الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لمن قال: الإيمان هو التصديق بالقلب، وإنما يقع التفاضل في العلم بأصناف أدلته، وقد ذكرنا أن الطاعات من الإيمان. (1)
- ثم قال: ويكره لمن حصل منه الإيمان أن يقول: أنا مؤمن حقا ومؤمن عند الله، ولكن يقول: أنا مؤمن أرجو أو مؤمن إن شاء الله، أو يقول: آمنت بالله وملائكته وكتبه ورسله، وليس هذا على طريق الشك في إيمانه، لكنه على معنى أنه لا يضبط أنه قد أتى بجميع ما أمر به، وترك جميع ما نهي عنه، خلافا لقول من قال: إذا علم من نفسه أنه مؤمن جاز أن يقول: أنا مؤمن حقا. (2)
موقفه من القدرية:
- قال مبينا وهاء حجج القدرية: قد تمسك أهل القدر بآيات جهلوا معانيها، وحملوها على غير وجوهها، وجعلوها ذريعة لبدعتهم، وأهوائهم، ومعانيها عند أهل الحق ظاهرة على ما يوافق العقائد الصحيحة، منها قوله تعالى:{مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ} (3).
وفي قراءة عبد الله: (وما أصابك من سيئة فمن نفسك وأنا كتبتها عليك) وقيل في التفسير: القول هنا مضمر كأنه قال: (ويقولون ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك).
ويدل على هذا قوله تعالى: {قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ فَمَالِ هَؤُلَاءِ
(1) الحجة في بيان المحجة (1/ 406).
(2)
الحجة في بيان المحجة (1/ 408 - 409).
(3)
النساء الآية (79).
الْقَوْمِ لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا (78)} (1).
وقيل نزلت على سبب: وهو ما فعل الرماة يوم أحد من إخلالهم بالمكان الذي أمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بملازمته. فالحسنة ما أصابوا من القتل والسبي والغنائم من الكفار. والسيئة ما أصيب منهم من القتل والجرح.
ونحن إن جعلنا أفعال العباد من الله خلقا ومشيئة وتقديرا، فهي من العباد فعل وكسب. وبهذا المعنى صحت إضافة الأفعال إلى العباد وتحققت منهم الأعمال.
وقد ورد في الكتاب الدلائل على كل واحد من هذين، فاتبعنا القرآن وجرينا معه بما دل عليه من أن الأعمال مخلوقة لله تعالى مكتسبة من العباد.
فالآية الأولى وهي قوله: {قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ} دلت على أنها من الله خلقا وتقديرا وقضاء. والآية الثانية دلت على أنها من العباد كسبا وفعلا. وعلى هذا يحمل جميع ما ورد في القرآن من تحقيق أعمال العباد، وإثبات أفعالهم، وإضافتهم إليهم. (2)
محمد بن عبد الباقي البغدادي (3)(535 هـ)
الشيخ الإمام محمد بن عبد الباقي بن محمد، أبو بكر الأنصاري الكعبي
(1) النساء الآية (78).
(2)
الحجة في بيان المحجة (2/ 62 - 64).
(3)
المنتظم (18/ 13 - 15) والأنساب (5/ 495) وتاريخ دمشق (54/ 68 - 70) والكامل في التاريخ (11/ 80) والسير (20/ 23 - 28) وذيل طبقات الحنابلة (1/ 192 - 198) ولسان الميزان (5/ 241 - 243).