، لأنه لا ينتهي منه إلى حد تسكن إليه نفسه، والفتنة: الغلو في التأويل المظلم.
وقوله: {هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ} أي: معظمه، يقال لمعظم الطريق: أم الطريق، وقوله عزوجل:{حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولًا} (1) أي: في معظمها. (2)
- وقال (3): (باب ثواب من دعا إلى هدى أو أحيا سنة وإثم من ابتدع أو دعا إليها): قال الله سبحانه وتعالى: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ} (4)، وقال الله سبحانه وتعالى:{وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ إِنَّكَ لَعَلَى هُدًى مُسْتَقِيمٍ (67)} (5)، وقال الله عزوجل:{قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي} (6)، وقال الله تعالى:
(1) القصص الآية (59).
(2)
شرح السنة (1/ 219 - 222).
(3)
شرح السنة (1/ 231 - 232).
(4)
النحل الآية (125).
(5)
الحج الآية (67).
(6)
يوسف الآية (108).
{وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا (74)} (1) قال: أئمة نقتدي بمن قبلنا، ويقتدي بنا من بعدنا.
وقال الله سبحانه وتعالى: {يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ} (2) أي بنبيهم، وقيل: بكتابهم، وقيل: بإمامهم الذي اقتدوا به.
وقال الله عزوجل: {وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ} (3)، وقال الله تعالى:{عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ (5)} (4) قال عبد الله بن مسعود: ما قدمت من خير، وما أخرت من سنة استن بها بعده، فله مثل أجر من اتبعه، أو سيئة فعليه مثل وزر من عمل بها.
وكذلك قوله سبحانه وتعالى: {يُنَبَّأُ الْإِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ (13)} (5).
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن الفضل الخرقي، أنا أبو الحسن الطيسفوني، أنا عبد الله بن عمر الجوهري، ثنا أحمد بن علي الكشميهني، نا علي بن حجر، نا إسماعيل بن جعفر، عن العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل
(1) الفرقان الآية (74).
(2)
الإسراء الآية (71).
(3)
النحل الآية (25).
(4)
الانفطار الآية (5).
(5)
القيامة الآية (13).
أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا، ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئا». هذا حديث صحيح أخرجه مسلم عن علي بن حجر. (1)
وقال (2): (باب الاعتصام بالكتاب والسنة): قال الله سبحانه وتعالى: {قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ (15) يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ} (3) وقال الله سبحانه وتعالى: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا} (4) حبل الله: عهده، وقال أبو عبيد: الاعتصام بحبل الله: هو اتباع القرآن، وترك الفرقة.
وقال الله سبحانه وتعالى: {وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ} (5) يعني: اتبعوا القرآن كما قال الله تعالى: {نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ} (6) وقال الله سبحانه وتعالى: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آَيَاتِهِ} (7) قال الحسن: تدبر آياته، اتباعه والعمل بعلمه، ما هو بحفظ
(1) مسلم (4/ 2060/2674) وأبو داود (5/ 15 - 16/ 4609) والترمذي (5/ 42/2674) وابن ماجه (1/ 75/206).
(2)
شرح السنة (1/ 189 - 192).
(3)
المائدة الآيتان (15و16).
(4)
آل عمران الآية (103).
(5)
الزمر الآية (55).
(6)
الزمر الآية (23).
(7)
ص الآية (29).
حروفه، وإضاعة حدوده.
وقال مجاهد في قوله تعالى: {يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ} (1) قال: يعملون به حق عمل به.
وقال جل ذكره: {هَذَا بَلَاغٌ لِلنَّاسِ} (2) يعني: هذا القرآن ذو بلاغ، أي ذو بيان كاف، والبلاغة: هي البيان الكافي.
وقوله تعالى: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ} (3) أي: لا يتفكرون فيعتبروا، يقال: تدبرت الأمر: إذا نظرت في أدباره وعواقبه.
وقوله تعالى: {أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ} (4) أي: لم يتفهموا ما خوطبوا به في القرآن. وقال الله: {وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا} إلى قوله تعالى: {أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْرًا (113)} (5) أي: تذكرا.
وقوله: {وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ (36)} (6) قيل: معناه: من يعرض عن ذكر القرآن وما فيه من الحكم إلى أقاويل المضلين وأباطيلهم نعاقبه بشيطان نقيضه له حتى يضله ويلازمه قرينا له.
(1) البقرة الآية (121).
(2)
إبراهيم الآية (52).
(3)
النساء الآية (82).
(4)
المؤمنون الآية (68).
(5)
طه الآية (113).
(6)
الزخرف الآية (36).
وقال الله تعالى: {لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا} (1) وقال مجاهد: أمروا أن يدعوه في لين وتواضع، وقيل: لا تجعلوا دعاء الرسول إذا دعاكم لأمر أو نهي، كدعاء بعضكم بعضا تجيبون إذا شئتم، وتمتنعون إذا شئتم.
وسأل رجل مالكا مسألة، فقال مالك: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
…
فقال الرجل: أرأيت؟ قال مالك: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (63)} . (2)
وقال الله سبحانه وتعالى: {قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا} (3) أي: مستقيما.
وقال الله عز وجل: {وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ} (4) أي: تبيين الطريق المستقيم، والدعاء إليه بالحجج والبراهين الواضحة {وَمِنْهَا جائر} أي: طريق غير قاصد.
وقال الله سبحانه وتعالى: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} (5)
(1) النور الآية (63).
(2)
النور الآية (63).
(3)
الأنعام الآية (161).
(4)
النحل الآية (9).
(5)
النساء الآية (80).
{وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا} (1) وقال الله سبحانه وتعالى: {وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ} . (2)
وقال الله سبحانه وتعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ} (3) أي: الاختيار. وقال الله عز وجل: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} (4) أي: قدوة، يقال: تأسى به، أي: اتبع فعله، واقتدى به، ويقال للتعزية: التأسية، كأنه يقول: قد أصاب فلانا ما أصابك، فصبر، فتأس به واقتد.
ثم احتج من السنة بأحاديث كثيرة، منها حديث العرباض بن سارية فقال رحمه الله (5): وقوله: «فإنه من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا» (6) إشارة إلى ظهور البدع والأهواء -والله أعلم- فأمر بلزوم سنته، وسنة الخلفاء الراشدين، والتمسك بها بأبلغ وجوه الجد، ومجانبة ما أحدث على خلافها.
- وقال رحمه الله: (باب رد البدع والأهواء): قال الله سبحانه وتعالى: {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ} (7)، وقال الله تعالى:
(1) النور الآية (54).
(2)
الحشر الآية (7).
(3)
الأحزاب الآية (36)
(4)
الأحزاب الآية (21).
(5)
شرح السنة (1/ 206).
(6)
تقدم تخريجه في مواقف أمير المؤمنين عمر بن الخطاب سنة (23هـ).
(7)
القصص الآية (50).
{وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} (1)، وقال الله عز وجل:{وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ} (2)، أي: على علم أن الفرقة ضلالة، ولكنهم فعلوه بغيا، أي: للبغي.
وقال الله تعالى: {الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا} (3)، قيل: العوج فيما لا شخص له، يقال: في الأمر والدين عوج بكسر العين، وفي الجدار والشجر: عوج بفتح العين.
وقال الله عز وجل: {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا} (4)، هم أهل البدع والأهواء، وقال الله تعالى:{شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا} (5)، أي: زينته وحسنه بترقيش الكذب، ومنه قوله سبحانه وتعالى:{حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا} (6)، أي: تزينت بألوان نباتها، والزخرف: كمال حسن الشيء. (7)
- وقال رحمه الله: قد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن افتراق هذه الأمة، وظهور
(1) ص الآية (26).
(2)
البقرة الآية (213).
(3)
الأعراف الآية (45).
(4)
الأنعام الآية (159).
(5)
الأنعام الآية (112).
(6)
يونس الآية (24).
(7)
شرح السنة (1/ 210 - 211).