الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الرحمن خلقت الرحم وشققت لها من اسمي» (1)
فبين أن أفعاله مشتقة من أسمائه، فلا يجوز أن يحدث له اسم بحدوث فعله، ولا يعتقد في صفات الله تعالى أنها هو ولا غيره، بل هي صفات له أزلية، لم يزل جل ذكره، ولا يزال موصوفا بما وصف به نفسه، ولا يبلغ الواصفون كنه عظمته، هو الأول والآخر، والظاهر والباطن، وهو بكل شيء عليم. (2)
- له من الآثار السلفية:
1 -
مقدمة جيدة في شرح السنة، وله فيها مواقف طيبة من الجهمية وغيرهم.
2 -
تفسيره. فيه سلفية وتأويل قد بينته في كتابي 'المفسرون بين التأويل والإثبات في آيات الصفات'. (3)
موقفه من الخوارج:
- قال رحمه الله (4): (باب من مات لا يشرك بالله شيئا): قال الله سبحانه وتعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} (5). وأما قوله عز وجل: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ
(1) أحمد (1/ 194) وأبو داود (2/ 328/1694) والترمذي (4/ 278/1907) وصححه .. وابن حبان (2/ 186 - 187/ 443) والحاكم (4/ 157 - 158) وصححه ووافقه الذهبي.
(2)
شرح السنة (1/ 177 - 180).
(3)
(2/ 587 - 604).
(4)
شرح السنة (1/ 92).
(5)
النساء الآية (48).
جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا} (1) قيل: نزل هذا في رجل قتل مسلما ثم ارتد، وقيل: معناه: فجزاؤه جهنم إن جازاه ولم يعف عنه، فقوله سبحانه وتعالى:{إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ} خبر لا يقع فيه خلف، وقوله سبحانه وتعالى:{فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ} وعيد يرجى فيه العفو.
قال الله سبحانه وتعالى: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ
…
} (2) إلى قوله: {إِلَّا مَنْ تَابَ} (3).
- ثم ساق طائفة من الأحاديث إلى أن قال: اتفق أهل السنة على أن المؤمن لا يخرج عن الإيمان بارتكاب شيء من الكبائر إذا لم يعتقد إباحتها، وإذا عمل شيئا منها، فمات قبل التوبة، لا يخلد في النار، كما جاء به الحديث، بل هو إلى الله، إن شاء عفا عنه، وإن شاء عاقبه بقدر ذنوبه، ثم أدخله الجنة برحمته، كما ورد في حديث عبادة بن الصامت في البيعة (4). واختلفوا في ترك الصلاة المفروضة عمدا، فكفره بعضهم، ولم يكفره
(1) النساء الآية (93).
(2)
الفرقان الآية (68).
(3)
الفرقان الآية (70).
(4)
أخرجه أحمد (3/ 441) والبخاري (13/ 6/7055و7056) ومسلم (3/ 1470/1709) والنسائي (7/ 157/4164) وابن ماجه (2/ 957/2866).
الآخرون. (1)
- وقال رحمه الله: كتاب قتال أهل البغي (باب قتال الخوارج والملحدين): -ثم ساق بسنده أحاديث قتال الخوارج، وقد تقدمت معنا مرارا- ثم قال (2): إذا بغت طائفة من المسلمين، وخرجت على إمام العدل بتأويل محتمل، ونصبت إماما، وامتنعت عن طاعة إمام العدل، يبعث الإمام إليهم، فيسألهم: ما تنقمون؟ فإن ذكروا مظلمة، أزالها عنهم، وإن لم يذكروا مظلمة بينة، يقول لهم: عودوا إلى طاعتي لتكون كلمتكم، وكلمة أهل دين الله على المشركين واحدة، فإن امتنعوا يدعوهم إلى المناظرة، وإن امتنعوا عن المناظرة، أو ناظروا، وظهرت الحجة عليهم، فأصروا على بغيهم، يقاتلهم الإمام حتى يفيئوا إلى طاعته، قال الله سبحانه وتعالى:{وَإِنْ طائفتان مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ} (3). وسئل علي عن أهل النهروان أمشركون هم؟ قال: من الشرك فروا، قيل: منافقون هم؟ قال: إن المنافقين لا يذكرون الله إلا قليلا، قيل: فما هم؟ قال: إخواننا بغوا علينا، فقاتلناهم.
وما أتلفت إحدى الطائفتين على الأخرى في القتال من نفس أو مال، فلا
(1) شرح السنة (1/ 103).
(2)
المصدر نفسه (10/ 235 - 237).
(3)
الحجرات الآية (9).
ضمان فيه على قول الأكثرين، وهو قول الشافعي في الجديد، ومذهب أصحاب الرأي. قال الشافعي: أمر الله سبحانه وتعالى أن يصلح بينهم بالعدل، ولم يذكر تباعة في دم ولا مال، فأشبه هذا أن تكون التباعات في الدماء والجراح، وما تلف من الأموال ساقطة بينهم، كما قال ابن شهاب: كانت في تلك الفتنة دماء يعرف في بعضها القاتل والمقتول، وأتلفت فيها أموال، ثم صار الناس إلى أن سكنت الحرب بينهم، وجرى الحكم عليهم، فما علمت اقتص من أحد ولا أغرم مالا أتلفه. وقال في القديم: ما أتلفت الفئة الباغية على العادلة من نفس أو مال، ضمنوه، فأما ما أتلفت إحداهما على الأخرى في غير حال القتال، فيجب ضمانه مالا كان أو نفسا بالاتفاق.
ومن ولي من أهل البغي ظهره في الحرب هاربا، لا يتبع، وكذلك لو أثخن واحد، أو أسر، فلا يقتل، نادى منادي علي يوم الجمل: ألا يتبع مدبر، ولا يذفف على جريح يريد: لا يجهز عليه، أي: لا يقتل، وأتي علي يوم صفين بأسير، فقال له علي: لا أقتلك صبرا إني أخاف الله رب العالمين، فخلى سبيله. قال حماد عن إبراهيم: لولا أن عليا قاتل أهل القبلة لم يدر أحد كيف يقاتلهم.
وإذا استولى أهل البغي على بلد، فأخذوا صدقات أهلها لا يثنى عليهم، وينفذ قضاء قاضيهم، وتقبل شهادة عدولهم، وإنما تثبت هذه الأحكام في حقهم باجتماع ثلاث شرائط:
أحدها: أن يكون لهم قوة ومنعة.
والثاني: أن يكون لهم تأويل محتمل.
والثالث: أن ينصبوا إماما بينهم، فلو فقد شرط من هذه الشرائط، فحكمهم حكم قطاع الطريق في المؤاخذة بضمان ما أتلفوا، ورد قضائهم، وجرح شاهدهم.
قال الشافعي: ولو أن قوما أظهروا رأي الخوارج، وتجنبوا الجماعات، وأكفروهم، لم يحل بذلك قتالهم، بلغنا أن عليا رضي الله عنه، سمع رجلا يقول: لا حكم إلا لله في ناحية المسجد، فقال علي: كلمة حق أريد بها باطل، لكم علينا ثلاث: لا نمنعكم مساجد الله أن تذكروا فيها اسم الله، ولا نمنعكم الفيء ما دامت أيديكم مع أيدينا، ولا نبدؤكم بقتال.
قال الشافعي: ولو قتلوا واليهم أو غيره قبل أن ينصبوا إماما، ويظهروا حكما مخالفا لحكم الإمام، كان عليهم في ذلك القصاص. قد أسلموا وأطاعوا واليا عليهم من قبل علي رضي الله عنه، ثم قتلوه، فأرسل إليهم علي: أن ادفعوا إلينا قاتله نقتله به، قالوا: كلنا قتله، قال: فاستسلموا نحكم عليكم، قالوا: لا، فسار إليهم فقاتلهم، فأصاب أكثرهم.
ومنع النبي صلى الله عليه وسلم عمر من قتل ذي الخويصرة، لأنه لم يجتمع فيه ما يبيح قتله. وفيه دليل على أن من توجه عليه التعزير لحق الله سبحانه وتعالى، جاز للإمام تركه، والإعراض عنه. (1)
- وقال رحمه الله: ثم هم مع هجرانهم كفوا عن إطلاق اسم الكفر على أحد من أهل القبلة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم جعلهم كلهم من أمته. (2)
(1) شرح السنة (10/ 224).
(2)
شرح السنة (1/ 227).